علالي محمد: ديون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي-دعوى تحصيلها و تقادم هذه الدعوى-

وزارة الداخلية توضح القواعد القانونية و التقنية المنظمة لإعداد ميزانيات الجماعات الترابية

حنان النحاس : المدن الذكية-دراسة للمفهوم و الأسس-

10 يوليو 2018 - 2:54 م في الواجهة , مقالات , مقالات , مقالات منوعة
  • حجم الخط A+A-
  •  من إعداد : حنان النحاس دكتورة في القانون العام كلية الحقوق بطنجة.

 إن التطور التقني الهائل الذي عرفته  العقود الأخيرة من القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، كان له الأثر الكبير على سبل تدبير مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية حيث ساهم في ظهور مجتمع  من نمط جديد يعتمد بشكل متزايد على المعرفة والذكاء التكنولوجي، ويقوم بأنشطته بالاعتماد على الوسائل الافتراضية المتمثلة في الشبكة العنكبوتية ( الانترنيت).

  وكان لمفهوم المدينة النصيب الأكبر من آثار هذه التحولات، حيث ظهرت عدة تسميات للمدن المعتمدة على التقنيات كالمدن الرقمية، الالكترونية، الافتراضية، المعرفية، الذكية.

وتعد “المدن الذكية” توجها ناشئا  في أواسط صناع السياسات في مختلف أنحاء العالم، فهي فكرة ما برحت تراود الأذهان منذ نهاية القرن العشرين، فعدد سكان الحواضر يتضاعف بشكل مستمر، الشيء الذي يفرز مطالب وتحديات كبيرة  تهم الحفاظ على الموارد الطاقية واستدامتها وكذلك التعامل مع النمو السكاني وإدارته، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بالتخطيط الحضري ووسائل النقل  والنمو الاقتصادي. ومن ثم وفي محاولة لضمان بناء مدن مستدامة مبتكرة قادرة على المنافسة وتحقيق تطلعات قطاعات الأعمال والمواطنين، ومتطلبات التخطيط الحضري  على حد سواء، أطلقت حكومات العالم مبادرات مختلفة للمساعدة في تحول مراكزها الحضرية إلى مدن ذكية .

من هذا المنطلق نتساءل في إطار إشكالي عن مفهوم المدينة الذكية  وما مدى أثر التطور التقني على تخطيط المدن؟

هذا التساؤل الإشكالي  يطرح عدة أسئلة فرعية من قبيل :

  • ماهي التحديات التي تواجه إنشاء مدن ذكية أو تحويل مدينة قائمة إلى مدينة ذكية؟
  • ماهي أهم تطبيقات المدن الذكية؟
  • ما الأسس القانونية والتشريعية لتحويل المدن القائمة إلى مدن ذكية؟
  • ما هي أهم التجارب العالمية الناجحة في إنشاء مدن ذكية وكيف حققت ذلك؟

إن الإجابة عن هذه الأسئلة المؤطرة لإشكاليتنا الموضوعية يفترض منا الانطلاق من الفرضية الآتية:

إن إضفاء صفة الذكاء على مدينة قائمة أو إنشاء مدينة جديدة ذكية يتطلب توفر مجموعة من الأسس القانونية والتقنية واستخدام مجموعة من التطبيقات الذكية، الشيء الذي يساعد في توفر مجموعة أكبر من الخيارات في تدبير وسائل النقل وتحديد أولويات التخطيط الحضري وإيجاد حلول للمشاكل الحضرية المتعددة.

ولامتحان هذه الفرضية سنعمل على دراسة  مفهوم المدينة الذكية ( المحور الأول) ثم دراسة العناصر المؤسسة للمدن الذكية وتطبيقاتها (المحور الثاني)، تم سننتقل إلى دراسة نموذج مدينة دبي كإحدى التجارب الناجحة عالميا( المحور الثالث).

المحور الأول : مفهوم المدن الذكية

تعتبر”المدن الذكية” توجها ناشئا في أواسط صناع السياسات في مختلف أنحاء العالم لتجاوز هذه المعضلة. فغالبية سكان عالم اليوم يعيشون في المدن، ومن أجل ذلك يعد استيعاب وتطبيق مفاهيم المدينة الذكية أمرا لا غنى عنه لضمان مستوى متميز من المعيشة للسكان،فالتفكير الإبداعي والتعاون فيما بين كل الجهات المعنية، والأفكار العلمية يمكن أن يحقق المنافع المنشودة للمدن بما في ذلك القدرة على استيعاب الطفرة الكبيرة في عدد السكان بكفاءة وفعالية، وتعزيز النمو الاقتصادي، والارتقاء بمستوى رفاهية سكان المدينة.

إلا أنه لا يوجد تعريف موحد ل”المدينة الذكية”، فمشاريع المدن الذكية تكون عادة جزءا من برنامج عام لتحديث المدن ويشمل التخطيط العمراني والبيئة وتكنولوجيا المعلومات.

ومصطلح “المدينة الذكية” ظهر في المؤتمر الأوربي الرقمي سنة 1994، و في سنة 1996 دشن الأوربيون مشروع المدينة الرقمية في عدد من المدن تبنت السلطات الأوربية مدينة امستردام كمدينة رقمية تلتها مدينة هلنسكي.[1]

وتعرف الموسوعات ومراكز الدراسات والأبحاث التكنولوجية المدينة الذكية بأنها مدينة “المعرفة” أو مدينة “رقمية” أو مدينة ” إيكولوجية” تعتمد خدماتها على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مثل أنظمة مرور ذكية تدار آليا، وخدمات إدارة الأمن المتطورة وأنظمة تسيير المباني واستخدام التشغيل الالي في المكاتب والمنازل واستخدام عدادات للفوترة. وتفسر موسوعة ويكيبيديا مصطلح الذكاء المكاني للمدن بأنه يشير إلى العمليات المعلوماتية والإدراكية والذكاء الجماعي، وحل المشكلات بشكل تعاوني، ويشير المفهوم كذلك إلى زيادة انتشار واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبيئة المؤسسية من أجل التوصل إلى العلوم والابتكارات والبنية التحتية المادية للمدن لزيادة القدرة على حل مشاكل المجتمع[2].

