التفاصيل القانونية والحيثيات الواقعية لإلغاء النتائج النهائية لمباراة وزارة الشباب والرياضة

رضوان قوبيع: تسليم أشغال تجهيز التجزئة ودورها في تحقيق الأمن التعاقدي

مصطفى بونجة: إفراغ المحلات التجارية بسبب التماطل بين تضارب العمل القضائي و روح القانون 49.16

16 ديسمبر 2019 - 6:07 م مقالات , القانون الخاص , في الواجهة , مقالات
  • حجم الخط A+A-

مصطفى بونجة محامي بهيئة طنجة

تفاديا للغموض و التعقيد الذي كان يتسم به ظهير 1955 ، حاول المشرع من خلال القانون 49.16 اعتماد أسلوب السلاسة و الوضوح في التعبير و المقاصد ، غير أن ذلك لم يكن حائلا دون حقيقة وجود تضارب قضائي في تطبيق مقتضيات القانون 49.16 ، خصوصا فيما يتعلق بانهاء عقد الكراء بسبب التماطل .

و قبل الوقوف على تضارب العمل القضائي بخصوص إفراغ المحلات التجارية للتماطل تطبيقا لمقتضيات القانون 49.16 ، فانه يتعين الوقوف على مصطلح ” إفراغ ” ، ذلك أن هذا المصطلح يحيل على النتيجة و ليس السبب ، ذلك أن إفراغ المحلات التجارية للتماطل يكون بسبب إنهاء عقد الكراء ، كما أنه يكون نتيجة لفسخ عقد الكراء .
و تسليطا للضوء حول التوجهات المختلفة للمحاكم بخصوص إفراغ المحلات التجارية للتماطل تطبيقا لمقتضيات القانون 49.16 ، فان الأمر يتطلب منا الوقوف على اختلاف الطبيعة القانونية للانذار في ظهير 1955 و الإنذار في القانون 49.16 ، وذلك انطلاقا من أنه وبسبب بقاء ظهير 1955 لمدة تناهز 61 سنة ، فإننا لم نستطع لحد الآن التخلص من فلسفته و منطقه ( أولا )، كما أنه يجب الوقوف على اختلاف مفهوم التماطل بين ق ل ع و القانون 49.16 من جهة ، وبين مفهوم التماطل المفضي للإنهاء و التماطل المفضي للفسخ في القانون 49.16 من جهة ثانية ( ثانيا ) ، ثم الوقوف على الاختلاف بين الإنذار بإنهاء عقد الكراء و الإنذار بفسخ عقد الكراء في القانون 49.16( ثالثا ) ، لنصل في الأخير إلى عرض موقفنا من اجل الإنذار بإنهاء عقد الكراء للتماطل ( رابعا).

أولا : اختلاف الطبيعة القانونية بين الإنذار في ظهير 1955 و الإنذار في القانون 49.16

بالرغم من أن كلا من ظهير 1955 و القانون 49.16 ينصان على وجوب توجيه المكري انذار للمكتري بانهاء عقد الكراء ، فان الطبيعة القانونية للانذارين مختلفة تماما .

ففي الوقت الذي كان يعتبر معه الانذار في ظهير 1955 تصرفا قانونيا منهيا لعقد الكراء( أ) ، فان الانذار وفق القانون 49.16 لا يعتبر إلا إجراءا من إجراءات دعوى إنهاء عقد الكراء ( ب) .

أ- الإنذار في ظهير 1955 تصرف قانوني منهي لعقد الكراء :

