Marouane IGAADI:  ENJEUX DE L’APPLICATION DU DROIT D’INGÉRENCE HUMANITAIRE

 الشيخ سيداتي أحمدو  أحمد مولود: جريمة توزيع أرباح وهمية في شركات المساهمة من خلال القانون الموريتاني

الأثر القانوني لقاعدة التطهير الناتجة عن التحفيظ العقاري على الخلف الخاص

1 يوليو 2021 - 10:09 م مقالات , القانون الخاص , في الواجهة , مقالات
  • حجم الخط A+A-

الأستاذ عبدالوهاب عافلاني أستاذ باحث في العلوم القانونية

( منشور بمجلة وليلي للدراسات القانونية و القضائية س 2021 ع 6)

يحتل العقار أهمية قصوى لتحقيق التنمية الاقتصادية كأساس لتطوير المشاريع في جميع المجالات من جهة و لتحقيق السلم الاجتماعي كأرضية صلبة لاستقرار المعاملات من جهة أخرى. و هذه الأهمية تتطلب إطارا قانونيا متماسكا لمنح الحماية القانونية للملكية العقارية.

و لأجل هذه الغاية تم استحداث نظام التحفيظ العقاري من ضمن القوانين التي سنها المشرع لوضع ترسانة قانونية حديثة مع بداية عهد الحماية سنة 1912 و ذلك بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ في 9 رمضان 1331 الموافق 12 غشت 1913  [1].

هذا و تجدر الإشارة إلى أن نظام الشهر العقاري ينقسم إلى نوعين:

–  نظام شخصي: يقوم على أساس شخص مالك العقار أو أشخاص الحقوق العينية المرتبطة به و هو المتبع في القانون الفرنسي و كذا القانون المصري.

– نظام عيني: يقوم على أساس العقار. و يستمد هذا النظام جذوره من النظام الأسترالي المعروف بنظام تورنس ACT TORRES الذي أخذ اسم مؤسسه SIR Robert TORRES     و الذي تبناه البرلمان الأسترالي سنة 1858   و هو المتبع في المغرب و بعض الدول الافريقية التي كانت تحت الحماية أو الاستعمار الفرنسي. [2]

و حدد الفصل الأول من ظهير 12 غشت 1913 الهدف من التحفيظ العقاري و المقصود منه فنص على أنه:

( يرمي التحفيظ إلى جعل العقار المحفظ خاضعا للنظام المقرر في هذا القانون من غير أن يكون في الإمكان إخراجه منه فيما بعد ويقصد منه:

– تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطهير يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم، وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به؛

– تقييد كل التصرفات والوقائع الرامية إلى تأسيس أو نقل أو تغيير أو إقرار أو إسقاط الحقوق العينية أو التحملات المتعلقة بالملك، في الرسم العقاري المؤسس له. ) [3]

و يمكن تعريف التحفيظ العقاري بكونه هو ما يجعل العقار خاضعا لظهير 12 غشت 1913 بتأسيس رسم ملكية يحدد هوية العقار تقنيا و قانونيا و يتمخض عن مسطرة إدارية قد تتخللها مسطرة قضائية.

و يتميز التحفيظ عن التقييد من حيث المسطرة و الآثار. فإذا كان للتحفيظ حجية مطلقة فإن للتقييد حجية نسبية فقط بالنسبة للغير ذي النية الحسنة طبقا للفصل 66 من ظهير 12 غشت 1913 كما استقرت على ذلك محكمة النقض في عدة قرارات منها القرار عدد 170 الصادر عن غرفتين بتاريخ 20/03/2013 ملف عدد 2820/1/1/2012 جاء فيه:

( إن ثبوت التزوير في عقد وقع تقييده بالرسم العقاري لا يمكن أن يكون سببا لإبطال التقييدات اللاحقة مادام أن الأصل في تقييد التصرفات و الحقوق في الرسوم العقارية هو قرينة حسن نية على صحتها لفائدة الغير ا لم يثبت خلاف ذلك.) [4]

على أنه المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية جاءت باستثناء على الاستثناء الوارد في الفصل 66 من قانون التحفيظ العقاري إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس أو تزوير أو استعماله شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب ابطاله أو تغييره أو التشطيب عليه.

و نص المشرع المغربي على الحجية المطلقة بوضوح في الباب الثالث من قانون التحفيظ العقاري المتعلق بآثار التحفيظ في الفصول 62-63-64 و حددها في ثلاثة قواعد وهي:

– قاعدة التطهير و اكتساب الرسم العقاري الصفة النهائية و عدم القابلية للطعن.

– قاعدة عدم سريان التقادم على الرسم العقاري.

– قاعدة عدم إمكانية إقامة دعوى بسبب حق وقع الاضرار به جراء التحفيظ و إمكانية إقامة دعوى شخصية بأداء تعويضات في حالة التدليس.

لكن وقع جدل فقهي و انقسام قضائي حول قاعدة التطهير و هل تعتبر مطلقة تسري على الجميع بما فيهم الخلف الخاص الذي سبق للمستفيد من التحفيظ أن تعاقد معه بخصوص العقار المحفظ؟ أم تعتبر نسبية تسري على الغير فقط و يستثنى منها الخلف الخاص؟

إن الجواب على هذا السؤال أسال مداد العديد من فقهاء القانون العقاري و اختلفوا حوله بين مؤيد و مخالف، كما انقسمت حوله الأحكام القضائية سواء على مستوى محاكم الموضوع أو حتى على مستوى محاكم النقض، و سواء في بداية تطبيق قانون التحفيظ العقاري في عهد الحماية أو بعد الاستقلال. بل لازالت أقسام الغرفة المدنية بمحكمة النقض  لم تستقر على اجتهاد موحد بخصوص الجواب على هذا السؤال.

و لنحاول رصد جزئيات هذا الاشكال و قبل أن نتطرق للخلاف الفقهي و القضائي حوله       و نحدد الأساس القانوني لكل اتجاه، لابد أن نسرد الآثار القانونية للتحفيظ العقاري. مقسمين البحث إلى مبحثين اثنين.

المبحث الأول: آثار التحفيظ

كما سبق الذكر نظمت الفصول 62-63-64 من قانون التحفيظ العقاري آثار التحفيظ و حددتها في ثلاثة آثار سنخصص لكل واحد منها مطلب مستقل كالآتي:

المطلب الأول: اكتساب الرسم العقاري صفة نهائية غير قابلة للطعن و قاعدة التطهير

نص الفصل 62 من قانون التحفيظ العقاري على أنه: ( إن الرسم العقاري نهائي ولا يقبل الطعن، ويعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية والتحملات العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداها من الحقوق غير المقيدة.)

ينص هذا الفصل على قاعدتين قاعدة إيجابية و هي كون الرسم العقاري نهائي و غير قابل للطعن و يعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية و التحملات العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه و قاعدة سلبية و هي أن التحفيظ يطهر العقار من جميع الحقوق العينية و التحملات العقارية غير المقيدة به أو ما يسمى بقاعدة التطهير و سنتطرق للقاعدتين في فقرتين اثنتين على أن نخصص الفقرة الثالثة للاستثناءات المقررة بموجب نصوص خاصة.

الفقرة الأولى: نهائية الرسم العقاري و عدم قابليته للطعن

أولا: مبدأ نهائية الرسم العقاري

يعتبر الرسم العقاري شهادة ميلاد للعقار المحفظ و المحدد لهوية العقار من الناحيتين المادية و القانونية و المنطلق الوحيد للحقوق العينية و التكاليف العقارية المقيدة به و يصبح بالتالي نهائيا .

و ينص الفصل 30 من قانون التحفيظ العقاري على أنه: (خلال الثلاثة أشهر الموالية لانصرام أجل التعرض يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتحفيظ العقار بعد التحقق من إنجاز جميع الإجراءات المقررة في هذا القانون، ومن شرعية الطلب وكفاية الحجج المدلى بها، وعدم وقوع أي تعرض.)

و يعتبر قرار المحافظ بالتحفيظ قرارا نهائيا و غير معلل و غير قابل للطعن لأن رسم الملكية نهائي و غير قابل للطعن و هو ما أكدته محكمة النقض في عدة قرارات منها:

 القرار عدد 72 بتاريخ 21/4/1972 في الملف الإداري عدد 18271 و الذي جاء فيه:

( أن إقامة الرسم العقاري له صفة نهائية لا تقبل الطعن و يحسم كل نزاع يتعلق بالعقار و لا يمكن الاحتجاج بأي حق عيني سابق على التحفيظ لم يسجل على الرسم العقاري. و أن الشراء الذي أبرم قبل التحفيظ و لم يقع الادلاء به أثناء مسطرة التحفيظ لا يمكن الاحتجاج به فيما بعد ما لم يقر به البائع.)[5]

القرار عدد 2212 بتاريخ 01/04/1998 ملف عدد 11264/95 جاء فيه:

( لا يمكن قانونا  التشطيب على رسم عقاري و إعادة مسطرة التحفيظ لأن رسم الملك الناتج عن التحفيظ له صفة نهائية و لا يقبل الطعن و لا الإلغاء و لو في حالة التدليس طبقا لما هو منصوص عليه في الفصل 64 من قانون التحفيظ.)[6]

القرار عدد 1325 بتاريخ 20/12/2001 ملف إداري عدد 1293/2000 جاء فيه:

( دعوى الإلغاء باعتبارها دعوى عينية ترمي إلى مخاصمة قرار إداري بهدف مراقبة مشروعيته إذا كانت واردة بالنسبة لقرارات المحافظ  كسلطة إدارية فإن هناك استثناءات خاصة يشير إليها الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري و استثناء عام يشير إليه الفصل 62 بخصوص عدم قبول قرار التحفيظ الصادر عن المحافظ لأي طعن قضائي.)[7]

و بخلاف قرار التحفيظ فإن قرارات المحافظ السابقة لإنشاء الرسم العقاري يمكن الطعن فيها كما أكدت ذلك محكمة النقض في القرار عدد 736 بتاريخ 16/07/1998 ملف إداري عدد 44 و 1550/1998 جاء فيه:

(  إذا كان  قرار التحفيظ كما ينص عليه الفصلان 62 و 64 من ظهير 12 غشت 1913 قرارا نهائيا لا يقبل الطعن و أن المتضررين من عملية التحفيظ في إمكانهم الرجوع بتعويضات عن الاضرار التي لحقتهم من جراء التحفيظ  في حالة اثبات عنصر التدليس كما يمكن الرجوع على المحافظ إذا ثبت ارتكابه لخطا جسيم في عملية التحفيظ و الذي يعتبر بمثابة غش، فإنه بالمقابل يمكن الطعن في كل الإجراءات المتخذة من طرف المحافظ و السابقة على انشاء الرسم العقاري مادام من شأنها ان تؤثر على مركز الطاعنين.)[8]

كما يمكن الطعن في  قرار المحافظ برفض طلب التحفيظ الذي يكون معللا   و يقبل الطعن أمام المحاكم العادية طبقا للفصل 37 مكرر من قانون التحفيظ العقاري الذي تمت اضافته بمقتضى المادة الثالثة من القانون رقم 07-14 و الذي جاء فيه:

 ( يجب على المحافظ على الأملاك العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها طلبا للتحفيظ أن يعلل قراره ويبلغه لطالب التحفيظ.

يكون هذا القرار قابلا للطعن أمام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستيناف وتكون القرارات الاستئنافية قابلة للطعن بالنقض.)