أما الاتحاد الأوربي فيعرف المدن الذكية بأنها تلك المدن التي تجمع المدينة والصناعة والمواطنين معا لتحسين الحياة في المناطق الحضرية من خلال حلول متكاملة أكثر استدامة، ويشمل ذلك ابتكارات تطبيقية وتخطيطا أفضل واستخداما ذكيا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات…ومن ثم يمكن تعريفها بأنها المدينة التي تحقق أداءا جيدا في جميع هذه المجالات من خلال تفاعل مشترك بين القطاع الاقتصادي والحوكمة والنقل والبيئة والحياة مع مواطنين يتمتعون بالوعي والاستقلالية.[3]

ووفقا لمصطلحات التخطيط الحضري فإن المدن الذكية تتجاوز بكثير ما قد يدركه معظم الأشخاص، و يرى ” ريك روبنسون – مهندس تنفيذي  بمجموعة  smart cities مجموعة برمجيات أ ي بي إم أوربا- بأن المدينة الذكية تسعى  بشكل منهجي إلى إيجاد وتشجيع الابتكارات في مجال أنظمة المدينة المتاحة بواسطة التكنولوجيا، مما يؤدي إلى تغيير العلاقات بين إيجاد قيمة اقتصادية واجتماعية من جهة واستهلاك الموارد من جهة، ويؤدي بالتالي إلى المساهمة بطريقة متناسقة لتحقيق الرؤية والأهداف الواضحة المدعومة بالإجماع السائد بين المساهمين في المدينة[4].

وخلال القمة الدولية السنوية الأولى عن المدن الذكية  في شمال إفريقيا المنعقدة في جامعة الأخوين في يوليو 2014، وضع المنظمون تعريفا علميا للمدن الذكية من خلال تغطية أربعة محاور وهي التوسع الحضري، الاحتواء الرقمي، نظام الإدارة العامة، وسائل النقل[5].

كما أن هناك مفهوم يعتمد الناحية النظرية أطلقه “كاراج ليوايت ” بجامعة أمستردام 2011 الذي قال: يمكن إضفاء صفة “ذكية” على مدينة عندما تساهم الاستثمارات في رأسمال البشري والاجتماعي والبنية الأساسية لوسائل الاتصال التقليدية (النقل) والحديثة ( تكنولوجيا المعلومات الاتصالات) في دعم التنمية الاقتصادية المستدامة، وفي إيجاد نوعية راقية من الحياة، مع الإدارة الحكيمة للموارد الطبيعية، من خلال العمل الجماعي والالتزام والإدارة القائمة على المشاركة[6].

وهناك من اعتبر أن مصطلح “المدينة الذكية” يطلق على الأنظمة الإقليمية ذات المستويات الإبداعية التي تجمع بين النشاطات والمؤسسات القائمة على المعرفة لتطوير التعليم والإبداع، وبين الفراغات الرقمية التي تطور التفاعل والاتصالات، وذلك لزيادة القدرة على حل المشكلات في المدينة.[7]

أما “فاليري شافر”  الرئيس التنفيذي ل”منارة إعادة التدوير” فقد اعتبرت المدينة الذكية هي تلك المدينة التي تستخدم المعلومات والتكنولوجيا والاتصالات (ITC) لتحسين أداء مجالات متنوعة مثل الكهرباء، واستخدام المياه ومواقف السيارات وحركة المرور، وإدارة النفايات وتوفر المدن طرق جديدة لإدارة التعقيد، وزيادة الكفاءات وخفض النفقات وتحسين نوعية الحياة، وتعمل المدن الذكية على تجميع وتحليل البيانات واستخدام المعلومات لتحسين البنية التحتية والاستثمار بحكمة وتسهيل حياة  سكانها [8].

وهناك من اعتبر المدينة الذكية هي تلك المدينة التي تملك نظاما متطورا يعتمد على بنية تحتية ترتكز على تقنية الاتصالات الرقمية والمعلومات لمراقبة ومتابعة أجزائها ومكوناتها وساكنيها وبنيتها الأساسية من خدمات وتجهيزات وشبكات طرق وسكك حديدية وأنفاق ومطارات وموانئ ومنشئات اقتصادية وصناعية ومباني وعقارات مختلفة وشبكة اتصالات وموارد متنوعة كالمياه والطاقة الكهربائية والغاز ووقود المركبات[9].

وبعيدا عن الاصطلاحات التكنولوجية وتفاصيلها، فإن لمفهوم المدينة الذكية اثارا ملموسة في حياة الإنسان، وتداعياتها بالغة الأهمية ذات صلة مباشرة بمأكله ومشربه وعمله، وغيرها من ظروف المعيشة[10].

وقد اقترنت صفة ذكاء المدينة باستدامتها، فالمدينة الذكية هي تلك المدينة التي تراعي متطلبات التنمية المستدامة، ففي حزيران سنة 2013 أصدرت مؤسسة   HENRICH BOLL كتابا بعنوان  “النمو الذكي، الثورة الخضراء” والفرضية الأساسية لهذه الدراسة هو أنه وحده النمو الذكي هو النمو المستدام، ومن أهم معايير النمو الذكي هو تحويل نظم إنتاج واستهلاك الطاقة لتعمل بكفاءة أكبر[11]،  كما أنه على مر السنوات الماضية ظهرت مفاهيم وأفكار جديدة تتعلق بالطاقة المستدامة والتي يجب أن تكون جزءا من مستقبل أي مدينة، كما أنه من منظور الطاقة النظيفة يمكن للمدن الذكية أن تعني مدنا مستدامة ولكن يتطلب ذلك الكثير من العمل والتخطيط[12].

وقد عرف الباحث AZAMAT ABDOULAEY ( قبرص 2011) المدينة الذكية الحقيقية على أنها تجمع عمراني يضم  ثلاث عناصر أساسية هي: أساس تقني، أساس اجتماعي، أساس بيئي، ويمكن القول إنها ثلاثة مدن في واحدة، المدينة الافتراضية/ المعلوماتية، المدينة المعرفية، المدين البيئية، وهي المكان الذي يلتقي فيه الافتراضي والواقعي:

  • من الناحية التقنية: هي مدينة رقمية وافتراضية، حيث تزود بتقنيات المعلومات والاتصالات، الشبكات اللاسلكية، الواقع الافتراضي، شبكات أجهزة الاستشعار، بحيث تشكل عناصر أساسية من البيئة العمرانية، كما أنها عبارة عن تمثيل رقمي متعدد الطبقات للمدينة المستقبلية الواقعية باعتبارها نظاما لتشغيل المجتمع الذكي، وللإدارة العمرانية الذكية، أو البيئة الذكية البيئة الرقمية.
  • من الناحية البيئية: هي مدينة صحية بيئيا، حيث تتوفر فيها شبكات لتوزيع الطاقة، التقنيات البيئية، واستخدام الطاقة المتجددة.
  • من الناحية الاجتماعية: إنها مدينة ذكية وإبداعية ومعرفية، حيث تركز على النشاطات المعرفية، وتتمتع بنسبة عالية من التعليم والإبداع، كما تعتمد بشكل أساسي على إبداعية الأفراد، مؤسسات إنشاء المعرفة، والبنية التحتية الرقمية للاتصال وإدارة المعرفة.[13]

