القيمة القانونية للوثيقة المشهود بمطابقتها للأصل وانتهاء صلاحيتها بمرور الزمان

الاجتهاد القضائي وإشكالية التحرش المعنوي

الضوابط القانونية الهادفة لحماية النشاط البنكي خلال فترة جائحة كورونا

24 أغسطس 2020 - 11:00 م المنبر القانوني
  • حجم الخط A+A-

أسامة نجم الدين  خريج ماستر قانون المقاولة و باحث بسلك الدكتوراه في العلوم القانونية بجامعة محمد الخامس 

أثناء تطرقنا للمجهودات التي تعمل عليها الدولة في زمن كورونا داخل القطاعين الخاص و العام ، فلابد من الاشارة الى المشاكل التي يعاني منها الأشخاص الذاتية و المعنوية من خلال سوء المعاملة البنكية مع طلباتهم للحصول على قرض أو تأجيل سداده ، مما يؤدي لوصف تعامل الأبناك بسلبية حادة حيث غالبا ما تصطاد الفرص لتزيد من أرباحها على حساب فقر الضعفاء من خلال التفافها و تحايلها على القرارات الحكومية المخففة لآثار جائحة كورونا .

ومن جهة أخرى ولما كانت خطورة النشاط البنكي وأهمیته في الاقتصاد الوطني هي التي فرضت على المشرع المغربي التدخل بغیت اخضاع ممارسة هذا النشاط للتنظیم، فلقد كان منالضروري ان یتم في نفس السیاق فرض ضوابط وتدابیر على عمل المؤسسات البنكیة اذ ان ترك الحریة المطلقة لهذه المؤسسات في مزاولة عملها وفق ما تملیه علیها مصالحها ها مصالحها

الذاتية من شأنه أن يفضي إلى نتائج قد تؤثر بالسلب على القطاع البنكي .

ويمكن إجمال هذه الضوابط الهادفة لحماية النشاط البنكي في مجموعة من الشروط الموضوعية و الشكلية التي فرض المشرع ضرورة توافرها لممارسة المهنة البنكية .

فإلى أي حد استطاع المشرع المغربي حماية النشاط البنكي ؟

لذلك ارتأينا أن نقسم هذا الموضوع وفق التصميم التالي :

المطلب الأول : الضوابط الموضوعية الهادفة لحماية النشاط البنكي

المطلب الثاني : الضوابط الإجرائية الخاصة بحماية النشاط البنكي

المطلب الأول: الضوابط الموضوعية الهادفة لحماية النشاط البنكي

لقد فرض المشرع مجموعة من الضوابط القانونية التي يجب توافرها في المؤسسات التي تسعى الى ممارسة المهنة البنكية وكدا في مؤسسها والاشخاص المزمع ان تسند لهم مهمة تسييرها وتدبيرها وذلك حتى لا يمارس هذا النشاط إلا من قبل المؤسسات المؤهلة، و بغية تحقيق حماية مزدوجة لكل من النشاط البنكي كمهنة واصحاب الحقوق المرتبطة بالبنوك من دائنين ومودعين وغيرهم من جهة اخرى،  مما يضمن خلو النشاط البنكي من المؤسسات الغير القادرة على ممارسته، ومن الأشخاص الغير المؤهلين من الناحية التقنية والأدبية لمزاولة المهنة البنكية، وتتمثل هذه الضوابط في فرض توافر مجموعة من الشروط على كل من يريد ممارسة المهنية البنكية.

وتتوزع هذه الشروط بين الشروط اللازم توافرها في المؤسسة البنكية (الفقرة الأولى) والشروط اللازمة توفرها في الأشخاص المؤسسين والمسيرين. (الفقرة الثانية).

  الفقرة الأولى: الشروط الخاصة بالمؤسسة البنكية.

