فراجي ترد على الجامعي: النيابة العامة تطبق القانون والمشرع هو المطالب بتغييره

محمد موني: حالات التنافي مع الصفة البرلمانية في المغرب (أطروحة جامعية)

أيوب بومزاود: مصير القلب النابض للمقاولة بعد فتح مسطرة التسوية القضائية على ضوء تعديلات قانون 73.17

28 سبتمبر 2019 - 2:14 ص مقالات , القانون الخاص , في الواجهة , مقالات
  • حجم الخط A+A-

ايوب بومزاود ، كاتب رأي، مهتم بالشؤون القانونية ,وباحث بسلك ماستر القانون الإجرائي وطرق تنفيذ الأحكام


مقدمة

إن الباحث في عالم التجارة والأعمال حين سيقرأ مصطلح ـ القلب النابض للمقاولة ـ سيدرك تماما أن الأمريتعلق بالعقود الجارية أو شبكة الإتفاقات التي ترتبط بها المقاولة مع زبنائها كالأجير العامل في ورشاتها والمؤسسة البنكية الدائنة لها وصاحب المحل التجاري التي تكتريه المقاولة من أجل ممارسة نشاطها وغير ذلك من العقود.., إذ في وقتنا الحاضر توجد عدة تطورات في القانون المدني كان سببها القانون التجاري، فبعد أن ظل ما يعرف بمبدأ سلطان الإرادة الذي كرسه الفصل 230 من قانون الإلتزامات والعقود المغربي[1] مهيمنا على أهم المبادئ التي يقوم عليها العقد، يلاحظ أن هذا المبدأ أصبح يتوارى بفعل تأثيرات وضغوطات اقتصادية فتحت المجال أمام الغير للتدخل في مآله. ولعل من بين الغير، المشرع التجاري المغربي الذي لطف من حدة مبدأ سلطان الإرادة، إن لم نقل كسر سيطرته التي دامت لسنوات عديدة.

ومن مظاهر تراجع هذا المبدأ، هو أن تنفيذ أو مواصلة العقود الجارية في إطار ما يسمى ب”مساطر صعوبات المقاولة” أصبح يتجاوز المبادئ العامة للقانون المدني، فصار بذلك مقيدا بمقتضيات وخصوصيات قانون صعوبات المقاولة التي عادة ما ترجح كفة إنقاذ المقاولة على أداء الديون.

ولقد حظيت العقود الجارية باعتبارها العمود الفقري لإستمرارية المقاولة، بمعاملة وحماية ذات خصوصية عبر سن المشرع المغربي لمقتضيات خاصة يطبقها على المقاولات الموجودة في وضعية قابلة للإنقاذ أو بالأحرى لما تكون غير مختلة بشكل لا رجعة فيه، بدء من نظام الإفلاس الذي كان سائدا في ظل القانون التجاري لسنة 1913 الملغى[2] مرورا بنظام معالجة صعوبات المقاولة الذي نظمته مدونة التجارة في فاتح غشت 1996[3]، وصولا إلى التعديل الجديد بمقتضى القانون 73.17.[4]

والملاحظ أن مجمل هذه المقتضيات استلهمت من التشريع الفرنسي الذي كان سباقا لوضع أهم الأسس التي تتحكم في مصير العقود الجارية داخل نظام صعوبات المقاولة، إذ عرف المشرع الفرنسي  عدة تعديلات في هذا السياق، ناهيك عن الكم والكيف الذي ساهم به الإجتهاد القضائي الفرنسي بخصوص مآل العقود الجارية في صعوبات المقاولة.

ومن تم يظهر أن الفلسفة الجديدة التي تبناها المشرع والأهداف التي توخاها وهو بصدد وضعه للنصوص القانونية المتعلقة بنظام “صعوبات المقاولة “، أفرزت العديد من الخصوصيات من أبرزها تعميم ديمومة العقود جارية التنفيذ، وذلك واضح من خلال مقتضيات المادة 588 من القانون الجديد 73.17 (المادة المؤطرة للموضوع)، التي عوضت المادة 573 المنسوخة، والوضع يتجلى أساسا ضمن أهم مساطر صعوبات المقاولة ألا وهي مسطرة التسوية القضائية، ذلك أن هذه العقود لا تبرز على الواجهة إلا في حالة توقف المقاولة عن الدفع، مما يدفع بالمحكمة إلى التدخل لمحاولة إيجاد حل يوفق بين الدائنين أصحاب العقود جارية التنفيذ ورئيس المقاولة. غير أن هذا التدخل قد يعتبر خروجا واضحا عن القواعد العامة للتعاقد، سيما إذا قرر السنديك استمرارية بعض العقود الجارية، كعقد كراء المحل التجاري وعقد الحساب البنكي وفتح الإعتماد وغيرها…، أما عقود العمل فقد استثناها القانون الجديد من نطاق القاعدة كما سنرى لاحقا.

وبذلك تظهر أهمية هذه العقود متى فتحت مسطرة التسوية، وتتأكد معها أهمية موضوع البحث، بالنظر للدور الحيوي الذي تلعبه المقاولة كنواة للإقتصاد الوطني من جهة  وحياة كل مقاولة رهينة بشريانها المتمثلة في العقود التي تربطها بمختلف المتعاقدين معها من جهة ثانية.

ومن هذا المنطلق فإن الإشكالية المحورية التي يتمحور حولها الموضوع تتثمل في التساؤل التالي: ما مصير العقود الجارية بعد فتح مسطرة التسوية القضائية ؟

هذه الإشكالية المحورية تتخللها عدة إشكاليات ثانوية من قبيل مفهوم العقود الجارية ومدى تضارب آراء الفقه والقضاء بشأن تحديد نوعيتها؟ وما مدى تدخل السنديك في مآلها؟ وما هي خصوصيات بعض هذه العقود( عقدي الشغل وكراء المحل التجاري ,والعقود البنكية)؟.

وسيرا منا للإلمام بتفاصيل الإشكالية المطروحة, ومحاولة إعطاء مقترب جواب عنها، سنعمد إلى تبني التصميم المبين بعده:

المبحث الأول: ماهية العقود الجارية و تدخل السنديك في مآلها

المبحث الثاني: المقتضيات الخاصة ببعض العقود الجارية 

 المبحث الأول: ماهية العقود الجارية و تدخل السنديك في مآلها

إن الإبقاء على العقود الجارية سيف ذو حدين. فتنفيذ هذه العقود قد ينفع المقاولة ويساهم في تنمية أصولها وإنقاذها، أو قد يضر بالمقاولة ويرهقها ويزيد من خصومها، الأمر الذي جعل المشرع يمنح للسنديك وحده سلطة المطالبة بتنفيذ العقود الجارية أو التخلص منها حسب ما إذا كان هذا التنفيذ نافعا أو ضارا للمقاولة.[5]

وعلى هذا الأساس سنتحدث في هذا المبحث عن تدخل السنديك في مآل العقود الجارية (المطلب الثاني) بعد تحديد مفهوم العقود الجارية (المطلب الأول).

المطلب الأول: ماهية العقود الجارية

لم يضع المشرع المغربي وعلى غرار نظيره الفرنسي تعريفا للعقود الجارية خلال مرحلة التسوية القضائية بل إقتصر في المادة 588 على النص على المقتضيات التي تمكن من تطبيق قاعدة إستمرارية العقود، ولهذا ترك الأمر للفقه (الفقرة الأولى) والقضاء (الفقرة الثانية) لتعريفه.

الفقرة الأولى: مفهوم العقود الجارية على ضوء الآراء الفقهية

يقصد بالعقود الجارية أو العقود في طور التنفيذ ،تلك العقود التي أبرمها رئيس المقاولة مع الأغيار المتعاقدين والتي لم تستنفذ أو لم تنقض آثارها الرئيسية بعد صدور حكم فتح مسطرة المعالجة. وبمعنى آخر العقود التي تستمر أو تجري آثارها حتى بعد حكم فتح المسطرة.[6]

وقد حاول بعض الفقه تحديد المقصود بالعقود جارية التنفيذ قائلا بأنها:” كل عقد يتعلق بتقديم خدمة أو بتوريد أو بتأجير ساري التنفيذ في تاريخ صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة، ولو كان مبنيا على الاعتبار الشخصي للمدين، وكذا كل عقد لم يتم فسخه، قبل هذا التاريخ بموجب حكم حائز لقوة الأمر المقضي به”.[7]

 بينما يعرف أحد الأساتذة العقد الجاري بكونه كل عقد أبرم قبل صدور الحكم بفتح المسطرة ولم يتم الانتهاء من تنفيذ مختلف أجزائه وقت صدور الحكم، وذلك بصرف النظر عن مدى كونه من العقود المستمرة أو العقود الفورية[8]، ويعد عقدا جاريا كل عقد أبرمه رئيس المقاولة أو مسيرها مع الأغيار في وقت سابق على فتح مسطرة التسوية القضائية ولكن آثارها تستمر في السريان بعد حكم فتح المسطرة.[9]

ويذهب الفقه الفرنسي إلى القول أنه إذا كانت الأداءات الأساسية قد تم تقديمها قبل حكم فتح المسطرة فإن العقد لا يعد جاريا حتى وإن لم يستنفذ كل آثاره، كما أن العقد الذي وقع فسخه لا يعد جاريا إذا كان تاريخ فسخه قد تقرر قبل الحكم بالمسطرة ونفس الحكم يسري على العقد الذي انقضت آثاره قبل الحكم بفتح المسطرة.[10]

الفقرة الثانية: مفهوم العقود الجارية على ضوء الإجتهادات القضائية

جاء في إحدى قرارات الغرفة التجارية لمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ 2 مارس 1993 ما يلي: “يعد عقدا جاريا كل اتفاق وجب تنفيذ التزاماته الرئيسية يوم الحكم بفتح المسطرة”[11]، ويتبين من خلال هذا التعريف أن تنفيذ العقد يجب أن لا يكون داخلا بعد فتح المسطرة، بمعنى أن العقد الجاري هو كل عقد مستمر أو يتواصل تنفيذ بعض أجزائه بعد فتح المسطرة سواء كانت عقود شغل أو عقودا شخصية أو عقود إدارية.

واعتبرت محكمة النقض الفرنسية في قرار آخر بأنه: “يعد عقدا جاريا وتطبق عليه قاعدة الخيار المقررة للسنديك، الوعد بالبيع المبرم قبل فتح المسطرة والذي لم يتم تنفيذه بعد”[12]،واعتمادا على المعيار المعتمد من طرف محكمة النقض الفرنسية، فإن البيع المعلق على شرط واقف لإنتقال الملكية يعد عقدا جاريا إذا لم يتحقق الشرط إلا في تاريخ فتح المسطرة.