وتجدر الإشارة إلى أن هذا الباحث قد ميز بين المدينة الذكية” والمدينة “الرقمية”، فالمدينة الذكية هي مدينة رقمية وليس العكس، ويكمن الفرق في قدرة المدينة الذكية على حل المشاكل في حين يقتصر دور المدن الرقمية على تقديم الخدمات المختلفة عن طريق التقنيات الحديثة، حيث يؤدي الأفراد دور مستقبل  الخدمات التي تقدمها الخدمات الرقمية، بينما في المدينة الذكية يتعاون الأفراد فيما بينهم لتطوير وتنمية الخدمات والمنتجات، على سبيل المثال تقدم الحكومة الالكترونية في المدينة الرقمية خدمات الكترونية للقاطنين بدلا من الخدمات العادية، بينما يخلق الأفراد فضاء رقميا للتفاعل والتشاور في المدينة الذكية، ففي المدينة الذكية يتم استخدام الفضاء الرقمي كأداة لاستثمار الذكاء الجماعي للوصول إلى متطلبات الأفراد، وبالتالي فإن ما يميز المدينة الذكية هو البعد الاجتماعي والبيئي، حيث تتبنى المدن مفهوم الاستدامة بالإضافة إلى مفهوم التشاركية[14].

مقال قد يهمك :   حسوني قدور: مــــاذا يعني أن تكون مــحاميا ؟

وبالتالي يمكن القول أن المدن الذكية هي مناطق عمرانية مدعمة بالشبكات والتقنيات الرقمية، تقدم خدمات إلكترونية تفاعلية في مختلف المجالات وتتمتع بالقدرة على حل المشاكل من خلال استثمار ذكاء الأفراد والمؤسسات والتقنيات، كما تتميز بالاستدامة الاجتماعية والبيئية، واعتمادها على الاقتصاد القائم على المعرفة لخلق التنافسية. وهي نموذج لتنمية المدن والأقاليم، يعتمد على البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، ونوعية أفضل للحياة تتوفر فيها الخدمات الكترونيا، كما يستثمر ذكاء الأفراد والمؤسسات والتقنيات من أجل تعزيز الابتكار والقدرة على حل المشاكل.

  المحور الثاني : عناصر وتطبيقات المدن الذكية

لإضفاء صفة الذكاء لمدينة ما أو لإنشاء مدينة جديدة ذكية يجب توفر مجموعة من العناصر، كما يجب استخدام مجموعة من التطبيقات

 أولا : العناصر المؤسسة المدن الذكية

   إن الارتقاء بالمدينة لتصبح ذكية، لا يتحقق بإطلاق حملات إعلامية ولا بتبني خطط وبرامج لا تستند لأسس علمية سليمة بل يتحقق بتوفير بنية تحتية سليمة[15] وعناصر أساسية متعددة.

ويمكن استخلاص العناصر الأساسية للمدينة الذكية من خلال مشروع المدن الذكية الأوربية الذي تم تنفيذه في 70 مدينة متوسطة الحجم في أوربا عام 2007 حيث تم ترتيبها بناءا على الخصائص الستة للمدن الذكية، وكان الهدف من هذا المشروع هو القيام بتحديد نقط القوة والضعف في كل من هذه المدن المتوسطة الحجم بحيث تصبح أكثر تنافسية من خلال تحقيق التنمية المحلية المناسبة للجميع. والخصائص الستة للمدينة الذكية وهي:

  • الاقتصاد الذكي (التنافسية) والمتمثل في:
  • روح الابتكار
  • ريادة الأعمال
  • الصورة الاقتصادية والعلامة التجارية
  • الإنتاجية
  • مرونة سوق العمل
  • القدرة على التحول
  • الترسيخ الدولي
  • الأشخاص الأذكياء، والمقصود بذلك:
  • مستوى تأهيل
  • القابلية للتعلم مدى الحياة
  • التعددية الاجتماعية والمعرفية
  • المرونة
  • الإبداع
  • العالمية/ الانفتاح
  • المشاركة في الحياة العامة
  • الحوكمة الذكية ( المشاركة) وذلك من خلال:
  • المشاركة في صنع القرار
  • الخدمات العامة والاجتماعية
  • الإدارة الشفافة[16]

والحكومة الذكية يمكن أن تقود إلى ثروة في عالم الحكم والسياسة، وتجعل من زيارة الدوائر الحكومية في المدينة أمر غير ضروري[17]

  • النقل الذكي ( النقل وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات) والمتمثلة في:
  • إمكانية الوصول محليا
  • إمكانية الوصول وطنيا وعالميا
  • توفر البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات
  • نظم النقل المستدامة والمبتكرة والآمنة
  • البيئة الذكية ( الموارد الطبيعية) والمتمثلة في:
  • جاذبية الحالة الطبيعية
  • ضعف نسبة التلوث
  • حماية البيئة
  • إدارة الموارد المستدامة.[18]
  • الحياة الذكية (نوعية الحياة):
  • المرافق الثقافية
  • الأوضاع الصحية
  • السلامة الفردية
  • نوعية السكن
  • مرافق التعليم
  • الجاذبية السياحية
  • الترابط الاجتماعي[19]

ثانيا: تطبيقات المدن الذكية

تتيح المدينة الذكية العديد من التطبيقات الإلكترونية أهمها :

  • الحكومة الذكية : لقد شاع استعمال مصطلح الحكومة الذكية بديلا لمصطلح الحكومة الإلكترونية في الأواسط العلمية والتقنية، وتعد الحكومة الذكية امتدادا للحكومة الالكترونية، ويقصد بها تقديم الخدمات الالكترونية والخدمات التطبيقات المعلوماتية المختلفة على الأجهزة الذكية، بحيث يمكن تقديم خدمات الحكومة الذكية من أي مكان وعلى مدار الساعة وبسرعة ودقة متناهيين، وعبر منصة موحدة للتطبيقات النقالة تقدم من خلالها خدمات الحكومة الذكية.[20]

ومن أبرز سمات الحكومة الذكية، التفاعل الحيوي بين المستفيد ومقدمي الخدمة، ويمكن تقديم الخدمة في أي وقت ومن أي مكان متجاوزة بذلك الحدود الزمنية والمكانية. وتتيح الحكومة الذكية للمستفيدين إمكانية التفاعل مع الخدمات المقدمة، وكذلك تقييم ما يقدم لهم من خدمات عن طريق القنوات الالكترونية نفسها.

