نظــــرات في قانـــــون الضمـــانات المنقولة: الرهن الحيازي للمنقول نموذجا

2 يناير 2021 - 12:03 ص المنبر القانوني , في الواجهة
  • حجم الخط A+A-

جدايني محمد أمين طالب باحث بماستر الأمن القانوني للمقاولات والعقود

 مقدمة:

إن قواعد القانون منذ الأزل، لم ولن تتوقف عن التكاثر والتطور، همها الوحيد أن تجد لنفسها طريقا إلى أرض التطبيق كما خطط لها، بغية تحقيق غاياتها التنظيمية السامية، ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية بالخصوص.

لكن ليونة الجزاء المدني، وخبث المتعاقدين الساعين إلى التملص من تطبيق القانون ومن الوفاء بعهودهم[1]، جعل من المُتصور قبل إبرام تصرف قانوني معين عدمَ تنفيذ أحد المتعاقدين -أو كليهما- لالتزاماته مفضلا الجزاء الذي يفرضه القانون، من فسخ أو بطلان أو حتى تنفيذ على ذمته المالية بل في أحيانا كثيرة يفضل المتعاقد خضوعه لمسطرة الإكراه البدني عوضا عن تنفيذه لالتزامه التعاقدي، طبعا هذا إن لم يجد سبيلا ليتهرب من إيقاع إحدى هذه الجزاءات.

الأمر الذي يعطي للضمانات التعاقدية أهمية بارزة، كونها حلا ناجعا لهذا الخلل الجيني المتوارث الذي يشوب التصرفات القانونية ذات الطبيعة التعاقدية، فمن جهة فإن اللجوء إلى تقديم ما يُضمن به الوفاء يكشف عن حسن نية المتعاقد، ومن جهة أخرى يطمئن المتعاقد الآخر إلى استيفائه لدينه بيسر أكبر.

لأجل ذلك آثرت أن أخص بالدراسة نموذجا من نماذج الضمانات التعاقدية هو الرهن الحيازي للمنقول[2]، لا كباحث يجوس غياهب الفصول والكتابات الفقهية في الموضوع، وإنما كباحث يجس نبضظاهر الفصول المنظمة لهذا الصنف من الرهون، مكتفيا بإلقاء نظرات على مجمل فصوله القانونية، بغرض محاولة الإجابة عن إشكالية كبرى أصوغها على النحو الآتي:

إلى أي حد حقق المشرع الأمن القانوني لعقد الرهن الحيازي الوارد على المنقول؟

تتفرع عنها إشكاليات صغرى هي بالأساس:

ما مدى وضوح النصوص القانونية المنظمة لهذا الرهن؟ وما مدى الانسجام بين مختلف الفصول المنظمة له؟ وما مدى قدرة هذه الفصول على خدمة الظاهرة الاقتصاديةومواكبتها؟

ونظرا لكوني لن أتوقف عند كل أحكام الرهن الحيازي، بل سوف أنتقي ما يثير منها بعضا من الإشكالات، ارتأيت تقسيم الموضوع إلى مطلبين على النحو الآتي:

  • المطلب الأول: الطبيعة القانونية لعقد الرهن الحيازي
  • المطلب الثاني: وضعية الشيء المرهون عند قيام الرهن الحيازي وعند تحقيقه.

المطلب الأول: الطبيعة القانونية لعقد الرهن الحيازي للمنقول

إن تحديد طبيعة الأشياء أمر لا محيد عنه لما له من أهمية، فمن لم يدرك الشيء حق إدراكه لن يتسنى له التعاطي معه وفهم مكنزمات حركيته وسكونه، ومن خلاله تحديد مكامن ضعفه وقوته، وبالتالي التغني بمكامن القوة، ومحاولة رتق تصدعاته إن وجدت به تصدعات.

وعند الحديث عن العقود فالأمر لا يخرج عن هذا النسق، فالحاجة لا زالت ولن تنفك ملحة، لأجل البحث المتواصل عن طبيعة مختلف العقود، لأجل ذلك أقترح على مستوى هذا المطلب التطرق إلى الطبيعة القانونية لعقد الرهن الحيازي، وذلك عبر الإجابة على الاستفسار الآتي:

هل عقد الرهن الحيازي عقد رضائي أم عيني أم شكلي؟

الفقرة الأولى: شكلية انعقاد الرهن الحيازي للمنقول.

الأصل في العقود الرضائية واستثناء تُشترط الشكلية لقيام البعض من هذه العقود، والشكلية في الغالب ما تتخذ صورة الكتابة[3]اللازمة لقيام العقد لا لمجرد إثباته، فإذا تخلفت بطل العقد.

فهل يعتبر عقد الرهن الحيازي عقدا شكليا بهذا المفهوم ؟

للإجابة على هذا الاستفسار لا بد من التعريج على قواعد قانون الالتزامات والعقود، ثم مدونة التجارة نظرا لكون عقد الرهن الحيازي للمنقول منظم بكلا القانونين.

أولا: شكلية انعقاد الرهن الحيازي على ضوء قانون الالتزامات والعقود.

بالرجوع إلى قانون الالتزامات والعقود نجد المشرع قد تعرض للرهن الحيازي بقواعد عامة على مستوى القسم الحادي العاشر، وكذا تناول تطبيقا من تطبيقات هذا الرهن على مستوى القسم الثالث فيما سمي بحوالة الحق على سبيل الضمان.

أشكلية انعقاد الرهن الحيازي على ضوء القسم الحادي عشر من قانون الالتزامات والعقود

إن المشرع على مستوى القسم الحادي عشر من قانون الالتزامات والعقود، فضلا عن اشتراطه لأهلية التصرف بعوض في الشيء المرهون في كلا طرفي الرهن، وكذا مجموعة من الخصائص في الشيء المرهون وفي الدين المضمون.

فقد جاء بمقتضى صريح يهم شكلية الرهن الحيازي بقوله، أن عقد الرهن الحيازي لا ينشأ إلا كتابة في محرر رسمي أو عرفي[4].

فضلا عن وجوب تضمين العقد هوية كل من الراهن والدائن المرتهن، ومبلغ الدين المضمون، وعند الاقتضاء المبلغ الأقصى لأصل الدين، والعقد المنشئ للدين موضوع الرهن، ووصف الشيء موضوع الرهن وفق أحكام الفصل [5]1190 من هذا القانون[6].

وهو ذات ما ذهب إليه المشرع الفرنسي في الفصلين 2336 والفصل 2356 من القانون المدني الفرنسي، حيث اعتبر عقد الرهن الحيازي تاما بالكتابة[7].

على خلاف ما كان عليه الأمر سابقا قبل التعديل الذي جاء به القانون رقم 21.18[8] المتعلق بالضمانات المنقولة، إذ كان عقد الرهن الحيازي عقدا لا يستدعي قيامه شكليةَ الكتابة، بل يكفي تراضي العاقدين مع تسليم الشيء المرهون[9].