 و كذلك قرار المحافظ بإلغاء مطلب التحفيظ المنصوص عليها في الفصلين 23 و 50 من قانون التحفيظ العقاري و الذي يكون قابلا للطعن أمام المحاكم الإداري كما استقرت على ذلك محكمة النقض في قرارها عدد 667/8 بتاريخ 19/12/2017 ملف مدني عدد 1977/1/8/2016   جاء فيه: ( و حيث إن جميع القرارات الصادرة عن المحافظ على الأملاك العقارية و الرهون في مادة التحفيظ العقاري باعتباره موظفا عموميا تعتبر قرارات إدارية يطعن فيها أمام المحكمة الإدارية إلا ما استثني منها بنص في القانون. و حيث إن ظهير التحفيظ العقاري ميز بين حالات رفض مطلب التحفيظ و أسند الاختصاص بشأنه للمحكمة الابتدائية العادية بموجب الفصل  37 مكرر و بين حالات الغاء المطلب المنصوص عليها في الفصلين 23 و 50 و التي لم يشر فيها إلى الجهة المختصة للبت في الطعون المتعلقة بها ، الأمر الذي يبقى معه الاختصاص منعقدا للقضاء الإداري .)[9]

و هذه الصفة النهائية لا تقتصر على حق الملكية بل تشمل جميع الحقوق العينية و التحملات العقارية المقيدة به. و هو ما أكدته محكمة النقض في القرار عدد 3619 بتاريخ 06/09/2011 في الملف المدني عدد 4172/1/3/2010 جاء فيه:

( عملا بمقتضيات الفصل 63 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري فإن الرسم العقاري يكشف نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية و التكاليف العقارية الكائنة على العقار وقت تحفيظه دون ماعداها من الحقوق غير المسجلة. و بالتالي لا يصح وجود حق ارتفاق بالمرور في عقار محفظ إلا إذا كان مسجلا في رسمه العقاري.)[10]

على أن محكمة النقض لطفت من هذا المبدأ بخصوص الحقوق العينية و خاصة حق ارتفاق المرور إذا كان موضوع الدعوى هو طريق قديمة و إذا كان العقار لا يملك ممرا غير الممر الموجود بالعقار المحفظ فجاء في قرار عدد 4124 بتاريخ 04/10/2011 ملف مدني عدد 3901/1/6/2010 ( إذا كان موضوع الدعوى هو فتح طريق كان المطلوب يمر منها إلى أرضه منذ 20 سنة حسب اللفيف العدلي المدلى به و الخبرة المأمور بها استئنافيا أفادت بأن أرض المطلوب ليس لها ممرا آخر غير الممر موضوع النزاع بلا يتعلق النزاع بإحداث حق ارتفاق طبقا للفصول 142-143-144 من ظهير 02 يونيو 1915.)[11]

و كذا القرار عدد 2455 بتاريخ 21/09/2005 ملف مدني عدد 147/1/3/2004 جاء فيه: ( إذا كان حق ارتفاق المرور العائد لأرض محاطة بأرض أخرى يعتبر من الالتزامات التي يكلف بها القانون الملكين بعضهم تجاه بعض بصرف النظر عن كل اتفاقية فإنه تعفى من الاشهار في الرسم العقاري الارتفاقات الناشئة عن الالتزامات التي يفرضها القانون.  و بالتالي فالمحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه التي ثبت لها من أوراق الملف أن عقار المطلوب محاصر بعقار الطالب تكون على صواب عندما ألزت الطالب بترك الطريق في ملكه لمرور المطلوب على عقاره رغم عدم تنصيص رسمه العقاري على ذلك.)[12]

و يطرح السؤال حول تحديد مدى شمول الصفة النهائية للرسم العقاري على ملكية الأرض وحدها أم ما فوقها من بناء و أغراس في الحالة التي تكون غير مضمنة بالرسم العقاري؟

و يرى جوشا gouchat الذي كان محافظا على الأملاك العقارية بمكناس أن الصفة النهائية للرسم العقارية تقتصر على الأرض وحدها دون الأبنية و الاغراس القائمة فوقها التي يمكن أن تكون مدار ادعاء من الغير بعد صدور قرار التحفيظ.[13]

في حين يرى الدكتور مأمون الكزبري أنه مادام رسم التملك قد تضمن تحفيظ العقار في اسم طالب التحفيظ دون ذكر أن الأبنية و الأغراس لشخص آخر فهذا لا يمكن ان يعني إلا أن ملكية الأبنية و الأغراس كملكية الرض القائمة عليها ثابتة بصورة نهائية لطالب التحفيظ  كما ذهبت إلى ذلك محكمة الاستئناف بالرباط في قرارها بتاريخ 19/10/1943 منشور بمجلة المحاكم في المغرب لسنة 1943 صفحة 174.[14]

و نعتقد أن الرأي الثاني و بخلاف الأول ينسجم ما قرره القانون المغربي في المادة 15 من مدونة الحقوق العينية الذي نصت على أن: ( ملكية الأرض تشمل ما فوقها و ما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها إلا إذا نص القانون أو الاتفاق على ما يخالف ذلك.) و كذا المادة 235 من نفس القانون التي نصت صراحة على أن: ( كل البناءات والأغراس والمنشآت الموجودة فوق الأرض أو داخلها تعد محدثة من طرف مالكها وعلى نفقته وتعتبر ملكا له ما لم تقم بينة على خلاف ذلك.) و نصت المادة 237 من نفس القانون على احكام خاصة بمن قام بإحداث أغراس أو بناءات أو منشآت تختلف حسب سوء او حسنة محدثها دون ان تقرر لأي منهما الحق في تملكها.

على أن هذه الصفة النهائية للرسم العقاري لا تثبت إلا للرسم الذي تم تأسيسه بصفة أصلية     و لا تتعداه إلى الرسم المستخرج عن طريق التجزئة من رسم أصلي كما أوضحت ذلك محكمة النقض في قرارها عدد 285 بتاريخ 22/01/2002 ملف عدد 590/1/1/2001   جاء فيه: ( إن الرسم العقاري المستخرج عن طريق التجزئة لا يتمتع بالحصانة المنصوص عليها في الفصلين 2-62 من ظهير 12 غشت 2013 المتعلق بالتحفيظ العقاري اللذين يضفيان الصفة النهائية و القطعية على رسم التمليك بل يكون قابلا للتغيير و خاضعا لمقتضيات الفصلين 69-91 من نفس الظهير كسائر التقييدات اللاحقة لإنشاء الرسم العقاري.)[15]

كما أنه و في حالة تأسيس رسم عقاري على عقار سبق تحفيظه لا يكسبه صفة نهائية بل يعتبر مجرد خطا مادي يخول للمحافظ إصلاحه كما ذهبت إلى ذلك محكمة النقض في قرارها عدد 1205 بتاريخ 16/03/2010 ملف مدني عدد 2214/1/1/2009 جاء فيه:

( إن مجرد إقامة رسم عقاري يتعلق بعقار سبق تحفيظه بمقتضى رسم عقاري لا يعدو أن يكون مجرد خطأ مادي من المحافظة العقارية مما يخول للمحافظ إصلاح هذا الخطأ تلقائيا عملا بأحكام الفصل 29 من القرار الوزيري المؤرخ في 03/06/1915.)[16]

هذا و تجدر الإشارة إلى أن بعض الفقهاء انتقدوا بشدة الصفة النهائية للرسم العقاري لأنه مناف لحق التقاضي المضمون بمقتضى المادة الثامنة من الإعلان العالمي لحقوق الانسان التي تنص على أن ( أن لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من كل أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون.)

 و هي القاعدة التي أقرتها المملكة المغربية وفاء بالتزاماتها الدولية في المادة 118 من دستور 111 التي تنص على أن :

( حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه و مصالحه التي يحميها القانون.

كل قرار اتخذ في المجال الإداري سواء كان تنظيميا أو فرديا يمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة.)

و ذهب الأستاذ محمد النجاري إلى أن قرارات المحافظ بالتحفيظ تبقى قابلة للطعن القضائي و لو لم ينص على ذلك صراحة مادام أنه لا يجوز تحصين أي عمل إداري من الرقابة القضائية.

– محمد النجاري : الطعن في قرارات المحافظ على الأملاك العقارية بين اختصاص المحاكم الإدارية و العادية م م إ م ت عدد 32 سنة 2000 صفحة 85.

ثانيا: الاستثناءات القانونية لمبدأ نهائية الرسم العقاري

1– الأملاك العامة:

ينظمها الظهير الشريف الصادر في 7 شعبان 1332 الموافق فاتح يوليوز 1914 و حدد المشرع الأملاك العامة في الفقرة الأخيرة من الفصل الأول بأنها (على العموم كل الأراضي و الأعمال التي لا يمكن للأفراد أن يمتلكوها لأنها مشاعة.) و لأنها مخصصة للمنفعة العامة فقد خصها المشرع بحماية خاصة في الفصل الرابع من الظهير و الذي جاء فيه
أنه ( لا يقبل التفويت بالأملاك العمومية و لا تسقط حقوق الملكية فيها بمرور الزمن )

و يترتب عن ذلك أن الأملاك العامة لا تتأثر بالتحفيظ كما دأب على ذلك الاجتهاد القضائي منذ بداية تطبيق الظهير الشريف أعلاه فصدرت عدة قرارات في هذا الاتجاه منها:

– قرار محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 11/07/1923 نشرة قرارات محكمة الاستئناف بالرباط لعام 1923 صفحة 187

– قرار محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 05/04/1941 نشرة قرارات محكمة الاستئناف بالرباط لعام 1941 صفحة 157

– قرار محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 24/11/1942  نشرة قرارات محكمة الاستئناف بالرباط لعام 1943 صفحة 2917[17]

2 – المياه العامة:

المياه العامة تدخل في إطار الأملاك العامة و تأخذ حكمها و لا يجوز التصرف فيها و لا اكتسابها بالتقادم و لا يؤثر على طبيعتها التحفيظ حيث نصت المادة الأولى من الظهير الشريف عدد 154-95-1 الصادر بتاريخ 18 ربيع الأول 1416 الموافق 16 غشت 1995 بتنفيذ القانون عدد 95. 10 المتعلق بالماء على أن :  ( الماء ملك عام، ولا يمكن أن يكون موضوع تملك خاص مع مراعاة مقتضيات الباب الثاني بعده.)

و نصت المادة السادسة استثناء على أنه:

(يحـتفظ بحقوق الملكيـة أو الانتفاع أو الاستعمال التي اكتسبت بصفة قانونية على الملك العام المائي قبل صدور الظهير الشريف الصادر في 7 شعبان 1332 (فاتح يوليوز 1914) في شأن الملك العام والظهير الشريف الصادر في 11 محـرم 1344 (فاتح غشت 1925) في شأن نظام المياه كما وقع تغييرهما وتتميمهما أو قبل تاريخ استرجاعها من طرف المملكة بالنسبة للمناطق التي لا يطبق فيها هذان النصان.

إن الملاكين أو الحائزين الذين لم يودعوا بعد، في تاريخ صدور هذا القانون، لدى الإدارة مطالب تستند إلى وجود هذه الحقوق يتوفرون على أجل خمس سنوات للمطالبة بها.

وعند انقضاء هذا الأجل، لا يمكن لأي كان أن يدعي أي حق على الملك العام المائي.)

3 – الأملاك الحبسية:

كما كانت تقضي بذلك المادة 18 من ظهير 13/01/1918 المتعلق بالأحباس نصت المادة 54 من الظهير شريف رقم 1.09.236 صادر في 8 ربيع الأول 1431 (23 فبراير 2010) المتعلق بمدونة الأوقاف على: ( إن الرسوم العقارية المؤسسة لفائدة الغير لا تمنع المحكمة من النظر في كل دعوى ترمي إلى إثبات صفة الوقف لعقار محفظ، شريطة أن ترفع الدعوى في مواجهة جميع ذوي الحقوق المقيدين.

 وإذا ثبت أن العقار المذكور موقوف ، بناء على الحكم القضائي الصادر بذلك والحائز لقوة الشيء المقضي به، فإن المحافظ يشطب على كل تسجيل سابق، ويقيد العقار بالرسم العقاري المتعلق به في اسم الوقف المعني.)