ومن أهم فوائد الحكومة الذكية زيادة إنتاجية الموظفين في الدولة ورفع كفاءة العمل في القطاعات الحكومية وتقليل الأخطاء الإدارية ما أمكن والتي يكون العنصر البشري غالبا المتسبب فيها بنسبة كبيرة، وكذلك تعزيز التعاون بين مؤسسات الحكومة المختلفة ومؤسسات القاع الخاص والمساهمة في دعم الاقتصاد والتنمية، ورفع القدرات التنافسية في مجالات العمل المختلفة. والتكامل الاقتصادي بين القطاعين العام والخاص، وهذا التعامل والتفاعل بين الأطراف المستفيدة والمقدمة للحكومة الذكية يسهم في تعزيز الاقتصاد ودفع عجلة التنمية على جميع المستويات والأصعدة، وكذلك خفض نفقات التشغيل بنسبة كبيرة، فضلا على توفير الوقت والجهد على جميع الأطراف المتعاملة بالحكومة الذكية[21].

  • التجارة الإلكترونية : يقصد بالتجارة الإلكترونية عملية ترويج وتبادل السلع والخدمات وإتمام صفقاتها باستخدام وسائل الاتصال وتكنولوجيا تبادل المعلومات الحديثة عن بعد، ولاسيما الشبكة الدولية للمعلومات “الإنترنيت” دون الحاجة إلى انتقال الأطراف والتقائها في مكان معين.

والتجارة الالكترونية لها خصوصية تتمثل في الطريقة التي تنعقد بها وكيفية تنفيذها، ويعود هذا الاختلاف إلى أنها تجسد اقتصادا جديدا يعتمد الإنتاج الكثيف من المعلومات والمعرفة وعلى التقنية المتطورة.

وتتطلب التجارة القانونية مناخ قانوني وتنظيمي مناسب يستهدف تحقيق المصالح العامة، على أن تتسم هذه القوانين والأنظمة بالوضوح والمرونة وأن تراعي التقدم التقني، بالإضافة إلى تأهيل  تدريب الكوادر الفنية، وتوفير البيئة الملائمة لتقبل التجارة الإلكترونية.[22]

  • السياحة الإلكترونية : يعتبر مفهوم السياحة الإلكترونية من المفاهيم الحديثة في علم السياحة حيث تعرف بكونها نمط سياحي يتم تنفيذ بعض معاملاته التي تتم بين مؤسسة سياحية وأخرى أو بين مؤسسة سياحية ومستهلك (سائح) من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبحيث تتلاقى فيه عروض الخدمات السياحية من خلال شبكة المعلومات الدولية مع رغبات جموع السائحين الراغبين في قبول هذه الخدمات السياحية المقدمة عبر شبكة الانترنيت[23].

وتقدم السياحة الالكترونية الخدمات التالية:

  • تزويد السياح أثناء تجولهم بدليل سياحي رقمي بصورة ثلاثية الأبعاد.
  • جولات افتراضية مدعمة بتقنيات الحاسب ثلاثية الأبعاد.
  • تحديد المسارات الثقافية والسياحية في المواقع الفيزيائية والافتراضية.
  • توفير إمكانية الاتصال بالانترنيت للسياح في المناطق التاريخية[24].
  • الخدمات الطبية عن بعد E- HEALTH : من خلال توفير أنظمة مراقبة صحية تشكل جسر وصل بين المنازل والمستشفيات، وتؤدي دورا هاما في مراقبة الظروف الصحية في المنازل بالإضافة إلى تقديم العناية الصحية للأفراد عند تعرضهم للمرض. ويتم تزويد المنازل بهذه التقنيات، مثل أجهزة الاستشعار التي تساعد في المراقبة الطبية من خلال إجراء قياسات تسهم في التشخيص والكشف المبكر عن الأمراض، كما توفر هذه التقنيات إمكانية الاتصال المباشر مع المساعد الطبي، مما يساعد في الاستغناء عن تواجد المساعد الشخصي[25].
  • التعليم الالكتروني E-Learning.: يقصد بالتعليم الالكتروني أن عملية التعليم وتلقي المعلومات تتم عن طريق استخدام أجهزة الكترونية، ومستحدثات تكنولوجيا الوسائط المتعددة بمعزل عن ظرفي الزمان والمكان، حيث يتم الاتصال بين الدارسين والمعلمين عبر وسائل اتصال عديدة، وتلعب تكنولوجيا الاتصال دورا كبيرا فيها وتتم عملية التعليم وفقا لظروف المتعلم واستعداداته وقدراته، وتقع مسؤولية التعلم بصفة أساسية على عاتقه[26].

 

  • النقل الذكي : توظف نظم النقل الذكية تقنيات الاتصالات للحصول على معلومات في أداء مرافق النقل، وعن طلب النقل والاتصال المتبادل بين المركبات أنفسها وبينها وبين الأجهزة الموضوعة على جانب الطرق، وتجمع هذه التطبيقات لنظم النقل الذكية بين القدرة الهائلة للمعلومات وبين تقنيات التحكم في سبيل إدارة أفضل للنقل، وتمثل نظم النقل الذكية التطور الطبيعي للبنية التحتية الوطنية للنقل وذلك من خلال تحديثها لتواكب عصر المعلومات[27].

وتوفر هذه التقنيات مدنا ذكية مستدامة عبر تخفيض استهلاك الطاقة والحد من الآثار البيئية.

  • المباني الذكية : هي المباني التي تعتمد على الالكترونيات والشبكات، وقد تم تعريفها في المؤتمر الكندي الأمريكي للأبنية الذكية على أنها مزيج من تقنيات حفظ الطاقة والتقنيات المتقدمة التي تركز على إدارة الطاقة والاتصالات وأمان العيش.[28]
  • المراقبة البيئية : من المتطلبات الرئيسية للمدن الذكية تقليل استهلاك الطاقة والذي يؤدي بدوره إلى تقليل التلوث الناجم عن المدن، وتشكل شبكات الطاقة الذكية جزءا أساسيا من المدن الذكية، وتعتبر البنية التحتية المتطورة لتقنيات المعلومات والاتصالات وما تقدمه من أدوات للتحليل والمراقبة والمحاكاة، وتمثيل البيئات رقميا أداة مهمة في هذا المجال حيث تساعد على تقييم أداء الطاقة في المدن والأقاليم.

نستنج مما سبق أن إضفاء صفة الذكاء على مدينة معينة يستلزم توافر مجموعة من الشروط أهمها:

  • بلورة استراتيجية وطنية لاستخدام التقنيات الذكية في تخطيط المدن فالمدن الذكية يجب أن تكون جزءا من الاستراتيجية الوطنية الشاملة، فإطلاق مشاريع المدن الذكية الجزئية دون استراتيجية، أو خطة عمل شاملة غير مجد.
  • تطوير البنية الأساسية للاتصالات
  • توفير بيئة قانونية وتشريعية ملائمة ومواكبة لهذه الأهداف والطموحات تشجع جلب الاستثمارات الخارجية وتحافظ على حقوق الملكية الفردية، ووضع عدد من القوانين الخاصة بإتمام العمليات التجارية إلكترونيا، وقوانين تحكم أمن وسرية المعلومات وتحدد العقوبات في حال ارتكاب تجاوزات، بالإضافة إلى إصدار قوانين أخرى مثل القوانين المتعلقة بالتوقيع الالكتروني، والأداء الالكتروني….
  • إعداد أطر بشرية محترفة لتطوير واستخدام أحدث التقنيات، حيث تتطلب التطبيقات الذكية مهارات تفوق ما تقدمه النظم التعليمية من إمكانيات
  • ضرورة التعاون والتنسيق بين الجهات المختلفة، سواء بين القطاعات الحكومية المركزية والمحلية، أو بين القطاع العام والخاص.

