موسى بن داود : المساطر المؤطرة لصعوبات المقاولة على ضوء القانون 73.17

مداخلة الدكتور محمد الزباخ حول دور الوكالة القضائية للمملكة-ج1-

محمد اهتوت : استقلالية القضاء و مسؤولية القضاة في الصكوك والمواثيق الدولية والإقليمية

30 أغسطس 2018 - 4:41 م المنبر القانوني , تحت الواجهة
  • حجم الخط A+A-
  • من إعداد: محمد اهتوت باحث بسلك الدكتوراه بالقانون الخاص.

 إن وجود نظام قضائي في الدولة أمر لا بد منه لحماية حقوق وحريات الأفراد والجماعات، حيث تؤدي المحاكم دورا أساسيا في حماية المتقاضين وضمان حصولهم على سبل الإنصاف والفعالية، إذ أن سيادة القانون والنظام القضائي يلعبان دورا محوريا في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، كما أكدت ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة في عديد من المرات.

وتجدر الإشارة إلى أن وجود قضاء فعال وعادل يتطلب من جهة تكريس استقلاليته، ثم من جهة ترتيب مسؤولية القضاة في حالة الإخلال بمهامهم، و منه نتساءل عن طريقة تعامل المواثيق الدولية والإقليمية مع هذا الموضوع؟

  • فكيف تتحقق استقلالية القضاء؟

إن المحاكمة العادلة تستلزم تمتيع القضاة الذين ينظرون في الدعوى بالاستقلالية، وهو ما عبرت عنه المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بضرورة وجود محكمة مستقلة ومحايدة، وهو حق مطلق غير قابل لأي استثناء.

إن الحق في محاكمة عادلة لا يقتصر على وجود قاضي مستقل ينظر في الدعوى، بل يستوجب أن تكون السلطة القضائية مستقلة عن باقي السلطات، في غير هذه الحالة تكون الدولة قد أخذت بالتزاماتها الدولية، وبالتالي فمفهوم الاستقلالية يفيد استقلالية كل من القاضي بصفته المنفردة والسلطة القضائية بصفتها الجماعية.

وفي هذا الصدد نصت المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استقلالية السلطة القضائية التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد في ميلانو عام 1985م، في المبدأ الأول منها على أنه :

“تكفل الدولة استقلال السلطة القضائية وينص عليه دستور البلد أو قوانينه، ومن واجب جميع المؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات احترام ومراعاة استقلال السلطة القضائية”.

كما أقرت مبادئ بكين” بشأن استقلالية السلطة القضائية المبدأ نفسه، وذلك بتأكيدها على أن “استقلال السلطة القضائية يتطلب بت القضاة في المسائل المعروضة عليهم وفقا لتقييم محايد للوقائع وفهم القانون، دون تأثيرات مباشرة أو غير من أي مصدر كان”.

مقال قد يهمك :   رسالة إلى  لجنة  بنموسى: من أجل أمصال قادرة على علاج الأعطاب التنموية والجروح المفتوحة على  المستقبل

“الميثاق العالمي للقضاة” بدوره في مادته الأولى أكد على أن: “استقلال القاضي مبدأ لا يتجزأ ولا غنى عنه لحياد القضاء وفق للقانون، ويتعين على كافة المؤسسات والسلطات، سواء كانت وطنية أو دولية احترام وحماية هذا الاستقلال والدفاع عنه”.

والأمر نفسه أقره مشروع الإعلان العالمي لاستقلال القضاء “إعلان سيتغفى”، وذلك بتأكيده:

“للقضاة الحرية في أداء مهامهم المتعلقة بالبت في المسائل المنظورة أمامهم دون تحيز وفقا لتقييمهم للوقائع وفهمهم للقانون دون أي قيد أو تأثير أو دوافع أو ضغوط أو تهديدات أو تدخلات مباشرة كانت أو غير مباشرة، من جهة ولأي سبب كان”.

وفي السياق نفسه أكد البند 11 من مبادئ بنغالور” لمدونة السلوك القضائي المعتمد من قبل المجموعة القضائية، وذلك في اجتماع الدائرة المستديرة لرؤساء المحاكم التي عقدت بقصر السلام في لاهاي” من نونبر 2001 بأنه:

” يمارس القاضي وظيفته باستقلال على أساس تقديره للوقائع ووفقا لما يمليه عليه ضميره وفهمه للقانون، وبدون مؤثرات خارجية أو إغراءات أو تهديدات أو ضغوطات.”

كما أكدت التوصية الصادرة عن مجلس أوروبا الصادرة من لجنة الوزراء والمقدمة الى الدول الأعضاء بشأن استقلال وكفاءة ودور القضاة على ضرورة أن تتضمن الدساتير أو التشريعات الأخرى أحكاما محددة تضمن استقلال القضاة، ويتعين على كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية التأكد من استقلال القضاء والامتناع عن كل تصرف من شأنه تهديد استقلاليتهم، وقد أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية “رينغييسيين” ضد النمسا على أنه:

“يجب على المحكمة أن تكون مستقلة عن الفروع الحكومية التنفيذية فضلا عن أطراف الدعوى”.

كما جاء في المبادئ الأساسية والتوجيهية بشأن الحق في المحاكمة العادلة والمساعدة القانونية في أفريقيا أنه يجب أن يكفل الدستور وقوانين الدولة استقلال الهيئات القضائية والمسؤولين القضائيين، ويجب على الحكومة ووكالاتها والسلطات احترام هذا الاستقلال.

مقال قد يهمك :   Le nouveau livre de Aicha Mraighina: Les Conventions internationales et le droit du Travail au Maroc

كما أكدت المادة 1-8 من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان على أن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة تتوفر فيها الضمانات الكافية وتنظر فيها محكمة مختصة ومستقلة وحيادية ومنشأة بحكم القانون خلال فترة زمنية معقولة، في إثبات أية تهمة ذات طبيعة جنائية موجهة اليه أو للبت في حقوقه والتزاماته المدنية، أو العمالية أو المالية أو ذات طابع آخر.

ونص بدوره الميثاق العربي لحقوق الإنسان” في المادة 13 منه على أن:

لكل شخص الحق في محاكمة عادلة تتوافر فيها الضمانات الكافية وتجريها محكمة مختصة ومستقلة ونزيهة ومنشأة سابقا بحكم القانون، وذلك في مواجهة أية تهمة جزائية توجه اليه أو للبت في حقوقه أو التزاماته، وتكفل كل وتتقوض العدالة وتنهار دولة طرف لغير القادرين ماليا الإعانة العدلية للدفاع عن حقوقهم”.

إن كل المواثيق الدولية والإقليمية السابقة أكدت بوضوح أن مناط المحاكمة العادلة هو وجود سلطة قضائية مستقلة، ووجوب احترام هذه الاستقلالية من كافة مؤسسات الدولة ترسيخا لمبدأ الفصل بين السلط، لأنه عندما تنعدم استقلالية القضاء تنعدم مصداقيته وتنعدم معه شرعيته.

 

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)