محكمة النقض تحدد مفهوم تنازع الاختصاص النوعي على ضوء تعدد أنواع المحاكم

صدور التعديلات الجديدة للفصل 430 من المسطرة المدنية بالجريدة الرسمية

فاطمة اعليلوش: آليات ترسيخ إدارة جبائية حديثة

31 أغسطس 2019 - 1:21 ص مقالات , القانون الخاص , مقالات , القانون العام , في الواجهة , مقالات
  • حجم الخط A+A-

الدكتورة فاطمة اعليلوش

أستاذة باحثة في القانون العام

تلعب الإدارة الجبائية الحديثة في النظام الضريبي المغربي دورا هاما، انطلاقا من الهدف الأساسي الذي تسمو إليه، والمتمثل في التوزيع العادل لتحملات الدولة بين جميع المواطنين، في إطار الاحترام التام لمبدأ المساواة والعدالة، وهو ما سيؤدي حتما إلى تحقيق سياسة اجتماعية وتنمية اقتصادية داخل الدولة. ومن ثم فإذا كان يقع على عاتق الدولة أن توفر الموارد والعائدات الضريبية ضمانا للقيام بمهامها المنوطة بمرافقها، فإنه بالمقابل تلزم بمراعاة مصالح الخاضعين للضريبة، وضمان المساواة والإنصاف في تحمل الأعباء والعمل على خلق نوع من التوازن بينها وبين الخاضع الطرف الضعيف في هذه العلاقة. وهذا التوازن لن يتأتى إلا عن طريق سن نصوص تشريعية، تسير نحو تحقيق نوع من العدالة بين الدولة والخاضع لها وهو ما تم فعلا من خلال سن العديد من القوانين الجبائية منها المدونة العامة للضرائب ومدونة تحصيل الديون العمومية وغيرها…، كل هذه القوانين حاول المشرع الضريبي من خلالها العمل على حماية حقوق الطرفين معا حقوق كل من الدولة متجسدة في شخص الإدارة الضريبية، أو الخزينة العامة والخاضع الذي يكون إما شخصا ذاتيا أو معنويا.

وتتعدد آليات تفعيل الإدارة الجبائية في التجربة الضريبية المغربية، حيث ترتبط بتفعيل مبدأ مساهمة الجميع في التكاليف العامة، الذي يعتبر من المبادئ المكرسة في معظم دساتير الدول المعاصرة، حيث أصبح هذا المبدأ من أهم أسس العقد الاجتماعي الذي بموجبه ارتضى الجميع أن يعيش جنبا إلى جنب في إطار جماعة يسودها نظام معين يخضع له الجميع، بهدف تحقيق التعايش والسلم مقابل أن يتنازل كل واحد عن جزء من حريته الخاصة، وأن يتحمل مجموعة من الالتزامات من بينها المساهمة بقدر من ثروته لفائدة الجماعة التي يعيش فيها). وهكذاتجسد الجباية مبدأ المساهمة في النفقات العامة، ويتكلف المشرع الضريبي بوضع مختلف القواعد المتعلقة بتوزيع مقدارها بين أفراد المجتمع ومختلف الآليات القائمة لفرضها والمنازعة فيها وفق إجراءات محددة)[1].

وفي هذا الإطار، فإن كل التقنيات المستعملة في القانون الضريبي تساهم في إعطاء أقصى ما يمكن من مردودية وفعالية عند البحث عن في فعالية الجباية التشاركية، عبر وضع كافة الوسائل الناجعة لهذا الغرض للجهة القائمة على تطبيقه والمتمثلة في الإدارة الجبائية التي تعلب دورا مهمافي حماية الديون الضريبية من خلال السلطات التي منحها إياها المشرع المغربي[2]، الأمر الذي تظل معه في حاجة إلى تأهيلها نحو اتجاه بلوغ هدف إدارة مواطنة (المطلب الأول). وفي المقابل يتمتع الملزم بمجموعة من الآليات التي تمكنه من الدفاع عن حقه في المساهمة في فرض الجباية التشاركية التي توافق ظروفه ومصالحه باعتباره المعني الأول والأخير بهذه الجباية[3]، بحيث أصبح فرض الجباية وجه من أوجه المشاركة في تدبير الشأن العمومي من خلال اشتراك المواطنفي اتخاذ القرارات ومشاركته في تسيير مرافق الدولة تماشيا مع النهج الديمقراطي في تدبير الشؤون العامة الذي أصبح المغرب ينهجه[4] ، وهو التوجه الذي يسعى إلى بلوغ أهداف تأهيل الملزم في اتجاه الوصول إلى غاية مواطن جبائي (المطلب الثاني).

المطلب الأول :نحو إدارة جبائية مواطنة

 إذا كانت الإدارة الجبائية تختص بتنفيذ القوانين والتحقق من سلامة تطبيقها حماية لحقوق الخزينة العامة، وحقوق الملزمين على حد سواء، كما تساهم، كذلك، في اقتراح التعديلات والتشريعات الجبائية التي ترمي إلى الارتقاء بالنظام الجبائي إلى درجات عالية من الاتقان والكمال، وتساعد المجتمع على تحقيق أهدافه الاقتصادية والاجتماعية[5]. وبذلك، فإن الإدارة الجبائية هي التي تسهر على صياغة وتنفيذ السياسة الجبائية، وتسهر على إعطاء المعلومات حول النظام الضريبي وبالعمليات المعقدة والكثيرة التي تسبق عميلة تحصيل الجباية، وتقومفي نفس الآن بالتدخل الاقتصادي لدرجة أنها يمكن أن تساهم في تغيير البنية الصناعية عن طريق السياسة الضريبية اتجاه الاستثمارات… إلخ[6]. لذلك، فإن أمر فعالية الجباية التشاركية في التجربة الضريبية المغربية، يحتاج تأهيل حقيقي إلى مكونات هذه الإدارة، باعتماد الآليات والأنظمة الحديثة في أساليب اشتغالها قصد عصرنة طرق عملها (الفقرة الأولى)، إضافة إلى تدعيم آليات التواصل الجبائي التي تجعل الإدارة الجبائية في مستوى وتطلعات المعقودة عليها الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى :تحديث الإدارة الجبائية وعصرنتها

إن تحسين طرق تسيير وتدبير الإدارة الجبائية والنهوض بعلاقتها مع الملزم يقتضي بالضرورة إصلاح عدد من الأوضاع وتجاوزها بغية خلق الجو الملائم لعلاقات أصلح بينها وبين الملزمين وإقرار علاقات تواصلية جديدة مبنية على الإشراك والحوار وتقريب الإدارة من المواطن[7] ، ومن دون شك فإن إمكانيات تفتح الإدارة الجبائية ونهوضها بدورها التواصلي والإعلامي مقرون بتدابير عاجلة وعمل يتطلب مبادرات متكاملة في إطار إصلاح شمولي يهدف إلى التدبير الناجح للجباية التشاركية وتوفير الشفافية، باعتبارها شرطا من شروط تحسين علاقة الإدارة مع مختلف الملزمين، والتي لا يمكن أن تنبني إلا على قواعد واضحة للتعامل معهم من خلال ضمان الوضوحفي المعاملة بين طرفي المعاملة الجبائية، بغاية التعرف على الحقوق والواجبات للطرفين معا[8] . كما يستند مبدأ الشفافية على تخويل الحق لكل مهتم بالشأن الجبائي سواء كان باحثا أو ملزما….، من الاطلاع على الوثائق الإدارية والمالية المتعلقة بالشأن الضريبي وجعلها رهن إشارة العموم للاطلاع عليها بما يضمن شفافية العلاقة بين الإدارة والملزم[9].

إن الإدارة الجبائية لكي تحسن من علاقتها مع الملزم ولكي تتصالح معه وتحاول تقريبها إليه، يجب عليها معانقة الآفاق الرحبة لتكنولوجيا الإعلام والاتصال لأنها غدت صناعة المستقبل الاقتصادي والاستثماري في دول أوربا وأمريكا واليابان[10].فالطموح لدى الجهات المسؤولة هوبناء إدارة عصرية منحصرة على مهامها الرئيسية وموحدة الجهود ودائمة الإصغاء لمحيطها ومتوفرة على الوسائل الملبية لحاجياتها الحقيقية، ومهتمة بتقديم خدمة عمومية ذات جودة عالية بأقلتكلفة. وعلى هذا الأساس، فالتصور المقترح، يتجلى في بلورة استراتيجية وطنية منشودة في مجال الإعلام والتواصل الجبائيين مجسدة في أهداف وتوجهات يبتغي تحقيقها في مراحل تدريجية، مع اتخاذ إجراءات عملية وتدابير قانونية مصاحبة لتنمية وتطوير هذا القطاع، وبناء علاقة ثقة بين الإدارة الجبائية والملزم واعتباره مواطنا مشاركا وليس ملزما زبونا فقط ينظر إلى جيبه قبل أن ينظر إليه كمصدر للدخل وللربح فقط). لذلك فإن أساس رضي الملزم وقبوله الجبائي هو طريقة التواصل وتعامل الإدارة الجبائية معه، لذلك لابد من النظر في السياسة التواصلية عن طريق التوجه إلى الإدارة الخدماتية والمواطنة، عن طريق تحديث هذه الإدارة وعصرنتها[11].

أولا- تحديث آليات عمل الإدارة الجبائية :

تنبني السياسة التواصلية للإدارة الجبائية إن على المستوى الداخلي أو الخارجي، على ضرورة تحديث هياكلها وأدوات اشتغالها في علاقتها الداخلية، كما يجب عليها أن تقوم بتزويد الملزمين بالمعلومات اللازمة التي يستعملونها في إطار ما يسمى بالحق في الاستعلام الضريبي والذي يجب أن يلبي حاجيات الملزمين من المعلومات وهي المعلومات العامة والمعلومات الدقيقة[12].ففيفرنسا مثلا، نجد أن الاستعلامات الضريبية العامة تتابع من خلال طريقتين، الأولى هي الوثائق الرسمية، والثانية هي الوثائق شبه الرسمية من جهة[13].ومن جهة أخرى فإن المعلومات الدقيقة هي التي تهم الملزم، حيث تتلخص النتائج الضريبية للنشاط الذي يعجز الممول القيام به، فهو من حقه أن يطلب معلومات فردية من الإدارة الضريبية بطريقة رسمية تعينه على معرفة القوانين واللوائح المطبقة في مثل حالته[14].

ثانيا- تحسين ظروف الاستقبال وتأهيل الموظفين المكلفين بذلك :

يعتبر الاستقبال البوابة الأولى للتواصل بين الإدارة الجبائية والملازم الذي يكون انطباعا أوليا عن مستوى تعاملها معه، خصوصا وأن تحسين وظيفة الاستقبال ستساهم بشكل كبير في الرفع من جودة العمل الإداري، وخلق نوع من الصلة بين الإدارة والمرتفق. لذلك، كانت الحاجة ملحة إلى ضرورة خلق بنيات تحتية للاستقبال والإرشاد، مع توظيف التقنيات التكنولوجية الحديثة، خصوصا وأن النتائج التي حققها استعمال هذه الوسائل الحديثة لتحسين علاقة الإدارة بالمرتفقين وتوفير نوع من الارتياح النفسي وخلق جو من الثقة المتبادلة، كانت هامة الغاية في الدول المتقدمة، لذا يمكن السير على منوال هذه التجربة وإقامة بنيات مشابهة على مستوى الإدارة الجبائية، بالرغم من قلة الإمكانيات المتاحة، مع محاولة تكييفها مع المحيط السياسي والإداري لتمكين الملزمين من إشباع رغباتهم تبعا لمستوياتهم الثقافية والاجتماعية، مستعملة في ذلك خطابا بسيطا ومتداولا أكثر ينسجم مع الخصائص الحضرية والقروية، مع الابتعاد عن الخطاب التقني للتواصل معأكبر شريحة معينة، لأن تكييف الخطاب الجبائي مع الخصائص النفسية والاجتماعية المستقبل المعلومات يجعل هذا الأخير يشعر بالاطمئنان تجاه الإدارة الجبائية.

وعلى اعتبار أن الاستقبال وظيفة صعبة تتطلب كفاءات ومؤهلات خاصة، لكونها وسيلة الربط بين الإدارة والمرتفق، وتحسيسهم بالقيم الجديدة للتواصل المبنية على الاحترام والتسامح والمساندة والتواضع في المعاملة مع مختلف شرائح الملزمين دون تمييز بينهم. ودائما في إطار تحسين ظروف الاستقبال، يجب أن يتم توفير المعلومات بواسطة مراكز دائمة منتشرة في جميع أنحاء البلاد يزورها الملزمون في أي وقت، بإمكانهم الاتصال بها بواسطة الهاتف خلال كل الفترات لاسيما تلك التي تعرف نشاطا جبائيا مكثفا حيث يصادف دخول ضريبة جديدة حيز التطبيق أو تعرف تعديلا أو تغييرا قانونيا أو تنظيميا أو خلال فترات إيداع التصريحات. كما يجب أن تتوفر هذه المراكز على الإمكانيات المادية والبشرية التي تسمح لها باستقبال عموم الملزمين، وتقديم المعلومات المطلوبة لهم في أسرع وقت، ومن ثم وجب أن تكون مجهزة بالإعلاميات، وبوسائل الرد التليفوني الأتوماتيكي وبالأطر ذات التكوين الجبائي المالي والمتخصص، كما يجب أن تكون في بنايات جذابة وعملية أعدت خصيصا لضمان استقبال جيد للملزم الزبون. مع الإشارة إلى الدور الفعال الذي يمكن أن يلعبه الهاتف في ميدان إعطاء المعلومات والإجابة عن التساؤلات نظرا لسرعته وتوفيره للعديد من المشاق سواء تعلق الأمر بالملزم أو الإدارة على حد سواء، على أن بعض الحالات لا يمكن حلها إلا باللقاء المباشر الذي يضمن حوارا أكثر فعالية[15].

ثالثا- تقوية دور المعلوميات في الميدان الجبائي :

تتعاظم مهام الإدارة الجبائية وتتعقد يوما بعد يوم، فهي تدبر العديد من الضرائب والرسوم والواجبات والمساهمات الأخرى التي تشكل مجالا خصبا للجباية التشاركية، حيث يتقاطع الملايين من الملزمين لكل منهم ملفه الفردي الذي يضم دخوله ومجموع المعلومات الخاصة بذمته المالية، وأمام استحالة الزيادة الدائمة في عدد الموظفين، تم اللجوء إلى استخدام المعلوميات قصد تطوير الخدمات الجبائية، وتحسين الممارسات الإدارية. لكون المعلوميات داخل الإدارة الجبائية تقوم بمجموعة من المهام يمكن ذكر بعضها تصفية الرسم وإصدار الجداول والإنذارات، ومعالجة التصاريح المقدمة من طرف الملزمين، وتوحيد و تنسيق عمل الإدارة الجبائية على الصعيد الوطني، والعمل على إحداث بنك للمعطيات، ثم إعداد المعطيات الإحصائية القابلة للاستغلال، والتحليل ودراسة وتطوير النظام الجبائي القائم وتكييفه مع التطورات الاقتصادية والتغيرات الاجتماعية…[16].

وعلى أساس ذلك، فإن استعمال الحاسوب في الميدان الجبائي، يسهل عملية جمع المعلومات حيث يقوم بإحصاء الملزمين حسب موقعهم الجغرافي والمهني الذي يتغير باستمرار، واستقبال الإقرارات والمعلومات ومركزها وفحصها بدقة، والتكفل بإعلام الملزم في الوقت المحدد قانونا بتاريختقديم تصريحاته، إصدار جداول الرسوم، تحصيلها واستخلاصها وإحصاء المداخيل المتحققة، إنذار الملزم عن التأخير وإصدار الغرامات الواجبة … كما أن الحاسوب سيقلص لا محالة من حدة الشكايات المقدمة للإدارة الجبائية إلى الحد الأدني باعتبار أنه سيتحكم في عمليات فرض الضرائب مما سيحد من هامش الوقوع في الأخطاء، كما سيرقي بمستوى المراقبة والتسيير[17]. كما أن أهمية المعلوميات لا تكمن في الاستعمال الواسع والناجع لتدبير المسألة الجبائية بل في ضرورة مسايرة التطور السريع الذي يعرفه هذا المجال، وبالتالي يجب تجديد وتحديث الأنظمة المعلوماتية من حين لآخر، واقتناء أحدث البرامج المتوفرة، مما يفرض في بعض الحالات ضرورة الاستعانة بالقطاع الخاص لخلق برامج وأنظمة Logiciels خاصة أكثر تطورا لمعالجة الرسوم وتدريب العاملين على استعمالها مما يطرح مسألة السر المهني واحترام مبدأ الحريات الفردية وحرمة الحياة الخاصة، وكذا ضرورة حماية التجهيزات المعلوماتية نظرا لجسامة المعطيات التي تتضمنها.

