الحماية القضائية للمؤمن له في عقد التأمين  

الدفع بعدم الإختصاص في التشريع المغربي: قراءة تحليلية في الفصول المنظمة

 أزمة المشاركة السياسية: أية علاقة بالسلوك الانتخابي؟

11 يوليو 2021 - 2:14 م المنبر القانوني
  • حجم الخط A+A-

محمد بوشمال خريج ماستر المهن القانونية والقضائية، وطالب بماستر الحكامة وسياسة الجماعات الترابية

إن مفهوم المشاركة السياسية مازال يكتنفه بعض الغموض، من حيث ماهيته واستخداماته، رغم أن المشاركة السياسية من المواضيع والقضايا المحورية التي يتناولها علم الاجتماع السياسي بالدراسة والتحليل، فمنذ أن برز هذا المفهوم لأول مرة، وذلك إبان الثورة الفرنسية(1789) ، وما نتج عنها من إعادة ترتيب وصياغة البناء الاجتماعي بمختلف أنظمته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، أصبح أصحاب السلطة السياسية يحاولون إدماج طبقة الشعب في بعض أوجه النشاط السياسي ضمن الحياة السياسية للمجتمع، لذلك ارتبط مفهوم المشاركة السياسية باكتساب قطاع من الجماهير لبعض الحقوق السياسية، ويعني ذلك تحديدا المشاركة بعمليات الانتخابات فقط[1] .

أما بخصوص الانتخابات إذا كانت تعد جزء من الديمقراطية وآلية من آلياتها، إلا أن الديمقراطية هي سيرورة متكاملة ومتعددة العناصر، فهي انتخابات مؤسسات، ترسانة قانونية، وثقافة سياسية حديثة…، وهي بالتالي كل لا يتجزأ إن تعطل منه جزئ، تعطل البناء الديمقراطي ككل. وبالتالي فدراسة السلوك الانتخابي وعلاقته بما يعرف بأزمة المشاركة السياسية عموما وبالمغرب على وجه الخصوص ينظر له بالدراسة والتحليل من خلال عدة مقاربات، اجتماعية، قانونية، اقتصادية، سياسية، تقنية، نفسية، جغرافية، دينية…، وذلك بغية الوصول إلى تفسير موضوعي شامل إلى حد ما لاختلاف الأصوات وتوزيعها [2].

 وبشكل عام،  فإن العلاقة الجدلية القائمة بين المشاركة السياسية والسلوك الانتخابي وما تحمله من نمطية التأثير والتأثر، حيث يقال بخصوصه أن رصيد الديمقراطية الحقيقية ليس في صناديق الاقتراع فحسب، بل في وعي الناس، وهذا الوعي يشكل سلوكا انتخابيا معينا… ومن منطلق هذه العلاقة ــ علاقة السلوك الانتخابي بالمشاركة السياسية ــ تكتسي أهمية بالغة في الساحة السياسية ولدى الفئات المهتمة بهذا الشأن. ومن خلال ذلك قد يتساءل سائل عن مدلول المشاركة السياسية ودوافع هذه الأزمة؟ وكذا علاقة المشاركة السياسية بالسلوك الانتخابي؟ ومرورا بالعوامل المؤثرة في هذا السلوك؟ وإذا كان ذلك موجودا فهل العزوف السياسي هو الحل؟ وإذا كان العزوف السياسي قائما فماهي الحلول الممكنة؟

ومن أجل مسايرة هذا الواقع الذي تعيشه جل الفئات المجتمعية  وما عرفته من تطورات وأحداث راهنة، وفي سبيل ذلك ارتأينا ما أمكن أن نجيب عن بعض التساؤلات المطروحة وفق مايلي: مدلول المشاركة السياسية وأسباب العزوف في (الفقرة الأولى ) على أن نتطرق للسلوك الانتخابي ودوافع التأثير  (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مدلول المشاركة السياسية في المقاربات الثلاث (علم الاجتماع،وعلم الاجتماع السياسي، وعلم السياسة) وأسباب العزوف

يرى كثير من علماء ودارسي علم الاجتماع وعلم السياسة على أن المشاركة السياسية هي العصب الحيوي للممارسة الديمقراطية وقوامها الأساس، والتعبير العملي الصريح لسيادة قيم الحرية والعدالة والمساواة والمجتمع، كما أنها تعد فوق هذا وذاك، مؤشرا قوي الدالة على مدى تطور أو تخلف المجتمع السياسي، وما يعنيه ذلك من ارتباط وثيق بينهما وبين جهود التنمية بصفة عامة، والتنمية السياسية على وجه التحديد.

