تدبير الحراسة النظرية بين حماية الحقوق و ضمان الحريات

23 أكتوبر 2022 - 10:52 م مقالات , القانون الخاص , في الواجهة , مقالات
  • حجم الخط A+A-

اوزان زوهير باحث في العلوم القانونية

لقد شغلت حقوق الإنسان حيزا مهما من جهود المجتمع الدولي فعملت التشريعات و المواثيق و الدولية على تحصين تلك الحقوق من خلال تبني العديد من المبادئ و الضمانات  التي من شأنها توفير الحماية لها و تعزيزالتمتع بالحريات، كما القت التزامات على عاتق الدول تتقيد بموجبها باحترام تلك الحقوق و الحريات.

وقد تبنى  المشرع المغربي تلك المبادئ و جعل تشريعه يتلاءم و تلك الاتفاقيات إذ نص في ديباجة الدستور على أن المملكة تتعهد بالتزام بتنزيل ماجاء في تلك الاثفاقيات و تؤكد تشبتها باحترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وهو ما تم تجسيده  من خلال التعديلات التي عرفتها القوانين الداخلية.

و مما لا شك فيه أن محاكمة المتهم مجال خصب لتكريس العديد من تلك الحقوق والضمانات و لا سيما في مرحلة  البحث التي يكون البحث و التحري لازال قائما ولم تثبت التهمة بعد في حق من وجهت إليه، فالدولة عند ممارسة حقها في العقاب و الردع  و الحفاظ على  الاطمئنان المجتمعي يجب أن تلتزم بحماية الحقوق وضمان حريات الأفراد ،و هو الأمر الذي دفع بالمشرع إلى تبني نصوص عديدة تحث على احترام تلك الحقوق و  الحريات و تعمل على مراعات كافة الضمانات التي تكفلها سواء على مستوى القانون الجنائي أو قانون المسطرة الجنائية.

و إجراء الحراسة النظرية له أهميته في مسار حماية حقوق الإنسان لذلك اهتم القانون المغربي بضبط هذاالإجراء المهم و الخطير الذي يمارسه ضباط الشرطة القضائية ، و الذي يمس على قدر كبير بالحرية الشخصية في مرحلة قد لا تتوفر فيها دلائل بعد على ارتكاب الشخص للجريمة اللهم إذا تعلق الأمر بحالة التلبس.

لذلك فأحاطه المشرع من خلال قانون المسطرة الجنائية بمجموعة من الضمانات التي تجعل منه إجراءا استثنائيا، فعمل على تحديد شروطه و مدته و أحكام مهمة تضمنتها المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية و ذلك تماشيا مع الفصل 23 من دستور المملكة و تأكيدا على التزام المشرع بما هو وارد في الإتفاقيات و المواثيق الدولية التي صادق عليها.

فما هي الضمانات التي كرسها المشرع للموضوع رهن تدابير الحراسة النظرية حماية لحقوقه وحريته   ؟

 للاجابة عن هذا التساؤل سنتطرق لإجراءات الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية  وشروطه التي تشكل ضمانة لضبط هذا الإجراء في المحور الأول و من ثم الحديث عن مدى احترام ضمانات إجراءات القبض على الاشخاص و الاستماع إليهم في المحور الثاني.

  • المحور الأول: إجراءات الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية.
  • المحور الثاني: واجب احترام ضمانات إجراءات  القبض على الاشخاص و الاستماع إليهم.

المحور الأول: إجراءات الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية.

تكاد تجمع مختلف الدساتير عبر العالم على عدم جواز حرمان أي شخص من حريته [1]، ومن ثم فإن الأصل هو عدم جواز تقييد حرية الشخص في التنقل وفي حقه الذهاب والإياب، أما الاستثناء فهو المساس بهذه الحرية والحد منها وهو ما لا ينبغي أن يباشر إلا في إطار الحالات المنصوص عليها في القانون.[2]

وقد تحدث المشرع المغربي عن الوضع تحت الحراسة النظرية في الفقرة الأولى من المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية أنه: “إذا تطلبت ضرورة البحث أن يحتفظ ضابط الشرطة القضائية بشخص أو عدة أشخاص ممن أشير إليهم في المادة 65 أعلاه ليكونوا رهن إشارته فله أن يضعهم تحت الحراسة النظرية ….

وعليه فالوضع تحت الحراسة النظرية يظل إجراء ذو طابع استثنائي لما يشكله من مساس خطير بقرينة البراءة على الخصوص ومقتضيات حقوق الإنسان بصفة عامة ،و هو ما جعل المشرع يعمل على إحاطته بالعديد من الضوابط والضمانات،ووضع مجموعة من الشروط التي من شأنها أن تشكل حصانة لضبط هذا الإجراء وعدم المساس بحقوق الفرد و حريته لأن الأصل في الإنسان البراءة.

أولا:احترام الشرعية الإجرائية للوضع رهن تدابير الحراسة النظرية.

إن مبادئ العدالة تقتضي ألا يعاقب أحد على فعل كان مباحا في الأصل – الأصل في الأشياء الإباحة – فليس من العدل مؤاخذة الشخص على أفعال أتاها اعتقادا منه أنها مباحة بل العدل يقتضي أن يقوم المشرع ببيان الجرائم وعقوباتها حتى يكون الفاعل على بينة فيما يأتيه من أفعال وذلك في إطار الشرعية الجنائية الذي يتخذ من مبدا لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص أساسا له، و لا يقتصر الأمر على ذلك لحماية حقوق الأفراد و حرياتهم بل يجب أن يكون الإجراء المتخذ مستوفيا للشروط اللازمة لإتخاذه وفق ما حدده القانون .و إجراء الحراسة النظرية لا يمكن اللجوء إليه إلا بوجود جريمة معاقب عليها بالحبس و تستدعي البحث فيها.

     إن الوضع تحت الحراسة النظرية يرتبط بوجود جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس[3]،ويترتب عن ذلك أن أنه لا يسمح بالوضع تحت تدابير الحراسة النظرية في حالة الجنح المعاقب عليها بغرامة مالية  أو من أجل المخالفات مطلقا لكونها غير معاقب عليها بالحبس[4].

     وبناء على ذلك يجب أن تكون الجريمة المقترفة معاقب عليها بالحبس وان تتوفر أدلة وقرائن دامغة ومتوافقة ضد المشتبه فيه حتى يمكن وضعه تحت الحراسة النظرية ، كما ان النيابة العامة لا تملك حق الإذن بتمديد فترة الوضع تحت الحراسة النظرية إلا إذا وجدت أدلة قوية ومتناسقة تؤكد نسبة الجريمة إلى المشتبه فيه.

