المغرب يصوت على استعمال”الكيف” في المجال الطبي

العقار المهمل وأثره على النظام القانوني للرسم العقاري

التمكين السياسي للمرأة في المغرب: تقنية الكوتا نموذجا

7 ديسمبر 2020 - 11:19 م المنبر القانوني , في الواجهة
  • حجم الخط A+A-

يوسف قريش باحث قي القانون الدستوري

تمكنت المرأة المغربية من دخول المؤسسة التشريعية للأول مرة مع الانتخابات التشريعية سنة 1993 حيث حصلت على مقعدين حيث كان النظام البرلماني حينها من غرفة واحدة بمقتضى دستور 1992. ويتشكل من 333 مقعدا، ينتخب ثلثاهما باقتراع مباشر والثلث الباقي باقتراع غير مباشر. ومدة ولاية النائب ست سنواتوكانت نسبة المشاركة 63.75%. هذه التمثيلية النساء المهمشة فتح نقاش كبير جول اليات التي يمكن للدولة من خلالها ضمان ولوجيها ومشاركتها في الهيئات المنتخبة ومناصب القرار وعلى رأسها البرلمان،

ومن هذا منطلق ولضمان الحد الأدنى من تمثيلية النساء في المؤسسة التشريعية تم اعتماد انطلاق من2002 نظام الكوطا الى جانب  الاقتراع بالتمثيل النسبي عن طريق اللائحةالوطنية حيث يضع كل حزب سياسي لائحة خاصة بالنساء تعرض على الناخبين، قصد التصويت عليها وطنيا على مستوى الدوائر الانتخابية، وهي تقنية ساهمت نسبيا في الرفع من التمثيلية السياسية للنساء، وصلت إلى 35 امرأة، أي حوالي 11% من المقاعد في البرلمان وفق نتائج انتخابات تشريعية مغربية ل27 سبتمبر 2002  حيث تم تخصيص 30 مقعدا سنة 2002 من أصل 325 مقعد للنساء في إطار اللائحة الوطنية  هو الحد الأدنىبالإضافة إلى 5 نساء فقط تمكن من الفوز بنفس شروط المنافسة مع الرجال ,

في الانتخابات التشريعية الموالية لسنة 2007 سوف تصل 34 امرأة الى قبة البرلمان بنسبة 10%. الى بتراجع مقعد واحد حيث ستتراجع النسبة إلى أربع نساء فقط من خارج نظام الكوطا وهي اخر انتخابات تتم وفق دستور 1996

دستور المغرب في سنة 2011 جاء بقانون تنظيميا جديدا لمؤسسة البرلمان تضمن   آلية تشريعية  جديدة تهدف الى رفع من مستوى التمثيل النسائي إلى 60 مقعدا بدل 30 في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، وهو ما مكن من ولوج 67 امرأة إلى البرلمان أي حوالي 17% من عدد المقاعد كما صادق هذا الأخير على قانون يتعلق بالمجالس المنتخبة يرفع تمثيلية النساء ضمن هذه المجالس من 12% إلى 27% وخلال الانتخابات التشريعية الأخيرة لسنة 2016 ارتفعت تمثيلية النساء إلى 81 امرأة من أصل 395 في مجلس النواب بنسبة 20.5%، 60 منهن وصلن عن طريق اللائحة الوطنية و9 عبر اللوائح المحلية و12 عبر لائحة الشبابوهو ما يمثل زيادة بنسبة 4% في أربع دورات انتخابية تم خلالها اعتماد تقنية الكوطا.

مقال قد يهمك :   الشروط القانونية للقسمة العينية لعقار مشاع (قرار قضائي)

نظام اللائحة الوطنية مكن من إعطاء نتائج ملموسة على مستوى تمثيلية المرأة في البرلمان، إلا أن بعض الانتقادات وجهت إلى نظام الكوطا واعتبرته نظاما غير ديمقراطي ويتناقض ومبدأ المساواة في الحقوق والواجبات ومبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين وبين الرجل والمرأة لكن بشكل عام يستمد شرعيته من مبدأ العدالة الذي يقتضي وجود تمثيلية لشريحة واسعة وأقل حظاكما أنها تبقى حلا مرحليا كما إشارات اليه محكمة الدستورية و أمثل لمجتمع لا يؤمن إلى حد ما بقدرات المشاركة السياسية للمرأة وخاصة على مستوى صناعة القرار وتدبير الشأن العام ويدافع معارضو نظام الكوطا أن هذا النظام يعتبر ريعا سياسيا، معتبرين أنه على الرغم من كونه “اجتهادا على المستوى الدولي بالمقابل من ذلك تعتبر الفئات المؤيدة لنظام الكوطا أنها تدخل في إطار التمييز الايجابي اتجاه المرأة .