إذن إن مفهوم المشاركة السياسية في الفكر الديمقراطي التقليدي، لا يطمح لأكثر من المشاركة، والمشاركة في فعل شيء، تعني من جملة ما تعنيه، أن الفاعل ليس أساسيا عند قيامه بالمشاركة في فعل ذلك الشيء، لأن الدوافع ذاتها التي تحفزه للمشاركة في الفعل السياسي، سواء كانت نفسية أو اقتصادية أو اجتماعية، قد أصبح مشكوك في دقة ايصالها إياه للهدف الذي ينبغي الوصول إليه، يؤكد ذلك أنه على الرغم من الحقيقة التي مؤداها أن المشاركة السياسية حق للمواطن في المجتمع الديمقراطي التقليدي، إلا أن النسبة الحقيقية للمشاركة تختلف من مجتمع لآخر، ومن فترة زمنية لأخرى، وقد بدأت تتناقص بشكل ملحوظ [3].

هذا ما دعى ميلبراث للقول: أن ثمة ثلاث يمكن تمييزهم ـ وهم يمثلون مواقف ثلاث ـ بالنسبة للمشاركة السياسية الاعتيادية وهم:

  • أ ـ اللامبالون: وهم أولئك الذين لا يشاركون، أو الذين انسحبوا من العملية السياسية؛
  • بـ ـ المتفرجون: وهم الأشخاص قليلو التفاعل مع العمليات السياسية؛
  • جـ ـ المنازلون: وهم الايجابيون أو المقاتلون في السياسة؛

ويرى أن الفئة الثانية يشكل أفرادها أغلبية المواطنين، أما الشريحة الثالثة فتمثل النسبة الأقل.

أما سيدني فيبرا وزميله فيرون اعتبروا، أن الأفراد يمكن تصنيفهم وفقا لدرجة المشاركة، إلى:

مقال قد يهمك :   الأمن الروحي في التشريع المغربي

 أفراد يقومون بدور كامل في الحياة السياسية، ثم هؤلاء غير المبالين من المواطنين الذين لا يشاركون ولا يهتمون بالمسائل العامة.

هنا يبرز سؤال مهم وهو: لماذا يشارك الناس سياسيا؟ ومن جهة أخرى، لماذا يصبح بعض الناس غير مبالين سياسيا؟

وقد أثارت هذه التساؤلات وغيرها على طرفي نقيض اهتمام علماء الاجتماع السياسي، فنجد العالم ” هارولد لازويل“، يرى أن المشاركة السياسية تحقق قدرا من الإشباعات السوسيولوجية، وتحقق القوة والثروة والرفاهية، كما تشبع العاطفة، وتحقق الاستقامة والاحترام، أما ” لين” ، فقد ناقش عددا من الحاجات والدوافع الشعورية واللا شعورية، التي يمكن أن تشبعها المشاركة في الحياة السياسية، وتتضمن الحاجات الاقتصادية، والمادية، والصداقة، والعاطفة، والتخفيف من التوترات النفسية الداخلية، والحاجة إلى فهم العالم، وإشباع الحاجة لممارسة القوة على الآخرين، ثم الدفاع عن تقدير الذات والعمل على تحسينها [4].