بالتالي يلاحظ كيف أن المشرع فرض -بشكل لا يمكن معه ادعاء العكس- الكتابة لصحة الرهن الحيازي للمنقول المادي وللمنقول المعنوي المتمثل في الدين على حد سواء[10]، مع منح هامش من الحرية في اختيار شكل المحرر الذي سيفرغ فيه عقد الرهن، بين صنفين من المحررات هما المحرر الرسمي[11] والمحرر العرفي[12].

بشكلية انعقاد حوالة الحق على سبيل الضمان

تعتبر حوالة الحق على سبيل الضمان من تطبيقات الرهن الحيازي للدين التي جاء بها قانون الضمانات المنقولة، وتعد خاضعة في مجمل أحكامها للقواعد المنظمة لحوالة الحق الوارد النص عليها في الباب الأول من القسم الثالث من ق.ل.ع، تحديدا من الفصل 189 إلى الفصل 210 وذلك لكون المشرع لم يخصها بقواعد محددة.

فهل سار المشرع على نفس النهج بفرضه شكلية الكتابة لتمام حوالة الحق على سبيل الضمان؟

بالرجوع إلى الفصل 194 من ق.ل.ع، وهو من الفصول المشمولة بالتعديل الذي طرأ عبر قانون الضمانات المنقولة، نجد المشرع قد نص فيه على رضائية حوالة الحق على سبيل الضمان بصريح العبارة[13].

في ذات الوقت نجده قد اشترط حتى يحتج بهذا الصنف من الحوالة في مواجهة الغير أن يتم تقييدها في السجل الوطني الإلكتروني للضمانات المنقولة[14]، مما قد يثير تساؤلا بخصوص اشتراطه بشكل ضمني الكتابة كشكلية لقيام العقد وإلا لن يتنسى تقييد الرهن بهذا السجل.

إلا أن المشرع لم يفسح المجال أمام هذا الاستفسار، إذ نجده ما لبث أن أقر على مستوى المادة 14[15] من القانون رقم 21.18 المتعلق بالضمانات المنقولة مبدأ مفاده أن نشر الضمانة –حوالة الحق على سبيل الضمان نموذجا- في السجل الوطني الإلكتروني للضمانات المنقولة لا يستدعي الإدلاء بأية وثيقة، وتبعا لذلك فالإدارة المكلفة بمسك السجل غير ملزمة  بالتحقق من صحة المعلومات المصرح بها. ومنه، يعتبر الطرف الذي يقوم بتقييد الضمانة مسؤولا مسؤولية قانونية عن صحة البيانات التي يدلي بها.

فضلا عن ذلك، قد يقول قائل بأن المشرع لما أقر رضائية حوالة الحق على سبيل الضمان، يكون قد ناقض نفسه، ذلك أنه في الفصل [16]199 من ق.ل.ع، نص بصيغة الوجوب على ضرورة تسليم المحيلِ المحالَ لهُ سندا يثبت الحوالة، إلى جانب سند الدين وما يكون لديه من وسائل إثباته، أو سندا رسميا يثبت الحوالة إذا طلب المحيل ذلك.

إلا أنه في اعتقادنا ما من تناقض يعتري الفصلين، فالمشرع وإن فرض بصيغة الوجوب تسليم السند المثبت للحوالة، إلا أن هذا السند يظل للإثبات لا لقيام العقد[17]، ومنه وإن كان من اللازم تحرير الحوالة حتى يتسنى تسليم السند للمحال له، فإن الحوالة لا تقوم تبعا لإفراغها في المحرر، بل تبعا لتراضي الطرفين بشأنها، وينتج عن ذلك أن حوالة الحق عامة وحوالة الحق على سبيل الضمان بالخصوص، تقوم وإن تقاعس طرفاها عن تحرير السند المثبت لها.

ومن خلال ما تقدم فإن اشتراط المشرع تسليم سند الدين مصحوبا بسند الحوالة، ليس إلا تأكيدا للطابع الحيازي لحوالة الحق على سبيل الضمان، إذ أن تسليم سند الدين المحالِ، للمحال له، يجعل من هذا الأخير حائزا للسند وبالتالي حائزا حكميا للدين المحال (الدين المرهون)، ومنه تسري عليه أحكام حيازة الشيء المرهون الوارد النص عليها في القسم الحادي عشر من ق.ل.عمع مراعاة الفارق.

هذا زيادة على أن المشرع قد أحسن صنعا عندما فسح المجال أمام المحيل لتسليمِ المحالِ لهُ سند الدين المحال أو ما لديه من وسائل إثباته، مما يستفاد معه إمكانية حوالة الحقوق غير الثابتة في سند على سبيل الضمان، ولا يخفى ما لذلك من أثر إيجابي على تيسير المعاملات، على خلاف الأحكام العامةلرهن الدين رهنا حيازيا[18]، والتي تشترط لزوما تسليم السند المثبت للدين المراد رهنه، مما يقصي بقية الديون غير الثابتة في سند.

من خلال ما تقدم يتضح كيف أن المشرع قد ميز بين إنشاء الرهن الحيازي للمنقول المعنوي، وبين إنشاء حوالة الحق على سبيل الضمان باعتبارها صورة من صور الرهن الحيازي للمنقول المعنوي، وذلك بفرضه شكلية الكتابة لقيام الصنف الأول، بينما اكتفى بالتراضي لقيام الصنف الثاني، فماذا عن الرهن الحيازي التجاري ؟

ثانيا: شكلية انعقاد الرهن الحيازي التجاري على ضوء مدونة التجارة.

نظم المشرع المغربي الرهن الحيازي التجاري في مدونة التجارة، على مستوى الباب الأول من القسم الأول المعنون بالرهن، من الكتاب الرابع المعنون بالعقود التجارية، بالنص على القواعد العامة التي تهم هذا الصنف من العقود التجارية ثم القواعد التي تهم نموذجا من نماذجها المتمثلة في الإيداع بالمخازن العمومية.

ما يهمنا هو الرهن الحيازي التجاري دون الإيداع بالمخازن العمومية لكون هذا النموذج يشذ في قواعد نشأته بين الأطراف والغير وقواعد تحقيقه عن الرهن الحيازي التجاري والقواعد العامة للرهن الواردة في قانون الالتزامات والعقود.