أما بالنسبة للقضاء المغربي فقد جاء في حكم للمحكمة التجارية بالدار البيضاء[13] ” إن مقترحات التسوية المقدمة من طرف السنديك وإن لم تحظى بقبول بعض الدائنين … فإن مصالحهم تبقى دائما محفوظة ومصانة سواء عبر مخطط الإستمرارية الذي يضمن لهم استخلاص ديونهم أو بواسطة فسخ مخطط الإستمرارية، وتقرير التصفية القضائية للمقاولة حالة إخلالها بالتزاماتها أو التملص من تنفيذها”، وفي إحدى قرارات محكمة الإستئناف بفاس[14] جاء فيه ما يلي: “وحيث إنه أمام كون وضعية المقاولة المذكورة أعلاه ليست مختلة بشكل لا رجعة فيه بالنظر لما تتوفر عليه من أموال منقولة وعقارية … وأمام رغبة السنديك في الإستمرار استنادا إلى العقود المبرمة قبله وبين وكالات الأسفار … ترى المحكمة فتح مسطرة التسوية القضائية في حقها وما يترتب عن ذلك من آثار قانونية”.

والملاحظ من خلال هذه الأحكام والقرارات القضائية أنها أحجمت عن إعطاء تعريف للعقود الجارية التنفيذ وربما يعود هذا الأمر إلى اختلاف تلك العقود من مقاولة لأخرى حتى أن أغلب الأحكام المطلع عليها تتجه مباشرة إلى تقرير التصفية القضائية بسبب غياب ثقافة وقائية للمقاولات وتأخر المقاولين في إعلان توقفهم عن الدفع مما يؤدي إلى اختلال وضعيتهم بشكل لا رجعة فيه.[15]

يستفاد اعتمادا على ما سبق أن أغلب التعريفات انصبت على العقد الجاري بالنظر إلى مصيره يوم صدورالحكم القاضي بفتح المسطرة، فإذا كان قد تم تنفيذه قبل صدور الحكم فهو ليس بعقد جاري أما إذا استمرت آثاره في السريان إلى ما بعد صدور هذا الحكم فهو يعد عقدا جاريا.

المطلب الثاني: تدخل السنديك في مصير العقود الجارية

إن إستمرار تنفيذ المقاولة للعقود الجارية يخضع لقاعدة عامة، تم التنصيص عليها بموجب المادة 588 من القانون الجديد هذه المادة التي عوضت مقتضيات المادة 573 من القانون القديم[16]، مع وجود بعض الإستثناءات على بعض هذه العقود كما سنرى لاحقا.

ويستفاد من فقرات المادة 588 أعلاه° نصت المادة 588 من القانون 73.17 على أنه “بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة المتعاقد بشأنها للطرف المتعاقد مع المقاولة. ويفسخ العقد بقوة القانون بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جوب لمدة تفوق شهرا.

 يجب على المتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء المقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح المسطرة ولا يترتب عن عدم تنفيذ هذه الإلتزامات سوى منح الدائنين حق التصريح بها في قائمة الخصوم.

عندما لا يختار السنديك متابعة تنفيذ العقد، يمكن أن يؤذي ذلك إلى دعوى للتعويض عن الأضرار يدرج مبلغه في قائمة الخصوم، غير أنه يمكن للطرف الآخر تأجيل إرجاع المبالغ الزائدة التي دفعتها المقاولة تنفيذا للعقد إلى حين البت في دعوى التعويض عن الأضرار.

 تستثنى عقود الشغل من تطبيق مقتضيات الفقرات السابقة.

لا يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقد، على الرغم من أي مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي”أأن مصير العقود الجارية، بإستثناء عقد الشغل، في يد السنديك وحده[17]، وهي لا تستمر بقوة القانون بل يتوقف استمرارها على إرادة السنديك بصرف النظر عن طبيعة مهمته أو تكليفه من قبل المحكمة سواء كان مكلفا بمراقبة عمليات التسيير أو بمساعدة رئيس المقاولة أو كان مكلفا وحده بالتسيير.[18]

وعلى الرغم من أن المشرع المغربي في قانون مساطر صعوبات المقاولة – كما هو الحال في القانون السابق- لم يتطرق إلى المعايير التي يجب على السنديك مراعاتها أثناء ممارسة حق الخيار الممنوح له بشأن متابعة تنفيذ العقود الجارية أو عدم متابعتها فإن هذه الحرية المطلقة التي وضعها المشرع في يد السنديك تفرض عليه أن لا يواصل إلا العقود اللازمة لإستمرار نشاط المقاولة على أحسن وجه، هذا وقد مكن المشرع ,المتعاقد مع المقاولة من إمكانية اتخاذ المبادرة من أجل حمل السنديك على اتخاذ موقف بشأنها[19]، ويتعين لهذه الغاية إنذار السنديك بإعلان موقفه داخل أجل شهر[20]، فإذا تخلف عن التعبير داخل هذا الأجل عد ذلك بمثابة تنازل عن العقد.

ونظرا لخاصية الإستمرارية وعدم سقوط الآجال التي يرتبها الحكم القاضي بفتح المسطرة، فإن هذا الأخير لا يترتب عنه تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقود الجارية التي تبقى مستمرة ما لم يتخد السنديك موقفا مخالفا  طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 588 المذكورة.

ومن تم – إستنادا إلى مقتضيات المادة 588 المشار إليها- نسجل أنه إذا كانت إمكانية مواصلة العقود الجارية مخولة للسنديك وحده، بحيث خولت له هذه المادة الخيار في أن يقبل باستمرار تنفيذ هذه العقود أم لا، فإن إختياره هذا تترتب عنه نتائج تختلف بحسب الاختيار،على هذا الأساس سنتحدث عن خيار مواصلة تنفيذ العقد الجاري (الفقرة الأولى) ثم خيار عدم مواصلة تنفيذ العقد الجاري(الفقرة الثانية)

 الفقرة الأولى: خيار مواصلة تنفيذ العقد الجاري

إذا اختار السنديك متابعة تنفيذ العقود الجارية في تاريخ فتح المسطرة التسوية القضائية، يتعين عليه أن يقوم بتقديم الخدمة أو الخدمات المتعاقد بشأنها للطرف المتعاقد مع المقاولة متى كان للمتعاقد ديون سابقة في مواجهة تلك المقاولة[21]، ويكون هذا المتعاقد ملزما بالوفاء بالتزاماته رغم عدم وفاء المقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح المسطرة، بحيث لا يترتب عن عدم تنفيذ هذه الإلتزامات السابقة سوى منح الدائنين حق التصريح بها في قائمة الخصوم طبقا لما جاء في المادة 588 من م ت.

إلا أن المتعاقد في هذه الحالة يتمتع بأجل خاص بحيث لا ينتهي أجل التصريح بالديون وفقا لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 720 من القانون 73.13، إلا 15 يوما بعد تاريخ الحصول على التخلي عن مواصلة العقد إذا كان هذا التاريخ لاحقا لتاريخ أجل الشهرين أو الأربعة أشهر بحسب الحالة.[22]

 أما إذا رغب المتعاقد مع المقاولة في فسخ العقد الرابط بينه وبين المقاولة من جانبه، فإن هذا العقد يفسخ بقوة القانون ، شريطة توجيه المتعاقد إنذارا للسنديك لمطالبته بفسخ العقد وإنصرام أجل يفوق شهرا دون جواب السنديك.

ونشير إلى أنه في حالة عدم تنفيذ المقاولة لإلتزاماتها الناشئة بعد الحكم بفتح المسطرة نتيجة لتنفيذ العقد الجاري أو في طور التنفيذ يكون من حق المتعاقد مع المقاولة المطالبة بالوفاء بهذه الإلتزامات في تاريخ إستحقاقها وكذا إمكانية المطالبة بفسخ العقد الجاري لعدم الوفاء وذلك لأن الدائن الناشئة ديونه بصفة  قانونية بعد فتح المسطرة لا يخضع لقواعد المساطر الجماعية التي يخضع لها الدائنين الناشئة ديونهم قبل الحكم بفتح المسطرة وعلى رأسها قاعدة وقف الدعاوى والإجراءات الإنفرادية. وجدير بالتنبيه هنا أن هذه القاعدة لا يسري نطاقها على العقود الجارية ما دام أن المشرع وضع مصير هذه العقود بيد السنديك وحده، وبالتالي تمنع وتوقف كل الدعاوى التي يقيمها الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل الحكم بفتح المسطرة والهادفة إلى فسخ عقد جاري سواء كانت لعدم أداء مبلغ من المال أو عدم القيام بعمل أو غيرهما.[23]

الفقرة الثانية: خيار عدم مواصلة تنفيذ العقد الجاري

إذا إختار السنديك عدم متابعة تنفيذ العقود الجارية، ففي هذه الحالة يمكن للمتعاقد المطالبة بتعويضه عن هذا الفسخ وذلك عبر دعوى للتعويض عن الأضرار، غير أن مبلغ التعويض المحكوم به يدرج في قائمة خصوم المقاولة المدنية حفاظا على مبدأ المساواة بين الدائنين، فالمشرع المغربي لم يجعل مبلغ التعويض المحكوم به مضمونا بحق الأولوية المنصوص عليه في المادة 590 من القانون الجديد (عوضت المادة 575 من القانون المنسوخ) والتي جاء في مضمونها أنه يتم سداد الديون الناشئة بصفة قانونية بعد صدور حكم فتح مسطرة التسوية وأنه في حالة تعذر أدائها في تواريخ إستحقاقها تؤدى بالأسبقية على كل الديون الأخرى سواء أكانت مقرونة أم لا بامتيازات أو بضمانات باستثناء الأفضلية المنصوص عليها في المادتين 558 و565 من القانون 73.17 مما جعل بعض الفقه المغربي يقر بأن المشرع  لم ينصف المتعاقد مع المقاولة المحكوم له بالتعويض ما دام أنه ورغم أن العقد المفسوخ بقوة القانون سابق لصدور الحكم بفتح مسطرة التسوية القضائية، فإن الواقعة المبررة للتعويض وهي فسخ العقد لاحقة لصدور الحكم.[24]

لكن الملاحظ هو أن مقتضيات المادة 590، الآنفة الذكر تخص فقط الديون الناشئة بصفة قانونية بعد صدور حكم فتح التسوية القضائية مما يحتم إستبعاد التعويض المحكوم به للمتعاقد من مقتضيات هذه المادة، بل الأكثر من ذلك نلاحظ أن المشرع المغربي وحماية منه لمصالح هذا المتعاقد منحه حق تأجيل إرجاع المبالغ الزائدة التي دفعتها المقاولة تنفيذا للعقد حتى يتم البث في دعوى التعويض عن الأضرار والغاية من ذلك هي إتاحة الفرصة للمتعاقد لإجراء مقاصة بين المبالغ التي دفعت له زائدة وبين التعويض المحكوم له بها[25].

