النقيب حسن بيرواين: النيابة القانونية الإلزامية للمحامي بين المقال والطلب

معالم المسؤولية التأديبية للمفوض القضائي من خلال قرارات محكمة النقض

مدى استلزام موافقة الأشخاص المتخلفين عن حضور عملية التحديد خلال مسطرة التحفيظ العقاري

11 يونيو 2020 - 10:15 ص المنبر القانوني , في الواجهة
  • حجم الخط A+A-

 المجاطي رضى حاصل على دبلوم الماستر بمسلك قانون العقود والعقار بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الأول وجدة

تمهيد :

تعد عملية التحديد من أهم مراحل مسطرة التحفيظ العقاري كونها تجمع بين ما هو تقني وما هو قانوني؛ فهي عملية تقنية طبوغرافية لأنها تساهم في رسم معالم العقار بشكل دقيق سواء من حيث الموقع أو المساحة أو الحدود أو المشتملات، وهي عملية  قانونية لأنها تمكن المحافظ على الأملاك العقارية من التعرف على وضعية العقار من الناحية القانونية.

واعتبارا للأهمية المذكورة لعملية التحديد نص المشرع في الفصل 19 من ظهير 12 أغسطس1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 [1] والقانون رقم 57.12 [2]على ضرورة توجيه المحافظ على الأملاك العقارية استدعاءات شخصية لمجموعة من الأشخاص إلى جانب طالب التحفيظ، وهم المجاورين المبينين في مطلب التحفيظ والمتدخلين وأصحاب الحقوق العينية والتحملات العقارية المصرح بهم بصفة قانونية، وذلك لما لحضورهم أثناء إنجاز عملية التحديد من أهمية، بحيث إنه يخول لكل من له حق عيني على العقار موضوع التحديد التصريح بحقه المثقل به العقار وإمكانية تسوية الخلافات التي تكون بين المجاورين بخصوص الحدود[3].

ونفس الإجراء مقرر في بعض المساطر الخاصة للتحفيظ كما هو الشأن بالنسبة للفصل 5 من ظهير 25 يوليوز 1969[4] المتعلق بالتحفيظ الجماعي للأملاك القروية الذي ينص على قيام المحافظ باستدعاء جميع الأشخاص المتدخلين المتعرف عليهم بصفة قانونية لحضور عملية التحديد.

وإذا كانت المقتضيات المذكورة تعتبر ضمانة قانونية بالنسبة لأصحاب الحقوق إلا أنها في نفس الوقت تشكل عرقلة حقيقية للسرعة المتطلبة في مسطرة التحفيظ العقاري بسبب الغموض الذي يكتنفها حول ما إذا كان المحافظ يقتصر فقط على توجيه استدعاءات شخصية للأشخاص المعنيين بصرف النظر عن توصلهم أو عدم توصلهم وحضورهم بعين المكان، وبالتالي عدم استلزام موافقتهم البعدية في حالة التأكد من تخلفهم عن الحضور وحول ما إذا كان هذا الإجراء الأخير  أمر  ضروري وجوهري.

والواقع العملي يؤكد على أن هذا الغموض قد تسبب في تراكم العديد من مطالب التحفيظ برفوف أرشيفات المحافظة العقارية بسبب عدم حضور الأشخاص المعنيين لعملية التحديد[5]، وتعليق البت فيها من طرف المحافظين على الأملاك العقارية على ضرورة التوصل بموافقة هؤلاء الأشخاص على عملية التحديد لاعتقادهم بإلزامية هذا الإجراء المذكور.

وهذا الوضع لا زال قائما حتى بعد حث المحافظ العام المحافظين على الأملاك العقارية على ضرورة العدول عن ذلك، مما يدفعنا إلى التساؤل عن مدى استلزام موافقة الأشخاص المتخلفين عن حضور عملية التحديد خلال مسطرة التحفيظ العقاري ؟

ومن أجل محاولة الإجابة عن التساؤل المذكور ارتأينا اعتماد التقسيم الآتي :

  • أولا : موقف المشرع من استلزام الموافقة على عملية التحديد
  • ثانيا : موقف القضاء من استلزام الموافقة على عملية التحديد
  • ثالثا : موقف فقه الإدارة من استلزام الموافقة على عملية التحديد                             

أولا : موقف المشرع من استلزام الموافقة على عملية التحديد

ألزم المشرع المغربي المحافظ على الأملاك العقارية بضرورة توجيه استدعاءات شخصية لمجموعة من الأشخاص لحضور عملية التحديد المؤقت إلى جانب طالب التحفيظ.

