مصادقة الحكومة على مرسوم لإنقاذ سفن الصيد البحري

العربي البوبكري : رأي آخر في قبلة الخيانة

سليمة فراجي : هل يستوي الوزير و المياوم في أداء مستحقات الطلاق ؟

25 يناير 2019 - 12:10 ص في الواجهة , وجهة نظر
  • حجم الخط A+A-
  • سليمة فراجي محامية و نائبة برلمانية سابقة.

لا نجادل في كون قانون الاسرة الصادر سنة 2004 يعتبر قفزة نوعية في مجال تعزيز الحقوق الانسانية ، وبناء مجتمع ديموقراطي حديث منفتح على القيم الكونية ومتشبت بقيمه الدينية والثقافية ، واستنتجنا من سنه رفع الحيف عن النساء وصيانة كرامة الرجال وحماية حقوق الأطفال ، ومسايرة تحولات الواقع المجتمعي وتحول الاسرة المغربية من هرمية قائمة على أساس سلطوي الى بنيان يوزع الحقوق والواجبات على كل فرد ويقر مبدأ العدل متصديا للظلم بجميع اشكاله .

وفِي هذا الصدد استحضر مقتطفا من الخطاب الملكي السامي بمناسبة استقبال جلالته لرئيسي مجلسي البرلمان وتسليمهما قانون مدونة الاسرة بعد المصادقة عليه بالإجماع بتاريخ 2004/2/3 والذي يؤكد فيه جلالته على تفعيل المدونة على الوجه الأمثل من طرف قضاء مؤهل مستقل ومنصف :

” ومهما تكن اهمية المكاسب المحققة ، والتي نتوجها اليوم بوضع طابعنا الشريف على قانون مدونة الاسرة وإصدار الامر بتنفيذه ، فإننا لن نذخر جهدا لتفعيلها على الوجه الأمثل من خلال قضاء مؤهل ومستقل وفعال ومنصف ، وبواسطة كافة المنابر والهيئات لتحسيس عامة الشعب بها ليس باعتبارها مكسبا للمرأة وحدها بل بكونها دعامة للأسرة المغربية المتوازنة المتشبعة بها ثقافة وممارسة وسلوكا تلقائيا “ انتهى مقتطف من نص خطاب صاحب الجلالة .

لكن اليس من الإجحاف ان يتحمل الزوج عند مباشرته مسطرة التطليق مبلغ باهظا عن المتعة دونما اي اعتبار لوضعيته المادية وكأن الامر يتعلق بعقابه ؟ الم تنص المدونة على كون المتعة يتم تحديدها بقدر يسر الزوج ووضعيته المادية وحال الزوجة ومسؤولية الطرف المتسبب في انفصام العلاقة الزوجية ؟ علما ان اغلب الحالات والنوازل التي تشهدها بعض جهات المملكة التي يباشر المسطرة فيها المغاربة المقيمون في الخارج ،تكون مسؤولية الشقاق فيها راجعة لبعض الزوجات اذ يعمدن الى طرد ازواجهن من بيت الزوجية ، واذا حاول الزوج الدخول الى بيت الزوجية تقدم الزوجة شكايات ضده تضطره الى الابتعاد ، واذا سلك مسطرة الطلاق او التطليق يواجه باعتماد القضاء على طول مدة الزواج للحكم عليه باداء عشرات الملايين عن واجب المتعة دونما ادنى مراعاة لحالته المادية المزرية في عز الأزمة الخانقة التي يعاني منها المواطنون رجالا ونساء ، ومسؤولية الزوجة التي لم يعد يهمها استمرار العلاقة الزوجية احيانا ، خصوصا اذا كانت تتمتع في الخارج بتعويضات عائلية مريحة وسكن ومزايا ، فيبقى الزوج وحيدا ، لا هو متمكن من التعدد لرفض الزوجة منحه الاذن ، ولما يباشر مسطرة التطليق يحكم عليه باداء مبالغ باهظة تعجيزية ، دون البحث الجدي والدقيق في أسباب وموجبات الطلب، ودون الاكتراث بمعاناة الازواج الذين يصلون سنا معينة ويجدون أنفسهم بدون ملاذ عائلي ومواجهين بمعاملة سيئة ، علما ان الزوجة ولئن كانت اشد رغبة من الزوج في الفراق ، فانها تتفادى سلوك المسطرة حتى تستفيد من مستحقات المتعة.