عموما يتضح مما سبق ذكره, أنه رغم أهمية القاعدة المتمثلة في جعل إستمرار تنفيذ العقود الجارية يتوقف على إرادة  السنديك، إلا أن بعض العقود تستدعي إخراجها من هذه السلطة, وجعلها تستمر بقوة القانون بعد صدور الحكم بفتح مسطرة التسوية بالنظر لكونها من العناصر الأساسية لاستمرار المقاولة، كما هو الشأن بالنسبة لعقد العمل وعقد كراء المحل التجاري والعقود البنكية… وذلك ما سنتحدث عنه بتفصيل في المبحث الآتي.

المبحث الثاني: المقتضيات الخاصة ببعض العقود الجارية

كانت مقتضيات المادة 573 من القانون القديم – نظرا للصياغة العامة التي جاءت بها- تطبق على جميع العقود كيفما كان نوعها دون التفريق بين أشكال العقود، فورية أو مستمرة، تقوم على اعتبارات شخصية أم لا بل الأكثر من ذلك لم يكن التشريع المغربي يقرن تنفيذ هذه القاعدة باستثناءات صريحة أو ضمنية.

مقال قد يهمك :   مؤلف حديث يناقش التقييد الاحتياطي على ضوء العمل القضائي المغربي

إلا أن الملاحظ أن المشرع المغربي سرعان ما تدارك الموقف في القانون الجديد 73.17 حيث إنه بالوقوف عند مقتضيات المادة 588 منه، نجد بأن المشرع جاء بمستجد  مفاده استثناء بعض العقود من الأحكام التي تخضع لها العقود الجارية، وذلك بالنظر لطبيعتها الخاصة ولحساسيتها وتأثيرها الإجتماعي المفرط، والحديث هنا يخص عقد الشغل  بالدرجة الأولى، كما سنضيف إليه عقد كراء المحل التجاري (المطلب الأول)، وإضافة لما سبق يتضح أن هناك نوع آخر من العقود كالعقود البنكية (المطلب الثاني)تستدعي عدة ملاحظات، فما هو مصير هذه العقود بعد فتح مسطرة التسوية القضائية؟

المطلب الأول: مصير عقد الشغل وعقد كراء المحل التجاري

فرضت، ضرورة استمرار استغلال المقاولة في ظروف حسنة خلال فترة إعداد الحل، على المشرع المغربي أن يستقي من القانون الفرنسي المبدأ المنصوص عليه في المادة 588 من المدونة المغربية للتجارة(وفق التعديل الجديد)، الذي بمقتضاه يكون للسنديك وحده أن يطالب بمواصلة العقد الجاري التنفيذ في تاريخ صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة، إلا أن ما يعاب على المشرع في هذا الإطار أنه لم يحدد موقفه من بعض العقود خلافا لنظيره الفرنسي ,ويتعلق الأمر بعقد كراء المحل التجاري الذي تمارس فيه المقاولة نشاطها (الفقرة الثانية) وإن كان قد جاء في ظل القانون 73.17 بموقف صريح استثنى بموجبه عقود الشغل من نطاق تطبيق العقود الجارية( الفقرة الأولى).

  الفقرة الأولى: استثناء عقود الشغل من نطاق تطبيق العقود الجارية

إذا كانت قواعد قانون الشغل تفرض كأصل عام على رئيس المقاولة أو من يقوم مقامه (السنديك) بالحفاظ على عقود العمل المبرمة قبل إصدار حكم التسوية القضائية والسارية المفعول خلال فترة إعداد الحل.[26]

فكيف عالج القانون الجديد مصير عقود الشغل خلال هذه الفترة؟

أدى سكوت المشرع المغربي في مدونة التجارة السابقة عما إذا كانت عقود الشغل مشمولة أم لا بالقاعدة المنصوص عليها في المادة 573 المنسوخة، إلى تباين الآراء بخصوص الإستمرار القانوني لهذا النوع من العقود، فأمام عمومية المادة المشار إليها آنفا فتح الباب على مصرعيه للمواقف الفقهية بين من استثنى ومن لم يستثني عقود الشغل من نطاق الخيار المخول للسنديك.

إذ ذهب أنصار الاتجاه القائل بخضوعها لمقتضيات المادة 573 إلى القول بأن السنديك يتمتع بصلاحية مطلقة من النظام العام لإنهاء عقود الشغل وهي سلطة لا يمكن أن تحد منها رقابة القاضي المنتدب، ولا يمكن أن تقيدها مقتضيات مدونة الشغل[27]، ومن تم فإن شمولية المادة أعلاه توحي بأن عقود الشغل الناشئة لفائدة المأجورين قبل صدور حكم فتح المسطرة خاضعة لإرادة السنديك كباقي العقود الجارية الأخرى لما خوله إياه المشرع من سلطة مطلقة لا يزاحمه فيها أحد.[28]

بينما استند  أنصار الاتجاه الثاني القائل بعدم شمولية المادة 573 لعقود الشغل إلى عدة أسباب من بينها أن الأجر في عقد الشغل له طابع إجتماعي واقتصادي خاص، مما يحول دون إخضاعه لمختلف الأحكام المتعلقة بالديون الأخرى التي تكون مترتبة على رئيس المقاولة. أضف إلى ذلك أن عقد العمل يخضع دائما لنظام خاص به يختلف كثيرا عن ذلك المطبق على غيره من العقود الأخرى التي تكون مبرمة مع المقاولة المفتوحة ضدها مسطرة المعالجة.[29]

ولسد الباب أمام هذا الخلاف الذي كان قائما، واعتبارا منه لخصوصية عقد الشغل بالنسبة للأجراء وللمقاولة، نص المشرع المغربي لأول مرة على مقتضى جديد  في الفقرة الرابعة من المادة 588 من القانون الجديد يتعلق باستثناء هذه العقود من الأحكام المنظمة للعقود الجارية.[30]

وفي هذا السياق يرى أحد الباحثين[31] أنه حسن فعل المشرع، فقد شكل عدم إدراج هذا الإستثناء في نظام صعوبات المقاولة منذ 1996 نقط ضعف كبيرة في نظام المساطر الجماعية، ويكون القانون المغربي بذلك قد اصطف إلى جانب موقف القانون الفرنسي بهذا الخصوص.

فالمقتضيات السابقة بمدونة التجارة لم تكن تتضمن أي مقتضى حول هذا النوع من العقود، بل كانت فقط تتضمن بعض الامتيازات المحدودة جدا فيما يتعلق بديون الأجراء الناجمة عن عقود الشغل، وذلك في بعض المواد منها مثلا:

– المادة 555 التي استثنت الديون الناجمة عن العمل من قاعدة منع السداد الكامل أو الجزئي لأي دين سابق عن الأمر القاضي بالوقف المؤقت للإجراءات خلال مسطرة التسوية الودية، وهو نفس المقتضى التي تتضمنه حاليا المادة 555 بخصوص مسطرة المصالحة في ظل القانون 73.17.[32]

– المادة 686 من م.ت السابقة التي أعفت الأجراء من التصريح بديونهم إلى السنديك استثناء من القاعدة العامة التي تلزم جميع الدائنين بالتصريح بديونهم خلال الأجل القانوني، والتي عوضتها المادة 719 من القانون 73.17.

– كما ألزمت المادة604 من م ت السابقة تضمين عروض التفويت مستوى التشغيل وآفاقه حسب النشاط المعني، والتي عوضتها المادة 636 من القانون 73.17.

– المادة 605 من م ت السابقة التي نصت على ضرورة اختيار المحكمة للعرض الذي يضمن أطول مدة لاستقرار التشغيل وأداء مستحقات الدائنين والتي عوضتها المادة637 من القانون73.17

عموما، فإنه إذا كان المشرع المغربي قد استبعد عقد الشغل الجاري التنفيذ من حق الخيار الممنوح للسنديك بخصوص الإحتفاظ بالعقود الجارية أو الاستغناء عنها، مادامت الغاية من مسطرة التسوية هي مساعدة المقاولة على الاستمرار في نشاطها والحفاظ على مناصب الشغل، وبالتالي جعل هذه العقود تستمر بقوة القانون بعد فتح مسطرة التسوية، فإن ذلك لا يعني عدم إمكانية تسريح بعض العمال(وذلك بعد فترة إعداد الحل أي حين يعمد السنديك إلى تبني مخططا للإستمرارية أو التفويت) إذا كان إنقاذ المقاولة يتطلب ذلك،لكن مع مراعاة مقتضيات قانون الشغل.[33]

فعلى خلاف ما كانت تنص عليه الفقرة الخامسة من المادة 592 من م ت السابقة، فإنه ووفقا لما جاء في نص المادة 624 من القانون الجديد، إذا كانت القرارات المصاحبة للاستمرارية المذكورة أعلاه ستؤدي إلى فسخ عقود الشغل فإن هذا الفسخ يعتبر واقعا لأسباب اقتصادية بالرغم من كل مقتضى قانوني مخالف، كما أن هذا الفسخ لا يصبح ساري المفعول إلا بعد توجيه إشعار بذلك من قبل السنديك إلى كل من المندوب الإقليمي للشغل وعامل العمالة أو الإقليم المعني, ويحتفظ الأجراء المفصولون بكل الحقوق المخولة لهم قانونا.[34]

إلا أنه وبالنسبة للدعاوى المرفوعة من طرف الأجراء ضد المقاولة من أجل أداء ما بذمتها من أجور أو تعويضات سابقة على حكم فتح المسطرة، فقد جاءت المادة 686 التي عوضت المادة 653 من م ت في حلتها القديمة، تتضمن صياغة عامة واستثناء يتعلق بحالة الدائن الذي يتوفر على ضمانة منقولة فقط, وبالتالي لم تخصص دعاوى الأجراء بأي استثناء أو امتياز، ومن تم فإن عقود الشغل تكون مشمولة كذلك بالوقف أو المنع المنصوص عليه بهذه المادة.

الفقرة الثانية: مصير عقد كراء المحل التجاري 

يعتبر عقد الكراء التجاري[35] من مستلزمات متابعة نشاط المقاولة خلال فترة إعداد الحل، فهو الرهان الأول لنجاح إجراءات المعالجة والذي يحمل معطيات متميزة بالنسبة للمقاولة بالمقارنة مع العقود الجارية الأخرى، إلا أنه وبالرغم من ذلك لم يحظ باهتمام تشريعي يوازي هذه الأهمية ويساير هذا الرهان. فما مدى خضوع عقد كراء المحل التجاري لنطاق المادة 588 من القانون الجديد؟

مهما يكن من أمر فإن عقد كراء المحلات المعدة لاستغلال نشاط المقاولة المفتوحة ضدها مسطرة المعالجة لا تستثنى من نطاق تطبيق قاعدة مواصلة العقود جارية التنفيذ في تاريخ صدور الحكم القاضي بفتح هذه المسطرة، ومما يؤكد على قوة هذا التفسير هو إن كانت التصفية القضائية لا تؤدي بقوة القانون إلى فسخ عقد كراء العقارات المخصصة لنشاط المقاولة، حسب المادة 653 في فقرتها الأولى من القانون 73.17، ويحق للسنديك المطالبة باستمرارية هذا العقد أو تفويته، فمن باب أولى القول باستمرارية عقد الكراء في مرحلة التسوية القضائية، حيث تكون المقاولة في وضع يمكن علاجها.[36]

ومما تجدر الإشارة إليه أن عقد الكراء التجاري لا يقع فسخه بمجرد فتح مسطرة التسوية، بل حتى ولو كانت لشخصية المكتري اعتبارا في إبرام عقد الكراء، وللسنديك وحده صلاحية اختيار تنفيذ عقد الكراء التجاري بعد فتح المسطرة ولا يشاركه هذا الإختصاص لا رئيس المقاولة ولا الدائن ولو كان مرتهنا.[37]

ومنه يمكن القول أن السنديك يلعب دورا هاما في تحديد مصير عقد الكراء التجاري إما بمواصلته إن كان يساهم في إنقاذ المقاولة ويحافظ على استمرارية نشاطها وإما تقرير عدم إستمراريتها، وهما الحالتين اللتان سيتم التعرض لهما.

