قراءة في مشروع قانون 19.20 المغير و المتمم لقانون 17.95 و قانون 5.96 المتعلقة بالشركات التجارية

8 مايو 2021 - 1:02 ص المنبر القانوني , في الواجهة
  • حجم الخط A+A-

أمرنيس محمد باحث في سلك الدكتوراه

مقدمة:

تعتبر الشركات التجارية من الأعمدة الأساسية الناجعة التي بني عليها التقدم الصناعي و التجاري، فهي أداة من أجل تعبئة الادخار و جلب المستثمرين الأجانب و طريقة مثلى من أجل ممارسة المشاريع الاقتصادية الكبرى.

و اعتبار لهذه الأدوار حظيت الشركات التجارية باهتمام كبير من السلطات التشريعية و رجال القانون من أجل ضمان حسن تسييرها و إدارتها، و عليه فقد عمل المشرع المغربي كغيره من التشريعات المقارنة على و ضع ترسانة قانونية  قوية و مواكبة للتحولات المستجدة.

و هكذا صدرت مجموعة من القوانين تهدف في مجملها إلى الارتقاء بالشركات التجارية لمستوى أعلى مما هي عليه، فصدر قانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة و كذلك قانون رقم 5.96 المتعلق بباقي الشركات، غير أنه و في إطار تحديث قوانين الشركات بما يتلاءم و مناخ الأعمال و في إطار اللحاق بالتصنيف الدولي لمؤشر Doin Busines، شهدت الساحة التشريعية مؤخرا تغييرات و تعديلات على  القوانين السالفة الذكر، إذ ثم تغيير و تتميم قانون شركات المساهمة بموجب القانون رقم 20.5  و قانون رقم  87.12 و وكذلك قانون رقم 20.19، وقد تم تغيير و تتميم قانون باقي الشركات كذلك بموجب قانون رقم 21.05 و قانون رقم 24.10 و قانون رقم 21.19.

و في إطار هذه التعديلات عرفت الساحة التشريعية مؤخرا، صدور مشروع قانون رقم 19.20 المغير و المتمم لقانون شركات المساهمة و قانون باقي الشركات على حد سواء.

 ومن هنا يمكن طرح الإشكالية التالية:

 ما هي أبرز المستجدات التشريعية التي أتى بها قانون رقم 19.20 و ما مدى نجاعتها في تحقيق الأهداف المرجوة من الشركات التجارية؟

و تتفرع عن هذه الإشكالية إشكاليتين فرعيتين:

  • ماهي أبرز المستجدات التشريعية التي أتى بها  هذا المشروع من أجل حوكمة الشركات التجارية؟
  • كيف عمل المشرع من خلال هذا المشروع على تنظيم شركة الأسهم المبسطة كمستجد جديد؟

و للإجابة على هذه الإشكاليات تنقسم موضوعنا هذا إلى محورين:

  • المحور الأول: تعزيز حكامة الشركات التجارية
  •  المحور الثاني: إحداث شكل جديد من الشركات ” شركة الأسهم المبسطة “

المحور الأول: تعزيز حكامة الشركات التجارية

من خلال هذا المحور سنعمل على إبراز أهم المستجدات التشريعية التي أتى بها مشروع قانون رقم 19.20 من أجل حوكمة الشركات التجارية.

أولا: ضمان تمثيلية متوازنة للنساء و الرجال في أجهزة شركة المساهمة

إن المساواة بين الرجل و المرأة و تمكين المرأة اقتصاديا تعد من العوامل الهامة لتحقيق النمو الاقتصادي و التنمية المستدامة. و هذا ما ذهب إليه  المشرع المغربي من خلال الفصل 19 من الدستور، إذ نص على مبدأ تحقيق المساواة بين الجنسين.[1]

و قد عمل المشرع على تعزيز هذا المبدأ من خلال اشراك المرأة في مجلس الإدارة أو الرقابة من خلال مشروع قانون رقم 19.20

مقال قد يهمك :   تقريب القضاء من المواطن بالاستعداد لإحداث 13 مركزا قضائيا

و بهذا نجد أن المشرع نص من خلا المادة 39 من هذا المشروع على ضمان تمثيلية متوازنة بين الرجال و النساء في مجلس الإدارة، و هو نفس المقتضى نص عليه في المادة 83 فيما يخص مجلس الرقابة.

