ممارسة السلطة التنفيذية لمهام التشريع في النظام الدستوري المغربي.

الإدارة القضائية الإلكترونية بالمغرب : الواقع و الآفاق

التحفيظ بين الإلزامية و الإجبارية

26 يناير 2019 - 9:00 م المنبر القانوني
  • حجم الخط A+A-
  • صلاح الدين الدرقاوي طالب باحث بسلك الماستر المتخصص قانون العقار والتعمير.

مقدمة :

يعد حق الملكية العقارية من أهم الحقوق المخولة للإنسان، وقد ارتقى به المشرع المغربي في حمايته،إلى مصاف القانون الأسمى “الدستور”.وذلك في الفصل الخامس والثلاثين منه، كما في المواثيق الدولية، من قبيل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ويسعى الإنسان بذلك،إلى حماية حقه بكافة الوسائل المتاحة له قانونا، قصد السمو بحق الملكية وحمايته من أي ترامٍ أو اعتداء، ومن ذلك نظام التحفيظ العقاري الذي يتيح لمالك العقار حجة نهائية وقاطعة للرسم العقاري تجعله في منأى عن النزاعات. إلى جانب ذلك، فإن لهذا النظام القانوني مبادئ تميزه عن غيره من الوسائل الأخرى الرامية إلى حماية حق الملكية.وقد جعل المشرع المغربي في إطار ظهير التحفيظ العقاري[1] الولوج لهذا النظام أمرا اختياريا، حسب نص الفصل السادس الذي يؤكّد في وضوح: “إن التحفيظ أمر اختياري …”.

ونظرا لأهمية التحفيظ نجد أنّ المشرع قد حدد استثناءً على الفصل السادس القائل باختيارية التحفيظ، وأقر بإجبارية الولوج إلى هذا النظام، وذلك في الحالات المحددة تبعا للفصل السابع. هذا طبعاً من خلال قوانين خاصة أو في حالة فتح منطقة خاصة بذلك. واتبع المشرع هذه المقتضيات بالفصل الثامن بإضافة إلزامية التحفيظ عندما تأمر المحكمة بذلك.

وفي هذا الصدد،فنحن أمام مفهومين رئيسيين؛يتعلق الأول بالإجبار،والثاني بالإلزام، بالرغم من كونهما متشابهين إلى حد بعيد؛ لكنهما يحملان بعض الفوارق التي تميز كل منهما على الآخر.

فلغويا،يقصد بالإجبار:القهر والإكراه؛أما الإلزام،فلا يكون دائما بالقهر والغلبة[2]؛أما اصطلاحا،فإن التحفيظ الإجباري، في مفهومه العام، يقصد به إرادة الدولة في تحفيظ عقارات معينة بشكل إجباري،و مجاني باتّباع مجموعة من الإجراءات التي تنتهي بتأسيس الرسم العقاري وتطهيره[3]. وإلى جانب ذلك،نجد إلزامية التحفيظ وهي مجموعة من الإجراءات المسطرية العادية للتحفيظ،والمنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري، ويكون معها التحفيظ شرطا (والشَّرْطُ إِلزامُ الشيء والتِزامُه)[4]،أريد به استكمال منازعة،أو تفويت حق،أو إفراز حقوق عينية،أو استيفاء حق، وتنصرف بالأساس على شخص الملزم دون غيره، خلاف ما هو عليه الأمر بالنسبة للإجبارية

وبدأت تظهر بوادر كلّ منهما في فترة الحماية، بدءًا بدخول نظام التحفيظ العقاري إلى المغرب سنة 1913؛ فإلزامية التحفيظ بدأت في الظهير محل الدراسة كما يظهر، كذلك،في نصوص أخرى متفرقة؛ أما إجبارية التحفيظ، فكانت البداية مع ظهير ضم الأراضي الفلاحية سنة 1952، بعد أن أُلغي من خلال ظهير 1962، ثم أخيرا، في النص العام بعد تعديل،وتتميم ظهير التحفيظ العقاري بالقانون رقم 14.07 وذلك، في الفصول(51-1)إلى (51-19).

لكل هذا تظهر أهمية بالغة للتحفيظ الإجباري خصوصاً، وأن المشرع المغربي خصه بتنظيم قانوني محكم سواءً في القواعد العامة، أو الأخرى المضمنة في قواعد خاصة، ولا يخفى على أحد،مدى الحماية القانونية والهندسية التي يتيحها التحفيظ للعقار؛ الأمر الذي جعل المشرع المغربي، يذهب إلىإقرار التحفيظ كإجبار صوب تعميمه، وكإلزام قصد الرفع من قيمته،أو تطهيره من المنازعات التي من الممكن أن تنشأ عليه.وبخاصة، أن بعض العقارات تطبعها، بدورها،بعض الخصوصيات بحكم نوعيتها،أو موقعها،أو التصرف الذي يراد القيام به، على هذه العقارات.

انطلاقا مما سبق،فإن الموضوع يطرح إشكالية جوهرية مؤداها:

إلى أي حد وفق المشرع في فرض إجبارية التحفيظ وإلزاميته من خلال ما يهدف إلى تعميمه؟

ومحاولة منا الإحاطة بهذه الإشكالية، سنقسم موضوع بحثنا هذا لمطلبين:

  • المطلب الأول: إجبارية التحفيظ،و إلزاميته في القواعد العامة
  • المطلب الثاني: إجبارية التحفيظ، و إلزاميته في القواعد الخاصة

 المطلب الاول: إجبارية التحفيظ، وإلزاميته في القوانين العامة

يقوم النظام العقاري المغربي على الازدواجية في نظامه العقاري (بين عقار محفظ وآخر غير محفظ)، لكون المشرع المغربي مكن أصحاب الحقوق العينية العقارية الحق في الاختيار بين النظامين، وذلك إما بالدخول في نظام التحفيظ العقاري المنظم بمقتضى ظهير التحفيظ العقاري أو البقاء في نظام العقارات غير المحفظة باعتبارها الأصل. فإن هذه الازدواجية،تنطلق من رغبة من المشرع، من أجل التقليص، عبر فرض اجبارية التحفيظ. إلى جانبه احتكام فوائد التحفيظ لبعض العقارات بتقرير الإلزامية.

       فإذا كان الأصل هو الاختيارية، فالمشرع نفسه رتب استثناءً على هذه القاعدة بتقريره الإجبارية في قانون 14.07 (الفقرة الأولى)، وكذا الإلزامية في حالات اخرى (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: التحفيظ الإجباري في القواعد العامة

       في سابقة من المشرع، وبعد أزيد من قرن في تطبيق قواعد ظهير التحفيظ العقاري المؤرخ في 1913، أتى النص المعدل،والمتمم للظهير بتأكيد مقتضيات الفصل السابع الذي يستثني مبدأ الاختيارية، وذلك في النص العام (ظهير التحفيظ) وقد ورد فيه “يكون التحفيظ إجباريا… وفي المناطق التي سيتم فتحها لهذه الغاية …” ومؤدى هذه الفقرة في نفس القانون،نجده بالضبط في الفصول 51.1 الى 51.19 التي أضيفت بمقتضى التعديل الجديد هذه المسطرة الخاصة بالتحفيظ الإجباري المنصوص عليها في الفصول السابقة. وتهدف إمكانية فتح هذه المناطق حسب مدير الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية إلى تعبئة العقار الذي يستخدم كوعاء لمشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية[5].