كانت الفقرة الاولى من الفصل 6 من ظهير 1955 ، تنص على أنه “لا ينتهى العمل بعقود كراء الاماكن الخاضعة لمقتضيات هذا الظهير الا اذا وجه للمكتري طلب بالافراغ قبل انقضاء العقدة بستة أشهر على الاقل وذلك بدون التفات الى أى شرط تعاقدى مخالف لما ذكر وحيادا عن الفصول 687 و688 و689 من الظهير الشريف الصادر في 9 ربيع الأول 1331 الموافق 12 غشت 1913 المعتبر بمثابة قانون للالتزامات والعقود” ، كما أن الفقرة الأولى من الفصل 10 من نفس الظهير ، كانت تنص على أنه “يحق للمكرى رفض تجديد العقدة إلا أنه إذا استعمل هذا الحق فيكون عليه أن يؤدى للمكتري المطلوب منه الافراغ تعويضا عن هذا الافراغ يعادل ما لحقه من الضرر الناجم عن عدم تجديد العقدة وذلك باستثناء ما قرره الفصل 11 وما يليه من الفصول ويلزم المحكمة وقت تحديد قدر التعويض أن تعتبر ما سيحصل للمكتري من الخسائر وما سيفقده من الأرباح بسبب إضاعة حقوقه.”

و المحصلة من هذين النصين تتمثل في أن عقد الكراء كان ينتهي بمجرد توصل المكتري بالإنذار من قبل المكري وانصرام أجل ستة أشهر ، و ذلك ترتيبا للفلسفة التي كان يبنى عليها ظهير 1955 و المتمثلة في كون أن انهاء عقد الكراء هو حق مطلق للمكري ، وما على هذا الاخير إلا أداء التعويض لفائدة المكتري متى تحقق سبب أداء التعويض.

ب- الإنذار وفق القانون 49.16 لا يعتبر إلا إجراءا من إجراءات دعوى إنهاء عقد الكراء :

خلافا لما كان عليه الأمر في ظهير 1955 ، فان عقد الكراء وفقا للقانون 49.16 ، لا ينتهي بتوصل المكتري بالإنذار، بل بصدور حكم قضائي بالمصادقة على الإنذار ، وذلك ترتيبا للفلسفة التي تحكم القانون 49.16 و التي تتمثل في أن الأصل هو تجديد عقد الكراء ، وهو حق للمكتري ، كما أن هذا الحق لا ينتهي إلا وفق مقتضيات المادة 26 و ما بعدها من هذا القانون .

فالفقرة الأولى من المادة 6 من القانون 49.16 تنص على أنه “يكون المكتري محقا في تجديد عقد الكراء متى توفرت مقتضيات الباب الأول من هذا القانون، ولا ينتهي العمل بعقود كراء المحلات والعقارات الخاضعة لهذا القانون إلا طبقا لمقتضيات المادة 26 بعده، ويعتبر كل شرط مخالف باطلا.

كما أنه و تحديدا للطبيعة القانونية للإنذار في القانون 49.16 ، فقد نصت الفقرة الاولى من المادة 26 منه على أنه ” يجب على المكري الذي يرغب في وضع حد للعلاقة الكرائية، أن يوجه للمكتري إنذارا، يتضمن وجوبا السبب الذي يعتمده، وأن يمنحه أجلا للإفراغ اعتبارا من تاريخ التوصل” ، غير أن هذه الرغبة تبقى متوقفة على صدور حكم يقضي بالمصادقة على الإنذار ، وهذا ما وضحته الفقرة الاولى من المادة 27 من القانون 49.16 ، و التي جاء فيها ” إذا تبين للجهة القضائية المختصة صحة السبب المبني عليه الإنذار، قضت وفق طلب المكري الرامي إلى المصادقة على الإنذار وإفراغ المكتري، وإلا قضت برفض الطلب.”

ثانيا :التماطل بين ق .ل . ع و القانون 49.16

ينبني قانون الالتزامات و العقود في تقرير واقعة المطل على قاعدتين أساسيتين ، تتمثل الأولى في أن “الكراء مطلوب و ليس محمول” ، كما أن القاعدة الثانية تتمثل في” ضرورة توجيه إنذار و منح الأجل المعقول “ ( أ) في حين أن القانون 49.16 يقوم على فلسفة أخرى ( ب) .

