منازعات عقد كراء السيارات بدون سائق
- بقلم رشيد المنجري : نائب وكيل الملك بسلا و رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب
يثير موضوع قطاع السيارات بدون سائق إشكالية عدم قانونية تسلم شيك على سبيل الضمان أثناء عقد الكراء، بالإضافة إلى الإشكالية التي يطرحها عقد كرائها ولابد من الإشارة بداية إلى أن الشيك يعتبر ورقة تجارية تجمع بين خاصيتين اثنتين أولاهما الائتمان وثانيهما السرعة في التحصيل والأداء،
بمعنى أنها حالة الوفاء ولا تقبل التأخير مما يضفي عليها طابعا خاصا يجعلها خارج الاتفاقات التي تحاول حصرها في مجال ضمان الأداء، مما قد يفقدها قيمتها الفورية.
علاقة بموضوع كراء السيارات، فالملاحظ من الناحية العملية أن العديد من النزاعات تصل إلى المحاكم بخصوص الموضوع خاصة من الناحية الجنائية، إذ غالبا ما تتقدم شركات كراء السيارات بنوعين من الشكايات إلى النيابات العامة حول نقطتين اثنتين:
- الأولى: تتعلق بخيانة الأمانة بعد رفض المكتري إرجاع السيارة رغم انتهاء مدة العقد.
- الثانية : تتعلق بعدم توفير المتعاقد – مكتري السيارة بدون سائق – لمؤونة كافية مقابلة لقيمة الشيك الممسوك من طرف الشركات المذكورة .
وفي المقابل غالبا ما يدفع المكتري الساحب بأنه فقط سلم الشيك للشركة المستفيدة على سبيل الضمان، وفي حالات أخرى يدفع بأن الشركة قد خانت التوقيع على بياض .
وإن كنا نسجل في الحالات العملية بخصوص القضايا المرفوعة أمام المحاكم، أن الشركات عادة ما تصر على أن المكتري سلمها الشيك مملوءا بالبيانات أو أنها فعلا اتفقت معه على المبلغ المملوء بالشيك فإنه ثبت واقعيا أن الشركات المذكورة تتسلم فعلا شيكات على بياض لضمان تغطية الخسائر المحتملة حسب ادعاءاتها غير الرسمية. و قبل طرح التصورات لابد من الإشارة إلى أن الشركات تلجأ إلى المطالبة بالاحتفاظ بالشيك على سبيل الضمان نظرا للحماية الجنائية التي يضمنها القانون للمستفيد، والتي قد تؤدي إلى اعتقال الساحب الذي لا يوفر المؤونة المقابلة للشيك الذي وقعه ولا بد أيضا من التمييز بين حالتين :
أولا : بخصوص الخسائر والسرقات والأضرار العمدية اللاحقة بالسيارات موضوع الكراء
فلا شك في هذه الحالة أن المكتري يتحمل المسؤوليتين الجنائية والمدنية المتعلقة بالتعويض، مع الإشارة إلى أن الشركة يمكنها اللجوء إراديا إلى الاستفادة من عقد تأمين قبلي شامل لكل الأضرار، وفي هذه الحالة لا يمكنها التذرع بضرورة حصولها على شيك موقع على بياض ضمانا للخسائر المحتملة مادامت مؤمنة مسبقا .
ثانيا : بخصوص الخسائر و الحوادث غير العمدية
بالنسبة إلى الحوادث غير العمدية التي يتعرض لها مكتري السيارة فإنها غالبا ما تكون مغطاة بتأمين خاص وآخر شامل لكل الأضرار، ولا يمكن في هذه الحالة أيضا أن تتذرع الشركة بأنها تتسلم الشيك القبلي أثناء التعاقد لضمان تعويضها عن الخسائر غير العمدية المحتملة، إذ لا يعقل أن تستخلص الشركات المذكورة تعويضا مزدوجا الأول من شركات التأمين بناء على العقد المبرم بينهما، و الثاني من المتعاقد مكتري السيارة بدعوى تعويض الخسائر.