فهل اشترط المشرع شكلية الكتابة في الرهن الحيازي التجاري ؟

لقد أشار المشرع في المادة [19]337 من مدونة التجارة إلى أن الرهن الحيازي التجاري يخضع لقواعد الرهن الحيازي الواردة في القسم الحادي عشر من قانون الالتزامات والعقود، مما يوحي للقارئ لوهلة أن شكلية الكتابة لازمة في الرهن الحيازي التجاري إسوة بالفصل 1188 من ق.ل.ع كما سبق تفصيله، غير أن الأمر ليس بهذه البساطة إذ أننا نجد المادة 338[20]من م.تفي فقرتها  الأولى قد أحالت لأجل إثبات عقد الرهن الحيازي التجاري على المادة 334 من م.ت، والتي جاء فيها: “تخضعالمادة التجاريةلحريةالإثبات. غير أنه يتعين الإثبات بالكتابة إذا نص القانون أو الاتفاق على ذلك”

ومنه ووفقا لهذه المادة الأخيرة فالرهن الحيازي التجاري يخضع لحرية الإثبات من حيث المبدأ ما لم ينص قانون أو اتفاق على خلاف ذلك، وبالتالي لا يمكننا القول أن المشرع قد فرض شكلية الكتابة لأنه لو كان كذلك لتم إثبات هذا الرهن بواسطة سند إنشائه.

غير أن المتدبر في هذه المادة –المادة 334 من م.ت- قد يرى بإلزامية الكتابة لقيام الرهن الحيازي التجاري، وسنده في ذلك قول المشرع “…إذا نص القانون… على ذلك”، والمادة 337 منم.تنصٌ قانونيٌ يفرض شكلية الكتابة لقيام هذا الرهن ومن خلال ذلك إثباته عبر هذه الوسيلة، مما يعيد النقاش بخصوص شكلية الكتابة إلى نقطة الصفر.

في الحقيقة أعتقد أن كلا وجهتي النظر لها ما يسندها، لكن التطبيق الموضوعي للقانون يستدعي القول بأن عقد الرهن الحيازي التجاري عقد رضائي يمكن إثباته بكافة وسائل الإثبات، وذلك لعدة مؤيدات لعل أبرزها هو أن المشرع لما أقر شكلية الرهن الحيازي للمنقول على مستوى القسم الحادي عشر من قانون الالتزامات والعقود، فقد نص على استثناء من المبدأ القاضي بأن الأصل في العقود الرضائية، والاستثناء يقدر بقدره ولا يقاس عليه ولا يتوسع في فهمه، هذا فضلا عن أن المشرع لو أراد فرض شكلية الكتابة لقيام عقد الرهن الحيازي التجاري لنص على ذلك صراحة دون الحاجة لأي تنصيص ضمني.

 غير أن تفسير هذه النصوص بشكل يجعل شكلية الكتابة ركنا في هذا العقد، سيعزز الأمن التعاقدي أكثر، خاصة إذا ما أخذنا في الحسبان قيمة الديون التجارية التي يُلجأ إلى هذا الصنف من الرهون لأجل ضمان الوفاء بها، وكذا مدتها التي قد تطول، وبالتالي صعوبة إثبات الحقوق والالتزامات المنبثقة عن  هذا الرهن، هذا فضلا عن تحديد الالتزامات المترتبة على كلا الطرفين.

مقال قد يهمك :   القضاء التجاري يأذن باستمرارية نشاط "لاسامير" مجددا

الفقرة الثانية: عينية الرهن الحيازي

قبل صدور القانون رقم 21.18 المتعلق بالضمانات المنقولة، كان عقد الرهن عقدا عينيا بامتياز[21] دون مجال لادعاء العكس، إذ كان الفصل 1188 من ق.ل.ع ينص على ما يلي: “يتم الرهن الحيازي:

أولا: بتراضي طرفيه على إنشاء الرهن.

ثانيا: وزيادة على ذلك، بتسليم الشيء المرهون فعليا إلى الدائن أو إلى أحد من الغير يتفق عليه المتعاقدون.”

فهل ظل الوضع على حاله بعد صدور القانون المشار إليه ؟

لأجل الإجابة عن هذا التساؤل أقترح التعريج على قواعد قانون الالتزامات والعقود، ثم قواعد مدونة التجارة ذات الصلة بالرهن الحيازي.

أولا: عينية الرهن الحيازي على ضوء قانون الالتزامات والعقود

بالرجوع إلى قواعد قانون الالتزامات والعقود نجد المشرع وإن استغنى عن الرضائية على مستوى الفصل 1188 من ق.ل.ع بعد التعديل وعوضها بشكلية الكتابة، فإنه لم يستغن عن عينية هذا الرهن وذلك بصريح العبارة: “غير أنه لا يصح الرهن الحيازي إلا بالتسليم الفعلي للشيء المرهون إلى الدائن أو أحد من الأغيار يتفق عليه أطراف العقد.”[22]

فضلا عن استرسال المشرع قائلا عند تطرقه لرهن المنقول المشاع رهنا حيازيا: “الرهن الحيازي الذي يرد على حصة مشاعة في منقول لا يتم إلا بتسليم الشيء كله للدائن.”[23]

ومنه من الواضح أن صحة الرهن من الأساس سواء في مواجهة أطرافه أو في مواجهة الغير لا تتم إلا بتمام تسليم الشيء المرهون للدائن المرتهن.

لكن أيقصد المشرع ما يقول ؟

لا نعتقد ذلك، فبالرجوع إلى الفصل [24]1174 من ق.ل.ع،نجده يجيز صراحة إنشاء الرهن الحيازي على الشيء المستقبلي أو غير المحقق أو الذي لم تقع حيازته بعد، ولا يمكن للدائن المرتهن إذاك سوى المطالبة بتسلم الشيء المرهون عندما يصبح تسليمه ممكنا، وبالتالي لا يمكن بذلك اعتبار الرهن الحيازي عقدا عينيا.

كذلك الأمر في الفصل [25]1193 من ق.ل.ع، إذ لم يخول هذا الفصل للدائن المرتهن أكثر من حق طلب تسلم الشيء المرهون تحت طائلة التعويض في حالة عدم تسليم هذا الشيء المرهون.

ليس هذا وحسب، بل إن المشرع في الفصل 1191 من ق.ل.ع جعل–بشكل صريح-  من تسليم الشيء المرهون للدائن المرتهن أو أحد من الغير المتفق عليه شرطا لقيام الرهن في مواجهة الغير، وعندما نقول شرطا لقيام الرهن في مواجهة الغير فهذا يعني بداهة أن الرهن قد قام سلفا بين أطرافه ودون تسليم للشيء المرهون.

من خلال ما تقدممن الواضح أن المشرع قد وقع في تضارب، وناقض نفسه على مستوى الفصول المشار إليها، لذلك نعتقد أن على المشرع أن يستغني عن الفقرة الثالثة من الفصل 1188 من قانون الالتزامات والعقود وأن يعلن القطيعة التامة مع عينية الرهن الحيازي.

بل حتى جعل المشرع من التسليم وسيلة للشهر وسريان عقد الرهن الحيازي في مواجهة الغير أمر لا نجد له من جدوى، فإذا سلم زيد بصفته مدينا راهنا لعمر بصفته دائنا مرتهنا ساعته على سبيل الرهن الحيازي، فكيف سيعلم الغير –ومن بينهم دائنو زيد- بقيام عقد رهن بين زيد وعمر؟

وبالتالي نجاعة التسليم في شهر الرهن الحيازي ضعيفة، نقترح تعويضها بالقيد في السجل الوطني الإلكتروني للضمانات المنقولة، عبر تعديل القانون رقم 21.18 الذي يقصر القيد في السجل المذكور على الرهن دون نقل الحيازة فقط[26].