مقال قد يهمك :   محمد الأعرج : القياس كمنهج في التأويل عند القاضي الدستوري

و هو أكدته محكمة النقض و اعتبرت ان ثبوت الحبس يبطل التحفيظ في قرارها عدد 688 بتاريخ 20/02/2008 ملف عدد 2662/1/3/2006 جاء فيه: ( و للجهة المحبسة ” وزارة الأوقاف ” أن ترفع الدعوى بشأن الحبس و لو كان في طور التحفيظ بل حتى و لو حصل تحفيظه لأن ثبوت حبسه يبطل تحفيظه.)[18]

و قد كانت المادة 54 أعلاه تنص على هذا الاستثناء بخصوص الوقف العام فقط لكن تم تعديلها بمقتضى المادة الأولى الظهير الشريف رقم  46-19-1 بتاريخ 23 جمادى الآخرة 1440 الموافق فاتح مارس 2019 بتغيير و تتميم مدونة الأوقاف و استعمل المشرع عبارة الوقف و حذف لفظ العام  مساويا بذلك بين الوقف العام و الخاص.[19]

4- الأملاك المنجمية:

تعتبر المقالع و المعادن التي توجد فوق سطح الأرض او باطنها ملكا للدولة طبقا للظهير الشريف المؤرخ في 09 رجب 1370 الموافق 16 أبريل 1951 حيث نص الفصل الخامس منه على أنه: ( تكون المناجم تابعة للأملاك المخزنية وتثبت حقوق الأحباس في بعض مناجم الملح.) كما نص الفصل السادس على أنه:  ( يحتفظ للدولة وحدها بالبحث على الفوسفاط واستغلاله.) و استثناء نص الفصل السابع على أنه  يمكن الإذن لبعض المصالح أو المؤسسات العمومية في تقديم طلب للحصول على رخص البحث والاستغلال وعلى امتيازات في المناجم.

و تخضع رخص البحث و الاستغلال للتحفيظ بمنح رسم منجمي يمن طرف المحافظ استنادا للرخصة دون سلوك مسطرة التحفيظ. و لا يترتب عليه مبدأ التطهير و لا اكتساب الرسم للصفة النهائية.

حيث نصت الفقرة الأولى من الفصل 33 من الظهير الشريف على أنه : ( يبلغ رئيس مصلحة المعادن للمحافظ على الأملاك العقارية نظيرا من الرخصة ويسلم له نظير من نسخة الخريطة الجغرافية المضاف إلى الطلب ثم يضع المحافظ المذكور رسما لاستغلال المعادن يكون حاملا اسم صحاب الرخصة وعلى نفقته.)

و نص الفصل 53 من نفس الظهير على أنه: ( تنسخ رخصة الاستغلال رخصة البحث المتأصلة منها. ويوجه رئيس مصلحة المناجم إلى المحافظ على الأملاك العقارية نسخة من القرار المؤسسة بموجبه رخصة الاستغلال فيضمن هذا القرار بالخصوص في الرسم المتعلق بالرخصة الأصلية للبحث الذي تصبح حينذاك آخذة شكل رخصة الاستغلال.)

و نص الفصل 83 من نفس الظهير الشريف على أنه: ( يوجه رئيس مصلحة المناجم للمحافظ على الأملاك العقارية نظيرا من الظهير الشريف المؤسس بمقتضاه الامتياز ونظيرين من تصميم الامتياز فيقوم عندئذ المحافظ المذكور بتحرير رسم الامتياز وعلى نفقته ويحل هذا الرسم محل الرخصة وتنتقل الحقوق العينية المتعلقة بالرخصة إلى الامتياز مع ما كان لها من المفعول ويقوم المحافظ بإبطال الرسم الخاص بالمعادن الذي كان قد سلمه عن الرخصة.)

5- الأملاك الجماعية:

ذهب بعض الفقه إلى أن الأملاك الجماعية لا تخضع لقاعدة التطهير استنادا لمقتضيات المادة الرابعة من ظهير 26 أبريل 1919 التي تنص على ان الأراضي الجماعية غير قابلة للتقادم و لا التفويت و الحجز. حيث يرى الدكتور محمد خيري أنه إذا تم تحفيظ عقار و تبين بعد ذلك بأن الامر يتعلق بأرض جماعية فإن الضرورة تقتضي تغيير اسم الملك بواسطة تقييد جديد دون الحاجة إلى الغاء الرسم العقاري و ذلك بناء على حكم نهائي في الموضوع.[20]

لكننا نستغرب لهذا الاتجاه و لا نجد أي اجتهاد قضائي يعضده و نرى أنه في الأراضي الجماعية يجب أن نفرق بين حالتين:

أ – مطالب التحفيظ المقدمة بعد التحديد الإداري:

التحديد الإداري طبقا لمقتضيات الظهير الشريف المؤرخ في 18 فبراير 1924 المتعلق بتأسيسي ضابط خصوصي يتعلق بتحديد الأراضي المشتركة بين القبائل تباشره لجنة طبقا للفصل الثاني من الظهير الشريف و يصدر طبقا للفصل الثالث منه قرار وزيري في تعيين تاريخ افتتاح أعمال التحديد و تتم عملية الإعلان طبقا للفصل الرابع من الظهير و نشر الإيداع في الجريدة الرسمية طبقا للفصل الخامس و بعد المصادقة على التحديد الإداري بقرار وزيري ينشر في الجريدة الرسمية طبقا للفصل الثامن من الظهير الشريف يترتب عليه نفس آثار التحفيظ .

و قبل المصادقة المذكورة أعلاه يجب طبقا للفصل الخامس من الظهير الشريف لمن له الحق أن يقدم تعرضه إلى اللجنة المختصة داخل أجل ستة أشهر من تاريخ النشر و لا يكون لهذا الاعتراض أي مفعول  طبقا للفصل السادس إلا إذا أودع المعترض مطلبا مصرحا فيه برغبته في تقييد العقار في المحافظة العقارية داخل أجل ثلاثة أشهر الموالية لانقضاء الاجل المضروب لتقديم الاعتراضات.

و بخلاف مسطرة التحفيظ المنصوص عليها في قانون التحفيظ العقاري فإن المتعرض على عملية التحديد رغ تقديمه لمطلب التحفيظ يعتبر مدعيا ملزما بالاثبات. و هو ما أكدته محكمة النقض في عدة قرارات منها القرار عدد 3164 بتاريخ 17/09/2008 ملف مدني عدد 1336/1/1/2007 جاء فيه: الإدارة التي تبادر إلى إجراء مسطرة التحديد الإداري في إطار ظهير 18/2/1924 يجعلا في وضعية طالب التحفيظ و تأخذ بالتالي مركز المدعى عليه و أن طالب التحفيظ لعقار ينصب في وعاء التحديد الإداري يتحول إلى متعرض و يلزم باثبات تعرضه.[21]

ب – مطالب التحفيظ المقدمة قبل التحديد الإداري:

إن عدم سلوك مسطرة التحديد الإداري بشأن الأراضي الجماعية لا ينزع عنها هذه الصفة و لا يترتب عنها عدم سماع دعوى الجماعة السلالية و هذا ما أكدته محكمة النقض في عدة قرارات منه القرار عدد 165 بتاريخ 20/03/1968 ملف عدد 734/4/1/2010 جاء فيه: ( ليس من مقتضيات ظهير 18/2/1924 بشأن اثبات الصفة للأراضي الجماعية ما يفيد عدم سلوك الجماعة السلالية لمسطرة التحديد الإداري يترتب عنه عدم سماع دعواها .[22]

لكن تقديم طالب التحفيظ لمطلبه قبل مباشرة عملية التحديد يجعل الجماعة السلالية متعرضة يقع عليها عبء الاثبات كما استقرت على ذلك محكمة النقض في عدة قرارات منها:

– القرار عدد 1129 بتاريخ 15/03/2011 ملف مدني عدد 4590/1/1/2009 [23]

– القرار عدد 2500 بتاريخ 24/05/2011 ملف مدني عدد 391/1/1/2010 [24]

على  أن الصفة الجماعية للأراضي هي الأصل كما استقرت على ذلك محكمة النقض في قرارها عدد 75 بتاريخ 31/03/1988 ملف إداري 409/86 [25]

كما أن الصفة الجماعية للأراضي تثبت بجميع وسائل الاثبات بما فيها الشهود و القرائن الدالة عليها.

الفقرة الثانية: قاعدة التطهير

يترتب عن التحفيظ تطبيقا للفصل الأول و الفصل 62 من ظهير التحفيظ العقاري بعد إجراء مسطرة التطهير يترتب عنها تأسيس رسم عقاري و بطلان ماعداه من الرسوم و تطهير الملك من جميع الحقوق غير المضمنة به.

و تطبيق قاعدة التطهير هو محور إشكالية البحث هل تطبق بصفة مطلقة على الجميع أم يستثنى منها الخلف الخاص لطالب التحفيظ؟

لكن الاشكال لا يثار إلا إذا كان الالتزام سابق لعملية التحفيظ او أثناء سريان مسطرة التحفيظ، أما إذا صدر عن المستفيد من التحفيظ اعتراف بالالتزام السابق بعد تأسيس الرسم العقاري فإنه يعتبر بمثابة اعتراف جديد قابل للتقييد على الرسم العقاري. دون أن يكون مبدأ التطهير حائلا دون ذلك لأن هذا المبدأ إنما يتناول الحقوق السابقة على التحفيظ لا اللاحقة له.[26]

و هو ما أكده محكمة النقض في قرارها الصادر في الملف الإداري عدد 271/18 بتاريخ 21/04/1972 جاء فيه أن ( الشراء الذي أبرم قبل التحفيظ و لم يقع الادلاء به أثناء مسطرة التحفيظ لا يمكن الاحتجاج به فيما بعد ما لم يقر به البائع.)[27]

في حين ذهب الأستاذ أحمد عاصم في تعليقه على قرار لمحكمة الاستئناف بمراكش عدد 2188 بتاريخ 23/05/1992 إلى قاعدة التطهير قاعدة آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها و أن المشرع منع إقامة الدعوى و القبول التلقائي معا ما داما يرميان إلى إحياء حق أماتته مسطرة التحفيظ.[28]

لكن إذا كان الفصل يرتب على التحفيظ بطلان ماعداه من الرسوم و تطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به فإن إقرار البائع المستفيد من التحفيظ يعتبر التزاما جديدا يلزمه استنادا إلى مقتضيات الفصل 230 من قانون الالتزامات و العقود الذي رسخ قاعدة العقد شريعة المتعاقدين و نص على أن ( الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها)

و كذلك الأمر إذا تم البيع بعد التحفيظ و أشير في العقد إلى رقم مطلب التحفيظ بدل رقم الرسم العقاري فإنه يعتبر مجرد خلط لا يطبق بشأنه مبدأ التطهير. و هو ما أكدته محكمة النقض في القرار عدد 476 بتاريخ 20/10/1999 ملف عدد 4626/1/1/1995 جاء فيه:

( إذا وقع بيع عقار بعد تحفيظه و أشير في عقد البيع إلى رقم المطلب بدل رقم الرسم العقاري الذي أصبح العقار المبيع يحمله بعد تحفيظه فإن ذلك يعد مجرد خلط لا يعفي البائعة من وجوب تنفيذ التزامها بتسليم المبيع و نقل ملكيته على المشتري و ذلك بالعمل على تصحيح عقد البيع بتضمينه رقم الرسم العقاري للعقار المبيع.)[29]

المطلب الثاني: عدم سريان التقادم على الرسم العقاري

نص الفصل 63 من قانون التحفيظ العقاري على ما يلي: (إن التقادم لا يكسب أي حق عيني على العقار المحفظ في مواجهة المالك المقيد، ولا يسقط أي حق من الحقوق العينية المقيدة بالرسم العقاري.)

و التقادم نوعان:

– تقادم مكسب: و هو سبب من أسباب التملك يؤدي إلى اكتساب الملكية و الحقوق العينية الأخرى بحيازتها مدة من الزمن.