مقال قد يهمك :   المصادقة على مشروع قانون بتغيير القانون المتعلق بالاستفادة من صندوق التكافل العائلي

أ- التماطل في ق ل ع :

بمقتضى الفصل 255 من ق.ل.ع ، فان المدين يصبح في حالة مطل بمجرد حلول الأجل المقرر في السند المنشئ للالتزام، فإن لم يعين للالتزام أجل لم يعتبر المدين في حالة مطل إلا بعد أن يوجه إليه أو إلى نائبه القانوني إنذار صريح بوفاء الدين، ويجب أن يتضمن هذا الإنذار:

  • 1- طلبا موجها إلى المدين بتنفيذ التزامه في أجل معقول.
  • 2- تصريحا بأنه إذا انقضى هذا الأجل فإن الدائن يكون حرا في أن يتخذ ما يراه مناسبا إزاء المدين.

ويجب أن يحصل هذا الإنذار كتابة، ويسوغ أن يحصل ولو ببرقية أو برسالة مضمونة أو بالمطالبة القضائية ولو رفعت إلى قاضي غير مختص.

كما أنه و طبقا لمقتضيات الفصل 692 من ق ل ع ، فانه يحق للمكري فسخ الكراء مع حفظ حقه في التعويض إن اقتضى الأمر:

  • أولا – إذا استعمل المكتري الشيء المكترى في غير ما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى الاتفاق؛
  • ثانيا – إذا أهمل الشيء المكترى على نحو يسبب له ضررا كبيرا؛
  • ثالثا – إذا لم يؤد الكراء الذي حل أجل أدائه.

ب- التماطل في القانون 49.16 :

حددت المادة 8 من القانون 49.16 ماهية المطل متى تعلق الأمر بإنهاء عقد الكراء ( 1) في حين عملت المادة 33 تحديد ماهية المطل متى تعلق الأمر بفسخ عقد الكراء ( 2) .

1- ماهية المطل المفضي لإنهاء عقد الكراء :

نصت الفقرة الأولى من المادة 8 من القانون 49.16 على أنه ” لا يلزم المكري بأداء أي تعويض للمكتري مقابل الإفراغ في الحالات الآتية:- إذا لم يؤد المكتري الوجيبة الكرائية داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ توصله بالإنذار، وكان مجموع ما بذمته على الأقل ثلاثة أشهر من الكراء.”

فحسب المادة 8 من القانون 49.16 ، فان حالة المطل لا تثبت إلا إذا لم يؤد المكتري الوجيبة الكرائية و كان مجموع ما بذمته على الأقل ثلاثة أشهر من الكراء ، عكس مقتضيات الفصل 692 من ق ل ع و التي تعتبر بأن للمكري فسخ الكراء إذا لم يؤد المكتري الكراء الذي حل أجل أدائه .

وفي اعتقادنا ، فان تحديد ما مجموعه ثلاثة أشهر من الكراء في ذمة المكتري ، ينم على نية المشرع في إعطاء المكتري التاجر و الصانع و الحرفي أجل ميسرة بقوة القانون ، وذلك مراعاة لظروف التجار الاقتصادية و تجنيبهم لأي خطر محدق بمحلهم التجاري يكون ناتجا عن غياب السيولة المالية الكافية وحائلا دون وفائهم بالوجيبة الكرائية.

ولعل التساؤل الذي يطرح هنا ، هل المقصود بتخلف المكتري عن أداء الوجيبة الكرائية و كان مجموع ما بذمته على الأقل ثلاثة أشهر من الكراء، المقصود من ذلك ضرورة تخلف المكتري عن أداء الوجيبة الكرائية لمدة ثلاثة أشهر مسترسلة ، أم أن العبرة بتخلف المكتري عن أداء الوجيبة الكرائية لمدة ثلاثة أشهر ولو دون استرسال .

وفي اعتقادنا فانه يكون كافيا اذا تخلف المكتري عن أداء الوجيبة الكرائية لمدة ثلاثة أشهر ولو دون استرسال لثبوت حالة المطل ، مادام أن المادة 8 من القانون 49.16 نصت على أنه ” وكان مجموع ما بذمته على الأقل ثلاثة أشهر من الكراء”.( أنظر في ذلك كتاب : مصطفى بونجة ، الكراء التجاري بين ظهير 1955 و القانون 49.16 ، ط الاولى 2016 ).