من الضرائب والرسوم ية حيث يتقاطع الملايين – الخاصة بذمته المالية، المعلوميات قصد تطوير – الإدارة الجبائية تقوم – والإنذارات، ومعالجة الجبائية على الصعيد ية القابلة للاستغلال الاقتصادية والتغيرات

رابعا- تأهيل الموارد البشرية العاملة بالإدارة الجبائية :

يعتبر العنصر البشري المحدد الأساسي للرفع من مستوى إنتاجية الإدارة الجبائية سواء من حيث الخدمات، أو الجانب المادي الصرف فهو منتج (أي العنصر البشري) القيم ومستهلكها في نفس الآن، لأن الإدارة هي قبل كل شيء تجمع بشري وبشكل أدق هي تجمع مجموعات تضع شروطا الحياتها وعملها، ولا يمكن للإدارة أن تتطور إلا بتطور العقليات ووضعية القائمين على تسييرها. وتعتبر الجودة من المفاهيم الحديثة التي أصبحت مطلبا ملحا في كل المجالات بما فيها الإدارة، حيث أصبحت من المفاهيم الإدارية التي تهدف إلى تحسين وتطوير السلع المنتجة، وكذلك الخدمات بالإضافة إلى تزويد الإدارة بالمهارات الإدارية العالية التي تساعد على مواجهة التحديات، وهذا هو النهج الذي تسلكه أغلب إدارات الدول المتقدمة[18]. ذلك أن الاهتمام بالتواصل سواء الداخلي أو الخارجي يتطلب الاهتمام بالعنصر البشري، لأن الإنسان مصدر كل القيم، إذ أن المتفحص الجوهر الوظائف الإدارية يجد بأنها تهتم بالعنصر البشري وتدور حوله، وفي كيفية تفهم سلوكياتهباعتبار أن كل الأنشطة الإدارية تعتمد عليه بشكل مباشر، وبعبارة أخرى فإن عناصر الإنتاج المختلفة لا قيمة لها إلا بالإنسان.

ولكي يكون التدريب ناجحا يجب أن ينظم بفاعلية، لذا فعلى الإدارة الجبائية إيجاد قسم خاص بالتكوين مع موظفين متخصصين وأكفاء، كما أنه من الضروري أن يكون للتكوين سياسة وخطة ومخصصات مالية معقولة. ذلك أن المديرية العامة للضرائب كإدارة تتدخل في تسييرها الجوانب التقنية والمحاسبية القانونية لا يمكنها أن تعتمد على أطر قابلة للتوظيف، دون تكوين خاص سابق سيما في ظل المصالح المتعددة الاختصاصات، وكذلك عدم استقرار القوانين الجبائية، بالإضافة إلى المتطلبات العلمية والمعلوماتية، والتي تفرض وجود تكوين مستمر للموظف قصد مواكبة المستجدات[19]. لذلك ينبغي التمييز في هذا الإطار بين التكوين الأولي : الذي يتمثلفي المعلومات الأساسية التي يجب أن يلم الموظف بها في المادة الضريبية والجبائية والتي تهم التشريع والمنازعات، والمحاسبة وهو تكوين محدود بالنظر لقلة المراكز التابعة لمديرية الضرائب، بل حتى مدرسة الضرائب التي أحدثت سابقا لم تكن تتوفر على متخصصين، أو على أطر ذات اتصال دائم بالمكلفين. والتكوين المستمر، الذي يساهم في خلق بيئة وجو يعمه الهدوء، وهذا يساعد بطبيعة الحال الإدارة على الحصول على موظفين ذوي كفاءات وبأقل كلفة، مثل تنظيم الاجتماعات والمشاركة في الدورات التكوينية، والاعتراف بالجهد الشخصي، الشيء الذي يجعل المعني بالأمر يعتني بمؤهلاته ويساهم في صقلها هنا يظهر مدى التأثير والتداخل بين التكوين المستمر والتواصل الداخلي، من حيث أنه يحرك الأطر ويثير انتباههم إلى أهمية الرهانات وما تنتظره الإدارة ورؤساؤهم.

وعليه، يجب أن يأخذ في الاعتبار التكوين (سواء أكان أوليا اومستمرا ) ، كل المجالات التي يتطلبها تواصل جبائي، لكي يكون قادر على تحسين العلاقات في أفق تحقيق إنتاجية جيدة. بالإضافة إلى مساهمة التكوين ودوره الحاسم في بناء تواصل داخلي ينتج عنه سيادة علاقات متوازنة ومنسجمة بين الموظف والإدارة الجبائية، وسيادة ثقافة المشاركة وروح الانتماء، فإن التكوين يساهم في خلق موظفين أكفاء وقادرين على التواضع مع الجمهور وإقامة علاقات مفتوحة وبناءة معهم، وذلك من خلال مساهمة التكوين في تصحيح بعض السلوكات الشاذة لدى الموظفين ومساعدتهم على فهم رغبات الملزمين. وبذلك يدرك كل موظف جبائي أن الملزم هو أساس الإدارة الجبائية، وأن معاملته المعاملة الملائمة ستؤدي لا محالة إلى زيادة ولائه وإخلاصه لها، وإلى إيمانه أن الضريبة تؤدي دورها الحقيقي في تحقيق وخدمة الصالح العام مما يستدعي تكثيف الدورات التكوينية المتخصصة في مجال التواصل الجبائي لفهم خصوصية ونوعية الملزمين حتى يمكن التعامل مع كل فئة بطريقة مرضية، وحتى يمكن الاستجابة لطلباتهم وتفهم اعتراضاتهم و»اقتناعهم» بالجبايات التي يؤذونها، وهذا سيساعد بالتالي على تطوير العلاقة التواصلية بين الإدارة الجبائية والملزم مما سيؤدي بدوره إلى تفعيل المواطنة الجبائية لدى هذا الأخير[20].

الفقرة الثانية: تقوية القدرات التواصلية للإدارة الجبائية

لقد أضحى الاهتمام بالتواصل الجبائي أحد المستلزمات التي يراهن عليها جميع المهتمين والمتدخلين في الشأن الجبائي قصد النهوض بوضعية الإدارة الجبائية، وجعلها في المستوى المطلوب حتى تضمن حسن علاقتها بالملزمين، والأداء الطوعي للجبايات في جو من التلقائية والمواطنة الجبائية، لهذا الغرض عملت الدولة جاهدة على الارتقاء بهذا المجال لكون جميع العمليات الإنسانية المتعلقة بالفرد وبالمجتمع، تقوم أساسا على محور واحد هو التواصل، وكذلك لجعل الإدارة في المستوى المطلوب. لذا يتوجب تحسين قنوات التواصل باعتباره العمود الفقري والوجه الساطع لأي إدارة، من هنا يجب على الإدارة الجبائية كإدارة عمومية، أن تعمل جاهدة في تطوير قنوات التواصل، والاستئناس بالتقدم الحاصل في هذا المجال لدى بعض التجارب المقارنة بل الأكثر من هذا يجب على الدولة أن تعمل على النهوض بمجال التواصل الداخلي والخارجي

في مسألة تقنينه وجعله كمؤسسة لها مجموعة من المقومات تهدف أساسا إلى الجودة، وتعميم التواصل الإداري داخل الإدارة العمومية المغربية عموما وداخل مصالح الإدارة الجبائية على وجه الخصوص، بهدف الرفع من درجات المواطنة الجبائية لدى الملزمين وبالتالي تحسين العلاقة بين كل الفاعلين والمتدخلين في الجبائية، وهو الأمر الذي يتطلب القيام بمجموعة من الإجراءات نجملها فيما يلي :

أولا- تبسيط صياغة القوانين الجبائية وتيسير الإجراءات المتعلقة بها :

لا يختلف اثنان عن وجود غموض وتعقيد في التشريع الضريبي، فعدم نشر القوانين الضريبية أولا بواسطة وسائل الإعلام المختلفة سواء السمعية منها والبصرية والمكتوبة أيضا، أضف إلى ذلك سيادة المصطلحات التقنية القليلة التداول بين الناس، إن لم نقل جهلها كلية بالنظر لعدم الوضوح الذي تتسم به في الدلالة والمعنى خصوصا، إذا علمنا بترجمتها من الفرنسية إلى العربية، كل ذلك يؤكد مسألة غاية في الأهمية، وهي تعقد النصوص الضريبة المغربية كمشكل لا يخدم الإدارة الجبائية في شيء بقدر ما يزيدها مشكلا بعد آخر. كما أن التشريع في المادة الضريبية خصوصا في دول العالم الثالث لازالت تعوقه إكراهات شتى، والسبب في ذلك هو وجود علاقة متباينة غير متكافئة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فالطابع التقني المعقد الذي يتميز به القانون الضريبي شكل على الدوام حاجزا يحول دون الممارسة الناجحة والتدخل الأمثل لسلطة المشرع في الميدان الضريبي[21].

فالمنظومة الضريبية هي شيء غامض بالنسبة للبرلمان في دول العالم الثالث أضف إلى ذلك ضعف سلطة البرلمان على مستوى الوثيقة الدستورية خصوصا إذا ما قمنا بنظرة فاحصة إلى المقتضيات الدستورية التي يعطي الحق للحكومة الشروع في تنفيذ قانون المالية بمرسوم الإعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية، وذلك وفق ما هو مقترح بالميزانية المعروضة عند التعذر على البرلمان التصويت على قانون المالية قبل بداية السنة المالية. زيادة على ضعف الجهاز التشريعي، نجد ضعف المعارضة الحكومية بالمغرب ما جعل الحكومة غير خائفة من السقوط في مشكل عدم الاستقرار في حالة لم تحسن صياغة النصوص التشريعية بدقة، كما أن السلطة التشريعية لا تناقش

في الأغلب الصياغة النهائية للنصوص الضريبية بقدر ما تكتفي جماعات الضغط في البرلمان المغربي بتخفيض ثمن الضريبة أو الزيادة في الإعفاءات الجبائية. كما أن عدم تواجد مؤسسات دائمة كما هو الشأن في فرنسا تساعد على خلق القاعدة الضريبية كالغرف البرلمانية الدراسية التي تسهر في علاقات دائمة مع ممثلي التنظيمات السوسيو-مهنية للملزمين من أجل اقتراح كل التعديلات الضريبية والتي تهم هذه الشرائح، هي عوامل تساهم بطريقة أو بأخرى في سوء صياغة النصوص القانونية الضريبية[22].

إن الغموض والتعقيد الذي تتميز به القوانين الضريبية في دول العالم الثالث عموما والمغرب على وجه الخصوص يدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى ضرورة العمل على تجاوزه، وتدارك الأخطاء المرتكبة من طرف المشرع المغربي واضع النص القانوني حتى يحصل الإصلاح الضريبي على المصداقية العملية الكافية والفعالة وسط الهيآت الإدارية القائمة على تنفيذ القوانين الضريبية، وبين مختلف المكلفين الذين يرون في التعقيد الضريبي هذا نوعا من الظلم والحيفتجاههم، الشيء الذي يدفعهم إلى سلوك طريق الغش والتهرب الضريبي باعتباره الآلية الدفاعية المشروعة في مواجهة ضريبة غير عادلة. لذلك، فإن الاهتمام ينبغي أن يتجه نحو ضرورة دعم التبسيط على مستوى صياغة النص القانوني لجعله أكثر دقة وضبطا وإيجازا حتى تكون المنظومة الضريبية في متناول جميع الخاضعين لها الساهرين على تطبيقها أيضا[23].

ويرتبط تبسيط صياغة القوانين الجبائية بمسألة تيسير الإجراءات الجبائية المتعلقة بها، حيث تنطلق هذه الأخيرة من ضرورة ربط الجباية بمختلف التوجهات الحديثة للتدبير، لأن التدبير المانجمنتي يقوم في أساسه ومضمونه على تبسيط الإجراءات والمساطر الجبائية والأحكام حتى يدرك الملزم أن الفعل الجبائي يتم حسب ما يرسمه القانون وحدده بكل شفافية ووضوح، وهذا التبسيط يجب أن يشمل بالضرورة جميع الوثائق الضريبية : بدءا من تحديد الوعاء الضريبي وتبيان أشطر الواجب الضريبي، مرورا بجل الإعفاءات الضريبية وأسسها، وبالآجال المتعلق بالأداءات أو التظلمات أو الطعون أمام اللجنة المحلية أو اللجنة الوطنية أو القضاء المختص مع ضرورة توحيد هذه الآجال بالنسبة لجميع أنواع الضرائب كما ينبغي قيام إدارة الضرائب بإعلام المكلف بكل الآجال قبل قيامها بأي إجراء ضد الملزم حتى يزول الاعتقاد لدى الممول بأن هذه الإدارة تتصيد لاختلاس أمواله عن طريق التستر على الموعد المحدد لتسديد الضريبة، وأخيرا تبسيط المساطر والأحكام الجبائية على مستوى جميع الجزاءات وضرورة إخبار الملزم بها قبل الإقبال على تطبيقها … الخ[24].

ثانيا- دور العلاقات العامة في تحسين أداء الإدارة الجبائية :

يحيل مفهوم العلاقات العامة على ذلك الفن القائم على أسس علمية لبحث أنسب طرق التعامل الناجحة المتبادلة بين الإدارة العمومية ومرتفقيها لتحقيق أهدافها، مع مراعاة القيم والمعايير الاجتماعية والقوانين والأخلاق العامة بالمجتمع. لذلك أصبحت مختلف الإدارات العمومية اليوم تهتم بإحداث جهاز للعلاقات العامة ضمن هيكلتها العامة، حيث ازداد الطلب في الآونة الأخيرة على تطوير أقسام العلاقات العامة، وسبب الإقبال على هذا الفرع من فروع الإدارة هو الدور الذي يلعبه هذا الجهاز وأهميته لكل إدارة حيث يقوم بنقل صورة للأنشطة والخدمات التي تقدمها للمواطنين وحاجتهم للحصول على تلك المعلومات. ولهذه الأهمية قامت المديرية العامة للضرائب في سنة 1991 بإحداث مصلحة تعنى بالعلاقات العامة مع عموم الملزمين، إلا أن أدائها مازال ضعيفا على هذا المستوى، لذلك يجب إعادة النظر فيها واعتماد سياسة للعلاقات العامة تنبني على مجموعة من العناصر تتعلق بالبحث وتحديد الأهداف ثم التخطيط لها[25].

ففيما يتعلق بالبحث وتحديد الأهداف، فإن المرامي الأساسية للعلاقات العامة في جل الأجهزة سواء العمومية أو الخصوصية، هو الوقوف على رغبات جمهور المرتفقين وتشخيصها حتى يتسنى للمنظمة موازنة ومواكبة مخرجاتها مع متطلبات محيطها، ولا يمكن لهذه الميزة الأخيرة، أن تتحققفي القرارات التي تصدرها الإدارة الجبائية إلا عبر البحث والاستقصاء وجمع جميع المعلومات والحقائق المختلفة لتحديد الهدف المبتغى، مع مراعاة ميولات واتجاهات جمهور الملزمين حتى تكون السياسة الجبائية المتبعة ملائمة مع الواقع الاجتماعي للملزم، نابعة من رغباته إلى حد ما من خلال البحث وتحديد الأهداف، يمكن تحديد متطلبات جمهور الملزمين، وبالتالي الانتقال إلى مرحلة التخطيط، حيث تأتي هذه المرحلة بعد جمع المعلومات وتحديد الأهداف، إذ من خلالها يمكن صياغة الخطة التي تقوم بها الإدارة الجبائية من أجل ضبط سياستها بناء على مجموعة من الدراسات الأولية التي قامت بها، وصياغة الخطة تؤدي إلى تناغم في السياسة المتبعة من

طرف الإدارة الجبائية وانتظارات الملزمين لاعتبارات مؤداه الدراسات الأولية والمواكبة المستمر التي تقوم بها مصلحة العلاقات لتشخيص المتطلبات لتنتقل بعد ذلك إلى المرحلة الموالية وهي مرحلة تنفيذ الخطة في شكل قرار[26].

ثالثا- تعريب الإدارة الجبائية وحسن التواصل مع الملزمين :

يعتبر تعريب الإدارة من الإشكاليات الأساسية التي طرحت على صعيد الإصلاح الإداري بالمغرب، حيث تضمنت التوجيهات الملكية للملك الراحل محمد الخامس الموجهة إلى وزير الوظيفة سنة 1960 المتعلقة بتعريب الإدارة ومغربتها بعدما حصل المغرب على الاستقلال، حيث وجد نفسه أمام إدارة فرنسية وجهازا إداريا فرنسيا بكل المقاييس (أطر إدارية فرنسية، هياكل تنظيمية وقانونية)، الشيء الذي خلق هوة تمثلت في انعدام تواصل فعال بين الإدارة والموظفين لكن بالرغم بالمجهودات من أجل تعريب الإدارة، فهي تستعمل اللغة الفرنسية كلغة رسمية تتواصل بها مع المغاربة بالرغم من كون لغتهم الرسمية هي اللغة العربية. لذلك، يجب على الإدارة الجبائية تأخذ بعين الاعتبار، مخاطبة الملزمين باللغة العربية التي يفهمونها، وكذا معاملتهم على قدر مستواهم الفكري والثقافي، لأن استكمال إصلاح إدارة جبائية عصرية خدماتية، يستوجب بالضرورة تطوير آليات الاستقبال المباشر مع الملزم، وما يتطلب ذلك من قدرات التي يجب أن يمتلكها الموظف لكي يفهم جيدا مشاكل الملزم واهتماماته، ويقترح التوجيهات والحلول الملائمة، فبينما يقوم الملزم بترجمة أفكاره يجب على الموظف الإنصات له، لأنه هو المستمع والطرف الأساسي في عملية الاستماع، فهو الذي يستقبل المؤشرات الصوتية ويضفي عليها معنى معينا بعد تمييزها وإدراكها[27].