– تقادم مسقط: و هو سبب من أسباب السقوط يؤدي إلى فقدان الحقوق بالسكوت عنها و عدم المطالبة بها مدة من الزمن.

و بمجرد ما يحفظ العقار يكتسب مناعة مطلقة تجعله يستعصي عن التقادم بنوعيه المكسب   و المسقط. و لا تقتصر هذه المناعة على حق الملكية بل تمتد إلى جميع الحقوق العينية   و التكاليف العقارية.

المطلب الثالث: عدم إمكانية إقامة دعوى بسبب حق وقع الاضرار به جراء التحفيظ و إمكانية إقامة دعوى شخصية بأداء تعويضات في حالة التدليس

نص الفصل 64 من قانون التحفيظ العقاري على أنه: ( لا يمكن إقامة أي دعوى في العقار بسبب حق وقع الإضرار به من جراء تحفيظ.

يمكن للمتضررين في حالة التدليس فقط أن يقيموا على مرتكب التدليس دعوى شخصية بأداء تعويضات.

في حالة إعسار المدلس تؤدى التعويضات من صندوق التأمينات المحدث بمقتضى الفصل 100 من هذا القانون.)

يعتبر هذا الأثر نتيجة منطقية و حتمية لقاعدة التطهير و مبدأ نهائية الرسم العقاري. باعتبار الرسم العقاري المنطلق الوحيد للحقوق العينية و التكاليف العقارية المقيدة به دون سواها من الحقوق غير المقيدة به. فلا يمكن إقامة دعوى عينية في العقار بسبب حق وقع الإضرار به جراء التحفيظ.

و هذا التحديد للوضعية المادية و القانونية للعقار المحفظ يشكل ضمانة هامة للمتعاملين           و المهتمين بالعقار حتى يجروا تعاملاتهم و هم متأكدين من خلوه من أي تحمل مما يجعلهم في مأمن من النزاعات القضائية المحتملة بشأنه مما يشكل بحق أرضية صلبة لاستقرار المعاملات.

و لتلطيف قاعدة التطهير نص الفصل 64 في فقرته الثانية صراحة و في حالة ثبوت التدليس على إمكانية إقامة دعوى شخصية بأداء التعويض على مرتكب التدليس.

و ليستفيد المتضرر من التحفيظ من التعويض يلزمه إثبات أمرين اثنين:

– امتلاكه حقا وقع الإضرار به جراء التحفيظ.

– ارتكاب المستفيد من التحفيظ للتدليس لتحفيظ عقاره.

الفقرة الأولى: مفهوم التدليس

و التدليس هنا يؤخذ بمفهومه الواسع و لا يشترط لتحققه قيام المستفيد من التحفيظ بوسائل احتيالية بل يكفي اثبات سوء نيته و مجرد قيام مالك عقار بتحفيظه في اسمه رغم أنه قام ببيعه كله او جزء منه يعتبر مرتكبا للتدليس كما ذهبت إلى ذلك محكمة الاستئناف بالرباط في قرارها  الصادر بتاريخ 24 نونبر 1944 [30]

لكن يؤخذ بمعناه الواسع لكن يجب ثبوته، و في حالة الخلف الخاص يجب عليه إثبات واقعة التفويت. كما ذهبت على ذلك محكمة الاستئناف بالرباط في قرارها عدد 2676 بتاريخ 25 يناير 1945 جاء فيه ( إن التدليس الذي يبرر إقامة دعوى تعويض الضرر المنصوص عليه في الفصل 64 من القانون العقاري يجب أن يفهم بمعناه الواسع لكن يجب ثبوته رغم ذلك، بواسطة وقائع دقيقة و جدية و متعلقة بصميم الموضوع.)[31]

و اعتبر المجلس الأعلى في قراره عدد 746 بتاريخ 21/10/1978 في الملف عدد 66838 أن مجرد تحفيظ العقار باسم البائع يعد تدليسا ضد المشتري موجب للتعويض.[32]

كما اعتبرت المجلس الأعلى في قراره عدد 616 بتاريخ 13/02/2008 في الملف عدد 2208/2006 أن التدليس يتحقق بمجرد حصول الضرر للمتضرر جراء عدم تحفيظ العقار في اسمه على الرغم من استحقاقه له بمقتضى قرار استئنافي نهائي.[33]

الفقرة الثالثة: تقدم دعوى التعويض عن التدليس

يطرح السؤال بخصوص تقادم دعوى التعويض عن التدليس هل يخضع للفصل 106 من ق ل ع الذي ينص على أن (دعوى التعويض من جراء جريمة أو شبه جريمة تتقادم بمضي خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق المتضرر الضرر ومن هو المسؤول عنه.)  أم للفصل 387 من نفس القانون الذي ينص على (كل الدعاوى الناشئة عن الالتزام تتقادم بخمس عشرة سنة، فيما عدا الاستثناءات الواردة فيما بعد، والاستثناءات التي يقضي بها القانون في حالات خاصة.) ؟ و هل تقوم على أساس الجرم او شبه الجرم  ( المسؤولية التقصيرية) أم على أساس الالتزام (المسؤولية العقدية)

اعتبرت محكمة النقض أن دعوى التعويض عن التدليس تقام في إطار المسؤولية التقصيرية على أساس الجرم و شبه الجرم و تخضع بالتالي للتقادم الخمسي المنصوص عليه في الفصل 106 من قانون الالتزامات و العقود.  و هو ما أكده المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا)  في القرار عدد 178 بتاريخ 27/03/1968 جاء فيه:

( دعوى التعويض بناء على الفصل 64 من القانون العقاري تفترض تدليسا و بالتالي تتقادم طبقا لمقتضيات الفصل 106 من قانون الالتزامات و العقود.) [34]

و يطرح السؤال بخصوص تاريخ احتساب أمد التقادم فقد كانت محكمة النقض تذهب إلى أن التاريخ المعتمد لاحتساب أمد التقادم هو تاريخ العلم الخاص الفعلي بالضرر و المسؤول عنه و ليس تاريخ الاشهار كما أكدت ذلك  في القرار عدد 746 بتاريخ 21/10/1978 ملف عدد 66838 الذي جاء فيه:

( تحفيظ العقار باسم البائع بعد بيعه يعد تدليسا ضد المشتري موجب للتعويض. و دعوى التعويض هذه هي دعوى شخصية تدخل في باب الالتزامات الناشئة عن الجرائم و أشباه الجرائم و لهذا تتقادم وفق مقتضيات الفصل 106 من ق ل ع و ليس 387 منه. و يبتدأ أمد تقادم دعوى التعويض عن هذا التدليس من تاريخ العلم الخاص الفعلي بالضرر و بالمسؤول علنه عملا بالفصل 106 من ق ل ع و ليس من تاريخ الاشهار الذي يعتبر علما عاما.)[35]

لكن محكمة النقض تراجعت عن الاتجاه و أقرت أن تاريخ احتساب أمد التقادم هو تاريخ انشاء الرسم العقاري كما ورد في قرارها عدد 109 بتاريخ 21/07/2016 ملف مدني عدد 2574/1/9/2016 الذي جاء فيه: ( من المقرر قانونا أن الرسم العقاري يكشف نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق و بالتالي يحصل العلم بحصول التحفيظ مفترضا و على من يدعي العكس اثباته. و يبتدئ العلم بحصول واقعة التدليس أثناء مسطرة التحفيظ من تاريخ انشاء الرسم العقاري لما له من قوة اشهارية يفترض علم الكافة بما هو مسجل به ، و هذا هو التاريخ المعتمد لاحتساب التقادم الخمسي طبقا للفصل 106 من ق ل ع الذي يبتدئ من تاريخ العلم بالضرر و المسؤول عنه.)[36]

الفقرة الثالثة: تحديد المستفيدين من دعوى التعويض عن التدليس

يطرح السؤال بخصوص الاستفادة من دعوى التعويض عن التدليس هل تشمل جميع من تضرر جراء التحفيظ بما فيهم من كان طرفا في مسطرة التحفيظ أم تقتصر على من كان غائبا عن مسطرة التحفيظ فقط و لا تمتد إلى من كان حاضرا فيها؟

رغم أن نص الفصل 64 غير واضح بخصوص الإجابة عن هذا السؤال على أن محكمة النقض أصدرت اجتهادا حديثا حدد المستفيد من دعوى التعويض بسبب التدليس مقتصرا على من كان غائبا عن مسطر التحفيظ أما من كان طرفا فيها و صدر حكما ضده فإنه يواجه بحجية الشيء المقضي به للحكم. حيث جاء في قرار محكمة النقض عدد 05 بتاريخ 06/01/2015 الصادر في الملف المدني عدد 3441/1/1/2014 :

( إن دعوى التعويض في إطار الفصل 64 من ظهير التحفيظ العقاري مقررة لمن فاتته امكانية المطالبة بحقه عينا لجريان مسطرة التحفيظ في غيبته أما من كان طرفا في المسطرة المذكورة و انتهت بصدور حكم نهائي ضده لا يقر له بالحق المتنازع عليه لأن حجية الشيء المقضي به للحكم تحول دون إمكانية مناقشة ما قد يستظهر به من حجج أخرى لإثبات ذلك الحق لصالحه.)[37]

هذا و تجدر الإشارة إلى أن الفصل 64 من قانون التحفيظ العقاري كان يتضمن فقرة رابعة جاء فيها: ( و كل ذلك مع مراعاة تطبيق القواعد الخاصة بمسؤولية الدولة و موظفيها كما هو منصوص عليها في الفصول 79 إلى 81 من الظهير المتعلق بقانون الالتزامات و العقود.) و هذه الفقرة تم حذفها بمقتضى التعديل الأخير بموجب القانون رقم 07-14.

لكن اسقاط هذه الفقرة لا يعني بالضرورة عدم إمكانية اللجوء إلى مقاضاة الدولة في حالة ثبوت الأخطاء الإدارية و مقاضاة موظفيها في حالة ثبوت الأخطاء الشخصية لأن الحق في ممارسة الدعوى مكفول استنادا للفصلين 79 و 80 من قانون الالتزامات و العقود متى ثبتت موجباتها.

على أنه إذا كانت المادة 64 أعطت للمتضرر حق إقامة دعوى شخصية بالتعويض في حالة ثبوت التدليس فإنه لا يمنعه من سلوك دعوى استرداد ما دفع لسبب لم يتحقق و لسبب زال طبقا للفصل 70 من ق ل ع أو سلوك دعوى المسؤولية التقصيرية طبقا للفصلين 77-78 من نفس القانون كما استقر على ذلك المجلس الأعلى في قراره عدد 515 بتاريخ 14/02/2007 ملف عدد 581/05.[38]

لكن يبقى السؤال مطروحا بخصوص نوع الدعوى في العقار التي لا يمكن إقامتها للمطالبة بحق وقع الاضرار به جراء التحفيظ. هل يقصد بها الدعوى العينية أم الشخصية؟ و بخصوص الدعوى التي يقيمها الخلف الخاص على المستفيد من التحفيظ هل تعتبر دعوى شخصية لتنفيذ المستفيد من التحفيظ لالتزامه الشخصي أم دعوى عينية ترمي إلى تسجيل حق عيني على الرسم العقاري؟

إن الإجابة على هذه الأسئلة تشكل المحور الأساسي لإشكالية البحث و هو ما سنحاول رصده في المبحث الثاني.

