العثماني: الحكومة عازمة على تسوية جميع ملفات جبر الضرر الفردي قبل نهاية هذه السنة

حسن فتوخ : إشكالية طرد المحضون بين القانون العقاري ومدونة الأسرة

عبد الله الكرجي : عذرا أيتها المحاماة فأنت مهنة النبل.

19 ديسمبر 2017 - 12:11 ص في الواجهة , وجهة نظر
  • حجم الخط A+A-
  • ذ.عبد الله الكرجي: عضو نادي قضاة المغرب و مستشار بمحكمة الاستئناف بالرباط.
أن تكون محاميا؛ يعني أن تكون طبيبا نفسيا، ومخبرا جيدا ومحدِّثاً راقِيا. وقد جاء في كتاب “عظمة المحاماة” لأحمد حسن مشنن:
“سمة المحاماة الأولى هي الوقار؛ فإن فقد المحامي وقاره فقد موكله، وفقد قضيته، وفقد قاضيه وفقد نفسه”.

لذلك وجدتني أتساءل مندهشا حول ما اقترفه “محامي ورززات وهو يعنف قاضيا” في حق مهنة النبلاء (وقبله محامي صفرو ومحامي تمارة ووو…)؛ وهو يخدش تلك الصورة الجميلة العالقة بذهني عن مهنة تمناها فولتير ورغب فيها عظماء قائلين “تمنيت لو كنت محاميا”؛ فهي المهنة التي كانت تؤدى دون أجر نصرة للمظلومين والمستضعفين والبؤساء ورسالة السماء إلى الأرض لنصرة الحق، حتى قال عنها دوجيسو، رئيس مجلس القضاء الأعلى بفرنسا:

“المحاماة عريقة كالقضاء.. مجيدة كالفضيلة..ضرورية كالعدالة..هي المهنة التي تجعل المرء نبيلاً بغير ولادة”.

تقدم لنا دراسات سيكولوجيا العنف مقاربات عديدة لدراسة أسباب السلوك العدواني، مركزة على المناخ التربوي والعلائقي والاجتماعي (كتاب “سيكولوجية العنف: عنف المؤسسة ومأسسة العنف” للدكتور احمد اوزي) لتخلص إلى أن أهم سبب في انتشار العنف هو التطبيع والتسامح معه ليصبح ممأسسا وظاهرة عادية، وقد أصبحت في مجتمعنا ظاهرة لا تخطئها العين؛ فكيف وهو يصدر عن حماة العدالة تجاه العدالة، بل ويقترف من قبل المستأمنين على حقوق المستضعفين.

بعيدا عن الفئوية وجواز اعتقال “محامي ورززات” من عدمه، الذي يبقى تدبيرا مؤقتا؛ أرى أن بتر مثل هذه السلوكات التي تخدش صورة المحاماة واجب اليوم أكثر من أي وقت طالما لازالت في مهدها كظاهرة، ولو كلف الأمر بتر كل من سولت له نفسه إيذاء صورة محراب العدالة كيفما كانت صفته؛ والذي طالما كان محراب فكر وعلم وأخلاق قبل كل هذا وذاك. وقد تعلمنا ولا نزال من نقباء الزمن الجميل فن الحديث وجميل القول وجليل العلم.. ولطالما أخجلني تواضع خطاب نقباء، بل وقد أبهرني بعضهم (وهو أستاذي حين كنت طالبا) يصر على مناداتي بالسيد الرئيس وأنا مجرد عضو هيئة أتلمس خطواتي الأولى بالقضاء.

رهاننا اليوم على دور المجالس التأديبية لتقوم بواجب حماية العدالة؛ فما يحقق بالتأديب قد لا يحقق بالتوعية طالما أننا أمام تهذيب الكبار وليس تلقين الصغار؛ نعم التوعية مهمة لكن لا تكفي أمام استفحال الظاهرة؛ لاسيما وقد اقترفت من قبل كبير سن ومهنة وليس صغير سن أو مبتدئ مهنيا.

علينا إذا أن نعي بكون العدالة تعيش اليوم أعطابا كثيرة وهذه أخطرها؛ لذاك يجب أن نعترف حيث نخطئ؛ فليس هناك خطأ أكبر من عدم الاعتراف بالخطأ؛ وقد سئل حكيم بم ينتقم الإنسان من عدوه؟ فقال: بإصلاح نفسه.

مقال قد يهمك :   مدى أحقية موظفي الجمارك في المشاركة الانتخابية

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)