 وهكذا نجد الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه ينص في الفقرة الثالثة منه على أنه ” يستدعي المحافظ على الأملاك العقارية شخصيا لهذه العملية بواسطة عون من المحافظة العقارية أو بالبريد المضمون أو عن طريق السلطة المحلية أو بأي وسيلة أخرى للتبليغ:

  • 1-طالب التحفيظ ؛
  • 2-المجاورين المبينين في مطلب التحفيظ ؛
  • 3-المتدخلين وأصحاب الحقوق العينية والتحملات العقارية المصرح بهم بصفة قانونية ؛

وتتضمن هذه الاستدعاءات الدعوة لحضور عمليات التحديد شخصيا أو بواسطة نائب بوكالة صحيحة”.

وإذا أمكن التسليم بإلزامية تقيد المحافظ بتوجيه استدعاءات شخصية للمعنيين بالأمر[6] بواسطة وسائل التبليغ المقررة قانونا فهل ذلك يعني أن عدم حضورهم المادي بعين المكان أثناء التاريخ المقرر لإجراء عملية التحديد يستلزم بالضرورة الحصول على موافقتهم الصريحة تحت طائلة تعليق البت في مطلب التحفيظ بصرف النظر عن توصلهم بالاستدعاء أو عدم توصلهم به ؟

بالوقوف على مقتضيات النصوص المنظمة للاستدعاء الشخصي لحضور عملية التحديد نجد عدم وجود أي مقتضى قانوني يلزم المحافظ بضرورة الحصول على موافقة الأشخاص الذين لم يحضروا التحديد وإنما تم التنصيص فقط على التقيد بالإجراء المتمثل في ضرورة توجيه المحافظ لاستدعاءات شخصية للمعنيين بالأمر.

 ومع ذلك،فإن الواقع العملي يؤكد على أن أغلب المحافظين على الأملاك العقارية يتشبثون بالمطالبة بموافقة الأشخاص الذين لم يحضروا عملية التحديد لمجرد اعتقادهم بإلزامية الإجراء المذكور دون التمييز بين من توصل بالاستدعاء ومن لم يتوصل به. مما أدى إلى تجميد عدد كبير من مطالب التحفيظ بسبب تعذر التواصل مع الأشخاص المعنيين إما لعدم وجود عناوينهم بالملف أو بسبب تغيير العنوان أو لأسباب أخرى متعددة. الأمر الذي يؤثر بشكل غير مباشر على سياسة تعميم التحفيظ العقاري التي نهجتها بلادنا منذ أمد بعيد مع ما يترتب عن ذلك من نتائج سلبية[7].

وفي مقابل ذلك هناك بعض المحافظين الذين يستندون في تمسكهم بضرورة التوصل بموافقة المجاورين أو باقي الأشخاص المعنيين بالاستدعاء الشخصي على مبررات معقولة حماية لحقوق الغير من الضياع على اعتبار أن هذه الأخيرة تعتبر من بين مهامهم الأساسية الموكولة لهم بمقتضى القوانين المتعلقة بالتحفيظ العقاري.

مقال قد يهمك :   البيعة ونظام الحكم في الدساتير المغربية

ثانيا : موقف القضاء من استلزام الموافقة على عملية التحديد

جاء في حكم للمحكمة الإدارية بالرباط ما يلي : “…وحيث إن الثابت من وثائق الملف أن الطاعن أعلن عن نفسه كمتعرض على مطلب التحفيظ. وأن استدعاءه لحضور عملية التحديد المؤقت لازم لما قد يكون لذلك من تأثير على وضعيته كمتعرض لاسيما وأن عملية التحديد باعتبارها عملا طبوغرافيا وإشهاریا تعد إحدى اللبنات الأولى لتحديد مراکز وحقوق الأطراف المتنازعة؛ ذلك أن المحافظ أو نائبه خلالها يجري تحقيقات ميدانية و يتأكد من الادعاءات والاتفاقات ويستمع في هذا الشأن إلى جميع الأطراف المعنية والتي يعتبر حضورها ضروري. وحيث أن إغفال المحافظ استدعاء الأطراف الواجب حضورها أثناء عملية التحديد يعتبر مخالفة لمقتضيات الفصل المذكور. وحيث أنه تبعا لما ذكر أعلاه تكون الوسيلة المثارة بهذا الصدد مبنية على أساس سليم ويتعين اعتمادها و بالتالي يبقى القرار المطعون فيه مشوبا بتجاوز السلطة لعيب مخالفة القانون وهم ما يستوجب الحكم بإلغائه مع ترتيب الآثار القانوني…”[8].