المبحث الثاني: الاختلاف الفقهي و القضائي حول الأثر القانوني لقاعدة التطهير على الخلف الخاص

المقصود بالخلف الخاص Ayant-cause à titre particulier من تلقى من سلفه حقا معينا سواء كان هذا الحق عينيا كما في الحق الذي ينتقل إلى المشتري أو الموهوب له أو الموصى له أو كان حقا شخصيا كما في الحق الذي ينتقل من المحيل إلى المحال إليه.[39]

و قبل أن نستعرض بعض القرارات التي توضح انقسام الاجتهاد القضائي على مستوى محكمة النقض حول الأثر القانوني لقاعدة التطهير على الخلف الخاص لابد أن نستعرض آراء بعض الفقهاء و المهتمين بالعقار حول إشكالية البحث و ذلك في مطلبين:

المطلب الأول: الاختلاف الفقهي

اختلف الفقهاء و المهتمون بالقانون العقاري  حول الصفة المطلقة لقاعدة التطهير أي مدى تطبيق هذه القاعدة على الجميع بما فيهم الخلف الخاص بين مؤيد و معارض و ذلك في محاولة للتوفيق بين قاعدة استقرار المعاملات التي يضمنها العقار المحفظ و بين حماية حق الملكية الذي يضمنه القانون كما ينص على ذلك الفصل 35 من دستور 2011.

مقال قد يهمك :   عبد العزيز حضري: تــعديل نظام الطعن بالاستئناف-مدخل أساسي لإصلاح قانون المسطرة المدنية-

– الظهير الشريف رقم 91-11-1 الصادر بتاريخ 27 شعبان 1432 ( 29 يوليوز 2011) بتنفيذ نص الدستور المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011.

 و سنعرض لآراء الاتجاهين و نحدد مؤيدات كل اتجاه في فقرتين اثنتين:

الفقرة الأولى: الاتجاه المؤيد

نجد على راس هذا الاتجاه الأستاذ بول ديكرو PAUL DEDROUX و الذي رغم أنه لم يبد رأيه صراحة فإنه رأى أن محكمة النقض الفرنسية أجابت عن الانقسام الذي كان واقعا في الاجتهاد القضائي المغربي عبر عدة قرارات أضفت الصفة المطلقة على مبدأ التطهير Erga amnes المنصوص عليه في الفصلين 2-62 من ظهير التحفيظ العقاري و تسري على الخلف الخاص الذي لم يقم بالإيداع القانوني خلال سريان مسطرة التحفيظ طبقا للفصل 84 من الظهير الشريف[40] (و سنعود بالتفصيل للتضارب القضائي المغربي خلال فترة الحماية في المطلب الثاني)

و على هذا المنوال سار الدكتور مأمون الكزبري عندما اعتبر أن النص الوارد في الفصلين 2-62 من ظهير التحفيظ العقاري هو نص مطلق لا يتسع للتمييز بين الغير و بين الخلف الخاص لطالب التحفيظ. ثم إن المشرع قصد، إذ أقر مبدأ التطهير أن تكون لقيود السجل العقاري مناعة تامة. و أن  فسح المجال للخلف الخاص في أن يطعن بهذه القيود لسبب سابق على التحفيظ من شأنه أن يدخل خللا على هذه المناعة التي أرادها القانون مطلقة. و أن عملية التحفيظ ترافقها وسائل عديدة في الاشهار و العلانية. و اعتبر أن الخلف الخاص الذي يبقى ساكتا عن حقه رغم هذه الوسائل و لا يحرك ساكنا أقل ما يقال عنه أنه مهمل و أن عليه أن يتحمل وزر إهماله.[41]

كما سار على دربهما الدكتور أحمد بونبات و دعا إلى دعم و تأييد الصفة النهائية للرسم العقاري غير قابلة للرجوع مما يجعل لهذا الرسم الثبات و الاستقرار  و استنادا لمبدا التطهير الذي يعطي لرسم التمليك حجية قانونية قاطعة مهما كانت المضار  الناجمة عن تطبيقه عند حصول ضرر لمالك حق عيني ظهر أنه ضحية التحفيظ. و اعتبر أن العيب ليس في مبدأ التطهير و إنما هو في التطبيق المعيب لإجراءات التحفيظ و سوء النية و التدليس و قد تكون بمثابة أعمال معاقب عليها في القانون الجنائي و أيد مبدأ التطهير المانح لرسم التمليك تلك الصفة النهائية لأن هدم مبدأ التطهير سيعرض الملكية العقارية حتما لعدم الاستقرار.[42]

الفقرة الثانية: الاتجاه المخالف

انتقد أستاذنا الدكتور محمد خيري الصفة النهائية و القطعية لقرار المحافظ بمناسبة تأسيس الرسم العقاري خاصة في حالة ثبوت تدليس او تزوير أثناء عملية التحفيظ بحيث ينبغي وضع استثناءات لمبدا نهائية الرسم العقاري حتى لا يستفيد مستعمل التزوير أو التدليس من هذا المبدأ و إلا اعتبر ذلك بمثابة نزع للملكية و تعدي على حقوق الغير و خروج عن مبدا العدالة و الانصاف . و لا ينبغي أن يكون هذا المبدأ المقرر في الدستور المغربي و الذي يقضي بأن حق الملكية مضمون.[43]

كما اعتبر أستاذنا الدكتور محمد الكشبور أن جعل الأثر التطهيري لقرار التحفيظ لا يسري على الخلف الخاص لطالب التحفيظ يعد أكثر عدالة. و أن التطبيق الحرفي لمقتضيات الفصلين    1-62 من قانون التحفيظ العقاري من شأنه أن يفرز كثيرا من الظلم نظرا للأسباب التاريخية التي كانت وراء سنها حيث ارتبطت بسياسة الاستيطان بالمغرب و تسهيل الاستحواذ على أراضي الفلاحين البسطاء عن طريق مسطرة غير مفهومة لديهم لغة و مضمونا و قضاء.[44]

و سيرا في نفس الاتجاه انتقد بشدة الدكتور محمد ابن الحاج السلمي مقتضيات الفصلين        1- 62 من قانون التحفيظ العقاري و اعتبرها ظالمة و أن الهدف الأساسي من ورائها هو زرع المستعمر و إقرار السياسة الاستيطانية بالمغرب إبانها و اقترح ضرورة إعادة النظر في هذه المقتضيات.

– الدكتور محمد بن الحاج السلمي: سياسة التحفيظ العقاري في المغرب بين الاشهار العقاري و التخطيط الاجتماعي و الاقتصادي. طبعة 2002 الصفحة 114

و اقترح الأستاذ محمد شنان لحماية المتصرف إليه الذي يكتسب حقا على عقار في طور التحفيظ بإبعاده لمقتضيات الفصلين 1-62 من قانون التحفيظ العقاري بالاعتماد على تفسر سليم للفصل 84 من القانون الذي ينص على أنه  (  إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع للإشهار أمكن لصاحبه، من أجل ترتيبه والتمسك به في مواجهة الغير، أن يودع بالمحافظة العقارية الوثائق اللازمة لذلك. ويقيد هذا الإيداع بسجل التعرضات.

يقيد الحق المذكور عند التحفيظ بالرسم العقاري في الرتبة التي عينت له إذا سمحت إجراءات المسطرة بذلك )

و أنه من خلال القراءة المتأنية لهذا النص يتضح جليا أن الجزاء الوحيد على عدم إيداع الوثائق المذكورة بالمحافظة هو فقدان رتبة التقييد و مواجهة الغير به.[45]

المطلب الثاني: الانقسام القضائي

و كما سبق الذكر فإن الجدل حول قاعدة التطهير المنصوص عليها في الفصلين 1-62 من قانون التحفيظ العقاري و هل تعتبر قاعدة مطلقة تطبق على الجميع بما فيهم الخلف الخاص أم قاعدة نسبية لا تطبق على الخلف الخاص للمستفيد من التحفيظ لم يكون فقهيا فقط بل إنه شكل أرضية خصبة للاجتهاد القضائي فتضاربت حولها الأحكام القضائية حتى على مستوى محكمة النقض ( المجلس الأعلى سابقا ) سواء في بداية تطبيق قانون التحفيظ العقاري في فترة الحماية أو حتى بعد الاستقلال لذلك سنلقي نظرة على الأحكام القضائية التي في فترة الحماية التي فرضت على المغرب سنة 1912 في مطلب أول قبل أن نتعرض لها بتفصيل بعد نيل المغرب لاستقلاله سنة 1956 و تأسيس المجلس الأعلى بمقتضى الظهير الشريف رقم 223-57-1 بتاريخ 02 ربيع الأول 1377 الموافق 27 شتنبر 1957 و تم تغيير تسميته بمحكمة النقض بمقتضى الظهير الشريف رقم 170-11-1 الصادر بتاريخ 27 ذي القعدة 1432 الموافق 25 أكتوبر 2011.

الفقرة الأولى: الانقسام القضائي في فترة الحماية

باطلاعنا على بعض قرارات محكمة الاستئناف بالرباط التي ذكرها بول ديكرو في مؤلفه القانون العقاري المغربي نجد ان القضاء المغربي في بدايته كان يميل إلى جعل قاعدة التطهير مقتصرة على الغير فقط و لا تمتد على الخلف الخاص.

حيث جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط صادر بتاريخ 27 يناير 1926 جاء فيه:

( إن التطهير لا يطبق على حق الملكية الذي كان قد تعاقد عليه صاحب العقار قبل التحفيظ و أن المشتري محق في المطالبة بملكية هذا العقار حتى بعد التحفيظ لأن أثر التحفيظ يتناول فقط الحقوق التي يدعيها الغير لا تربطهم أي رابطة بطالب التحفيظ و لكنه لا يتناول الحقوق التي يطالب بها الخلف الخاص لطالب التحفيظ.)

كما جاء في قرار آخر صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 15 مارس 1934 جاء فيه: ( أن رسم التمليك لئن كان يجعل ملكية صاحب الرسم نهائية لا تقبل الجدل فإن ذلك لا يحول دون تمكين خلفه الخاص من مطالبته بتنفيذ الالتزامات المتعلقة بالعقار المحفظ             و المستمدة من عقد سابق على التحفيظ شرط ألا تنال هذه الالتزامات من حقوق منحها صاحب الرسم للغير بعد التحفيظ و سجلت بصورة قانونية) [46]

على أن محكمة الاستئناف بالرباط عادت في قرارات أخرى و أعطت لقاعدت التطهير الصبغة المطلقة فجاء في قرار صادر عنها بتاريخ 02 مارس 1935  جاء فيه ( أن قرار التحفيظ نهائي و غير قابل للطعن و أن قاعدة التطهير تطبق على الجميع.)[47]

كما أكدت في قرارين صادرين بتاريخ 04 نونبر 1950 أن المشتري الذي لم يقم بايداع عقد شرائه أثناء سريان مسطرة التحفيظ يصبح عقده باطلا و لاغيا بالتحفيظ و غير قابل لأي تصديق أو إجازة.

فجاء في القرار عدد 4252 أن ( تأسيس الرسم العقاري يبطل جميع العقود التي لم يتم ايداعها من قبل بالمحافظة العقارية طبقا للفصل 84 من ظهير 12غشت 1913. و أن الالفاظ الصريحة للفصلين 6 و 62 من ظهير 12 غشت 1913 لا تقبل أية مخالفة لهذه القاعدة المطلقة. و عليه لا يجوز للمشتري الذي كانت له الصفة دون سواه للقيام بهذا الإيداع و لم يفعل إلا أن يطالب بناء  على الفصل 70 من قانون الالتزامات و العقود باسترداد ما سدده من الأصل و الصوائر اللازمة الخاصة بالعقود التي أصبحت قانونا عديمة الوجود و غير قابلة لأية إجازة او تصديق تطبيقا للفصلين  306-310 من قانون الالتزامات و العقود.)

