ندوة وطنية: “واقع السياسة الجنائية بالمغرب..الواقع والآفاق”

الدكتور إدريس الفاخوري : السفر بالمحضون أية حماية؟ -الجزء الأول-

محمد الهيني : استقلال النيابة العامة..ماذا بعد؟

8 أكتوبر 2017 - 2:48 م في الواجهة , وجهة نظر
  • حجم الخط A+A-

*رئيس المركز الدولي عدالة للاستشارات القانونية والتحكيم.

إن تسلم الوكيل العام للملك بمحكمة النقض لرئاسة النيابة العامة يوم السبت 7 أكتوبر 2017 يعتبر يوما تاريخيا ليس في تاريخ السلطة القضائية فحسب، بل في تاريخ المغرب ككل.

إنه يوم طال انتظاره لأن السلطة القضائية باتت موحدة بعدما كانت سابقا مقسمة بين النيابة العامة التي كانت تتبع السياسي وزير العدل، وبين القضاء الذي كان لا سلطة للوزير عليه، على الأقل على مستوى إصدار الأحكام بعد تأسيس هذه السلطة وفقا للدستور والقوانين التنظيمية ذات الصلة .

إن استقلال النيابة العامة يؤسس للوضوح في الاختصاصات والمسؤوليات، أي أنه ابتداء من اليوم ستتحمل هذه المؤسسة مسؤولياتها ولا سبيل لإلقاء أي مسؤولية على وزارة العدل أو أي جهة أخرى في الدولة، ربطا للمسؤولية بالمحاسبة.

على النيابة العامة، اليوم، مسؤولية جسيمة وكبرى، هي أن تؤسس لاستقلالية عملية وليس نظرية فحسب بأن تكون نيابة عامة ذات فعالية أكبر ونجاعة شفافة وقريبة من المتقاضين، وأن تكون حامية للحق والقانون وراعية للأمن القضائي .

المطلوب، اليوم، أكثر مما مضى أن تنمحي تلك الأسطورة التي علقت بالنيابة العامة كـ”غراقة” لسانها هو لسان الضحايا وليس المتهمين، لسان الإدانة وليس البراءة، لسان رفض الدفوع والطلبات والملتمسات وليس لسان الشرعية والتعاطي القانوني معها بكل بموضوعية وحرفية قانونية.

حين كنا نناضل من أجل استقلال هذه المؤسسة العتيدة لم يكن ببالنا أبدا أن الاستقلالية تعني إحلال قاض محل وزير لأننا لا نؤمن بالشكل، بل بالجوهر، أي العبرة بجوهر المؤسسة وبموضوع القرارات الصادرة عنها، وبعدالتها وحمايتها للحقوق وصونها للحريات.

وإذا كان الإجماع منعقدا حول استحقاق وجدارة الدكتور عبد النباوي بالنظر إلى كفاءته وما راكمه من تجربة نظرية وعملية بحكم تكوينه المزدوج الأكاديمي والقضائي، فإن المعول عليه هو تصريف هذه الخبرة لخدمة المؤسسة وتطويرها وعقلنة أدائها وحوكمته بشكل مؤسساتي باتجاه أن تكون مؤسسة حقوقية بامتياز، ومدرسة للدفاع عن الحقوق والحريات بالنسبة إلى جميع أطراف الدعوى العمومية، ومناهضة الخروقات، والتصدي للإجرام بمختلف أنواعه، العادي أو الاقتصادي والمالي، بغرض حماية المصالح العامة للدولة وحقوق وحريات المتقاضين، وتفعيل استقلالية النيابة العامة وضمان حكامة في تسييرها وشفافية أعمالها.

مقال قد يهمك :   قانون الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ينتظر التفعيل

ولتحقيق هذا الهدف يتعين مأسسة رئاسة النيابة العامة بإحداث مجلس للوكلاء العامين للملك يضم جميع الوكلاء العامين للملك بمحاكم الاستئناف، وأن يعمل هذا المجلس تحت إشراف ورئاسة الوكيل العام للملك بمحكمة النقض، ويخول له مساعدة رئيس النيابة العامة في تنظيم ووضع مخططات استراتيجية لأعماله واقتراح المشاريع والمقررات المرتبطة بمهامه، كما يحق له البت في التظلمات المرفوعة بشأن عمل النيابات العامة بالمغرب ومراجعتها باعتبار أن المشرع لم ينظم طرق الطعن في أعمالها .

ولا تفوتني الإشارة إلى ضرورة منح رئيس النيابة العامة اختصاصات في مجال التعاون الدولي في المجال الجنائي بحكم تخصصه في المجال، ومنحه صلاحية توقيع الاتفاقيات ذات الصلة بالموضوع.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)