2- ماهية المطل المفضي لفسخ عقد الكراء :

خلافا لمقتضيات المادة 8 من القانون 49.16 التي نصت على أنه ” وكان مجموع ما بذمته على الأقل ثلاثة أشهر من الكراء” ، جاءت المادة 33 من نفس القانون بتعبير مغاير يفيد وجوب الاسترسال للقول بتحقق واقعة التماطل .

فتحت عنوان الشرط الفاسخ ، نصت المادة 33 من القانون 49.16 على أنه “في حالة عدم أداء المكتري لواجبات الكراء لمدة ثلاثة أشهر” و ليس ” وكان مجموع ما بذمته على الأقل ثلاثة أشهر من الكراء” ، كما نصت على ذلك المادة 8 من نفس القانون .

وفي اعتقادنا ، فان هذا راجع إلى سوء صياغة المادة 33 ، ليس إلا ، ذلك أنه وإذا كانت الغاية من تحديد مدة تخلف المكتري عن أداء واجبات الكراء في ثلاثة أشهر ، تنم على نية المشرع في إعطاء المكتري التاجر و الصانع و الحرفي أجل ميسرة بقوة القانون ، وذلك مراعاة لظروف التجار الاقتصادية و تجنيبهم لأي خطر محدق بمحلهم التجاري يكون ناتجا عن غياب السيولة المالية الكافية وحائلا دون وفائهم بالوجيبة الكرائية ، فانه لا مبرر لاعتماد المنطوق الحرفي لمقتضيات المادة 33 .

ثالثا :الاختلاف بين الإنذار بانهاء عقد الكراء و الإنذار بفسخ عقد الكراء في القانون 49.16

إذا كانت المادة 26 من القانون 49.16 ترتب الآثار القانونية للإنذار و لو تعذر تبليغه ( أ) ، فان المادة 33 منه توجب التوصل بالإنذار بالفسخ حتى يرتب أثاره القانونية ( ب) .

أ- الإنذار بإنهاء عقد الكراء:

نصت المادة 26 من القانون 49.16 ، على أنه يجب على المكري الذي يرغب في وضع حد للعلاقة الكرائية، أن يوجه للمكتري إنذارا، يتضمن وجوبا السبب الذي يعتمده، وأن يمنحه أجلا للإفراغ اعتبارا من تاريخ التوصل ، في حين أن الفقرة الرابعة من نفس المادة نصت على أنه “إذا تعذر تبليغ الإنذار بالإفراغ لكون المحل مغلقا باستمرار، جاز للمكري إقامة دعوى المصادقة على الإنذار بعد مرور الأجل المحدد في الإنذار اعتبارا من تاريخ تحرير محضر بذلك ، كما أن الفقرة الخامسة من نفس المادة نصت على سقوط حق المكري في طلب المصادقة على الإنذار بمرور ستة أشهر من تاريخ انتهاء الأجل الممنوح للمكتري في الإنذار.

مقال قد يهمك :   أحمد السكسيوي: انهيار الدولة الاجتماعية -قراءة نقدية للمادة التاسعة من مشروع قانون المالية-

ب- الإنذار بفسخ عقد الكراء :

خلافا لما نصت عليه المادة 26 من القانون 49.16 بخصوص تعذر تبليغ الانذار و الاكتفاء بتاريخ تحرير محضر بكون المحل مغلقا باستمرار ، نصت المادة 33 من القانون نفسه على وجوب توصل المكتري بالإنذار حتى يرتب الإنذار أثاره .

و هذا مانصت عليه المادة 33 من القانون 49.16 و ذلك حينما نصت على أنه “في حالة عدم أداء المكتري لواجبات الكراء لمدة ثلاثة أشهر، يجوز للمكري، كلما تضمن عقد الكراء شرطا فاسخا، وبعد توجيه إنذار بالأداء يبقى دون جدوى بعد انصرام أجل 15 يوما من تاريخ التوصل”

رابعا :موقفنا من اجل الإنذار بإنهاء عقد الكراء للتماطل

بعد محاولتنا الوقوف على تحديد القواعد الأساسية التي يختلف فيها ظهير 1955 و ق ل ع من جهة و القانون 49.16 من جهة ثانية ، نحاول في هذه النقطة الأخيرة الوقوف على التضارب في العمل القضائي بخصوص إنهاء عقد الكراء بسبب التماطل .