لذلك، يجب على الموظف الإصغاء للملزم ومحاولة التجاوب معه، بل يجب أن يكون أكثر إنصاتا من غيره من الموظفين، لكون القانون الضريبي يتميز ببعض التعقيدات والرموز التي يجهلها الملزم. ولنجاح عملية الاستماع يتحتم أن تتوفر للمستمتع طبقا لم ذهبت إليه جمعية الاتصالالأمريكية في اجتماعها السنوي لعام 1984 مجموعة من المقومات تتمثل في القدرة على فهم اللغة الشفهية للحديث تمييز الأفكار الرئيسية، والقدرة على تحديد التفاصيل الفرعية وتمييز العلاقات الواضحة بين الأفكار، والقدرة على استدعاء أو استرجاع الأفكار والتفاصيل الرئيسية، والانتباه وسعة الثقة، وإدراك هدف المتحدث، التمييز بين جمل الحقيقة والرأي، وملاحظة مدى الحياز والانحياز للمتحدث، التمييز بين البراهين المنطقية والعاطفية، ثم تمييز التناقضات بين الوسائل الشفهية وغير الشفهية للمتحدث، وأخيرا استخدام الأسلوب الأمثل للاستماع. لذلك يجب على الموظف استعمال لغة بسيطة وسلسلة مع الملزم وتيسير تبادل المعلومات فيما بينها، واعتقاده أن وظيفته تنحصر في تسخير الخدمة للمواطن، كذلك يجب على العون الجبائي المكلف بالاستقبال أن يمتلك خصائص سواء ثقافية أو أخلاقية، كما يجب صقل وتهذيب وتدريب مهارة الاستماع لديه للتخلص من عادات الاستماع السيئة من خلال مجموعة من القواعد منها[28] :

مقال قد يهمك :   منار راشد: الخبرة القضائية في دعوى الاعتداء المادي على الملكية العقارية

– الانتباه للملزم؛

 – تلافي تأثير العوامل التي تؤثر على الانتباه (مثل المؤثرات الطبيعية النفسية البيئية) ؛

 – استخدام لغة بسيطة وسليمة ؛

– الصمت الذي يساعد على تركيز الانتباه وتيسير تبادل المعلومات ؛

 – الاهتمام بالتعبيرات غير اللفظية، فقد أصبح معروفا في علم الاتصال والعلاقات الإنسانيةالملاحظات ومن مراجعة المتحدث إذا سمح الوقت بذلك ؛

– تجنب السرعة في الاستنتاج أو التقويم

وعموما، فإن النجاح في التواصل يتناسب مع القدر على الاستماع والإنصات التي يمكن تنميتها بالتدريب، بحيث يصبح الموظف الجبائي لديه القدرة على فهم الملزم وبيان مشاكله والصعوبات التي يعاني منها. علاوة على ما سبق فالإدارة الجبائية مدعوة أكثر من أي وقت مضى لنهج سياسة تنبني على معايير علمية تروم من خلالها تحسين جودة خدماتها وملائمتها مع متطلبات الملزمين من خلال اعتماد وسائل التكنولوجيا الحديثة لتكريس إدارة جبائية خدماتية.

رابعا- تخليق الإدارة الجبائية :

إذا كان التخليق الإداري يحيل، في عموم اللفظ، على تلك المنظومة التي تتشكل من الضوابط والمبادئ التي تضبط تسيير الشأن العام وتوجيه الحياة والممارسة المهنية للموظف، أو بعبارة أخرى هي مجموعة من السلوكيات والمسلكيات التي يقوم بها الموظف في إطار عرع أو قانوني. فإنه، نظرا لارتباطه بالجانب السلوكي لدى الإنسان، فالتخليق يحارب كل الانحرافات التي تعرفها المرافق العامة من رشوة واستغلال النفوذ والتسيب، كما أنه يساهم في توطيد دعائم ثقافة جديدة تقوم على أهمية المال العام، تقديس العمل، احترام الوقت وتشجيع الخلق والإبداع، عبر تغييرالنمط السلوكي والثقافي لدى العاملين بالمرافق العمومية وكذا المرتفقين أيضا. لذلك فإن تكريس عنصر التخليق داخل الإدارة الجبائية، تقتضيه الظرفية الحالية التي أصبحت تقوم على الحكامة والشفافية لم تعد تقبل بالتمادي في بعض السلوكات الإدارية التي تنعكس سلبا على الإدارة وعلى الملزمين، وحتى على المجتمع، وبالتالي فالتخليق يمكن أن يكون أحد المداخل الإصلاحية الفعالة الحال الإدارة والمجتمع[29].

هذا، ويمكن لعملية تخليق في الميدان الجبائي أن تساهم بشكل كبير في تقريب الإدارة الجبائية من الملزمين كشعار حالي لكل سياسة جبائية، خاصة على مستوى التقريب النوعي الذي يتمثل في سهولة الولوج إلى مرافق الإدارة الجبائية، والتقليل من التعقيد والغموض الإداريين وتبسيط المعاملة والإجراءات المعمول بها، فالتقريب بهذا النمط يعد أكثر أهمية من التقريب العضوي أو الترابي المطبوع بالبيروقراطية والجمود، وضعف العلاقة التواصلية بالملزم. والحقيقة، لابد من التأكيد في سياق الحديث عن مسلسل تخليق الإدارة الجبائية بالمغرب وما يمكن أن ينتج عنه من أثر إيجابي على المستوى الجبائي بشكل خاص، وعلى المستوى المجتمعي بشكل عام، على أن الوضعية الراهنة للإدارة المغربية – الجبائية بالخصوص، لا تسمح، في ظل الزخم الهائل من المشاكل التي تعيشها، بالحديث عن نجاح هذا المسلسل مادام أن هناك بعض المعيقات والعقبات ذات الطابع السلوكي التي تحتاج إلى المزيد من المجهودات التخليقية لإزالتها، فتخليق العمل الإداري بالمرافق الجبائية لازال في حاجة إلى بعض المتطلبات التي في ظلها يمكن تخليق الإدارة الجبائية[30].

وفي هذا الإطار تبدو الحاجة ماسة إلى تكييف الإدارة الجبائية مع تصورات التدبير الحديث الذي يرتكز على الفعالية والجودة في أداء الخدمات إلى الملزمين الزبائن، وهنا لابد من إصلاح فضاء العمل الجبائي عبر توفير الظروف والشروط اللازمة لممارسة العمل، والاعتناء بالعنصر البشري كرأسمال هام في الإدارة من خلال توظيفه في المكان المناسب ومنحه الراتب الملائم، ومكافأته بالحوافز وتكوينه، بغية تطوير مهاراته ومسايرته للتحولات التي يعرفها المجال الإداري، بالإضافة إلى تفعيل الرقابة عليه وعلى عمله حتى يخضع لضوابط العمل، ثم اللجوء إلى الاستشارة كتقنية فعالة في صنع القرار الإداري. غير أنه إذا كان الاعتناء بالعنصر البشري داخل الإدارة الجبائية يشكل رافدة أساسية لإرساء ثقافة أخلاقية بالمرفق الجبائي، فإن الاهتمام بالملزم باعتباره المعني الأول بخدمات هذه الغدارة، يشكل الخطوة الأولى لهذه العملية، حيث أن تربيته على قيم المواطنة وعلى ثقافة المرفق العام، وتوعيته بحقوقه وواجباته تجاه الإدارة، وتحسيسه بخطورة بعض السلوكات وبكيفية التعامل معها، ستساهم في تقويم سلوكه وتنوير أفكاره وتنمية وعية، وخلق جسور التواصل بينه وبين الإدارة الجبائية. وهذه القيم يمكن أن يتربي عليها خلال مراحل تنشئته عبر عدة مؤسسات اجتماعية وقنوات رسمية، وبالتالي فإن تخليق الإدارة الجبائية ينطلق من تخليق المواطن / الملزم[31].

المطلب الثاني :نحو مواطن جبائي

يشمل مصطلح الملزم عدة معطيات سوسيولوجية وقانونية معقدة، لذلك نجد معظم التشريعات الضريبية تتحاشى إعطائه تعريف دقيق ومحدد بل تكتفي بتحديد وتعريف مختلف الدخول والأنشطة التي يقع عليها الملزم الجبائي ومنها التشريع الجبائي المغربي في جميع مكوناته بل يكتفي بتعريف الدخل أو النشاط الخاضع له[32]. أما على مستوى الفقه الجبائي فرغم تعدد التعريفات التي أعطاها للملزم من حيث المبني، فإنها تلتقي جميعها من حيث المعني باعتبار الملزم هو الشخص الذي عينه المشرع الضريبي بأن تفرض عليه الضريبة، أي الذي يتحمل العبء القانوني بغض النظر عن إمكانية نقل عبئها إلى شخص آخر، وقد يحدث ذلك على مستوى الضرائب غير المباشرة وخصوصا الضريبة على القيمة المضافة من البائع بالجملة إلى البائع بالتقسيط ثم إلى المستهلك في نهاية المطاف. حيث أقر له المشرع المغربي مجموعة من الحقوق والضمانات التيتحميه من الاستعمال المتعسف للقانون من طرف الإدارة في إطار تطبيق سياسة التشريع الجبائي،في اتجاه يرمي إلى تقوية الحس الجبائي والمواطناتي لدى الملزمين (الفقرة الأولى)، من خلال اعتماد مقاربة تسعى إلى رضى الملزم وقبوله بالفرض الضريبي وتوفير الحماية الضرورية له بمناسبة دخوله منازعة جبائية مع الإدارة الجبائية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى :آليات تقوية البيئة التواصلية للملزمين

 إن تحسين المردودية المالية في ميدان الاستخلاص الجبائي، لا يتوقف على إصلاح المنظومة القانونية والمحاسبية، وكذا تأهيل الموارد البشرية والمادية للأجهزة المكلفة بالاستخلاص فحسب، بل الأمر يستدعي الوقوف على إمكانيات تحقيق التدبير الجيد للشأن الجبائي للقضاء على بعض الظواهر السلبية التي ظلت تعيق المردودية الجبائية وغير بعيد عن هذا المعطى- يجب استحضار تحسين العلاقة بين الملزم والإدارة الجبائية عبر تحقيق تواصل جيد بينهما. ذلك أن تأهيل المنظومة الجبائية تقتضي العناية بعنصري العلاقة الجبائية، الأمر الذي يقتضي استراتيجية تهم العلاقة بين جميع المتدخلين في العملية الجبائية، وأمام المشاكل التي ظلت تشكل عائقا لتحسين المردودية الجبائية، فإمكانية تفعيل هذه الاستراتيجية كوسيلة لتحسين هذه العلاقة، والرفع من المردودية يستوجب اعتماد مقاربة تشاركية، تركز على ضرورة إشراك مختلف ملزمين في المجال الجبائي. ذلك أن العناية بهذا العنصر داخل هذه المنظومة يستوجب البحث في مختلف السبل والآليات التي تجعل منه أكثر استجابة للفرض الجبائي بكل تلقائية، لذا فإن ضرورة تكوين الملزم أصبحت ضرورة أساسية في فعالية الجباية التشاركية[33].

أولا- تنمية الوعي الجبائي وتطوير الثقافة الجبائية للملزمين :

يعبر الوعي الجبائي عن موقف جزء أو كل الملزمين حيال أداء أو إهمال الواجبات الجبائية، هذا الموقف يشكل فكرة راسخة لدى السكان في وعيها الوطني، الذي يعبر في نهاية المطاف عن

مدى تقبل الالتزام الجبائي والاعتراف بالسلطة الجبائية للإدارة الجبائية، لذا فإن المعالجة العلمية للوعي الجبائي والمشاكل المرتبطة به لا يمكن فصلها عن فلسفة الدولة في القانون الجبائي، والمحيط الأخلاقي والنفسي والاجتماعي للملزم والإدارة الجبائية. ويجد هذا المعطى تبريره في أن مجرد النطق بمصطلح الجباية من ضريبة ورسوم… إلخ تثير العديد من المشاكل النفسية والاجتماعية لدى الملزم ويربط مفهومها بالتحملات التي لا يطيقها الفرد. ولعل كلمة ضريبة في اللغة العربية مثلا تزيد من تكريس هذا المفهوم، وعلى خلاف ما نجد عليه الأمر في بعض اللغات الأخرى حيث يقترب استعمال الضريبة من الواجب كما هو الشأن بالنسبة للكلمة الانجليزية (Duty) بالواجب، ويرمزون إلى المحتالين والمراوغين (De dogers) أي أولئك الذين لا يأخذون واجباتهم الضريبية على محمل الجد[34].

يعتبر الوعي الشرط الأساسي لنيل الأهداف السياسية واكتساب الطموحات الرفيعة واتخاذ السبل الصحيحة. ولهذا لا يستطيع الإنسان أن يحدث أي تغيير في سلوكه وتصرفاته وألا بعد المبادرة إلى تنمية وعيه ورفع مستواه الفكري. وبسموالوعي يتمكن الإنسان من نيل حالة الاستقامة والثبات. والوعي بالتفكير يعني القدرة على تقويم كفاءة التفكير وأدراك الخطوات اللازمة في تحقيق الأهداف الفردية والجماعية ويرتبط الوعي بكل شؤون الحياة ولكل مجال له وعيه وضرورته وتشكيله نمط التفكير وفي مجال الوعي الضريبي نجد انه يشترك في فلسفة الوعي العام ويختلف باختلاف فلسفة الوعي الضريبة وأهميتها ودورها والمسؤوليات الملقاة على عاتق جميع الأطراف وتأثيرها على جوانبي التطور والارتقاء والتنمية في المجتمع. وتمثل الدولة القوة المنظمة لشؤون المجتمع والتي تملك أعلى سلطه قانونية يخضع لها جميع الأفراد ويقع على عاتقها عبء تقديم الخدمات العامة إلى المواطنين، لذلك فهي بحاجة إلى نفقات عامة يجب أن تحصل عليها أو على جزء منها من أفراد المجتمع الذين يستفيدون من هذه الخدمات، ويمكن أن يكون دفع الضريبة هو أبرز شكل من أشكال مساهمة الأفراد في تحمل أعباء المصلحة العامة. لذلك تنطلق فكرة فرض الضرائب في العصر الحديث من وجود مصلحة عامة واحدة وعلى الجميع المشاركة في تحمل أعباءها كل وفق مقدرته المالية[35].

ولعل شكل المحيط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وسلوك الإدارة الجبائية من أهم العوامل التي تغذي هذا المفهوم أو ذاك، وتدفع إلى تبني موقف مقتبل أو معادي للجباية، وعن هذا المحيط في المغرب يمكن القول بأنه لا يساعد على تقبل وتبني مثل هذه المفاهيم وإدماجهافي العادات والتقاليد، ذلك أن نوعية العلاقة السائدة بين الملزم والإدارة الجبائية تتميز بالشك وانعدام الثقة واستعمال السلطة والإكراه بدلا من التواصل والإعلام، مما يعمق الهوة بين الدولة والمواطن ويدعم الجهل ومناهضة الجباية بدلا من تربية وتحريك الحس الوطني. وهو الأمر الذي جعل الإدارة الجبائية بالمغرب تدركت هذه الهوة الساحقة بينها وبين الملزم، الأمر الذي جعلها تعي أهمية التواصل والحوار مع هذا العنصر الفاعل إلى جانب التدابير القانونية والإدارية، لتربيةوتكوين وعي وحس يضمنان التخفيف من العبء النفسي للجباية عليه من خلال إشراكه في العملية الجبائية وجعله يحس أنه الهدف وليس رقما جبائيا[36].

وإذا كان الجانب الثقافي يحظى بأهمية قصوى في تحديد سلوكات الملزمين إزاء الجباية، فإن الثقافة الجبائية تشكل في واقع الأمر شرطا أساسيا لضمان التشجيع الملزم على أداء الدين الجبائي، لأنها تسهم في سيادة وترویج حقل معرفي جبائي متكامل، يشمل كل المعارف المفترض تملكها لديه بقطع النظر عن مستواه الثقافي، وبالتالي فهذا المقترح يستوجب البدء أولا بإقناع الكل بأهمية الجباية كأداة أساسية في التنمية التي يصبو كل نظام جبائي تحقيقها. كما يعتبر نشر الثقافة الجبائية داخل المجتمع، محاولة لإذكاء الروح الوطنية لإنعاش الوعي الجبائي لدى الملزمين، ودعوتهم إلى المساهمة بأخلاقيات نزيهة في الواجب الجبائي كواجب وطني وكنفقة شخصية، دون إغفال إقناعه بأهمية واجبه هذا نحو التقدم والازدهار عبر تمويل المشاريع العامة والمتنوعة في كل الميادين سواء على المستوى الوطني أو المحلي، مع ضرورة توعيته بخطورة ونتائج عدم الوفاء بالواجب الجبائي، والتي لا يقصد بها هنا الغرامة أو الزيادة، بل الركود الاقتصادي والعطالة نفسها والتي يشتكي منها الكثير، وهي نتائج لن نبالغ فيها إذا تم ربطها بواقع الجرائم أو الانحراف الاجتماعي على الصعيد المحلي[37] .