المحور الثالث : تجربة مدينة دبي الذكية

تعد مدينة دبي من أكثر المدن تطورا في العالم العربي، ويرتكز بها النشاط الاقتصادي والعمراني، ويأتي تحويل مدينة دبي إلى مدينة ذكية في إطار الاستراتيجية التي تبنتها حكومة الإمارات والمتمثلة في دعم المركز الاقتصادي والتجاري لهذه المدينة.

مقال قد يهمك :   العَلَمانية ..هل هي حلٌّ لمشكلات اجتماعنا السياسي؟

أولا: الإطار القانوني لمدينة “دبي الذكية”

لقد واكبت إمارة دبي المراحل المختلفة للتطور التكنولوجي والتقنيات الحديثة المرتبطة بها مثل إدارة وتحليل المعلومات والاتصال بين الأجهزة وإنترنيت الأشياء والشبكات المتنقلة والأمن السيبراني وخصوصية وسرية البيانات، وكما هو حال أي تطور فهو بحاجة إلى وجود بنية تشريعية قوية متطورة ومتكاملة، فنجاح التحول للمدن الذكية يتطلب تشريعات تسهم في ابتكار نماذج وأساليب جديدة وفريدة في تنمية وإدارة المدن، ومن هنا كان لابد من وضع بنية تشريعية قوية تدعم تحويل دبي إلى مدينة ذكية.

وقد واكبت التشريعات المحلية تطورات الإمارة المختلفة، فمنذ انطلاق مبادرة الحكومة الإلكترونية قبل ما يزيد عن أربعة عشر عاما وحتى الآن والقائمون على الصناعة التشريعية يبلورون تشريعات منظمة للحراك التكنولوجي وتأثيراته على المجتمع وما يتطلبه من قواعد وإجراءات لضمان تحقيق أعلى مستويات الكفاءة التكنولوجية فكانت البدايات مع قانون المعاملات والتجارة الالكترونية رقم (2) لسنة 2002، ومرورا بقانون إنشاء حكومة دبي الالكترونية رقم (7) لسنة  2009 والمعدل لاحقا بالقانون رقم (5)  لسنة 2013 بشأن استبدال مسمى “حكومة دبي الذكية” ب”حكومة دبي الالكترونية” ومن ثم قانون إنشاء مركز دبي للأمن الالكتروني رقم (11) لسنة 2014، والذي تلاه قرار المجلس التنفيذي رقم (27) لسنة 2015 باعتماد الهيكل التنظيمي لحكومة دبي الذكية، تم قانون رقم (26) لسنة 2015 بشأن تنظيم نشر وتبادل البيانات في إمارة دبي، وتلاه قانون رقم (29) لسنة 2015  المتعلق بإنشاء مكتب مدينة دبي الذكية ، وقانون رقم (30) لسنة 2015 المتعلق بإنشاء مؤسسة حكومة دبي الذكية، والذي تتبع فيه المؤسسة للمكتب[29].

ويهدف مكتب مدينة دبي الذكية إلى تسهيل التعاون في مجال التحول الذكي من أجل التوصل إلى سياسات تساعد على إنشاء بيئة ملائمة لتحقيق الأهداف المنشودة الرامية إلى تعزيز مكانة الإمارة  في مجال التحول إلى مدينة ذكية، حيث يطلع بعدد من المهام والصلاحيات من بينها رسم السياسات العامة والخطط الاستراتيجية وتنفيذ المبادرات فيما يتعلق بتقنية المعلوميات والحكومة الذكية، وتوفير القيادة والتوجيه والإشراف على عمليات التحول الذكي، والإشراف على تطبيق مبادرات واستراتيجيات التحول الذكي.

وفي إطار تعزيز الأطر التنظيمية للمدينة الذكية تم إنشاء مؤسسة عامة “مؤسسة حكومة دبي الذكية” والتي تهدف إلى المساهمة  في بناء مجتمع المعرفة من خلال تميز القطاع الحكومي في عملية التحول الذكي وتقديم خدمات ذكية لجميع شرائح المجتمع، وتقوم المؤسسة بتنفيذ مهام ولها صلاحيات عدة من بينها:

  • اقتراح الإستراتيجية العامة للحكومة الذكية، وعرضها على مكتب مدينة دبي الذكية لاعتمادها ومتابعة تنفيذها.
  • والإشراف على عمليات التحول الذكي  على مستوى الجهات الحكومية.
  • اقتراح الإطار الهيكلي والسياسات والمعايير لإدارة تقنية المعلومة.
  • توفير الخدمات الذكية وفق أفضل الممارسات العالمية.
  • مراجعة خطط وميزانيات الجهات الحكومية المتعلقة بالتحول الذكي وتقنية المعلومات والخدمات الذكية والبنية التحتية .
  • اقتراح التشريعات اللازمة لتسهيل عملية التحول الذكي بالتنسيق مع الجهات المعنية.[30]

كما تم إصدار قانون  رقم (2) لسنة 2016 المتعلق ب”إنشاء مؤسسة بيانات دبي “، حيث أنشأت بموجب هذا القانون مؤسسة عامة تسمى “مؤسسة بيانات دبي” تتمتع بالشخصية الاعتبارية والأهلية القانونية اللازمة لمباشرة الأعمال والتصرفات التي تكفل تحقيق أهدافها[31].

ويهدف إنشاء المؤسسة إلى ما يلي:

1-تعزيز مكانة الإمارة في مجال نشر وتبادل البيانات.

2- المساهمة في بناء قاعدة معرفة وبيانات تستفيد منها كافة الجهات الحكومية والقطاع الخاص.

