الدكتور فؤاد بنصغير: بيع الأدوية عبر الإنترنت : نشاط تجاري خارج القانون ؟

مجلة مغرب القانون تتمنى لكم سنة ميلادية سعيدة

فؤاد بنصغير: التوقيع الإلكتروني للأشخاص المعنويين : أين النص القانوني ؟

29 ديسمبر 2017 - 2:40 م في الواجهة , وجهة نظر
  • حجم الخط A+A-
  • الدكتور فؤاد بنصغير: أستاذ جامعي و خبير / مكون في القانون الإلكتروني
  • عنوان المقال : التوقيع الإلكتروني للأشخاص المعنويين : أين النص القانوني ؟ دعوة عاجلة للمشرع المغربي من أجل تحيين القانون 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية.

من المعلوم أن المشرع الأوربي قام منذ سنة 1999 بإصدار توجيه أوروبي وضع الإطار القانوني الذي ينظم التوقيع الإلكتروني للأشخاص الذاتيين ( وليس التوقيع الإلكتروني للأشخاص المعنويين ) وأنشطة مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية المرتبطة به.وقد تبعته في ذلك كل الدول الأوربية ومن بينها فرنسا التي وضعت بدورها نصوصا قانونية تتعلق بهذا النوع من التوقيع.

اهتداء بالمشرع الأوربي والفرنسي و قبلهما مشرع القانون النموذجي حول التوقيع الإلكتروني، أصدر المشرع المغربي من جهته القانون 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية الذي ينظم الإثبات الإلكتروني المبني على التوقيع الإلكتروني والتكنولوجيات المرتبطة به من تشفير ومصادقة إلكترونية وغير ذلك.

غير أنه بعد 15 سنة من التطبيق، تنبه المشرع الأوربي إلى أن وضع إطار قانوني للتوقيع الإلكتروني وحده دون غيره من خدمات الثقة الأخرى، لم يسمح للتوقيع الإلكتروني بالتطور.حيث ظل لجوء المقاولات الخاصة والإدارات العمومية إلى تكنولوجيا التوقيع الرقمي محتشما، وحتى عندما يتم اللجوء إليه يتم ذلك بطريقة تختلف عن ميكانيزمات التوقيع الإلكتروني التي جاء بها النص القانوني.

بعد أن انتبه المشرع الأوربي إلى فشل النظام القانوني المبني فقط على التوقيع الإلكتروني للأشخاص الذاتيين، أصدر سنة 2014 توجيها أوروبيا جديدا يتعلق بتحديد الهوية الإلكترونية (Identification électronique) و خدمات الثقة في المعاملات الإلكترونية  services de confiance sur les transactions électroniques كنظام متكامل للثقة في المعاملات الإلكترونية.

وقد تبعته في ذلك كل الدول الأوربية ومن بينها فرنسا ( سنة 2017 ) التي وضعت بدورها نصوصا قانونية تتعلق هي الأخرى بتحديد الهوية الإلكترونية وخدمات الثقة في المعاملات الإلكترونية.

مقال قد يهمك :   برلمانيون يقدمون "مشاكل الجهوية" في مشروع مالية 2018

والغاية من النصوص القانونية الجديدة على صعيد أوروبا وعلى صعيد كل دولة أوربية على حدة هي التشريع لكل المكونات الضرورية لإرساء الثقة في المعاملات الإلكترونية وليس فقط للتوقيع الإلكتروني الخاص بالأشخاص الذاتيين.

ويتعلق الأمر بالطابع الإلكتروني ( cachet électronique ) والطابع الزمني الإلكتروني (horodatage électronique) و (recommandé électronique) وغيرها.

  • الطابع الإلكتروني ( cachet électronique )

وهو التوقيع الإلكتروني للأشخاص المعنويين، والغاية من وضع إطار قانوني للطابع الإلكترون هو من جهة تطوير الحكومة الإلكترونية من خلال تمكين المؤسسات العمومية من التوقيع الإلكتروني كأشخاص معنويين وليس التوقيع الإلكتروني من خلال أشخاص ذاتيين ينوبون عنهم، ومن جهة أخرى تشجيع التجارة الإلكترونية من خلال تمكين الشركات الخاصة من التوقيع الإلكتروني كأشخاص معنويين وليس التوقيع الإلكتروني من خلال أشخاص ذاتيين ينوبون عنهم في ذلك.

  • الطابع الزمني الإلكتروني (horodatage électronique)

وهي خدمة تتيح للأفراد والمؤسسات العمومية والشركات الخاصة خلق توقيع إلكتروني يتم ختمه بطابع زمني إلكتروني يحدد تاريخ ووقت حدوث التوقيع الإلكتروني. و لا يمكن تغيير هذا الوقت بأي شكل من الأشكال و لا من قبل الطرف الموقع نفسه، مما يعطي ثقة كاملة في المستندات أو المعاملات الموقعة رقميا.

خاتمة :

لهذه الأسباب، ندعو المشرع المغربي إلى تدخل تشريعي عاجل من أجل تحيين القانون 53-05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية الذي يؤطر فقط التوقيع الإلكتروني للأشخاص الذاتيين وتعديله وتتميمه بمقتضيات قانونية جديدة تؤطر باقي خدمات الثقة في المعاملات الإلكترونية وعلى رأسها الطابع الإلكتروني (التوقيع الإلكتروني للأشخاص المعنويين) و الطابع الزمني الإلكتروني وغيرها.

هذا يعني أن ينتقل النظام القانوني المغربي في ميدان الإتبات الإلكتروني من من نظام يرتكز على التوقيع الإلكتروني للأشخاص الذاتيين ومقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية إلى نظام يرتكز على مقدمي خدمات الثقة في المعاملات الإلكترونية كمنظومة قانونية متكاملة يحتل فيها التوقيع الإلكتروني للأشخاص المعنويين مكان الصدارة.

مقال قد يهمك :   ضمانات الائتمان البنكي في التشريع المغربي : رهن القيم نموذجا

صحيح أن الثقة في المعاملات الإلكترونية هي في جانب مهم منها مسألة تكنولوجية، ولكنها في الأول والأخير تبقى مسألة قانونية لا يمكن بلوغها إلا عن طريق تحيين النصوص القانونية المتعلقة بالقانون الإلكتروني.

من هنا جاءت دعواتنا العاجلة السابقة لتحيين القانون 08-09 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية والذي أصبح متجاوزا إلى حد كبير، والقانون 03-07 المتعلق بالجريمة المعلوماتية الصادر سنة 2003 حيث ظهرت في السنوات الأخيرة جرائم معلومياتية كثيرة لم يتسن له تجريمها في حينه، واليوم نطالب تحيين القانون 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية.

هذا التحيين ضروري إذا ما أردنا ترسيخ الثقة القانونية والتقنية في المعاملات الإلكترونية التي ما تزال مفقودة إلى يومنا هذا. فمتى يستجيب المشرع المغربي إلى دعواتنا هاته ؟

 

 

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)