المرسوم التطبيقي لأحكام القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها(تحميل)

السجل الوطني الإلكتروني للضمانات المنقولة (بلاغ)

فراجي: تعديلات فرق الاغلبية بالبرلمان تفرغ تجريم الاثراء غير المشروع من جدواه

31 يناير 2020 - 2:12 ص في الواجهة , وجهة نظر
  • حجم الخط A+A-

سليمة فراجي – عضوة سابقة بلجنة العدل والتشريع بمجلس النواب

سبق للسيد وزير العدل والحريات السابق الاستاذ مصطفى الرميد أن اخفق و لم يتمكن من تمرير المادة 8ـ256 من مشروع القانون الجنائي، المعروض في الولاية البرلمانية السابقة ، التي تجرم الإثراء غير المشروع وتعاقب بالحبس من سنة إلى 5 سنوات كل موظف ثبت أن ذمته المالية أو ذمة أولاده القاصرين “عرفت زيادة كبيرة وغير مبررة مقارنة بمصادر دخله المشروع، ولم يدل بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة” علما ان الوزير السابق كان متشبتا بتمرير هذا المقتضى الذي ينص على عقوبات سالبة للحرية من جهة ويشمل جميع الموظفين من جهة اخرى .

الا ان مجلس الحكومة انذاك أدخل تعديلات أسقطت العقوبات الحبسية، وجعلت الإثراء غير المشروع لا يهم جميع الموظفين العموميين، إنما يقتصر فقط على الموظفين الخاضعين للتصريح الإجباري بالممتلكات، وتضمن مشروع القانون الجنائي 10.16 الذي هو في طور تقديم التعديلات حاليا من طرف اعضاء لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، فصلا في الفرع الرابع مكرر يجرم الاثراء غير المشروع بمقتضى الفصل 256.8، والذي يعاقب جريمةالاثراء غير المشروع بغرامة من 100.000 الى مليون درهم كل ملزم بالتصريح الاجباري بالممتلكات ثبت بعد توليه للوظيفة او المهمة ان ذمته المالية او ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح عرفت زيادة كبيرة وغير مبررة ،انطلاقا من التصريح بالممتلكات الذي أودعه المعني بالأمر مقارنة مع مصادر دخله المشروعة ،ولم يدل بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة ،علما ان مشروع القانون الجنائي احيل على اللجنة منذ 27مايو 2016 بعد جدل بشأنه بالمجلس الحكومي ،ولا زال يعرف تعثرات واختلاف وجهات النظر ، وان الناطق الرسمي باسم الحكومة اكد ان ” بلوكاج” مشروع القانون الجنائي يرجع بالأساس الى محاولة تقريب وجهات النظر بخصوص الاثراء غير المشروع ، خصوصا ان القناعات والظروف السياسية الحالية ليست هي نفسها قناعات وتوجهات الولاية السابقة ،ومن كان يتشبت بتمرير النص كما قُدم سابقا ،اصبح أكثر تساهلا متحججا بكون النص المقترح المجرِّم للاثراءغير المشروع سيجعل إجراءات التصريح بالممتلكات ذات قيمة فعلية اذ تكون سندا لمراقبة تطور الثروات وعقاب من عجز عن تبرير الزيادة في الثروة بحجج مقنعة .

لكن يبدو من خلال الاطلاع على فحوى النص والتعديلات الواردة عليه من اجل تجويده وجعله قيمة مضافة للترسانة التشريعية، انها لن تشكل تلك الآلية القانونية المأمولة لتنفيذ مضامين استراتيجية مكافحة الفساد ولن تتمكن من مواجهة استشراءالحالات الواقعية للإثراء غير المشروع ، ولعل الأسباب تتلخص في حصر المعنيين بجريمة الاثراء غير المشروع في الملزمين بتقديم التصريح الإجباري بالممتلكات فقط ،وان هذا التصريح هو وحده المعتبر مصدرا حصريا لمعرفة الزيادة ، دون الخوض في مستندات اخرى والاستعانة بمؤسسات رسمية ، ناهيك عن التقزيم البين والحد من سلطات و دور النيابة العامة باعتبار المجلس الاعلى للحسابات هو الجهة الوحيدة المخول لها حصريا اجراء التحقيقات لرصد تطور الثروة ، الاكثر من ذلك فان حصر سريان المراقبة بعد انتهاء المهام الوظيفية فقط وعدم تحريك المتابعة في إبانها ، يجعل مسألة الافلات من العقاب هي السائدة ، ويبتعد عن الحلقة الاساسية المتطلبة لاستكمال منظومة مكافحة الفساد المالي وتأمين عدم الافلات من العقاب ، اذ كان المفروض ان يكون آلية رقابة حقيقية على ممارسات المس بالمال العام مصدر الاثراء، يكمل دور المؤسسات القانونية المختصة في مجال مكافحة الفساد ، ويمكن من اكتشاف الجريمة في اية مرحلة قبلية او بعدية وحرمان ناهبي المال العام من الاستمتاع بمنتوج الجريمةوعائداتها ،وتمكين الدولة من استرجاع ما تمت مراكمته بصفة غير مشروعة .