وتجدر الإشارة أنه تدفع شركات كراء السيارات بدون سائق بدفع واقعي أنها لا تؤمن بخصوص كافة الأضرار على جميع أسطول السيارات التي تتوفر عليه ومن هنا تتشبث بضرورة تقديم المكتري لشيك على سبيل الضمان لتغطية الضرر المحتمل في حالة سرقة السيارة .
وفي هذا الصدد، ولطرح مقاربة بتصورات قانونية وواقعية لحل الإشكالات التي يطرحها الموضوع لابد من تسطير جملة من الملاحظات القانونية و الواقعية كذلك نلخصها فيما يلي :
1– إنه لا يمكن معالجة هذا الموضوع خارج المنظومة التشريعية التي نشتغل في إطارها، إذ أن المشرع و إن لم يعد يجرم واقعة تسليم شيك على سبيل الضمان فإنه مازال يشير في الفصل 316 من مدونة التجارة أن قبول شيك على سبيل الضمان يعتبر جنحة معاقب عليها قانونا و بالتالي لا بد لحل الإشكال و إضفاء طابع الشرعية على واقعة احتفاظ الشركات بالشيك على سبيل الضمان من تدخل تشريعي ينظر إلى الموضوع بمقاربة واقعية، على غرار المعمول به في بعض الصفقات العمومية من اشتراط القانون لوضع المتناقص لشيك على سبيل الضمان .
2 – كما أنه من الناحية الثانية لابد من الإشارة إلى أنه إذا فتح باب إضفاء الشرعية من الناحية التشريعية على واقعة احتفاظ شركات كراء السيارات للشيكات على سبيل الضمان، فلا نستبعد أن يطالب الدائنون من التجار والمؤسسات الطبية و الغير من المتعاقدين الذين يقدمون خدمات للجمهور بحقهم كذلك في الاحتفاظ بالشيكات على سبيل الضمان لضمان حقوقهم المستقبلة .
3 – لابد من تدخل تشريعي يضع إطارا واقعيا لتنظيم علاقة وكالات كراء السيارات والمتعاقدين المكترين للسيارات بدون سائق ينص على الحقوق و الواجبات المتبادلة بين الطرفين .
4 – لابد أن تتحمل الشركات مسؤوليتها وتشعر المتعاقد بأن السيارة التي سوف يكتريها لا يشملها تأمين خاص بكافة الأضرار، وهنا يتم الاحتكام إلى قاعدة العقد شريعة المتعاقدين. وفي هذا الإطار يمكن الاتفاق على مجموعة من النقط لضمان الحقوق يمكن تلخيصها في ما يلي :
- أ) للشركة أن تلزم مثلا المكتري بوضع كفالة عوضا عن الشيك.
- ب) إلزام المتعاقد مكتري السيارة بدون سائق بالحصول على تأمين خاص عن الأخطار غير المشمولة بعقد التأمين العادي، ويمكن أيضا أن يؤدي ثمن إنجاز عقد التامين للشركة على أن تقوم بتوفير عقد تأمين تكميلي يشمل كافة الأضرار .
- ج) الاتفاق على تعويض جزافي لوضع قيمته على الشيك الذي تتسلمه الشركة مسبقا، مع توثيق ذلك في عقد مكتوب، حتى لا يتم الدفع بخيانة التوقيع على بياض من جهة، وحتى يمكن للساحب أن يسترجع الشيك في حالة التزامه بإرجاع السيارة و وفائه ببنود عقد الكراء .
و في الختام لابد من الاعتراف أن أي حل لابد أن يتم في إطار احترام كلي للقانون.فلا يمكن أن نمنح لشركات كراء السيارات تغطية قانونية على تصرفاتها غير القانونية بقبولها شيكات على سبيل الضمان في الواقع لضمان ضرر محتمل ناشئ عن عدم إنجازها لعقود تامين شاملة لكافة الأضرار، بخصوص أسطول السيارات الذي تتوفر عليه.لابد للدولة أن تلزم شركات كراء السيارات بتقديم دفتر تحملات يستند على الواقع و القانون و يفي بالغرض ويضمن للشركات حقوقها كما يحافظ على حقوق الأغيار أثناء التعاقد .
الصباح.
تعليقات 0