الهيني: السلوك الاحتجاجي .. بين سؤال الحرية وواجب حفظ النظام العام

محكمة النقض: ممثل تجاري-شكلية كتابة العقد-الغاية منها

توصيات الندوة الوطنية حول “الخطأ القضائي بين الإقرار الدستوري والاجتهاد القضائي”

1 يناير 2020 - 11:13 م في الواجهة , أنشطة علمية , ندوات ومؤتمرات
  • حجم الخط A+A-

تكريما لمجموعة من السيدات والسادة القضاة والموظفين ؛ نظمت المحكمة الابتدائية بوادي زم وهيئة المحامين بخريبكة بشراكة مع ماستر القانون المدني الاقتصادي بكلية الحقوق السويسي بالرباط ومجلة محاكمة ندوة علمية وطنية حول موضوع:

“الخطأ القضائي بين الإقرار الدستوري والاجتهاد القضائي”

وذلك يومه الخميس26 دجنبر 2019 بمقر المحكمة الابتدائية بوادي زم .

وعرفت الندوة العلمية حضورا وازنا لمجموعة من المسؤولين القضائيين والإداريين؛ إلى جانب القضاةوالنقباء والمحاميــنوالأساتذة الجامعيين ، ومختلف الفاعلين الحقوقيين و القانونيين  والإعلاميين و الطلبة  الباحثين.

وخلال الجلســة الافتتاحيــة، أكــد رئيــس المحكمـــة الابتدائيــة بـــوادي زم الدكتــور سمير أيت أرجدال بأن ممارسة السلطة القضائية لمهامها بكل تجرد واستقلالية لا يتنافى مع ضابط المسؤولية في حالة الخطأ القضائي؛ لا سيما في ظل الإقرار الدستوري واستحضار تطور العمل القضائي في الموضوع. وأضاف بأنه لما كانت السلطة القضائية محكومة في مهامها بالانصياع للضوابط الدستورية والانقياد إلى مبادئ الحكامة الجيدة والاحتكام إلى ضمانات المحاكمة العادلة ومبدأ قرينة البراءة ، فإنها بذلك تكون مسؤولة عن كل إخلال أو خطأ في تطبيق المبادئ المذكورة، مشددا على أن استحضار الكلفة الحقوقية والاجتماعية للأخطاء القضائية تقتضي اتخاذ التدابير الآنية لمواجهتها وفق مقاربة شاملة ومندمجة تأخذ بعين الاعتبار هامش مساهمة بعض الفاعلين والمتدخلين في منظومة العدالة الجنائية.

وفي معرض حديثه، أفاد بأنراهنية الموضوع تكمن بالدرجة الأولى في الفراغ التشريعي الذي أفرز اختلافا على مستوى العمل القضائي، سواء فيما يتعلق بالطبيعة القانونية للخطأ أو المسؤولية، أو فيما يرتبط بالمعايير المرجعية المعتمدة في تحديد التعويض مشيرا بأن إقرار الخطأ القضائييقتضي بالموازاة السعي إلى  توفير كافة الإمكانيات المادية والهيكلية لبناء عدالة قوية وصلبة تستجيب للمطالب الاجتماعية  والحقوقية .

فيما أفاد السيد الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بخريبكة الأستاذ عبد السلام اعدجو بأن هذا اللقاء  تم تنظيمه لتكريم السيد وكيل الملك السابق الأستاذ عبد المولى زهير ومجموعة من السادة القضاة  والموظفين ، والذي على هامشه تقرر تباحث موضوع الخطأ القضائي الذي يجد ضالته في الإقرار الدستوري وفي العمل القضائي.

مقال قد يهمك :   رقابة المشروعية على قرارات عزل الموظفين المعينين بظهير شريف (تعليق على قرار)

ومن جانبه، أكد السيد وكيل الملك الأستاذ المصطفى عمراني بأن موضوع الخطأ القضائي يعد من المواضيع الدقيقة والخطيرة لما يثيره من حساسية على مستوى أداء الممارسة القضائية ؛ ولما يكتنفه من غموض على مستوى المعايير المعتمدة لتحديد الخطأ وتقدير التعويض وإقرار المسؤولية.

فيما أكد السيد نقيب هيئة المحامين بخريبكة الأستاذ عمر سعيد بأن موضوع الخطأ القضائي  ذو  راهنية  كبيرة لما له من علاقة وطيدة بالضمانات الدستورية المقررة لحماية  حقوق المتقاضين ولضمان حسن سير العدالة ؛ ولما يشكله من تقاطعات مع مبدأ استقلال السلطة القضائية ؛ مضيفا بأن الموضوع يرتبط في عمقه بحقوق الدفاع بالشكل الذي يجعل العلاقة بينهما جدلية وتفاعلية.