وهذا ما يتجه إليه المشرع الفرنسي عند تنظيمه للرهن الحيازي للمنقول المادي، إذ يعتمد كوسيلة للشهر القيد في سجل خاص، غير أنه في ذات الوقت خول إمكانية الشهر عبر إيداع الشيء المرهون بين يدي الدائن المرتهن أو أحد من الغير متفق عليه[27]. فلما المساكنة بين وسيلتين للشهر متفاوتتين في النجاعة والتكلفة ؟

هذا الجمع بين الوسيلتين وإن كان يمنح هامشا من حرية الاختيار وفقا لما يناسب متطلبات كل تصرف قانوني، إلا أنه غير فعال من أجل حسن ضبط الضمانات المنقولة المنشأة، بشكل قد يفقد هذا السجل دوره كأداة للشهر يُعتمد عليها طالما أنها لن تحتوي كافة الرهون الحيازية المنشأة ويمكن دائما مباغثة دائني الراهن برهون غير مقيدة بهذا السجل.

ثانيا: عينية الرهن الحيازي على ضوء مدونة التجارة

بالرجوع إلى قواعد الرهن الحيازي الواردة في مدونة التجارة تحديدا المادة 337 منها، نجد المشرع قد أحال صراحة على قواعد الباب الحادي عشر من قانون الالتزامات والعقود مما سيعيد النقاش بشأن عينية الرهن الحيازي التجاري إلى نقطة البداية، ولكننا سنمضي قدما في النقاش ونفترض في المشرع أنه استغنى عن عينية الرهن الحيازي.

لكن الإشكال المثار يتعلق بالمادة 339 منم.ت والتي جاءت لتنظم أحكام تسليم الشيء المرهون، بكثير من الاقتضابوبعبارات فضفاضة ثقيلة عن الفهم وتقبل عدة تأويلات، الأمر الذي يجعل الباحث في حيرة من أمره.

فهل يشترط المشرع عبر المادة المذكورة تسليم الشيء المرهون لقيام الرهن من الأساس أم لمجرد نفاذه في مواجهة الغير ؟

إن الإجابة على هذا السؤال تستدعي فك شفرة المصطلحات الواردة في المادة 339 من م.ت.

وأول ملاحظة يمكن تسجيلها على هذه المادة هو عبارة “الامتياز” التي أقحمت فيها، والتي تعني على الأرجح معنى غير المعنى المعروف للكلمة، فلا مجال للحديث عن الامتياز -بالمفهوم القانوني الدقيق للامتياز- في هذا الصدد لأنه حق أولوية في استيفاء الدين ذو مصدر قانوني وليس اتفاقي كما هو شأن الرهن الحيازي[28]، وبالتالي فمن الوارد أن يكون المشرع قصد به حق الأولوية، ومن الوارد كذلك أن يقصد به الرهن، ومرد هذا الافتراض أنه في العديد من مواد القانون يقصد بلفظ الامتياز، الرهن تارة[29] وتارة أخرى حق الأولوية[30].

فإذا كان يقصد بالامتيازِ الرهنُ، فإن ذلك يعني أن المشرع جعل من عقد الرهن الحيازي التجاري عقدا عينيا، وبالتالي لا يقوم هذا الصنف من الرهون إلا بتمام تسليم الشيء المرهون، الأمر الذي يخلق تعارضا بين هذا المقتضى ومقتضيات قانون الالتزامات والعقود ويجعل المادة 337 المشار إليها عاجزة عن تحقيق مبتغاها كاملا، فالرجوع إلى قواعد ق.ل.ع، للتتمة أحكام الرهن الحيازي التجاري لن يتم إلا بتحفظات أولها  كما أسلفنا متعلق بكتابة هذا الرهن، وثانيها تسليم الشيء المرهون.

أما إذا قمنا بتفسير عبارة الامتياز الواردة في المادة 339 من م.ت على أن المقصود منها هو الأولوية، فإن ذلك سيجعل التسليم شرطا لقيام الرهن في مواجهة الغير فقط، وهذا ما أدعو  إليه، وذلك لأجل خلق انسجام بين قواعد الرهن الحيازي التجاري والرهن الحيازي المنظم بقانون الالتزامات والعقود، ولأجل سرعة في إبرام التصرفات القانونية خاصة وأن المعاملات التجارية هي الأحوج إلى هذه السرعة، في أمل تعويض التسليم كآلية للشهر بالقيد في السجل الوطني الالكتروني للضمانات المنقولة كما سبق أن أشرت.

فضلا عن ذلك فقد استعمل المشرع على مستوى هذه المادة عبارة “لا يستمر الامتياز قائما على…” وهي عبارة لا نجد لها من تفسير مضبوط، فلو أخذنا بحرفيتها لانصرف المعنى إلى أن استمرارية أولوية الدائن المرتهن على الشيء المرهون هو المربوط بتمام التسليم، مما قد يوحي بأن الرهن يقوم منتجا آثاره في مواجهة الكافة وأن استمراره على هذا الحال هو الرهين بتسليم الشيء المرهون، وهذا قطعا لا يستقيم ولا مجال للأخذ به. لأجل ذلك يستحسن إعادة صياغة هذه المادة، بشكل يضمن يسر فهمها لدى الكافة، في سبيل رفع جودة النصوص من أجل تحقيق الأمن القانوني.

المطلب الثاني: وضعية الشيء المرهون عند قيام الرهن الحيازي وعند تحقيقه.

إن المحور الذي تدور حوله باقي أطياف عقد الرهن الحيازي وجودا وعدما هو الشيء المرهون، فالفكرة من الأساس تتعلق بكيفية استغلال شيء منقول من أجل تعزيز ثقة الغير في مالك ذا المنقول بشكل يجعل مؤتمنا وييسر حصوله على تمويل.

الأمر الذي يجعل من المهم تحديد وعاء الرهن بتحديد الشيء المرهون وبيان مختلف الإشكالات التي قد تعترض هذا التحديد، هذا فضلا عن التطرقإلى التزامات ذات صلة وثيقة بالشيء المرهون كالالتزام بضمان تعيبه وهلاكه، ومحاولة تحديد الملزمين بذلك. لأتطرق في الأخير للأبرز الإشكالات التي يثيرها تحقيق الرهن الحيازي.