وجاء في قرار آخر لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط على أن “…عدم استدعاء المتعرض الذي أعلن عن نفسه بصفة قانونية لحضور عملية التحديد يجعلها غير قانونية، وبالتالي واجبة الإلغاء، خاصة وأن الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري أوجب على المحافظ توجيه استدعاء لحضور عملية التحديد في الشكل المقرر للاستدعاءات في إطار قانون المسطرة المدنية والذي حدد الأشخاص الذين يتعين استدعاؤهم ومن بينهم المتعرضين الذين أعلنوا عن أنفسهم بصفة قانونية…”[9].

يتضح من المقررات القضائية أعلاه أن المحكمة اعتبرت أن عدم استدعاء المحافظ على الأملاك العقارية للمتعرض الذي ضمن تعرضه بسجل التعرضات وتمت الإشارة إليه بملف مطلب التحفيظ قبل إنجاز عملية التحديد المؤقت يؤدي إلى إلغاء هذه الأخيرة وإعادة برمجتها من جديد، وهو ما يفهم منه أن استدعاء المجاورين وباقي المعنيين بحضور عملية التحديد إجراء جوهري. بل أكثر من ذلك اعتبرت أن حضور الأطراف المعنية بالاستدعاء الشخصي خلال عملية التحديد المؤقت أمر ضروري وجوهري، وبالتالي فمسايرة هذا التوجه تؤدي إلى القول أنه يكون لزاما على المحافظ على الأملاك العقارية طلب موافقة الأشخاص المتخلفين عن حضور عملية التحديد حتى لو كانت بين يديه إشعارات تفيد توصلهم الشخصي بالاستدعاء.

والرأي فيما أعتقد أن المحكمة جانبت الصواب حين اعتبرت أن حضور الأشخاص المعنية بالاستدعاء الشخصي أمر ضروري دون قصر هذه الإلزامية فقط على الإجراء المتمثل في ضرورة توجيه المحافظ لاستدعاءات شخصية سواء توصل المعنيين بالأمر أم لم يتوصلوا، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى إطالة أمد البت في مطالب التحفيظ بسبب عدم حضور الأشخاص المعنيين بالأمر بعين المكان، وبالتالي ضياع الزمن العقاري، سيما وأن التبليغ ببلادنا يعرف العديد من الإشكالات القانونية والواقعية.

ثالثا : موقف فقه الإدارة من استلزام الموافقة على عملية التحديد

جاء في دورية السيد المحافظ العام تحت عدد 386 ما يلي : ” وبعد؛ لقد بلغ إلى علمي أن بعض المحافظين على الأملاك العقارية يعلقون البت في مطالب التحفيظ رغم إنجاز جميع إجراءات المسطرة كما ينص عليها ظهير 12/08/1913 والنصوص الصادرة في شأن تطبيقه، وذلك بسبب عدم الإدلاء إليهم بموافقة المجاورين الذين لم يحضروا عمليات التحديد، حيث يعتبرون هذه الموافقة إجراء جوهريا بالرغم من غياب أي نص قانوني يقضي بذلك، مما يشكل سببا رئيسيا لتأخير البت في عدد كبير من مطالب التحفيظ.

ولتجاوز هذه الممارسة المبنية على الاعتياد أكثر من استنادها على مقتضيات قانونية، وتأثيرها على سير مساطر التحفيظ، وتوحيدا للعمل بينكم في هذا الشأن؛ يشرفني أن أثير انتباهكم إلى أن المحافظ على الأملاك العقارية يستدعي أصحاب الأملاك المجاورة المبينين بطلب التحفيظ، الذين يمكنهم أثناء إجراء عملية التحديد إبداء ما قد يكون لهم من ملاحظات أو منازعات، عملا بمقتضيات الفصلين 19 و 20 من ظهير التحفيظ العقاري، ولم يشترط المشرع إبداء هؤلاء المجاورين موافقتهم أو عدم موافقتهم على عمليات التحديد…”[10].