       وباستقرائنا لفصول التحفيظ الإجباري في قانون التحفيظ العقاري 14.07، نجد أن مسطرة التحفيظ الإجبارية تتمثل فيما يلي:

أولا: صدور قرار فتح منطقة التحفيظ الإجباري، وآثاره

ينص الفصل السابع من ظهير التحفيظ العقاري في فقرته الأولى: “يكون التحفيظ إجباريا في…المناطق التي سيتم فتحها لهذه الغاية بقرار يتخذه الوزير الوصي على الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطيةبناء على اقتراح من مديرها”.

إذاً، فكما هو مشار إليه في الفصل أعلاه، فإن القرار القاضي بفتح منطقة للتحفيظ الإجباري، يتخذه الوزير الوصي الممثل في وزيرة الفلاحة والصيد البحري[6]. بعد أن يتم اقتراح ذلك من قبل مدير الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية.

 ومن ثم، نشر القرار الوزاري في الجريدة الرسمية وتعليقه في مقر السلطة المحلية والجماعة المحلية ولدى المحكمة الابتدائية والمحافظة العقارية[7].    

       ومن آثار نشر القرار القاضي بفتح منطقة للتحفيظ الإجباري، خضوع جميع العقارات الواقعة داخل منطقة التحفيظ الإجباري للفرع السادس من ظهير التحفيظ العقاري المحدث بمقتضى القانون 14.07،وذلك في الفصل 51 (مكرر تسع عشر مرة)، أيضاخضوع جميع مطالب التحفيظ للإجراءات والشكليات المبينة في الفصول محل الدراسة، ومطالب التحفيظ التي أدرجت قبل فتح المنطقة تبقى خاضعة للمقتضيات والنصوص القانونية التي أدرجت طبقا لها[8].
ويترتب بالتبعية عن نشر القرار تكوين لجنة للتحفيظ العقاري بقرار من عامل الإقليم او العمالة، وتتكون هذه اللجنة حسب الفصل 51.4 من: ممثل للسلطة المحلية باعتباره رئيسا،ورئيس الجماعة المعنية،أو من ينوب عنه،ورئيس مصلحة المسح العقاري المعني أو من ينوب عنه.

       وتشرف لجنة التحفيظ على إعداد المعنيين بالأمر لعمليات التحفيظ الإجباري بإخبار الملاك بانطلاق عمليات التحفيظ وتهيئتهم ماديا ومعنويا لهذه العمليات، وكذا ضمان حسن تنفيذ أشغال البحث الجزيئي والقانوني ومراقبتها واتخاذ كل التدابير التي تمكن من إدراج وتحديد مطالب التحفيظ[9].

       إلى جانب ذلك،تقوم مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية،بمؤازرة من لجنة التحفيظ الإجباري؛القيام بأعمال البحث التجزيئي، ويقصد بها أخد صورة جوية للمنطقة من أجل معرفة القطع وحدودها ونقل تلك الصور على تصميم طبوغرافي خاضع لقواعد لامبير، وتتم هذه العملية عبر برامج معلوماتية متخصصة، ليتم بعد ذلك وضع افتراضي ومؤقت للأنصاب عبر نفس البرنامج.[10]تقوم أيضا،بأعمال البحث القانوني بناء على التصاميم المنجزة في أعمال البحث التجزيئي، وتتمثل أعمال البحث القانوني في التعرف على الملاك الحقيقيين لكل قطعة، عبر ما يمكن أن يدلوا به من رسوم وحجج[11]؛أما بخصوص الملاك الذين لم يتوفروا على الوثائق الكافية تنجز لهم شهادات إدارية للملكية من قِبل السلطات المحلية. وباقي العقارات غير المتعرف عليها تحفظ باسم ملك الدولة الخاص.

ثانيا: التعرض على مطالب التحفيظ، وإنشاء الرسوم العقارية

       تنجز عمليات التحديد قبل انتهاء أجل التعرض المحدد، بحضور طالبي التحفيظ في عمليات التحفيظأو بدونهم، إذ ينجز محضر التحديد بشكل سليم من الناحية القانونية، شريطة أن يبلغ المعنيون بالأمر وفق قواعد التبليغ المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية[12].

       ويمكن لكل من يملك حقا عينينا على عقار داخل دائرة التحفيظ الإجباري أن يطالب به عبر وسيلة وحيدة وهي التعرض، وذلك داخل أجل أربعة أشهر ابتداءً من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية للإعلان عن إيداع اللائحة، والتصميم التجزيئيين بمقر السلطة المحلية، خلاف ما هو عليه الأمر في المسطرة العادية للتحفيظ التي يكون في أجل تقديم التعرضات شهرين مع امكانية تقديم تعرض استثنائي؛الأمر الذي لا يتأتى ومسطرة التحفيظ الاجباري؛ إذ إن المحافظ يقوم مباشرة،وبعد انصرام أجل التعرضات بتأسيس الرسوم العقارية لمطالب التحفيظ التي لم تكن محل تعرض، وبإحالة مطالب التحفيظ المثقلة بالتعرضات على المحكمة الابتدائية للبت فيها.

 الفقرة الثانية: إلزامية التحفيظ بأمر من المحكمة

تندرج إلزامية التحفيظ بأمر من المحكمة هي الأخرى في الفصل الثامن من ظهير التحفيظ العقاري حيث ينص الفصل الثامن: “يكون التحفيظ كذلك إجباريا عندما تأمر به المحاكم المختصة اثناء متابعة اجراءات الحجز العقاري في مواجهة المحجوز عليه”.

       يستفاد من نص الفصل أعلاه أنه يجوز للمحكمة أنتأمر بوقف بيع العقار المحجوز، كما يحق لمن رست عليه المزايدة في عملية بيع العقار المحجوز غير المحفظ أن يعلق أداء الثمن على وجوب تحفيظ العقار[13].

       ولارتباط مضمون الفصل الثامن من قانون التحفيظ العقاري بقانون المسطرة المدنية، وذلك كونه يخص موضوع الحجز، فإنهوفي ظل قانون المسطرة المدنية القديم (الفصل 334منه) كان يجيز لرئيس المحكمة إيقاف بيع العقار المحجوز إلى أن يتم تحفظيه متى تبين أن وضعيته القانونية غير ثابتة[14].

