3 أسئلة راهنة مع الدكتور محمد براو حول المادة 9 من مشروع قانون المالية لسنة 2020

إدلاء القاضي برأيه في مسألة ذات بعد سياسي معروضة عليه أمر لا يتعارض مع واجب التحفظ والحياد

محمد اهتوت: مسطرة الأمر بالأداء في القانون المغربي

7 نوفمبر 2019 - 9:40 م مقالات , القانون الخاص , في الواجهة , مقالات
  • حجم الخط A+A-

محمد أهتوت باحث في القانون الخاص 

مقدمة

أصبحت الدعوى الوسيلة الأساسية للحصول على الحماية القضائية وتحريك الجهاز القضائي التي تستأثر الدولة بتنظيمها وممارستها، بعدما كانت القوة قديما هي وسيلة الحصول على العدالة الخاصة، بعدما ظهرت فيما بعد وسائل أخرى لحماية الحقوق كالصلح والتحكيم.

ومن أجل بلوغ الحماية القضائية المنشودة، لا بد من اتباع إجراءات أولية في مقدمتها تحريك الدعوى التي نظمها المشرع المغربي بشروط قانونية تطلبها لممارستها، كما عمل على تحديد صورها وأنواعها.

إلا ان هذه الإجراءات تتسم في كثير من الحالات بالبطء وطول الآجال والتعقيد مما سيجعل المطالب بالحق يتخبط في جملة من المساطر القانونية والقضائية قد تدفعه إلى عدم الاستمرار في المطالبة بحقه، أو قد تفوت عليه فرصة الاستفادة من هذا الحق الذي يطالب به بالنظر للأسباب التي ذكرتها.

لهذه الغاية، وحرصا من المشرع المغربي على تمكين كافة الأفراد من حقوقهم والمطالبة بها واستيفائها، عمد إلى خلق مساطر خاصة من شأنها تسريع وتيرة الإجراءات أو على الأقل توقيف الحقوق إلى غاية فصل القضاء في النازلة.

لأجل هذا، خلق المشرع المغربي مسطرة الأمر بالأداء والتي نظمها في الباب الثالث من القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية من المواد 155 إلى 165 منه، وقد تم تعديل هذه المسطرة بموجب القانون 1-13[1].

وتعتبر هذه المسطرة صورة من صور المطالبة القضائية، بحيث ترفع أمام رئيس المحكمة الابتدائية في إطار الأوامر المبنية على طلب، وذلك بغرض استيفاء الديون الثابتة كتابة متى تبين ألا حاجة للمطالبة بها من خلال اللجوء إلى إجراءات التقاضي العادية لما فيها من تعقيد وبطء وكثرة في المصاريف، وذلك كله لتحقيق مصالح الدائنين ذوي الديون الثابتة على الغير.

فما هي شروط مسطرة الأمر بالأداء؟ ومن هي الجهة المختصة بالبت فيها؟ وهل يمكن الطعن في هذه المسطرة؟ وكيف تتم عملية تنفيذها؟

في محاولة لرصد مختلف الجوانب المتعلقة بمسطرة الأمر بالأداء في انسجام تام مع التساؤلات المطروحة أعلاه، سأعمد على اعتماد مقاربة منهجية قائمة على خطة التقسيم الثنائي، وفق الشكل التالي:

  • المطلب الأول: شروط مسطرة الأمر بالأداء والجهة المختصة بالبت فيها.
  • المطلب الثاني: الطعن في أوامر وتنفيذها.

المطلب الأول: شروط مسطرة الأمر بالأداء والجهة المختصة بالبت فيها.

تطلب المشرع المغربي لاستصدار أمر بالأداء ضرورة توفر مجموعة من الشروط المنصوص عليها قانونا في قانون المسطرة المدنية، كما استلزم وجوب رفع هذه المسطرة أمام الجهة المختصة قانونا للنظر في هذه المطالبة.

على هذا الأساس، سأعمد إلى تقسيم هذا المطلب لفقرتين، حيث سأخصص الفقرة الأولى للحديث عن شروط مسطرة الأمر بالأداء، وأتطرق في الفقرة الثانية للحديث عن الجهة المختصة للبت فيها.