كما جاء في مذكرة له تحت عدد 05/2018 ما يلي :”…أمام غياب مقتضى قانوني صريح في ظهير 25/07/1969 المذكور يلزم المحافظ بتحرير استدعاءات شخصية وتوجيهها إلى المعنيين بالأمر لحضور عمليات التحديد كما هو الشأن بالنسبة لمسطرة التحفيظ العادية بموجب الفصل 19 من الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه. وبالنظر إلى عدم جدوى توجيه استدعاءات شخصية بالنسبة لمسطرة التحفيظ الجماعي نتيجة للطابع الجماعي والإشهار الواسع اللذين يميزان هذه المسطرة، فإنه يمكن اعتبار الإعلان عن برنامج عمليات التحديد بمثابة استدعاء لكافة المالكين للعقارات غير المحفظة أو التي في طور التحفيظ ولم يتم تحديدها الواقعة داخل منطقة التحفيظ الجماعي، وباقي الأطراف المعنية من أجل الحضور لهذه العملية، لا سيما أن الفصل 5 من ظهير 25/07/1969 المذكور لا ينص على ضرورة الاستدعاء الشخصي وإنما على الحضور الشخصي لعمليات التحديد…”[11].

وباستقراء مضمون الدورية والمذكرة أعلاه، يتضح أن الواقع العملي يؤكد على أن بعض المحافظين على الأملاك العقارية يمتنعون عن البت في مطالب التحفيظ بسبب عدم الحصول على موافقة المجاورين، لأن هذه الأخيرة تشكل إجراء جوهريا بالنسبة إليهم. مما أدى إلى تعليق البت في العديد من مطالب التحفيظ وتجميدها في رفوف أرشيف المحافظات العقارية رغم إنجاز جميع إجراءات مسطرة التحفيظ.

مقال قد يهمك :   أهم التدابير التي تضمنها القانون رقم 35.20 المعدل لقانون المالية لسنة 2020

مما دفع بالمحافظ العام إلى التدخل من خلال حث المحافظين على الأملاك العقارية على العدول عن هذا الإجراء بالنسبة للمسطرة العادية مستندا في ذلك على المبررات الآتية :

– غياب أي مقتضى قانوني صريح يقضي بضرورة إبداء الأشخاص المتخلفين عن حضور عملية التحديد بملاحظاتهم حولها ؛

– استناد الممارسة المذكورة على الاعتياد أكثر من استنادها على مقضيات قانونية.

وإذا كان المحافظ العام يقر في الدورية المذكورة بالإجراء المتمثل بضرورة تقيد المحافظين على الأملاك العقارية بتوجيه استدعاءات شخصية للأشخاص المعنيين بحضور عملية التحديد، فإن ذلك يقتصر فقط على المسطرة العادية أما بالنسبة لمسطرة التحفيظ الجماعي فقد حث على ضرورة العدول عنه أيضا معتمدا في ذلك على المبررات الآتية :

– غياب مقتضى قانوني صريح في ظهير 25/07/1969 المذكور يلزم المحافظ بتحرير استدعاءات شخصية وتوجيهها إلى المعنيين بالأمر لحضور عمليات التحديد كما هو الشأن بالنسبة لمسطرة التحفيظ العادية بموجب الفصل 19 من الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه ؛

– عدم جدوى توجيه استدعاءات شخصية بالنسبة لمسطرة التحفيظ الجماعي نتيجة للطابع الجماعي والإشهار الواسع اللذين يميزان هذه المسطرة ؛

– إمكانية اعتبار الإعلان عن برنامج عمليات التحديد بمثابة استدعاء لكافة المالكين للعقارات غير المحفظة أو التي في طور التحفيظ ولم يتم تحديدها الواقعة داخل منطقة التحفيظ الجماعي، وباقي الأطراف المعنية من أجل الحضور لهذه العملية، لا سيما أن الفصل 5 من ظهير 25/07/1969 المذكور لا ينص على ضرورة الاستدعاء الشخصي وإنما على الحضور الشخصي لعمليات التحديد…”.