و جاء في القرار عدد 4253 ( تأسيس الرسم العقاري يبطل جميع عقدي شراء لم يتم ايداعهما من قبل في المحافظة العقارية طبقا للفصل 84 من ظهير 12غشت 1913. و أن الالفاظ الصريحة للفصلين 6 و 62 من ظهير 12 غشت 1913 لا تقبل أية مخالفة لهذه القاعدة المطلقة لأي سبب كان. و لا يجوز الاستدلال بقبول أو اعتراف لاحقين و لا يمكن التمسك بهما لإحباط المقتضيات الإيجابية للقانون العقاري و لإعطاء قيمة جديدة لعقدي شراء اللذين أصبحا قانونا غير قابلين لأية إجازة أو تصديق تطبيقا للفصول 306-310-407-415 من قانون الالتزامات و العقود.)[48]

كما ذهبت محكمة الاستئناف بالرباط إلى أن قاعدة التطهير المنصوص عليها في الفصل 62 تطبق على الكل بما فيهم الخلف العام و ذلك في قرارها عدد 4197 بتاريخ 29 أبريل 1950 جاء فيه: ( إن عدم إمكان الطعن في الرسم العقاري الناتج عن الفصل 62 من ظهير التحفيظ العقاري يمنع تسجيل حقوق ناشئة عن حالة قانونية سابقة لمسطرة التحفيظ. و أن تطهير الملك من الحقوق العينية السابقة المنصوص عليها في الفصل 2 من الظهير يمتد إلى الكل نظرا حتى على القاصرين و فاقدي الاهلية الذين لم يتم الدفاع عن حقوقهم في الوقت المناسب و أن القضاة أول درجة كانوا على صواب عندما رفضوا طلب المستأنفين الذين يعتمدون على حقوقهم المزعومة في التركة للمطالبة بتسجيل تلك الحقوق في الرسم العقاري رغم نشوئها   و وجودها قبل تأسيس الرس[49]

و عادت محكمة الاستئناف بالرباط و استثنت الحالة إقرار المستفيد من التحفيظ برسم الشراء القديم و اعتبرته التزام جديد قابل للتسجيل بالرسم العقاري فجاء في قرارها الصادر بتاريخ 16 فبراير 1952 ( أنه في حالة إقرار المالك للرسم العقاري لمن تعاقد معه سابقا بملكية جزء او كل الرسم العقاري يعتبر بمثابة ميلاد التزام جديد لاحق لإجراءات التحفيظ و يمكن تسجيله بالرسم العقاري و لا يخضع لقاعدة التطهير.) [50]

متراجعة عن موقفها المشار إليه سابقا في القرارين عدد 4252 و4253 الصادرين بتاريخ 4 نونبر 1950 و اللذين ذهبت فيهما إلى عدم إمكانية الاجازة و التصديق على العقود المبرمة قبل التحفيظ لأنها تبطل بالتحفيظ استنادا للفصلين 306 و 310 من قانون الالتزامات و العقود.

الفصل 306: (الالتزام الباطل بقوة القانون لا يمكن أن ينتج أي أثر، إلا استرداد ما دفع   بغير حق تنفيذا له.)

الفصل 310: ( إجازة الالتزام الباطل بقوة القانون أو التصديق عليه لا يكون لهما أدنى أثر.)

و بعد هذا الخلاف تدخلت محكمة النقض الفرنسية في سبعة قرارات صادرة بتاريخ 27 أبريل 13 يونيو 10 دجنبر 21 دجنبر سنة  1956 و 10  دجنبر سنة  1957 و 06 فبراير 12 مارس سنة 1958 و أيدت وجوب إضفاء الصفة المطلقة على مبدأ التطهير المنصوص عليه في الفصلين 2-62 من قانون التحفيظ العقاري و تطبق على المشتري الذي لم يقم بايداع عقده بصفة قانونية أثناء سريان إجراءات التحفيظ طبقا للفصل 84 من قانون التحفيظ العقاري و أن هذه القاعدة لا تتضمن أية استثناءات و تطبق على الجميع.[51]

الفقرة الثانية: الانقسام القضائي بعد الاستقلال

كما سبق الذكر انقسم الاجتهاد القضائي بعد الاستقلال حول الصفة المطلقة لقاعدة التطهير    و مدى سريانها على الخلف الخاص إلى اتجاهين اتجاه مؤيد لتلك الصفة المطلقة و اتجاه مخالف لتلك الصفة و سنحاول رصد الاجتهادات الصادرة تحت لواء كل اتجاه و تحديد الأساس القانوني الذي يبنى عليه كل منهما.

أولا: الاتجاه المؤيد:

سار الاجتهاد القضائي المغربي بعد تأسيس المجلس الأعلى على نفس منحى القرارات الأخيرة لمحكمة النقض الفرنسية مكرسا الصبغة العامة و المطلقة لقاعدة التطهير و الصفة النهائية للرسم العقاري و عدم قابليته للطعن و منها القرار الأبرز الصادر عن المجلس الأعلى تحت عدد 72 بتاريخ 21/4/1972 في الملف الإداري عدد 18271 و الذي جاء فيه:

( أن إقامة الرسم العقاري له صفة نهائية لا تقبل الطعن و يحسم كل نزاع يتعلق بالعقار و لا يمكن الاحتجاج بأي حق عيني سابق على التحفيظ لم يسجل على الرسم العقاري. و أن الشراء الذي أبرم قبل التحفيظ و لم يقع الادلاء به أثناء مسطرة التحفيظ لا يمكن الاحتجاج به فيما بعد ما لم يقر به البائع.)[52]

و أصدر المجلس الأعلى قراراه عدد 1025 بتاريخ 09/05/1990 في الملف عدد 187/1986 جاء فيه: ( التحفيظ يطهر العقار المحفظ من جميع الحقوق و الشوائب التي كانت عالقة به قبل التحفيظ و يشكل نقطة الانطلاق الجديدة في حيازة العقار حيث يقطع صلته نهائيا بالماضي . هذا التطهير الذي يضفيه القانون الخاص على العقار المحفظ لا يترك مجالا لتطبيق قواعد الالتزام العامة.)[53]

و اعتبر المجلس الأعلى قاعدة التطهير قاعدة آمرة من النظام العام فأصدر قرارا بغرفتين بتاريخ 29/01/1992 في الملف عدد 2075/87 جاء فيه:

( قواعد الفصول 2 و62   و 64 قواعد آمرة لها صلة بالنظام العام يجب أن تثيرها المحكمة تلقائيا كلما تبين لها أن الحق المدعى به قد طهر منه العقار بالتحفيظ.)[54]

و أكد في قرار عدد 2605 بتاريخ 28/10/1992 ملف عدد 1186 و 987/91 أنه (  يقرر الفصلين 62-64 من ظهير التحفيظ قاعدة أن التحفيظ يطهر العقار من الحقوق السابقة عليه و هي قاعدة تسري على الجميع لا فرق بين المشتري و غيره و لا بين حسن النية و سيئها.)[55]

كما جاء في قرار عدد 476 بتاريخ 20/06/1996 ملف عدد 2826/89

( قاعدة تطهير العقار المحفظ من الحقوق العينية و التكاليف العقارية السابقة على تحفيظه قاعدة عامة و مطلقة سواء بالنسبة لأطراف مسطرة التحفيظ أو غيرهم.

شراء عقار في طور التحفيظ لا أثر له مادام المستفيد لم يقم بالإجراءات المتعلقة بمتابعة مسطرة التحفيظ حتى حفظ العقار و أنشأ له رسما عقاريا. )[56]

و اشترطت محكمة النقض إضافة الحق في التسجيل بالرسم العقاري لحماية حق المشتري فجاء في قرارها عدد 1583 بتاريخ 01/04/1999 ملف مدني عدد 911867/1998:

( حتى يتأتى للمشتري لعقار في طور التحفيظ تسجيل شرائه بعد إنشاء الرسم العقاري يتعين أن يتضمن عقد الشراء الإشارة إلى حقه في هذا التسجيل بعد هذا الانشاء.)[57]

و تواترت القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى في اتجاه تطبيق قاعدة التطهير بصفة مطلقة إلى ظهر اجتهاد مخالف سنة 1999 صدر عن المجلس الأعلى استثنى الخلف الخاص من تطبيق قاعدة التطهير. (سنتطرق له عند حديثنا عن الاتجاه الثاني).

 و عاد المجلس الأعلى بعده ليصدر قرارا بغرفتين لتأكيد الطابع المطلق و النهائي لقاعدة التطهير  و هو القرار عدد 3587 الصادر بتاريخ 15/12/2004 في الملف عدد 2527/1/5/2003 جاء فيه:

(يكون حق المشتري في إقامة دعوى المطالبة بملكية العقار المبيع ( إتمام البيع) قد سقط يوم تأسيس رسم عقاري لهذا العقار و من هذا التاريخ ينشأ حقه لإقامة دعوى التعويض بسبب التحفيظ كما ينشأن الالتزام بأداء التعويض ضد مرتكب التدليس وفق الشروط الواردة بالفصل 106 من ق ل ع . و لا ينقطع التقادم بدعوى إتمام البيع بعد تطهير العقار بالتحفيظ التي تعتبر إقامتها زائدة.)[58]

– القرار عدد 61 الصادر بتاريخ 04/01/2006 في الملف عدد 4229/1/1/2004 جاء فيه:

( لا يمكن الاحتجاج بالشراء الذي أبرم قبل التحفيظ و لم يقع الادلاء به أثناء مسطرة التحفيظ لأن التحفيظ يطهر العقار من كل تكليف سابق.)[59]

– القرار عدد 2336 الصادر بتاريخ 12/7/2006 في الملف عدد 1855/2004 جاء فيه:

( إن المشتري لعقار في طور التحفيظ أو خلفه الذي لم يقم بالتعرض على مطلب التحفيظ     و لا بالإيداع المنصوص عليه في الفصل 84 من ظهير 12/08/1913 يواجه بقاعدة التطهير المنصوص عليها في الفصلين 2 و 62 من نفس القانون و الذي لا ينشأ بتاريخ انتهاء إجراءات التحفيظ و إنما ينشأ بتاريخ انشاء الرسم العقاري.)[60]

القرار عدد 616 الصادر بتاريخ 13/2/2008 في الملف عدد 2208/2006 جاء فيه:

(  عملا بالفصل 62 من ظهير التحفيظ العقاري فإن المتضرر من التحفيظ ليس أمامه سوى المطالبة بالتعويض في حالة التدليس عملا بالفصل 64 من نفس الظهير.[61]

– القرار عدد 37 الصادر بتاريخ 20/1/2015 في الملف عدد 2812/1/1/2014 جاء فيه:

( قاعدة تطهير العقار بتحفيظه قاعدة مطلقة تسري على الجميع بما فيهم خلف البائع. و أن عدم إيداع المشتري أو ورثته لعقد شرائه أثناء سريان مسطرة التحفيظ  فإن التحفيظ يطهر العقار من كل الحقوق العينية السابقة و أن الاحتجاج بحق عيني سابق لم يسجل بالرسم العقاري لا أثر له عملا بالفصل 62 من ظهير التحفيظ العقاري.)[62]

– القرار عدد 447/8 الصادر بتاريخ 21/7/2015 في الملف عدد 849/8/1/2015 جاء فيه: ( قاعدة التطهير هي قاعدة عامة و آمرة و لا مجال معها لإعمال الاستثناء المتعلق بكون المشتري من طالب التحفيظ لا تسري عليه قاعدة التطهير لعدم وجود نص قانوني يقضي بذلك.)[63]

– القرار عدد 534/9 الصادر بتاريخ 27/9/2018 في الملف عدد  1539/1/9/2017 جاء فيه: ( إن تحفيظ العقار يترتب علنه تأسيس رسم عقاري و بطلان ماعداه من الرسوم و تكون العبرة بما هو مسجل بالرسم العقاري. إن الاتفاق المبرم بين طرفي النزاع أثناء جريان مسطرة التحفيظ يعتبر عديم الأثر تطبيقا لمقتضيات الفصل 62 من قانون التحفيظ العقاري.)[64]

و الأساس الذي يقوم عليه هذا الاتجاه هو التقيد بحرفية النص في الفصلين 1 و 62 من قانون التحفيظ العقاري و اعتبار قاعدة التطهير المنصوص عليها في هذين الفصلين عامة و مطلقة و آمرة تسري على الجميع بما فيهم الخلف الخاص مادام قانون التحفيظ العقاري لا ينص على استثناء من تطبيق  قاعدة التطهير  يتعلق بالخلف الخاص و مادام هذا القانون نص خاص لا تطبق بشأنه النصوص العامة للالتزام . و بالمقابل أعطى قانون التحفيظ العقاري للخلف الخاص ضمانات هامة أثناء سريان مسطرة التحفيظ و بعد انتهائها:

– فأثناء سريانها أحاط المشرع مسطرة التحفيظ بعمليات إشهارية واسعة و أعطى للخلف الخاص وسيلتين لحماية حقوقه إما عن طريق مسطرة التعرض المنصوص عليه في الفصل 24 و ما يليه  و إما عن طريق إيداع وثائقه بالمحافظة العقارية طبق الفصل 84 من قانون التحفيظ.