الفقرة الأولى: شروط مسطرة الأمر بالأداء

تنقسم هذه الشروط إلى نوعين، فهي شروط شكلية (أولا)، وأخرى موضوعية (ثانيا).

أولا: الشروط الشكلية

ينص الفصل 156 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي:

“يجب أن يتضمن المقال الاسم العائلي والشخصي ومهنة وموطن أو محل إقامة الأطراف، وإذا كان أحد الأطراف شركة وجب أن يتضمن المقال اسمها ونوعها ومركزها مع البيان الدقيق للمبلغ المطلوب وموجب الطلب.

يجب أن يعزز هذا المقال بأصل السند الذي يثبت أساس الدين وصورة أو صور طبق الأصل عنه بعدد المدينين”.

وباستقراء أحكام الفصل 156 المومأ إليه أعلاه، يتبين أنه يجب على طالب الأمر بالأداء أن يتقيد بالشرط الشكلية التالية:

  1. أن يكون طلب الأمر بالأداء مكتوبا ومستوفيا لشروط تقديم المقالات، مع ضرورة بيان أسماء الأطراف، المبلغ المطلوب، وموجب الطلب؛
  2. إرفاق الطلب بالسند الأصلي المثبت لصحة الدين، وصور طبق الأصل عنه بعدد المدينين؛

وبالتالي، فإن عدم توفر هذه الشروط الشكلية التي فرضها المشرع في الفصل 156 من قانون المسطرة المدنية يجعل الطلب غير مقبول، مما يعني عدم إتاحة الإمكانية القانونية للجوء على هذه المسطرة بعلة عدم استيفاء كل أو أحد هذه الشروط المنصوص عليها.

لكن المشرع المغربي لم يستلزم فقط توفر الشروط الشكلية لقبول الطلب، وإنما فرض على المطالب ضرورة تعيين وتحديد الشروط الموضوعية تحت طائلة رفض الطلب، وهذا ما سأتناوله أسفله.

ثانيا: الشروط الموضوعية

جاء في الفصل 155 من قانون المسطرة المدنية بأنه:

“يمكن إجراء مسطرة الأمر بالأداء في كل طلب تأدية مبلغ مالي يتجاوز خمسة آلاف درهم مستحق بموجب ورقة تجارية أو سند رسمي أو اعتراف بدين”.

كما نص الفصل 157 من نفس القانون على أنه:

“لا يقبل الطلب إذا كان من الواجب تبليغه بالخارج أو إذا لم يكن للمدين موطن معروف بتراب المملكة”.

وبناء على الفصلين المشار إليهما أعلاه، فإنه يمكن تحديد وحصر شروط مسطرة الأمر بالأداء فيما يلي:

  • أن يتعلق الأمر بمبلغ مالي:
مقال قد يهمك :   محكمة الإحالة-إعادة مناقشتها للقضية من جديد والتقيد بالنقطة القانونية

إننا لا نكون أمام مسطرة الأمر بالأداء إذا تقدم الطالب على الجهة المختصة بطلب يرمي من خلاله الوفاء بالتزام من طرف الملتزم لا يكتسي صبغة مالية، وإنما يتعين وجوبا أن يكون سند الطلب أو مضمونه هو الالتزام من طرف الملتزم بأداء مبلغ مالي.

  • أن يتجاوز المبلغ المطلوب تأديته خمسة آلاف درهم:

لم يكتفي المشرع المغربي بموجب الفصل 155 من قانون المسطرة المدنية بالتنصيص على ضرورة أن يكون الوفاء مكتسبا لصبغة مالية أو بعبارة أخرى متضمنا لمبلغ مالي، وإنما عمد على تحديد هذا المبلغ المالي بمقدار يتجاوز خمسة آلاف درهم، وأي مبلغ لا يتعدى هذا القدر فإنه لن يكون موضوع مطالبة بمسطرة الأمر بالأداء.

  • أن يكون مبلغ الدين المطالب به مكتوبا:

يتعين لاتباع مسطرة الأمر بالأداء أن يكون المبلغ المالي المحدد في خمسة آلاف درهم وأكثر والذي يطالب به الدائن مكتوبا، أو بصيغة الفصل 155 من قانون المسطرة المدنية أن يستحق بموجب ورقة تجارية أو سند رسمي أو اعتراف بدين.