  • ضرورة البحث تتطلب اعتماد إجراء الحراسة النظرية :

حيث جاء في الفقرة الأولى المادة 66 من ق.م.ج” إذا تطلبت ضرورة البحث أن يحتفظ ضابطا لشرطة القضائية بشخص أوعدة أشخاص ممن أشيرإليهم في المادة 65 أعلاه ليكونوا رهن إشارته، فله أن يضعهم تحت الحراسة النظرية لمدة لا تتجاوز 48 ساعة تحسب ابتداء من ساعة توقيفهم، وتشعر النيابة العامة بذلك.. “و هو نفس السياق الذي ذهب إليه المشرع من خلال نص  الفقرة الأولى من المادة 80 من ق. م. ج الذي جاء فيها” إذا تعلق الأمر بجناية أوجنحة يعاقب عليها بالحبس،وكانت ضرورة البحث التمهيدي تقتضي من ضابط الشرطة القضائية إبقاء شخص رهن إشارته، فله أن يضعه تحت الحراسة النظرية لمدة لا تتجاوز ثمان وأربعين ساعة بإذن من النيابة العامة. ويتعين لزوما تقديمه إلى وكيل الملك أو الوكيل العام للملك قبل انتهاء هذه المدة “.

ووفق هذا المقتضى فقد أوكل المشرع المغربي الى ضابط الشرطة القضائية مسألة تحديد ما إذا كانت ضرورة البحث تستدعي وضع شخص تحت الحراسة النظرية حسب ظروف و ملابسات كل قضية على حدة [5].

و حسنا فعل المشرععندما قام في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية بحصرالأسباب التي يعد تحقق أحدها أمر يسمح باللجوء إلى تدبير الحراسة النظرية  من خلال نص المادة 66-1 و الذي جاء فيها أن “الحراسة النظرية تدبير استثنائي لا يلجأ إليه إلا إذا تبين أنه ضروري لأحد الأسباب التالية:

  • الحفاظ على الأدلة و الحيلولة دون تغير معالم الجريمة.
  • القيام بالأبحاث و التحريات التي تستلزم حضور أو مشاركة المشتبه فيه.
  • و ضع المشتبه فيه رهن العدالة و الحيلولة دون فراره.
  • الحيلولة دون ممارسة أي ضغط على الشهود أو الضحايا أو أسرهم أو أقاربهم.
  • منع المشتبه فيه من التواطؤ مع الأشخاص المساهمين أو المشاركين في الجريمة.
  • حماية المشتبه فيه.
  • وضع حد للاضطراب الذي أحدثه الفعل بسبب خطورته أو ظروف ارتكابه أو الوسيلة التي استعملت في ارتكابه،أو أهمية الضرر الناتج عنه أو بالنظر لخطورة المشتبه فيه.

ثانيا: احترام الإجراءات المسطرية للوضع رهن تدبير الحراسة النظرية.

يتمتع الشخص المقبوض عليه و الذي تم وضعه رهن تدبير الحراسة النظرية  بحقوق في مواجهة هذا الإجراء و ذلك بموجب المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية و التي تعد تنزيلا للاتفاقيات و المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب و الفصل 23 من دستور المملكة إذ يجب على ضابط الشرطة القضائية عند مباشرة هذا التدبير احترام الإجراءات المسطرية التي سطرها المشرع .

احترام ضابط الشرطة القضائية لمدة الحراسة النظرية:

ضابط الشرطة القضائية  ذو الصفة الذين تم تعدادهم في قانون المسطرة الجنائية من خلال المادة 19و20 و 27 و كذلك بعض النصوص الخاصة، هم من منحهم المشرع سلطة الوضع رهن الحراسة النظرية مع تقييدهم بعدم تجاوز مدتها و احترام المدد المنصوص عليها فمن أجل ضرورات البحث التمهيدي لا يمكن الاحتفاظ بشخص في الحراسة النظرية لمدة 48 ساعة إلا بإذن النيابة العامة[6]،وتختلف مدة الحراسة النظرية باختلاف نوع    الجريمة موضوع البحث بحسب ما يأتي:

       – في حالة التلبس بالجريمة حددت المادة 66 من ق م ج مدة الحراسة النظرية في 48 ساعة لا يمكن لضابط الشرطة القضائية أن يتجاوزها، ويتم احتسابها من ساعة توقيف الشخص على أن تشعر النيابة العامة بذلك، ويمكن بإذن كتابي من النيابة العامة لضرورة البحث تمديد مدة الحراسة النظرية لمرة واحدة ولمدة أربع وعشرين ساعة.(الفقرة الأولى والثانية من المادة 66 من ق م ج(.

–  بالنسبة للجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي، فإن المشرع حدد مدة الحراسة في 96 ساعة قابلة للتمديد مرة واحدة فقط بناء على إذن من النيابة العامة (الفقرة الثالثة من الفصل 66 من ق م ج).

–  بالنسبة للجرائم الإرهابية فقد تم تحديد مدة الحراسة النظرية في ستة وتسعين ساعة قابلة للتمديد مرتين لنفس المدة بناء على إذن كتابي من النيابة العامة عند كل تمديد (الفقرة الرابعة من نفس المادة).

أما في الحالة العادية، فإن مدة الوضع تحت الحراسة النظرية هي نفس المدة المطبقة في حالة التلبس مع بعض الاختلافات المتعلقة بضرورة حصول ضابط الشرطة القضائية على إذن كتابي من النيابة العامة ليقوم بهذا الإجراء وكذا ضرورة تقديم الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية أمام ممثل النيابة العامة عند تمديد مدة الوضع الأولى.

ويمكن بصفة استثنائية منح الإذن المذكور بموجب مقرر معلل بأسباب دون أن يقدم الشخص إلى النيابة العامة.[7]

و يبدأ احتساب مدة الحراسة النظرية الأصلية منذ ساعة إيقاف الشخص المعني و بالنسبة للتمديد من الساعة التي تنتهي فيها المدة الأصلية و التي يشار إليها عادة في قرار التمديد.

  • مسك سجل خاص بالحراسة النظرية:

نص المشرع المغربي في الفقرات 15 إلى 19 من المادة 66 من ق. م ج  على ضرورة مسك سجل في كل المحالات التي يمكن أن يوضع فيها الأشخاص الخاضعين لإجراء الحراسة النظرية[8].