– و بعد انتهاء مسطرة التحفيظ أعطى للمتضرر من جراء التحفيظ إما الحق في إقامة دعوى شخصية بالتعويض على مرتكب التدليس طبقا للفصل 64 من قانون التحفيظ  أو إما إقامة دعوى في إطار القواعد العامة للمسؤولية أو في إطار الحكام العامة للإثراء بلا سبب.

ثانيا: الاتجاه المخالف:

كما سبق الذكر بقي المجلس الأعلى مستقرا على اتجاهه بكون قاعدة التطهير قاعدة عامة تطبق على الجميع بما فيهم الخلف الخاص للمستفيد من التحفيظ حتى جاءت سنة 1999 فأصدر القرار عدد 2862 بتاريخ 02/06/1999 ملف مدني عدد 540/1994 و أتى بقراءة جديدة للفصل 84 من قانون التحفيظ العقاري و اعتبر أن عدم إيداع المشتري لعقده أثناء مسطرة التحفيظ لا يكون له أثر إلا من حيث ترتيب أثره أو حقه في مواجهة الغير، فجاء فيه:

مقال قد يهمك :   قرار صادر بغرفتين يوضح مسألة كراء سطح بناية لوضع الأجهزة الهوائية المخصصة للاتصالات اللاسلكية

( إن الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري لا يمنع المشتري الذي اشترى هذا الحق خلال مسطرة التحفيظ من تسجيل شائه بالرسم العقاري الذي أصبح مسجلا في اسم البائع له أو ورثته متى تبين أن عقد شرائه غير مطعون فيه لا من البائع و لا من ورثته. و عليه فإن حقه هذا لا يسقط بدعوى أنه لم يودع بالمحافظة الوثائق اللازمة  أثناء مسطرة التحفيظ  و أن هذا الاجراء لا يكون له أثر إلا من حيث ترتيب أثره أو حقه في مواجهة الغير. و المطلوبون باعتبارهم خلفا عاما لموروثهم البائع للطالب ليسوا أغيارا . و المحكمة لما طبقت الفصل 2 دون اعتبار الفصل 84 لم تجعل لقرارها مرتكزا قانونيا سليما.) [65]

و أصدر المجلس الأعلى بعد ذلك قرارا عدد 5925 بتاريخ 29/12/1999 في الملف عدد 1151/1994 جاء فيه: ( يعتبر مشتري العقار من نفس طالب التحفيظ الذي تحول مطلبه إلى رسم عقاري خلفا خاصا لا يواجه كالخلف العام بقاعدة التطهير المنصوص عليها في الفصل 62 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري.)[66]

و أثار هذا القرار الصادر عن المجلس الأعلى جدلا واسعا فلقد لقي ترحيبا واسعا من البعض فاعتبر الأستاذ محمد الكشبور في تعليقه على هذا القرار أنه أكثر عدالة لأن التطبيق الحرفي لمقتضيات الفصلين 1 و 62 من قانون التحفيظ العقاري من شأنه أن يفرز كثيرا من الظلم نظرا للأسباب التاريخية التي كانت وراء سنها و ارتبطت بسياسة الاستيطان و تسهيل الاستحواذ على أراضي الفلاحين البسطاء.[67]

و من الناحية أخرى لقي معارضة كبيرة من البعض الآخر حيث أكد الأستاذ حسن بكري أن ظهير التحفيظ العقاري في فصوله 2 -62 -64 لا يتحدث عن التمييز في قاعدة التطهير بين الخلف العام و الخاص و جاءت عامة لا يستثنى فيها إلا ما تعلق بالحقوق المعتبرة ملكا عاما او محبسا أو موقوفا و أن القاعدة التي طبقها القرار عدد 5925 ليس في ظهير 12 غشت 1931 ما يجسدها و فيه نوع من التكليف الذي يحمل النص ما لا يحتمل مادام واضحا صياغة و مضمونا و يشكل تراجعا عما كان سائدا منذ امد طويل منذ  القرار  الصادر بتاريخ 21/4/1972 في الملف الإداري عدد 18271 و كان المبدأ العام و الشامل لقاعدة التطهير من غير تمييز في ذلك بين مصدر الحق او بسبب صاحبه و دعا إلى إعادة النظر فيه  و الرجوع قاعدة تطبيق الفصل 62 دون استثناء .[68]

و صدر بعد ذلك عدة قرارات عن محكمة النقض تؤكد الاجتهاد الذي جاء به القرار عدد 5925 أعلاه منها:

– القرار عدد 2137 بتاريخ 18/6/2002 ملف مدني عدد 514/31/2001 جاء فيه:

( المقتضيات المنظمة لمسطرة التحفيظ تتكامل فيما بينها و ما نص عيله الفصل 62 من ظهير التحفيظ العقاري لا يمكن أن يحتج به في مواجهة من تم التصرف إليه بعد تقديم مطلب التحفيظ.)[69]

–  القرار عدد 1467 بتاريخ 2/5/2007 ملف مدني عدد 4477/1/5/2006 جاء فيه:

( لما كان الوعد بالبيع حق شخصي للموعود له إزاء الواعد فإنه لا يخضع لمقتضيات الفصلين 83-84 من ظهير التحفيظ العقاري، و بذلك فهو غير مشمول بقاعدة التطهير المنصوص عليها في الفصل 2 من ظهير التحفيظ العقاري التي تظل قاعدة خاصة بالحقوق العينية العقارية القابلة للتسجيل في الرسم العقاري و لا تتعداها للحقوق الشخصية الملقاة على المالك للعقار المراد تحفيظه و التي تظل ملزمة له و لو حفظ العقار الموعود ببيعه أو كانت قد نشأت قبل التحفيظ.)[70]

القرار عدد 271/7 بتاريخ 4/5/2013 ملف مدني عدد 3334/1/7/2011 جاء فيه:

(  لما كان عقد البيع ينتج عنه التزام يقع على كاهل البائع بنقل ملكية المبيع إلى خلفه الخاص ” المشتري” و يبقى ملزما بنقل ملكية العقار إليه حتى بعد التحفيظ فإن المحكمة لما اعتبرت إنشاء الرسم العقاري يعتبر المنطلق الوحيد لجميع الحقوق المتعلقة بالعقار المحفظ الأمر الذي يعتبر معه إتمام إجراءات البيع المنجز قبل التحفيظ في غير محله حتى بالنسبة للخلف الخاص لم تركز قرارها على أساس و عللته تعليلا فاسدا المنزل منزلة انعدامه و عرضته للنقض.)[71]

القرار عدد 71/7 بتاريخ 17/02/2015 ملف مدني عدد 4815/1/7/2012 جاء فيه:

( مبدأ التطهير المنصوص عليه في الفصل 62 من ظهير 12 غشت 1913 لا يحتج به في مواجهة الخلف الخاص باعتبار أن الطالب بصفته مشتريا أي خلفا خاصا للبائع لا يواجه  كالخلف العام بمقتضيات الفصل المذكور كما ان الورثة و باعتبارهم خلفا للموروث يحلون محله في جميع الحقوق التي كانت لمورثهم و تلزمهم جميع تعهداته في حدود التركة و ليس لهم أن يدعوا على المشتري أي حق على العقار المبيع له من مورثهم و لا أن يتمسكوا ضده بعدم تسجيل العقد الصادر له من هذا الأخير.)[72]

القرار عدد 682 بتاريخ 23/10/2018 ملف مدني عدد 3987/1/7/2017 جاء فيه:

( عقد البيع ينتج عنه التزام يقع على كاهل البائع بنقل ملكية المبيع إلى خلفه الخاص و يبقى ملزما بنقل ملكية المبيع إليه حتى بعد التحفيظ. و بذلك تكون المحكمة تكون المحكمة قد سارت إلى إعمال العقدين الرابطين المرتبين لالتزامات شخصية في مواجهة البائع و التي انتقلت إلى ورثته بمجرد الوفاة في حدود ما نابهم من التركة و باعتبار أن الخلف الخاص لا يواجه بقاعدة التطهير.)[73]

على انه و رغم صدور القرار عدد 5925 عن محكمة النقض ( المجلس الأعلى سابقا) بتاريخ 29/12/1999 بعدم مواجهة الخلف الخاص بقاعدة التطهير فإنه صدرت عدة قرارات عن محكمة النقض تتراجع فيها عن هذا الاتجاه كما رأينا سابقا و اعتبرت أن قاعدة التطهير قاعدة عامة تسري على الجميع بما فيهم خلف البائع.

و الأساس الذي يقوم عليه هذا الاتجاه هو القواعد العامة للالتزام. فإذا كان الفصل 64 من قانون التحفيظ العقاري يمنع على المتضرر إقامة أية دعوى في العقار بسبب حق وقع الإضرار به جراء التحفيظ فإن هذه الاجتهادات فإن عقد البيع ينتج عنه التزام شخصي يبقى على البائع بنقل ملكية المبيع إلى خلفه الخاص و لو بعد التحفيظ . مادام أن تنفيذ البائع لالتزامه بنقل ملكية العقار المحفظ لا يتم إلا باتخاذ الإجراءات الضرورية لتقييده بالرسم العقاري كما استقرت على ذلك محكمة النقض في عدة قرارات منها القرار عدد 811 بتاريخ 22/2/2001 في الملف المدني عدد 898/3/2/1999 جاء فيه: ( إن البائع ملزم بضمان نقل المبيع للمشتري للحصول على النتائج القانونية المترتبة عن البيع و ذلك بتقييد عقد البيع في الرسم العقاري.)[74]

و القرار عدد 947 بتاريخ 30/5/2005 في الملف المدني عدد 2331/1/1/2003 جاء فيه ( البائع لحق عيني محفظ ملزم بنقل ملكية المبيع للمشتري باتخاذ الإجراءات الضرورية التي طلبها المحافظ لإشهار عقد البيع و تقييده في الرسم العقاري.)[75]

على أن القرار عدد 2862 بتاريخ 02/06/1999 ملف مدني عدد 540/1994 تأسس على فصل قانوني من ظهير التحفيظ العقاري نفسه  و قدم قراءة جديدة للفصل 84 من قانون التحفيظ العقاري و اعتبر أن عدم إيداع المشتري لعقده أثناء مسطرة التحفيظ لا يكون له أثر إلا من حيث ترتيب أثره أو حقه في مواجهة الغير.

و في نفس الاتجاه جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بمكناس صادر بتاريخ 08 يناير 2019 ملف عدد 1218/1201/2018 جاء فيه: ( أن عقد البيع يرتب التزامات شخصية على البائع أهمها ضمان حوز المبيع و التصرف فيه بلا معاض و نقل ملكيته للمشتري و لا يمكن الاحتجاج بمبدأ التطهير المنصوص عليه في الفصل 62 من ظهير 12/8/2013 في مواجهة الخلف الخاص.  و أن عدم إيداع المشتري لرسم شرائه و تقييده بسجل التعرضات لا ينتج عنه سوى عدم إمكانية التمسك به في مواجهة الغير أم ضد البائع فإن البيع يبقى صحيحا      و منتجا لآثاره تطبيقا للمادة 84 من قانون التحفيظ العقاري)[76]

فهذه القراءة بمفهوم المخالفة للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري بمثابة رد على انعدام السند القانوني لعدم تطبيق قاعدة التطهير على الخلف الخاص  لأن عدم إيداع المشتري لرسم شرائه و تقييده بسجل التعرضات لا ينتج عنه سوى عدم إمكانية التمسك به في مواجهة الغير أما في مواجهة البائع و خلفه فتبقى إمكانية التمسك به ممكنة و يبقى العقد ساريا منتجا لآثاره.