وعليه، فإنه لا يمكن اللجوء لهذه المسطرة إلا إذا كان الدين ثابتا بالكتابة في سند رسمي أو ورقة تجارية موقع عليها من طرف المدين قاطعا بذلك في دلالته على مديونيته.

  • أن يكون موطن المدين معروفا بالمغرب:

بالرجوع لمقتضيات الفصل 157 من قانون المسطرة المدنية، يتبين أنه لا يقبل إذن طلب الأمر بالأداء إذا كان المدين قاطنا خارج تراب المملكة أو مجهول العنوان بالمغرب، لأن عملية تبليغه قد تعترضها إكراهات وصعوبات تحول دون التبليغ، وقد تتطلب وقتا طويلا مما يتعارض مع غاية مسطرة الأمر بالأداء والمتمثلة بالأساس في تسريع وتيرة الإجراءات وليس تطويلها وتعقيدها.

كما يستفاد أيضا من الفصل المومأ إليه أنه ينبغي أن يكون المدين متوفرا على موطن معروف بالمغرب، وإذا تعلق الأمر بأجنبي مدين، فإنه يمكن اختيار موطن وكيله بالمغرب للتبليغ.

هذه باختصار الشروط الشكلية والموضوعية التي استلزمها المشرع المغربي في مسطرة الأمر بالأداء، لكن هذه الشروط غير كافية لقبول المسطرة، وإنما يتعين التقيد بالاختصاص بالبت فيها أو بعبارة أخرى رفع المطالبة بأداء الدين أمام الجهة المختصة قانونا للبت فيها، وهذا ما سأتطرق له في الفقرة الثانية أسفله.

الفقرة الثانية: الجهة المختصة بإصدار الأمر بالأداء

طبقا لمقتضيات الفصل 156 من قانون المسطرة المدنية، فإن الجهة المختصة للبت في أوامر الأداء هي رئيس المحكمة الابتدائية، حيث جاء فيه:

“يختص رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه بالبت في مقالات الأمر بالأداء.

إذا ظهر لرئيس المحكمة أن الدين ثابت ومستحق الأداء إما جزئيا أو كليا أصدر أمرا بقبول الطلب قاضيا على المدين بأداء أصل الدين والمصاريف والفوائد عند الاقتضاء”.

وبالنظر لكثرة انشغالات وتعدد مهام رئيس المحكمة الابتدائية، بحيث يتعذر عليه من الناحية العملية مباشرة كل المهام التي عهد بها المشرع إليه، ومراعاة لمصلحة الأطراف أجاز المشرع إمكانية تفويض رؤساء المحاكم النظر في مقالات الأمر بالأداء إذا كان هناك مانع حال دون بت الرؤساء فيها.

المطلب الثاني: الطعن في أوامر الأداء وتنفيذها

بعد استيفاء الشروط الشكلية والموضوعية التي استلزمها المشرع المغربي في قانون المسطرة المدنية لرفع مسطرة الأمر بالأداء، وبعد تقديم الطلب الرامي للأداء من طرف الدائن على الجهة القضائية المختصة المتمثلة كما رأينا في رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه في إطار تفويض الاختصاص للنظر في الطلبات المتعلقة بالأداء للقضاة، فإن المدين لن يكون أمامه في هذه الحالة سوى الأداء المستحق للمبلغ المالي والمصاريف القضائية، أو اللجوء إلى الطعن في الطلب، فالحالة الأولى لا تثير أية إشكال لأن أداء الدين من لدن المدين سيوقف المطالبة وينهيها، لكن الحالة الثانية باختيار الطعن قد تطيل أمد هذه المسطرة، لذلك سأقف عند هذه الحالة الثانية في الفقرة الأولى، وأتحدث عن التنفيذ في الفقرة الثانية.

الفقرة الأولى: الطعن في أوامر الأداء

بعد أن يتخذ رئيس المحكمة الابتدائية قراره بقبول طلب الأمر بالأداء، يتم تبليغ نسخة طبق الأصل من هذا الأخير مرفقة بنسخة من الطلب وصورة من سند الدين المدعى به إلى المدعى عليه –المدين-ليؤدي ما عليه فورا لأن الأمر قابل للتنفيذ بمجرد صدوره طبقا لمقتضيات الفصل 160 من قانون المسطرة المدنية.