تنص المادة 35 في فقرتها الأولى على انه “لا يجوز أن تؤسس مؤسسات الائتمان الموجودة مقارها الاجتماعية بالمغرب إلا في شكل شركة مساهمة ذات رأس مال ثابت أو تعاونية ذات رأس مال متغير باستثناء المؤسسات التي حدد لها القانون نظاما خاصا”

فالمشرع اشترط على المؤسسة او المقاولة التي تنوي الولوج لمزاولة المهنة البنكية اتخاذ شكل شركة مساهمة، وذلك راجع بالأساس الى دوافع تتعلق بتأمين وحماية هذه المؤسسات بالدرجة الأولى،  بالإضافة الى ان هذه الشركة تعتبر في نظر القانون النوع الوحيد في الشركات التي تمتاز بنظام فعال فيما يخص التسيير والرقابة، كما ان منح المؤسسات البنكية شكل موحد من شأنه ان يسهل عملية المراقبة عن طريق قواعد قانونية موحدة، مما يضمن فعاليتها على مستوى التنظيم والمراقبة.

ناهيك عن الشفافية التي تتمتع بها هذه الشركة في إطار أعمال الإدارة والتسيير، مما يوفر حماية أكثر لحقوق المودعين والبنوك،  والقدرة على اجتذاب الادخار الصغير والمتوسط بتصغير قيمة القيم المنقولة التي تصدرها.

وزيادة على الشكل فرض المشرع المغربي على البنك التوفر على رأسمال ثابت، مما يعني منعه من التوفر على رأس مال متغير أو قابل للتغيير بالنسبة لشركات المساهمة، ويقصد بمبدأ إثبات رأس المال، ان تفتح الشركة الباب أمام المدخرين للاكتتاب في رأسمالها مرة واحدة، بحيث تجمع رأسمالها كله عند انطلاقها.

وهكذا فان المشرع اعتبر راس مال المؤسسة البنكية أحد الضمانات الأساسية التي تعزز كل ما سبق ذكره، اذ يشكل من جهة الضمان العام للدائنين من مودعين ومقترضين ويعتبر من جهة اخرى الإدارة المالية الكفيلة بتمكين هذه المؤسسة من القيام بالغرض الذي انشئت من اجله كما يشكل الدرع الواقي من المخاطر المترتبة عن العمليات التي تزاولها المؤسسة البنكية طالبة الاعتماد.

 وإذا كان مفهوم راس المال بالنسبة للبنوك لا يختلف بصفه عامة عن مفهومه بالنسبة للشركات المساهمة فان القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها قرر حرصا ومحافظة على ملاءمة الذمة المالية للبنوك المغربية ان تكون بصفه دائمة اصول كل مؤسسة بنكية تزيد عن الخصوم المستحقة عليها بمبلغ لا يقل بالفعل في وقت من الاوقات على الراس المال الأدنى.

مقال قد يهمك :   قراءة في الفصل 110 من الدستور على ضوء الاجتهاد القضائي الإداري

وبما انه ألزم المؤسسات البنكية بأن تكون أصولها أكثر من خصومها بصفة دائمة بمبلغ يساوي على الأقل الراس المال الأدنى، فإنه يكون بذلك قد وضع قاعدة عامة تحدد الحد الأدنى الذي لا يمكن ان ينزل عنه رأس المال او يخفض دونه.

اذ يجب أن يكون للمؤسسة راس مال كاف لتحقيق أغراضها، بحيث يعد شرط الحد الأدنى لرأسمال شرطا أساسيا في التنظيم، وهذا ما تؤكده المادة 36 من القانون البنكي. فمزاولة المهنة البنكية لا يسمح بها إلا للمؤسسات التي تتوفر على الوسائل المادية والتقنية الكفيلة بتمكينها من القيام بعملها في ظروف جدية تضمن مصالحها ومصالح المتعاملين معها وتساعد في خدمة الاقتصاد الوطني.

وهناك شروط أخرى ذات طابع اقتصادي يمكن اجمالها بالخصوص في التزام بضرورة جودة المشروع المزمع إنجازه وملاءمته بالنسبة للوسائل البشرية والتقنية والمالية للشخص الاعتباري طالب الاعتماد.

