حكيم وردي يكتب عن مدى قدرة القانون لكبح ثقافة الفضيحة في عصر التكنولوجيا

سليمة فراجي : هل يستوي الوزير و المياوم في أداء مستحقات الطلاق ؟

النيابة العامة بالمجلس الأعلى للحسابات : الفعالية المنشودة

23 يناير 2019 - 8:04 م وجهة نظر
  • حجم الخط A+A-
  •   محمد البوشوكي دكتور في القانون العام.

طبقا لاختصاصاته الدستورية و القانونية فالمجلس الأعلى للحسابات يتوفر على جهاز النيابة العامة حسب المادة 14 في الفصل 2 القانون رقم 62.99 لمدونة المحاكم المالية و يمارس مهام النيابة العامة لدى مجلس الوكيل العام للملك الذي يعين لهذا الغرض بواسطة ظهير يحدد وضعيته الإدارية و لا يقوم بمهام النيابة العامة إلا في المسائل القضائية المسند النظر فيها إلى المجلس و يساعده في ذلك محامون عامون كما يمارس هذه المهام على مستوى المجالس الجهوية للحسابات وكلاء الملك بمساعدة نائب أو عدة نواب.

هكذا وتتدخل النيابة العامة في الميادين ذات الصبغة القضائية في مادة التدقيق و البت في الحسابات و في مادة التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية

غير أن إشكالية الفعالية تطرح و بقوة فيما يتعلق بالأدوار المنوطة بالنيابة العامة لدى المجلس الأعلى للحسابات التي تبقى أدوارا استشارية لا غير دون الارتقاء إلى اختصاصات النيابة العامة في القضاء العادي باعتبار النيابة العامة الحجر الأساس لأي جهاز قضائي كما تعتبر مقياسا للأنظمة السياسية السائدة في الدول ناهيك لدى القضاء المالي الذي يعتبر الرقيب الأوحد لحماية المال العام وحماية الاقتصاد الوطني و الحفاظ على السلم الاجتماعي .

هذا يحيلنا إلى بعض الفقه الناشئ الذي يؤكد محدودية الأدوار لدى النيابة العامة بالمجلس الأعلى للحسابات التي تبقى أدوارا تحريكية و ضبطية في سير الإجراءات و مساعدة البرلمان و الحكومة “الفصل 148 من الدستور” و بالتالي لا يمكن بأي شكل من الإشكال القول أن النيابة العامة لدى المجلس الأعلى للحسابات جهازا قضائيا إلا إذا كان يتمتع باستقلالية تامة عن الجهاز التنفيذي فسلطات المجلس كانت ولا تزال سلطات استشارية لا غير فدور المجلس إذن دور لجان توصي ولا تقرر.

مقال قد يهمك :   حكيم وردي يكتب عن مدى قدرة القانون لكبح ثقافة الفضيحة في عصر التكنولوجيا

هذا لا يخفي ان جهاز النيابة العامة لدى المجلس الأعلى تقوم بدور هام في تفعيل الآليات القانونية التي من شأنها حماية المال العام و خصوصا فيما يتعلق بمادة التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية خير دليل العقوبات الصادرة في حق مسؤولين في التقارير الأخيرة للمجلس الأعلى للحسابات,,غير أن العقوبات اقتصرت على غرامات مالية و الحكم باسترجاع قيمة المبالغ المطابقة للخسارة موضوع الاختلاسات .

غير أن التساؤل الهام هنا هل الغرامات كافية للحفاظ على المال العام و الحد من الجرائم المالية ?علما أن التقارير الأخيرة توضح أن العقوبات تعتمد على مدونة المحاكم المالية و هي تشكل غرامة يحدد مبلغها حسب خطورة و تكرار المخالفة و على أن لا يقل مبلغ الغرامة عن ألف درهم عن كل مخالفة , هذا ويمكن الجزم بالتعقيدات التي تحيط بمكافحة الجرائم المالية فإن هذا النوع من الجرائم تتطلب قضاء مستقلا كفيلا بحماية المال العام و تخليق الحياة العامة هذا يتطلب إحداث أقسام لجرائم الأموال العامة على مستوى محاكم الاستئناف طبقا لأحكام القانون 36..10 هذا ما يؤكد محدودية المجلس الأعلى للحسابات و النيابة العامة لديه في التعامل مع الاختلاسات و الجرائم المتعلقة بالمال العام  إذ ما جدوى المحاكم المالية و أقسام متخصصة في جرائم الأموال موجودة بمحاكم الاستئناف أو القضاء العادي ? من هنا نستخلص أن المجلس لا يرمي إلى قضاء مالي اذ لا يعدو أن يكون مجلسا استشاريا يصدر تقارير سنوية على شكل ملاحظات تخص المخالفات المالية للمؤسسات العمومية و الأحزاب و الجمعيات .

لهذا فرهانات كبرى تبقى لصيقة بجهاز النيابة العامة لدى المجلس الأعلى للحسابات إن لم يكن هناك نوع من التقييم و إعادة النظر في مفهوم الفعالية و الاستقلالية عن السلطة التنفيذية .

ضمانا لمبدأ الحياد و توطيدا لمفهوم الشفافية في التعاطي مع الملفات الكبرى موضوع المال العام و حمايته و تنزيلا سليما للدستور كهدف أسمى للمواطن العادي قبل المسؤول .

مقال قد يهمك :   سليمة فراجي: النموذج التنموي بجهة الشرق وموقع المحامي في هذا النموذج

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)