كما يستدعي تحقيق هدف نشر الثقافة الجبائية توضيح السبل والطرق الكفيلة للوصول إلى هذا الهدف، بل تقتضي تحديدا تنشيط وتفعيل دور الفاعلين أو بالأحرى الساهرين على ترجمة هذا التصور على أرض الواقع، وفي هذا الصدد يمكن أن ندرج دور الجمعيات والنقابات والجامعات ذات التخصصات الجبائية، سيما أن طلبة الجامعات ذات التخصص الإداري والمالي تحتاج بشكل كبير إلى اكتساب مهارات التواصل الجيد، وبالتالي فالخرجات وتنظيم القوافل في ذات الموضوع بشراكة مع كل هاته الفعاليات ستشكل أرقى الأساليب الحضارية للتواصل مع الملزم. ومما يزيد من تزكية هذا العمل هو الانكباب نحو استخدام الإعلانات والشعارات والملصقات الحائطية، والتي ستهتم بالجانب النفسي أكثر من أي جانب آخر، باعتماد مجموعة من العبارات من قبيل : الضريبة واجب وطني» أو «الضريبة تضامن اجتماعي وتنمية اقتصادية» أو «بتأديتك للضريبة فأنت مواطن».[38] ذلك أن الدعوة إلى فتح حوار مباشر وتواصل مستمر بشكل دوري بين الملزم والإدارة الجبائية وهؤلاء الفاعلين، يتأتى من خلال نشر كافة النصوص القانونية المنظمة للجباية بالمغرب، إذ أن من شأن تجميع هذه النصوص بشكل واضح ومنسجم وممنهج، سيسهل على الملزمين معرفة القوانين الجبائية، ويسهل عليهم ممارسة واجباتهم الجبائية وحماية حقوقهم، بإنجاز مطبوعات ودلائل يكون موضوعها التفسير المبسط للإجراءات والبيانات المستعملة والنصوص الجاري بها العمل.[39]

وعليه، نستنتج أن الوعي الضريبي، هو أن يقتنع كل مكلف بدفع الضريبة المترتبة عليه، وهذا الأمر يتطلب أن تقوم السلطات بترشيد الأنفاق العام ، بما يخدم الصالح العام حتى يشعر دافع الضريبة أن الموارد العامة انما تعود عليه في شكل منافع وخدمات مباشرة أو غير مباشرة . ولكن على الرغم من التقدم المادي الذي شهده المجتمع العربي خلال القرن العشرين وما تلاه باستخدام وسائل التقنية الحديثة، فإنه لم يواكب وبالدرجة نفسها تقدما» معنويا» في اتجاهات الرأي العام تجاه الحكومة والقانون، كما لم يصل وعي المواطن إلى الدرجة التي يدرك فيها أهمية الموازنة بين الحقوق والواجبات وتدفعه إلى الالتزام الذاتي والطوعي بالقوانين عموما والقوانين الضريبية على وجه الخصوص، إذ مازال الكثير من الناس ينظر إلى مخالفة القانون بأنها شجاعة والتهرب من الضريبة ذكاء. غير أن نشر الوعي الضريبي بين أفراد المجتمع يستهدف تحفيزهم على أداء واجباتهم الضريبية وفقا لأحكام القانون بشكل طوعي، وتهيئة الفرصة لهم لتلافي الوقوع تحت طائلة العقاب والجزاءات القانونية. ومن الأهمية بمكان لنجاح أي إصلاح ضريبي أن يدرك الأفراد أن الضرائب التي يدفعونها ستصرف لتزويدهم بالخدمات العامة. لذلك ثمة ضرورة ملحة لنشر الوعي الضريبي بين الملزمين حتى وهم يجلسون إلى مقاعد الدراسة لكي ينشأ المواطن وهو على بينة من الالتزامات المستقبلية التي يجب أن يوفيها تجاه دولته وهي الالتزامات التي تقابل بالتأكيد ما يطالب به دولته من حقوق وخدمات عامة.

ثانيا- دور الإعلام في تقوية الحس الجبائي لدى الملزمين :

يعتبر الحق في الإعلام الجبائي أحد الحقوق الأساسية المخولة للملزم داخل منظومة النظام الجبائي، لأنه يسمح بنشر وتدوين النصوص الجبائية على اختلاف أنواعها بشكل واضح ومنسجم، لفائدة الكل، غير أن الفئات المحدودة الثقافة لا يسعها إلا أن تستفيد من منشورات مبسطة ومركزة، تشمل في مجموعها تعريف بالضرائب والرسوم ومختلف الوجبات والمساهمات الأخرى المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب ومدى أهميتها وكيفية إسهامها في التنمية، وكذا انعكاساتها سواء المتعلقة بالذعائر والزيادات المترتبة عن كل أنواع الجبايات أو المتعلقة بتكريس التخلف والركوض التنموي. ويمكن أن يلعب الإعلام الجبائي الفعال دورا مهما في تعبئة الملزمين وخلق الأرضية المناسبة لنشر الوعي الجبائي بينهم، بمساعدتهم على فهم وإدراك بأن الوعي الجبائي جزء من الوعي الوطني عن طريق تجاوز المفهوم الضيق للجباية المتجسد في الجانب المالي إلى المفهوم الاجتماعي والاقتصادي، ليؤسس في آخر التحليل «مواطنة جبائية»، لكن الواقع يكشف العكس، ذلك أن درجة اهتمام وسائل الإعلام بالجباية عامة والملزم بصفة خاصة، تبقى متواضعة[40].

وعليه، يمكن الإقرار أنه على الرغم من أهمية أجهزة الإعلام في توجيه وإقناع الرأي العام في شتى المجالات، فإن استغلالها في مجال التعريف بالجباية يظل محدودا إن لم نقل منعدمبفعل الانكماش الذي يميز علاقة الإدارة الجبائية بالقنوات الإعلامية -مع أنها تستطيع الحصول على حيز هام سواء في الإذاعة أو التلفزة أو الصحافة المكتوبة لما للجباية من أهمية في حياة كل مواطن- وهو ما يزيد من الفجوة الإخبارية والإعلامية التي يعاني منها الملزم أصلا. لهذا فقد أصبح من الضروري أن تولي هذه الإدارة لهذا الجانب اهتماما كبيرا، حتى تلعب وسائل الإعلام السمعية البصرية دور الوسيط في تأطير وتوجيه الملزمين[41]، وفي إشباع رغباتهم الاتصالية والمعلوماتية، وذلك في إطار خطة إعلامية ترتكز على إيجاد برامج ونشاطات إعلامية يشارك فيها اختصاصيون في مجال الجبايات، يتولون الإجابة على تساؤلات واستفسارات المواطنين وعلى حل مختلف مشاكلهم، مع الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الشروط تتمثل خصوصا في التبسيط وتوصيل المعلومات لكل ملزم كيفما كان مستواه الثقافي، خاصة وأن الملزمين بالأداء ينتمون في أغلبيتهم إلى تلك الشرائح الاجتماعية السفلى من المجتمع، والتي تعاني من تفشي الأمية والجهل بمساطر الإدارة وتقنياتها[42]. كما لا ينبغي أن يكون هذا الإعلام متخلفا زمنيا، بل أن يكون في الوقت المناسب وأن يكون دائما ومستمرا غير مقرون بظروف محصورة في الزمان حتى يكون مفعوله إيجابيا مع التقييم والتتبع فيما إذا كانت تلك البرامج ناجحة أم ما هي العوائق المانعة للنجاح إذا لم تكن كذلك وبالتالي مراجعة الخطة أو النشاط ذاته[43].

وبالموازاة مع ذلك على الإدارة الجبائية أن تستفيد من الصحافة المكتوبة المحلية أو الوطنية التي تصل إلى أكبر عدد من القراء لتجعل منها جسر تواصل دائم يربطها بالملزمين، وأداة ترويج مستمرة للتشريعات والإجراءات الجبائية مع تحديد المضمون الذي يلائم الجمهور الموجهة إليه، وكل ذلك من أجل تكوين ملزم واعي وخلق نوع من التعود والمرونة والملاءمة النفسية بينه وبين النصوص الجبائية[44]. ولابد من الإشارة في هذا السياق إلى الدور الإعلامي الذي تلعبه السينما الأمريكية في الميدان الضريبي حيث عمدت إدارة الضرائب

 «L ‘ internal Revenue Service» بهذا البلد إلى استغلال القناة السينمائية وإنتاج أفلام في غاية الأهمية بغية معالجة بعض القضايا الضريبية التي تثير غضب المكلفين وتقريبها إلى أذهانهم ومداركهم.[45]ولما لا يتم تبني هذه الخطوة على مستوى الجبايات بتنسيق مع المصالح المعنية على المستوى المركزي، ومن الأكيد أن هذه العملية سيكون لها صدى واسع لدى جمهور الملزمين .[46]

ثالثا- توفير المساعدة الجبائية للملزمين :

تعتبر المساعدة الجبائية أهم القنوات التواصلية، والتي تساهم في تقديم المساعدة لمن لا يعرف ملأ البيانات أو قراءة المعلومات لسبب من الأسباب، وهذا الحق مقرر تماما خاصة في الدولالمتقدمة حيث نجد في الولايات المتحدة الأمريكية هيئة متخصصة مجانية، والتي تنظم 41 ألف موزعين على 7 ألف مکتب. بينما في فرنسا نجد أن الحق في المساعدة تقوم به الإدارة الجبائية بالإضافة إلى مستشارين ضريبيين حيث تتم المساعدة في تحرير الإقرارات الضريبية. ذلك أن إحدى أدوار الإدارة الجبائية الأساسية، والذي يساهم في أنسنتها هو تقديمها لمساعدة ملموسة للملزمين من أجل القيام بواجبها، لأن المساعدة شكل من أشكال التواصل الجبائي ومن شأنها رفع معنويات الملزم وتقريبه من الإدارة، وتستطيع الإدارة الجبائية على الخصوص نظرا لعلاقتها التنازعية مع الملزمين بصفة عامة- المساهمة في إزالة العوائق النفسية بفضل المساعدات التي بإمكانها تقديمها للملزم لجعل روابطه بها أكثر وضوحا وسهولة، سواء بالاعتماد على قدراتها الذاتية أو بالاعتماد على بعض الهيئات المتطوعة والمستشارون الخصوصيون[47]:

الهيئات المتطوعة : في إطار دور الجامعة في التواصل، لماذا لا يتم التفكير في تشجيع مبادرات أكاديمية بتحفيز مجموعة تتكون من طلبة ومهتمين بالشأن الجبائي، تحت إشراف أساتذة مختصين في المادة الجبائية، للقيام بحملات توعية وإعلام ومساعدة الملزمين خصوصا في فترة الأداء، مع تقديم الوسائل الكفيلة بتحقيق هذه المساعدة من تكوين مباشر وسريع لهذه المجموعات ومدهم بالمساعدات الضرورية لضمان تنقلاتهم سواء داخل المجال الحضري أو القروي، من خلال منح حوافز تشجيعية صغيرة يمكنها أن تحقق التواصل المفقود بين هذه الإدارة والجامعة وأن تضمن أداء خدمة عظيمة بمجهود ضئيل.

المستشارون الخصوصيون : لقد أظهرت التجارب المقارنة أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه الفئة في تسهيل التواصل بين الإدارة الجبائية والملزمين، وتتكون هذه الفئة من محامين ومحامين ومستشارين جبائيين، حيث تتمحور تدخلاتهم حول محورين هما : تقديم استشارات للملزم حول معنى ومدى القاعدة الجبائية، ومساعدة الملزم أثناء تعبئة الإقرار الضريبي / الجبائي. فالمستشار يقوم بدور وسيط بين الملزم والإدارة الجبائية، فهو على دراية بالنصوص القانونية، وكذا بخطاب الإدارة، مما يجعله في وضعية تمكنه من ترجمته لصالح زبونه، ومن جهة أخرى فهو على علم بالمشاكل التقنية والمالية للملزم مما يمكنه من طرحها على المصالح الجبائية المعنية، ويكتسي هذا الدور أهمية قصوى خصوصا بالنسبة للملزم المراقب «Contribuable vérifie».

وترتبط مسألة المساعدة الضريبية أيضا بعنصر غاية في الأهمية يتعلق بتسهيل عملية التصريحات، إذ يعد إيداع التصريح الجبائي عملا هاما يترتب عن الإخلال به عواقب وخيمة سواء على مالية الدولة أو على الملزم، بالنظر إلى العقوبات التي تطاله عند ضبطه في وضعية عدم التصريح أو في حالة تصريحات غير حقيقية، ولهذا وجب إعطاء إيداع قرارات في الوقت المحدد له، وبالشكل القانوني والأهمية اللائقة بذلك، تلافيا لكل إضرار بالمصلحة العامة أو الخاصة، إلا أن عملية التصريح ليست دائما في متناول جميع الملزمين إذ يتطلب الأمر متابعة ومعرفة بالآجال التي يجب احترامها عند إيداع وثائق الإقرار، كما يقتضي الأمر إطلاعا وإلماما لا بأس به لمعرفةتعبئتها بشكل سليم وهوما لا يتأتى لجميع الملزمين حيث تكثر الأخطاء في هذا الباب، إضافة إلى عامل الأمية الذي يعاني منه المغرب[48].

رابعا- تنمية روح المواطنة الجبائية في نفسية الملزمين :

تعتبر الإدارة المواطنة مطلبا للمجتمع ومتطلبا للعقلنة وضرورة لفتح باب التفاؤل، ولا يمكن تصور تحيين اقتصادي ومؤسساتي دون امتداده الإداري. إذ أضحت الضرورة ملحة إعادة تقويم قوي للإدارة الجبائية، كما يطالب بذلك الرأي العام المهتم برؤية تحيين مؤسساتي وسياسي تنعكس آثاره على سلوك الإدارة الجبائية. من هنا غدا الاهتمام بروح المواطنة عن طريق إعادة النظرفي برامج التعليم الابتدائي على وجه الخصوص، فحسب الدراسات أن الطفل تكون له قدرة على الاستيعاب واستقطاب الأفكار منذ الصغر الشيء الذي يساعده في تكوين شخصيته، فعلى الدولة أن تنظر إلى التربية على روح المواطنة كرهان جديد قصد خلق وتثبيت روح التواصل بين الأطفال لأنهم سيغدون رجال الغد، وما ستزرعه الدولة اليوم ستجني ثماره غدا، عندما سيكون لنا جيل جديد جيل مليء بروح التعاون والتضامن والتواصل شعاره روح المبادرة وحرية الرأي والشفافية والتخليق، عوض التسلط والاستبداد والغموض[49] .

فالتربية على روح المواطنة سيكون لها الأثر الإيجابي عندما سنكون ونربي أطفالا واعين بحقوقهم، بواجباتهم، بمستحقاتهم، بمستلزماتهم، خصوصا وأننا على مشارف الانفتاح الكلي على العالم الآخر. من هنا نجد أنه يفترض في وزارة التربية والتعليم، من خلال ميثاق التربية والتكوين التي تصدره، أن تعمل على إدماج التربية على المواطنة الجبائية وحقوق الإنسان والتعريف بالمبادئ الجبائية في البرامج والكتب المدرسية، وذلك قصد بث روح جديدة داخل الفضاء المدرسي الكفيل بجعله فضاء لتطوير ثقافة حقيقية لقيم المواطنة وحقوق الإنسان والديمقراطية وحقوق الإنسان والديمقراطية والالتحام والإنصاف، مما يشكل تحولا حقيقيا وعميقا في تصور وإنجاز الصرح المنشود. فللفرد حق المشاركة في إدارة الشؤون المتعلقة بالمصلحة العامة، كما أن عليه واجبات الخضوع إلى قوانين المجتمع[50].

فالتربية على المواطنة لا يمكنها أن تخصص لفئة معينة بل يجب أن تهم جميع أفراد المجتمع، وأنه لا يكفي أن يعرف الموظف الجبائي أو الملزم ماله من حقوق وما عليه من واجبات، حتى لا يكون ممارسا لسلوكات سلبية تعيق المجهودات الهادفة إلى تقريب الإدارة الجبائية من الملزم حيث ضرورة التشبث والاقتناع بهذه الثقافة التواصلية لدى الموظف من جهة، ولدي الملزمين من جهة ثانية، لأن الإدارة المواطنة تعتبر مطلبا للمجتمع للعقلنة وضرورة لفتح باب التفاؤل، ولا يمكن تصور تحيين اقتصادي ومؤسساتي دون امتداده الإداري، فدمج الثقافة الحقوقية في التكوينلمعرفي والسلوكي والوجداني للفرد يقتضي سيادة نسق ثقافي قيمي يرتكز على مبادئ ومفاهيم العقل» و»الإنسان» و»الحرية»، وبالتالي يساعد في تكوين ثقافة تواصلية منفتحة وغير متحجرة ومتسلطة.