وإذا كان التوجه أعلاه يبرره تعليق البت فيعدد كبير من مطالب التحفيظ بسبب انتظار المحافظين لموافقة المجاورين وباقي الأشخاص المعنية بحضور عملية التحديد، حيث يتضح من خلال الجرد السنوي للصعوبات التي تعترض البت في مطالب التحفيظ أن عددا كبيرا منها يرجع إلى عدم التوصل بالموافقة على عملية التحديد، وإن كنا نسايره في الشق المتعلق بعدم استلزام المحافظين لموافقة الأشخاص المتخلفين عن حضور عملية التحديد لمجرد الاعتقاد بإلزامية هذا الإجراء، فإننا نعتقد بأنه لا يمكن العمل به على إطلاقه بالنسبة للمسطرة العادية على اعتبار أن هناك بعض الحالات التي يتعذر فيه على المحافظين صرف النظر عن موافقة الأشخاص المعنيين على عملية التحديد نظرا لوجود عدة قرائن تفرض عليهم التقيد بذلك حماية لحقوق الغير من الضياع كما هو الشأن مثلا بالنسبة لوجود فرق في المساحة المصرح بها عند إيداع مطلب التحفيظ وتلك التي أظهرتها التصاميم العقارية، ففي هذه الحالة حتى وإن كانت المساحة المبينة في العقود المدعمة لمطلب التحفيظ تقريبية فإنه يصعب على المحافظ اتخاذ قرار التحفيظ دون التأكد من حضور المجاورين للعقار المراد تحفيظه أثناء إجراء عملية التحديد أو حصوله على موافقتهم الصريحة عليها، وذلك لوجود قرينة الزيادة في المساحة الحقيقية، سيما إذا كان العقار غير مجاور لمطالب تحفيظ أو رسوم عقارية أو محاط بسور.

أما ما يتعلق بتوجه السيد المحافظ العام بخصوص مسطرة التحفيظ الجماعي فإننا نعتقد بأن المبررات المعتمد عليها في حث المحافظين على العدول عن الإجراء المتعلق بتوجيه استدعاءات شخصية للمجاورين تبقى مبررات معقولة ومنطقية، لكن مع ذلك يبقى التدخل التشريعي أمر ضروري لرفع اللبس وتفادي تباين مواقف المحافظين على الأملاك العقارية، وإثارة مسؤوليتهم الشخصية.

صفوة القول، إن الإجراء المتمثل في استلزام موافقة الأشخاص المتخلفين عن حضور عملية التحديد يبقى من بين أهم الأسباب التي تساهم في عرقلة السرعة المتطلبة في مسطرة التحفيظ العقاري والتي يصعب على المحافظين على الأملاك العقارية العدول عنه لوجود حالات معقولة تبرر التقيد به حتى مع وجود دوريات ومذكرات تحثهم على ذلك، نظرا لما قد يترتب عن ذلك من قيام مسؤوليتهم الشخصية، سيما وأن التوجه القضائي يذهب إلى إلزامية التقيد بالإجراء المذكور.

ولتجاوز هذا الوضع نقترح ما يلي :

-تدخل المشرع من خلال إضافة فقرة خامسة للفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 تتضمن ما يلي : ” ولا يمكن في أي حال من الأحوال تعليق البت في مطالب التحفيظ على موافقة الأشخاص المذكورين أعلاه على عملية التحديد بسبب تخلفهم عن حضورها إلا إذا كانت هناك مبررات معقولة تستلزم ذلك “.

– تدخل المشرع من خلال تعديل صيغة الفقرة الثانية من الفصل 5 من ظهير 25 يوليوز 1969 المتعلق بالتحفيظ الجماعي للأملاك القروية لتصبح كالآتي : ” ويعتبر الإعلان عن برنامج عمليات التحديد بمثابة استدعاء لكل ذي مصلحة “.


الهوامش:

[1]– الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاريالمغير والمتمم بمقتضىالقانون رقم 14.07 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.177 في 25 ذي الحجة 1432 (22 نوفمبر 2011). المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24 نوفمبر 2011، ص:5575 وما بعدها.

[2]– القانون رقم 57.12 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم  1.13.116 المؤرخ في 26 من صفر 1435 (30 ديسمبر 2013) المتمم بمقتضاه الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاري. المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6224 بتاريخ 21 ربيع الأول 1435 (23 يناير 2014).

مقال قد يهمك :   مطارحة قانونية بخصوص الحياد الإيجابي للقاضي المدني

وقد صدر المرسوم التنظيمي للقانون رقم  57.12 تحت رقم 2.14.173 بتاريخ 11 من جمادى الآخرة 1435 (11 أبريل 2014) المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6252 بتاريخ فاتح رجب 1435 (فاتح ماي 2014).

[3]– أستاذنا إدريس الفاخوري – الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب دراسة لنظام التحفيظ العقاري والفقه الإداري والعمل القضائي- مطبعة المعارف الجديدة الدار البيضاء، طبعة 2018، ص: 64.