لكن في ضوء صياغة الجديد للفصل 470 الذي يهم الحجز والمنظم بقانون المسطرة المدنية[15]، لم يعد هناك مدارٌلتطبيق الضيق لنص الفصل الثامن من قانون التحفيظ العقاري بخصوص الإلزام على التحفيظ، كما هو الشأن بالنسبة للفصل 334 قبل التعديل. إذ أصبح الفصل المعدل يستوجب تقييد العقار غير المحفظ في سجل خاص بالمحكمة الابتدائية، وتحديد معالمه بشكل دقيق، والحقوق العينية المرتبطة به.

زيادة على هذا، فإن المشرع المغربي لم يقصد بخصوص الفصل الثامن، الوصول بالعقار المحجوز الى آخر مرحلة في التحفيظ (تأسيس الرسم العقاري) إنما تقديم مطلب للتحفيظ فقط[16]. خصوصا أن من شأن تقديم مطلب للتحفيظ لهذا النوع من العقارات قد يعطل استيفاء دين الدائن، وبالأخص، في الحالات التي تنشأ على العقار تعرضات والتي من شأنها هي الأخرى إطالة المسطرة، كل هذا يتنافى وإجبارية التحفيظ التي يلزم فيها الوصول بالعقار إلى آخر مرحلة وهي تأسيس الرسم العقاري.

مقال قد يهمك :   الصلح في مادة التحفيظ العقاري

والملاحظ أن المشرع منح هذه الإمكانية للمحكمة، ولم يجبرها على ذلك، وبمعنى آخر أن الأمر يبقى جوازيا بالنسبة للمحكمة؛ حيث يمكنها أن تشترط التحفيظ إذا رأت مصلحة في ذلك ويمكنها ألاتشترط ذلك، خاصة وأن العقار المحجوز يمكن أن يكون محل نزاع مما يتسبب في إثارة التعرضات وإطالة أمد مسطرة التحفيظ[17].

       والجدير بالإشارة هنا أن الفصل الثامن من ظهير ت ع، لم يحسن المشرع صياغته إذهو نفسه يخلط بين كل من الإجبارية والإلزامية، لما بينهما من اختلاف، كون الإجبارية تنسحبُ على الجماعة من خلال كونها جماعية، بمعنى أن مجموع العقارات المتواجدة في مناطق التحفيظ الإجبارية، تحفظ وجوبا كلها سواء في أسماء ملاكها،أو في اسم ملك الدولة الخاصة ما لم يظهر ملاك تلك العقارات، عِلاوة على هذا، فالقول بإجبارية تحفيظ جميع العقارات في المناطق المفتوحة لذلك، تنصرف أيضا على شخص المحافظ، المجبر على تحفيظها حتى بالنسبة للملاك الذين رفضوا تقديم مطالب التحفيظ،أو تقاعسواعلىإتمام إجراءات التحفيظ بعد تقديمهم لمطالب التحفيظ. وهذا ما لا نجده في فيما يسمى بإلزامية التحفيظ؛ اذ لا يعدو التحفيظ فيها إلا شرطا. ولا ينصرف سوى على شخص الملزم لدواعي ابتغاها المشرع، نظرا لطبيعة العقار المشروط عليه تحفيظها.

       إذن، يتضح أن مكامن اختلاف الإجبارية عن الإلزامية تتثمل في:

  • في الإجبارية، الإجبار على التحفيظ ينصرف على كل من صاحب العقار والمحافظ؛بخلاف الأمر عندما يتعلق الأمر بالإلزامية إذ الإلزام على شخص المشروط عليه تحفيظ العين فقط؛
  • في الإجبارية، تكون المسطرة خاصة وتختلف عن المسطرة المعمول فيها في ضوء ظهير التحفيظ العقاري. أما بخصوص الإلزامية فتخضع للمساطر العادية للتحفيظ؛
  • تكون تكاليف التحفيظ في المساطر الخاصة المتعلقة بالإجبارية مجانية. أما عندما يكون التحفيظ فقط شرط (الإلزامية)، فإن مطلب التحفيظ يؤدى عنه الرسوم وحقوق المرافعة؛
  • التحفيظ الإجباري، يكون كذلك عندما يصدق على الجماعة؛أيعندما تفتح منطقة خاصة بذلك، ويكون مجبراً كلَّمن في المنطقة تحفيظ عقاره؛ أما في الإلزامية فتكون فردية تخص الشخص الملزم دون غيره.

       إذن،يتبين أن المشرع المغربي لم يحسن صياغة الفصل الثامن فكان عليه استعمال لفظة “يكون التحفيظ كذلك إلزاميا…” بدل “يكون التحفيظ كذلك إجباريا…” لدواعي تطرقنا إليها، وفي هذا الإطار يؤاخذ على المشرع عدم إحكام صياغته لبعض النصوص ما يشكل لبسا لدى القارئ والباحث بالخصوص.وهذا من باب إحكام الصّياغة، والدقة في التعبير من طرفه.

المطلب الثاني: إجبارية التحفيظ، وإلزاميته، في القوانين الخاصة

       في إطار استثنائية الفصل السابع من ظهير التحفيظ العقاري، فإن المشرع أدمج ضمن الاستثناءات حسب مقتضيات الفصل لأنف، حالات للتحفيظ الإجباري المضمنة في القوانين الخاصة، وأجبرها على الخضوع لمساطر خاصة للتحفيظ، ذلك بالنظر للخصوصيات التي تطبع هذه العقارات،(الفقرة الأولى) إلى جانب ذلك، فرض المشرع إلزامية التحفيظ في بعض الحالات الفردية الخاصة لاستكمال إجراءات ما أو لاكتساب حق وغيرها من الشروط (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: مكمن إجبارية التحفيظ في القوانين الخاصة

       تؤدي الفلاحة دورًا مهما في اقتصاد المغرب، وتشكل جانبًا أساسيا من الصادرات، لذا كان من البدهيأن يعير التشريع المغربي اهتماما بالغا لهذا القطاع قصد النهوضبه، ويظهر الاهتمام بهذا القطاع في محاولة تحصينه وتصفيته من المنازعات التي من الممكن أن تؤثر في سيرورته لتحقيقالأهداف المتوخاة. لذا، فالمتصفح للقوانين العقارية الخاصة، سيتضح له أهمية ذلك،وبخاصة، ما يتعلق بتحصين الملكية العقارية، والقول بذلك يعني أننا أمام مؤسسة التحفيظ العقاري، لكن في إطار القوانين الخاصة، فلأجل كل ذلك نجد المشرع قد فرض التحفيظ في بعض الحالات كإجراء تنتفي معه إرادة الملاك في رفض التحفيظ، ويمكن أن يرد في صورتين، حالة ضم الأراضي الفلاحية (أولا)،وحالة التحفيظ الاجباري للأراضي السقوية (ثانيا).