وحسب مقتضيات الفصل 161 من نفس القانون فيجب أن تتضمن وثيقة تبليغ الأمر بالأداء تحت طائلة البطلان، إعذار المحكوم عليه بأداء ما عليه من أصل الدين والمصاريف والفوائد عند الضرورة، وبإمكانية تعرضه على الأمر داخل أجل 15 يوما من تاريخ التبليغ، مع إشعاره بأن عدم ممارسة التعرض داخل الأجل المذكور يفضي إلى سقوط حقه في ممارسة أية طعن طبقا لمقتضيات الفصل 161 من قانون المسطرة المدنية.

مقال قد يهمك :   جرائم الجمعيات العامة للشركات التجارية في التشريع المغربي

وبالتالي، فللمدعي عليه إمكانية الطعن في الأمر بالأداء من خلال التعرض، داخل اجل 15 يوما من تاريخ التبليغ، وإن كان آخر يوم من هذه الأيام يوم عطلة أمكن تمديد الأجل لليوم الموالي للعمل طبقا لما نص عليه الفصل 512 من قانون المسطرة المدنية، والذي جاء فيه:

“تكون جميع الآجال المنصوص عليها في هذا القانون كاملة، فلا يحتسب اليوم الذي يتم فيه تسليم الاستدعاء أو التبليغ أو الإنذار أو أي إجراء آخر للشخص نفسه أو لموطنه ولا اليوم الأخير الذي تنتهي فيه إذا كان اليوم الأخير يوم عطلة امتد الأجل إلى أول يوم عمل بعده”.

جدير بالذكر، أن التعديل الذي أدخله المشرع المغربي على مقتضيات الفصل 19 من قانون المسطرة المدنية بموجب القانون 35-10 وضع حدا للنقاش الذي ثار سابقا حول قابلية أوامر الأداء للطعن بالاستئناف، ذلك أن الاستئناف لم يعد له محل كآلية طعن يمارس ضد الأمر بالأداء الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه في هذا الصدد، فبموجب التعديل المذكور بات السبيل الأوحد والوحيد للطعن في الأمر بالأداء هو التعرض فقط لا غير.

لكن مع كل ذلك، فإن المشرع المغربي لم يكن صارما في استبعاد الاستئناف الذي كان السبيل الذي عبره يطعن في أوامر الأداء سابقا، حيث سمح بممارسة الاستئناف في مواجهة الحكم الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بتأييد الأمر بالأداء الصادر عن الرئيس داخل أجل 15 يوما من تاريخ تبليغ الحكم.

هذا، ويتعين أن يقدم التعرض بمقال مكتوب أمام المحكمة التي صدر عنها الأمر بالأداء، وكما هو بين فالتعرض لا يمارس بواسطة المسطرة الشفوية وإنما لا بد من سلوك المسطرة الكتابية، سيرا على المبدأ العام المنصوص عليه في الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية، ويجوز للمحكمة المعروض عليها التعرض إيقاف تنفيذ الأمر بصورة جزئية أو كلية لكن بناء على طلب المدين طبقا لمقتضيات الفقرة الثالثة والرابعة والخامسة من الفصل 147 من قانون المسطرة المدنية، وهذا ما يفيد أن المحكمة لا تملك الحق في إيقاف الأمر بصورة تلقائية وإنما لا بد من طلب من المعني بالأمر لهذه الغاية.

نفس الشيء بالنسبة لمحكمة الاستئناف، التي تنظر في استئناف الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بخصوص التعرض، إذ يجوز لها أن تعمد إلى إيقاف تنفيذ الأمر بالأداء جزئيا أو كليا لكن بعد أن يطلب المعني بالأمر ذلك وفقا لأحكام الفصل 163 و164 من قانون المسطرة المدنية، ويتعين على المحكمة المصدرة لحكم وقف التنفيذ تعليل حكمها أو قرارها بحسب المحكمة.