[4]– الظهير الشريف رقم 1.69.174 بتاريخ 10جمادى الأولى 1389 (25 يوليوز 1969) بشأن التحفيظ الجماعي للأملاك القروية، الجريدة الرسمية عدد 2960 مكرر بتاريخ 29 يوليو 1969، ص: 2042.

[5]– يرجع السبب في ذلك في غالب الأحيان إلى عدم التوصل بالاستدعاء.

[6]– يرى الدكتور محمد خيري بأنه إذا كان المشرع قد عدد الجهات المعنية بالاستدعاء الشخصي لحضور عملية التحديد إلا أن هذا التعداد لا يفيد الحصر، إذ يمكن للمحافظ مع ذلك أن يستدعي كل من يرى في حضوره فائدة ولو على سبيل الاستعلام. محمد خيري – العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي من خلال القانون الجديد رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري ومرسوم 14 يوليوز 2014 بشأن إجراءات التحفيظ العقاري – دار نشر المعرفة، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، طبعة 2018 ، ص: 193.

[7]– وهو ما أكده السيد المحافظ العام في مجموعة من الدوريات والمذكرات كما سنرى.

[8]– حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط تحت رقم 10بتاريخ 16 يناير 2007في الملف رقم 06/278. أشار إليه هشام بصري – إشكالات تدبير مسطرة التحديد على ضوء القانون 14.07- مجلة المنبر القانوني، العدد 5، أكتوبر 2013، ص: 19.

[9]– قرار صادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط تحت عدد 105 بتاريخ 23/01/2008 في الملف عدد 5/07/131. أشار إليه أستاذنا إدريس الفاخوري – الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب دراسة لنظام التحفيظ العقاري والفقه الإداري والعمل القضائي-مطبعة المعارف الجديدة الدار البيضاء، ط 2018، ص: 64.

[10]– دورية صادرة عن المحافظ العامتحت رقم 386 بتاريخ 14 أبريل 2011.

وقد سبق للمحافظ العام توجيه دورية تحت رقم 255 بتاريخ 6 مارس 1972 جاء فيها ما يلي :

“Il a été constaté que la pratique de réclamer l’acquiescement des riverains absents aux opérations de bornage est une des causes principales de l’existance du volume important des instances dans les Conservations Foncières et une source de retards dans le déroulement des procédures d’immatriculation.

La suppression pure et simple de ces demandes d’acquiescement dont la réclamation n’est basée sur aucun texte foncier mais résulte uniquement d’une pratique instaurée depuis fort longtemps dans un but louable à une époque où le volume des procédures n’était pas considérable, semble devoir apporter partiellement remède à cet état de choses.

En conséquence devant la nécessité de plus en plus pressante pour le service d’activer le déroulement des procédures d’immatriculation il conviendra à l’avenir de s’abtenir de demander l’acquiescement des riverains dont l’absence a été constatée au procès-verbal de bornage

De même les procédures en instance actuellement dans les Conservations pour ces motifs seront étudiées à nouveau et instruites au plus tôt au vu de ces nouvelles directives.

Enfin, pour sauvegarder au maximun, dans le cadre de la loi, les droits des tiers, les Conservateurs continueront à s’assurer, comme dans le passé, que la publicité a été régulièrement effectuée, que les convocations au bornage ont bien été remises et mentionneront dans l’avis de clôture les noms des riverains révélés par les opérations de bornage…

وكذا دورية تحت عدد 315 بتاريخ 3 يوليوز 1989 جاء فيها  ما يلي :

“Il a été constaté que les prescriptions contenues dans  la lettre n 2347 SF du 17/12/1969 et la circulaire n° 255 du 6/3/1972, relatives à la suppression des demandes d’acquiescement aux riverains absents au bornage d’immatriculation ont été perdues de vue par certains Conservateurs de la Propriété Foncière.

Aussi, il convient de vous rappeler que les dispositions du Dahir du 12/8/1913 sur l’immatriculation, ne comportant  aucune obligation aux Conservateurs de la propriété foncière, d’exiger l’acquiescement des riverains absents aux opérations de bornage et que les pratiques suivies jusqu’à lors constituent des créments à éviter.

.Il vous appartient donc, en vue de la résorption des jas tances et de la sauvegarde des droits des intervenants à la procédure, de vous conformer aux dispositions de la loi foncière et de veiller ainsi à requisrité de la procédure en n’exigeant plus les Acquiescements des riverains au bornage….”

[11]– مذكرة صادرة عن المحافظ العام تحت عدد 05/2018 بتاريخ 26 مارس 2018.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)