الفقرة الأولى: الشيء المرهون

من حيث المبدأ فحيازة الشيء المرهون تنتقل للدائن المرتهن في الرهن الحيازي، مما يمنح هذا المرتهن مجموعة من الحقوق أبرزها الحق في حبس الشيء المرهون[31] إلى حين الوفاء بالدين المضمون وفي حالة عدم الوفاء تحقيق هذا الرهن، ويفرض عليه في المقابل مجموعة من الالتزامات من أبرزها الالتزام بالحفاظ على الشيء المرهون، هذا الالتزام وهذه الحقوق وغيرهما تثير العديد من الإشكالات، وحتى يتسنى التعاطي معها لا بد أولا من تحديد وعاء الرهن الحيازي.

أولا: وعاء الرهن الحيازي

تكمن أهمية تحديد وعاء الرهن في تحديد قيمة الشيء المرهون، وكذا ما يجوز للدائن المرتهن استعماله أو استغلاله أثناء حيازته لهذا الشيء المرهون وما يجوز لهبيعهفي إطار القانون بغية تحقيق الرهن في حالة عدم الوفاء بالدين المضمون.

وفي ذلك يلاحظ كيف أن المشرع على مستوى الفصل 1200[32] من ق.ل.ع، قد حدد وعاء الرهن الحيازي في الشيء المرهون وثماره وتوابعه وعائداته.

وما أرى ضرورة التركيز عليه في هذا الصدد هو مسألة الجعل من الثمار[33] جزءا من وعاء الرهن، مما يستدعي جنيها أولا حتى نعتبرها كذلك، الأمر الذي يجعلنا أمام استغلال –الاستغلال كعنصر من عناصر حق الملكية[34]-للشيء المرهون وبالتالي استعمال الشيء المرهون، فلا يمكن تصور استغلالٍ للشيء المرهون دون استعماله.

لكن ما يثير الاستفهام هو ما جاء في الفصل [35]1207 من ق.ل.ع، من منع صريحلاستعمال الدائن المرتهن للشيء المرهون رهنا حيازيا، تحت طائلة مساءلة الدائن المرتهن عن نتيجة الحادث الفجائي، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك.

فهل وقع المشرع في تناقض ؟

هذا ما يبدو من ظاهر الفصلين، لكن ليس من مصلحة أحد كثرة التناقضات التشريعية، لذلك أعتقد أنه من باب تنزيه المشرع لا بد من جمع ذات البين بين الفصلين وخير منفذ لذلك هو ربطالمنع من استعمال الشيء المرهون –الواردة في الفصل 1207 من ق.ل.ع- بالاستفادة الشخصية للدائن المرتهن من هذه الثمار، ومنه إذا كان جنيها بغرض حيازتها دون الاستفادة منها بشكل شخصي، فإن ذلك سيخرج المرتهن من دائرة استعمال الشيء المرهون.

لكن يظل هذا التأويل للفصلين حلا ترقيعيا فقط، من شأن التدقيق في فصول أخرى -متعلقة بالرهن الحيازي- كشف سوأته، لعل منها الفصل 1209 الذي فرض إرجاع المرتهنِ المرهونَ للراهنِ عند انقضاء الرهن الحيازي، مع حساب لما قبضه هذا الراهن من ثمار، مما يفهم منه أن المرتهن استفاد شخصيا من استعمال الشيء المرهون بشكل يجعله ملزما بتقديم حساب على ذلك من أجل خصم قيمة استفادة المرتهن من الشيء المرهون عبر هذه الثمار من مبلغ الدين المضمون.

ثانيا: ضمان تعيب وهلاك الشيء المرهون

إن ضمان التعيب والهلاك التزام يتحمله كلا طرفي الرهن الحيازي حسب الحلات، فالدائن يتحمل تبعات هلاك وتعيب الشيء المرهون إذا وقع بفعله أو بفعل الأشخاص الذين يسأل عنهم، مع عدم تحمله أثر القوة القاهرة والحادث الفجائي من حيث المبدأ[36]. كذلك المدين، إذ نص المشرع على تحمله هو الآخر تبعات هلاك الشيء المرهون إذا وقع هذا الهلاك والمرهون بين يدي الغير المتفق عليه[37].

ما يمكن ملاحظته على هذين المقتضيينهو شيء من النقص في كليهما، إذ لم يحددا بالبتة مدى إمكانية المطالبة باستبدال الشيء المرهون أو المطالبة بضمان تكميلي، هذا فضلا عن كون هذا المقتضى المشار ليه ثانيا –الوارد في الفصل 1214- المؤطر لالتزام المدين بالضمان لا يستقيم إدراجه ضمن الفرع الثالث من الباب الثاني من القسم الحادي عشر من قانون الالتزامات والعقود المعنون بالتزامات الدائن،والذي يجب أن يقتصر على التزامات الدائن وحده، أو أن يعاد عنونته ب”التزامات الدائن المرتهن والمدين الراهن” مع إدراج كافة التزاماتهما.

ومنه فقد تطرق المشرع من خلال ما سبق لالتزام الدائن بضمان تبعات فعله، والمدين الراهن بضمان تبعات فعل الغير المتفق عليه الحائز للشيء المرهون، فماذا عن ضمان المدين الراهن لتعيب وهلاك الشيء المرهون بفعله ؟ ومن يضمن تبعات التعيب والهلاك عندما يقع بفعل الغير ؟

بخصوص ضمان المدين الراهن لهلاك الشيء المرهون بفعله، نجد المشرع تعاطى معه بفصل شارد عن النسق، هو الفصل 1183[38] من ق.ل.ع، والذي يندرج ضمن الباب الأول المعنون بالأحكام العامة من القسم الحادي عشر من قانون الالتزامات والعقود، مع العلم أن الأمر يتعلق بأثر من آثار الرهن وليس بالقواعد العامة، هذا الفصل يقر حقا صريحا للدائن المرتهن كلما كان هلاك الشيء المرهون أو تعيبه بفعل المدين الراهن، يتمثل هذا الحق في المطالبة بحلول أجل الدين المضمون على الفور ما لم يقدم المدين ضمانا تكميليا للضمان الذي تعرض للتعيب أو معوضٍ للضمان الهالك.

مقال قد يهمك :   إحداث المقاولات بطريقة الكترونية على ضوء مشروع القانون 88.17

أما فيما يتعلق بضمان التعيب والهلاك في حالة تحقق أحدهما بفعل لا يعزى لخطأ الراهن ولا لخطأ المرتهن، فنجد المشرع لم يبين من يتحمله، بل اكتفى بالإشارة إلى من لا يتحمله تاركا فجا يتعين تقويمه، إذ قال بصياغة عسيرة عن الاستيعاب السلس، في الفصل [39]1182 من ق.ل.ع، بأن الدائن المرتهن لا يملك الحق في طلب ضمان تكميلي في حالة هلاك الشيء بسبب لا يعزى له، بمفهوم المخالفة إذا كان التعيب بسببه فله أن يطلب ضمانا تكميليا، وهو أمر لا يقبله المنطق.