مقال قد يهمك :   بعض الاشكالات العملية المتعلقةبالتقسيم العقاري وفق القانون 25.90

مثال ذلك تم الحكم على متقاعد يتقاضى 350 أورو شهريا اضافة الى مدخول رخصة سيارة اجرة حسب 1000 د شهريا ،باداء واجب المتعة الذي قدرته المحكمة في 250.000 درهما (25 مليون سنتيم )  والحال ان المبلغ الإجمالي الذي يتقاضاه شهريا لا يتعدى 5000 درهما. الاكثر من ذلك فإذا نحن قارنا المستحقات المفروضة على وزير في الحكومة بناء على طلبه التطليق للشقاق نجدها حددت في مبلغ 300.000 (30 مليون سنتيم ) ، طبقا للحكم الصادر عن محكمة سلا ، في حين نجد تاجرا بسيطا او مياوما استحالت عشرته مع زوجته وراح يطالب بالتطليق للشقاق ، فيواجه بمستحقات متعة تتعدى 200000 , بالطبع يسر الوزير ثابت ،وأجره قد يصل الى 70000 درهم مع اعتبار المزايا ، وضيق ذات اليد للثاني بادية بقوة الحجج لان شواهد الأجر هي المعتبرة.

بل ولئن كان النص القانوني قد خول للطرفين معا حق المطالبة بالحكم بالتعويض على الطرف المتسبب في الفراق (الفصل 97 من مدونة الاسرة ) فان غالب الازواج الذين يتقدمون بطلب التعويض لما تتقدم الزوجات بطلب التطليق للشقاق يرفض طلبهم ولو تم الادلاء بحجج او مستندات تثبت ان الزوجة هي المتعسفة في طلب الطلاق. او يدلي الزوج بحجج تثبت الانحراف او انعدام الاستقامة لانه يتفادى تقديم شكاية جنحية مراعاة لبعض الاعتبارات الأسرية والاجتماعية ،و للإشارة فان النص القانوني منحها واجب المتعة ولو تقدمت هي بطلب التطليق ، في حين انتبه الاجتهاذ الى الحيف الذي قد يلحق بالزوج اذ تكون الزوجة هي المطالبة بانهاء العشرة ويحكم لها مع ذلك بالمتعة اي التعويض الذي لحقها من جراء انفصام العلاقة والحال انها هي المتسببة في الفراق.

لذلك بات من الضروري تقديم مشروع تعديل تأتي به الحكومة او مقترح يصوغه النواب البرلمانيون حتى لا يقال ان الاجتهاذ نسف النص القانوني ، وانه لا اجتهاذ مع النص ، واذا كان التشريع اب القضاء ، وأصبحت محاكم المملكة متباينة في اعتماد المعايير المعتمدة في تقدير واجب المتعة ، والمستحقات ، وأصبح عدم الانصاف والإرهاق والمعاناة من نصيب العديدين من الازواج الراغبين في الطلاق ، المنصوص عليه في مدونة الاسرة في كتابها الثاني المتعلق بانحلال ميثاق الزوجية وآثاره ، على اعتبار اننا قد نتفهم قصد القاضي الذي يرفع من مستحقات المتعة لإعجاز الزوج او إجباره بصفة غير مباشرة عن العدول عن الطلاق ، لان المادة 86 من المدونة تفرض عليه ايداع المبلغ المحدد من طرف المحكمة داخل اجل اقصاه ثلاثين يوما والا فانه يعتبر متراجعا عن رغبته في الطلاق ويتم صرف النظر عن طلبه.

مقال قد يهمك :   عبد الحق الخيروني: حــــــكاية الـــــقانـــون -مقاربة فلسفية-

لكن معاناة بعض الازواج ومواجهتهم بهذه المبالغ رغم ضعف قدراتهم المادية ، يجعل حياتهم تتحول الى جحيم ، وتفقد مؤسسة الزواج قدسيتها المبنية على اواصر المحبة والوئام ، لان ابغض الحلال عند الله الطلاق. ولكن لما تستحيل العشرة احيانا فالحل ليس هو عقاب الازواج ماديا خصوصا وان اجتهادات المحاكم متباينة في هذا الشأن.

لان المدونة ليست مكسبا للمرأة فقط التي منحتها اهم مقتضى الذي هو طلب التطليق للشقاق ، وانما مكسب للمرأة والرجل وتتطلب قضاء مؤهلا غير متعصب لجهة دون اخرى ، منصفا للرجل والمرأة على السواء وغير مجحف بحقوق اي طرف من الطرفين.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)