  • الحالة الأولى هي: حالة اختيار السنديك مواصلة عقد الكراء التجاري

إن هذه الحالة تجد جوابها في المادة 588 من القانون 73.17 التي تنص على أنه: “بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة المتعاقد بشأنها للطرف المتعاقد مع المقاولة”. وتطبيق اختيار السنديك بعد إصدار المحكمة حكمها بالتسوية القضائية، يبقى واجبا ولو أن المقاولة المكترية أخلت بتنفيذ التزامها، سواء تعلق الأمر بعدم أداء الوجيبات الكرائية السابقة على فتح المسطرة، رغم ما قد يكون مبناه اعتبارا شخصيا.[38] أو تعلق الأمر بدعوى فسخ عقد الكراء أو تحقق الشرط الفاسخ… إعمالا للفقرة الثانية من نص المادة أعلاه: “يجب على المتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء المقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح المسطرة…”.

وبذلك يستفاد أن السنديك هو الوحيد المحدد لمصير عقد الكراء التجاري كباقي العقود الجارية  بالتعبير عن ذلك صراحة، ولا ينازعه في هذا الإختصاص لا المكري ولا أي دائن آخر ولا حتى رئيس المقاولة. بل ويبقى من حق المكري فقط أن يصرح بدينه داخل الأجل القانوني في قائمة خصوم المقاولة كما نصت على ذلك مقتضيات الفقرة الثانية من المادة السالفة الذكر.

وتلك الآجال المحددة للتصريح بالديون تختلف بحسب ما إذا كان المكري مقيما بالمغرب أو خارجه، مع مراعاة وضعية المكري في عقد الائتمان الإيجاري حيث يتعين إشعاره شخصيا.[39]

  • الحالة الثانية هي: حالة اختيار السنديك عدم مواصلة عقد الكراء التجاري

في الحالة هاته قد يرى السنديك أن المحلات المكتراة تشكل إرهاقا ماليا للمقاولة بالنظر لنشاطها، فيقرر عدم مواصلة بعض عقود الكراء كأن تكون محلات مكتراة ليست ذات أهمية بالنسة للمقاولة…لكن الإشكال الذي يطرح- في هذا السياق- يتعلق ب شكل تعبير السنديك عن عدم مواصلته لعقد الكراء التجاري وآجاله؟

بتفحص مقتضيات القانون 73.17 المتعلقة بالموضوع يتضح أن المشرع  المغربي لم يحدد بشكل صريح كيفية التعبير عن عدم مواصلة عقد الكراء التجاري، وهذا يفيد أن التعبير عن ذلك قد يتم بشكل صريح بعدم رغبته في استمرارية تنفيذ العقد[40]. كما يمكن أن يكون موقفه ضمنيا. وهنا يمكن تصور وضعين:

– الوضع الأول: عندما لا يوجه المكري للسنديك أي إنذار لمعرفة موقفه من العقد المبرم مع المقاولة المكتوبة، في هذا الإطار، يظهر أنه خلافا لما تعمده المشرع في إطار مساطر المعالجة حيث راهن على مجموعة من الآجال بهدف الإسراع بسير المسطرة، وجعلها ملزمة[41]، فإنه سكت عن ذلك بخصوص تعبير السنديك عن موقفه من العقود الجارية بعد فتح مسطرة التسوية بما فيها عقد الكراء التجاري، ويفسر بعض الفقه[42]، الموقف السلبي للمشرع في تشعب وتعقد العوامل التي يكون على السنديك أخدها بعين الاعتبار والمتمثلة في الوضع الاقتصادي للمقاولة من جهة وطبيعة العقود الجارية وأهميتها من جهة ثانية.

– الوضع الثاني: تجيب عنه المادة 588 من م ت حيث أجاز المشرع للمكري توجيه إنذار للسنديك ليتبين مصير عقده. وهكذا إذا مر أجل الشهر المنصوص عليه في المادة المذكورة دون أن يكون هناك جواب من السنديك فيعد موقفه الضمني تنازل منه عن استمرارية عقد الكراء التجاري.[43]

ومع ذلك، يمكن القول أن واقع العمل القضائي- اليوم – يفرض إستثناء عقد الكراء التجاري من مكنة الإختيار الممنوحة للسنديك، إذ يجب ان يستمر بقوة القانون بعد فتح المسطرة لكونه من العناصر الأساسية لاستمرار نشاط المقاولة[44]. وهو ما أكده القضاء المغربي بقوله: “إذا كان المشرع في حالة وضع المقاولة في حالة تسوية قضائية أعطى للسنديك وحده إمكانية طلب تنفيذ العقود الجارية…، فإن ذلك لا ينطبق بشأن عقد كراء المحل الذي تمارس فيه المقاولة نشاطها… لأن لعقد كراء المحل التجاري وما يترتب عن ذلك من اكتساب أصل تجاري دور أساسي في استمرار نشاط المقاولة وإنقاذها من الصعوبات التي تعترضها…”.[45]

وفي قرار آخر اعتبر المجلس الأعلى: “…أن محكمة الإستئناف عندما اعتبرت بأن عقد الكراء هو كذلك من العقود الجارية بتقديم الخدمة المنصوص عليها في المادة 573 من م ت وقضت بفسخه على أساس ان المكرية وجهت إنذارا إلى السنديك من أجل فسخ عقد الكراء توصل به وظل بدون جواب تكون قد أساءت تطبيق القانون وقصرت في تبرير قرارها وكان ما بالوسيلة واردا على القرار مما يستوجب نقضه.[46]

وإذا كان المشرع المغربي بتنصيصه في الفقرة الأخيرة من المادة 588 من م ت على أنه: “لا يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقد على الرغم من كل مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي” قد أحاط الشبكة التعاقدية للمقاولة – بما فيها عقد الكراء التجاري – بحماية خاصة تجعلها تستمر بقوة القانون، فإن هذه الحماية كانت مقررة للمحلات التي تمارس فيها المقاولة نشاطها بمقتضى ظهير24 ماي 1955[47] حيث كان ينص في الفصل 38 منه على أن”إفلاس المكتري أو تصفية حساب أعماله التجارية عن طريق العدالة لا تؤدي حتما إلى فسخ عقدة كراء الأملاك المخصصة لاستغلاله الصناعي أو التجاري أو المهني وتدخل في ذلك الأماكن التابعة لتلك الأملاك والمشتملة لسكنى المكتري أو لسكنى أسرته”،إلا أنه بصدور القانون الجديد رقم 49.16 الصادر في 11 غشت 2016[48] المنظم لكراء العقارات أو المحلات المخصصة للإستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي، يلاحظ أن المشرع قد تخلى عن هذه الحماية وذلك بعدم إدراج مضمون الفصل 38 المشار إليه في القانون الجديد ، كما  أن المشرع رجح المصلحة العامة على حساب مصلحة المقاولة وذلك بتنصيصه على إمكانية نزع ملكية عقار يستغل فيه أصل تجاري لأجل المنفعة العامة.[49]و يرى البعض أن المشرع قد جانب الصواب حينما أقر إمكانية نزع المحلات التجارية للمقاولة لأجل المنفعة العامة وذلك لأن المحل التجاري للمقاولة يعتبر أساسيا لاستمرار نشاطها وهذا الإستمرار يحافظ على مناصب الشغل ومن تم المساهمة في تطوير الإقتصاد الوطني ككل وهذه أسمى مراتب المنفعة العامة.

ونشير إلى أنه بالرغم من أهمية عقد الكراء التجاري وضرورة حمايته طمعا في إستمرار نشاط المقاولة، فإن هذه الأهمية وهذه الحماية تصطدم مع مصلحة المكري، إذ انطلاقا من خصوصية هذا النوع من العقود، فإن حقوق المكري تخضع لقواعد خاصة تعرضت إليها المادة 694 من القانون 73.17، حيث يتمتع المكري بامتياز بالنسبة لوجيبة الكراء المستحقة عن السنتين السابقتين مباشرة عن تاريخ صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة، وإذا تم فسخ عقد الكراء، يستفيد المكري بامتياز إضافي عن ثمن كراء السنة التي يتم خلالها هذا الفسخ، أما إذا لم يتم فسخ عقد الكراء, فلا يمكن للمكري المعني بالأمر أن يطالب بالوجيبة التي لم تستحق بعد، اللهم إذا تم إلغاء الضمان أو التأمين الذي أعطي له عند إبرام العقد[50]، وذلك على خلاف ما تقرره القواعد العامة المنصوص عليها في المادتين 684 و 1250/2 من ق ل ع م.

وهكذا يستفاد مما ذكر أن حقوق مكري المحل المعد لإستغلال نشاط المقاولة تخضع خلال فترة إعداد الحل لقيدين مهمين، القيد الأول يتمثل في أن المكري لا يمكنه بعد صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة أن يطالب بفسخ عقد الكراء نتيجة عدم  أداء وجيبات الكراء المستحقة قبل صدور هذا الحكم، أما القيد الثاني فيتمثل في تقليص مدى و نطاق الامتياز الذي يتمتع به هذا المكري في الاحوال العادية.[51]

كما انه وفي حالة تفويت حق الكراء، فإنه وفقا لمقتضيات المادة 589 من نفس القانون الجديد، لا يمكن الإعتداد بأي شرط يفرض على المفوت التزامات تضامنية مع المفوت إليه تجاه السنديك.[52]

المطلب الثاني : مصير العقود البنكية                        

 لقد عمل المشرع المغربي على وضع تنظيم خاص للعقود الجارية – أو في طور التنفيذ- في المادة 588 وما بعدها من القانون الجديد، لما لهذه العقود من تأثير أكيد على متابعة المقاولة لنشاطها، وتسوية وضعها، خاصة وأنه يصعب في الوقت الراهن على المشروعات الإقتصادية أن تعتمد على مواردها الذاتية لتحقيق أهدافها، لذلك فهي تنفتح على جميع المجالات، وتبرم عدة عقود مع أطراف مختلفة، ولأغراض مختلفة، وبهذا فإن نطاق تلك العقود غير محدد في نوعه ولا في زمانه.

