فصول مشروع “قانون النقابات” تنذر بصدام بين المركزيات والحكومة

رسالة خالد الجامعي لجلالة الملك بخصوص قضية هاجر الريسوني

مفهوم “الأصل التجاري الإلكتروني” بالمغرب يثير نقاشا محتدما بين المختصين في العلوم القانونية

27 سبتمبر 2019 - 9:45 م في الواجهة , متفرقات قانونية
  • حجم الخط A+A-

*) من شرق المغرب : وجدة 


أثارت تغريدة فايسبوكية نشرها الدكتور مصطفى بونجة المحامي والأستاذ بكلية الحقوق بطنجة في حسابه الرسمي على الفايسبوك الكثير من الجدل على وسائل التواصل الإجتماعي بين المختصين في العلوم القانونية والباحثين في قوانين التجارة والأعمال وذلك معلقا على الطلبة والباحثين في مجال القانون التجاري والأعمال الراغبين  في تسليط مجهر البحث العلمي على بعض المؤسسات القانونية من قبيل الأصل التجاري الالكتروني ، الشركات الالكترونية ، والتحكيم الالكتروني حيث جاء في نص تغريدته :

“نصيحة للباحثين في مجال القانون التجاري و الأعمال.

الملاحظ ، بأن كلمة “الكتروني “ أصبحث تجذب الكثير من الباحثين ، فأصبحنا أمام أبحاث من قبيل الأصل التجاري الالكتروني ، الشركات الالكترونية ، التحكيم الالكتروني ، وهنا أقول بأنه لا وجود أصلا للاصل التجاري الالكتروني ، ولا وجود للشركة الالكترونية ، ولا وجود أيضا للتحكيم الالكتروني في التشريع المغربي ، وكل ما هنالك ، هو تدبير الكتروني لمؤسسات تقليدية .

فبالحديث عن الاصل التجاري و الشركات التجارية ، فاضافة كلمة الكتروني اليهما تعود على شيء غير موجود أصلا ، لان كل ما عرفه التشريع المغربي و أغلب التشريعات المقارنة ينحصر في التدبير الالكتروني للمقاولة التقليدية فقط ، سواء تعلق الامر بالمقاولة الفردية ، أو الاشخاص الاعتبارية ( و ذلك من خلال قانون الاحداث الالكتروني للمقاولة ، وما تضمنه الكتاب الخامس فيما يتعلق بصعوبات المقاولة ، وكذلك التعديلات المدخلة على السجل التجاري ).

أما فيما يتعلق بالتحكيم ، فانه لا وجود للتحكيم الالكتروني في التشريع المغربي و كذلك الاغلب الاعم من التشريعات المقارنة ، وأن كل ما في الامر لا يتجاوز الاثبات الالكتروني ، هذا الاثبات الذي أقره المشرع المغربي في جميع المنازعات و ليس التحكيم فقط كما أن التعاقد الالكتروني لا يضفي الصبغة الالكترونية على التحكيم ، لان الامر يتعلق بتحكيم يرتكز على المحاكمات و الاجراءات التحكيمية التقليدية.”

وقد لقي هذا المنشور الكثير من التفاعل والمشاركة من طرف الباحثين وطلبة العلوم القانونية بين مؤيد ومعارض، وفي مقدمة التفاعلات التي عرفها هذا الموضوع ما نشره الباحث الجامعي والمختص في قانون العقود والعقار ياسين إبن مسعود   على حسابه الرسمي حيث جاء في نص تدوينته :

 ” يقال إن الإنسان عدو ما يجهل، والمناسبة شرط كما يقول الأصوليون، والشاعر قديما نبه قائلا :

《 فقل لمن يدعي في العلم فلسفة ** عرفت شيئا وغابت عنك أشياء》

👈ومن باب فقه المناسبة وأحكامه رغبت في التفاعل مع فضيلة الأستاذ مصطفى بونجة بعد تغريدته الأخيرة التي نبه فيها الباحثين في القانون التجاري والأعمال إلى الحذر من أن يعميهم بريق الثورة الإلكترونية فيتهافتوا لطرق مباحث من قبيل الأصل التجاري الإلكتروني والشركات الإلكترونية والتحكيم الإلكتروني وغيرها، لأنها-حسب نظر الأستاذ- مفاهيم لا يعرفها القانون المغربي بل حتى أغلب التشريعات المقارنة، وبالتالي فإن البحث فيها من الامور التي ينبغي أن يتعوذ منها طالب العلوم القانونية صباح مساء بدعاء “اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع”.

مقال قد يهمك :   البيان العام للمؤتمر الثلاثون لجمعية هيئات المحامين بالمغرب المنعقد بفاس

وعليه فليسمحلي الأستاذ المحترم أن أدلي له بما قد يجعله يعيد النظر في تغريدته :

▪أولا : إن غياب إطار قانوني محدد لمفاهيم معينة لا يعني بالضرورة إقصائها من دائرة الدراسة والبحث العلمي خاصة إذا كانت تفرض ذاتها على حيوات الناس وشؤونهم، بل المنطق السليم يقتضي التنظير القانوني لها مع جرها لدائرة النقاش بما يسهم مستقبلا في تجاوز الفراغ القانوني الحاصل. وبالتالي رفع مستوى الأمن القانوني بدل الاقتصار على نصوص تقليدية غابرة أريد لها أن تكون صالحة لكل زمان ومكان وهو أمر دونه خرط القتاد في عالم المال والأعمال.