فالمشاركة السياسية بمعناها الواسع، ومن وجهة نظر علم السياسة، تتصل بإعطاء الحق الديمقراطي الدستوري لكافة أفراد المجتمع البالغين، العاقلين، في الاشتراك بصورة منظمة، في صنع القرارات السياسية التي تتصل بحياتهم معا في مجتمع من المجتمعات، وتكون ممارسة هذا الحق ممارسة فعلية بعيدا عن عوامل الضغط والإجبار والإكراه، أي أن تكون المشاركة في إطار ديمقراطي.

إلا أن الدارس للديمقراطية، وما تقدمه على أرض الواقع من حيث الممارسة السلوكية لأفراد المجتمع في مجال المشاركة السياسية، يجد دون عناء، أن تلك الديمقراطية لا توجد إلا في أفكار منظريها، أما من حيث الواقع فقد تم تزييف الحقائق والحقوق، بحيث أصبحت مسألة المشاركة السياسية لغرض استكمال الصورة الديمقراطية التي رسموها فقط، أما المواطن فإن دوره ينتهي في تلك المشاركة عند صندوق الاقتراع، ويكون ذلك أيضا فقط بنعم أو لا، دون أن يقول، لماذا نعم ولماذا لا، لهذا فإن عزوف المواطنين عن ممارسة هذا الحق، هو نتيجة حتمية… حيث أصبحت المشاركة السياسية، في أغلب المجتمعات والبلدان التي تطبق الديمقراطية التقليدية…لا يصل إلى نصف المستهدف من تلك العمليات، فأصبح المواطنون، بعد أن عرفوا حقيقة ما يجري، غير مبالين لما يدور حولهم من مسائل سياسية، وبدأ بالمقابل ما يسمى بالسلوك السياسي السياسي العنيف، وهو السلوك الذي يعبر عن المعارضة السياسية أو العداء للنظام السياسي، والذي يتدرج من المعارضة الكلامية وانتقاد النظام السياسي القائم، إلى استخدام القوة ضد الأفراد والممتلكات العامة، والاضرابات والمظاهرات والاعتصامات، وهو ما يسمى بالعصيان المدني، إلى التخريب وعمليات الاغتيال السياسي.[5]

أما معنى المشاركة السياسية من وجهة نظر علم الاجتماع، فهي العملية التي يمكن من خلالها أن يقوم الفرد بدور في الحياة السياسية، بقصد تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية، على أن تتاح الفرصة لكل مواطن بأن يسهم في وضع الأهداف وتحقيقها، والتعرف على أفضل الوسائل والأساليب لذلك، على أن يكون اشتراك المواطن في تلك الجهود على أساس الدافع الذاتي والعمل التطوعي، والذي يترجم شعور المواطنين بالمسؤولية الاجتماعية تجاه أهدافهم والمشكلات المشتركة لمجتمعهم [6].

  أما بخصوص الفئة الشابة عامة، و الشباب المغربي على وجه الخصوص، فإذا كان يمثل الشريحة العمرية الأوسع في الهرم السكاني، وهو التواق إلى خدمة بلده من خلال حضوره الفاعل في المجتمع المدني وضعف هذا الحضور أو غيابه أو وتغييبه في الهيئات السياسية والحزبية، والأكيد أن عزوفه عن الشأن السياسي والمشاركة في الحياة السياسية له آثار سلبية على إذكاء حس المواطنة وإعداد الخلف.