أما فيما يخص تركيبة مجلس مجلس الإدارة أو مجلس الرقابة في شركات المساهمة  التي تدعو الجمهور إلى الاكتتاب، فإنه لا يمكن أن تقل نسبة أعضاء مجلس الإدارة أو مجلس الرقابة من كل جنس عن  40في المئة. و في حالة  عدم تجاوز عدد أعضاء مجلس الإدارة أو الرقابة ثمانية أعضاء، فإنه لا يمكن أن يكون الفارق بين عدد الأعضاء من الجنسين أكثر من اثنين. و يعتبر باطلا كل تعيين يتم خرقا للفقرتين الأولى و الثانية أعلاه و لا يكون الغرض منه تدارك العيب.[2]

و يجب على مجلس الإدارة أو الرقابة القيام في هذه الحالة بتعيينات مؤقتة قصد تصحيح الاختلال داخل أجل ثلاثة أشهر ابتداء من يوم حدوث الشغور.[3]

ثانيا: تحسين القدرة التمويلية لشركات المساهمة

و ذلك من خلال تيسير الولوج إلى سندات القرض، و يهدف هذا المقتضى إلى إنعاش النشاط الاقتصادي و توسيع إمكانية إصدار شركات المساهمة اقتراضات سندية لتلبية احتياجاتها التمويلية و إضفاء المزيد من الوضوح على كيفيات ضمانها، وكذا تعزيز دور ممثل كتلة حاملي السندات و توضيح معايير تعيينه.[4]

و عليه و بالرجوع إلى المادة 293 من المشروع نجد أنها تنص على أنه يمكن للشركات التي لم تمض على إنشائها سنتان، إصدار سندات قرض[5].

و من أجل إصدار هذه السندات لا بد من شروط أساسية تتمثل أساسا في:

  • تحرير رأسمال الشركة بالكامل
  • أن يكون الإصدار قد سبقه التحقق من أصول و خصوم الشركة من طرف مراقب الحسابات
  • أن ينجو توظيف الإصدار حصرا لدى المستثمرين المؤهلين كما ثم تعريفهم في التشريع و التنظيم الجاري به العمل[6].

ثالثا: توسيع مجال تطبيق المقتضيات التي تسمح بعقد اجتماعات أجهزة إدارة شركة المساهمة.

و ذلك من خلال وسائل الاتصال بالصوت و الصورة ليشمل جميع القرارات التي تتخذها الأجهزة.

و هو ما نصت عليه المادة 111 من مشروع قانون 19.20 إذ جاء فيها ما يلي” تتخذ الجمعية العامة العادية كل القرارات التي لم تتم الإشارة إليها في المادة السابقة.

و لا تكون مداولات الجمعية صحيحة في الدعوة الأولى لانعقادها إلا إذا كان المساهمون الحاضرون أو الممثلون يملكون ما لا يقل عن ربع الأسهم المالكة لحق التصويت. أما في الدعوة الثانية لانعقادها فلا يفرض بلوغ أي نصاب.

تبت الجمعية العامة العادية بأغلبية الأصوات التي يملكها المساهمون الحاضرون أو الممثلون.

يمكن أن ينص النظام الأساسي على انه  يعتبر في حكم الحاضرين لأجل احتساب النصاب و الأغلبية المساهمون الذين يشاركون في الجمعية بوسائل الاتصال عبر الصوت و الصورة أو بوسائل مماثلة تمكن من التعريف بهم و التي حددت شروطها في المادة 50 المكررة  أعلاه.

مقال قد يهمك :   شيخ الأزهر: ينبغي تدارس فتوى ابن عرضون المغربي حول حق الكدّ والسعاية واعتمادها بمصر

لا يطبق كل مقتضى مخالف لمقتضيات الفقرة الرابعة أعلاه، عندما تفرض ذلك ظروف استثنائية  يتم الإعلان عنها من قبل السلطات العمومية طبقا للنصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل.”

كما نصت المادة 131 المكررة على انه” يمكن أن ينص النظام الأساسي على أن لكل مساهم إمكانية التصويت بالمراسلة بواسطة استمارة. و لا يعتد بالاستمارات التي تحدد أي اتجاه للتصويت أو التي تعبر عن الامتناع من التصويت في حساب أغلبية الأصوات.

بالرغم من كل شرط مخالف لمقتضيات الفقرة الأولى أعلاه وارج في النظام الأساسي، يجوز لكل مساهم التصويت بالمراسلة بواسطة استمارة، عندما تفرض ذلك ظروف استثنائية يتم الإعلان عنها من قبل السلطات العمومية طبقا للنصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل.”

بالإضافة إلى ما سبق نجد أن المشرع المغربي من خلال مشروع قانون 19.20 عمل على سن نظام تناوب خاص بمراقب الحسابات، و ذلك من خلال تمديد مدة انتداب مراقبي الحسابات في شركات المساهمة التي تدعو الجمهور إلى الاكتتاب لمدة لا تتجاوز 12 سنة، مع تحديد مدة الشغور في 4 سوات تلي انتهاء مدة انتدابهم[7].

المحور الثاني: إحداث شكل جديد من الشركات ” شركة الأسهم المبسطة ”

سنعمل من خلال هذا المحور على الحديث عن شركة الأسهم المبسطة كمستجد جديد أتى به المشرع المغربي في إطار مشروع قانون 19.20، و إبراز كيفية إدارتها و تسييرها.