وهو سجل ورقي أوجب القانون ترقيم صفحاته وتذييله بتوقيع وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية[9]، حيث جاء في المادة 66 على أنه يجب مسك سجل ترقم صفحاته وتذيل بتوقيع وكيل الملك في كل المحلات التي يمكن أن يوضع فيها الأشخاص تحت الحراسة النظرية.

مقال قد يهمك :   Salma Moubtakir: impact of globalisation on the personal data protection law in Morocco

حيث تقيد في هذا السجل هوية الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية وسبب ذلك وساعة بداية الحراسة النظرية وساعة انتهائها، ومدة الاستنطاق وأوقات الراحة والحالة البدنية والصحية للشخص المعتقل والتغذية المقدمة له.

كما يجب أن يوقع في هذا السجل الشخص الذي وضع تحت الحراسة النظرية وضابط الشرطة القضائية بمجرد انتهائها،وإذاكان ذلك الشخص غيرقادرعلى التوقيع أو الإبصام، أورفض القيام به يشارإلى ذلك في السجل.

و يتم عرض هذا السجل على وكيل الملك للاطلاع عليه ومراقبته والتأشير عليه مرة في كل شهر على الأقل.

و فيما يخص سجلات مراقبة الأحداث فإن قانون المسطرة الجنائية لم يفرض صراحة على ضابط الشرطة القضائية مسك هذا السجل و اكتفى بالنص في المادة 460 من قانون المسطرة الجنائية على ” يمكن، دون المساس بمقتضيات المادة 470 الآتية بعده، لضابط الشرطة القضائية المكلف بالأحداث أن يحتفظ بالحدث المنسوب إليه الجرم في مكان مخصص للأحداث لمدة لا يمكن أن تتجاوز المدة المحددة للحراسة النظرية. وعليه أن يتخذ كل التدابير لتفادي إيذائه. “[10]

المحور الثاني: واجب احترام ضمانات إجراءات  القبض  على الأشخاص و الاستماع إليهم.

كفل المشرع المغربي للأفراد مجموعة من الحقوق و ذلك عن طريق التنصيص عليها من خلال دستور29 يوليوز 2011 والقانون الجنائي والمسطرة الجنائية وقوانين خاصة أخرى، وذلك التزاما منه بتنزيل ما تضمنته المعاهدات و المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

و نظرا للطابع القسري لإجراء الحراسة النظرية و ما يشكله من خطورة على حريات الأفراد و حقوقهم فقد عمل المشرع على سن مجموعة من الضمانات التي تنظم هذا الإجراء و التي تكفل للمقبوض عليهم حماية لحقوقهم في ظل الحفاظ على استقرارو أمن المجتمع.

      لذلك فإن أفراد الشرطة القضائية الذين أسند إليهم المشرع إمكانية اتخاذ هذا الإجراءاستكمالا لمهمة البحث و التحري اذا ما بلغ الى علمهم ارتكاب جريمة معينة وفي اطار الكشف عن ملابساتها مطالبون باحترام تلك الضوابط و الضمانات التي سنها  المشرع للتخفيف من الطابع القسري لهذا الإجراءسواء عند إلقاء القبض أو الإستماع إلى المشتبه فيه.

أولا:الضمانات المتعلقة بإلقاء القبض على المشتبه فيه ووضعه رهن الحراسة النظرية

يمكن  لضباط الشرطة القضائية عند قيامهم بمهام البحث و التحري إلقاء القبض على كل شخص مفيد في التحريات يعتقد أنه على صلة بالجريمة و كلما استدعت ضرورة البحث إيقافه، و هو إجراء ذو طابع خطير اذا ما تم استعماله بشكل تعسفي، نظرا لكونها مرحلة يحدد بناء على نتائجها مصيرالشخص موضوع البحث ، كما أن هذا الإجراء ينصب على حرمان الشخص من حريته ويقيده ، وإن كان المشرع قد برر اللجوء الى هذا التدبير و ربط ذلك بالحيلولة دون  تغيير معالم الجريمة اوفرار المشتبه فيه من خلال وضعه رهن اشارة ضابط الشرطة القضائية و ذلك إلى أن تنتهي تحرياته تسريعا لعملية البحث، فكل هذا يظل رهينا باحترام الحقوق المسطرية للموضوعين رهن تدابير الحراسة النظرية.

       – اشعار المشتبه فيه بالمنسوب إليه عند إلقاء القبض عليه وإشعار عائلته

لا شك أن إشعار الشخص المودع تحت الحراسة النظرية بدواعي اعتقاله يعد من أوجب حقوقه المسطرية التي شرعت لمواجهة هذا التدبير السالب للحرية، ذلك أن أهم عناصر حق الدفاع التي يتعين كفالتها للمشتبه فيه ضرورة إعلامه بالجريمة المرتكبة والأسباب المبررة للاحتفاظ به رهن الاعتقال[11] .

وهذا الإخطار هو من متطلبات الحق في الشفافية التي يتعين أن يتوفر في مسطرة البحث[12]، بوصفه نوعا من الطمأنينة الداخلية للشخص القابع رهن الاحتجاز بعد أن صار على دراية كاملة بدواعي احتجازه، فيبادر إلى تأسيس دفاعه إزاءها وتفنيذها بما يثبت فسادها[13].

و قد رفع المشرع الدستوري المغربي حق إشعار الشخص بدواعي اعتقاله إلى مصاف الحقوق الدستورية منذ سنة 2011، و هو ما نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل 23 من الدستور[14] ، وهي تعديلات همت أيضا المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية لسنة 2002 في فقرتها الثانية [15]، وهو ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية و اتي جاء فيها أنه “إذا تعلق الأمر بمشتبه فيه يتعين على ضابط الشرطة القضائية إشعاره بالأفعال المنسوبة إليه”.

غير أن تقنين حق الاشعار بدواعي الاعتقال لا يكفي لوحده لتحقيق الغاية التي قصدها المشرع من وراء إقراره، إذ يتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يبادر الى اشعارعائلة المحتجز كذلك، و هو الأمر الذي وظفه المشرع في الفقرة الخامسة من المادة 66 من ق.م.ج ،إذ يقوم ضابط الشرطة القضائية بإشعار عائلة المحتجز، فور اتخاذ قرار وضعه تحت الحراسة النظرية بأية وسيلة من الوسائل ويشير إلى ذلك بالمحضر[16]،و هو حق يروم إلى الإبقاء على قدر من الاتصال  و التواصل بين الشخص المحتجز و محيطه العائلي[17]

 و المشرع المغربي لم يحدد وسيلة معينة للقيام بإشعار العائلة وقد صرح من خلال الفقرة الأخيرة من المادة 67 من ق.م.ج على أن إشعار عائلة المحتجز يتم  بأية وسيلة من الوسائل ويشير إلى ذلك بالمحضر،في الوقت الذي اقتصر فيه المشرع الفرنسي على الإشعار بواسطة الهاتف  من خلال مقتضيات المادة 2-63 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي[18].