ولعل أبرز هذه العقود، تلك التي تبرمها مؤسسات الإئتمان كالبنوك، وشركات التمويل مع الحرفيين أو الزبناء، ومن ضمنها عقد الحساب البنكي (الفقرة الأولى) وعقد فتح الإعتماد ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مصير عقد الحساب البنكي

إن أهم ما تميزت به مدونة التجارة لفاتح غشت 1996 هو تنظيمها لمجموعة من العقود الحديثة التي أفرزها العرف التجاري ومن بين هذه العقود التي شملها القسم السابع من الكتاب الرابع المخصص للعقود التجارية، عقد الحساب البنكي باعتباره من أهم العمليات المصرفية التي قد تربط العميل بالبنك.

وإذا رجعنا لمحتوى المادة 487 من م ت الذي جاء فيه أن: ” الحساب البنكي، إما حساب بالإطلاع أو حساب لأجل”، سنلاحظ أن المشرع سكت عن تعريف عقد الحساب البنكي إسوة بالمشرع الفرنسي، إذ اكتفت هذه المادة بذكر أن الحساب البنكي إما حساب بالإطلاع[53]، أو حساب لأجل.[54] عموما يمكن تعريف هذا العقد كما ذهب إلى ذلك بعض الشراح[55] بكونه “ذلك العقد الذي يربط بين البنك بصفته مؤسسة مودعا لديها أو موفرة الإئتمان، وبين العميل بصفته مودعا أو مقدما” …فما مصير الحساب البنكي للمقاولة بعد فتح مسطرة التسوية القضائية ؟

مقال قد يهمك :   وضع الكراء التجاري والسكني والمهني في ظل جائحة كورونا

بتفحص مقتضيات مدونة التجارة المغربية، يلاحظ أن هناك تعارض بين بعض  موادها، بدليل أن المادة 503 منها[56]، منحت للبنك بصورة صريحة حق وضع حد للحساب في حالات معينة ومن بينها حالة المقاولة في تسوية قضائية، والقول بإقفال الحساب بالإطلاع مباشرة بعد صدور الحكم القاضي بوضع المقاولة المتوقفة عن الدفع في حالة تسوية قضائية من شأنه أن يتعارض مع مبدأ استمرارية الإستغلال المقرر  بمقتضى المادة 586 من المدونة وفق القانون الجديد.[57]

هذا المبدأ الذي تجسده بصورة جلية مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 588 من نفس القانون والتي ورد فيها أنه “لا يمكن أن يترتب على مجرد فتح التسوية القضائية تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقد على الرغم من أي مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي”.[58]

 وقد ذهب البعض[59] إلى اعتبار مقتضيات المادة 503 من م ت اجحافا في حق المقاولة لأن وضعية هذه الأخيرة تقتضي مراعاة ظروفها، إذ تكون في أمس الحاجة إلى الوسائل المادية والتقنية لدعمها وتمكينها من تجاوز ما يعترضها من صعوبات كما يفهم من سعي المشرع في المادة 588 السابقة الذكر.

ومما يجب التأكيد عليه في هذا السياق, أن فتح مسطرة التسوية في مواجهة المقاولة المتوقفة عن الدفع بدلا من مسطرة التصفية القضائية، يعني أن وضعية المقاولة غير مختلة بشكل لا رجعة فيه، وإنما قابلة للإصلاح، الأمر الذي يقتضي بقاء حساباتها البنكية مفتوحة باسمها إلى غاية وضع السنديك تقريره وتنفيذ مخطط الإستمرارية إذا ما كان التقرير يرمي إلى ذلك وحظي بقبول القاضي المنتدب.[60]

وبناء على ذلك يلاحظ أنه لا يمكن من الناحية المنطقية إقفال الحساب بالإطلاع المفتوح باسم المقاولة الموضوعة في حالة تسوية قضائية، ولعل ما يؤكد هذا التوجه[61] أن المشرع المغربي نفسه قد أورد في م ت عدة مقتضيات توحي بذلك فعلى سبيل المثال، تنص المادة 593 وفق التعديل الجديد على أنه: “يمكن للسنديك في جميع الأحوال، أن يعمل على تشغيل الحسابات البنكية للمقاولة لما فيه مصلحتها”، كما تنص المادة625 من ذات القانون على أنه: “حينما تكون المقاولة موضوع منع إصدار شيكات عن وقائع سابقة لحكم فتح التسوية، يمكن للمحكمة أن تأمر بوقف آثار المنع خلال مدة تنفيذ المخطط وسداد خصوم هذه المقاولة…”.

كما تجدر الإشارة إلى أن بقاء الحساب البنكي مفتوحا بعد صدور حكم التسوية القضائية، لا يمكن أن يستعمل كوسيلة للوفاء بحقوق البنك السابقة للنطق بالحكم. وبتعبير آخر لو تم الأخذ بمقتضيات المادة 503 من م ت، فهذا يعني أن المشرع جعل حماية مصلحة الدائن من ضمن مقاصده الأساسية من مسطرة التسوية القضائية، لا مصلحة المقاولة المدينة التي تكون في حاجة دائمة إلى كل ما من شأنه أن يزكي رصيدها المالي.[62]

ووعيا بخطورة هذا الوضع فإنه يجب العمل بمقتضيات المادة 588 من م ت وتقرير مواصلة عقد الحساب البنكي للمقاولة بقوة القانون خلال مرحلة التسوية، بالنظر لأهميته على مستوى ضبط الأمور المالية للمقاولة ومساعدة السنديك على تشخيص وضعيتها واقتراح الحلول المناسبة لتسويتها.[63]

وانطلاقا مما ذكر، يتبين أنه لا يمكن إقفال الحساب بالإطلاع المفتوح باسم المقاولة الموضوعة في حالة تسوية قضائية قبل وضع السنديك تقريره الذي سيحدد مصير هذا الحساب, فإذا تبين أن مخطط التسوية يضمن استمرار المقاولة المتوقفة عن الدفع، فليس هناك أي مبرر لإقفال هذا الحساب، أما إذا كان المخطط المتبنى لا يرمي على عكس ذلك إلى استمرارية هذه المقاولة، وإنما إلى تفويتها لأحد الأغيار أو إلى تصفيتها تصفية قضائية، فإن إقفال هذا الحساب يكون آنذاك في محله، اللهم إذا ارتأى البنك بحريته الإبقاء على الحساب مفتوحا لمدة معينة لحاجات التفويت أو التصفية المذكورين.[64]

الفقرة الثانية : عقد فتح الإعتماد      

يعد عقد فتح الإعتماد من العقود التي عرفت انتشارا واسعا، وممارسة جد متطورة، وكانت هذه الممارسة تتم في غياب نص تشريعي خاص، بحيث ازدهر هذا العقد في أحضان الأعراف واتفاقات الأطراف، فحتى إن حدث مشكل ما كان يتم الرجوع أحيانا إلى القواعد العامة في ق ل ع[65]، إلى حين صدور المدونة المغربية للتجارة لسنة 1996، التي تطرقت لهذا العقد في الكتاب الرابع من القسم السابع المخصص للعقود البنكية، وقد عرفته المادة 524 منها، بقولها: “فتح الإعتماد هو التزام البنك بوضع وسائل للأداء تحت تصرف المستفيد أو الغير المعين من طرفه في حدود مبلغ معين من النقود”.

والواضح من خلال هذا التعريف، أن عقد فتح الإعتماد يقوم على مبدأ هام ألا وهو الإعتبار الشخصي للزبون[66]، وفي هذا السياق ثار خلاف فقهي حول الوقائع التي تؤثر في الإعتبار الشخصي وتبرر إنهاء الإعتماد من جانب البنك، ليقصى من نطاق العقود جارية التنفيذ بعد فتح مسطرة التسوية القضائية.

فبينما يرى البعض[67] أن عناصر الإعتبار الشخصي اللصيقة بشخص الزبون، مثل وفاته أو فقدانه لأهليته، أو الحكم عليه من أجل جناية تعطي الحق للبنك من وضع حد للإعتماد قبل إنتهاء مدته المتفق عليها، يذهب البعض الآخر[68] إلى أنه ليس للبنك في مثل هذه الحالات أن ينهي الإعتماد فورا إذا ما كان مضمونا بتأمين عيني، أو تحمل ذوو حقوق الزبون أو ورثته بالتزاماته في حالة وفاته والإستمرار في استغلال نشاطه السابق.

وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 588 من القانون الجديد المعوضة  للمادة 573   القديمة، يتضح أنها وضعت مبدءا عاما لتنفيذ هذه العقود القائمة على الإعتبار   الشخصي[69]، ما عدا عقود الشغل – التي فضلا عن كونها تقوم على الإعتبار الشخصي -فهي من العقود الزمنية التي تعتبر فيها المدة عنصرا من عناصرها الجوهرية[70]، هذا وقد أعطت المادة المذكورة للسنديك صلاحيات واسعة دون غيره للمطالبة بتنفيذ العقود الجارية، أو في طور التنفيذ خلال مرحلة التسوية القضائية وتقديم الخدمة للمتعاقد بشأنها، لأنه باستمرارية عقد فتح الإعتماد يمكن إنعاش المقاولة وإيجاد دواء لمعالجة صعوباتها.

إلا أنه على عكس المجرى العادي للأمور تفاجئنا المادة 525 من م ت بما احتوته فقرتها الرابعة التي جاء فيها: “سواء كان الإعتماد مفتوحا لمدة معينة أو غير معينة  فإنه يمكن للمؤسسة البنكية قفل الإعتماد بدون أجل في حالة توقف بين للمستفيد عن الدفع، أو في حالة ارتكابه لخطأ جسيم في حق المؤسسة المذكورة, أو عند استعمال الإعتماد “.