على خلاف التشريع المدني المصري[40]، الذي كان أكثر وضوحا بتطرقه لمختلف الحالات التي يتحمل فيها المدين الالتزام بضمان التعيب والهلاك وكيفية ذلك، إذ أقر تحمله بضمان التعيب والهلاك الواقع بفعله أو خطئه عبر  تخويل الدائن الحق في المطالبة بضمان تكميلي أو المطالبة بدينه فورا، وكذلك ضمان التعيب والهلاك الناتج عن سبب أجنبي عبر تقديم ضمان تكميلي أو الوفاء بالدين للدائن المرتهن فورا ولو قبل أجل استحقاقه، مع تمكين الراهن من صلاحية الخيار بين الوسيلتين في هذه الحالة الأخيرة.

لذلك أعتقد أنه على المشرع المغربي أن يحذو حذو نظيره المصري، وأن يهدم الفصل 1182 من ق.ل.ع، ثم يعيد بناؤه على نحو أكثر دقة، وذلك بالتنصيص عليه في الفرع المتعلق بالأثار وليس الأحكام العامة، وبتخصيصه لضمان المدين الراهن لتبعات التعيب والهلاك الحاصل بفعل سبب أجنبي فقط، طالما أنه قد تطرق للحالة التي يقع فيها الهلاك أو التعيب بفعله الشخصي في الفصل 1183 من ق.ل.ع، وبفعل الغير المتفق عليه الحائز للشيء المرهون في الفصل 1214 من ق.ل.ع.

الفقرة الثانية: تحقيق الرهن الحيازي.

باللجوء إلى التحقيق يكون رهن الحيازي قد دنا أجله وبات على بعد شفى حفرة من الانقضاء، والتحقيق حق للدائن المرتهن يلجأ إلى ممارسته في حالة عدم استيفائه لدينه المضمون عند حلول أجل استحقاقه، بيد أن هذا التحقيق لا يخلو من الإشكالات وبعض من الملاحظات التي يتعين الأخذ بها لأجل تجويد المقتضيات القانونية المؤطرة له.

وطالما أن إجراءات تحقيق الرهن تختلف حسبما إذا تعلق الأمر برهن وارد على منقول معنوي أو منقول مادي، فأقترح التطرق لأبرز إشكالات كل واحد منهما على حدة.

أولا: تحقيق الرهن الحيازي الوارد على المنقول المادي

 تختلف صور تحقيق الرهن الحيازي الوارد على المنقول المادي، لكنها لا تخرج عن أربعٍ هي التملك القضائي أو الرضائي للشيء المرهون والبيع القضائي أو الرضائي له وكلها واردة في الفصل 1218 من ق.ل.ع.[41]

ما أرى ضرورة تسليط الضوء عليه لما يثيره من إشكالات هو التملك الرضائي تحديدا شرط تملك المرهون المضمن في عقد الرهن الحيازي، أي ذلك الشرطالاتفاقي الذي يُضمن في عقد الرهن الحيازي، مضمونه هو تملك الدائن المرتهن للشيء المرهون في حالة عدم أداء المدين الراهن للدين المضمون، على أن قيمة المرهون تتحدد في تاريخ التملك باتفاق بين الراهن والمرتهن، أو عبر خبير في حالة عدم التوافق عل قيمة محددة للشيء المرهون.[42]

غير أن مكمن المشكل يتمثل في حالة كون عقد الرهن الحيازي يتوفر على هذا الشرط، إلا أن الشيء محل الرهن مرهون بدوره لدائن أو دائنين آخرين من أجل ضمان الوفاء بديونهم السابق استحقاقها عن دين المرتهن صاحب شرط التملك، في هذه الحالة إذا امتنع المدين الراهن عن الوفاء بديون هؤلاء فما من مانع يحول بينهم وبين لجوئهم إلى تحقيق الرهن وبيع الشيء المرهون، في هذه الحالة سوف يصبح شرط التملك غير ذي جدوى إذ لن يمكن البتة تملك الشيء المرهون، لأجل ذلك وجب التدخل من أجل منع إنشاء رهون أخرى على ذات الشيء المرهون عندما يحتوي عقد الرهن الحيازي الوارد على هذا الشيء على شرط التملك، أو منع إدراج شرط التملك عندما ترد على الشيء المرهون رهون حيازية أخرى سابقة.

ثانيا: تحقيق الرهن الحيازي الوارد على المنقول المعنوي

 كما سبقت الإشارة إلى ذلك فالمنقول المعنوي هو الدين بالخصوص، ومن البداهة أن تختلف صور تحقيق المنقول المعنوي عن نظيره المادي، نظرا للاختلاف البنيوي  بين هذين الأخيرين.

لكن الإشكال يطرح في عدم وجود نص يؤطر تحقيق الرهن الحيازي الوارد على المنقول المعنوي، إذ نكاد لا نجد أثرا لكيفية تحقيق هذا الصنف من الرهون، خاصة وأن الفصل 1227-4[43] جاء مقصرا انتقال الحق في استيفاء الدين المرهون مباشرة من المدين بالوفاء به إلى الدائن المرتهن في حالة عدم الوفاء بالدين المضمون، على الرهون دون نقل الحيازة دون سواها من الرهون الحيازية التي ترد على الدين.

في اعتقادي الأمر لا يعدو أن يكون مجرد سهو من المشرع، يتعين تقويمه بالجعل من الفصل المذكور -1227/4- يشمل الرهن الحيازي والرهن بدون حيازة معا، وإلى ذلك الحين أقترح قياس تحقيق الرهن الحيازي الوارد على المنقول المعنوي على هذا الفصل، وفرض سداد الدين المرهون من المدين بالوفاء به مباشرة إلى الدائن المرتهن تحت طائلة عدم تبرئة ذمته.

لكن هذا لا يعني حل أزمة تحقيق الرهن الحيازي للدين، إذ لا زال ضباب كثيف يعتري أحكامه، فماذا لوحل أجل الوفاء بالدين المرهون قبل حلول أجل الوفاء بالدين المضمون،فمن سوف يحوز مبلغ الدين المرهون؟ وإل من سيؤدى هذا المبلغ؟ ومن سيتملكه ومتى؟ ومن خلال ذلك من له صلاحية التصرف فيه أو تفويته للغير؟

كل ذلك لا نجد له جوابا دقيقا، ومن الواضح أن على المشرع بذل جهد أكبر من أجل سد هذا النقص، لأجل غاية نبيلة هي تحقيق الأمن القانوني لعقد الرهن الحيازي للمنقول.

خاتمة:

إن التطرق لهذا الموضوع الحديث القديم في هذا النزر القليل من الصفحات لا يشفي الغليل حتما، ويبقي في النفس شيئا من حتى، خاصة وأن الأقلام لم تخطه كما يجب بعد، لحداثته، مما يجعل الجزم بتقييم نهائي له من المحال.