مقال قد يهمك :   وإذا المدرسة الإدارية سئلت بأي ذنب قتلت؟

للاشارة فقد اشار السيد الوزير اثناء تقديم مؤيدات تجريم فعل الاثراء غير المشروع خلال الولاية السابقة سنة 2016 في اشارة الى عدم اقتصاره على فئة دون اخرى الى ما يلي : ” يصبح التجريم ضرورة في حق كل سلوك يحدث اضطرابا في المجتمع من خلال المس بضوابطه وقيمه وهو ما تحقق في فعل الاثراء غير المشروع الذي مس بالمال العام وخلق تفاوتا طبقيا بدون وجه مشروع مما كان معه لزاما ان يتدخل القانون الجنائي كردة فعل شرعية ضد الجريمة ” .

لذلك فان اقتصار النص على الملزمين بالتصريح بالممتلكات سيجعل شرائح من الموظفين والمسؤولين غير معنيين بالملاحقة ، على اعتبار ان هذا التصريح لا يفي بالغرض وهناك اليات رقابة ومؤسسات من شأنها الكشف عن زيادة الثروة بدون مبرر مشروع ، علما ان من سيصرح بممتلكاته سوف يتخذ الحيطة والحذر لعدم تجاوز ما صرح به من أموال وعائدات، لانه يعلم مسبقا ان التصريح وحده هو السند الوحيد الذي يستدعي التجريم في حالة تجاوز ما تم التصريح به من مصادر الدخل المشروع والعجز عن الادلاء بما يثبت المصدرالمشروع لتلك الزيادة ، كما ان اعتبار نهاية الوظيفة او المهام شرطا للمراقبة وارجاءهذه المراقبة الى ما بعد انتهاء المهام سيجعل المسؤولين المتورطين في مأمن من الملاحقة طيلة سنوات الوظيفة والمسؤولية والتي قد تستمر طيلة عقود واحيانا مدى الحياة ، والسؤال المطروح هل سيعتبر القانون الجنائي ردة فعل شرعية لمواجهة استشراء الفساد المالي ؟

علما ان ما قد يثار بخصوص قرينة البراءة من خلال قلب عبء الاثبات الذي يقع على عاتق الادعاء فإن ا الزيادة الفاحشة والطارئة في الثروة وعدم ملاءمتها وتناسبها مع الدخل الشهري بناء على معطيات تتوفر عليها سلطة الادعاء، بامكان المتهم ان يثبت مشروعية مصدر امواله المتأتية من الارث او الزواج بميسور او اي مصدر اخر يشرعن هذه الزيادة الطارئة، وفي هذا الصدد فقد عللت المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان ما ذهبت اليه من كون القرائن الموجودة في القوانين الزجرية لا تتعارض مع قرينة البراءة ما دامت في حدود معقولة وتتناسب مع خطورة الفعل مع ضمان حقوق الدفاع ، لذلك وما دام الفوران الشعبي ينحو منحى عدم الافلات من العقاب ومحاربة التفاوت الطبقي المبني على نهب المال العام والاغتناء الفاحش دون مبرر مشروع مع استشراء حالات ملموسة للإثراء غير المشروع واستفحالها، وان تجريم هذه الافعال يجد سنده في ملاءمة المغرب لقوانينه مع المواثيق الدولية خاصة الاتفاقية الأممية لمحاربة الفساد وكذا مطابقتها لدستور 2011في ، فلماذا لا يكون هذا المقتضى وسيلة للردع والوقاية ويتسلح المشرع بارادة وعزم لإخراج النص من مفهوم التأثيث وتنميق الترسانة التشريعية الى آلية فعالة تواكب توجهات التشريعات المقارنة وتنفذ مضامين استراتيجية مكافحة الفساد بصفة فعلية وفعالة .

مقال قد يهمك :   شكوك حول نتائج مباراة المنتدبين القضائيين تسائل وزير العدل

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)