أولا: خصائص شركة الأسهم المبسطة

1- شركة تجارية بالشكل .

2: كل شريك لا يكون مسؤولا عن ديون الشركة إلا بنسبة حصته من الأسهم: و هو ما عبرت عنه المادة 1-43 من مشروع قانون 19.20 بقولها” تؤسس شركة الأسهم المبسطة( ش.أ.م) بين واحد أو أكثر من الأشخاص الذين لا يتحملون أية خسارة إلا في حدود حصصهم من الأسهم”

3: قابلية الأسهم للتداول: و هو ما نصت عليه المادة 5-43 من مشروع قانون 19.20 ” …يقسم رأسمال شركة الأسهم المبسطة إلى أسهم قابلة للتداول ممثلة لحصص نقدية أو عينية”

غير أنه يمكن لشركة الأسهم المبسطة إصدار أسهم غير قابلة للتداول ممثلة لحصة صناعية.[8]

كما يمكن أن ينص النظام الأساسي على عدم قابلية الأسهم للتداول لمدة لا تتجاوز عشر سنوات، كما يمكن أن يخضع النظام الأساسي كل تفويت للأسهم إلى الترخيص المسبق للشركة.[9]

ثانيا: تأسيس شركة الأسهم المبسطة

من أجل تأسيس شركة الأسهم المبسطة لابد من احترام مجموعة من الضوابط و الإجراءات الأساسية و تتمثل أساسا في:

  • تحرير الأسهم الممثلة للحصص النقدية بما لا يقل عن ربع قيمتها الإسمية ( المادة 5-43 من مشروع قانون 19.20).
  • تحرير الأسهم الممثلة للحصص العينية كاملة عند إصدارها( المادة 5-43 من مشروع قانون 19.20).
  • التوقيع على النظام الأساسي من قبل جميع الشركاء( المادة 4- 43 من نفس المشروع)
  • القيام بإجراءات الشهر.
مقال قد يهمك :   إدريس فجر: تقوية الثقة في القضاء

ثالثا: تسيير و إدارة شركة الأسهم المبسطة

يتم تسيير شركة الأسهم المبسطة من طرف شخص واحد أو أكثر من الأشخاص الذاتيين أو الاعتباريين.[10]

و يتم تعيين رئيس الشركة وفق شروط يحددها النظام الأساسي، و هو الذي يمثل الشركة مع الأغيار.[11]

ويتمتع الرئيس بأوسع السلط و في جميع الظروف للتصرف باسم الشركة في حدود غرضها. و تلتزم الشركة في علاقتها مع الأغيار بتصرفات الرئيس و لو لم تكن لها صلة بغرض الشركة، إلا إذا أقامت الدليل على أن الأغيار كانوا على علم بتجاوز التصرف لهذا الغرض أو لم يكونوا ليجهلوه باعتبار الظروف المحيطة بالتصرف . و لا يعتبر مجرد نشر النظام الأساسي كافيا لإقامة هذا الدليل.[12]

و لا يمكن الاحتجاج ضد الأغيار بمقتضيات النظام الأساسي التي تحد من سلطات الرئيس. و يتم تحديد سلط الرئيس و سلط باقي المسيرين فيما يخص علاقاتهم بالغيار في النظام الأساسي.[13]

خاتمة:

ختاما يمكن القول على أن المشرع بتدخله هذا قد ساير نهج التشريعات المقارنة، و ذلك من خلال تقوية أسس و قواعد تنظيم شركات المساهمة، و مواكبته للتحولات المستجدة خصوصا تلك المتعلقة بجائحة كورنا و ما أفرزته من تداعيات سلبية، إذ عمل على ضبط كيفية عمل شركات المساهمة خلال فترة الطوارئ، و كذلك خلق نوع جديد من شركات الأسهم و الذي بطبيعة الحال سيكون لها أثر بارز داخل التراب الوطني.


الهوامش:

[1] – راجع الفصل 19 من الدستور

[2] – المادة 1-105 من مشروع قانون 19.20

[3] – المادة 3-105 من مشروع قانون 19.20

[4] – مشروع قانون 19.20

[5]– و المقصود بسندات القرض حسب المادة 292 من قانون 17.95 تلك السندات القابلة للتداول، و تمنح برسم نفس الإصدار نفس حقوق الدين عن نفس القيمة الإسمية.

[6] – المادة 293 من مشروع قانون 19.20

[7] – المادة 163 من مشروع قانون 19.20

[8] – المادة 5-43 من مشروع قانون 19.20

[9] – المادة  6- 43 من مشروع قانون 20.19

[10] – المادة 7-43 من مشروع قانون 19.20

[11] – لفقرة الأولى من المادة 8-43 من مشروع قانون 19.20

[12] – الفقرة الثانية من  من المادة 8-43 من مشروع قانون 19.20

[13] – الفقرة الثالثة و الرابعة من المادة 8-43 م مشروع قانون 19.20

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)