وقد حدد المشرع المغربي في الفقرة الأخيرة من الفصل 164 من قانون المسطرة المدنية أجل ثلاثة أشهر كحد أقصى للبت في التعرض أو الاستئناف المقدمين في إطار مسطرة الأمر بالأداء، ومتى تبين للمحكمة أن الغاية من التعرض أو الاستئناف هي التسويف والمماطلة قضت على المعني بالأمر بغرامة لا تقل عن 5 بالمائة ولا تتعدى 15 بالمائة من مبلغ الدين تؤدى لمصالح خزينة الدولة حسب مقتضيات الفصل 165 من قانون المسطرة المدنية.

الفقرة الثانية: تنفيذ الأمر بالأداء

بالوقوف على مقتضيات الفصل 160 و162 من قانون المسطرة المدنية يتضح بأن الأمر بالأداء يكون قابلا للتنفيذ بمجرد صدوره، وأنه لا يطعن فيه سوى بالتعرض، فالمشرع كان ينص سابقا على التنفيذ المعجل بالنسبة للأمر بالأداء الذي لم يطعن فيه صاحبه داخل أجل ثمانية أيام وكما هو معلوم فعبارة التنفيذ المعجل غير سليمة، لأن الأمر يتعلق فقط بقابلية الأمر للتنفيذ ذاته، ولا حاجة لإضفاء الطابع المعجل عليه لأن هذا الأخير لا يكون سوى في الأحكام والأوامر التي لا تزال قابلة للطعن أو التي وقع  فيها بالفعل ومع ذلك تم البدء في تنفيذها.

بالإضافة لذلك، فقد كان يحدد في السابق أجل تنفيذ الأمر بالأداء في 6 أشهر من يوم صدوره، إلا أنه بعد التعديل المذكور سابقا والذي ألغى النصوص السابقة أصبحت أوامر الأداء تسقط بمضي سنة من يوم صدورها إذا لم يتم تبليغها داخل الأجل المذكور، لكن لا ينبغي أن يفهم من أجل السنة الوارد بأنه لا يسمح بعرض النزاع أمام أنظار القضاء مطلقا، وإنما يجوز لصاحب المصلحة بعد سقوط أجل مسطرة الأمر بالأداء أن يسلك الدعوى العادية وفقا للآجال والضوابط المعول بها في هذا الصدد.

أضف إلى ذلك، يمكن لكل من محكمة التعرض ومحكمة الاستئناف إيقاف تنفيذ الأمر بالأداء إما كليا أو جزئيا لكن بعد طلب المعني بالأمر لذلك، وهذا مستجد مهم توخى منه المشرع المغربي حماية مصلحة المدين والدائن معا، خاصة وأن التوقيف الجزئي يمكن ويتيح للدائن الحصول على جزء من دينه في انتظار وترقب البت النهائي في حيثيات الأمر.

مقال قد يهمك :   مجلس النواب يصادق على قانون المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي

ولا مناص من الاعتراف بأن تنفيذ أوارم الأداء تعترضها العديد من الصعوبات، فإذا كان القليل النادر هو من يقبل الحكم عليه بالتنفيذ في إطار مسطرة الأمر بالأداء، فغالبا ما يتم الامتناع عن التنفيذ من طرف المدين، ويقصد في هذا الصدد بصعوبات التنفيذ تلك المنازعات الواقعية والقانونية التي يثيرها المحكوم عليه أو الغير بشأن تنفيذ الأحكام والسندات التنفيذية أمام قاضي الأمور المستعجلة (رئيس المحكمة) قصد اتخاذ إجراء يتميز بالطابع الوقتي ألا وهو وقف التنفيذ.

ويتعين التمييز بين صعوبات التنفيذ ذات الطابع المؤقت والتي يختص بالبت فيها رئيس المحكمة الابتدائية، وصعوبات التنفيذ الموضوعية التي يعود اختصاص النظر فيها إلى هيئة المحكمة المصدرة للحكم موضوع الصعوبة طبقا للفصل 26 من قانون المسطرة المدنية.

وقد تم تنظيم الصعوبة الوقتية في الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية، أما الصعوبات الموضوعية فمنصوص عليها في الفصل 26 من نفس القانون، ويقصد بالصعوبة الموضوعية أن تتخذ المحكمة قرارا موضوعيا يقضي بإرجاع الحكم على مرحلة ما قبل التنفيذ كما لو طعن في التبليغ أو ادعى أن شهادة التبليغ غير قانونية او نزع الصيغة التنفيذية ذاتها.