3- الإشراف والتنظيم والتنسيق فيما بين الجهات الحكومية لضمان تطبيق أحكام القانون[32]. وتعتبر المؤسسة الجهة المختصة بالإشراف على تطبيق القانون، وتتولى القيام بالمهام والصلاحيات المقررة لها في القانون والقرارات الصادرة بموجبه، بالإضافة إلى أي مهام أو صلاحيات تقرر لها بموجب التشريعات السارية في الإمارة وذلك كله بالتنسيق مع المركز.[33]

وتسعى مبادرة مدينة دبي الذكية إلى تأسيس وترسيخ دبي باعتبارها الأذكى بحلول سنة 2017، مدفوعة بستة أبعاد وبأربع ركائز إستراتيجية، حيث تم اعتماد الأبعاد الستة الأساسية الإستراتيجية، وهي الحياة الذكية، التنقل الذكي، المجتمع الذكي، الاقتصاد الذكي، الحوكمة الذكية والبيئة الذكية، إضافة إلى بعد سابع إضافي وهو البنية التحتية الذكية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.[34]

وقد استهدف هذا التحول تحقيق مجموعة من الأهداف أهمها:

  • الاستفادة من تقنيات المعلومات والاتصالات لخلق بيئة تستقطب الشركات العالمية.
  • استقطاب المواهب الذكية لأن الاقتصاد المعرفي يقوم على الأفراد.

وقد ساهمت مجموعة من العوامل على تطبيق مفهوم المدينة الذكية في دبي أهمها:

  • توفر بنية تحتية متنوعة ومتطورة في مجال الاتصالات عن بعد
  • الدعم الحكومي الجيد لصناعة الاتصالات وبيئتها التحتية، والعمل على إزالة العوائق أمام المستثمرين الأجانب في مجال برمجيات الحواسيب وأجهزتها.
  • التحديث الدائم للبنية التحتية والتشريعات القانونية ذات العلاقة بصناعة تكنولوجيا المعلومات.
  • بناء المناخ الاستثماري المناسب للتطوير الذي يجتذب الاستثمارات والخبرات والشركات العالمية المعرفة.

 ثانيا: التطبيقات الذكية لمدينة دبي

أ-الحكومة الذكية

تشهد الإمارات العربية المتحدة تحولا كبيرا في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الأمر الذي يعزز مكانتها الذي في مصاف الدول المتقدمة، ففي شهر مايو سنة 2013 أعلن نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي عن إطلاق مبادرة تهدف إلى التحول نحو الحكومة الذكية وترافق هذا الإعلان مع موجة عارمة من المبادرات والمشاريع في كافة الجهات الحكومية على المستويين المحلي والاتحادي، وتشكل حكومة الإمارات الذكية حجر الأساس لهذا الجهد على مستوى الدولة، وقد تم تشكيل لجنة للإشراف على مبادرة الحكومة الذكية  ضمت أعضاء من مكتب رئاسة مجلس الوزراء والهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، وشركتي اتصالات وصندوق اتصالات و نظم المعلومات[35]. وهناك العديد من المبادرات الحالية والتي تدعم مبادرة حكومة الإمارات الذكية ومن بينها ازدياد استخدام واعتماد البوابات الالكترونية وتطبيقات الأجهزة المحمولة للخدمات الحكومية. وستتحول حكومة دولة الإمارات في المستقبل إلى بيئة ذكية تتميز بما يلي :

  • تحول الحكومة إلى الأجهزة الذكية كقناة وصول أساسية.
  • زيادة التركيز على الخدمات الذكية المتواجدة الاستباقية والتنبؤية.
  • استخدام متزايد للهوية الآمنة في الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية.
  • بنية تحتية متكاملة مترابطة ما بين الدوائر والجهات الحكومية[36]

وتتمثل المهام الرئيسية لحكومة  الذكية في:

  • تقديم التدريب والتوعية لمختلف الفئات الوظيفية في الحكومة.
  • تقديم التوجيه والدعم الفني للجهات الحكومية في مجال التطبيقات الذكية والمحمولة.
  • تطوير خدمات وبنية تحتية مشتركة للحكومة الذكية.
  • المشاركة في مبادرات ذكية تقودها هيئات حكومية أخرى وإبداء وجهات النظر في هذا الإطار.[37]

ب-التجارة الالكترونية:

يتمثل الهدف الأساسي من تطبيق التجارة الالكترونية في تحويل مدينة دبي إلى مجمع رئيسي للتعاملات التجارية عبر الانترنيت على مستوى المنطقة، وقد تم إصدار قانون رقم (2)  إمارة دبي الخاص بالمعاملات والتجارة الالكترونية، كما أسست مدينة دبي سنة 2000 سوقا مركزيا للأعمال ( Tejari.com) ليشكل بوابة عبور إلكتروني للشركات، لتزويد المنطقة ببضائع  تجارية متنوعة.[38]

ت- التعلم الإلكتروني

يعمل التعليم الالكتروني على دمج تقنيات المعلومات والاتصالات بالتعليم، ويعتبر مكون أساسي من مكونات المدينة الذكية.

وتعتبر جامعة “حمدان بن محمد الذكية” أبرز نموذج لمؤسسات التعليم الذكية بدبي حيث تعمل هذه الجامعة على تقديم محاضرات إلكترونية ينخفض من خلالها عدد المحاضرات المباشرة إلى مرتين أو ثلاث مرات في الفصل لكل مساق تعليمي. ويتم الاعتماد على التعلم الذاتي الذي يوفر المرونة اللازمة للتعلم باستخدام مضمون المساق الإلكتروني، والكتب الدراسية، والمحاضرات الأساسية.[39]

ث- النقل الذكي

قامت  إمارة دبي بوضع خطط شاملة لتطبيق تقنيات مرورية حديثة، تهدف إلى رفع كفاءة شبكة الطرق من خلال مشاريع تقنية متميزة، كما تهدف إلى تحويل 25 في المائة من رحلات المواصلات العامة إلى ذكية وذاتية القيادة بحلول 2030، ضمن توجه تعزيز أمن وكفاءة قطاع النقل لجعل  الإمارة المدينة الأذكى عالميا استنادا إلى اقتصاد مستدام ومتنوع، وسط نمو قطاع المركبات الكهربائية، وإنشاء شبكة طاقة أكثر مرونة في زيادة كفاءة استخدام الطاقة المتجددة في النقل[40].

ج- منطقة دبي للتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية والإعلام

هي هيئة اعتبارية لها استقلالها المالي والإداري، تهدف إلى:

  • وضع الاستراتيجيات والسياسات وطرق تنفيذها بهدف جعل دبي مركزا للتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية والإعلام.
  • إجراء البحوث وتقديم الاستشارات للحكومة فيما يتعلق بالقوانين الخاصة بتنظيم وتشجيع التكنولوجيا والتجارة الالكترونية والإعلام في الإمارة بما في ذلك حماية البيانات وحماية حقوق الملكية الفكرية ومكافحة الجرائم المتصلة بالتجارة الالكترونية.

وتشمل الأعمال والأنشطة التي تزاول في المنطقة الحرة تقديم الخدمات عبر الانترنيت بما في ذلك الخدمات المصرفية والمالية وخدمات التأمين والتعليم ومراكز الاتصال وعمليات التسويق وخدمات الإعلام والترفيه وأعمال التجارة الالكترونية .