ومما لا شك فيه أن هذه الشروط والوسائل القانونية تجعل المؤسسات البنكية في وضعية مالية مريحة تمكنها من أداء دورها بصورة تحفظ سمعة المهنة البنكية وتحقق الحماية الكافية لكل المتعاملين مع البنوك.

  الفقرة الثانية: الشروط الخاصة بأشخاص المؤسسة البنكية.

دفعت المكانة التي تحتلها المهنة البنكية في الاقتصاد الوطني وتعدد المصالح الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بممراستها، بالمشرع المغربي الى وضع مجموعة من الشروط الواجب توفرها في أشخاص المؤسسات البنكية، تحت طائلة المنع من أي نشاط يتعلق بهذه المهنة، ذلك ان مصلحة الزبناء والجمهور تقتضي احيانا حرمان عدد من الاشخاص من ممارسة المهنة البنكية.

فقد نصت المادة 38 من القانون البنكي على أنه لا يجوز لأي شخص أن يؤسس مؤسسة ائتمان أو يسيرها أو يديرها أو يدبرها أو يصفيها، بأي وجه من الوجوه:

– إذا صدر في حقه حكم نهائي من أجل جناية أو إحدى الجنح المنصوص والمعاقب عليها بالفصول من 334 إلى 391 ومن 505 إلى 574 من القانون الجنائي؛

– إذا صدر في حقه حكم نهائي من أجل مخالفة للتشريع الخاص بالصرف؛

– إذا صدر في حقه حكم نهائي عملا بالتشريع الخاص بمكافحة الإرهاب؛

– إذا سقطت أهليته التجارية عملا بأحكام المواد من 711 إلى 720 من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة ولم يرد إليه الاعتبار؛

– إذا صدر في حقه حكم نهائي من أجل إحدى المخالفات المنصوص عليها في المواد من 721 إلى 724 من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة؛

–  إذا صدر في حقه حكم نهائي عملا بأحكام المواد من 182 إلى 193 من هذا القانون؛

–  إذا وقع التشطيب عليه بصفة نهائية لأسباب تأديبية من إحدى المهن المنظمة؛

-إذا صدر في حقه حكم نهائي عملا بالتشريع الخاص بمكافحة غسل الأموال؛

– إذا أصدرت في حقه محكمة أجنبية حكما اكتسب قوة الشيء المقضي به من أجل إحدى الجنايات أو الجنح المشار إليها أعلاه.

وبالتالي يظهر لنا على ان المشرع المغربي قد سعى من خلال هذه المادة الى توفير حماية خاصة لكل المتعاملين مع مؤسسات الائتمان، بحيث منع على الأشخاص الذين لا يتحلون بصفات الشرف والمروءة اللازمين في المجال التجاري من ممارسة المهنة البنكية، كما انه لم يتوقف عند حالات سبق الإدانة بجناية او جنحة ينص عليها القانون بل إنه عزز قائمة الممنوعين بفئة الأشخاص الذين صدرت في حقهم عقوبة الشطب لأسباب تأديبية من إحدى المهن المنظمة والذين لم يرد إليهم الاعتبار وذلك ضمانا للمصداقية والشفافية وحماية للائتمان والادخار، وحفاظا على سمعة المهنة البنكية.

فالمشرع اقصى الاشخاص الذين لا يتحلون بالشرف والمردودية المطلوبة خاصة في المجال البنكي نظرا لما يحتله هذا الأخير من مكانة مهمة في الاقتصاد الوطني  بحكم الدور الرئيسي الذي تلعبه البنوك في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وهذا ما دفع بالمشرع إلى التوسيع من دائرة الأشخاص المشمولين بالمنع بإضافة المصفين، على اعتبار ان الشخص الذي يرتكب الأفعال التي تم التنصيص عليها في المادة 38 يفتقد صفات الشرف والميزات الواجبة توافرها في الشخص البنكي.