ويجب، في كافة الأحوال و وفق الفقرة الخامسة من نص المادة 460 من ق.م.ج  إشعار ولي الحدث أو المقدم عليه أو وصيه أو كافله أو حاضنه أو الشخص أو المؤسسة المعهود إليها برعايته بالإجراء المتخذ، وذلك وفقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 67 من هذا القانون.

  • إشعار النيابة العامة بالوضع تحت الحراسة النظرية:

وذلك وفق ماجاء في الفقرة الأولى من المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية الذي جاء فيها” إذاتطلبت ضرورة البحث أن يحتفظ ضابط الشرطة القضائية بشخص أوعدة أشخاص ممن أشيرإليهم في المادة65 أعلاه ليكونوا رهن إشارته، فله أن يضعهم تحت الحراسة النظرية لمدة لا تتجاوز 48 ساعة تحسب ابتداء من ساعة توقيفهم، وتشعر النيابة العامة بذلك”، حيث ينبغي أن يتم هذا الإشعار بالنسبة لكل حالة على حدة فوراتخاذ القرار بوضع الشخص تحت الحراسة النظرية،و لم يوضح المشرع كيفية اشعار النيابة العامة بوضع شخص تحت الحراسة النظرية و بالتالي فإنه يمكنه أن يتم هذا الإشعار بأي شكل كان[19].

و تكمن أهمية هذا الإجراء في تمكين قيام النيابة العامة بمراقبة الوضع تحت الحراسة النظرية وفق ما جاء في الفقرة الأخيرة من المادة 66 من ق.م.ج[20] .

حيث يتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يوجه يومياً إلى النيابة العامة لائحة بالأشخاص الذين تم وضعهم تحت الحراسة النظرية خلال الأربع وعشرين ساعة السابقة.

  • إشعارالمشتبه فيه بحقه في التزام الصمت:

لا خلاف في أن حق الصمت والإشعار به مرتبط بإجراء القبض على المشتبه فيه او ايداعه في الحراسة النظرية حسب ما تنص على ذلك صراحة المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الثانية، ومن ثم فإن هذا الحق لا يرتبط في التشريع الإجرائي المغربي بإجراء الاستماع إلى المشتبه فيه لأن الإشعار به يسبق هذا الإجراء [21].

ويأتي التاكيد على ضرورة إشعارالمشتبه فيه بحقه في التزام الصمت في  سياق تحقيق مجموعة من المكتسبات لضمان المحاكمة العادلة وخاصة في مرحلة الوضع تحت الحراسة النظرية التي جاءت  به المادة 66 [22] من قانون المسطرة الجنائية الصادر في 3 أكتوبر 2002 والتي عدلت في17 أكتوبر 2011 بعدما تعززت بمقتضيات الفصل 23 من الدستور الجديد[23]، التزاما من المشرع بضمانات حقوق الإنسان كما نصت على ذلك المواثيق الدولية ذات الصلة والقانون الدولي الإنساني[24].

فللمشتبه فيه الحرية في اختيار طريقة الدفاع التي يراها مناسبة، كما له الحق في إبداء أقواله بحرية [25]،وله حق الإنكار و العدول عن تلك الأقوال فيما بعد إذا رغب في ذلك[26].

 فحق المشتبه فيه في التزام الصمت ذو طابع دستوري كما حدد ذلك الفصل 23 من دستور 2011 ، وهوأيضا ما يفهم من المادة 66[27] ، فلا يجوز إكراه المشتبه فيه على الإدلاء بإفادته إن رغب عن ذلك،و بالتالي لا يجوز اتخاذ صمته كدليل لإدانته ،فيحق له عدم الإجابة على الاسئلة الموجهة عليه[28]، إذ  يشكل هذا الحق أحد أهم الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة[29]، و هولصيق الصلة بمبدأ البراءة لدى الانسان، ولعل في إقراره وكفالته تحقيق التوازن بين المصلحة العامة للمجتمع وعدم إهدار حقوق الأفراد وحرياتهم[30]. ومن ثم يكون أي انتهاك له أو اعتداء عليه يشكل اعتداء على ضمانات المحاكمة المكرسة في أسمى القوانين الداخلية،[31].

ثانيا: ضمانات المشتبه فيه عند الاستماع إليه.

إن الاستماع إلى المشتبه فيه إجراء يباشره ضابط الشرطة القضائية حتى يتمكن من معرفة الحقيقة و محاولة منه للكشف عن ملابسات الجريمة و نسبتها أو نفيها ، حيث يمكن للشخص المشتبه فيه تفنيد جميع الأدلة التي قامت ضده .

ونظرا لأهمية هذا الاجراء و ما قد ينتج عنه بادر المشرع المغربي و على غرار العديد من التشريعات التي عملت على احترام و تكريس التوصيات و البنود الواردة في الاتفاقيات و المواثيق الدولية إلى إحاطة هذا الإجراء بضمانات تكفل للأفراد حماية حقوقهم و تصون كرامتهم من أي اعتداء عند قيام ضابط الشرطة القضائية بالاستماع إليهم بمناسبة الأبحاث والتحقيقات.

  • الحق في حماية السلامة الجسدية

ضمانا لسلامة الموضوع رهن تدابير الحراسة النظرية الجسدية عمل المشرع المغربي على تكريس مقتضيات تجرم كافة أشكال التعذيب الذي قد يتعرض لها من أجل انتزاع تصريحات أواعترافات ، و هو الأمر الذي تم بموجب القانون 04.43 المؤرخ في 14 فبراير 2006[32]، من الفصول 231-1 إلى 231-8 التي همت تعريف التعذيب و تحديد الأفعال المشكلة له و العقوبات المخصصة لردعه ،و يؤكد دستورالمملكة لسنة 2011 نبذه للتعذيب و كل الممارسات القاسية أو للاإنسانية أو المهينة ضد الأشخاص مهما كانت طبيعتها أو أيا كانت الجهة المسؤولة عنها[33]،و هو المقتضى الذي نص عليه الفصل 22 من دستور المملكة[34] .

كما يحسب للمشرع تنصيصه في المادة 73 ق.م.ج على إمكانية طلب دفاع المشتبه به إجراء فحص طبي على هذا الأخير لكشف آثار العنف والتعذيب، أو أي إكراه مادي يمكن ملاحظة أثاره على جسم الإنسان.