اولاً: ضم الاراضي الفلاحية

       إدراكا من المشرع، لما للتحفيظ العقاري من مزايا، وما يوفره من بنية مادية وقانونية صلبة للعقارات، هي التي جعلته يتجاوز المبدأ المعمول به في إطار قانون التحفيظ العقاري، ليعمد إلى تقرير الإجبار، في تحفيظ العقارات المضمومة بعضها إلى بعض، والتي من الممكن أن تساهم هذه العمليات بشكل أو بآخر في تفعيل مخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية[18]

       وقد أكد ظهيرُضم الأراضي الفلاحية في الفصل الرابع منه الإجبارية[19]؛إذ تحفظ جميع العقارات الواقعة داخل دوائره الضمَّبشكل إجباري. ويقصدبالضم هنا: تجميع القطع المتناثرة لكل مالك في نطاق معين، وإعادةتوزيع الملكيات بحيث يكون لكل مالك قطعة واحدة أو أكثر يسهل استثمارها واستصلاحها.[20]

       والهدف من الارغام على التحفيظ أوردها الفصل الأول من نفس الظهير: “تنحصر الغاية الأساسية من ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض في تحسين أساليب الاستغلال…وبوجه عام تكون صالحة للاستفادة من التحسينات العقارية الممكن إدخالها عليها”.

       ومن جهة أخرى، فإن من شأن عمليات التحفيظ الرامية إلى ضبط الوضعية القانونية والمادية للعقارات موضوع الضم، في هذا الإطار المساهمة،بشكل كبير، في خلق التعاونيات الفلاحية بين الملاك وتحسين مستوى المعيشي للفلاحين نتيجة لما يؤدي إليه تنفيذ مشروع الضم من تجهيز للعالم القروي بمختلف التجهيزات الضرورية[21]،  زد على ذلك أن الأراضي المبعثرة التي أعيد فرزها بشكل يلائم والاستثمار الفلاحي، يؤدي لا محالة إلىالرفع من إنتاجية ومردودية القطاع الفلاحي ككل، كما أن من شأن ذلك تقليص ظاهرة الهجرة القروية نحو المدن.

       لأجل ذلك فقد شرعت وزارة الفلاحة بضم الاراضي الفلاحية المبعثرة منذ سنة 1952[22].

         والنجاح الذي حققته الظهائر السابقة من الناحية العملية أدت بالمشرع الى إصدار ظهير 20 يوليوز1969م[23]. المعدل والمتمم لظهير 20 يونيو 1962[24]للاهتمامأكثر بهذه العمليات، وتأطيريها قانونيا.

       وعمليات التحفيظ في هذا الإطار تتطلب جملة من الإجراءات، سنتعرض لها تباعا، ولكن بنوع من الإيجاز:

      تبتدئ مسطرة الضم بنشر قرار لوزير الفلاحة بتعيين حدود المنطقة المعنية بالعملية، وذلك بعد استشارة المجالس الجماعية التي يهمها الأمر[25]، ويعتبر قرار الوزير بمثابة سند قانوني للمصالح الإقليمية بتنسيق مع مكتب الدراسات الهندسية، للشروع في القيام بما تستلزمه العملية، بمساعدة السلطة المحلية؛إذ تقوم بأخذ صور جوية للمنطقة ووضع خريطة طبوغرافية لها[26] وإنجاز تصميم للمنطقةبحضور أعضاء اللجنة المنصوص عليهم في الفصل الأول[27]والثاني[28] من المرسوم رقم 2.62.240[29]، بتطبيق الظهير الشريف الصادر بضم الأراضيالفلاحية بعضهاإلى بعض. تحدد بصفة واضحة معالم الأراضي المراد تحفيظها، وتكلف اللجنتان[30] المذكورتان تهييئالمعنيين بالأمر لعمليات الضم،وبدراسة جميع العناصر اللازمة لتقدير حالة استغلالاتهم الزراعية، كما تكلفان بتحديد المنطقة أو المناطق الواجب ضم أراضيها بعضها إلى بعض وبوضع أسس المشروع المتعلق بالضم، وتحديدها، بالإضافة إلى التعقّب المتواصل للمشروع من أجل تنفيذه.

ويشعر الملاك بعدم القيام بأي تغيير في معالم العقارات الواقعة داخل دائرة الضم[31]، عِلاوة على ذلك يمنع تفويت الأراضي المزمع تحفظيها إجباريا، وذلكتفاديا لما قد ينتهي إليه تنفيذ مشروع الضم من تغيير في وضعية العقارات وذلك تحت طائلة بطلانها، على أن قرار الوزير بفتح منطقة الضم يكون بمثابة إعلان للمنفعة العامة[32] وهذا المنع يعد إلى غاية المصادقة على مشروع الضم[33].

             تضع المصالح الإقليمية للفلاحة مشروع تصميم للضم بعد موافقة لجنة الضم عليه، ذلك بتصنيف القطع الأرضية وترتيبها، ثم العمل على تسويتها لأجل إعادة تقسيمها إلى قطع أرضية مضبوطة، يضمن أيضا الارتفاقات الضرورية التي تقتطع من الأراضي التيمن قبيل الطرق والتجهيزات ذات المنفعة العامة والعمل على تجميع القطع الأرضية التي كان يملكها الفلاح سابقا في قطعة أرضية واحدة[34]، مع إمكانية حيازة الأراضيالمفرزة قبل المصادقة على المشروع[35].

            بعد أن تحدد اللجنة بصفة نهائية مشروع ضم الأراضي بعضها إلى بعض، يتم عرضه على وزير الفلاحة للمصادقة عليه بموجب مرسوم[36]،بعدها تباشر عمليات التحديد تحت إشراف المحافظ على الأملاك العقارية والرهون، ويكون لأصحاب الحقوق التعرض على التحديد، طيلة مدة الستة اشهر الموالية لنشر مرسوم المصادقة على مشروع الضم[37]، ولا مجال لفتح فترة استثائيةللتعرضات كما هو الشأن في المسطرة العادية للتحفيظ، (سوى ما نص عليه الفصل 20 من مرسوم 2.62.240)، إنما تؤسس رسوم عقارية للأراضي التي لم يتعرض بشأنها؛على أن العقارات المتعرض عليها تحال على المحكمة للنظر فيها، إذ تبت في صحة التعرض من دونه وتؤسس مباشرة الرسوم العقارية لفائدة المحكوم له بصحة التعرض.

             وبالنظر للصفة الإجبارية التي تتسم بها هذه العقارات فيما يخص تحفيظها نظرا لطبيعتها، فإن الأراضي التي لم يقدم بشأنها مطالب للتحفيظ، تحفظ تلقائيا من طرف المحافظ، أما الحالة التي يتهاون فيها الملاك بمواكبة عملية التحفيظ بعد إيداع مطالب التحفيظ، لا يمكن أن تكون لاغية كما في مسطرة ظهير التحفيظ العقاري، كون المشرع المغربي أراد من ذلك تحفيظ جميع الأراضي الفلاحية الواقعة داخل دائرة الضم بالسرعة التي من شأنها أن تضمن استثمارها،وتنميتها وحسن استغلالها.