لكن رغم ذلك، وبعدما نزلنا ساحة هاته الفصول المنظمة للرهن الحيازي للمنقول، بدا لنا وكأن القانون 21.18 المتعلق بالضمانات المنقولة والذي من بين ما عدله هذا الصنف من الرهون موضوع المقال قد ولد خديجا، وهذا ليس عيبا كل ما هنالك أن حاجته إلى العناية كبيرة، عبر إدراج تحسينات عليه في الشكل والمضمون، لحل الإشكالات التي تعتريه خاصة تلك التي سلطنا عليها الضوء على مستوى هذا المقال.


الهوامش:

[1] للتوسع أنظر: دينيس لويد، فكرة القانون، ترجمة سليم الصويص، عالم المعرفة، طبعة نونبر 1981، الفصل الأول من ص11 إلى ص30.

[2] عرف المشرع الرهن الحيازي للمنقول عبر الفقرة الثانية من الفصل 1170 من ظهير الالتزامات والعقود بقوله: “أما الرهن الحيازي فهو عقد بمقتضاه يخصص المدين أو أحد من الغير يعمل لمصلحته شيئا لضمان التزام، والذي يقتضي التخلي عن حيازة الشيء محل الرهن الحيازي.”

[3] مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، الجزء الأول مصادر الالتزامات، الطبعة الثانية، مطبعة النجاح الجديدة، ص194.

[4] تنص الفقرة الأولى من الفصل 1188 من ظهير الالتزامات والعقود على ما يلي: “ينشأ الرهن الحيازي أو الرهن بدون حيازة كتابة في محرر رسمي أو عرفي”

[5] ينص الفصل 1190 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي: “يتم وصف الشيء محل الرهن الحيازي أو الرهن بدون حيازة في العقد المنشئ له، من خلال التنصيص فيه بكيفية عامة على نوعية هذا الشيء أو صنفه، ومستوى جودتهوكميته عند الاقتضاء، وعلى كل المواصفات الأخرى الممكن الإشارة إليها حسب طبيعة الشيء محل الرهن، وذلك حتى يتسنى التعرف عليه.”

[6] الفقرة الأولى والثانية من الفصل 1188 من قانون الالتزامات والعقود.

[7] Article 2336 du droit civil français : « le gage est parfait par l’établissement d’un écrit contenant la désignation de la dette garantie , la quantité des biens donnés en gage ainsi que leur espèce ou leur nature »

L’article 2356, première paragraphe du droit civil français : « a peine de nullité, le nantissement de créance doit être conclu par écrit »

[8] القانون رقم 21.18 المتعلق بالضمانات المنقولة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.76 بتاريخ في 11 شعبان 1440 (17 أبريل 2019)؛ الجريدة الرسمية عدد 6771 بتاريخ 16 شعبان 1440 (22 أبريل 2019) ص 2058

[9] كان الفصل1188 من ق.ل.ع قبل التعديل ينص في فقرته الأولى على ما يلي: ” يتم الرهن الحيازي:

أولا: بتراضي طرفيه على إنشاء الرهن.

ثانيا: وزيادة على ذلك، بتسليم الشيء المرهون فعليا إلى الدائن أو إلى أحد من الغير يتفق عليه المتعاقدون.”

[10] أجاز المشرع رهن الدين رهنا حيازيا ويمكن استشفاف ذلك بواسطة مجموعة من الفصول، منها الفصل 1170 في فقرته الأولى، والفصل 1179 الفقرة الثانية منه، الفصل  1195 وغيرهم وأخضعهم لكافة الأحكام المنظمة لرهن المنقول المادي تقريبا.

[11] المحرر الرسمي حسب الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود هو:

“الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون.

وتكون رسمية أيضا:

1 – الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم؛

2 – الأحكام الصادرة من المحاكم المغربية والأجنبية، بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها.”

[12] المحرر العرفي حسب الفصل 423 من قانون الالتزامات والعقود هو: “الورقة التي لا تصلح لتكون رسمية، بسبب عدم اختصاص أو عدم أهلية الموظف، أو بسبب عيب في الشكل، تصلحلاعتبارها محررا عرفيا إذا كان موقعا عليها من الأطراف الذين يلزم رضاهم لصحة الورقة.”

هذا فضلا عن مجموعة من النماذج الأخرى للمحررات العرفية ورد النص بشأنها في الفصل 424 وما بعدها من قانون الالتزامات والعقود.

[13] الفصل 194 الفقرة الثانية: “تنقل حوالة الحق أو الدين للمحال له ملكية الحق أو الدين المحال، سواء مقابل تسبيق كلي أو جزئي أو ضمانا لدين، وذلك بتراضي الطرفين.”

[14] الفصل 195 مكرر من ق.ل.ع: ” إذا قدمت حوالة الحق أو الدين على سبيل الضمان، لا يحتج بها في مواجهة الغير إلا بعد تقييدها في السجل الوطني الإلكتروني للضمانات المنقولة”

أما السجل فهو محدث بمقتضى القانون 28.18 المتعلق بالضمانات المنقولة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف عدد 1.19.76 الصادر في 11 شعبان 1440 (17 أبريل 2019) الجريدة الرسمية عدد 6771 بتاريخ 22 أبريل، 2019 ص 2058.

[15] جاء في الفقرة الرابعة من المادة 14 من القانون رقم 21.18 المتعلق بالضمانات المنقولة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.76 بتاريخ في 11 شعبان 1440 (17 أبريل 2019)؛ الجريدة الرسمية عدد 6771 بتاريخ 16 شعبان 1440 (22 أبريل 2019) ص 2058، ما يلي: “لا يتطلب إجراء التقييد المذكور في الفقرة الأولى أعلاه بالسجل الوطني الإدلاء بأية وثيقة.”

[16] ينص الفصل 199 من ق.ل.ع على ما يلي: “يجب على المحيل أن يسلم للمحال له سندا يثبت وقوع الحوالة، وأن يقدم له، إلى جانب سند الدين، ما يكون لديه من وسائل إثباته، والبيانات اللازمة لمباشرة الحقوق المحولة، ويجب عليه أن يقدم للمحال له سندا رسميا يثبت وقوع الحوالة إذا طلب منه ذلك. ومصروفات هذا السند على المحال له.”

[17] مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، الجزء الثاني أوصاف الالتزام وانتقاله وانقضاؤه، الطبعة الثانية، مطبعة النجاح الجددة الدار البيضاء، ص201.

[18] ينص الفصل 1195 من ق.ل.ع على ما يلي: “يقرر الامتياز على الديون المنقولة:

أ – بتسليم السند المثبت للدين؛

ب – وزيادة على ذلك، بإعلام المدين في الدين المرهون إعلاما رسميا أو بقبول هذا المدين الرهن في محرر ثابت التاريخ.

ويلزم أن يقع الإعلام الرسمي من الدائن في الدين المرهون أو من الدائن المُرتَهِن إذا أذن له الدائن الأول بذلك.