وما يهمنا في هذا الصدد، هو اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية باعتباره قاضيا للأمور المستعجلة كما نص على ذلك الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية، بمعنى أن اختصاصه يكون في مرحلة ما قبل التنفيذ بالنظر لطابعه الوقتي والمستعجل.

فحسب الفصل 149 المذكور يرجع الاختصاص في النظر في الصعوبات الوقتية لرئيس المحكمة الابتدائية إذا كان النزاع غير معروض على أنظار محكمة الاستئناف سواء عرض في الجوهر على المحكمة الابتدائية أو لا، فالرئيس هو صاحب الولاية العامة عن جاز القول في القضاء المستعجل، حيث يختص بالبت فيه ما لم يكن هناك نص ينيط الاختصاص بجهة أخرى.

وإذا كان النزاع معروضا على أنظار محكمة الاستئناف فإن الرئيس الأول هو صاحب الاختصاص، غير أن هذا الأخير لا يكون مطلقا وإنما يصر على النظر في صعوبات التنفيذ المتعلقة بالقرارات الصادرة عن الرئيس الأول دون الصعوبات التي تثار بخصوص السندات القابلة للتنفيذ أو المشمولة بالصيغة التنفيذية لان هذه الأخيرة عادة ما تعرض على أنظار رئيس المحكمة الابتدائية.

ويمكن تقديم الطلب الرامي إلى إثارة الصعوبة في التنفيذ من لدن أطراف النزاع أو من لدن عون التنفيذ أو من طرف الغير على الرغم من تعدد الآراء التي اختلفت بجواز السماح للغير الذي لم يكن طرفا في التنفيذ بإثارة الصعوبة.

فهناك توجه يذهب على عدم جواز إثارة الصعوبة في التنفيذ من قبل الغير، وإذا بادر إلى تقديم طلب بهذا الخصوص فإنه يتعين على رئيس المحكمة الرفض، وهو رأي تبنته المحاكم المغربية في فترة زمنية قبل الانتقال إلى قبول تدخل الغير في صعوبات التنفيذ، وسند هذا التوجه هو مقتضيات الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية التي حددت الجهات المخول لها إثارة الصعوبة في التنفيذ.

أما التوجه الثاني، فيذهب للقول بجواز السماح للغير بإثارة الصعوبة في التنفيذ، باعتبار أن الأصل في الأمور إباحتها وبالنظر إلى أن واجب القضاة ولو في إطار السلطة المخولة لهم تفسير النصوص إدخال حسابهم كل ما يمكن أن يؤدي إليه الحلول التي تتراءى لهم من نتائج عملية كفيلة بتحقيق العدالة.

ومن وجهة نظري الشخصية، أعتقد أن التوجه الثاني هو الجدير بالتأييد، حيث يتعين إتاحة الإمكانية أمام الغير لإُثارة الصعوبة في التنفيذ، متى ثبت للمحكمة أن إدخال الغير في المسطرة من شأنه تسريع وتيرة البت في المقال أو من شأنه أن يساعد في التثبت من صحة الدين من عدمه.

خاتمة

صفوة القول، ان المشرع المغربي كان حريصا على تمكين الدائن من الحصول على حقه في الدين وتمكينه منه في أسرع الآجال، ولم يترك له فقط اللجوء على إجراءات التقاضي العادية التي تتسم بالبطء والتعقيد، غير أن هذه المسطرة لا تستهوي الكثير من الدائنين على الرغم من التعديلات الجوهرية التي طرأت عليها مؤخرا، ومرد ذلك أن الأوامر المتعلقة بمسطرة الأمر بالأداء لا تكون مشمولة بالنفاذ المعجل بأي حال من الأحوال.


[1]– الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.41 بتاريخ 04 جمادى الأولى 1435 الموافق 06 مارس 2014، الجريدة الرسمية عدد 6240 بتاريخ 18 جمادى الأولى 1435 الموافق 20 مارس 2014، ص 3229.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)