مما يعني أن المادة 525 تخول للبنك المانح الحق في الإقدام على إنهاء الإعتماد، ولو كان ملتزما بتقديمه لمدة محددة، في حالة انقلاب الموازين التي بنى عليها إبان التعاقد قراره بشأن جدارة الزبون بالحصول على هذا الإعتماد، سواء في ذلك تلك المتعلقة بشخص الزبون أو التي تتعلق بوضعه المالي[71]، وبأسلوب آخر، من حق البنك إنهاء هذا العقد متى وقعت مستجدات من شأنها أن تزعزع  ثقته في الزبون المستفيد، حيث  أنه قد يعد من قبيل التعسف في حق البنك إلزامه بالإستمرار في تقديم ائتمانه لزبون فقد مقومات الثقة التي على أساسها تم التعاقد معه في البداية، خاصة وأن إلزام البنك في الإستمرار على هذا النحو، إلى غاية انتهاء المدة المحددة للإعتماد، قد يؤدي إلى مساءلته تجاه الغير على أساس إساءته منح الإئتمان، كما يستفاد ذلك من أحكام الفقرة الأخيرة من المادة 525 من م ت.[72]

وإذا كانت المقتضيات السابقة تجيز للبنك إنهاء عقد فتح الإعتماد في حالة التوقف البين للمستفيد عن الدفع، فإنه ينبغي الإشارة إلى أن إنهاء الإعتماد الممنوح للزبون الموجود في هذه الحالة لا يكون إلا في البلدان التي ترتب تشريعاتها على التوقف عن الدفع إفلاس المدين وغل يده ومنعه من التصرف في أمواله، كما هو الشأن في القانون المصري، اللهم إذا قبل البنك الإستمرار في تقديم الإعتماد لقائدة التفليسة ممثلة بالسنديك.[73]

أما بالنسبة للتشريعات التي لا ترتب على التوقف عن الدفع سوى التسوية القضائية كما هو الشأن بالنسبة للتشريعين المغرب والفرنسي، فإنه لا يحق للبنك إنهاء الإعتماد المحدد المدة، وهذا ما صار عليه الإجتهاد القضائي الفرنسي، فقد قررت محكمة النقض الفرنسية في هذا الإطار أن المادة 37 من القانون الفرنسي لسنة 25 يناير 1985 المعدلة بالمادة 13_622 من م ت الفرنسية، تعطي الحق خلال فترة الملاحظة للمتصرف القضائي في أن يطلب الإستمرار في تقديم الإعتمادات المتعاقد بشأنها قبل التوقف عن الدفع وحملت بذلك المسؤولية للبنك عن الضرر الذي قد يلحق المقاولة الموجودة في حالة التسوية القضائية من جراء إيقاف تقديم الإعتماد قبل إنتهاء مدته[74]، وعللت المحكمة قرارها بكون المادة 60 من القانون البنكي الفرنسي لسنة 1984 – التي تعد المصدر الرئيسي لكل من المادة 525 من م ت م، والمادة 63 من القانون البنكي المغربي[75] – لا مجال لتطبيقها في حالة افتتاح مسطرة التسوية القضائية لأنه لا يمكن في هذه الحالة اعتبار المقاولة في وضعية مالية غير قابلة للتقويم بالمرة مادام أنه خلال فترة الملاحظة يتم تشخيصها ومعرفة هل هناك إمكانية لإستمرارها أم لا، وأن مجرد التوقف عن الدفع لا يكفي وحده لإعتبار وضعية المقاولة التي يعنيها الأمر مختلة بشكل لا رجعة فيه.

خاتمة:

تأسيسا على كل ما سبق، يتضح لنا أن المشرع المغربي ورغبة منه في إنقاذ المقاولة وإستمرار نشاطها والحفاظ على مناصب الشغل بها، قد أسس لقواعد ذات خصوصيات جديدة، جعلت من مدونة التجارة – وما لحقها من تعديلات كان آخرها تعديل قانون 73.17-حدثا قانونيا إيجابيا في المسيرة التشريعية المغربية، هذه التعديلات اهتمت بالأساس بمحاولة تقرير نصوص قانونية تفرض استمرارية شبكة الإتفاقات التي تربطها بالمقاولة، وإعطاء السنديك المكنة والسلطة في تحديد مآلها، وإن كان المشرع قد تدارك الموقف – كما قلنا سابقا- بإستثنائه عقود الشغل من نطاق تطبيق هذه القاعدة، وجعلها تستمد قوتها بنص القانون (الفقرة الرابعة من المادة 588 من القانون73.17) لا من رغبة السنديك في مواصلتها.

ومع ذلك يمكن القول أن المبتغى التشريعي من متابعة نشاط المقاولة بمواصلة العقود جارية التنفيذ، ترك عدة ثغرات، حتى أن القضاء المغربي يجهل موقفه في عدة نقط قانونية دقيقة تحسم بشكل قاطع في عدة جزئيات العقود الجارية، مع أنها تعد القلب النابض للمقاولة.

وقد تمثلت بعض هذه الثغرات التي تتقدم وضعية العقود الجارية في ما يلي:

  • نص المادة 588 وإن استثنى عقود الشغل من نطاق تطبيقه أعطى لنا مجالا فضفاضا للعقود الجارية الأخرى رغم طبيعتها المختلفة، حيث لم تميز المادة بين أشكال العقود، فورية أو مستمرة، تقوم على اعتبارات شخصية أم لا، خاصة وأن شبكة العلاقات التعاقدية تفرض أحيانا مراعاة شخص المتعاقد ومدى حسن نيته في تنفيذ العقد وكذلك مدى قدرته على تنفيذ التزاماته خلال الأجل المتفق عليه.
  • لم يوضح المشرع ولا حتى القضاء والفقه المغربي هل يقصد عند تطبيق العقود الجارية أن تكون جارية الوجود فقط، أم يجب أن تكون جارية التنفيذ.
  • تقرير تمويل المقاولة وتحديد مآل العقود أناطه المشرع بالسنديك، إذ جعل المشرع من خيار السنديك، قرار مصيري لإنعاش المقاولة والعقود المرتبطة بها، والإشكال أن هذا الإختيار جاء غامضا من حيث خاصيته وطبيعته وشكله ومستلزماته، بالإضافة إلى تجاهل مسؤولية صاحب الإختيار سواء المدنية أو الجنائية لما لذلك من أثر واضح على مصير العقود والمقاولة بعد فتح مسطرة التسوية.
  • بالنسبة للعقود الجديدة التي تبرمها المقاولة بعد صدور حكم فتح مسطرة التسوية القضائية، وإن كان لا تأثير عليها ما دام أن أصحابها قد قبلوا المساهمة في إنقاذ المقاولة وعيا منهم بالضمانات التي تقدمها لهم مقتضيات المادة 590 من القانون الجديد، بمعنى استيفاء ديونهم في تاريخ استحقاقها وبالأولوية على سائر الديون الأخرى، غير أن الإشكال بخصوص هذه المادة أنها جاءت ذات صبغة عامة مما أدى إلى فقدان حق الأفضلية دعامته الإئتمانية بالنظر إلى المزاحمة التي تعترضه من قبل دائنين نشأت ديونهم بعد الحكم بفتح المسطرة ذلك أن المشرع لم يعتمد ترتيب معين للفئة المستفيدة من هذه المادة مما سيؤدى  إلى نشوب نزاعات لا محالة…

ومجمل القول، نأمل أن يتدخل المشرع المغربي، في قادم التعديلات، لسد كل هذه  الثغرات وغيرها وأن يعيد النظر بخصوص  المقتضيات المنظمة لبعض العقود الأخرى – على غرار عقود الشغل – حتى تتلائم مع روح نص المادة 588 من م ت بالشكل الذي يعين القضاء على حل المشاكل القانونية المثارة، و يجسد فعالية نظام صعوبات المقاولة الذي يروم إلى استقرار المعاملات التجارية  بشكل عام  وضمان استمرار ” كيان المقاولة ” على وجه خاص.


لائحة المراجع:

أولا: لائحة المراجع باللغة العربية

1- المراجع العامة والخاصة

– أحمد شكري السباعي: “الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها”، الجزء الثاني، مساطر المعالجة والتسوية القضائية – الطبعة الثانية 1427هـ/ يونيو 2007، مطبعة المعرفة الجديدة، الرباط.

– امحمد لفروجي: “صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها الطبعة الأولى فبراير 2000، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.

– سعيد الروبيو: مساطر صعوبات المقاولة مسطرة الإنقاذ، مسطرة التسوية، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، جامعة محمد الأول بوجدة السنة الجامعية 2018-2019.

– محمد أخياط: أحكام صعوبات المقاولة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2015/2016.

– ج. ريبير – ر. روبلو: المطول في القانون التجاري، الجزء الثاني، ترجمة علي مقلد، مؤسسة مجد الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية (دون ذكر المطبعة)، 1432هـ / 2011م.

– د.محمد العروصي: مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية دراسة مقارنة، تقديم: الدكتور امحمد لفروجي الطبعة الأولى 2017، مطبعة دار السلام الرباط.

– علال فالي: التعليق على قانون مساطر صعوبات المقاولة على ضوء 20 سنة من القضاء التجاري 1998-2018-، الطبعة الاولى نونبر 2018.

– مصطفى بونجة،الكراء التجاري بين ظهير1955 والقانون رقم49.16 منشورات المركز المغربي للتحكيم ومنازعات الأعمال، مطبعة ليتوغراف،الطبعة الأولى2016.

– امحمد لفروجي: العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء 1998.

– مصطفى كمال طه: القانون التجاري- الأوراق التجارية- الإفلاس، الدار الجامعية، 1988.

– ج.اوسكارا- رو: مبادئ القانون التجاري طبعة 6، باريس 1936.

– جمال الدين عوض: عمليات البنوك من الوجهة القانونية، دار النهضة العربية القاهرة مصر 1981.

– محمد الشرقاني: محاضرات في قانون الشغل (مشروع 2000) الجزء الأول، .طباعة سجلماسة السنة 2001-2000.

– علي البارودي: العقود وعمليات البنوك التجارية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1986.

– [1] – عبد الرحيم شميعة، شرح أحكام نظام مساطر معالجة صعوبات المقاولة في ضوء القانون 73.17،  مطبعة مكتبة سجلماسة، طبعة 2018 ص.210.

 2- الرسائل والأطاريح:

– بوشتى الزياني، مصير عقود العمل وأجور العمال في قانون صعوبات المقاولة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص, وحدة التكوين والبحث الضمانات التشريعية في القانون المغربي، كلية العلوم القانونية والإجتماعية والإقتصادية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2008-2009.

– اليوسفي كمال- مآل العقود الجارية في إطار صعوبات المقاولة – رسالة لنيل ديبلوم الماستر في القانون الخاص، وحدة قوانين التجارة والأعمال، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية جامعة محمد الأول بوجدة، السنة الجامعية 2009-2010.

3– المقالات والمجلات:

– محمد منعزل: أثر التسوية القضائية على إنهاء عقود العمل، مقارنة بين القانون الفرنسي والقانون المغربي، مجلة المنتدى العدد2002.3 .

محمد البعدوي، حقوق المأجورين بالمقاولة المشغلة الخاضعة لمسطرة المعالجة في قانون مدونة التجارة, المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 2003,5.

امحمد لفروجي: مصير العقود الجارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، عدد6، شتنبر 2004.

– عمر أزوكار، فسخ الكراء التجاري ومساطر معالجة صعوبات المقاولة، مجلة المحاكم عدد 85 نونبر.

– محمد العروصي، مصير العقود ذات الطابع الشخصي في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية 2005 عدد 6.

 – محمد الفاسي الفهري: الحساب الجاري والنتائج القانونية المتولدة عنه، الندوة الأولى للعمل القضائي والبنكي، المنعقدة في الرباط بتاريخ 3 دجنبر 1987 .