وهذا العزوف تتبدئ ملامحه في عدد المنخرطين في الهيئات السياسية والمساهمة في الحملات الانتخابية أو القيام بواجب التصويت، فهذه العناصر الثلاث كمظاهر للممارسة السياسية عرفت تراجعا قويا كانت أبرز تجلياته ضعف التصويت في الاستحقاقات الانتخابية، حيث شكلت هذه المحطة بوادر طلاق بين الشباب والسياسة وكشفت عن النفور الكبير بينهم وبين السياسة وأخواتها شأنهم في ذلك شأن باقي الفئات المجتمعية، وهذه المحطة لم تكن سوى نتيجة عوامل كان لها واقعا كبيرا على نفور الشباب من الممارسة السياسية وعزوفهم عنها نجد على رأس لائحتها غياب الديمقراطية الداخلية في التنظيمات والأحزاب السياسية بالإضافة إلى هيمنة العلاقات الأسرية والعائلية، إضافة إلى شيخوخة بعض الزعماء الحزبيين وتمسك بعضهم الآخر بالقيادة وتوريث المناصب وعدم منح الشباب الفرصة لفرض ذواتهم في مختلف الاستحقاقات الانتخابية، وهذا ما أسهم بشكل قوي في تعريض الشباب إلى اكتساب داء فقدان الثقة بينهم وبين الفعل السياسي. حيث بدأت أعراضه تتفشى في صفوفهم بشكل جلي دفع إلى ضرورة التعجيل بتوفير الشروط الملائمة للرفع من منسوب الممارسة السياسية لديهم وربطهم بها [7]. وحسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط أن نسبة الشباب تجاوزت %65 من مجموع سكان المغرب، وعليه تبلغ نسبة العازفين عن العمل السياسي أزيد من   %70.

مقال قد يهمك :   التوافق أو الحل: خيارين لتجاوز أزمة مجلس جهة كلميم واد نون

الفقرة الثانية: السلوك الانتخابي وعوامل التأثير

  لا شك أن السلوك الانتخابي، يمثل ويبرز كافة أشكال التصرفات والأفعال التي تؤيدها الأفراد خلال موعد انتخابي معين، حيث يحمل هذا السلوك عدة دلالات( نفسية، عقلية، سياسية)، وهو ما يعكس تعدد العوامل المتحكمة في هذا السلوك، ويعرف أيضا بأنه جميع الأفكار، والممارسات والوجدانيات الموجبة والسالبة، التي يصدرها الفرد عند اختياره من يمثله في المجتمع.

والسلوك الانتخابي من تجليات السلوك السياسي، وتعبير واقعي للمشاركة السياسية بدلالاته المفاهيمية، حيث يتوافر على طبيعة جماعية، أي أنه سلوك جماعي ذو أبعاد إحصائية، ولإحداث دراسة تكاملية لمعرفة السلوك الانتخابي لا بد من وجود احصاءات كافية عن المنطقة أوالناخبين المراد دراسة سلوكهم في فترة الانتخابات[8].

ويقصد بالسلوك الانتخابي أيضا: كيف ولماذا يصوت الفرد لمرشح أو حزب أو لنقابة أو لتنظيم معين، وكيف يصوت ولماذا يشارك الفرد في الانتخابات ولماذا يمتنع عن المشاركة في الانتخابات، ولأن هذا السلوك مرتبط بالإنسان الذي له ميول وتوجهات، فلا بد أن يمتلك صفة عدم الثبات نتيجة تقلب سلوك الناخب وتغيير الجهة التي يصوت لها، وهنا نكون أمام اتجاهين للسلوك الانتخابي هما:

اتجاه ايجابي: أي المشاركة الفاعلة في الانتخابات أو القيام بالترويج بمختلف الطرق للجهة التي يتبناها الناخب والقيام بعملية التصويت سواء كان ذلك عن إيمان بأهمية دوره في التغيير أو الانتماء إلى الجهات والأحزاب المشاركة في الانتخابات أو عن قناعة راسخة بالمرشح وكفاءته القيادية وتوافق أهدافه مع أغراض الناخب وتكاملية العلاقة المنفعية بين الاثنين.

اتجاه سلبي: أي امتناع الناخب وعزوفه عن المشاركة في الانتخابات بأي شكل من الأشكال بدءا من التسجيل في سجل الناخبين وانتهاء بالمشاركة والتصويت، وفي بعض الأحيان يقوم بترك ورقته بيضاء أو يقوم بما يبطل تلك الورقة، وهو سلوك متعمد يدركه الناخب ويقوم به عن قناعة، وقد لا يقتصر الأمر على الأفراد بل يتحول إلى امتناع تمارسه الجماعة لعدة أسباب منها [9]:

ــ الشعور بعدم جدوى الانتخابات في التغيير؛

ــ الشعور بالظلم من قبل الأغلبية الحاكمة؛

ــ قد يعبرون عن آراء أحزابهم المعارضة التي لا تشارك هي الأخرى في الانتخابات؛

ــ اتصاف البعض باللامبالاة وفقدان الاهتمام بالأمور الخارجة عن محيط الأسرة؛

ــ تعثر الدولة في توفير ظروف ملائمة تيسر العملية الانتخابية.