ثانيا: التحفيظ الإجباري للأراضي السقوية

            تعتبر التنمية الفلاحية أحد الاختيارات الأساسية لسياسة المغرب الاقتصادية والاجتماعية. ولتحقق ذلك تقوم الدولة ممثلة في وزارة الفلاحة والصيد البحري، بتقديم مساعدات تقنية ومالية للفلاحين، ومن أبرز مظاهر تدخل الدولة في هذا الصدد تقديم القروض والمكافآت والإعانات المالية والامتيازات الضريبية وعمليات التحفيظ العقاري.

             لأجل ذلك عمد المشرع المغربي إلى إصدار ظهير بمثابة ميثاق للاستثمارات الفلاحية[38]يحقق مراد ذلك. إذ نجد في نصوص الميثاق،أن الأراضي الواقعة داخل دوائر الري تخضع هي الأخرى لاستثنائية الفصل السابع من ظهير التحفيظ العقاري، وجعل التحفيظ إجباريا بخصوص تلك الأراضي مرده تحقيق الأهداف المنصوص عليها في قانون الاستثمارات الفلاحية، وأيضا لمسايرة مخططات التنمية الفلاحية، لذلك نجد المشرع المغربي يعمد لتقرير الإجبارية للأراضي الفلاحية دونما الأراضي الحضرية، وإن دل ذلك عن شيء،فإنه يدل على اهتمام الدولة بالتنمية المستدامة الممنهجة، بجعل الفلاحة من أولويات القطاعات الإستراتيجية الوطنية.

مقال قد يهمك :   الفاعل المعنوي من خلال مشروع تنقيح المجلة الجزائية

             وفي القانون موضوع الدراسة، تحدد دوائر الري وتفتح بمرسوم يتخذ باقتراح من وزير الفلاحة والإصلاح الزراعي بعد استشارة وزير المالية ووزير الداخلية[39]، يكون لازما على كل مالك لأرض فلاحية أو القابلة للفلاحة استثمارها، ويحق للدولة في حال عدم مراعاة هذه الواجبات أن تتخذ كامل العقوبات التي تراها مناسبة،و التي من الممكن أن تصل إلى حد نزع الملكية.

             ويكون للمعنيين بالأمر أجل سنة لإيداع مطالب التحفيظ لعقاراتهم، ويمكن تمديد هذه الآجال لمدة ستة أشهر أخرى، وبعد انصرام الأجل فيمكن للمحافظ تلقائيا مباشرة عمليات التحفيظ في المناطق المحددة[40].

             لذا فمتى تعلق الأمر بالمناطق السقوية،فإن المشرع استوجب ضرورة تحفيظ جميع تلك الأراضي لضمان تحقيق الأهداف المشار إليها، نظرا لما للتحفيظ من مزايا ولما للرسم العقاري من وضوح، يجعل الآخر المتعاقد على بينة من وضعية العقار، وبالتالي تزايد الإقدام على اقتناء هذه الأراضي من الأجل الاستثمار فيها بشكل آمن.

الفقرة الثانية: حالات التحفيظ الإلزامية

إن الاجبارية كما هو منصوصا عليها في القواعد الخاصة، تكون وفقا لإجراءات ومساطر خاصة، يكون معها التحفيظ إجباريا،وتنتفي فيه إرادة ملاك العقارات، ويكون ذلك إما بتقديم مطالب التحفيظ من طرف ملاك العقارات المعنيين داخل مناطق التحفيظ الإجبارية التي فتحت لأجل ذلك، وإما بصفة تلقائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية والرهون.

أما بخصوص الإلزامية في التحفيظكما رأينا، فتعني أن التحفيظ لا يكون إجباريا إنما يكون شرطا. بمعنى أن الإلزامية ما هي إلا شرط لتقرير حق أو لاستمرار منازعة أو لتفويت حق أو اكتسابه…، وغيرها من الحالات التي سنخوض فيها.

نذكر أيضا أن الإجبارية تختلف عن الإلزامية في كون الأولى تنصرف أيضا على المحافظ العقاري؛ إذ يكون مجبراً هو الآخر على تحفيظ جميع الأراضي الواقعة داخل مناطق التحفيظ الإجباري المفتوحة لذلك – كما رأينا- ، أما الثانية (الإلزامية) فتنصرف على شخص الملزم فقط (المشروط عليه)، ولا يكون للمحافظ أي دخل في سبيل التحفيظ تلقائيا كما في الحالات الإجبارية، كما تنصرف الإجبارية أيضاً،على الجماعة أي:على جموع عقارات المنطقة؛إذ يكون ملاكها مجبرين على التحفيظ، في حين أن الإلزامية تنصرف على الملزم وحده لاستكمال إجراءاته.

ويمكننا أن نذكر من الحالات الإلزامية للتحفيظ، مايلي:

إلزامية التحفيظ كشرط لاستمرار المنازعة: سواءً أكنا أمام عملية التحديد الإداري الخاصة بأملاك الدولة الخاصة[41]أم أمام تلك المتعلقة بتحديد أملاك الجماعات السلالية[42]-ومتى تعلق الأمر بتعرض في إطار عمليات التحديد التي تباشرها اللجان الخاصة بذلك في حالة التعرض على تحديد عقار من عقارات أملاك الدولة الخاصة أو أملاك الجماعات السلالية- فإن مثل هذا التعرض لا يكون صحيحا إلا إذا كان مشفوعا بوضع مطلب التحفيظ،[43]ووضع مطلب التحفيظ هذا، يكون إلزاميا لاستمرار الخصومة والتمسك بالحقوق محل التعرض؛ لأن مطلب التحفيظ هنا ليس إلا شرطا للاعتداد بالتعرض.

إلزامية التحفيظ كشرط لاكتساب الملكية: ينص دستور المملكة[44]  في الفصل 35 منه: “يضمن القانون حق الملكية… ولا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون…”. ومن الحالات التي نص عليها القانون هي نزع الملكية لأجل المنفعة العامة التي نظمها وفق قانون رقم 7.81[45]؛إذ حينما تقوم السلطة النازعة بموجب الحكم الصادر لفائدتها بنزع الملكية، فإنه يتوجب على الجهة النازعة تحفيظ العقار المنزوع لفائدتها، كشرط إلزامي لاستكمال عملية النزع وفق الضوابط والأحكام المشار إليها في هذا القانون؛ الأمر الذي أكدت عليه مقتضيات الفصل 37[46]. لذا، فإنه يكون لازما على الجهة النازعة للملكية لاكتساب حقها، أن تعمل على تحفيظ العين موضوع النزع.