فانطلاقا مما اتجه إليه عمل محاكم الاستئناف التجارية ، فان بعض المحاكم اتجهت الى التقرير بأن المطل يكون ثابتا في حق المكتري متى احترمت مقتضيات المادة 8 من القانون 49.16 ، في حين أن بعض المحاكم التجارية ، بنت قراراتها على منطق التراكم بين المادة 8 و المادة 26 من القانون 49.16 ، و بالتالي توجب للقول بانهاء عقد الكراء بسبب التماطل ، توجيه إنذارين ، الأول للمطالبة بالأداء و الثاني للمطالبة بالإفراغ .

وقبل الخوض في تحليل العلاقة بين المادة 8 و المادة 26 من القانون 49.16 ، فاننا نعرض الاتجاه الأول( أ) ، ثم للاتجاه الثاني ( ب) ، لنصل الى التعليق على الاتجاهين معا ( ج) .

أ- الاتجاه الأول :

جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء “وحيث يستفاد باستقراء المادة المذكورة أن الأجل الواجب منحه للمكتري في حالة توقفه عن أداء الكراء هو خمسة عشر يوما، وأنه بانصرام هذا الأجل ابتداء من تاريخ التوصل فإن المكري يحق له المطالبة بالمصادقة على الإنذار من أجل الافراغ، و في النازلة الحالية فالطرف المكتري رغم توصله بالإنذار لم يبادر إلى أداء ما بذمته من واجبات كرائية عن المدة المحددة مما يبقى معه الحكم مصادفا للصواب فيما قضى به من إفراغ في مواجهته ” (قرار رقم: 2240 بتاريخ: 2018/05/02ملف رقم: 2018/8206/1752 غير منشور ).

ب- الاتجاه الثاني :

جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بفاس ” ان المشرع بمقتضى هذا القانون أوجب على المكري الذي يرغب في وضع حد للعلاقة الكرائية لأي سبب كان، بما في ذلك الأسباب المبررة للإعفاء الكلي أو الجزئي من التعويض ، أن يوجه للمكتري إنذارا يتضمن وجوبا السبب الذي يعتمده وان يمنحه أجلا للإفراغ اعتبارا من تاريخ التوصل الكل وفق ما هو مفصل في المادة 26 من القانون المذكور، وبالتالي فانه بالرجوع إلى الإنذار المعتمد يتضح ان المكرية المستأنف عليها طالبت المكتري بأداء واجبات الكراء أعلاه ومنحته اجل 15 من تاريخ التوصل به تحت طائلة اللجوء إلى المحكمة من اجل المطالبة بفسخ العقد مع الأداء والتعويض عن التماطل دون أن تعرب له عن رغبتها في وضع حد لعقد الكراء الرابط بينهما وتطالبه بالإفراغ مع منحه اجل 15 يوما للإفراغ امتثالا للمقتضى القانوني المذكور او في إنذار أخر مادام ان الإنذار المبلغ له يثبت فقط التماطل في أداء الكراء وفق مقتضيات المادة 8 من القانون المذكور حسبما انتهت اليه محكمة الدرجة الأولى على صواب مما يجعل الإنذار المعتمد غير مستوفي لمقتضيات المادة 26 المذكورة وبالتالي غير مرتب لأثاره القانونية وطلب الإفراغ تبعا لذلك في غير محله ومآله عدم القبول ليس إلا “( قرار رقم 1543 الصادر بتاريخ 11/7/2019 في الملف عدد 1128/8206/ 2019 غير منشور).

ج- موقفنا من الاتجاهين معا :

حتى يتأتى لنا تحديد موقفنا من الاتجاهين معا ، يتعين بالضرورة الرجوع الى الهندسة التي سلكها القانون 49.16 لتحديد الأسباب المبررة لإنهاء عقد الكراء .