وفي كلمة للسيد المنسق البيداغوجي لماستر القانون المدني الاقتصادي، أكد الدكتور عبد الرحمان الشرقاوي بأن إقرار الدستور للتعويض عن الخطأ القضائي هو تكريس لبناء دولة الحق والقانون ؛ وتأكيد لانخراط المغرب في المنظومة الحقوقية ذات الأبعاد الكونية التي تجعل من الإنسان أساسا لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة القائمة على أساس المساواة ونفاذ القانون.

وفي إشارة إلى أهمية الموضوع، أفاد السيد رئيس تحرير مجلة محاكمة الدكتور عبد الحق دهبي  بأن إقرار الدستور المغربي بالخطأ القضائي هو وسيلة فعالة من أجل ترشيد مرفق القضاء لضمان الحقوق والحريات التي يتمتع بها الأفراد داخل المجتمع. مؤكدا بأن الممارسة العملية كشفت عن وجود عدة إشكالات قانونية منها ما يتعلق بالمعايير المعتمدة لتحديد التعويض ، ومنها ما يرتبط بأساس المسؤولية وشروط إثارتها والجهة المختصة للنظر فيها.

ويشار إلى أن هذه الندوة العلمية كانت مؤطرة من طرف مجموعة من المهتمين والمتدخلين في المنظومة القضائية والجامعية والحقوقية، والتي بعد طرحها ومناقشتها لموضوع الخطأ القضائي بكل تجلياته، وشروط تحققه والمعايير المعتمدة للتعويض عنه ؛ انتهت إلى مجموعة من التوصيات نجملها فيما يلي:

  1. إن مبدأ استقلال السلطة القضائية كمبدأ من المبادئ الكونية والدستورية لا يتنافى مع إقرار مسؤولية الدولة عن الأخطاء القضائية ضمانا للشرعية ولحسن سير العدالة.
  2. إن الإقرار الدستوري بالخطأ القضائي كفيل بخلق الشعور لدى “الفاعل القضائي” بقبول المساءلة حماية للمساواة وسيادة القانون؛ وبضرورة الانقياد إلى مبادئ الحكامة الجيدة وقواعد المحاكمة العادلة.
  3. إن إقرار استقلال السلطة القضائية واستقلال النيابة العامة يقتضي وجوبا السعي إلى ملاءمة أحكام مسطرة المراجعة في قانون المسطرة الجنائية مع المستجدات الدستورية والتشريعية.
  4. السعي إلى تكريس ضمانات تشريعية قوية وصلبة بشأن قرينة البراءة وقواعد الحراسة النظرية، مع تعديل مقتضيات قانون المسطرة الجنائية بما يضمن توسيع نطاق بدائل الاعتقال الاحتياطي ومجال حقوق الدفاع.
  5. إن تحصين الممارسة القضائية من الأخطاء القضائية رهين بإعداد سياسة جنائية ذات أبعاد حقوقية وبمراجعة مقتضيات القانون الجنائي بما يستجيب إلى مطلب توسيع نطاق التدابير الوقائية والعقوبات البديلة في مواجهة مرتكبي الأفعال الجرمية.
  6. إن مساهمة بعض الفاعلين والمتدخلين في إنتاج العمل القضائي يتطلب التفكير في آلية تشريعية تعطي للمحكمة إمكانية تقدير مدى مساهمة كل طرف في تحقق الخطأ القضائي بالشكل الذي يجعل تقدير المسؤولية تقديرا مبنيا على التجرد والموضوعية في إقرار مبدأ المحاسبة.
  7. إن تقدير الخطأ القضائي وإقرار المسؤولية على ضوئه رهين باستحضار مبدأ الملاءمة بين ضرورة مكافحة الجريمة والحفاظ على النظام العام، وبين مطلب حماية حقوق المتهمين والمشتبه فيهم، وضمان حريات الضحايا.
  8. السعي إلى سن “قانون إطار” ينظم مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي ويضم المفاهيم الأساسية والقواعد الموجهة في إقرار المسؤولية؛ ويبين بشكل واضح معايير الخطأ القضائي وطبيعته وخصوصياته في علاقته بالخطأ التأديبي وحدود التعويضات المستحقة لجبره؛ في سبيل تحقيق الوحدة والانسجام بين مختلف الأحكام القضائية الصادرة بشأنه.
  9. السعي إلى رفع الارتباك الحاصل بشأن الجهة المختصة للنظر في دعاوى المسؤولية عن الأخطاء القضائية ؛ مع إسناد الاختصاص إلى الغرفة الإدارية بمحكمة النقض للنظر في الاستئنافات الموجهة ضد الأحكام الصادرة عنها توخيا لتوحيد العمل القضائي ولإقرار الأمن القضائي.
مقال قد يهمك :   خليل سعدي: تقييم السياسات العمومية بين التشريع والممارسة البرلمانية على ضوء دستور 2011

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)