▪ثانيا : إذا لم يدفع بطلبة الماستر والدوكتوراه في رسائلهم وأطروحاتهم لمناقشة هذه المواضيع المستجدة وذلك بتأطير أساتذة مشرفين على عملية البحث العلمي الأكاديمي فإن واقع البحث في كليات الحقوق لن يكون إلا اجترارا لا ينفع، أو مقارنة بين قديم وحديث لا تسمن ولا تغني من علم، أوسوادا في بياض لا خير يترجى منه إلا تدمير الغابات وتوسيع ثقب الأوزون بأطنان الأوراق التي تكلفها آلاف البحوث الجامعية سنويا.

▪ثالثا: ربما الأستاذ يرى أن أي نقاش قانوني حول أمور افتراضية أو نظرية لن يفيد البحث العلمي في شيء، وربما يسلك في طرحه هذا القول المشهور للإمام مالك في مثل هذه النوازل “دعها حتى تقع” ، وهذا لعمري سوء فهم للقضية كلها لأن واقع الأنشطة التجارية الممارسة في العالم الرقمي لا يمكن أن ينكره إلا الخارج عن التاريخ المعاصر.

وكما قال الشاعر :
《فليس يصح في الأفهام شيء *إذا احتاج النهار إلى دليل》

حيث أن كل المؤسسات التي أشار إليها الأستاذ (الاصل التجاري والشركات والتحكيم الإلكترونية) لا تعدوا أن تكون فرعا عن واقع التجارة الرقمية وإحدى ثمراته، والقاعدة الأصولية تقول “الحكم على الشيء فرع عن تصوره “، لهذا أعتقد أن انطلاقة الأستاذ كانت خاطئة من البداية ( منشور الأستاذ خرج من الخيمة مايل ) وهو ما يستتبع تهافت أي قول لا يرى أهمية طرح هذه المواضيع للنقاش العلمي القانوني.

▪رابعا : إن لياقة البحث في مثل هذه المواضيع لا يتأتاها إلا من استطاع أن يلم بعالم التقنية وتعقيداته، وإلا فإننا سنكون أمام كلام عام ومجرد لا يمكن أن تقبل به التقنية التي فطرت على الدقة والوضوح، لذا فإن إحجام رجل القانون عن طرق مثل هذه المواضيع سيترك المجال شاغرا لرجل التقنية الذي لا تربطه أي صلة بروح القانون وأدوات صياغته فنقع حينها في فخ التقنية بعد أن كنا في رحاب القانون. ولعمري هذا ما يفسر غياب أساتذة ومكونين في القانون الإلكتروني بله أن تكون هناك بحوث جامعية في الموضوع. وأنوه في هذا الصدد بكتابات الدكتور فؤاد بنصغير ومداخلاته.

مقال قد يهمك :   توصيات الندوة الوطنية حول "الخطأ القضائي بين الإقرار الدستوري والاجتهاد القضائي"

▪خامسا : إن مناقشة مفهوم الأصل التجاري الإلكتروني وطبيعته وعلاقته بالأصل التجاري التقليدي يجعل الباحث يتطرق بالتبعية لمفاهيم أخرى أصبحت نزاعتها الرائجة أمام القضاء المغربي لا تنتهي، وفي مقدمة ذلك نزاعات النطاقات الإلكترونية أو ما يعرف بأسماء المجالات (nom de domaine ) وعلاقتها بالعلامات التجارية وعناصر الملكية الصناعية.

وأذكركم في هذا الصدد أن قيمة السوق العالمية للنطاقات الإلكترونية كأهم عنصر يميز هذا الأصل عن نظيره التقليدي أصبحت تتفوق أحيانا على سوق العقارات. ومن ذلك مثلا الصفقة الأخيرة التي تمت بين أحد رجال الأعمال المغاربة والمالك البريطاني للعنوان الإلكتروني maroc.com .
هذا دون أن نتحدث عن إشكالات عقود الاشتراك والاستضافة وقواعد البيانات والنقود الإلكترونية والتي لا تعدوا أن تكون مفاهيم تدور في فلك الأصل التجاري الإلكتروني والشركات الإلكترونية.

▪سادسا : يتذكر معي الأستاذ الفاضل أنه إلى عهد قريب لم يكن هناك أي نقاش حول تضريب التجارة الإلكترونية، لكن الجميع يعلم أن الوزارة الوصية تعكف حاليا على إعداد مشروع قانون في هذا الصدد.. ألم يكن الأولى أن يناقش هذا الموضوع في مدرجات الجامعة بين مختلف المختصين بدل الدعوة إلى اعتباره نقاشا نظريا، في حين أن واقع البحث العلمي يعكس وجود عجز فكري عن مقاربة مثل هذه الموضوعات والاقتصار على “بؤس التقلدانية” بعبارة طه عبد الرحمان سواء عند القضاء او الفقه أو التشريع.