– عبد الرحيم المؤذن: عقد الحساب البنكي على ضوء مدونة التجارة، أشغال اليوم الدراسي المنظم من قبل شعبة القانون الخاص بتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة والصناعة التقليدية، يوم 24 ماي 1997 بجامعة محمد الخامس بالرباط.

 – محمد لفروجي في معرض حديثه عن مصير عقد الحساب البنكي، مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات م.س.

 – المختار بكور: العقود الجارية الجديدة في مدونة التجارة، أشغال اليوم الدراسي الذي نظمه المركز المغربي للدراسات القانونية بالرباط في 5 يوليوز 1996.

– عمر أزوكار: استمرار العقود الجارية في مساطر معالجة الصعوبات، جريدة الأحداث المغربية 29 شتنبر 200 عدد 619 .

مقال قد يهمك :   زهير بونعايمية: البعد الحمائي في قانون حماية المستهلك بين افتراض الهشاشة و ضرورة إثباتها

  – عمر أزوكار: الآجال في مساطر معالجة صعوبات المقاولة، جريدة الأحداث المغربية, العدد الصادر بتاريخ 18 غشت 2000.

المراجع باللغة بالفرنسية:

[1] – Yves Guyon : Droit des affaires, tome2. Entreprises en difficultés redressement judiciaire -Faillite, 6ème éd . Economica Delta sans date. p 226n°1206

المواقع الالكترونية:

www.droitentreprise.org


الهوامش :

[1] – قانون الإلتزامات والعقود، ج.ر رقم46(9 رمضان 1331)الموافق لتاريخ 12 شتنبر 1913,ص78,ينص الفصل 230 منه على ما يلي: “الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها, ولا يجوز إلغائها إلا برضاهما مع أو في الحالات المنصوص عليها في القانون”.

[2] – تعود جذور نظام الإفلاس في الأصل الى القانون الروماني وقوانين الجمهورية الإيطالية في العصر الوسيط, وكان يتسم بالعلاقة المباشرة بين الدائن والمدين, تشبه علاقة السجان بالمسجون لأنه كان يعرف بقساوته على شخص المدين الذي كان مصيره بين يدي دائنه، يجلد, يصلب، يستبعد وقد يصفى جسديا. خالد أبو الهدى: تأملات في واقع فتح مسطرة صعوبات المقاولة خلال مفهوم التوقف عن الدفع, مجلة المحاكم، عدد 116,شتنبر 2008,ص97.

[3] – القانون رقم 95.15 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.96.83 الصادر في 15 ربيع الأول 1417 الموافق لفاتح غشت1996,منشورات ج. ر، عدد 1418 المؤرخ في 3 أكتوبر 1997 ص 2187,كما تم تعديل بعض مقتضياته  خاصة فيما يهم الكتاب الخامس بمقتضى القانون رقم 81.14 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم1.14.146 بتاريخ 25 شوال 1435 (22 أغسطس 2014), ج.س عدد 6291 بتاريخ 15 سبتمبر 2014, ص:6882.

[4] – ظهير شريف رقم118.26 الصادر في 19 أبريل 2018 بتنفيذ القانون 73.17 بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون 95.15 المتعلق بمدونة التجارة، فيما يخص مساطر معالجة صعوبات المقاولة، ج.ر عدد 6667 بتاريخ 23 أبريل 2018,ص:2345.

[5] – مقال منشور بالموقع الإلكتروني لمجلة قانون الأعمال:

 www.droitentreprise.org (دون ذكر الكاتب)، تاريخ الزيارة: 15/02/2019.

[6] – أحمد شكري السباعي: “الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها”، الجزء الثاني، مساطر المعالجة والتسوية القضائية – الطبعة الثانية 1427هـ/ يونيو 2007، مطبعة المعرفة الجديدة، الرباط ص: 313.

[7] – امحمد لفروجي: “صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها الطبعة الأولى فبراير 2000، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.

[8] – أستاذنا سعيد الروبيو: مساطر صعوبات المقاولة مسطرة الإنقاذ، مسطرة التسوية – محاضرات ألقيت على طلبة السداسي الخامس، بمسلك القانون الخاص باللغة العربية، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية, جامعة محمد الأول بوجدة السنة الجامعية 2018-2019، ص: 121.

[9] – محمد أخياط: أحكام صعوبات المقاولة، محاضرات ألقيت على طلبة السداسي الخامس، بمسلك القانون الخامس باللغة العربية كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2015/2016 ص: 82.

[10] – ج. ريبير – ر. روبلو: المطول في القانون التجاري، الجزء الثاني، ترجمة علي مقلد، مؤسسة مجد الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية (دون ذكر المطبعة)، 1432هـ / 2011م، ص: 1447 و1450.

[11] – أورده د.محمد العروصي في كتابه – مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية دراسة مقارنة، تقديم: الدكتور امحمد لفروجي الطبعة الأولى 2017، مطبعة دار السلام الرباط، ص: 32.

[12] – أورده عمر أزوكار: استمرار العقود الجارية في مساطر معالجة الصعوبات، جريدة الأحداث المغربية 29 شتنبر 200 ع 619 ص: 8.

[13] – وحكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 408/2002 المؤرخ في 14 أكتوبر 2002 ورقم الملف بالمحكمة التجارية 287 في 10 أكتوبر 2002 منشور في مجلة م ق أ م2004 ع4 ص:145 وما بعدها، أورده محمد العروصي، م س ص:34

[14] – قرار محكمة الإستئناف بفاس رقم4.لسنة 2000 بتاريخ 2فبراير 2000 ملف رقم6-99-21.قرار رقم 99-14 بتاريخ 13 شتنبر 1999 ملف رقم 8-99-6 بمحكمة الإستئناف بفاس, وأيضا القرار رقم3-99 بتاريخ 14 ماي 1999 ملف رقم 2-99 بالمحكمة التجارية أكادير، أورده محمد العروصي،م س ص:34

[15] – د.محمد العروصي، م.س، ص: 34.

[16] – المادة 573 من القانون القديم تتضمن نفس مقتضيات المادة 588 المعمول بها حاليا , باستثناء مقتضى جديد أتت به المادة الأخيرة وهو ما جاء في الفقرة الرابعة “تستثنى عقود الشغل من تطبيق مقتضيات الفقرات السابقة”.

[17] – والعقود التي يستمر فيها المدين متجاهلا صلاحيات السنديك تبقى مشوبة بالبطلان – ج ريبير – روبلو، م. ص: 1447.

[18] – أحمد شكري السباعي: الطبعة الأولى 2000 الجزء الثاني مرجع سابق، ص: 321.

[19] – وذلك حماية للمتعاقد مع المقاولة من تعسف وتقاعس السنديك في استعمال حق الخيار لمواصلة أو عدم مواصلة العقد الجاري، الأمر الذي قد يضر بمصالح هذا المتعاقد.

[20] – جاء في الفقرة الأولى من المادة 588 من م.ت: “.. ويفسح العقد بقوة القانون بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جوانب لمدة تفوق شهرا…”.

[21] – بحيث يمكن للمتعاقد مع المقاولة أن يطلب فسخ العقد وأداء الديون المستحقة له في حالة عدم وفاء المقاولة بالتزاماتها الناشئة بعد حكم فتح المسطرة كما أن الديون المتخلدة بذمة المقاولة خلال هذه المرحلة تكون مشمولة بالأسبقية التي تتمتع بها الديون الناشئة بعد حكم فتح المسطرة.

[22] – جاء في الفقرة الأخيرة من المادة 720 من القانون 73.17 ما يلي: “فيما يخص المتعاقد المشار إليه في المادة 588 ينتهي أجل التصريح، 15 يوما بعد تاريخ الحصول على التخلي عن مواصلة العقد، إذا كان هذا التاريخ لاحقا لتاريخ الأجل المنصوص عليه في الفقرة الأولى”.

[23] – كدعوى استرداد المنقول، حيث جاء في أمر القاضي المنتدب رقم 114/2003 في ملف التسوية القضائية رقم 33/2003 المفتوح أمام المحكمة التجارية بأكادير: “إن استمرار المدعي في استخلاص مستحقاته الناتجة عن عقود الإئتمان الإيجاري بعد الحكم بفتح المسطرة يجعل هذه العقود من العقود الجارية، وبالتالي فإن استرداد المنقولات لا يمكن أن يقبل عن طريق دعوى الإسترداد مما يتعين معه التصريح برفض الطلب”.

[24] – امحمد لفروجي: “صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها”، مرجع سابق، ص: 317.

[25] – أحمد شكري السباعي: الطبعة الأولى 2000 الجزء الثاني، مرجع سابق، ص: 321.

[26] – بوشتى الزياني، مصير عقود العمل وأجور العمال في قانون صعوبات المقاولة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص, وحدة التكوين والبحث الضمانات التشريعية في القانون المغربية كلية العلوم القانونية والإجتماعية والإقتصادية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2008-2009,ص63

[27] – محمد منعزل: أثر التسوية القضائية على إنهاء عقود العمل، مقارنة بين القانون الفرنسي والقانون المغربي، مجلة المنتدى العدد2002.3 ص153.

[28] – محمد البعدوي، حقوق المأجورين بالمقاولة المشغلة الخاضعة لمسطرة المعالجة في قانون مدونة التجارة, المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 2003,5,ص:133.

[29] – امحمد لفروجي: مصير العقود الجارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، عدد6، شتنبر 2004، ص:15

[30] – حيث جاء في الفقرة ما يلي:”…تستثنى عقود الشغل من تطبيق مقتضيات الفقرات السابقة”.

[31] – عبد الرحيم شميعة، شرح أحكام نظام مساطر معالجة صعوبات المقاولة في ضوء القانون 73.17،مكتبة سجلماسة.طبعة 2018 ص.210.

[32] – حيث كانت الفقرة الأخير من المادة 555 من مدونة التجارة السابقة تنص على ما يلي: “..يمنع الأمر القاضي بالوقف المؤقت للإجراءات، تحت طائلة البطلان، السداد الكامل أو الجزئي لأي دين سابق لهذا الأمر، أو الأداء للضامنين الذين يوفون بالديون المؤسسة سابقا وكذا القيام بتصرف خارج عن التسيير العادي للمقاولة، أو منح رهن رسمي أو رهن ما لم يصدر ترخيص من رئيس المحكمة. ولا يطبق هذا المنع على الديون الناجمة عن عقد العمل” وهو نفس ما جاء في المادة 555 من القانون 73.17

[33] – أستاذنا سعيد الروبيو، مرجع سابق ص126.

[34] – جاء في الفقرة الأخيرة من المادة 624 من القانون73.17 ما يلي: “…إذا كانت القرارات المصاحبة للاستمرارية المذكورة أعلاه ستؤدي إلى فسخ عقود الشغل، فإن هذا الفسخ يعتبر واقعا لأسباب إقتصادية بالرغم من كل مقتضى قانوني مخالف.