إلى جانب هذا، فإنه-ومتى تعلق الأمر بعقار وقفي وقفا عموميا- فإن المادة 72 من مدونة الأوقاف[47]، اشترطت في المعاوضات العينية ضرورة أن تكون العين المعاوض بها محفظة، ما يعني بمفهوم المخالفة أن المعاوضات التي تجريها إدارة الأوقاف -لكونها الجهة المكلفة بتدبير هذه الأراضي- للعقارات الوقفية الأخرى من قبيل الوقف المشترك أو المعقب لا يخضعان لإلزامية التحفيظ. إن المعاوضات النقدية المتعلقة بالعقارات، تخضع لنفس أحكام المعاوضات العينية[48]، ما يعني أنه في الحالة التي تقوم فيها إدارة الأوقاف بمقايضة مبلغ من المال بعقار، لا بد من تحفيظ العقار موضوع المقايضة ما لم يكن محفظا.

ما يعني أن المشرع اشترط من أجل اكتساب الحقوق، في هاتين الحالتين، ضرورة تحفيظ العقار، كشرط لاستكمال عملية اكتساب الملكية.

إلزامية التحفيظ كشرط لإفراز حقوق عينية: عندما يتعلق الأمر بإحداث تجزئة عقارية[49]، فإننا نكون أمام القانون المنظم لها 25.90[50] الذي يشترط لإنشاء تجزئة عقارية في الفصل السادس منهأن تكون الأرض المراد تجزئتها؛ إما محفظة أو بصدد التحفيظ مع ضرورة أن يكون الأجل المحدد لتقديم التعرضات قد استنفذ دون تقديم أي تعرض، نفس المقتضى أكد عليه المرسوم التطبيقي رقم 2.92.833[51]،لتطبيق القانون رقم 25.90  والذي أورد في المادة السادسة ضرورة الحصول على شهادة من المحافظة على الأملاك العقارية تثبت أن الأرض المراد تجزئتها، محفظة أو في طور التحفيظ، وأن الأجل المحدد لإيداع التعرضات في هذه الحالة قد انصرم من غير أن يقدم أي تعرض على ذلك.

ومتى تعلق الأمر أيضا بتقسيم أرضٍ زراعية قصد البيع أو الكراء ليقام عليها أبنية سواءً أكانت معدة للسكن أم لأغراض صناعية أو تجارية. فإن ظهير 25 يونيو 1960[52] المتعلق بتوسيع نطاق العمارات القروية،[53] أجاز هذه العمليات وأقرنها في الفصل العاشر من نفس الظهير بضرورة الحصول على رخصة إدارية؛ يتوقف إعطاؤها على إبراز المالك لما يثبت أنه قام إما بتقديم مطلب تحفيظ تصحيحي، أو متمم أو كل إيداع، عملا بمقتضيات الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري.(الفصل العاشر من الظهير). وعليه فإذا كان مالك أرض زراعية غير محفظة راغبا في بيع أو كراء هذه الأرض مجزأة، فلا بد له أن يحفظ هذه الأرض بحيث يكتسي التحفيظ في هذه الحالة طابعا إلزامياً.[54]

وفي الحالتين، يكون التحفيظ إلزاميا كشرط لإفراز حقوق عينية لفائدة الأغيار أو لفائدة المالك نفسه، ولا يمكن الاعتداد بتلك التقسيمات المنظمة قانونا ما لم تكن العقارات المراد قسمتها أو تجزئتها محفظة أو في طور التحفيظ.

خاتمة :

في جماع القول، يتضح أن المشرع المغربي–على سبيل الاستثناء-أفرز نوعاً من الإرغام والإلزام للدخول في نظام التحفيظ العقاري، في ظل ما يعرفه القانون من مرونة.وبخاصة،مع مبدأ سلطان الإرادة؛إذ يعد من مظاهر اندثاره تقرير الإجبارية.

وكما هو معلوم، ومن خلال ما تطرقنا إليه، يظهر أن المشرع المغربي يبسط إجراءات التحفيظ ويسهل مأمورية الملاك المجبرين لاعتبارات عدة، على رأسهاتعميم هذا النظام، وهو ما يلاحظ من خلال تكثيف برامج التحفيظ الإجباري من خلال عمليات الضم، وفتح مناطق التحفيظ الجماعي، التي من شأنها ضمان تحفيظ أكبر قدر من الأراضي في سبيل تحقيق تعميم.

 ومع المجهودات الكبيرة التي تقوم بها الوكالة الوطنية للمحافظة على الاملاك العقارية والمسح العقاري والخرائطية في سبيل الرفع من وتيرة تحفيظ الأملاك العقارية، ونظام التعميم الذي تسعى إليه هذه الأخيرة، أبان عن محدوديته نظرا لعدد الأملاك العقارية المحفظة في المملكة.

      والمتمثل في كون أن مجموع الأملاك العقارية المحفظة بمعدل سنوي يصل لـ 315000 رسم عقاري والذي من الممكن ان يفوق 400000 رسم في السنة[55].

فبالرغم من هذا العدد الهائل من الرسوم العقارية في السنة الواحدة، والتي تقارب نصف مليون رسم للسنة، فهو بالنسبة للدارس عدد ضئيل جدا،وبخاصة،أن مجموع العقارات المحفظة في كامل المغرب لا يمثل سوى 15% من مجموع الوعاء العقاري الوطني.

أضف إلى ذلك أن ما يخص التحفيظ الإجباري المقرر في النص العام (ظهير التحفيظ العقاري) في الفصول 51.1 إلى 51.19. لم يتم تجربته بعد إلى حدود كتابة هذه الأسطر.

أما ما يخص الإلزامية، فلا تعدو إلا ان تكون شرطاً،كما ذكرنا، تختلف أهداف تقريره حسب نوعية العقار المشروط عليه تحفيظه، فهو يساهم بالشيء القليل في سبيل التعميم.


الهوامش :

[1]الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.177 في 25 من ذي الحجة 1432 (22 نوفمبر 2011)الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذو الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011)، ص 5575.