الفقرة الثانية: حماية الملزم أثناء المنازعة الجبائية

 ترتبط حماية الملزم أثناء المنازعة الجبائية بمجموعة من الأساليب القانونية التي بمقتضاها يتم فض النزاعات التي تنشأ عن تطبيق قانون الضريبة من طرف الإدارة الجبائية على الملزم[51]. أي أنها تعبير عن الخلاف الذي يثور بين الإدارة الجبائية والغير، بمناسبة قيامها بوظائفها التي كفلها لها القانون الجبائي حول فرض الجباية مباشرة (تقديرا وتصفية وتحصيلا)، وهو أول الطريق الذي يسلكه صاحب الحق في المطالبة بحقه أمام الجهة المختصة بنظر المنازعة الجبائيةفي جميع مراحلها الإدارية والقضائية[52]. ومن تم تكون دراسة العلاقة بين الإدارة الجبائية والملزمين لا تخلو من أخذ ورد بين طرفيها، على اعتبار أن فرض الجباية -ليس دائما- بالأمر الهين، وغالبا ما يلقى مقاومة من طرف الملزمين، ويقابله عمل الإدارة الجبائية على توفير الموارد المالية لخزينة الدولة، حيث يترتب عن هذه الوضعية خلافات ومنازعات بين هذين الطرفين[53]، لذا كان الهدف من وراء إقرار مسطرة المنازعات الجبائية هوضمان حقين، حق الإدارة الجبائيةفي الدفاع عن المال العام من جهة، وحق الملزمين الذي يسير في موازاة مع مبدأ الشرعية الجبائية، أي الإمكانية المعترف له بها للدفاع عن حقوقه في حالة المس بها من جهة ثانية[54].

مقال قد يهمك :   قرار قضائي يوضح مسؤولية المحامي عن الطعن خارج الأجل

وعلاقة بهذه الوضعية الأخيرة، عمل المشرع الضريبي المغربي على توفير حماية مزدوجة للملزم باعتباره الطرف الضعيف في المنازعة الضريبية، بتركه الباب مفتوحا أمامه للجوء إلى الإدارة الضريبية لحل خلافه معها، فإن فشل في مسعاه كان باب طرق باب القضاء ملاذه الأخير للوصول إلى فصل في النزاع الضريبي، وبين هذين الطرحين توجب مسطرة المنازعات الضريبيةفي القانون المغربي، سلوك مسطرة إدارية مضبوطة أمام الإدارة الضريبية وأخرى لجانية أمام لجان التحكيم الجبائي قبل اللجوء إلى المسطرة القضائية، التي يتحمل فيها القضاء عبء تحقيق التوازن بين المحافظة على المال العام وعدم إهداره، وبين المحافظة على حقوق الملزمين وتكريس الضمانات المخولة لهم بمقتضى القانون[55].

أولا- الحماية الإدارية للملزمين :

تتجسد الحماية الإدارية للملزمين أثناء المنازعات الجبائية في مجموع القواعد المسطرية اللازم إتباعها للبت في التظلمات المتعلقة بتحديد وعاء الجباية وتصفيتها وتحصيلها. أي أنها أول مرحلة يمر منها النزاع الضريبي قبل أن يصل إلى الفضاء[56]. لكونها تشرح للملزم القواعد الإجرائية اللازم اتباعها للبت في التظلمات الإدارية المتعلقة بتحديد وعاء الجباية وتصفيتها وتحصيلها أمام الإدارة الجبائية، حيث تسمح هذه المسطرة للملزم من المعرفة الدقيقة لطبيعة الطعون الإدارية المسموح له باتباعها أمام الإدارة الجبائية والتي تشمل كل من الطعون ذات الطبيعة النزاعية والطعون ذات الطبيعة الاستعطافية. حيث يندرج إقرار المشرع المسطرة المطالبات الإدارية في القانون المغربي في إطار سعيه لتحقيق نوع من التوازن بين الإدارة الجبائية التي تتوفر على ما يكفي من السلطات والامتيازات للقيام بوظيفتها في فرض وتحصيل الجبايات، وبين الملزم المساهم

في الرئيسي في تمويل النفقات العمومية، لتمكينه من إيداع تعرضه على موقف الإدارة الضريبية في إطار حوار مباشر يفسح المجال لهذه الأخيرة لمراجعة أو توضيح موقفها.ويمكن اعتبار مسطرة المطالبة أو التظلم الإداري بمثابة آلية قانونية للطعن في القرار الإداري الصادر عن الإدارة الجبائية قصد التراجع عنه أو تعديله بما يصحح المراكز القانونية للمتظلم

الملزم، أي أن المطالبة هنا تحيل على طلب يتقدم به الملزم أمام الإدارة الجبائية بهدف الحصول على مراجعة الجباية المفروضة عليه، أو تصحيح الأخطاء التي تكون قد ارتكبت أثناء تحديد الأساس الجبائي، أو بمناسبة احتساب الجباية وتصفيتها، أو الاستفادة من مقتضيات تشريعية أو تنظيمية من شأنها تعديل الدين الجبائي في اتجاه النقص أو الحذف نهائيا. لذلك، تتعدد المطالبات التي يتقدم بها الملزم أمام الإدارة الجبائية من المطالبات البسيطة إلى الشكايات ثم التظلمات… الخ، وبتعدد الضرائب والرسوم، لذلك فإن طبيعة التظلم تختلف تبعا لذلك من كونه تظلما نزاعيا، أو مطالبة استعطافية[57].

1 – حق الملزم في التظلم النزاعي : , يحيل التظلم النزاعي على ذلك الطلب الذي يتقدم به الملزم إلى الإدارة الجبائية لإعادة النظر في قرار ذو طبيعة جبائية يدعي مخالفته للقانون أو بعده عن الواقع. أي مطالبة الملزم بحقه في طلب تطبيق دقيق للقانون الذي يتناول فرض الجباية الموضوعة على كاهله، لأن الملزم في إطار التظلم النزاعي لا يرغب في تحقيق امتياز بقدر ما يطالب بحقوقه في مواجهة الإدارة الجبائية، عن طريق تقديم حجج تثبت عدم مشروعية الجباية المفروضة عليه، وأنه ضحية خرق للقواعد القانونية[58]، لأن واقع الممارسة العميلة قد أتبث أن مضمون الشكاية أو المطالبة قد لا يخرج عن طلب التخفيض من الضريبة تبعا للوسائل التي يراها الملزم هي الحقيقة. أو عن طلب استرجاع مبالغ نتيجة خطأ في التقدير أو الاحتساب أو تم أداؤها عن غير استحقاق، وهي واقعة يمكن للإدارة الجبائية أن تقوم بإرجاعها تلقائيا، إذا ما تبث الخطأ لديها. أو عن طلب التخفيض للغلوفي التقدير أو عدم المماثلة لنفس الواقعة المنشأة للجباية من طرف ملزمين آخرين، وهي حالات أن نصادفها في النظام الجزافي، أو بعد تصحيح التصريح تلقائيا من طرف الإدارة الجبائية. أو عن طلب إلغاء الفرض الجبائي للإعفاء[59].

وفي ظل ذلك، يعتبر التظلم النزاعي طعن إلزامي في المنازعات الجبائية في القانون المغربي، لكونه إجراء مهم يلجأ إليه الملزم من قبل طرق باب القضاء، وهي خاصية أساسية (الطابع جرامي تميزه عن التظلم الاستعطافي، والتي يستطيع من خلالها تحقيق مجموعة من الغايات منها تشجيع الحوار بين الملزم والإدارة الجبائية قبل اللجوء إلى القضاء، وإعطاء الفرصة لهذه الأخيرة لمراقبة العمل الجبائي الذي تقوم به، ويخولها إمكانية مراجعة الأخطاء التي قد تقعفيها، ويمكنها من شرح وجهة نظرها للملزم[60]. ويسمح بحل العديد من الخلافات بين الإدارة الجبائية والملزم في مهدها الأول، وهو ما يخفف العبء عن القضاء الإداري. ومن تم، تتحدد المطالبة النزاعية في الحالات التي يمكن للملزم أن ينازع فيها في الضريبة المفروضة أو في جزء منها عن طريق التظلمات المتعلقة بالوعاء، والتظلمات المتعلقة بالتحصيل . إضافة إلى ذلك، يواجه الملزم مجموعة من الشروط تحت طائلة رفض شكايته- عند رفع مطالبته النزاعية أمام الإدارة الجبائية، وهي شروط دقيقة جدا إلى حد لا يستطيع كثير من الملزمين ذوو ثقافة منهم للضياع، وبالتالي يمكن أن يميز داخلها بين الشروط المتعلقة بالملزمين، ومجموعة من الشروط المتعلقة بالآجال وشروط أخرى تتعلق بمضمون المطالبة النزاعية. ذلك أنه بتوفر المطالبة النزاعية على مختلف الشروط الموضوعية والشكلية، يدخل طلب التظلم مرحلة جديدة تتعلق باتخاذ القرارالمناسب فيه من قبل الجهات المختصة، ويسلك هذا الطلب خلالها مرحلة التحقيق، وتعقبها المرحلة الأخرى المتعلقة بإصدار القرار بشأنها[61].

2 – حق الملزم في التظلم الاستعطافي :

يحيل التظلم الاستعطافي على الطلب الذي يتقدم به الملزم أمام الإدارة الجبائية، يلتمس من خلاله الإبراء أو التخفيف من العلاوات والغرامات والذعائر التي يقررها القانون، أي أنه ذلك الطلب الذي لا ينازع في أساس الضريبة ولا يفترض خطأ من الإدارة الجبائية، وإنما يستهدف استعطافها بهدف الحصول منها على امتياز أو عفو من الدين الضريبي بدون أن يكون هناك خطأ أو عيب وقعت فيه، إذ يعمد الملزم في طلبه هذا إلى شرح ظروفه المعسرة المتعلقة بوضعيته الاجتماعية والاقتصادية أو بظروفه الصحية… إلى غيرها من المبررات التي تجعل موقفه أمام الإدارة إيجابيا. حيث خول المشرع المغربي للملزم مراعاة لظروفه الخاصة المرتبطة بوضعيته المالية، والذي يعتبر نفسه غير قادر على أداء توابع الجباية-، الحق في التقدم بطلب استعطافي أمام الإدارة الجبائية، يطلب فيه إعفاءه كليا أو جزئيا من الجزاءات والغرامات. وهو الأمر ذاته خوله للقابض المكلف باستخلاص الضريبة إذا تعدر عليه استخلاصها[62].

وهكذا فقد سمح القانون الجبائي المغربي للملزم سواء أكان شخصا طبيعيا أو معنويابإمكانية التقدم بطلبات استعطافية مستهدفا رأفة الإدارة الضريبية كي تعفيه كليا أو جزئيا من الجزاءات أو الغرامات التي تترتب عليه عن بعض المخالفات الجزاءات المترتبة عن عدم الإدلاء بالإقرار، أو الإدلاء بإقرار متأخر أو ناقص، أو الغرامات عن التأخير في أداء الضريبة، إذا وقع تصحيح أساسها من طرف الإدارة الضريبية والتي ترتبت عليه بصفة قانونية… الخ. غير أن الملزم في مثل هذه الحالات وغيرها لا يناقش لا أساس الضريبة ولا مبلغها، وإنما يستعطف الإدارة الضريبية بغية أن تخفف عنه الجزاءات المرتبطة بالجباية بصفة جزئية نظرا لظروفه المعسرة التي تحول دون دفع ما هو مستحق عليه، بحيث يجب أن يدفع بعدة وقائع تثبت ذلك مثل : حالة التوقف عن الدفع أو المشاكل المالية الصعبة أو الانخفاض الملحوظ في وثيرة النشاط المهني الذي يمارسه. ثم حالة المقاولات التي تنجز صفقات بناء أو أشغال عامة لفائدة الدولة أو الجماعات الترابية وبعض المؤسسات العامة التي تتأخر في أداء الدفعات المؤقتة مما قد يؤثر على خزينة المقاولة ويرغمها على عدم احترام الآجال القانونية لدفع الضريبة[63].

كما أجاز المشرع المغربي للقابض الحق في رفع التظلمات الاستعطافية بقصد الإبراء أو الإعفاء من المسؤولية[64]، ولا يجب أن يفهم من هذا الإجراء بأن القابض ينوب عن الملزم في طلبه الاستعطافي، بل يهدف إلى التحلل من مسؤولية عدم تحصيل المبالغ التي عهد إليه بتنفيذ إجراءات التحصيل الجبري بشأنها، وهي مبالغ غالبا ما تكون ضئيلة، وتتعلق بحالات العجز التام عن أداء مبلغ الجباية. أو انعدام أي أثر للملزم المقيد بجدول الضريبة في العنوان المشار إليه في ذلك الجدول. أو عدم امتلاك الملزم لأموال قابلة للحجز[65]. لكنه على القابض إثبات هذا التعذر بجميع الشواهد التي تبرر ذلك، ويترتب عن هذا الطلب إبراء القابض من المسؤولية المتعلقة بالمبالغ التي تعذر استخلاصها برسم السنة المالية التي تقدم بشأنها، طالما أن الإبراء يخول لسنة واحدة فقط، ويظل الملزم مدينا بالمبلغ طيلة المدة القانونية قبل تقادم الدين الضريبي إذا أصبحت وضعيته ميسورة. كما قد يكون هدفه من هذا الطلب، الإعفاء من المسؤولية التي قد تنتج عن إغفال القابض تقديم طلب تنزيل مبلغ الضريبة، أو تقديمه للطلب دون وثائق وشواهد تبرر استحالة الاستخلاص حتى أصبح الدين الضريبي متقادما.[66]

ويقوم القابض بإعداد لوائح بأرقام الجداول التي يقترح إلغاؤها مدعما ذلك بجميع الوثائق والحجج المبررة لموقفه، ثم يرسلها إلى الإدارة الضريبية وخاصة مفتش الوعاء الضريبي، الذي يقوم بدراسة هذه اللوائح ومقارنة المعلومات الواردة بتقرير القابض، مع المعلومات المتوفرة لديه بالملف الضريبي للملزم سواء تلك المتعلقة بحالته المادية أو الاجتماعية أو بعنوان إقامته، ويتأكد من استنفاذ القابض لكل طرق الاستخلاص المخولة له قانونا، وبعد استكمال دراسته للملف يبدي اقتراحة سواء بقبول أو رفض الإعفاء إذا رأى ما يبرر ذلك، ثم يوجه الملف إلى المدير العام للضرائب عن طريق السلم الإداري والذي يرفعه من جهته إلى الوزير المكلف بالمالية الذي يتخذ فيه القرار الذي يراه مناسبا، أويحيله على من يفوض له اتخاذ هذا القرار، ويعتبر بمثابة قبول الإلغاء انعدام رد من طرف الإدارة داخل أجل سنة ابتداء من تاريخ توصلها بقوائم الديون غير القابلة للتحصيل.

وفي ظل ذلك، فقد مكن المشرع المغربي وزير المكلف بالمالية أو الشخص الذي يفوض إليه أن يسمح بناء على طلب الخاضع للضريبة ومراعاة للظروف المستند إليها بالإبراء أو التخفيف من العلاوات والغرامات والدعائر المقررة في النصوص التشريعية الجاري بها العمل. ويمكن للملزم تقديم هذا الطلب متى شاء، لأن المشرع لم يشترط أجلا لذلك – إن كان من البديهي الإشارة إلى ضرورة تقديم الطلب داخل أجل التقادم -، وكل ما يلتزم به هو إظهار نيته الصريحة بهذا الخصوص، بتوجيهه إلى المدير العام للضرائب أو إلى المدير الجهوي للضرائب[67]. بالإضافة إلى العناصر الضرورية لمعرفة نوع الضريبة ورقم قيدها بجدول الضرائب والمصلحة التي فرضتها وغيرها من المعلومات المفيدة في الوصول إلى الملف الضريبي، فإنه على الملزم أن يحدد موضوعطلبه بدقة، وكذا المبلغ الذي يلتمس إعفاءه منه، لكن هذه العملية غالبا ما يصعب عليه القيام بها، لعدم تمكنه من معرفة مبلغ الغرامات والفوائد بصفة دقيقة، ما دام أن احتسابها يتغير من شهر إلى آخر، ويمكنه أن يشير فقط إلى رغبته في الإعفاء من الغرامات والفوائد لكي تقوم الإدارة الضريبية بما يمكن القيام به في هذا الصدد.

هذا ويجب على الملزم أن يعلل طلبه بذكر الأسباب الكامنة وراء التماسه، كأن تكون وضعيته المادية حرجة أو أن يكون التأخير في إيداع الإقرار أو الأداء حصل بسبب ظروفه القاهرة. هذا ويتعين عليه أيضا أن يرفق طلبه بالجدول الضريبي وكذا بالمستندات التي يرتكز عليها الطلب[68]. وبعد تلقي الإدارة الضريبية لهذا الطلب، يقوم المفتش المكلف به[69] :

– التحقيق في هذه المطالبة بدراسة جميع الوقائع المادية المرتبطة بالطلب، من حيث نوعية الأخطاء التي ارتكبها الملزم.