فالقانون 49.16 حدد بموجب المادة 6 منه الشروط العامة التي يجب على المكري احترامها لسلوك مسطرة انهاء عقد الكراء ، وذلك حينما نصت هذه المادة على أنه “يكون المكتري محقا في تجديد عقد الكراء متى توفرت مقتضيات الباب الأول من هذا القانون، ولا ينتهي العمل بعقود كراء المحلات والعقارات الخاضعة لهذا القانون إلا طبقا لمقتضيات المادة 26 بعده، ويعتبر كل شرط مخالف باطلا”.

1 – التنظيم الموضوعي لاسباب انهاء عقد الكراء في القانون 49.16 :

لقد عمل المشرع المغربي على التنظيم الموضوعي لكل سبب من أسباب إنهاء عقد الكراء وإقراره بالتعويض الواجب أداؤه للمكتري عبر مواده المختلفة ، وذلك كله دون تحديد أجل الإنذار الواجب بعثه للمكتري ، كما أنه و بموجب المادة 8 من القانون 49.16 ، عمل المشرع على التنظيم الموضوعي للأسباب الخطيرة المفضية لإنهاء عقد الكراء وحرمان المكتري من التعويض ، وذلك كله للحد من إعمال المحكمة لسلطتها التقديرية ، وتقرير تحقق واقعة الإخلال الخطير من جانب المكتري وفق شروط موضوعية ، وهي الحالات التي يترتب عنها إنهاء عقد الكراء و حرمان المكتري من التعويض .

فانهاء عقد الكراء و مايترتب عنه من حرمان المكتري من التعويض يكون بتحقق شرط موضوعي و داخل اجال حددها المشرع في المادة 8 في الحالات التالية :

– يصبح المكتري في حالة مطل “إذا لم يؤد المكتري الوجيبة الكرائية داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ توصله بالإنذار. وكان مجموع ما بذمته على الأقل ثلاثة أشهر من الكراء” و هذا يترتب عنه انهاء العقد و حرمان المكتري من التعويض .

مقال قد يهمك :   OTHMANI Said: Cadre conceptuel et enjeux de la politique pénale anti-cybercriminalité

– انهاء عقد الكراء و حرمان المكتري من التعويض يكون مشروعا إذا أحدث المكتري تغييرا بالمحل دون موافقة المكري بشكل يضر بالبناية ويؤثر على سلامة البناء أو يرفع من تحملاته، ما عدا إذا عبر المكتري عن نيته في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه داخل الأجل الممنوح له في الإنذار، على أن تتم الأشغال من أجل ذلك، في جميع الأحوال، داخل أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر.

– قيام المكتري بتغيير نشاط أصله التجاري دون موافقة المالك، ما عدا إذا عبر المكتري عن نيته في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه داخل الأجل الممنوح له، على أن يتم هذا الارجاع، في جميع الأحوال، داخل أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر.

كما أن انهاء عقد الكراء و مايترتب عنه من حرمان المكتري من التعويض يكون بتحقق شرط موضوعي و داخل اجال لم يحددها المشرع في المادة 8 ، وهي الحالات التالية :

– إذا كان المحل آيلا للسقوط، ما لم يثبت المكتري مسؤولية المكري في عدم القيام بأعمال الصيانة الملزم بها اتفاقا أو قانونا رغم إنذاره بذلك؛
– إذا هلك المحل موضوع الكراء بفعل المكتري أو بسبب قوة قاهرة أو حادث فجائي؛
– إذا عمد المكتري إلى كراء المحل من الباطن خلافا لعقد الكراء؛
– إذا فقد الأصل التجاري عنصر الزبناء والسمعة التجارية بإغلاق المحل لمدة سنتين على الأقل.

2- المادة 26 بين التذكير بأجل الانذار و تحديد اجله لباقي اسباب انهاء عقد الكراء :

نصت المادة 26 من القانون 49.16 على الشروط المتعلقة بالإنذار ، وبذلك فانها تضمنت أجلين مختلفين وذلك حسب السبب المعتمد في الإنذار بالإفراغ ، ذلك أن هذا الأجل حدد في 15 يوما في حالات محددة ( 1) و في ثلاثة أشهر في حالات أخرى( 2 ).