وبهذا يكون المشرع قد حاول ما أمكن قطع الطريق على كل من تسول له نفسه تدنيس المهنة البنكية بسلوكيات مشينة تسيء الى سمعتها وتمس بحقوق ومصالح الزبناء، وبالتالي مسايرة التوجهات المسطرة على مستوى السياسة المالية والنقدية وطنيا ودوليا.

مقال قد يهمك :   هل قلتم الفقه القانوني؟ أي فقه تقصدون؟

وإضافة الى ما سبق، نجد الشروط الخاصة بتعارض المهام او الجمع بين المهام، أو ما يطلق عليها بشروط التنافي، أي عدم الجمع بين وظيفتين رئيسيتين في البنك ووظيفة رئيسية في مؤسسة أخرى،  وقد أحسن المشرع في اعتماد هذا الشرط لان من شأن الجمع بين مهمتين لا يشجع الا على التجاوزات، وتفضيل مؤسسة على أخرى.

وهكذا يظهر لنا على أن تسيير المؤسسة البنكية في ظروف تضمن مصالحها ومصالح المتعاملين معها بمختلف فئاتهم، لا يتوقف فقط على شروط النزاهة والاستقامة، بل هو رهين كذلك باستقلالية وحياد الطاقم المشرف على هذا التسيير من أجل تجنب تعارض المصالح الذاتية للمسيرين مع مصالح البنك الذي يتولون إدارته وتدبيره وتسييره.

المطلب الثاني: الضوابط الإجرائية الخاصة بحماية النشاط البنكي.

منع المشرع المغربي على اي شخص غير معتمد باعتباره مؤسسة ائتمان او مؤسسة أداء أن يحترف بصفة اعتيادية القيام بالعمليات البنكية ضمانا لحماية الثقة العامة والقطاع البنكي من اي إفلات من الرقابة قد تؤدي إلى التلاعب والاستغلال السيء للأموال.

اذ قبل مزاولة مؤسسات الائتمان لأنشطتها يجب ان تكون معتمدة سلفا من لدن والي بنك المغرب بعد استطلاع هذا الاخير لرأي لجنة مؤسسات الائتمان (الفقرة الأولى) في المقابل رتب المشرع على مخالفة ضوابط ممارسة النشاط البنكي مجموعة من الجزاءات التأديبية والجنائية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: ضوابط الحصول على الاعتماد البنكي

فلا يكفي مجرد توفر الشروط السابقة في المؤسسة الراغبة في ممارسة النشاط البنكي في المغرب وانما لابد من ان تقدم طلب الى بنك المغرب بقصد الحصول على اعتماد.

وغني عن البيان أن المشرع يرمي من خلال إخضاع ممارسة المهنة البنكية للإذن المسبق إلى الحرس قدر الإمكان على إحاطة هذه المهنة بالعديد من الضمانات، نظرا لما تكتسيه مختلف العمليات التي تقوم بها البنوك من خطورة على جميع المصالح المرتبطة بها.

اذ يتعين على المؤسسة الراغبة في مزاولة المهنة البنكية ان توجه طلبات الاعتماد لمزاولة النشاط كمؤسسة ائتمان، في شكل بنك أو شركة تمويل، أو كمؤسسة أداء إلى بنك المغرب الذي يتأكد على الخصوص من تقيد الشخص الاعتباري طالب الاعتماد بأحكام المواد 35 و36 و37 و38 و44 وأيضا قبل صدور مقرر الاعتماد التأكد من مدى ملائمة الوسائل البشرية والتقنية والمالية للشخص المعنوي طالب الاعتماد.

فوالي بنك المغرب لا يصدر مقرر الاعتماد إلا بعد التأكد من تحقق كل الشروط المتطلبة قانونا وبعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان، ثم يعمد بعد ذلك الى تسجيل المؤسسة المعنية في لائحة مؤسسات الائتمان الممسوكة على مستوى مؤسسة بنك المغرب والتي تحين يوما بيوم كما يمكن أن يكون منح الاعتماد رهينا باحترام الالتزامات المالية التي تعهد بها طالب الاعتماد.