– مدي حسن أو سوء نيته والأسباب التي استند إليها لتبرير طلبه.

– يأخذ رأي القابض في مدى جدية الأسباب التي أوردها الملزم في طلبه.

– يأخذ رأي القابض في سوابق الملزم، بمعنى هل اعتاد على تأدية ما عليه من رسوم في آجالهاالمحددة، أم أن سلوك مسطرة التحصيل الجبري ضرورية لحثه على إبراء ذمته تجاهالدولة أو الجماعات الترابية.

وبعد دراسة معمقة لملف الملزم وتكوين فكرة عامة عنه، يقوم المفتش المكلف بتوجيه تقرير مفصل إلى المدير الجهوي للضرائب، الذي يؤشر عليه ويضمنه رأيه ثم يحيله على المدير العام للضرائب، والذي يضمنه هو الآخر رأيه ويرفعه إلى الوزير المكلف بالمالية مشفوعا بتقرير الخازن العام للمملكة، ليتم اتخاذ القرار بمنح الإعفاء أو رفضه من طرف وزير المالية، وفي كل هذه الحالات فهي ليست ملزمة بتعليل قراراتها. وهكذا فقد يتصور في هذه الحالة أن يكون الملزم مستندا إلى ظروف مادية عسيرة حقيقية فيصطدم طلبه، رغم المبررات التي احتج بها برفض غير مبرر من قبل السلطة المختصة، فتثارهنا مشكلة ترتبط بمصير القرار الذي أصدرته الإدارة الضريبية، ليثار التساؤل حول إمكانية الملزم أن يطعن فيه أمام القضاء أم أنه قرار محصن ضد أي مراقبة قضائية؟.

فبغض النظر عن إمكانية إعادة تقديم طلب استعطافي آخر أمام الإدارة الضريبية طالما الأجل القانوني قائم، فإنه أمام سکوت النص القانوني يتعين الرجوع إلى المبدأ العام للمشروعية الذي يأبى أن تكون هناك قرارات محصنة ضد أي مراقبة قضائية رغم مساسها بحق من الحقوق، ونكون إذن في مجال قضاء المشروعية التي تعتبر دعوى الإلغاء صيغته الطبيعية، ويحق بالتاليللطاعن أن يطالب عن طريق دعوى الإلغاء بإلغاء القرار السلبي لوزير المالية. وهو توجه أكده القضاء الفرنسي حيث أجاز الطعن بالتجاوز في استعمال السلطة في هذه القرارات إذ استند إلى أحد الأسباب التالية : الخطأ الفادح في التقدير أو الانحراف في الشكل أو المسطرة أو الانحراف في السلطة لهدف غير المصلحة العامة أو عدم الاختصاص[70]. ومن تم، يمكن التأكيد على أن مسألة الطعن في قرار الإدارة الجبائية أمام القضاء مسألة واردة وإن كان مآل نجاحه رهين بصلابة الأسباب التي يستند إليها الملزم في دعواه، لأن الأمر هنا يتعلق بالسلطة التقديرية التي خولها القانون للوزير المكلف بالمالية أو من يفوض له اختصاصه، ولكن هذا الأمر لا يحد من إمكانية الطعن في القرار بالتجاوز في استعمال السلطة لأن أمر هذا الاختصاص يرتبط بمجال الملاءمة التي تطاله المراقبة القضائية لقاضي الإلغاء ضمن ضوابط وشروط من شأنها ترشيد ممارسة هذه السلطة بعيدا عن كل تعسف أو انحراف[71].

ثانيا- الحماية اللجانية للملزمين :

خول المشرع المغربي للملزمين إمكانية عرض نزاعاتهم مع الإدارة الجبائية على لجان ضريبية مختصة، على اعتبار أن هذه الإدارة تتمتع بمركز أقوى من مركز الأفراد، مما يجعلها تتعسف

في كثير من الأحيان في مواجهتهم. لذلك حاول المشرع الجبائي حماية حق الطرف الضعيف في المنازعة الجبائية باللجوء إلى لجان التحكيم الضريبي التي تمكنهم من فتح حوار ديمقراطي مع هذه الإدارة الجبائية، لإيجاد الحلول التي المناسبة لمختلف الإشكالات التي تطرح بين طرفي العلاقة الجبائية (الإدارة والملزم) [72]، في إطار مسطرة خاصة وكذا تخفيف العبء على القضاء بحل بعض النزاعات على مستوى اللجان الجبائية. وهو معطى يجعل التشريع الجبائية المغربي يخطو خطوة مهمة في مجال التنظيم المؤسساتي للنزاعات الجبائية بإنشائه لهيئات مستقلة عن الإدارة للنظر فيها كمرحلة أولى قبل اللجوء إلى القضاء في حالة استمرار النزاع الجبائي.[73]

لقد شاء المشرع المغربي للطعن أمام لجان التحكيم الضريبي، أن يكون مرحلة وسطى في المنازعات الجبائية بين المرحلة الإدارية والمرحلة القضائية، الأمر الذي يجعل اللجن الضريبية من أهم الآليات الأساسية التي أحدثها القانون الجبائي لتسوية النزاعات التي تنشأ بين طرفي العلاقة الجبائية، لما تتمتع به من استقلالية وحياد عن النزاع بين الإدارة الجبائية والملزمين، وكذافي الاختصاصات المخولة لها والمتجلية في تحديد الأساس الملزم، وذلك في إطار مسطرة تواجهيية تضمن للطرفين حقوق للدفاع عن مصالحهما، تكون على مرحلتين أساسيتين، تكمن الأولى في الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة كدرجة ابتدائية، في حين تتجلى الثانية في الطعن أمام اللجنة الوطنية للطعون الضريبية كدرجة استئنافية.[74]

1- حق الملزم في اللجوء إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة :

أحدثت اللجنة المحلية لتقدير الضريبة بمقتضی مرسوم مؤرخ في 8 جمادى الأولى 1408 الموافق 30 دجنبر 1987، قصد النظر ابتدائية في الطعون المتعلقة بالضريبة على الشركات والضريبة العامة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة، لكنه ابتداء من قانون المالية لسنة 2001 توسع اختصاصها ليشمل أيضا الطعون المتعلقة بضريبة التسجيل والضريبة على الأرباح العقارية، بعد ما كان ذلك من اختصاص اللجنة المحلية للتقييم التي تم إلغاؤها وورثت اللجنة المحلية لتقدير الضريبة جميع اختصاصاتها. هذا التوجه التشريعي جعل من هذه اللجان عبارة عن هيئات متخصصة للبث في المنازعات الضريبية، تمتع الملزمين بمجموعة من الضمانات سواء على مستوى تركيبتها والاختصاص المخولة لها، أو على مستوى المسطرة المتعبة أمامها[75].

لقد توخي المشرع من تشكيل اللجنة المحلية لتقدير الضريبة المنصوص عليها في التشريع الضريبي المغربي، أن يشرك عدة فعاليات في فرض الضريبة وتصحيحها، تنتمي إلى قطاعات مختلفة، بغية أن تحظى العملية الضريبية بمصداقية، وأن يلف القرار الضريبي بأكثر ما يمكن من العدل، لذلك فإن اللجان المحلية لتقدير الضريبة تضم كل من : قاضيا رئيسا، ممثلا لعامل العمالة أوالإقليم الواقع مقر اللجنة بدائرة اختصاصه، رئيس المصلحة المحلية للضرائب أو ممثله الذي يقوم بمهمة الكاتب المقرر وممثلا للخاضعين للضريبة يكون تابعا للفرع المهني الأكثر تمثيلا للنشاط الذي يزاوله الطالب[76]. إذ يلخص الجدول التالي تشكيلة اللجنة المحلية لتقدير الضريبة وفقا لما يلي :

جدول رقم 46 : تركيبة اللجنة المحلية لتقدير الضريبة

الأعضاء الصفة شروط التعيين والمهام
 

 

قاض

 

 

رئيس اللجنة

يعين هذا العضو الذي ينتمي إلى الهيأة القضائية، من بين قضاة المحكمة الابتدائية لمكان انعقاد اللجنة، بمقتضى قرار للوزير الأول باقتراح من وزير العدل، وغالبا ما يكون هو رئيس المحكمةالابتدائية أومن ينوب عنه من القضاة. ويهدف المشرع المغربي قاض رئيس اللجنةمن وراء هذا التعيين بعث الثقة والاطمئنان في نفوس الملزمين حتى لا يحسبوا أنفسهم في موقع ضعف أمام إدارة جبائية قوية ولها سلطات واسعة، بالإضافة إلى ضمان الحياد والاستقلالية والنزاهة في العمل.
 

ممثل لعامل أو العمالة أو الإقليم

 

مقرر اللجنة بدائرة  اختصاصه

 

يعين من طرف العامل من بين الموظفين العاملين تحت إمرته، بصفته ممثلا للسلطة التنفيذية وصلة وصل بين سكان العمالة والإقليم والسلطة المركزية. وهكذا نجد بعض العمال من يعين ممثلا عنه بعض الأطر التابعة سواء للقسم الاقتصادي والاجتماعي أو التابعة لقسم التعمير، ويمكنه أن يعين ممثلا عنه من أي قسم شاء من الأقسام التابعة للعمالة أوالإقليم.
 

رئيسالمصلحة

المحليةللضرائب أوممثله

 

 

 

الكاتبالمقرر

يتكلف بإعداد تقرير مفصل ومعلل يعرض فيه طبيعة النزاع المقدمأمام أنظار اللجنة، ونوع الضريبة المطعون فيها، والهوية الكاملة للطاعن، والضرائب أو الرسوم المؤداة أو الأسس المصرح بها، وكذا مبلغ الضرائب أو الرسوم أو الأسس الجديدة المعدلة، وموقف الخاضع للضريبة من التعديلات والتصحيحات التي أدخلت على إقراراته مع ملاحظاته وردوده، ثم موقف الإدارة الضريبية من خلال الأسس والمعايير والعناصر والمقارنات التي اعتمدتها في عملية المراقبة والتصحيح.

 

ممثل

الخاضعين

للضريبة

 

 

أعضاء

يعين من بين الأشخاص الطبيعيين أعضاء المنظمات المهنية الأكثرتمثيلا للنشاط الذي يزاوله الطاعن من طرف عامل العمالةأو الإقليم، يبلغ عددهم ثلاثة رسميين وثلاثة احتياطيين، لمدة ثلاثة سنوات قابلة للتمديد لمدة ثلاثة أشهر إذا لم يعينمن يخلفه.

المصدر : المادة 225 من المدونة العامة للضرائب – تركيب شخصي-

كما تتكرس الضمانات الممنوحة للملزم من خلال اللجان المحلية لتقدير الضريبة بواسطة الاختصاصات الموكولة لها، حيث عمل المشرع المغربي على توسيع نطاق الطعن أمامها في مجال المنازعة الضريبية- إلى نوعين من المهام، أحدهما محلي والآخر نوعي[77]. حيث يحدد المشرع المغربي الاختصاص المحلي الموكول للجنة المحلية لتقدير الضريبة، من خلال الإمكانية المخولة للإدارة بإحداث لجانا محلية لتقدير الضريبة، وتحدد مقر ودوائر اختصاصاتها، وتنظر هذه اللجان في المطالبات التي يقدمها في شكل عرائض الخاضعون للضريبة الكائن مقرهم الاجتماعيأو مؤسستهم الرئيسية داخل دائرة اختصاصاتها. وهي محاولة يسعى من ورائها المشرع إلى مسايرة التقسيم الإداري للمملكة، وهي مبادرة محمودة لاعتبارها تدخل في إطار تقريب الإدارة من المواطنين[78]. لذلك فإن تحديد الاختصاص الترابي أو المكاني للجان المحلية لتقدير الضريبة بمكان فرض الضريبة الذي يدخل في دائرة نفوذ هذه الأخيرة، فمثلا في الضريبة على الشركات يعود الاختصاص للجنة المحلية التي يوجد بدائرتها موقع الشركة الاجتماعي كما يمكن أن تكون اللجنة التي يوجد بدائرتها موقع مؤسستها الرئيسية. ثم الضريبة على الأشخاص الطبيعيين، حيث تكون اللجنة المختصة هي لجنة موقع إقامتهم الرئيسي أو موقع استخلاص الضريبة[79].

وما تنبغي الإشارة إليه هو أن تحديد المعايير المؤطرة للاختصاص المحلي على سبيل الحصر، يثير إشكالات أهمها أنه لا يمكن إدراج أي حالة تخرج عن هذه المعايير، فبالنسبة مثلا لمعيار مقر السكن الرئيسي يطرح الإشكال مبدئيا في تحديد لجنة التي يمكن عرض النزاع المفترض أمامها. أما بالنسبة لمعيار المقر الاجتماعي للطاعن، يطرح في حالات تواجد وعاء الضريبة داخل نفوذ لجنة عمالة لا يقع تحت نفوذها المقر الاجتماعي، ليطرح السؤال عن أي لجنة يمكن الطعن أمامها؟، مع ما يطرحه ذلك من تكاليف زائدة بالنسبة للأطراف وصعوبة البت في النزاع بالنسبة الأعضاء اللجنة، مع احتمال الوقوع في فرضية عرض نفس النزاع أمام لجنتين إقليميتين مختلفتين. ومع كل هذا، فالواقع يوحي بعدم تواجد اللجنة المحلية لتقدير الضريبة داخل كل عمالة أو إقليم، والسبب قد يكون هو عدم معرفة الخاضعين للضرائب بمثل هذا النوع من اللجان الضريبية أو نتيجة التفاوت الحاصل في عدد الطعون المقدمة داخل كل إقليم أو عمالة، هذا بالإضافة إلى الإمكانيات البشرية والمادية التي يتطلبها إنشاء مثل هذه اللجان.[80]

ومن الطبيعي أن يقوم المشرع المغربي بتعداده لهذه الحالات على سبيل الحصرلا المثال – أي أنه لا يمكن إدراج أي حالة تخرج عن هذه الحالات التي هي بدورها محل نظر-، وإذا ثار النزاع حول الاختصاص المحلي بين عدة لجان محلية لتقدير الضريبة، فإن اللجنة المختصة هي التي يوجد داخل دائرة اختصاصها مقر السكنى الرئيسي للملزم أو مقره الاجتماعي أو مؤسسته الرئيسية وفي مقابل هذه الاختصاصات المشار إليها سلفا فإن اللجنة لا تتدخل في حالة اتفاق سابق على عدد من التصحيحات التي توجد مسطرتها في طور الإنجاز، أو حينما تفرض الضريبة بصورة تلقائية على الملزم نتيجة لإخلاله بالمقتضيات القانونية المنصوص عليها في هذا الشأن (عدم الجواب داخل الأجل القانوني على الإشعار الأول والثاني).

أما على مستوى الاختصاص النوعي، فاللجنة المحلية لتقدير الضريبة تختص بالنظر في النزاعات المعرضة على أنظارها، ويجب عليها أن تصرح بعدم اختصاصها في المسائل التي أنهاتتعلق بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية[81]. أي أن اللجنة المحلية لتقدير الضريبة تختص البثفي النزاعات المعروضة عليها من جميع جوانبها ما عدا الخوض في تفسير النصوص التشريعية والتنظيمية، والتي يجب أن تصرح بعدم اختصاصها إذا ما واجهتها وإلا تعرض قرارها للإلغاء[82]. وبهذا تختص هذه اللجن في المسائل الواقعية، أي في المسائل التي تتعلق بتقدير أسس الضريبة كرقم الأعمال والمصاريف الحقيقية القابلة للخصم والأرباح ونسبة الاستهلاك[83]. غير أن مسألة التمييز بين المسائل الواقعية والمسائل القانونية قصد تحديد إطار الاختصاص النوعي للجنة المحلية لتقدير الضريبة، يعد من أعقد المشاكل الضريبية التي لا تواجهها هذه اللجنة فحسب بل كذلك القضاء والفقه-، لأنه توجد حالات وسطية تختلط فيها المسائل الواقعية بالقانونية. فنفس المسألة قد تكتسي صبغة واقعية وقانونية، فمثلا[84] :

 – تقدير المصاريف الحقيقية القابلة للخصم مسألة واقعية ولكن البحث في أساسها طريقةحسابها مسالة قانونية. – تقدير القيمة الثبوتية للمحاسبة، فاللجنة تكون مختصة على اعتبار أن الأمر يتعلق بمسألةواقعية، لكن هناك من يرى أن تقدير تلك القيمة يدخل في مجال تكييف الوقائع، وهو مناختصاص القاضي الذي يمكنه أن يستخلص كون المحاسبة لا تتوفر على القوة الثبوتية.