 كما يمكن لوكيل الملك تلقائيا أو بطلب من المتهم، الأمر بإجراء فحص طبي للتأكد من مصدر تلك الجروح ومعرفة من المسؤول عن حدوثها (الفقرة 8 من المادة 74 ق.م.ج) وتحديد نوعيتها والوسيلة المستعملة في حصولها وتاريخ وقوعها، وذلك لمعرفة إذا ما وقعت أثناء تواجد المتهم تحت الحراسة النظرية[35]،هذا ناهيك عن  إمكانية المطالبة بالخبرة الطبية أمام قاضي التحقيق من طرف المتهم، أو عند مثوله أمام المحكمة بمناسبة دفعه ببطلان محضر ضباط الشرطة القضائية (الفقرة الأولى من المادة 194 من ق.م.ج[36].

مقال قد يهمك :   محمد اهتوت: مسطرة الأمر بالأداء في القانون المغربي

وإذا تعلق الأمر بحدث يحمل آثاراً ظاهرة للعنف أو إذا اشتكى من وقوع عنف عليه يجب على ممثل النيابة العامة وقبل الشروع في الاستنطاق إحالته على فحص يجريه طبيب،كما يمكن أيضاً لمحامي الحدث أن يطلب إجراء هذا الفحص .[37]

و إن كان المشرع المغربي – على عكس التشريع الفرنسي[38] – لم يفرض إجراء الفحص الطبي عند وضع الشخص رهن الحراسة النظرية من طرف ضباط الشرطة القضائية،غير أن ذلك لا يمنع ضابط الشرطة القضائية المكلف من تمكين الموضوع تحت الحراسة النظرية من الإسعافات الضرورية  و التطبيب إذا مادعت وضعيته الصحية ذلك  وقد ذهبت مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية في المادة 67 إلى أنه ” يتعين على ضابط الشرطة القضائية إخضاع الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية لفحص طبي بعد إشعار النيابة العامة إذا لاحظ عليه مرضا أو علامات أو آثارا تستدعي ذلك،ويشار إلى هذا الإجراء بالمحضر و بسجل الحراسة النظرية،و يضاف التقرير الطبي المنجز إلى المحضر المحال على النيابة العامة”وفي الفقرة الأولى من الفصل 74 إلى أن اعترافات المتهم تعد باطلة في المحضرإذا ما تم رفض طلب اجراء الفحص الطبي الذي يتقدم به المتهم أو دفاعه من طرف ضابط الشرطة القضائية.

و ضمانا لسلامة الأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية  الجسدية و حماية لحقوقهم الأساسية ،|و في إطار تنزيل أحكام المادتين 66 و 460 من قانون المسطرة الجنائية تم صدور مرسوم 2.22.222 المتعلق بتحديد قواعد نظام التغذية للأشخاص الموضوعين رهن تدبير الحراسة النظرية  و الأحداث المحتفظ بهم و كيفيات تقديم الوجبات الغذائية على نفقة و ميزانية الدولة و الذي تم نشره بالجريدة الرسمية في 18 شوال 1443-19ماي 2022- بحيث يدخل حيز التنفيذ في أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ نشره.

  • الحق في الاستعانة بالمحامي:

ضمانا لمصداقية التصريحات التي تصدر عن الشخص الموضوع رهن الحراسة النظرية مكن المشرع الموضوعين تحت الحراسة النظرية من حقهم في الاتصال بمحامي،إذ يستلزم ذلك ترخيص مسبق من النيابة العامة[39]( الفقرة العاشرة من المادة 66 من ق.م ج)، غير أنه إذا تعذر الحصول على ترخيص النيابة العامة خاصة لبعد المسافة، فإن ضابط الشرطة القضائية يأذن بصفة استثنائية للمحامي بالاتصال بالشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية، على أن يرفع فوراً تقريراً في هذا الشأن إلى النيابة العامة[40].

و يتم الاتصال بالمحامي في الساعات الأولى من اعتقال المتهم[41] و ذلك قبل انتهاء نصف المدة الأصلية للحراسة النظرية، سواء تعلق الأمر بتعيين محامي من طرف المشتبه فيه أو طلب تعيينه في إطار المساعدة القضائية.

غير أنه إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية أو بالجرائم المشار إليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية فإن الاتصال بالمحامي يتم قبل انصرام المدة الأصلية للحراسة النظرية.

و ينحصر الاتصال المسموح بين المحامي والشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية  في مدة ثلاثين دقيقة وفق لما هو وارد في الفقرة العاشرة من نص المادة 66 من ق.م.ج، باستماع المحامي لأقوال و مطالب المحتجز والأفعال المنسوبة إليه و ذلك بغرض إعطائه للاستشارات القانونية المطلوبة أو لإعداد أوجه دفاعه فيما سيأتي في المراحل المقبلة للمسطرة[42].

غير أنه حفاظا على سرية البحث التمهيدي وتماشيا مع سيرورته العادية فإنه يمكن للنيابة العامة تأخير اتصال المحامي بموكله بناء على طلب من ضابط الشرطة القضائية، متى اقتضت ضرورة البحث على أن لا يتجاوز هذا الحظر أو التأخير 48 ساعة اعتبارا من التمديد الأول، وهذا ما نصت عليه الفقرة التاسعة من المادة 66 من ق م ج بقولها : “يمكن لممثل النيابة العامة تأخير اتصال المحامي بموكله، بناء على طلب من ضابط الشرطة القضائية، إذا اقتضت ذلك ضرورة البحث كلما تعلق الأمر بجريمة إرهابية أو بالجرائم المشار إليها في المادة 108 من هذا القانون على أن لا يتجاوز ذلك التأخير مدة ثمان وأربعين ساعة ابتداء من التمديد الأول”.

و تجدر الإشارة إلى أن المشرع من خلال مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية قد سعى إلى تعزيز حق المشتبه فيه  في الدفاع و ذلك بإقراره لحق الاتصال بمحامي  انطلاقا من الساعة الأولى لتوقيفه بمقتضى المادة 66-2 في فقرتها السابعة ” يتم الاتصال بمحامي ابتداءا من الساعة الأولى لإيقاف المعني بالأمر، ويمكن لممثل النيابة العامة، كلما تعلق الأمر بوقائع تشكل جناية أو جريمة إرهابية واقتضت ضرورة البحث ذلك، أن يؤخر بصفة استثنائية، اتصال المحامي بموكله بناء على طلب من ضابط الشرطة القضائية على ألا تتجاوز مدة التأخيرنصف المدة الأصلية للحراسة النظرية”.