وبالنسبة لعملية اندماج بنكين أو أكثر أو عملية ضم مؤسسة بنكية لمؤسسة ائتمان أخرى، فإنها تتوقف على الحصول على اعتماد جديد وفق الشكليات المقررة في المادة 34 من قانون 103.12 السابقة الذكر.

بحيث ان اندماج مؤسستين بنكيتين مثلا إذا لم تتم مراقبته بشكل صارم فقد يؤدي الى استغلال تعسفي للوضع المهيمن، او الى عملية تركيز اقتصادي، ما من شأنه أن يؤدي الى الاخلال بقواعد المنافسة في الميدان البنكي، مما قد يؤثر بشكل سلبي على سمعة المهنة البنكية وكذا مستهلكي الخدمات البنكية أيضا.

ويجب على البنك المركزي أن يبلغ قرار منح الاعتماد أو رفضه المعلل إلى المنشأة طالبة الاعتماد داخل أجل لا يزيد عن أربعة أشهر من تاريخ تسلم جميع الوثائق والملف، وإذا منحت المنشأة الاعتماد فيجب نشره في الجريدة الرسمية، وتبليغ نسخة منه إلى الوزير المكلف بالمالية وإلى الجمعية المهنية المعنية.

 وقد خولت المادة 52 من قانون رقم 103.12 لوالي بنك المغرب صلاحية سحب الاعتماد من إحدى مؤسسات الائتمان، وذلك إما بطلب من المؤسسة نفسها، أو في إحدى الحالات التالية:

إذا لم تستخدم المؤسسة اعتمادها داخل أجل 12 شهرا من تاريخ تبليغ مقرر منح الاعتماد؛

إذا انقطعت المؤسسة عن مزاولة نشاطها منذ 6 أشهر على الأقل؛

إذا لم تعد المؤسسة مستوفية للشروط التي منح على أساسها الاعتماد؛

إذا أصبحت وضعية مؤسسات الائتمان مختلة بشكل لا رجعة فيه؛

مقال قد يهمك :   مبدأ الوقاية كأساس جديد للمسؤولية المدنية

وقد يكون أحيانا سحب الاعتماد بمثابة عقوبة تأديبية لإحدى مؤسسات الائتمان جراء مخالفتها للنصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمزاولة المهنة البنكية، كما قد يكون بطلب من المؤسسة نفسها، وقبل أن يقوم بنك المغرب بسحب الاعتماد يجب عليه أن يقوم باستطلاع رأي اللجنة التأديبية، وعند اتخاذ قرار السحب يجب أن يبلغه إلى المؤسسة المعنية بالأمر، وأن ينشره في الجريدة الرسمية، وتبلغ أيضا نسخة منه إلى الوزير المكلف بالمالية وإلى الجمعية المهنية المعنية.

ويترتب على سحب الاعتماد التشطيب على المؤسسة المعنية من قائمة مؤسسات الائتمان ثم تصفيتها.

الفقرة الثانية: الجزاءات التأديبية والجنائية

تعتبر البنوك إحدى أهم الدعامات التي يقوم عليها الاقتصاد، فهي تلعب دورا كبيرا في تجميع الأموال من المدخرين ووضعها رهن إشارة الاستثمارات الداخلية والخارجية، وهذا الدور الكبير الذي تلعبه البنوك في تجميع الأموال جعلها منذ القدم الأكثر استهدافا من طرف المجرمين ومحل طمع من قبل الكثيرين، وفي مقابل ذلك ونتيجة لدورها في الاقتصاد الوطني أولاها المشرع عناية خاصة من خلال تنظيم آليات لحماية النشاط البنكي بشكل قانوني محكم ووضع القواعد القانونية الزجرية التي تجرم وتعاقب على المساس بها.