أما بالنسبة للحوافز القانونية التي تشجع استخدام تقنيات الاتصالات فتتلخص في:

  • إعفاء البضائع الواردة للمنطقة الحرة من الرسوم الجمركية.
  • إعفاء مؤسسات المنطقة الحرة والعاملون بها من الضرائب[41]

ح- البنوك الالكترونية:

تستخدم البنوك الإلكترونية شبكة الانترنيت لتوفير خدماتها المصرفية، وتشكل التجارة الالكترونية  السبب الرئيسي لظهور البنوك الالكترونية التي تقدم خدماتها عن طريق الانترنيت.

وفي دبي أطلق بنك دبي الوطني خدمته الالكترونية، مما يتيح للأفراد الوصول إلى حساباتهم ومتابعتها من خلال زيارتهم لموقع البنك الافتراضي، مشكلا بذلك نموذجا متقدما في استخدام الانترنيت وتطبيقات التعاملات المصرفية.[42]

كانت هذه مجموعة من تطبيقات المدينة الذكية بإمارة دبي بالإضافة إلى مشاريع وتطبيقات أخرى تهدف إلى تحويل دبي إلى المدية الأذكى في العالم مثل مشروع مدينة دبي للإنترنيت، مدينة المعرفة، مدينة محمد بن راشد للتقنية، واحة دبي للمشاريع. بورصة دبي…

مقال قد يهمك :   لأول مـــرة: تعيين ناطقين باسم النيابات العامة بالمغرب (دورية)

خاتمــــة:

نستخلص مما سبق أن إضفاء صفة الذكاء على مدينة ما أو إنشاء مدينة جديدة ذكية يتطلب نوعين من الشروط يمكن التمييز فيها بين ما هو تقني وقانوني. 

وتتمثل الأسس التقنية في توفر البنية الأساسية لتقنيات المعلومات والاتصالات ولتطوير هذه البنية لابد من الاستناد على مؤشرات رقمية تبين مدى انتشار هذه التقنيات، مع الأخذ بعين الاعتبار التطور السريع للاتصالات وتقنيات المعلومات وما يتطلبه ذلك من بناء للمهارات والقدرات عبر تأهيل الموارد البشرية العاملة بهذه القطاعات وكذلك تأهيل المواطنين لاستقبال والاستخدام الجيد لهذه التقنيات.

أما الأسس القانونية فتتمثل في إصدار القوانين والتشريعات الضرورية لمواكبة هذه التطورات، حيث يتطلب الاعتماد المتزايد على التقنيات ونمو التعاملات الإلكترونية وضع عدد من القوانين الخاصة بإتمام العمليات التجارية إلكترونيا تساعد في المساواة بين التعاملات الورقية والتعاملات الإلكترونية، بالإضافة إلى قوانين حماية الخصوصية حيث تظهر ضرورة سن قوانين حماية أمن وسرية المعلومات، بالإضافة إلى القوانين المنظمة ولحماية الملكية الفكرية والقوانين المنظمة للتوقيع الالكتروني والمعاملات الالكترونية والتجارة الالكترونية …


لائحة المراجع :

-جريدة العرب، عدد يوم الخميس 14 غشت 2017، عدد 9648.

-ماريتا فارجاس، المدن الذكية بين الحلم والحقيقة، مجلة بيئة المدن، المدن الذكية المستدامة، مركز البيئة للمدن العربية، العدد الثامن مايو 2014.

– محمد حيان سفور- خلود صادق، المدن الذكية ودورها في إيجاد حلول للمشكلات العمرانية، حالة دراسية، مشكلات النقل في مدينة دمشق، مجلة جامعة دمشق للعلوم الهندسية، المجلد 29، العدد 2 2013 ص 584.

–  فاليري شافر، المدن الذكية، وإعادة التدوير، دمج تكنولوجيا الهواتف الذكية مع صناديق إعادة التدوير الذكية وذلك لتسريع جهود إعادة التدوير، مجلة بيئة المدن، المدن الذكية المستدامة، عدد 8 سنة 2014 ص 18.

– عبد الله محمد العقيل، المدن والمباني الذكية، مجلة العلوم والتقنية، المدينة الذكية، عدد111 سنة 2014، ص 4

– شادية أحمد، المدينة الذكية، مدينة المستقبل الأخضر، أفاق المستقبل، مجلة علوم وتكنولوجيا، عدد أبريل مايو 2014، 22، ص91.

– أليس كومان، هل المدن الذكية مدن مستدامة، مجلة بيئة المدن، المدن الذكية المستدامة عن مركز البيئة للمدن العربية، العدد الثامن، ماي 2014 ص 14.

– م خلود رياض صادق، مناهج تخطيط المدن الذكية، حالة دراسية دمشق، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في التخطيط والبيئة، جامعة دمشق، كلية الهندسة المعمارية، فسم التخطيط والبيئة، سنة 2013 ص 20.

– د. عبد القادر بن عبد الله الفنتوخ، مبادرة المدن الذكية في المملكة العربية السعودية، مجلة المدينة العربية، العدد 168، يوليو- غشت -سبتمبر ، سنة 2015،

-مانفريد رونتسهايمر، إعادة اختراع المدن من جديد، مجلة إتجاهات ووجهات نظر، منتدى للسياسة والثقافة والاقتصاد، Magazin Deutchland، العدد 3 سنة 2016 ص، 26.

– فهد بن ناصر العبود، الحكومة الذكية التطبيق العملي للتعاملات الإلكترونية الحكومية، مطبعة العكيبان، طبعة الثانية 2014

– محمد تقروت، أهمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تطوير الخدمات السياحية، الملتقى الوطني حول: السياحة والتسويق السياحي في الجزائر – الامكانات والتحديات التنافسية يومي 25-26 أكتوبر 2009، جامعة 8 ماي 1958، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، قسم العلوم التجارية

– د ريهام مصطفى محمد أحمد، توظيف التعليم الالكتروني لتحقيق معايير الجودة في العملية التعلمية، المجلة العربية لضمان جودة التعليم الجامعي ، العدد 9 سنة 2012

– د عائشة بن بشر، البنية التشريعية إحدى ركائز المدن الذكية، جريدة البيان، عدد 12992 ليوم الاربعاء 13 يناير 2016 .

– من قانون رقم (2) لسنة 2016 المتعلق بإنشاء مؤسسة بيانات دبي، حكومة دبي، الجريدة الرسمية عدد 397 السنة (50) – 19 جمادى الاخرة 1437ه، الموافق 28 مارس 2016.

– دبي، الامارات العربية المتحدة، الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، هيئة تنظيم الاتصالات، استراتيجية الخطة الوطنية لتحقيق أهداف الحكومة الذكية، يناير 2015.