1 : أجل خمسة عشر يوما .
حددت المادة 26 من القانون رقم 49.16 أجل 15 يوما في حالتين وهما :
– حالة الإفراغ لعدم أداء واجبات الكراء
– حالة الإفراغ لكون المحل آيلا للسقوط.

2 : أجل ثلاثة أشهر.
حددت المادة 26 من القانون رقم 49.16 أجلا محددا في ثلاثة أشهر في الحالات التالية :
– الرغبة في استرجاع المحل للاستعمال الشخصي.
– الإفراغ لهدم المحل وإعادة بنائه.
– الإفراغ لتوسعة المحل أو تعليته.
– الإفراغ بسبب وجود سبب جدي يرجع لإخلال المكتري ببنود العقد.

و بسبب كون أن المشرع لم يعمل على تحديد أجال الإنذار في الحالات التي لم يعمل على تحديدها حين تنظيمه للشروط الموضوعية لهذه الأسباب ، عملت المادة 26 على تحديد هذه الحالات ، وهي أجل خمسة عشر يوما إذا كان الطلب مبنيا على على كون المحل آيلا للسقوط ، وأجل ثلاثة أشهر إذا كان الطلب مبنيا على الرغبة في استرجاع المحل للاستعمال الشخصي، أو لهدمه وإعادة بنائه، أو توسعته، أو تعليته.

أما حالة انهاء عقد الكراء بسبب التماطل ، فان المادة 8 من القانون 49.16 قد نظمته موضعا و أجللا ، و لم تعمل المادة 26 الا على التذكير بذلك ، وهو نفس الشيء الذي ينطبق على حالات وجود سبب جدي يرجع لإخلال المكتري ببنود العقد ، وهي الحالات المنظمة موضوعا و اجلا بموجب المادة 8 من القانون 49.16 ، وهي : احداث المكتري تغييرا بالمحل دون موافقة المكري بشكل يضر بالبناية ويؤثر على سلامة البناء أو يرفع من تحملاته ، و قيام المكتري بتغيير نشاط أصله التجاري دون موافقة المالك، ما عدا إذا عبر المكتري عن نيته في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه داخل الأجل الممنوح له، على أن يتم هذا الارجاع، في جميع الأحوال، داخل أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر.

و اذا ما سلمنا بمصادفة الاتجاه القضائي القائل بضرورة توجيه انذارين في حالة انهاء عقد الكراء للتماطل للصواب ، انطلاقا من أن المادة 26 من القانون 49.16 توجب ذلك ، ودون الأخذ بعين النظر لمقتضيات المادة 8 من نفس القانون ، فان هذا منطق هذا التوجه نفسه سيفرض علينا القبول بتوجيه انذار مدته ثلاثة أشهر للافراغ زيادة على انذار أخر مدته ثلاثة أشهر أخرى اذا تعلق الامر بالافراغ بسبب إحداث المكتري تغييرا بالمحل دون موافقة المكري و نفس الشي بسبب قيام المكتري بتغيير نشاط أصله التجاري دون موافقة المالك ، لنكون بذلك أمام مقتضيات ظهير 1955 بمسمى جديد وهو 49.16 ليس إلا .

وفي الأخير فموقفنا يتحدد في اعتبار أن التوجه القضائي الذي يذهب إلى وجوب توجيه إنذارين متى تعلق الأمر بإنهاء العقد للتماطل ، هو توجه غير سليم و يجافي روح و منطق القانون 49.16 ، كما أن الاعتماد على مقتضيات المادة 26 من القانون 49.16 وحدها لا تسعف في فهم هذا القانون ، بل أن فهم هذا القانون يتطلب قراءة متعمقة لجميع مواده ، وقبل ذلك الانعتاق المطلق من مخلفات ظهير 1955 ، ذلك أنه إذا تم تغيير القانون ، فانه و بالتبعية يجب تغيير العقليات .

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)