▪سابعا : يسرني أن أحيلكم على مراجع علمية مغربية وأجنبية قيمة للاطلاع على مدى أهمية موضوع من قبيل الأصل التجاري الإلكتروني والشركات الإلكترونية وما يرتبط بها من مفاهيم قانونية وفي مقدمتها أطروحة الدكتور المغربي الشاب عيسى كتب تحت عنوان “الأصل التجاري الإلكتروني بالمغرب” حيث جاء في المقدمة على لسان الباحث :

“(…) لذلك فإن فكرة الأصل التجاري الإلكتروني ليست ترفا فكريا أو توقعا مسبقا لما يمكن أن يحدث مستقبلا بل هو واقع تتجسد كل معالمه بدقة متناهية بحيث أصبح يضاهي وينافس ويتفوق على الأصل التجاري بصورته المألوفة من حيث النشاط وحجم المعاملات ومن حيث العناصر والحماية.

والشيء الأكيد أن الوقوف على هذا الموضوع وإيجاد حلول له من خلال التشريع والفقه والقضاء المقارن في هذا الصدد، سيكون له أهمية قصوى ترقبا لعرض مثل هذا النقاشات في بلدنا في المستقبل القريب، وبالتالي فإنه من الأفيد وضع إرهات ولبنات أولية لمثل هذا النقاش في المغرب ولو على سبيل التنظير(…) “

كما نحيلكم أيضا على رسالة Oswald SEIDOWSKY بعنوان : le fonds de commerce numerique إضافة إلى أطروحة DUBOS brano تحت عنوان: essai sur la notion de fonds de commerce electronique.

مقال قد يهمك :   قراءة في مستجدات القانون المدني الفرنسي المتعلقة بنظرية العقد

♦إضافة إلى عشرات المقالات الفقهية الأجنبية حول النطاقات الإلكترونية والشعارات والأسماء والعلامات التجارية التي تجدها على شبكة الأنترنيت شاهدة على الأهمية القانونية لهذا الموضوع.

▪ثامنا : أدعوكم فضيلة الدكتور مصطفى بونجة لحضور أطوار مناقشة رسالتي لنيل دبلوم الماستر تحت إشراف الدكتور الفاضل سعيد الروبيو و بالضبط في موضوع : ” الأصل التجاري الإلكتروني بالمغرب ”  ربما ستغيرون رأيكم بخصوص هذه الموضوعات.

👈قديما قال الشاعر :
وكم من كلام قد تضمن حكمةً**نال الكساد بسوق من لا يفهم                  “

ليتفاعل بعدها الدكتور مصطفى بونجة مجددا ومعقبا بمنشور آخر جاء فيه :

” اطلعت على رسالتكم،ساجيبكم بشكل مطول ،ما سبق لي طرحه لم يأت عبثا ،بل هو نتاج بحث،كما ان ماسبق لي طرحه لا يحط من قيمة ما كتب في الموضوع ،كما انه لا يشكل قدحا فيما قدم او سيقدم من ابحاث أكاديمية جادة في الموضوع،مودتي وتقديري لكم.”

في حين عقب الدكتور عيسى كتب صاحب أطروحة “الأصل التجاري الإلكتروني بالمغرب ” على هذا النقاش قائلا : ” هناك من دعاني للرد، ولست ادري ان كان من اللازم ان أفعل خاصة بعد دفاع ذ ياسين إبن مسعود، لكن بعد قرائتي لكافة التعليقات السابقة والتي أثارت الجدل حول موضوع ناقشته قبل أربع سنوات مازال مثار التساؤلات ونهم المشرفين على البحوث قبل الطلبة، يعني أن الموضوع يحتاج إلى نقاش، فهم، دراسة… والا كيف لتدوينة ان تثير كل هذا الجدل، اشكر ذ ياسين إبن مسعود وايضا ذ مصطفى بونجة على فتح هذا النقاش، ويهمني طبعا ان اقرأ رد ذ بونجة المفصل،، لكن رجائي منه أن يكون بعد قرائة بحتي، فرأي متخصص مهم بالنسبة لي”.

لتترى بعدها آراء الطلبة والباحثين في قوانين الأعمال بين مؤيد لطرح الدكتور مصطفى بونجة، ومنافح عن رأي الباحث ياسين إبن مسعود. ويشار في هذا الصدد إلى أن الأبحاث الجامعية المتعلقة بمواضيع القانون الإلكتروني لا زال البحث العلمي فيها محتشما نظرا لغياب التوجيه والتأطير الجامعيين في مثل هذه المواضيع إضافة إلى النقص المهول على مستوى الترسانة القانونية في هذا الصدد.

وحري بالتنويه إلى أن إدارة موقع مغرب القانون تدعوا زوارها الكرام من طلبة وباحثين في العلوم القانونية للمساهمة بآرائهم ومقالاتهم العلمية في هذا الشأن من أجل الرقي بالنقاش القانوني واقتراح حلول عملية في هذا الصدد.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)