هكذا نجده سن مجموعة من العقوبات التأديبية والجنائية، أما بخصوص الجزاءات التأديبية فقد أحاطها القانون 103-12 بمقتضى الفصول من 172إلى 179، على العموم تتمثل هذه العقوبات في عقوبات مالية في حالة عدم الامتثال لقواعد هذا القانون تقتطع مباشرة من حسابات مؤسسة الائتمان التي تتوفر على حساب لدى بنك المغرب، علاوة على توقيف واحد أو أكثر من المسيرين وكذا المنع أو الحد من القيام ببعض العمليات من قبل مؤسسات الائتمان المعنية فضلا عن تعيين مدير مؤقت وإمكانية سحب الاعتماد.

 أما بخصوص الجزاءات الجنائية فقد أقر القانون 12-103 مجموعة من الجزاءات الجنائية من بينها عقوبة الحبس من ستة أشهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 100.000 درهم إلى 5.000.000 أو بإحدى هاته العقوبتين على كل شخص يحترف بصفة اعتيادية القيام بالعمليات البنكية من غير أن يكون معتمدا قانونا باعتباره مؤسسة ائتمان أو بإنجاز عملية لم يمنح بشأنها الاعتماد، ومن ناحية أخرى نجد عقوبات تنزل على ممثلي مؤسسة الائتمان في حالة قيامهم بشكل عمدي بتبليغ بنك المغرب بمعلومات غير صحيحة وتتجسد في الغرامة من 100.000 درهم إلى 1.000.000 درهم،  إلى جانب العقوبات الواردة في منظومة القانون الجنائي للأعمال لاسيما الفصول 242- 547-549-550 منه.

ختـــــــــــامــا:

وعموما فإن النشاط البنكي يظل يلعب دورا مهما في الحياة الاقتصادية… وحركة الأموال، ونظرا للمخاطر التي يمكن أن تعصف بالمؤسسات البنكية خلال هذه الجائحة  والتي يكون لها أثر عسير جلي على أطراف العلاقة البنكية من جهة وعلى الصعيد المالي والاقتصادي من جهة أخرى، فإن المشرع حاول إحاطة هذه المخاطر والخروقات التي يمكن أن تقع في الحياة البنكية بسياج من الحماية من خلال مجموعة من المقتضيات القانونية ومن خلال مجموعة القواعد العامة والخاصة التي تكفل حماية أشد للنشاط البنكي.

ومن خلال هذه الدراسة حبذا لو يعمل المشرع المغربي على:

  • تعزيز مكافحة الجرائم الماسة بحماية النشاط البنكي بنصوص قانونية أخرى أكثر ضمانا ودقة؛
  • تنظيم قواعد المنافسة الغير المشروعة بنصوص قانونية خاصة في القانون البنكي.
  • التشديد في الجزاءات الجنائية المفروضة على مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها في حالة ارتكابها أحد الأعمال الماسة بسلامة الأنشطة البنكية.

لائحة المراجع

  • الـمـؤلـفـات بالعربية:
  1. نور الدين الفقيهي، المعين في فهم القانون البنكي المغربي، طبعة 2015.
  2. محمد الأطرش، محاضرات في القانون البنكي لسنة 2015-2016 بجامعة القاضي عياض كلية الحقوق.
  3. شوقي كوتار “رقابة بنك المغرب على مزاولة المهنة البنكية” دار القلم، دون ذكر مكان النشر، 2015.
  4. محمد محبوبي، النظام القانوني للعلامات في ضوء التشريع المغربي المتعلق بحقوق الملكية الصناعية والاتفاقيات الدولية، الطبعة الثانية، 2011.
  • الـمراجع باللـغـة الأجـنـبـيـة:

1-Christian Gavalda- Jean Stoufflet, droit bancaire, Octobre 2010.

2-Dan Chilly- Stéphane Sébéloué, les métiers du risque et du contrôle dans la banque, Mars 2014.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)