وقد يكون الامتناع لغير الأسباب المذكورة ودون عذر مبرر لذلك الامتناع.

فمن طبيعة الحال أن السلوك الانتخابي يتباين باختلاف الدول، حيث لا يكون الناخب بمعزل عن ظروف ومتغيرات بيئته السياسية التي تؤثر وتتأثر في الوقت نفسه بسلوك هذا الناخب، حيث تؤثر في سلوك الناخب أيضا عوامل عدة، يمكن نعتها بالعوامل المؤثرة في السلوك الانتخابي بشكل عام، وهي نفسها المؤثر بالسلوك السياسي والانتخابي بشكل خاص.

ومن هذه المؤثرات:

أــ الأسرة: حيث يعتقد الباحثون أن الأطفال يعتنقون غالبا القيم الايديولوجيا التي يؤمن بها آباؤهم. حيث إن الناخب المغربي يجد نفسه عندما يريد الإدلاء بصوته أمام خيارين: إما أن يصوت لصالح الشخص بغض النظر عن الهيئة السياسية التي ينتمي إليها، أو أن يصوت لفائدة  حزب بغض النظر عن الشخص الذي يمثله، وأصبح الخيار الثاني مستبعدا… ؛

ب ــ البيئة التعليمية: حيث يؤثر المعلمون والمدرسون في طلابهم وعادة ما يتأثر هؤلاء الطلاب بمعتقدات وأفكار معلميهم ومدرسيهم، فمن سن الرابعة حتى الثامنة عشر يقضي الأطفال ما يقرب ربعا من وقتهم منخرطين في العملية التعليمية. أما الدراسة لجامعية فترفع بدرجة كبيرة تأثير الوعي السياسي والتوجيهات السياسية.

ج ــ المرجعيات الدينية والاجتماعية: حيث تؤثر بشكل كبير في سلوك الناخب واتجاهاته التصويتية وفقا لطبيعة شخصيته فيما إذا كان ملتزما دينيا فيتأثر بشكل كبير بآراء الزعامات والمرجعيات الدينية التي يكون لها قوة الالزام الروحي والديني، وقد تصطبغ هذه الآراء السياسية ببعد ديني عقائدي… كما يؤثر الجانب الاجتماعي في سلوكه وآرائه السياسية.

مقال قد يهمك :   وسائل إثبات جريمتي الفساد والخيانة الزوجية في ضوء الفصل 493 من القانون الجنائي المغربي

دــ تأثير وسائل الاعلام:حيث تؤثر المؤسسات الاعلامية بشكل كبير جدا في اتجاه الناخبين فيما تمارسه من توجيهات مباشرة وغير مباشرة وبطرق مختلفة، حيث تترك أثرا واضحا على سلوكه الفردي…[10]

    ومجمل القول، وبناء على التساؤلات المطروحة وغيرها، فإن البناء الديمقراطي في بلادنا يظل مهددا بسبب العزوف السياسي للمواطنين وعدم انخراطهم في الأحزاب السياسية ومحاولة إعطاء رأيهم والدفاع عن حقوقهم، فالطبيعة السياسية لا تقبل الفراغ، لأن السياسة إن لم يتم ممارستها، تمارس على ممانعيها، ولهذا فيظل واقع حزبي متحكم ، وتنجح  بشكل باهر، لذا فالممانعة واللامبالاة ليس هما الحل.