المواقع الالكترونية:

– الموقع الإلكتروني  لجامعة حمدان بن محمد  الذكية www.hbmsu.ac.ae: جامعة حمدان بن محمد الذكية : البرامج الالكترونية.

– موقع جريدة البيان الاماراتية، مقال دبي ترسم مستقبل النقل الذكي، www.albayan.ae ، تاريخ 9 يناير 2017.

 


الهوامش :

[1] – جريدة العرب، تاريخ الخميس 14 غشت 2017، عدد 9648.

[2] – نفس المرجع.

[3] -ماريتا فارجاس، المدن الذكية بين الحلم والحقيقة، مجلة بيئة المدن، المدن الذكية المستدامة، مركز البيئة للمدن العربية، العدد الثامن مايو 2014، ص 3.

[4] – نفس المرجع، ص 4.

[5] – جريدة العرب، مرجع سابق.

[6] –  ماريتا فارجاس، مرجع سابق، ص 4.

[7] – محمد حيان سفور- خلود صادق، المدن الذكية ودورها في إيجاد حلول للمشكلات العمرانية، حالة دراسية، مشكلات النقل في مدينة دمشق، مجلة جامعة دمشق للعلوم الهندسية، المجلد 29، العدد 2 2013 ص 584

-[8] فاليري شافر، المدن الذكية، وإعادة التدوير، دمج تكنولوجيا الهواتف الذكية مع صناديق إعادة التدوير الذكية وذلك لتسريع جهود إعادة التدوير، مجلة بيئة المدن، المدن الذكية المستدامة، عدد 8 سنة 2014 ص 18.

[9] – عبد الله محمد العقيل، المدن والمباني الذكية، مجلة العلوم والتقنية، المدينة الذكية، عدد ،111 سنة 2014، ص 4

[10]– شادية أحمد، المدينة الذكية، مدينة المستقبل الأخضر، أفاق المستقبل، مجلة علوم وتكنولوجيا، عدد أبريل مايو 2014، 22، ص91.

[11]– أليس كومان، هل المدن الذكية مدن مستدامة، مجلة بيئة المدن، المدن الذكية المستدامة عن مركز البيئة للمدن العربية، العدد الثامن، ماي 2014 ص 14.

[12] – نفس المرجع، ص 11

[13] – م خلود رياض صادق، مناهج تخطيط المدن الذكية، حالة دراسية دمشق، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في التخطيط والبيئة، جامعة دمشق، كلية الهندسة المعمارية، فسم التخطيط والبيئة، سنة 2013 ص 20.

[14] – نفس المرجع، ص23

[15] – د. عبد القادر بن عبد الله الفنتوخ، مبادرة المدن الذكية في المملكة العربية السعودية، مجلة المدينة العربية، العدد 168، يوليو- غشت -سبتمبر ، سنة 2015، ص59.

[16] – ماريتا فارجاس، مرجع سابق، ص 5.

[17] – مانفريد رونتسهايمر، إعادة اختراع المدن من جديد، مجلة إتجاهات ووجهات نظر، منتدى للسياسة والثقافة والاقتصاد، Magazin Deutchland، العدد 3 سنة 2016 ص، 26.

[18] -تعمل الكثير من المؤسسات في ألمانيا على إنجاز ” إنترنيت الطاقة” حيث من المفترض أن تقود الطريق نحو توليد الطاقة المتجددة وتوزيعها اللامركزي. مانفريد رونتسهايمر، نفس المرجع، نفس الصفحة.

– [19] ماريتا فارجاس، مرجع سابق، ص 5

– [20] فهد بن ناصر العبود، الحكومة الذكية التطبيق العملي للتعاملات الإلكترونية الحكومية، مطبعة العكيبان، طبعة الثانية 2014، ص 19

[21]– نفس المرجع، ص 21.

[22] – م خلود رياض صادق، مرجع سابق، ص39.

[23] – محمد تقروت، أهمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تطوير الخدمات السياحية، الملتقى الوطني حول: السياحة والتسويق السياحي في الجزائر – الامكانات والتحديات التنافسية يومي 25-26 أكتوبر 2009، جامعة 8 ماي 1958، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، قسم العلوم التجارية، ص 9.

[24] – م خلود رياض صادق، مرجع سابق، ص40.

[25] – نفس المرجع، ص 42

[26] – د ريهام مصطفى محمد أحمد، توظيف التعليم الالكتروني لتحقيق معايير الجودة في العملية التعلمية، المجلة العربية لضمان جودة التعليم الجامعي ، العدد 9 سنة 2012، ص 4.

[27] – م خلود رياض صادق، مرجع سابق،ص 45

[28] – نفس المرجع ص48.

[29]– د عائشة بن بشر، البنية التشريعية إحدى ركائز المدن الذكية، جريدة البيان، عدد 12992 ليوم الأربعاء 13 يناير 2016 ص 26.

-[30] نفس المرجع، نفس الصفحة.

[31] – المادة الثالثة من قانون رقم (2) لسنة 2016 المتعلق بإنشاء مؤسسة بيانات دبي، حكومة دبي، الجريدة الرسمية عدد 397 السنة (50) – 19 جمادى الاخرة 1437ه، الموافق 28 مارس 2016.

[32]–  المادة الرابعة  من قانون رقم (2) لسنة 2016 المتعلق بإنشاء مؤسسة بيانات دبي، حكومة دبي، الجريدة الرسمية عدد 397 السنة (50) – 19 جمادى الاخرة 1437ه، الموافق 28 مارس 2016.

[33] – المادة السادسة من قانون رقم (2) لسنة 2016 المتعلق بإنشاء مؤسسة بيانات دبي، حكومة دبي، الجريدة الرسمية عدد 397 السنة (50) – 19 جمادى الاخرة 1437ه، الموافق 28 مارس 2016.

– [34] د عائشة بن بشر، ص 26

[35] – دبي، الامارات العربية المتحدة، الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، هيئة تنظيم الاتصالات، استراتيجية الخطة الوطنية لتحقيق أهداف الحكومة الذكية، يناير 2015 ص4

[36] – نفس المرجع، ص5.

[37] – نفس المرجع، نفس الصفحة.

[38] – م خلود رياض صادق، مرجع سابق، ص 94

[39] – للمزيد، الموقع الإلكتروني  لجامعة حمدان بن محمد  الذكية www.hbmsu.ac.ae: جامعة حمدان بن محمد الذكية : البرامج الالكترونية.

[40] – موقع جريدة البيان الاماراتية، مقال دبي ترسم مستقبل النقل الذكي، www.albayan.ae ، تاريخ 9 يناير 2017.

[41] – م خلود رياض صادق، مرجع سابق، ص 96

[42] – نفس المرجع ص 97.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)