كما أن المشرع في هذا المشروع قد منح للمحامي إمكانية حضور الاستماع للمشتبه فيهم من الأحداث المحتفظ بهم طبقا للفقرة الأولى من المادة 460 أو الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية و المصابين بإحدى العاهات(الفقرة الثانية عشر من المادة 66-2 من مسودة مشروع قانون المسطرةالجنائية).

  • الاستعانة بالمترجم

و يندرج حق الاستعانة بمترجم ضمن حقوق المساعدة القانونية التي يجب أن يحصل عليها المشتبه فيه الذي لا يجيد التحدث باللغة التي تنجز بها مسطرة البحث، وهي ضمانة يجب توفيرها له في سائر مراحل الدعوى الجنائية من أجل تحقيق محاكمة عادلة

وقد أشار الدستور المغربي في المادة 23 [43] منه تلميحا، إلى حق المشتبه فيه في الاستعانة بمترجم، عندما ذكر عبارة “بكيفية يفهمها”  التي تفترض وجود من قد لا يستطيع فهم أو التحدت باللغة التي تباشر بها الابحاث، فكان لزاما مخاطبته بلغة يفهمها تحقيقا للإنصاف والعدالة [44].

ولعل الاستعانة بمترجم من طرف ضابط الشرطة القضائية، وإن كان يشكل ضمانة أساسية من ضمانات المشتبه فيه، إلا أنه يعد وبالقدر نفسه- إن لم يكن أكثر- حقا مخولا لضابط الشرطة القضائية يعينه على إنجاز أبحاثه بطريقة عادلة وفعالة [45]،وذلك وفق ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 21 من ق.م.ج”[46].

ضمانات تتعلق بشكليات محضر الاستماع :

أوجب المشرع على كل ضابط من ضباط الشرطة القضائية أن يبين في محضرالإستماع لأي شخص وضع تحت الحراسة النظرية، يوم وساعة ضبطه، ويوم وساعة إطلاق سراحه أوتقديمه إلى القاضي المختص، كما يجب أن يتضمن محضر الاستماع هوية الشخص المستمع إليه ورقم بطاقة تعريفه عند الاقتضاء، وتصريحاته والأجوبة التي يرد بها عن أسئلة ضابط الشرطة القضائية[47]، وسبب الوضع تحت الحراسة النظرية وساعة بداية الحراسة النظرية وساعة انتهائها، ومدة الاستنطاق وأوقات الراحة والحالة البدنية والصحية للشخص المعتقل والتغذية المقدمة له، ويقرأ المصرح تصريحاته أو تتلى عليه وفقا للمادة 24 من ق.م.ج ، ويشار إلى ذلك بالمحضر ثم يدون ضابط الشرطة القضائية الإضافات أو التغييرات أو الملاحظات التي يبديها المصرح، أو يشير إلى عدم وجودها. ويصادق ضابط الشرطة القضائية والمصرح على التشطيبات والإحالات.

يوقع المصرح إلى جانب ضابط الشرطة القضائية على المحضر عقب التصريحات وبعد الإضافات ويدون اسمه بخط يده. وإذا كان لا يحسن الكتابة أو التوقيع يضع بصمته ويشار إلى ذلك في المحضر.[48]

خاتمة:

       ينصب اهتمام المشرع في اطار سياسته الجنائية على ايجاد مقاربة أمنية  لأجل محاربة الجريمة بشتى مظاهرها ، لكن دون أن يؤثر ذلك سلبا على مسار المحاكمة العادلة أو أن يكون ذلك على حساب المساس بحقوق الأفراد و تقييد حرياتهم ،و لعل ما يعرفه تدبير الحراسة النظرية من إجراءات ماسة بهذه الجوانب قد تشكل مجال خصبا للعديد من الخروقات التي تنتهك فيه هذه الحقوق و الحريات و رغم أن المشرع قد أحاط هذه المرحلة بضمانات مختلفة إلا أنها لا تعد كافية بالقدر الذي يجنب إجراءاتها تلك الخروقات.

و هو الأمر الذي قد دفع المشرع  في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية إلى المبادرة بالتنصيص على الطابع الاستثنائي للوضع تحت تدابير الحراسة النظرية و تحديد الحالات التي يستوجب فيها اعمال هذا الاجراء عندما حصر مجموعة من الأسباب التي تسمح باللجوء إلى تدبير الحراسة النظرية، و التي يبقى مطالبا بتحيينها كلما دعت الضرورة لذلك ضمانا لحقوق الانسان و حماية لحريته.