ولقد احتدم جدلا بين مؤيد ومعارض بخصوص فرض نظام التصويت الاجباري في الانتخابات التشريعية والجماعية المرتقبة في عام 2021، بين من يراه سبيلا لمواجهة العزوف الانتخابي، وبين من يراه قمعا لحرية التعبير، حيث تكرر هذا النقاش لمرات عديدة، لا سيما في ظل تأكيد الفصل 30 من دستور 2011 الذي ينص على: التصويت حق شخصي وواجب وطني. فهذه المسألة، قد تأتي كآلية لمواجهة العزوف الذي تم تسجيله في مختلف الاستحقاقات الانتخابية السابقة، خاصة خلال الانتخابات البرلمانية في عام 2016، اذ تصدرت% 43 من المغاربة من أصل 15 مليون ناخب.

 حيث إن هذا الفرض الإجباري معمول به في العديد من التجارب الديمقراطية، وذلك بفرضها جزاء من خلال سن عقوبات تأديبية مثل الغرامات أو خدمة المجتمع، فعلى المستوى الأوروبي نجد كلا من بلجيكا واليونان تركيا، فيما هناك تجارب في أمريكا اللاتينية كالبرازيل والأرجنتين…

وغني عن البيان، فإن المشاركة السياسية الوثيقة بالسلوك الانتخابي، لا تنقصهما  المقتضيات الزجرية بقد ما تنقصها الاعترافات الحزبية بالفئات الشابة والمثقفة، ذات البعد المستقبلي، في إضافة المغرب والسير به إلى مصاف الدول الديمقراطية، فمن طبيعة الحال أن هذه النتائج الايجابية والمحتملة التحقيق، لا يمكنها أن تتحقق إلا بإرادة مجتمعية وحزبية قويتين، ناهيك عن المؤثرات الحزبية المنبنية على منطق العاطفة والمرتكزة على الأشخاص لا الأحزاب.

إذا كانت الانتخابات ديمقراطيا، هي الفترة الانتقالية، بين مرحلة سابقة وأخرى لاحقة، وأنها مرحلة حاسمة للتغيير  والمساهمة في الإصلاح. لذا فآن الأوان للتصدي لأزمة المشاركة السياسية داخل الأحزاب السياسية، وذلك بتفعيل الديقراطية لتعزيز المشاركة السياسية وبتجنيد الفئة الشابة وتكوينها سياسيا، عوض تأثرها بهاجس الشيخوخة المبكرة والشباب المتأخر. لأن التشبع بروح المسؤولية أساس المساهمة في القضاء على أسلوب الممارسة السياسية وآلياتها.


[1]  مولود زايد الطيب، علم الاجتماع السياسي، الطبعة الأولى 2007، مطبعة جامعة السابع من أبريل ـ الزاوية ـ ليبياـ ص: 85.

[2]  علي بلهوى، قراءة السلوك الانتخابي بالمغرب في ظل الانفتاح الديمقراطي، مقال منشور بمجلة الحوار المتمدن بتاريخ 17/08/2015 ، اطلع عليه بموقع https://m.ahewar.org/s.asp?aid… بتاريخ 22/05/2021 على الساعة: 01:50

[3]  مولود زايد الطيب، م،س، ص: 87

[4]  مولود زايد الطيب، م، س، ص: 88

[5]  مولود زايد الطيب، نفس المرجع السابق، ص: 89.

[6]  محمد عادل عثمان، تأصيل مفهوم المشاركة السياسية، مقال منشور بمجلة المركز الديمقراطي العربي،(الدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية )، بتاريخ 21 أغسطس 2016، اطلع عليه بتاريخ 23/05/2021، على الساعة، 00:48.

[7]  سعيد بلفقيه،  الشباب والفعل السياسي في المغرب بين رهان المشاركة وأسس التفعيل، مقال منشور بموقع هبة بريس، بتاريخ 23/01/2018/2:22، اطلع عليه بتاريخ،23/05/01:17.

[8]  القاض قاسم العبودي، السلوك الانتخابي، مقال منشور بمجلة المنبير الحر 22كانون1/ديسمبر2019، اطلع عليه بتاريخ 23/05/2021، على الساعة 02:00.

[9]  القاضي قاسم العبود،م،س.

[10]  القاضي قاسم العبود، م، س.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)