يمكن إرجاع استمرار تدني نسبة تمثيلية المرأة خارج نظام اللائحة النسائية أساسا إلى الثقافة السياسية السائدة أي “العقلية الذكورية” صامدة امام الزمان و العولمة  التي تتأسس على تصورات تثق في الأداء رجل أكثر من المرأة في كل القطاعاتوأن قدراتها أقل من قدرات الرجل الذي يبدو أكثر عقلانية وأكثر مسؤوليةبالإضافة إلى عوائق مرتبطة ببنية الداخليةللأحزاب السياسية، وصعوبة تسلق المرأة المناصب داخل الأحزاب هذا دون الحديث المحسوبية  و الريع السياسي وهو ما ينعكس على دور المرأة داخل هذه الأحزاب وبالتالي نوعية الترشيحات النسائية التي تقدمها الأحزاب السياسية، والتي لا تعتمد بالضرورة على الكفاءة وهو ما ينعكس على أدائها ويحول دون تحسين الصورة النمطية عن المرأة.

أكد دستور 2011 مبدأ المناصفة خاصة في الفصول 19 و115 و164 والتي سمحت لنساء بوجود في كل مؤسسات اخيرها خطة العدالة إلا أنها لم تنعكس بشكل كبير على وجود النساء في مراكز القرار داخل الأحزاب السياسيةفباستثناء الحزب الاشتراكي الموحد الذي توجد امرأة على رأس قيادته، لم يطرح أي حزب سياسي إمكانية تولي امرأة منصب الأمين العام للحزب. كما أن الترشح للأمانة العامة للأحزاب يقتصر في أغلب الأحيان على المقربين من مركز القيادةورغم أن بعض الأحزاب السياسية أسسوا لجانا تهتم بمسألة المناصفة وتعمل على تشجيع النساء للترشح للانتخابات، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لتحسين وضعية المرأة داخلالأحزاب

مقال قد يهمك :   وزير العدل يقرر تفعيل مرسوم الخريطة القضائية بإحداث 12 محكمة ابتدائية

حسب تقرير حول تعزيز المساواة بين الجنسين بين الرجل والمرأة في المنطقة الأورومتوسطية أنجز ما بين 2008 و2011، والصادر عن الاتحاد الأوروبي فإن جميع الدول حول العالم حققت مكاسب دالة فيما يرتبط بالمشاركة السياسية للمرأة، على الرغم من كونها عملية بطيئة للغاية. إذ إن هناك فارقا زمنياً بين منح الحقوق وممارستها، بالإضافة إلى بطء بلوغ المرأة مناصب صنع القرار في المجال التنفيذي والتشريعي والقضائي وفي القطاع الخاص وسوق العملوبغض النظر عن كون إدماج المرأة في الحياة السياسية لا يرتبط فقط بالمشاركة في البرلمان والمجالس المنتخبة، ولكن أيضا بتمكينها الفعلي في اتخاذ القرارات الحيوية داخل الدولة وتشجيعها على المشاركة السياسية

تبقى تجربة الكوطا من التجارب المهمة في إشراك المرأة في تدبير الشأن العام، وإن كانت لم تعط النتائج المرجوة منها إلى حدود الساعة، وهو ما يعني أن التشريعات القانونيةوسياسات عمومية لا تكفي لتمكين المرأة من الولوج إلى مراكز القرارولكن أيضا الحد من الاختلالات البنيوية بين الرجال والنساء على المستوى السوسيو-اقتصادي. مع تغيير “العقلية الذكورية” فإن نظام الكوطا لن يحقق هدفه الأساسي المتمثل في إشراك أوسع للمرأة في المجال السياسي.


مـــراجـــع:

  • إدريس لكريني “الكوطا ودورها في تمكين المرأة”، مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، عدد مزدوج 23-24/2013. ص. 55.
  • لمختار الهراس: المرأة وصنع القرار في المغرب” المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى 2008.
  • مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط، بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية، موقع المندوبية السامية للتخطيط، شتنبر 2017، الرابط : هنا
  • تقرير حول تحليل الوضع الاقليمي، “الحقوق الإنسانية للمرأة والمساواة على أساس النوع الاجتماعي في المنطقة الأورومتوسطية”، تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة في المنطقة. برنامج ممول وصادر عن الاتحاد الأوروبي.
  • حليمة أبروك: نساء في البرلمان… ماذا قدمن للمغربيات؟ منشور على موقع أصوات مغاربية وللمزيد من المعلومات الاطلاع على الرابط التالي: هنا
  • الكوطا النسائية… وسيلة لرفع المشاركة السياسية للمرأة أم ريع سياسي؟”، موقع لكم، غشت 2016 الرابط التالي: هنا
  • خطاب السيد النائب رشيد العبدي نائب رئيس مجلس النواب في افتتاح الندوة الجهوية حول المرأة في السياسة، موقع مجلس النواب، يوليوز 2018، الرابط : هنا
مقال قد يهمك :   مقومات المحاكمة الجنائية العادلة بين الدستور والتشريعات الوطنية

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)