 وأمام صعوبة التمييز بين ما يعتبر من مسائل الواقع وما يعتبر من وسائل القانون، يمكن أن تختص اللجن المحلية لتقدير الضريبة بالفصل في النزاع الضريبي الذي يعرض عليها، دون تمييز بين ما يعتبر من قبيل الواقع وبين ما يعتبر تفسيرا للقانون، ويرجع ذلك إلى أنه إذا كانت هناك أمور ترتبط بتأويل مقتضيات قانونية واستبعدتها اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، وأصدرت قرارها فقط فيما اعتقدته من اختصاصها أي في المسائل الواقعية، فإن قرارها يكون معيبا قانونا باعتبار أنها جزأت الطعن المقدم لها، وفصلت فيه جزئيا، وبالتالي فإن النزاع لازال قائما على الأقل في الجزء المتعلق بتفسير القانون. كما أن العمل على تجزئة النزاع إلى مسائل قانونية وتركها الاختصاص القضاء، معناه تقسيم النزاع إلى جزئين، أحدهما خاص بالناحية الحسابية، حيث سيتم عرضه على ثلاثة درجات وهي اللجان الضريبية ومحكمة الدرجة الأولى ثم محكمة الدرجة الثانية، في حين أن ما يتعلق بالجانب القانوني سيعرض على درجتين فقط أي محكمة الدرجة الأولى والدرجة الثانية.

2 – حق الملزم في اللجوء إلى اللجنة الوطنية للطعون الضريبية :

جعل المشرع المغربي التحكيم أمام اللجان الضريبية على درجتين، فإذا لم تقتنع الإدارة الجبائية أو الملزم بقرار اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، ولم يتم التوصل إلى اتفاق بين طرفي المنازعة الجبائية، يمكن الطعن في القرار المذكور أمام اللجنة الوطنية للطعون الضريبية، باعتبارها درجة استئنافية في التحكيم الضريبي، لأجل تحقيق نوع من الفعالية في عملها، والتمكن من مراقبة قرارات اللجان المحلية لتقدير الضريبة ومدى مطابقتها للقانون واضعا حدا لما قد يشوبها من تجاوزات[85]. ذلك أنه يجوز للملزم أو الإدارة الجبائية على حد سواء الطعن في قرار اللجنة المحلية التقدير الضريبة، مهما كان المبلغ الذي قضت به هذه الأخيرة، على خلاف ما كان عليه الأمر سابقا، حيث لم يسمح للملزم باللجوء إلى اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الجبائية إلا إذا فاقت تكملة الأداء التي حددتها اللجنة المحلية لتقدير الضريبة سقفا معينا، وبالنسبة للإدارة الجبائية فكان حقها في الطعن أمام اللجنة الوطنية للطعون الضريبية مرهونا بأن تخفض اللجنة المحلية مبلغ الضريبة إلى حد معين[86].

مقال قد يهمك :   شكوك حول نتائج مباراة المنتدبين القضائيين تسائل وزير العدل

ووعيا من المشرع الضريبي بأن الهدف من وراء عرض النزاع الجبائي أمام اللجان الجبائية، هو معالجة هذا الأخير دون اللجوء المحاكم الإدارية، وتخفيف العبء على القضاء الإداري من النزاعات المعروضة عليه، هذه الفلسفة التي تؤطر مرحلة الطعن أمام اللجان الضريبية، جعلت القانون الضريبي يحدد تركيبتها المتميزة بالتعددية والطابع التشاركي بين مختلف الفاعلين فيها، ويؤطر مجالا خاصا لاختصاصها تماشيا مع الخصوصية التي تميز طابعها التحكيمي، ذلك أنه إذا كان التوجيه المباشر لعريضة الطعن إلى اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية يخلق ارتياحا لدى الخاضع للضريبة ويشكل ضمانة أساسية له، فإن هذه الضمانة تتكرس أكثر إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أهمية تكوين هذه اللجنة وتبعيتها المباشرة لسلطة رئيس الحكومة، وليس الوزارة الاقتصاد والمالية، والتي يوجد على رأس التسلسل الإداري بالنسبة لإدارة الضرائب، وإن كان-حسب بعض الفقه[87] – إلحاق اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية برئاسة الحكومة، قد يمس باستقلال القضاة المكونين لها، وربما يعرضهم لضغوطاتها وإغراءاتها من جهة. ومن تم فإن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية تتكون من ثلاثة عناصر أساسية تتمثل في الرئيس القضاة، الموظفون وممثلو الملزمين من جهة ثانية[88].

جدول رقم 47 : تصنيف مكونات اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية

الوظيفة المكونات
قاض يشرف على تسيير اللجنة الوطنية للنظر الطعون المتعلقة بالضريبة، يعينه رئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل، ترفع إليه مختلف الطعون الموجهة إلى اللجنة، ويقوم بتوزيعها على اللجان الفرعية السبع التابعة له، وذلك قصد النظر والبت والتداول. وإذا تغيب رئيس اللجنة الوطنية أوحال دون حضوره عائق ناب عنه في القيام بمهامه رئيس من رؤساء اللجان الفرعية يتم تعيينه كل سنة بصفته نائبا لرئيس اللجنة، وتجتمع اللجان الفرعية المذكورة بمسعى من رئيس اللجنة الذي يستدعي ممثلي الخاضعين للضريبة قبل التاريخ المحدد للاجتماع بما لا يقل عن 15 يوما.  

 

الرئيس

ينتمون إلى هيأة القضاء يعينهم رئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل، ويروم هذا التعيين لعناصر من الجهاز القضائي ضمن تشكيلة اللجنة الوطنية، بعث روح الثقة في نفوس الملزمين بالضريبة، وضمان النزاهة في عمل اللجنة، وتحقيق العدالة في الميدان الجبائي.  

سبعة قضاة

يعينهم رئيس الحكومة باقتراح من وزير المالية، وتشترط فيهم الأهلية والكفاءة في الميدان الجبائي أو المحاسباتي أو القانوني أو الاقتصادي، وأن تكون لهم على الأقل رتبة مفتش أو ما يعادل ذلك، ويلحقون كموظفين باللجنة، ويبقى المغزى من هذا التعيين ضمان الحياد والاستقلالية عن الإدارة الضريبية، ويعتبرون خير عون وسند للقاضي في أداء مهمته وتبليغ رسالته.  

 

ثلاثون موظفا

ينتمون إلى عالم الأعمال بصفتهم ممثلين للخاضعين للضريبة، يعينهم رئيس الحكومة، بناء على اقتراح مشترك لوزراء المالية والتجارة والصناعة والصناعة التقليدية والصيد البحري، وذلك لمدة ثلاث سنوات من بين الأشخاص الطبيعيين أعضاء المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا الممارسين النشاط تجاري أو صناعي أو حر أو خدماتي أو في الصيد البحري. ويمكن تمديد تعيينهم لمدة ستة أشهر إضافية عند استحالة تعيين ممثلين جدد.  

 

مائة شخص

 

الكاتب العام

يعين من طرف رئيس الحكومة باقتراح من وزير المالية، وتحدد مهامه في تدبير الموارد البشرية الإدارية، طلب عناصر المسطرة من طرف إدارة الضرائب، توزيع الملفات على الموظفين أعضاء اللجنة واللجن الفرعي، برمجة الملفات أمام اللجن الفرعية، وتنظيم جلسات اللجن الفرعية.
 

اللجن الفرعية

تنقسم اللجنة الوطنية إلى سبع لجن فرعية وتتألف كل لجنة فرعية من :

قاض رئيسا، موظفين اثنين، ممثلين اثنين للملزمين، كاتب مقرر لحضور الفرعية

اجتماعات اللجنة الفرعية دون أن تكون له حق التصويت.

 

المصدر : المادة 226 من المدونة العامة للضرائب – تركيب شخصي

وعليه، تحدث لجنة دائمة تسمى اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة، تابعة للسلطة المباشرة لرئيس الحكومة ويوجد مقرها بالرباط، ترفع إليها الطعون في المقررات الصادرة عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة، وبهذا جعل المشرع المغربي هذه اللجنة درجة ثانية من التظلم النزاعي، لأنها تقوم بدور رقابي استثنائي يشمل جميع أعمال وقرارات اللجان المحلية من جهة. ليمتد اختصاصها المكاني ليشمل التراب الوطني برمته، للإسراع في معالجة الملفات المعروضة عليها من جهة ثانية. وهكذا، تختص اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة بصورة عامة – في الطعون المرفوعة ضد قرارات اللجن المحلية لتقدير الضريبة، سواء تعلق الأمر بالضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل أو الضريبة على القيمة المضافة أو حقوق التسجيل[89]. أضف إلى ذلك أنها تختص كذلك بالنظر في الطعون المقدمة من طرف رؤساء الغرف الفلاحية أولمدير الضرائب أو الشخص الذي يفوض إليه ذلك لهذا الغرض، والتي تتعلق بالقرارات الصادرة عن اللجنة المحلية لتقدير الضريبة[90].

كما تنظر اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة بصورة خاصة، في نوع من النزاعات تنتج عن حالة استثنائية حددها القانون الضريبي المغربي في الحالة التي يتعذر فيها تمديد فترة انتدابهم لأي سبب من الأسباب أو الحالة التي لم يتسني في فاتح أبريل تعيين ممثلين جدد للخاضعين للضريبة وهي حالات ناذرة. ومنه فقد أجاز المشرع للملزم بأن يطلب من الإدارة المثول اللجنة المحلية لتقدير الضريبة المكونة من 3 أعضاء فقط دون ممثل الملزمين، أو أن يرفض ذلك، وتقوم الإدارة الضريبية عند انتهاء الأجل المحدد بعرض النزاع من تلقاء نفسها مباشرة على اللجنة الوطنية لتنظر فيها ابتدائيا وانتهائيا في المرحلة ما قبل القضائية[91]. غير أنه من الناحية الموضوعية، ينحصر اختصاص اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة –  -مبدئيا- فيالمسائل الواقعية، بمعنى النظر في المسائل التي تتعلق بتحديد الأسس الضريبية على إثر التصحيح التي أقدمت عليه الإدارة الضريبية للأسس المصرح بها، ويجب عليها أن تصرح بعدم اختصاصها إذا تعلق الأمر بمسائل قانونية، أي أنه لا يحق لهذه اللجنة تفسير النصوص التنظيمية والتشريعية، لكنه يجوز لها مراقبة تطبيق النصوص القانونية التي لا يكتنفها الغموض، دون أن تتجاوز مراقبة النصوص إلى تفسيرها فتعرض قرارها إلى الإلغاء[92].

ثالثا- الحماية القضائية للملزمين :

ترتبط الحماية القضائية للملزمين بالدور الهام الذي تلعبه مؤسسة القضاء في بناء دعائم دولة الحق والقانون، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وبالتالي بناء صرح حضاري متين، قوامه المساواة أمام القانون والعدل والإنصاف في المجتمع. ودور القاضي في ذلك هو أولا وأخيرا احترام مضمون القاعدة القانونية، ومن أجل ذلك فهو يأخذ بعين الاعتبار مسألتين أساسيتين ترتبطان باحترام القاعدة القانونية بتطبيقها من جهة. والعمل على تطويرها بفضل التفسير والاجتهاد، وذلك في إطار مؤسسة القاضي المشرع، وهذا الاجتهاد هو الذي يسمح باستمرار القاعدة القانونية، ويضمنفي النهاية احترام المصلحة العامة للمجتمع، أي ذلك التوازن القائم بين حقوق الأفراد والجماعات وواجباتهم تجاه الدولة والمجتمع من جهة ثانية[93].

ويرتبط هذا التوازن في الميدان الضريبي بالاعتراف بحقوق وواجبات الملزمين، ومراعاة هذه الحقوق مقابل حقوق الدولة والخزينة. لذلك كانت المسطرة القضائية المرحلة الحاسمة في المنازعات الضريبية، لأنها تطرح على القضاء الإداري عبء التوفيق بين مصلحتين متعارضتين[94]، تتمثلان في ضمان حقوق الأفراد تجاه الإدارة الضريبية التي تتمتع بسلطات واسعة بدءا من فرض الضريبة إلى التنفيذ الجبري وأحيانا الإكراه البدني، وبين ما تقتضيه المصلحة العامة من استيفاء الحقوق الضريبية لفائدة خزينة الدولة. وهي مهمة لن تكون بالسهلة خاصة في ظل الإمكانيات التي خولها المشرع المغربي لطريفي المنازعة الضريبية عند اللجوء إلى القاضي الإداري سواء الملزم.

أم الإدارة الجبائية. لذلك، يمكن اعتبار المنازعات الجبائية واحدة من المنازعات الإدارية التي يتدخل بصددها القاضي الإداري لإيجاد حل للخصومة المطروحة بين الإدارة الضريبية والملزم -سواء تعلق الأمر بشخص طبيعي أم شخص معنوي[95]، وفق مسطرة قانونية مضبوطة يستوجب احترامها وإتباع قواعدها من جميع الأطراف، وهو ما يجعل من هذه المرحلة مجالا واسعا لتطوير الاجتهاد القضائي[96].

وعليه، تعتبر دعوى المنازعة الجبائية من الدعاوى الإدارية التي تسمح للملزم باللجوء إلى القضاء الإداري بغية حماية حقوقه التي يقررها له قانونا، عند انتهاكها من طرف الإدارة الضريبية[97]. ويجد هذا التحديد سنده في مجموع التطورات التي عرفها الحق في التقاضي عموما إلى أن بلغ مصاف القاعدة الدستورية، فأصبح يتمتع بقوتها التي لا تجيز المساس به من طرف أي سلطة كانت تشريعية أم تنفيذية، بل الأكثر من ذلك نجد أن هذا الحق اكتسب بعدا عالميا بعد أن تضمنته العديد من الاتفاقيات الدولية خاصة المتعلقة بحماية حقوق الإنسان[98]. وتبعا لذلك أصبح الحق في اللجوء إلى القضاء الجبائي كحق منحه القانون للأفراد، يقوم مقام الحريات العامة التي ضمنها الدستور والقانون والتي لا يجوز حرمان أي مواطن منها، على اعتبار أن المشرع الدستوري قد جعل من حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون[99].

ويسعى المشرع الدستوري من وراء سلوك الملزم للمسطرة القضائية في المادة الجبائية لجوئه إلى القضاء الإداري دون أي عائق، وتمكينه عند استيفاء الشروط المطلوبة والتقيد بالقواعد المحددة قانونا، من رفع الدعاوى والتقدم بالدفوع التي يتعين عليه النظر فيها وإصدار أحكام بشأنها، وأن يمارس الطعون أمام المحاكم الإدارية، لاسيما وأنها تعد إحدى الضمانات الأساسية للعدالة الجيدة، لأن الحكمة من سنها تكمن في بسط رقابة القضاء على القرارات التي تتخذها الإدارة الجبائية من خلال سلامتها ومطابقتها للواقع والقانون، وبعث الطمأنينة في نفس الملزمالمتظلم منها. هذا، ولا يكفي لحماية الملزم من تعسف الإدارة الضريبية، وجود نصوص قانونية تنظم الضرائب وفرضها وتحصيلها، فالقانون بحاجة إلى قضاء يراقب حسن تطبيقه، فلا يتم تضييع أو إنقاص حق الدولة من الضرائب من جهة، ومراقبة الإدارة الضريبية في مدى التزامها بتطبيق القانون عند قيامها بأي عملية من عمليات ربط الضريبة وتحصيلها وعدم تعسفها في ذلك، لأن الإدارة الضريبية تميل إلى تغليب مصلحة الدولة على مصلحة الملزم، مما قد يؤدي إلى إلحاق الإجحاف به وإهدار حقوقه، فيكون القضاء هو الحكم العادل إذا ما قام خلاف بين الملزم والإدارة الضريبية من جهة أخرى[100].

وعلى العموم، فإن اللجوء إلى القضاء لفض المنازعة الضريبية يرفع يد الإدارة الضريبية عنها ويصبح اختصاص النظر فيها للمحاكم الإدارية، وقد نظم القانون إجراءات التقاضي الضريبي وجعلها تتصف بالسرعة وعدم إطالة أمد النزاع، وحدد مراحل الطعن القضائي، وذلك ليضع حدا الاستمرار هذه المنازعات مما يؤدي إلى حدوث استقرار في مراكز المكلفين القانونية، ولا تصبح عرضة للتغيير. فصدور حكم من المحكمة الإدارية بشأن المنازعة الضريبية المعروضة أمامها، واستنفاذ طرق الطعن بشأنها يكسبها الصفة القطعية بحيث تصبح الضريبة مستحقة الأداء، واكتسابها بذلك الصفة القطعية استنادا إلى هذا الحكم، لا يكون في مواجهة الملزم فقط، بحيث يمتنع عليه الطعن بها مرة أخرى، بل تكون في مواجهة الإدارة الضريبية أيضا، حيث لا تملك تعديلها أو تقديرها من جديد، بعد أن اكتسبت الصفة القطعية.