المراجع

  • أحمد آيت الطالب، الوسيط في أعمال الشرطة القضائية وأساليب البحث الجنائي  إجراءات البحث الماسة بالحرية،  دراسة تحليلية نقدية لإجراءات الشرطة القضائية الماسة أو المقيدة للحرية الشخصية على ضوء مستجدات قانون المسطرة الجنائية وكذا العمل الميداني لمصالح الشرطة القضائية والمعايير الدولية لحقوق الانسان” الطبعة الاولى،مطبعة المعارف الجديدة،الرباط 2010 .
  • عبد الكافي ورياشي، ضمانات المشتبه فيه أثناء مرحلة البحث التمهيدي- دراسة مقارنة-، الجزء الأول ، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 2018.
  • عبد الكافي ورياشي، ضمانات المشتبه فيه أثناء مرحلة البحث التمهيدي- دراسة مقارنة-، الجزء الثاني ، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 2018.
  • محمد جلال السعيد،المحاكمة العادلة في قانون المسطرة الجنائية لسنة 2002،سلسلة إصلاح القضاء و التنمية السوسيواقتصادية،الجزء الخامس،يناير2012.
  • محمد عبد الحميد الألفي، شروح عملية في قانون المسطرة الجنائية المغربي (دراسة مقارنة) طبقا لأحدث قرارات المجلس الأعلى المغربي وأحكام محكمة النقض المصرية، الجزء الثاني- السلطات المكلفة بالتحري عن الجرائم وإجراءات البحث-، دار محمود للنشر والتوزيع-عابدين-القاهرة،بدون طبعة، التوزيع بالمغرب، مكتبة الرشاد.
  • محمد خميس: “الاخلال بحق المتهم في الدفاع” الطبعة الثانية منشأة المعارف، الاسكندرية، 2006.
  • ميلود غلاب: عمل النيابة العامة بين الواقع والقانون، السلسلة الثانية، تسيير ومراقبة أعمال الشرطة القضائية، الطبعة الاولى، مطبعة أفولكي، تزنيت، 2006.
  • إدريس عبد الجواد عبد الله بريك،ضمانات المتهم في مرحلة الاستدلال،دار الجامعة الجديدة للنشر ،الإسكندرية، 2005.
  • عادل ابراهيم اسماعيل صفا، سلطة مأمور الضبط القضائي بين الفعالية و ضمان الحريات و الحقوق الفردية، القاهرة 2001،مطبعة النسر الذهبي.
  • هشام بنعلي، بطلان الإجراءات الجنائية- دراسة تأصيلية نظرية وعملية مقارنة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية ،جامعة محمد الأول بوجدة، السنة الجامعية 2014-2015.
  • عبد الغني النجار،ضمانات المشتبه فيه أثناء مرحلة البحث التمهيدي،رسالة لنيل شهادة الماستر ، جامعة مولاي اسماعيل،كليةالعلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية،مكناس، السنة الجامعية،2010-2011.
  • صباح البوعناني، ضمانات المحاكمة العادلة مرحلة البحث التمهيدي على ضوء قانون المسطرة الجنائية و مشروع التعديل المرتقب، بحث لنيل دبلوم الماستر في شعبة القانون الخاص، جامعة عبد الملك السعدي، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بطنجة، السنة الجامعية 2016-2017.
  • إيمان المهاجر،ضمانات المحاكمة العادلة بين المقاربة الحقوقية والأمنية ،بحث لنيل دبلوم الماستر في شعبة القانون الخاص ،جامعة عبد المالك السعدي،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بطنجة،السنة الجامعية 2016-2017.
  • محمد عز الدين صلاح جرادة: حق المتهم في الصمت وفقا للقانون الفلسطيني دراسة مقارنة، رسالة لنيل الماجستير في القانون العام، كلية الحقوق بجامعة الأزهر بغزة، 2014 .
  • ظهير شريف رقم 1.02.255 صادر في 25 من رجب 1423 ( 3 أكتوبر 2002 ) بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 27 ذي القعدة 1424 (30 يناير2003).
  • ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011) بتنفيذ نص الدستور، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليو 2011)، ص 3600.
  • القانون رقم 04-43 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.06.20 بتاريخ 15 من محرم 1427 (14 فبراير2006)، الجريدة الرسمية عدد 5398 بتاريخ 24 محرم 1427(23 فبراير 2006).
  • مسودة مشروع قانون يقضي بتغيير و تتميم قانون المسطرة الجنائية نسخة 17/11/2014.
  • العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية اعتمد و فتح باب التوقيع و التصديق عليه و الانضمام إليه بقرار الجمعية العامة 2200 د- 21 المؤرخ ديسمبر 1966 الذي دخل حيز التنفيذ في 23 مارس وفقا لأحكام المادة 49.
  • اتفاقية مناهضة التعذيب و غيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 دجنبر 1984.
  • Aziz En-nefkhaoui :la garde a vue (une reforme en trompe loeil ، almilaf) n 23 2015
مقال قد يهمك :   خالد خالص: واجبات الانخراط والاشتراك في هيئات المحامين بالمغرب-دراسة نقدية-

الهوامش:

[1]– ينص الفصل 23 من الدستور المغربي 2011 على أنه: ” لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته، إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون.

الاعتقال التعسفي أو السري والاختفاء القسري، من أخطر الجرائم، وتعرض مقترفيها لأقسى العقوبات.

يجب إخبار كل شخص تم اعتقاله، على الفور وبكيفية يفهمها، بدواعي اعتقاله وبحقوقه، ومن بينها حقه في التزام الصمت. ويحق له الاستفادة، في أقرب وقت ممكن، من مساعدة قانونية، ومن إمكانية الاتصال بأقربائه، طبقا للقانون.

قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان.

يتمتع كل شخص معتقل بحقوق أساسية، وبظروف اعتقال إنسانية. ويمكنه أن يستفيد من برامج للتكوين وإعادة الإدماج.

يُحظَر كل تحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف.

يعاقب القانون على جريمة الإبادة وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وكافة الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان.”

[2]– عبد الكافي الورياشي، م س ، ص 542

[3]– تنص الفقرة الأولى من المادة 80 من قانون المسطرة الجنائية” إذاتعلقالأمر بجناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس، وكانت ضرورة البحث التمهيدي تقتضي من ضابط الشرطة القضائية إبقاء شخص رهن إشارته، فله أن يضعه تحت الحراسة النظرية لمدة لا تتجاوز ثمان وأربعين ساعة بإذن من النيابة العامة. ويتعينلزوماتقديمه إلى وكيلالملك أو الوكيل العام للملك قبلانتهاءهذهالمدة”.

[4]– عبد الغني النجار،ضمانات المشتبه فيه أثناء مرحلة البحث التمهيدي،رسالة لنيل شهادة الماستر ، جامعة مولاي اسماعيل،كليةالعلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية،مكناس، السنة الجامعية،2010-2011.،ص:21.

[5]– صباح البوعناني،مرجع سابق،ص:21.

[6]– محمد جلال السعيد،المحاكمة العادلة في قانون المسطرة الجنائية لسنة 2002،سلسلة إصلاح القضاء و التنمية السوسيواقتصادية،الجزء الخامس،يناير2012،ص:58.

[7]– المادة 80 من قانون المسطرة المدنية.

[8]– إن مسك سجل الاحتجاز في مكان معين من شأنه إضفاء الشرعية عليه كمكان احتجاز معترف به لضمان عدم إخضاع المحتجز لانتهاكات حقوق الإنسان.

منظمة العفو الدولية، دليل المحاكمات العادلة، م س ، ص 62.

[9]– راجع الفقرة 15 من المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية المغربي، كما نصت الفقرة الثانية من المادة 64 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي على خلق سجل مماثل ممسوك لدى كل مخفر شرطة أو درك توجد فيه محلات للوضع تحت الحراسة النظرية تضمن فيه البيانات المتعلقة بهذا الاجراء مع إمكانية ألا يتخذ هذا السجل شكلا غير مادي.

[10]– عبد الغني النجار،مرجع سابق،ص56.

[11]– محمد خميس: “الاخلال بحق المتهم في الدفاع” الطبعة الثانية منشأة المعارف، الاسكندرية، 2006 ص 197.

[12]– Fabrice Defferrard : Le suspect dans le procès pénal :op cit, P129

[13]– ميلود غلاب: عمل النيابة العامة بين الواقع والقانون، السلسلة الثانية، تسيير ومراقبة أعمال الشرطة القضائية، الطبعة الاولى، مطبعة أفولكي، تزنيت، 2006.