غير أن هذا الفسخ لا يصبح ساري المفعول إلا بعد توجيه إشعار بذلك, من قبل السنديك إلى كل من المندوب الإقليمي للشغل و عامل العمالة أو الإقليم المعني, ويحتفظ الأجراء المفصولون بكل الحقوق المخولة لهم قانونا”.

[35] – ونقصد هنا عقد كراء المحلات المعدة لإستغلال نشاط المقاولة المفتوحة ضدها مسطرة المعالجة

[36] – د.محمد لعروصي، م س, ص:117.

[37] – عمر أزوكار، فسخ الكراء التجاري ومساطر معالجة صعوبات المقاولة، مجلة المحاكم عدد 85 نونبر,ص:100.

[38] – يراد بالعقود ذات الطابع الشخصي تلك العقود المحتوية على بعض العناصر والتي على ضوئها يقع التعاقد كالوفاء والثقة، مزيدا من التوضيح يراجع محمد العروصي، مصير العقود ذات الطابع الشخصي في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية 2005 ع6، من ص71 إلى ص93

[39] – راجع أجل التصريح بالديون المادة 720 من القانون الجديد.

[40] – وموقف السنديك الصريح لهذا الاختيار يعود حسب الأستاذ أحمد شكري السباعي إلى كون الإبقاء على العقود في طور التنفيذ جارية سيف ذو حدين, فتنفيذ هذه العقود_ كلها أو بعضها_ قد ينفع المقاولة ويساهم في تنمية أصولها وإنقاذها، أو قد يضر بالمقاولة أو يرهقها ويزيد من خصومها، راجع مؤلفه: الوسيط في مساطر الوقاية,ج2,م س,ص:321

[41] – عمر أزوكار: الآجال في مساطر معالجة صعوبات المقاولة، جريدة الأحداث المغربية, العدد الصادر بتاريخ 18 غشت 2000.

[42] – Yves Guyon : Droit des affaires, tome2. Entreprises en difficultés redressement judiciaire -Faillite, 6ème éd . Economica Delta sans date. p 226n°1206

[43] – هذا في الوقت الذي تضمن التعديل الفرنسي للمادة 622 مكرر14 من مدونة التجارة عبارة إعلام المكري بعدم مواصلة العقد وإن كان لم يحدد شكل إخباره أو إعلامه.

[44] – أستاذنا سعيد الروبيو, م س ص 127.

[45] – قرار محكمة النقض، عدد1049، بتاريخ 24-07-2009, منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى, عدد72.

[46] – قرار محكمة النقض رقم 1049/2 بتاريخ 2009/06/24 في الملف التجاري رقم:1616/3/2/2007، منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى ع 2010,72، ص138 .

– أورده ذ.علال فالي في مؤلفه-التعليق على قانون مساطر صعوبات المقاولة على ضوء 20 سنة من القضاء التجاري 1998-2018-,الطبعة الاولى نونبر 2018,ص91.

[47] – ظهير 02 شوال 1374(24 ماي 1955) بشأن عقود كراء الأملاك والأماكن المستعملة للتجارة أو الصناعة أو الحرف، الملغى بمقتضى قانون 49.16.

[48] – ظهير شريف رقم 99.16.1 صادر في 13 من شوال 1437(18 يوليو 2016) بتنفيذ القانون رقم 49.16 المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للإستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي، جريدة رسمية عدد 6490 بتاريخ 20/8/2016 ص5857

[49] – حيث تنص المادة 21 من القانون 49.16 على أنه ” إذا وقع نزع ملكية عقار يستغل فيه أصل تجاري لأجل المنفعة العامة، تطبق مقتضيات القانون رقم7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالإحتلال المؤقت”.

[50] – وذلك وفقا للمادة 694 من م ت التي جاء فيها: ” لا يتمتع المكري بامتياز إلا بالنسبة لوجيبة الكراء المستحقة عن السنتين السابقتين مباشرة عن تاريخ صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة.

وإذا تم فسخ العقد، يستفيد المكري بامتياز إضافي عن ثمن كراء السنة التي يتم خلالها الفسخ

أما إذا لم يتم فسخ عقد الكراء، فلا يمكن للمكري أن يطالب بالوجيبة التي لم تستحق بعد، ما عدا إذا تم إلغاء الامتياز الذي أعطي له عند إبرام عقد الكراء”.

[51] – امحمد لفروجي, م س,ص:16 .

[52] – تنص  المادة 589 من القانون  73.17 على أنه : “في حالة تفويت حق الكراء, لا يمكن الإعتداد بأي شرط يفرض على المفوت التزامات تضامنية مع المفوت إليه تجاه السنديك”.

[53] – عرفه المشرع المغربي في المادة 493 من م ت بقوله “عقد بمقتضاه يتفق البنك مع زبونه على تقييد ديونهما المتبادلة في كشف وحيد على شكل أبواب دائنة ومدينة، والتي بدمجها يمكن في كل حين استخراج رصيد مؤقت لفائدة أحد الأطراف”

انظر بتفصيل : امحمد لفروجي: العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي، الطبعة الأولى, مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء 1998، ص 79.انظر كذلك محمد الفاسي الفهري: الحساب الجاري والنتائج القانونية المتولدة عنه، الندوة الأولى للعمل القضائي والبنكي، المنعقدة في الرباط بتاريخ 3 دجنبر 1987 ص:15

[54] – وهو عبارة عن حساب يستقبل الأموال التي يودعها العملاء ويضعونها رهن إشارة البنك إلى غاية الأجل المتفق عليه أثناء فتح الحساب،وانطلاقا من هذا التعريف،إن الحساب لأجل يفتح من أجل توظيف الزبون أمواله عن طريق إيداعها لدى مؤسسة بنكية ويتجلى هذا التوظيف من خلال التزام الزبون المعني بالأمر بترك أمواله النقدية تحت تصرف البنك طيلة فترة زمنية محددة في العقد في مقابل تقاضي الزبون الفوائد التي تنتجها هذه الأموال وحسب السعر المتفق عليه.

[55] – عبد الرحيم المؤذن: عقد الحساب البنكي على ضوء مدونة التجارة، أشغال اليوم الدراسي المنظم من قبل شعبة القانون الخاص بتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة والصناعة التقليدية، يوم 24 ماي 1997 بجامعة محمد الخامس بالرباط، ص255.

[56] – تنص الفقرة الأخيرة من هذه المادة على ما يلي: “يقفل الحساب أيضا بالوفاة أو انعدام الأهلية أو التسوية أو التصفية القضائية للزبون” وكلمة التسوية المراد بها ليس التسوية الودية بل التسوية القضائية”.

[57] – جاء في نص المادة 586 ما يلي: ” تتابع المقاولة نشاطها بعد صدور الحكم بفتح مسطرة التسوية القضائية، لا يترتب عن صدور الحكم سقوط الأجل”.

[58] – مع العلم أنه لا يوجد أي مقتضى قانوني من هذا القبيل فيما يتعلق بالتصفية القضائية.

[59] – د.محمد العروصي، م.س ص:105.

[60] – اليوسفي كمال- مآل العقود الجارية في إطار صعوبات المقاولة – رسالة لنيل ديبلوم الماستر في القانون الخاص، وحدة قوانين التجارة والأعمال، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بوجدة، السنة الجامعية 2009-2010، ص:31.

[61] – وهو توجه ذ. محمد لفروجي في معرض حديثه عن مصير عقد الحساب البنكي، مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات م.س، ص:18.

[62] – ذ.محمد العروصي م.س، ص 106.

[63] – أستاذنا سعيد الروبيو,م.س ص128.

[64] – ذلك أن الحل الذي يقترحه السنديك في التقرير، الواجب عليه عرضه على أنظار القاضي المنتدب داخل الأجل المحدد في الفقرة الثالتة من المادة 595 من م ت وفق التعديل الجديد، لا يمكن أن يخرج عن الحدود المرسومة  بموجب أحكام الفقرة الأولى من هذه المادة التي تنص في هذا الإطار على أنه: “يجب على السنديك أ يبين في تقرير تفصيلي يعده, الموازنة المالية والإقتصادية والإجتماعية للمقاولة، وذلك بمشاركة رئيس المقاولة والمساعدة المحتملة لخبير أو عدة خبراء…” انظر ذ.محمد الفروجي م.س ص18.

[65] – المختار بكور: العقود الجارية الجديدة في مدونة التجارة، أشغال اليوم الدراسي الذي نظمه المركز المغربي للدراسات القانونية بالرباط في 5 يوليوز 1996.

[66] – العقود المبرمة على الإعتبار الشخصي هي التي تنعقد بمراعاة شخص المتعاقد وصفاته الخاصة, ويقتضي تنفيذها تدخل المفلس شخصيا بحيث لا تستطيع جماعة الدائنين الحلول محله، بصدد ذلك انظر مصطفى كمال طه: القانون التجاري- الأوراق التجارية- الإفلاس، الدار الجامعية، 1988 ص:518.

[67] – ج.اوسكارا- رو: مبادئ القانون التجاري طبعة 6، باريس 1936، ص:656، أورده محمد العروصي في كتابه: مصير العقود الجارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية، م س، ص:100.

[68] – محمد لفروجي: العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء 1998، ص:370، انظر كذلك، علي جمال الدين عوض: عمليات البنوك من الوجهة القانونية، دار النهضة العربية القاهرة مصر 1981، ص:458.

[69] – محمد لفروجي: صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها، م س، ص:312.

[70] – محمد الشرقاني: محاضرات في قانون الشغل (مشروع 2000) الجزء الأول، .طباعة سجلماسة السنة 2001-2000،ص:160.

[71] – محمد لفروجي: مصير العقود الجارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية، م.س، ص:18.

[72] – تنص الفقرة الأخيرة من م 525 على ما يلي: “يؤدي عدم احترام هذه المقتضيات من طرف المؤسسة البنكية إلى تحميلها المسؤولية المالية “

[73] – راجع بهذا الخصوص: علي البارودي, العقود وعمليات البنوك التجارية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1986، ص:372.

[74] – أورده امحمد لفروجي: صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها، م س، ص:314

[75] – تنص المادة 63 من ق ب  م: “لا يجب على مؤسسة الإئتمان ان تتقيد بأي إشعار سابق سواء كان فتح الإعتماد لمدة محددة أو غير محددة، إذا تبين أن وضعية المستفيد غير قابلة للإصلاح بالمرة، سيما بسبب تراكم ديونه غير المؤداة أو تدهور محسوس لمركزه المالي أو انقطاع عن مزاولة  أعماله لمدة طويلة من غير أمل في استئنافها داخل أجل معقول، إذا ارتكب المستفيد خطأ جسيما في حق مؤسسة الإئتمان”.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)