وفي ظل هذا التوجه، تتميز إجراءات التقاضي الضريبي بالسرعة، لتعلقها بأوضاع مالية تتطلب سرعة الاستقرار ولا تحتمل الإرجاء، وذلك لأهمية الضرائب، ودورها الذي تلعبه كعنصر من عناصر إيرادات الدولة التي تستخدمها لتغطية نفقاتها، فيجب حصولها على حقها من الضرائب بأسرع وقت. ونصت جميع التشريعات الضريبية على أن يتم نظر الدعاوى الضريبية على وجه السرعة، لتقصير أمد المنازعات بين الملزمين والإدارة الضريبية، رعاية لصالح الخزينة العامة وعملا على استقرار الأوضاع المالية للمكلفين على أسس سليمة وضرورة الإسراع في إنهاء المنازعة الضريبية في وقت قريب، إذ يؤدي تراكمها وإطالة أمد النزاع إلى العدالة البطيئة التي تضر بالمراكز المالية للملزمين.


الهوامش:

[1]رياض هشام، سلطات الإدارة الضريبية بالمغرب : بین رهان حماية الدين الضريبي وضمانات الملزم، رسالة لنيلدبلوم الماستريغ القانون العام، كلية الحقوق، سطات، 2014-2015، ص 3.

[2]محمد الشريف بنخي، استراتيجيات إصلاح وتطوير الإدارة الجبائية : أي دور في تعزيز الضبط الجبائي، رسالة لنيلدبلوم الماستر القانون المعمق، كلية الحقوق، طنجة، 2007-2008، ص 11.

[3]كريم لحرش، الإدارة الجبائية المحلية بين النص القانوني والممارسة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة فيالقانون العام، كلية الحقوق، سطات، 2006-2007، ص 151

جواد العسري، علاقة إدارة الضرائب المباشرة بالملزمين وانعكاساتها، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كليةالحقوق، أكدال، الرباط، 2000-2001، ص [4]

[5]عبد الصادق النصاري، أزمة التواصل بين الملزم والإدارة الضريبية : محاولة نقدية لفهم وتطوير علاقة الملزمبالإدارة الجبائية في المغرب، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام، كلية الحقوق، الدار البيضاء، 2004 – 2005، ص 35.

[6]حامد عبد المجيد دراز، النظم الضريبية العربية، مرجع سابق، ص 109.

[7] نسرين سعد الديس، الإدارة العمومية المغربية وإشكالية التواصل، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كليةالحقوق، أكدال، الرباط، 2006-2007، ص 130.

[8]أحمد زابيلا، التواصل الجبائي المحلي، دراسة في العلاقة بين الإدارة الجبائية المحلية والملزم : حالة العيون، رسالةالنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية الحقوق، سطات، 2007-2008، ص 69.

[9]كريم لحرش، النظام الجبائي المحلي بالمغرب : دراسة تحليلية لأسس علاقة الملزم بالإدارة الجبائية المحلية، أطروحةالنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق، سطات، 2009-2010، ص 299.

[10]  غزلان قاسمی، دور التواصل الجبائي المحلي في تفعيل المواطنة الجبائية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات الماستر فيالقانون العام، كلية الحقوق، سطات، 2008-2009، ص 131.

[11] كريم لحرش، الإدارة الجبائية المحلية بين النص القانوني والممارسة، مرجع سابق، ص 162.

[12]تيمومي حفيظة، الإعلام الجبائي بين الإدارة الجبائية والملزم، رسالة لنيل دبلوم الدراسات الماستر في القانون العام،كلية الحقوق، سطات، 2015-2016، ص168.

[13]Lucien MEHL et pierre BELTRAM, Sciences et techniques fiscales, presse universitaire française, 1eredition, 1984, p77.

[14]محمد شكيري، حقوق الملزمين بالضريبة، وتطور مفهوم العدالة الجبائية، مرجع سابق، ص 45.

[15]نسرين سعد الديس، الإدارة العمومية المغربية وإشكالية التواصل، مرجع سابق، ص 327.

[16]كريم لحرش، النظام الجبائي المحلي بالمغرب : دراسة تحليلية لأسس علاقة الملزم بالإدارة الجبائية المحلية، مرجعسابق، ص 271.

[17]عبد الصادق النصاري، أزمة التواصل بين الملزم والإدارة الضريبية، مرجع سابق، ص 184

[18]نزهة أخ العرب، سؤال ثقافة المواطنة في ظل علاقة الخاضع للضريبة بالإدارة الضريبية، مرجع سابق، ص 67.

[19]نزهة أخ العرب، سؤال ثقافة المواطنة في ظل علاقة الخاضع للضريبة بالإدارة الضريبية، مرجع سابق، ص 67.

[20]نزهة أخ العرب، سؤال ثقافة المواطنة في ظل علاقة الخاضع للضريبة بالإدارة الضريبية، مرجع سابق، ص 70

[21]ياسين صالحي، الحوار الضريبي بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق، الدار البيضاء،2008 – 2007 ، ص 56

[22]كريم لحرش، الإدارة الجبائية المحلية بين النص القانوني والممارسة، مرجع سابق، ص 153

[23] ياسين صالحي، الحوار الضريبي بالمغرب، مرجع سابق، ص 71.

[24]كريم لحرش، النظام الجبائي المحلي بالمغرب : دراسة تحليلية لأسس علاقة الملزم بالإدارة الجبائية المحلية، مرجعسابق، ص 291.

[25]محمد شكيري، أهمية التواصل في تدبير الضريبة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 43، 2002، ص 89.

[26]ياسين صالحي، الحوار الضريبي بالمغرب، مرجع سابق، ص 60.

[27]نزهة أخ العرب، سؤال ثقافة المواطنة في ظل علاقة الخاضع للضريبة بالإدارة الضريبية، مرجع سابق، ص 76.

[28]كريم لحرش، النظام الجبائي المحلي بالمغرب : دراسة تحليلية لأسس علاقة الملزم بالإدارة الجبائية المحلية، مرجعسابق، ص 293.

[29]نسرين سعد الديس، الإدارة العمومية المغربية وإشكالية التواصل، مرجع سابق، ص 337.

[30]ياسين صالحي، الحوار الضريبي بالمغرب، مرجع سابق، ص 82.

[31]khalid Haloui, Les garanties du contribuable dans le cadre du contrôle fiscale en droit marocain, Thèse

de doctorat en droit privé, Université de GRENOBIE, France, 2010-2011, p 129.

[32] زينب أيت بوسلهام، وضعية الملزم في النزاع الضريبي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية الحقوق،سطات، 2014-2015، ص 6.

[33]كريم لحرش، النظام الجبائي المحلي بالمغرب : دراسة تحليلية لأسس علاقة الملزم بالإدارة الجبائية المحلية، مرجعسابق، ص 251.

[34]فتيحة لمعاشي، وضعية المكلف في التشريع الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص 278.

[35]أحمد زابيلا، التواصل الجبائي المحلي، دراسة في العلاقة بين الإدارة الجبائية المحلية والملزم، مرجع سابق، ص 153.

[36]Mustapha Belhadj, L’administration fiscale et le contribuable Marocain, Op.cit, p 62

[37]فتيحة لمعاشي، وضعية المكلف في التشريع الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص 280.

[38]كريم لحرش، النظام الجبائي المحلي بالمغرب : دراسة تحليلية لأسس علاقة الملزم بالإدارة الجبائية المحلية، مرجعسابق، ص 256.

[39]ياسين صالحي، الحوار الضريبي بالمغرب، مرجع سابق، ص 65.

[40]كريم لحرش، النظام الجبائي المحلي بالمغرب : دراسة تحليلية لأسس علاقة الملزم بالإدارة الجبائية المحلية، مرجعسابق، ص 254.

[41]تيمومي حفيظة، الإعلام الجبائي بين الإدارة الجبائية والملزم، مرجع سابق، ص 171.

[42]أحمد زابيلا، التواصل الجبائي المحلي، دراسة في العلاقة بين الإدارة الجبائية المحلية والملزم، مرجع سابق، ص 154.

[43]كريم لحرش، الإدارة الجبائية المحلية بين النص القانوني والممارسة، مرجع سابق، ص 177.

[44]زينب أيت بوسلهام، وضعية الملزم في النزاع الضريبي، مرجع سابق، ص 19.

[45]Jean Claud Martinez, Le statut de contribuable, Op.cit, P 58

[46]تيمومي حفيظة، الإعلام الجبائي بين الإدارة الجبائية والملزم، مرجع سابق، ص 169.

[47]Guy DELMORE, Le dialogue entre l’administration fiscale et le contribuable, édition congrès de Paris, 1980, p32-33

[48]تيمومي حفيظة، الإعلام الجبائي بين الإدارة الجبائية والملزم، مرجع سابق، ص 168.

[49]أحمد زابيلا، التواصل الجبائي المحلي، دراسة في العلاقة بين الإدارة الجبائية المحلية والملزم، مرجع سابق، ص 163.

[50]كريم لحرش، النظام الجبائي المحلي بالمغرب : دراسة تحليلية لأسس علاقة الملزم بالإدارة الجبائية المحلية، مرجعسابق، ص 281.

[51]jacques Molénier, Finance publique, Edition presses universitaires de France Paris, 1988, p 310.

[52]كريم لحرش، المنازعات الضريبية في القانون المغربي، سلسة اللامركزية والإدارة الترابية، العدد 21، مطبعة طوببريس، الرباط، الطبعة الأولى، 2013، ص 4.

[53]TAHOUR Mohamed, Vers une amélioration du contrôle fiscal Marocain, Op.cit, p 109.

[54]محمد الشريقي، المنازعات الإدارية في المادة الضريبية أو الطرق البديلة لتسوية النزاعات الجبائية، مساهمة فيالندوة الوطنية حول موضوع الإشكاليات القانونية والعملية في المجال الضريبي، دفاتر المجلس الأعلى، العدد 16،مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى، 2011، ص 45.

[55]م عمر أبو الهمزة المنازعات الجبائية بالمغرب : بين الإدارة الضريبية والقضاء، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانونالعام، كلية الحقوق، السويسي، الرباط، 2008-2009، ص 103.

[56]عبد القادر التيملاتي، النزاع الضريبي في التشريع المغربي، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1997،ص 43.

[57]عبد الرحيم التجاني، المنازعات الجبائية في مجال الضرائب المباشرة بالمغرب : الضريبة على الدخل والضريبة علىالشركات نموذجا، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية الحقوق، أكدال، الرباط، 2012-2013، ص 336.

[58]Louis Trotabas et Jean-Marie cottert, Droit fiscal, Edition Dalloz, Paris, 1997, p 113.

[59]مصطفى زاهر، الإجراءات الشكلية في المنازعات الضريبية : المطالبة والضمانة نموذجا، مساهمة في الندوة الوطنيةحول موضوع الإشكاليات القانونية والعملية في المجال الضريبي، دفاتر المجلس الأعلى، العدد 16، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى، 2011، ص 307.

[60]عمر أبو الهمز، المنازعات الجبائية بالمغرب : بين الإدارة الضريبية والقضاء، مرجع سابق، ص 104.

[61]كريم لحرش، شرح القانون الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص 175.

[62]سعاد بنور، العمل القضائي في المادة الجبائية، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى، 2003،ص 44.

[63]محمد شكيري، القانون الضريبي المغربي : دراسة تحليلية ونقدية، مرجع سابق، ص 572.

[64]المادة 126 من مدونة تحصيل الديون العمومية.

[65]محمد شكيري، القانون الضريبي المغربي : دراسة تحليلية ونقدية، مرجع سابق، ص 573

[66]عبد القادر التيلاتي، النزاع الضريبي في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 62.

[67]سعاد بنور، العمل القضائي في المادة الجبائية، مرجع سابق، ص 45

[68]محمد القرقوري، وعاء ومنازعات الضرائب على القيمة المضافة والشركات والدخل، مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعةالأولى، 2002، ص 291.

[69]كريم لحرش، النظام الجبائي المحلي : في ضوء الممارسة العملية والاجتهاد القضائي، مطبعة طوب بريس، الرباط،الطبعة الأولى، 2010، ص 106.

[70]جعفر حسون، الطبيعة القانونية للمنازعات الضريبية في قانون المحاكم الإدارية، المجلة المغربية للإدارة المحليةوالتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 4، 1996، ص 53.

[71]كريم لحرش، شرح القانون الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص 178.

[72]محمد البرانصي، لجان التحكيم الضريبية ودوره في تسوية النزاعات الضريبية وتشجيع الاستثمار، مرجع سابق، ص 23.

[73]عمر أزوکار، المساطر الضريبية بين فقه الإدارة الضريبية والعمل القضائي المغربي، مرجع سابق، ص 157.

[74]محمد بوغالب، خصوصية الرقابة الإدارية والقضائية في مجال المنازعة الجبائية، عمل جماعي تحت عنوان : المنازعةالانتخابية والجبائية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى، 2007، ص 221.

[75]محمد البرانصي، لجان التحكيم الضريبية ودوره في تسوية النزاعات الضريبية وتشجيع الاستثمار، مرجع سابق، ص 109.

[76]المادة 225 من المدونة العامة للضرائب وفق تعديلات قانون المالية لسنة 2018.

[77]إبراهيم الكرناوي، التعريف باللجن المحلية لتقدير الضريبة والمسطرة المتبعة أمامها للبت في المنازعات الضريبية،عمل جماعي تحت عنوان : المنازعة الانتخابية والجبائية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى، 2007، ص 293.

[78]المادة 225 من المدونة العامة للضرائب وفق تعديلات قانون المالية لسنة 2018.

[79]كريم لحرش، شرح القانون الضريبي المغربي، مرجع سابق، ص 185.

[80]  محمد البرانصي، لجان التحكيم الضريبية ودوره في تسوية النزاعات الضريبية وتشجيع الاستثمار، مرجع سابق،ص 111.

[81]المادة 225 من المدونة العامة للضرائب.

[82]جواد العسري، إشكاليات الطعن الإداري والقضائي في مقررات اللجن الضريبية، أشغال اليومين الدراسيين 28 و29مارس 2005، المنظمةمن طرف المجلس الأعلى والمديرية العامة للضرائب، دفاتر المجلس الأعلى، العدد 8، 2005،ص 35.

[83]عبد القادر تیعلاتي، النزاع الضريبي في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 95.

[84]سفيان ادريوش ورشيدة الصابري، تصحيح الأساس الضريبي : دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص 159.

[85]محمد البرانصي، لجان التحكيم الضريبية ودوره في تسوية النزاعات الضريبية وتشجيع الاستثمار، مرجع سابق،ص 251.

[86]  سفيان ادريوش ورشيدة الصابري، تصحيح الأساس الضريبي : دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص 179

[87]محمد السماحي، مسطرة المنازعة في الضريبة، مرجع سابق، ص 38.

[88]الحسن الكاسم، اللجنة الوطنية للطعون الضريبية : الاختصاص والمسطرة والقرارات الصادرة عنها، مساهمة فيالندوة الوطنية حول موضوع الإشكاليات القانونية والعملية في المجال الضريبي، دفاتر المجلس الأعلى، العدد 16، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى، 2011، ص 98.

[89]المادة 226 من المدونة العامة للضرائب وفق تعديلات قانون المالية لسنة 2018.

[90]  المادة 227 من المدونة العامة للضرائب وفق تعديلات قانون المالية لسنة 2018.

[91]محمد شكيري، القانون الضريبي المغربي : دراسة تحليلية ونقدية، مرجع سابق، ص 587.

[92]سفيان ادريوش ورشيدة الصابري، تصحيح الأساس الضريبي : دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص 187.

[93]محمد السباعي، دور القضاء في تحقيق التوازن بين حقوق الملزم وواجباته في الميدان الجبائي، مساهمة في الندوةالوطنية حول موضوع الإشكاليات القانونية والعملية في المجال الضريبي، دفاتر المجلس الأعلى، العدد 16، مطبعةالمعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى، 2011، ص 82.

[94]عبد الحميد الصحراوي، حماية القضاء الإداري للملزم في المنازعات الضريبية، رسالة لنيل دبلوم الماستر القانونالعام، كلية الحقوق، السويسي، الرباط، 2010-2011، ص 112.

[95]حياة البجدايني، قواعد التقاضي في المادة الضريبية : دراسة نماذج من المنازعات الجبائية والإشكالات المطروحةفي الميدان العملي خلال مراحل الوعاء والتصفية والتحصيل، مجلة الحقوق المغربية، سلسلة دراسات قضائيةالعدد 3، 2010، ص 7.

[96]كريم لحرش، المنازعات الضريبية في القانون المغربي، مرجع سابق، ص 89.

[97]  علي الرحاوي، رقابة القضاء الإداري على المساطر الجبائية بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الماستر القانون العام، كليةالحقوق، أكدال، الرباط، 2009-2010، ص 99.

[98]محمد العلمي، المنازعات الضريبية أمام القضاء الإداري بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الماستر القانون المعمق، كليةالحقوق، طنجة، 2008-2009، ص 84.

[99]الفقرة الأولى من الفصل 118 من الدستور المغربي الجديد.

[100]عبد الحق عميمي، أحكام اجتهاد القضاء الإداري في مادة المنازعات الضريبية، مرجع سابق، ص 102.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)