[14] – الفصل 23 من الدستور ينص على أنه “يجب إخبار كل شخص تم اعتقاله، على الفور بكيفية يفهمها بدواع اعتقاله وبحقوقه”

[15] – جاء في الفقرة الثانية من المادة 66 من ق.م.ج ” يتعين على ضابط الشرطة القضائية إخبار كل شخص تم القبض عليه أو وضع تحت الحراسة النظرية فورا وبكيفية يفهمها بدواعي اعتقاله…”

[16] – الفقرة الأخيرة من المادة 67 من ق. م.ج.

[17] -صباح البوعناني،مرجع سابق ،ص:23.

[18] – Article63-2 ( modifie par loi n 2019-222 du 23 mars 2019-art.48) :Toute personne placée en garde à vue ;peut à sa demande faire prévenir ;par téléphone ;une personne avec laquelle elle vit habituellement ou l’un de ses parents en ligne directe ou l’un de ses frères et sœurs de la mesure dont elle est l’objet. Elle peut en outre faire prévenir son employeur…”

[19] – محمد عبد الحميد الألفي،شروح عملية في قانون المسطرة الجنائية المغربي-دراسة مقارنة-،مرجع سابق،ص296.

[20] – تنص الفقرة الأخيرة من المادة 66 من ق.م.ج[20]” تقوم النيابة العامة بمراقبة الوضع تحت الحراسة النظرية، ويمكن لها أن تأمر في أي وقت بوضع حد لها أو بمثول الشخص المحتجز أمامها.”

[21]– حكيم وردي : أتر عدم احترام بمقتضيات المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية م.س.ص 20 .

[22] – جاء فيها ” يتعين على ضابط الشرطة القضائية إخبار كل شخص تم القبض عليه أو وضع تحت الحراسة النظرية فورا وبكيفية يفهمها، بدواعي اعتقاله وبحقوقه، ومن بينها حقه في التزام الصمت “.

[23]– جاء في الفصل 23 من دستور المملكة لسنة 2011″ “يجب إخبار كل شخص تم اعتقاله، على الفور وبكيفية يفهمها بدواعي اعتقاله وبحقوقه، ومن بينها حقه في التزام الصمت”

[24]Aziz En-nefkhaoui :la garde à vue (une réforme en trompe loi ، almilaf) n 23 2015 p 14

[25]– إدريس عبد الجواد عبد الله بريك،ضمانات المتهم في مرحلة الاستدلال،دار الجامعة الجديدة للنشر ،الإسكندرية، 2005، ص:510 .

[26]– عادل ابراهيم اسماعيل صفا، سلطة مأمور الضبط القضائي بين الفعالية و ضمان الحريات و الحقوق الفردية، القاهرة 2001،مطبعة النسر الذهبي،ص362.

[27]– – كريمة مصلي، الحق في الصمت… مكسب المحاكمة العادلة، نشر في جريدة الصباح يوم 12 – 02 – 2013،اطلع عليه في الرابط الالكتروني   https://www.maghress.com/assabah/37988، بتاريخ 29/10/2019، على الساعة 15.15

[28] عادل مشمومي،ضمانات المتهم خلال مرحلة ماقبل المحاكمة الجزائية،منشورات زين الحقوقية،بيروت لبنان،الطبعة الأولى 2006،ص:308

[29]– محمد بوزلافة: الحق في التزام الصمت – مدخل لا قرار مبادئ المحاكمة العادلة، المجلة المغربية للقانون الجنائي والعلوم الجنائية الصادرة عن مركز الدراسات والبحوث الانسانية والاجتماعية بوجدة، العدد الأول، 2014 ص 20.

[30]– – محمد عز الدين صلاح جرادة: حق المتهم في الصمت وفقا للقانون الفلسطيني دراسة مقارنة، رسالة لنيل الماجستير في القانون العام، كلية الحقوق بجامعة الأزهر بغزة، 2014 ص 34.

[31] محمد بوزلافة : الحق في التزام الصمت، م.س.ص 29.

[32]– يتعلق الأمر بالقانون رقم 04-43 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.06.20 بتاريخ 15 من محرم 1427 (14 فبراير2006)، الجريدة الرسمية عدد 5398 بتاريخ 24 محرم 1427(23 فبراير 2006)، ص 492.

[33]– عبد الكافي ورياشي، مرجع سابق،ص:702 و 703.

[34] – و الذي جاء فيه”  لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة.

لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية، ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون”.

[35]– هشام بنعلي، بطلان الإجراءات الجنائية- دراسة تأصيلية نظرية وعملية مقارنة، م س، ص332.

[36]– تنص هذه الفقرة على أن “يمكن لكل هيئة من هيئات التحقيق أو الحكم كلما عرضت مسألة تقنية، أن تأمر بإجراء خبرة إما تلقائيا وإما بطلب من النيابة العامة أو من الأطراف.”

[37]– الفقرة 7 و8 من المادة 79 من قانون المسطرة الجنائية

[38]– Article 63-3 ; le code de procédure pénale français.

[39]-عبد الغني النجار مرجع سابق،ص: 73 و 74.

[40]– الفقرة الحادية عشرة من المادة 66 من ق.م.ج.

[41]– إيمان المهاجر،ضمانات المحاكمة العادلة بين المقاربة الحقوقية والأمنية ،بحث لنيل دبلوم الماستر في شعبة القانون الخاص ،جامعة عبد المالك السعدي،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بطنجة،السنة الجامعية 2016-2017،ص:17.

[42]– أحمد آيت طالب،مرجع سابق،ص:87

[43]– نص المشرع  في الفقرة الثانية من المادة 23 من دستور 2011 على انه “يجب إخبار كل شخص تم اعتقاله، على الفور وبكيفية يفهمها بدواعي اعتقاله وحقوقه…”

[45]– حيث جاء في الفقرة الثالثة من المادة الرابع عشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسة على أنه “3- لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة بالضمانات الدنيا التالية:5….و-أن يزود مجانا بترجمان إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة…..”

[46]– تنص هذه الفقرة على” يتعين عليهم – ضباط الشرطة القضائية – الاستعانة بمترجم إذا كان الشخص المستمع إليه يتحدث لغة أو لهجة لا يحسنها ضابط الشرطة القضائية، أو يستعينون بكل شخص يحسن التخاطب مع المعني بالأمر إذا كان أصما أو أبكما”.

[47]-المادة 24 من ق.م.ج.

[48]– المادة 24 و 67 من ق.م.ج.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)