و لمحاولة توحيد الاجتهاد القضائي و حسما لهذا الخلاف بين غرف و أقسام محكمة النقض بشأن تطبيق قاعدة التطهير على الخلف أصدرت محكمة النقض مؤخرا قرارا بجميع الغرف انتصر للإتجاه المخالف لتطبيق قاعدة التطهير على الخلف الخاص و هو القرار عدد 189/2 بتاريخ 30/06/2020 ملف عدد 226/1/8/2018 جاء فيه:

( أن عدم تمكن المفوت له من تسجيل رسم المعاوضة لا يجيز للمطلوبة و الحال أنها لا تنازع في هذه المعاوضة التي استفادت منها أن تحول دون تمكين من تعاوض معها بالعقار موضوع النزاع بعدما قام بحيازته و بنائه و التصرف فيه و أن تمتنع بتقييد المعاوضة بالرسم العقاري كما لا يحق لها التمسك بمبدأ التطهير بشأن تصرف أجرته في مرحلة التحفيظ  التي أحاطها المشرع بخصوصية غايتها حماية حقوق من تلقى الحق عنها و تبعا لذلك فإن المعاوضة تسري في حقها و  تلزمها و يمكن تقييدها باسم المعاوض بالرسم العقاري و خلفه الطاعنين من بعده استنادا إلى مبدأ تسلسل التقييدات و تحيين الرسوم العقارية.)

و أعتقد أن هذا القرار و على أهميته القصوى فإنه لم يوضح الأساس القانوني  المعتمد لاستثناء الخلف الخاص من قاعدة التطهير المنصوص عليها قانونا. على خلاف القرارات السابقة التي استندت في بعضها على الالتزام الشخصي على البائع بضمان المبيع و نقل الملكية عقد المبيع إلى خلفه الخاص و لو بعد التحفيظ  أو تلك التي استندت على القراءة الجديدة للفصل 84 من قانون التحفيظ العقاري و اعتبرت أن عدم إيداع المشتري لعقده أثناء مسطرة التحفيظ لا يكون له أثر إلا من حيث ترتيب أثره أو حقه في مواجهة الغير.

 كما أن ذلك القرار لا يجيب على الاشكال الحقيقي في حالة التصرف في عقار غير محفظ   و قيام البائع بعد ذلك بتقديم مطلب لتحفيظه و عدم سلوك الخلف الخاص لمسطرة التعرض.

خاتمة:

 نظرا لما ينطوي عليه الاتجاه القائل بتطبيق قاعدة التطهير على الجميع بصفة عامة  و مطلقة من ضياع لحقوق من سبق أن تعاقد معهم المستفيد من التحفيظ  مع الأخذ بعين الاعتبار ضعف الوعي القانوني باجراءات التحفيظ العقاري فلا يمكن أن تكون قاعدة التطهير الناجمة عن التحفيظ مطية من البائعين سيئي النية للتملص من التزاماتهم تجاه من سبق لهم التعاقد معهم، و إعمالا للعقد الذي عظمه القرآن الكريم فافتتح به الله تعالى سورة المائدة فقال عز من قائل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) و اعتبره القانون شريعة للمتعاقدين عندما نص الفصل 230 من قانون الالتزامات و العقود على أن: (الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون.) و حماية لحق الملكية المضمون بالفصل 35 من الدستور، فإننا نرى أن التمسك بحرفية المقتضيات المنصوص عليها في الفصلين 1 و 62 من قانون 12 غشت 1913 دون الأخذ بعين الاعتبار مقتضيات الفصل 84 من نفس القانون و دون إعمال المقتضيات العامة للالتزام فيه حيف كبير و إهمال للعقود و أن إطلاقه فيه مخالفة للشريعة و الدستور و قواعد العدل و الانصاف.

و نظرا لحدة الاختلاف الذي نتج عن تطبيق الفصلين 1 و 62 من قانون التحفيظ العقاري رغم صدور قرارات عن محكمة النقض بغرفتين و بجميع الغرف فإن الأمر يستدعي تدخلا تشريعيا لوضع حد لهذا الخلاف و إيجاد صيغة توازن  بين الضمانات التي يوفرها تطبيق قاعدة التطهير الناتجة عن التحفيظ العقاري و بين حماية حق الملكية الذي يضمنه الدستور دون المساس بحقوق الغير الذي قد ينتقل إليه الملك بعد التحفيظ بحسن نية.


الهوامش:

1.الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان الموافق 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما تم تغييره و تتميمه بالقانون رقم   07  -14 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 117-11-1 بتاريخ 25 ذي الحجة 1432 الموافق 22 نونبر 2011 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24 نونبر 2011 صفحة 5575.

2.Paul DECROUX : DROIT FONCIES MAROCAIN. Edition LA PORTE Page 55.

3-تجدر الإشارة إلى أن الفصل الثاني من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كان ينص على أنه: ( يترتب عن التحفيظ إقامة رسم الملكية مسجل بكناش عقاري و بطلان ماعداه من الرسوم و تطهير الملك من جميع الحقوق السالفة الغير المضمنة بالكناش العقاري .)

  و ألغي هذا الفصل بمقتضى المادة الرابعة من القانون رقم 07-14 و أضيفت مقتضياته إلى الفصل الأول أعلاه.

[4] – منشور بمجلة ملفات عقارية العدد الثالث السنة 2013 الصفحة 71.

[5] – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 26 صفحة 22

[6] – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 52 صفحة 42.

[7] – منشور بمجلة الحقوق المغربية عدد 5 صفحة 273

[8] – منشور بمجلة الحقوق المغربية عدد 4 صفحة 303.

[9] –  قرار غير منشور

[10] – منشور بمجلة ملفات عقارية العدد الأول السنة 2012 الصفحة 19.

[11] – منشور بمجلة ملفات عقارية العدد الثاني السنة 2012 الصفحة 98.

[12] – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 64-65 الصفحة 101.

[13] – Paul DECROUX : DROIT FONCIER MAROCAIN  page 112

[14] –  الدكتور مأمون الكزبري: التحفيظ العقاري و الحقوق العينية و التبعية الصفحة 90

[15] – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 59-60 الصفحة 41.

[16] –  قرارغير منشور.

[17] – Paul DECROUX : DROIT FONCIER MAROCAIN  page 116

[18] – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 70 صفحة 75.

19 – منشور بالجريدة الرسمية عدد 6759 بتاريخ 11 مارس 2019 صفحة 1377.

20- الدكتور محمد خيري : قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي الصفحة 40

21- منشور بسلسة الاجتهاد القضائي عدد 2 صفحة 272.

22- منشور بمجلة القضاء و القانون عدد  159 صفحة 282.

23- منشور بمجلة ملفات عقارية عدد 1 السنة 2012 الصفة 45

24- منشور بمجلة ملفات عقارية  عدد 2 السنة 2012 الصفحة 136

25- منشور بمجلة القضاء و القانون عدد 139 سنة 1988 الصفحة 131

[26] – مأمون الكزبري م س صفحة 89

[27] – منشور بمؤلف عبدالعزيز توفيق: قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ خلال أربعين سنة صفحة 113. مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 26 صفحة 22.

[28] – منشور بمجلة القضاء و القانون عدد 144 سنة 1992 صفحة 248.

[29] – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 57-58 صفحة 21.

[30] – مأمون الكزبري: م س صفحة 105.

[31] –  قرارات محكمة الاستئناف بالرباط 1930-1932 * 1944-1950

تعريب محمد العربي المجبود طبعة 1986 الصفحة 454.

[32] – منشور بجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 26 صفحة 77.

[33] – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 71 صفحة 36

[34] – المنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد الأول سنة 1968 صفحة 28

[35] – المنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد الأول سنة 1968 صفحة 28

[36]  – منشور بنشرة قرارات محكمة النقض – الغرفة المدنية عدد 33 صفحة 44

[37] منشور بمجلة قضاء محكمة النقض العدد 79 صفحة 27.

[38] – منشور بالتقرير السنوي للمجلس الاعلى لسنة 2007 ص 139.

[39] – مأمون الكزبري: نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات و العقود المغربي

الجزء الأول مصادر الالتزام الطبعة الثالثة 1973  الصفحة 259

40- Paul PDECROUX : DROIT FONCIER MAROCAIN  page 108

[41] – الدكتور مأمون الكزبري: التحفيظ العقاري و الحقوق العينية و التبعية الصفحة 90

[42] – أحمد بونبات: التحفيظ العقاري في ضوء القانون المغربي مطبعة النجاح – طبعة 2008 

[43] – الدكتور محمد خيري : قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي

مطبعة المعارف الجديدة – الرباط – 2010 الصفحة 182

[44] – الدكتور محمد الكشبور:  التطهير الناتج عن تحفيظ العقار. تطور القضاء المغربي

( قراءة في قرار المجلس الأعلى بتاريخ 29 دجنبر 1999)

سلسة الدراسات القانونية المعاصرة – الطبعة الأولى 2005 الصفحة 69

[45] – محمد شنان: عبثية الإبقاء على الأثر المطلق لقرار التحفيظ بعد الاستقلال

( الندوة المشتركة حول التحفيظ بين كلية الحقوق بالرباط و إدارة المحافظة)

الرباط 1992 الصفحة 96.

46- Paul DECROUX : DROIT FONCIER MAROCAIN  page 105

47- Paul  DECROUX : DROIT FONCIER MAROCAIN  page 106

 48- Paul DECROUX : DROIT FONCIER MAROCAIN  page 106 قرارات محكمة الاستئناف بالرباط 1949-1951 * 1952-1953 * 1955-1956

تعريب محمد العربي المجبود طبعة 1982 الصفحة 162-164

49- Paul DECROUX : DROIT FONCIER MAROCAIN  page 107

– قرارات محكمة الاستئناف بالرباط 1949-1951 1952-1953 1955-1956

تعريب محمد العربي المجبود طبعة 1982 الصفحة 104.

50- Paul DECROUX : DROIT FONCIER MAROCAIN  page 108

51- Paul DECROUX : DROIT FONCIER MAROCAIN  page 109

[52] – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 26 صفحة 22.

[53] – منشور بمجلة الاشعاع عدد 4 صفحة 113.

[54] – منشور بمجلة الاشعاع عدد 6 صفحة 69.

[55] – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 46 صحة 61.

[56]– منشور بمقتضيات ظهير التحفيظ العقاري على ضوء قرارات المجلس الأعلى ص 8.

[57] – منشور بمجلة الاشعاع عدد 25 صفحة 167

[58] – منشور بقرارات المجلس الأعلى بغرفتين أو بجميع الغرف – إعداد إدريس بلمحجوب

الجزء الثالث الصفحة 186.

[59] – منشور بمجلة محاكمة العدد الأول صفحة 119.

[60] – منشور بمجلة القضاء المدني عدد 3 صفحة 265

[61] – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 71 صفحة 36.

[62] – غير منشور.

[63] – غير منشور.

[64] – غير منشور

[65] – غير منشور

[66] – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 61 صفحة 330.

[67] – الدكتور محمد الكشبور:  م س صفحة 69 و ما بعدها.

[68] – تعليق منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 61 صفحة 332 على 336.

[69] – منشور بمجلة المناهج عدد 11 و 12 صفحة 157

[70] – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 69  صفحة 53

[71] – غير منشور

[72] – غير منشور

[73] – غير منشور

[74] – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 59-60 صفحة 82.

[75] – منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 64-65 صفحة 69.

[76] – غير منشور

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)