[2] ويكي فقه الموسوعة الحوزوريةar.wikifeah.ir   تاريخ الولوج 1/21/2019

[3] خالد لعظيمي، التحفيظ الاجباري وفق قانون 14.07: دراسة مقارنة بالتسجيل التونسي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة الحسن الاول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات، الموسم الجامعي 2012-2013. ص26

[4] ابن منظور، لسان العرب. www.maajim.com تاريخ الولوج: 1/24/2019

[5] مقال منشور في النهار المغربية يوم 16-12-2011، محرك البحث الاخباري مغرس .www.maghress.com، تاريخ الولوج 1/20/2019

[6] لكون المرسوم رقم 2.00.913 بتطبيق القانون القاضي بإحداث الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية. اعطى لوزارة الفلاحة الوصاية؛ وذلك في المادة الثانية منه

[7] الفصل 51.2 من قانون 14.07

[8] الفصل 51.8 من قانون 14.07

[9] الفصل 3.51 من قانون 14.07

[10] –  شكيب حيمود، ”التحفيظ الإجباري وفق مقتضيات القانون رقم 14.07”، مجلة المنبر القانوني، العدد 1، السنة 2012، مطبعة المعارف الجديدة- الرباط. ص 50

[11]عبد الكريم شهبون، الشافي في شرح قانون التحفيظ العقاري الجديد رقم 14.07،مكتبة الرشاد-سطات. الطبعة الأولى 2014. ص139

[12] عبد الكريم شهبون، مرجع سابق ص 149

[13]المختار بن أحمد عطار، التحفيظ العقاري في ضوء التشريع المغربي وفق أحدت التعديلات الطبعة الأولى 2013-2014 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، ص 63.

[14] مأمون الكزبري

[15] ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية

مقال قد يهمك :   واقع تنفيذ الأحكام العقارية في القانون المغربي-الخصوصيات و الصعوبات-

[16] ادريس الفاخوري، نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون رقم 14.07، دار نشر المعرفة، طبعة 2013 ص 17

[17]محمد خيري مستجدات قضايا التحفيظ العقار في التشريع المغربي، المساطر الادارية و القضائية طبعة 2013 مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ص 130.

[18]محمد الزخوني، ضم الاراضي افلاحية بين اصلاح الهياكل العقارية و متطلبات التنمية، رسالة لنيل دبولم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين و البحث في قانون العقود و العقار، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية. جامعة محمد الاول وجدة، السنة الجامعية 2004/2005. ص 57

[19] ظهير شريف رقم 1.62.105 بشأن ضم الأراضي الفلاحية  بعضها إلى بعض، الجريدة الرسمية عدد 2595 بتاريخ 20/07/1962 الصفحة  1705

[20] إدريس الفاخوري، نظام التحفيظ العقاري، مرجع سابق، ص 18

[21] محمد الزخوني، مرجع سابق. ص 3

[22] مأمون الكزبري، مرجع سابق، ص22

[23] ظهير رقم 1-69-32 بتاريخ 10 جمادى الأول 1389 ( 25 يوليوز 1969 ) الجريدة الرسمية عدد 2160 مكرر بتاريخ 13 جمادى 1389 (29 يوليوز 1969 ) ص 2006.

[24] ظهير رقم 1-62-105 مؤرخ في 20 يونيو 1962 منشور بالجريدة الرسمية عدد 2595 بتاريخ 17 صفر 1382 ( 20 يوليوز 1962 )ص 1057. ظهير رقم 1.69.32 بتاريخ 10 جمادى الأولى 1369 25  )يوليوز 1969(يتمم ويغير بموجبه الظهير الشريف رقم 1.62.105 الصادر في 27 محرم 1382 (30 يونيه 1969)بضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض

[25] الفصل 6 من ظهير ضم الاراضي الفلاحية

[26] جعفر البشيري . مسطرة ضم الاراضي الفلاحية، نظام التحفيظ العقاري دعامة اساسية للتنمية (قراءة في مستجدات قانون رقم 14.07)، عدد 21 مطبعة الامنية ، الرباط 2015. ص47

[27]تتركب اللجنة المحلية لضم الأراضي من الأعضاء الآتي ذكرهم: القائد المعني بالأمر بصفة رئيس ؛ القائد المعني بالأمر بصفة رئيس ؛ ممثلان عن المكتب الوطني للري أو عن المكتب الوطني للتجديد القروي للقيام بمهام المقرر ؛   المحافظ على الأملاك العقارية أو نائبه ؛   ممثل عن مصلحة مسح الأراضي ؛ ممثل عن وزارة الأشغال العمومية ؛ رئيس مجلس الجماعة القروية المعنية بالأمر أو أحد المساعدين المعينين من طرفه ؛ ممثل عن الغرفة الفلاحية المعنية بالأمر ؛ أربعة ملاكين مستغلين فلاحيين في الجماعة وإلا فمستغلون غير ملاكين يعين ثلاثة منهم بناء على مداولة المجلس الجماعي والرابع يعينه عامل الإقليم ؛  أعضاء نواب يعينون بنفس الكيفية للحضور في الجلسة عند تغيب عضو رسمي أو تداول اللجنة بشأن طلب يهم أحد الأعضاء الرسميين.

[28]تؤلف اللجنة المختلطة من الأعضاء الآتي ذكرهم : رئيس الدائرة الإدارية التي تضم الجماعات القروية المعنية بالأمر أو ممثله بصفة رئيس ؛ ويساعده عند الاقتضاء القواد المعنيون بالأمر ؛  القاضي أو القضاة المعنيون بالأمر ؛ ممثلان عن المكتب الوطني للري أو عن المكتب الوطني للتجديد القروي للقيام بمهام المقرر ؛  المحافظ على الأملاك العقارية أو نائبه ؛  ممثل عن مصلحة مسح الأراضي ؛ ممثل عن وزارة الأشغال العمومية ؛  رؤساء مجالس الجماعات القروية المعنية بالأمر أو المساعدون المعينون من طرف كل واحد منهم ؛ ممثل عن الغرفة الفلاحية المعنية بالأمر ؛  ملاك مستغل بالقطاع الفلاحي يعينه عامل الإقليم ؛   ملاكون مستغلون بالجماعات المنوي ضم أراضيها وإلا فمستغلون غير ملاكين يعينون بناء على مداولة المجالس الجماعية ويبلغون عددا يجعل مجموع ممثلي الجماعات القروية والغرف الفلاحية والمستغلين الفلاحيين معادلا على الأكثر لعدد مجموع ممثلي الإدارة ؛ أعضاء نواب يعينون بنفس الكيفية للحضور في الجلسة عند تغيب عضو رسمي أو تداول اللجنة بشأن شكوى تهم أحد الأعضاء الرسميين.

[29] الجريدة الرسمية عدد 2597 بتاريخ 03/08/1962 الصفحة  1844

[30]تدعى لجنة الضم ب- اللجنة المحلية – إذا كان الضم لا يهم إلا جماعة قروية واحدة وتدعى- اللجنة المختلطة– إذا كانت تخص عدة جماعات قروية مجاورة. (الفصل الثامن من مرسوم 2.62.240)

[31] الفصل السابع من ظهير ضم الاراضي الفلاحية بعضها الى بعض

[32] الفصل السادس من ظهير ضم الاراضي الفلاحية بعضها الى بعض

[33] قرار محكمة النقض رقم 1918، صادر بتاريخ 27 غشت  1986 ملف مدني رقم  466/84 (غير منشور)، نفس المقتضى يؤكده الفصل الرابع مكرر من ظهير 30 يونيه 1969

[34] جعفر البشيري، مرجع سابق، ص 50

[35] الفصل 14 من ظهير ضم الاراضي الفلاحية بعضها الى بعض

[36] كمثال انظر: مرسوم 2.05.1489 (21نوفمبر2005) يقضي بالمصادقة على ضم الاراضي القروية بعضها الى بعض ( الجماعة القروية الزاوية سايس و سبت سايس و سيدي سماعيل بدائرة سماعيل، اقليم الجديدة ) الجريدة الرسمية عدد5375 3 ذو القعدة 1426 ( 5ديسمبر 2005). ص 3189

[37]جعفر البشيري. مرجع سابق، ص52

[38]ظهير شريف بمثابة ميثاق للاستثمارات الفلاحيةالجريدة الرسمية عدد 2960 مكرر  بتاريخ 13 جمادى الأولى 1389 ( 29 يوليوز 1969) ص  2007.كما تم تعديله ب:

– القانون رقم 26.00 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.01.55 بتاريخ 21 من ذي القعدة 1421 (15 فبراير 2001)؛ الجريدة الرسمية عدد 4882 بتاريخ 19 ذي الحجة 1421 (15 مارس 2001) ص 799.

– القانون رقم 23.97 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.97.171 بتاريخ 27 من ربيع الأول 1418 (2 أغسطس 1997)؛ الجريدة الرسمية عدد 4519 بتاريخ 19 جمادى الأولى 1418 (22 سبتمبر 1997) ص 3754؛

– الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.84.9 بتاريخ 6 ربيع الآخر 1404 (10 يناير 1984)؛ الجريدة الرسمية عدد 3715 بتاريخ 7 ربيع الآخر 1404 (11 يناير 1984) ص 61.

– القانون رقم 18.71 بتاريخ 20 ذي القعدة 1391 (7 يناير 1972)؛ الجريدة الرسمية عدد 3092 بتاريخ 16 ذو الحجة 1391 (2 يبراير 1972) ص 235.

[39] الفصل 6 من قانون الاستثمارات الفلاحية

[40] محمد بن الحاج السلمي، مرجع سابق. ص 75

[41]ظهير 3 يناير 1916 المنشور في الجريدة الرسمية عدد 141 الصادرة بتاريخ 10 يناير 1916. ص38

[42] ظهير شريف مؤرخ في 26 رجب 1337 ( 27 ابريل 1919) المتعلق بتنظيم  ولاية  الدولة  على الجماعات الأهلية وفي ضبط تدبير الأملاك المشتركة بينها و تفويتها، منشور بالجريدة الرسمية عدد 329 بتاريخ 20 ذي القعدة 1337 الموافق ل 18 غشت 1918 كما تم تتميمه و تعديله.
ظهير 12 رجب 1342 (18 فبراير 1924) المتعلق بتحديد الاراضي الجماعية كما تم تعديله و تتميمه

[43]د. محمد خيري، العقار وقضايا التحفيظ العقاري، من خلال القانون الجديد رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري، دار نشر المعارف. طبعة 2014. صفحة 133

[44] ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011). الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر-28 شعبان 1432 (30 يوليو 2011)

[45] الظهير الشريف رقم 1.81.254 صادر في 11 رجب 1402 (6 مايو 1982) بتنفيذ القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت. الجريدة الرسمية عدد 3685 بتاريخ 15/06/1983 الصفحة  980.

[46]إن ايداع الحكم بنقل الملكية لفائدة الجهة نازعة للملكية لدى المحافظة على الأملاك العقارية يترتب عليه، تطهير العقارات المعنية من جميع الحقوق و التحملات، وذلك حسب نوعية العقار موضوع النزع:

فيما يخص العقارات المحفظة، يترتب عليها بحكم القانون نقل الملكية إلى اسم السلطة النازعة للملكية، ويشطب تلقائيا على جميع انواع التقييدات الموضوعة لفائدة الغير، ولا يبقى للمستفيدين الا حق التعويض؛

العقارات في طور التحفيظ يترتب عليها بعد ايداع الحكم لدى المحافظة العقارية، وضع رسوم خالصة من كل تحمل لفائدة السلطة النازعة للملكية بمجرد التحقق من الحدود وإعداد التصميم العقاري، مع العلم بأن الحقوق المحتملة للمتعرضين متى كانت مؤسسة تحول تلقائيا إلى الحق في التعويض؛

اما العقارات غير المحفظة فإن الحكم المذكور يخلص العقارات أو الحقوق العينية المنزوعة ملكيتها من جميع الحقوق والتحملات التي قد تكون مثقلة بها. ويقوم المحافظ بناءً على الحكم بإنشاء رسوم نهائية باسم الجهة النازعة بعد استيفاء كافة الاجراءات القانونية. مع عدم امكانية قبول أي تعرض ولا الحقوق المحتملة لفائدة الغير عدا حق التعويض.

[47] تنص المادة 50 من مدونة الاوقاف، ان الوقف العام هو: كل وقف خصصت منفعته ابتداء او مآلا لوجوه البر و الاحسان و تحقيق منقعة عامة، وتعتبر وقفا عاما بقوة القانون على عامة المسلمين جميع المساجد و الزوايا و الاضرحة  و المقابر الاسلامية … “

[48] المادة 74 من مدونة الأوقاف

[49]حسب الفصل الأول من قانون 25.90 تعد التجزئة العقارية كل :” تقسيم عقار من العقارات عن طريق البيع او الإيجار او القسمة الى بقعتين او اكثر … “

[50] القانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية  و تقسيم العقارات، الجريدة الرسمية  عدد 4159 بتاريخ 14 محرم 1413 ( 15يوليو 1992 ) ص 880. المعدل بقانون رقم 12.66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات  في مجال التعمير  و البناء الصادر  بتنفيذه الظهير الشريف  رقم 1.16.124  بتاريخ 21 ذي القعدة 1437 ( 25 اغسطس  2016)؛ الجريدة الرسمية عدد 6501 بتاريخ 17 ذو الحجة 1437 ( 19سبتمبر 2016). ص 6630.

[51] صادر في 25 من ربيع الاول 1414 ( 12 اكتوبر 1993) لتطبيق القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية. الجريدة الرسمية عدد 4225 بتاريخ 1993/10/20 ص 2057.

[52] ظهير شريف رقم 1.60.036  الصادر في 30ذي الحجة  1379 الموافق ل 25 يونيه 1960، الجريدة الرسمية  عدد 2489 بتاريخ 13 محرم 1380 موافق 8 يوليوز 1960 ص 2098.

[53] مأمون الكزبري، مرجع سابق، ص 23.

[54] مأمون الكزبري،  ص 24

[55] – ارقام رئيسية، الموقع الرسمي للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري الخرائطية،  www.ancfcc.gov.ma  تاريخ الولوج. 23/01/2019 على الساعة 17:44

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)