والدين غير الثابت في محرر لا يصح أن يكون محلا للرهن”

مقال قد يهمك :   لقاء أكاديمي يناقش الموازنة بين الحقوق والواجبات في استيفاء الدين العمومي.

[19] المادة 337 الفقرة الأولى: “يخضعالرهن الحيازيللمنقولالمنشأ من تاجر أو غيره بمناسبة عمل تجاري للمقتضيات العامة الواردة فيالقسم الحادي عشر من الكتاب الثاني من الظهير الشريف المؤرخ في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المعتبر بمثابة قانونالالتزامات والعقود وكذا للمقتضيات الخاصة موضوع الفصل الأول من هذاالباب.”

[20]المادة 338 الفقرة الأولى: ” يثبتالرهن طبقالأحكامالمادة 334 بالنسبة للمتعاقدين والغير، سواء قام به تاجر، أو غير تاجر منأجلضمان عمل من الأعمال التجارية.”

[21]عبد السلام أحمد فيغو، العقود المدنية الخاصة في القانون المغربي، الطبعة الأولى 2008، مطبعة الأمنية الرباط، ص 428 و429.

[22] الفقرة الثالثة من الفصل 1188 من الظهير الشريف بمثابة  قانون الالتزامات والعقود.

[23]أنظر الفقرة الأولى من الفصل 1189 من ق.ل.ع.

[24] الفقرة الثانية من الفصل 1174 من ظهير الالتزامات والعقود: “يجوز إنشاء الرهن الحيازي أو الرهن بدون حيازة على الشيء المستقبل أو غير المحقق أو الذي لم تقع حيازته بعد. وإذا تعلق الأمر برهن حيازي لا يخول الدائن إلا الحق في أن يطلب تسلم الأشياء محل العقد حينما يصبح تسليمها ممكنا.”

[25]  تنص الفقرة الأولى من الفصل 1193 من ظهير الالتزامات والعقود: “الاتفاق الذي يلتزم شخص بمقتضاه، بأن يرهن رهنا حيازيا شيئا معينا يخول للدائن الحق في طلب تسلم المرهون، وعند عدم تسليم المرهون إليه يكون له الحق في التعويض.”

[26] تنص الفقرة الأولى من المادة 12 القانون 21.18 المتعلق بالضمانات المنقولة، على ما يلي: “يحدث سجل وطني إلكتروني للضمانات المنقولة يعهد بتدبيره إلى الإدارة، يشار إليه بعده بالسجل الوطني، تتم من خلاله عملية إشهار جميع أنواع الرهون بدون حيازة عن طريق تقييدها، وإجراء التقييدات اللاحقة، وكذا التشطيبات المنصبة عليها، باستثناء الرهون بدون حيازة التي تهم الآليات المنصوص عليها في المادة 376 من القانون رقم 95.15 المتعلق بمدونة التجارة.”

غير أن المشرع استدرك في الفقرات الموالية لهذه الفقرة قائلا : “كما تتم من خلال السجل الوطني كل عملية إشهار تهم أصنافا أخرى من الضمانات المنقولة، طبقا للمقتضيات التشريعية الخاصة بهذه الأصناف، وكذا العمليات الأخرى التي تدخل في حكمها.

ويقصد بالعمليات الأخرى التي تدخل في حكم الضمانات المنقولة العمليات المتعلقة بحوالة الحق أو الدين وبيع المنقول مع شرط الاحتفاظ بالملكية والائتمان الإيجاري وحوالة الديون المهنية وعمليات شراء الفاترات.”

إلا أن استدراكه لم يشمل الرهن الحيازي، ولا يمكن في اعتقادنا استنباط ذلك من قول المشرع “أصنافا أخرى من الضمانات” طالما أن المشرع لم يدرج شرطا صريحا يقضي بقيد الرهن الحيازي في هذا السجل بل اقتصر على التسليم، ولا عبرة للدلالة في مقابل التصريح كما هو معلوم.

[27]ART 2337 DU DROIT CIVIL FRANÇAIS : « Le gage est opposable aux tiers par la publicité qui en est faite.

il l’est également par la dépossession entre les mains du créancier ou d’un tiers convenu du bien qui en fait l’objet. »

   ART 2338 DU DROIT CIVIL FRANÇAIS : « Le gage est publié par une inscription sur un registre spécial dont les modalités sont réglées par décret en Conseil d’Etat. »

[28]جاء في الفصل 1243 من ظهير الالتزامات والعقود: “الامتياز حق أولوية يمنحه القانون على أموال المدين نظرا لسبب الدين.”

[29] مثال ذلك الفصل 1195 من ظهير الالتزامات والعقود: ” يقرر الامتياز على الديون المنقولة:

أ – بتسليم السند المثبت للدين؛

ب – وزيادة على ذلك، بإعلام المدين في الدين المرهون إعلاما رسميا أو بقبول هذا المدين الرهن في محرر ثابت التاريخ.

ويلزم أن يقع الإعلام الرسمي من الدائن في الدين المرهون أو من الدائن المُرتَهِن إذا أذن له الدائن الأول بذلك.

والدين غير الثابت في محرر لا يصح أن يكون محلا للرهن.”

[30] مثال ذلك الفقرة الأولى من المادة 364 منم.ت: “يستمرامتياز الدائنالمرتهنعلى المال المنقول المادي إذا صار عقارا بالتخصيص.”

[31] ينص الفصل 291 من ق.ل.ع، على ما يلي: “حق الحبس هو حق حيازة الشيء المملوك للمدين، وعدم التخلي عنه إلا بعد وفاء ما هو مستحق للدائن، ولا يمكن أن يباشر إلا في الأحوال الخاصة التي يقررها القانون”

[32] ينص الفصل 1200 من ق.ل.ع على ما يلي: “تدخلثمار وعائدات وتوابع الأشياء، محل الرهن الحيازي أو الرهن بدون حيازة، في وعاء كل واحد منهما، وتعتبر مشمولة ضمنالوعاءالمذكور ابتداء من تاريخ إنشائهما، وذلك ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك.

في حالة استبدال كل الأشياء المرهونة بحيازة أو بدون حيازة أو جزء منها، تعتبر ثمار وعائدات وتوابع الأشياء الجديدة مشمولة ضمن وعاء الرهن ابتداء من تاريخ إنشائه.”

[33] يعرف الأستاذ مأمون الكزبري الثمار بقوله “كل ما يغله الشيء في فترات معينة منتظمة بحسب اعداده الطبيعي ودون أن يلحقه إتلاف أو نقص محسوس في جوهره” والثمار على ثلاثة أنواع هي إما ثمار طبيعية وهي ما يغله الشيء في فترات مباشرة دون عمل الانسان، إما ثمار صناعية وهي ما يغله الشيء بفعل الانسان، إما ثمار مدنية وهي الغلة النقدية التي يجنيها المالك بأوقات دورية لقاء تخليه عن الانتفاع بالشيء لغيره. أنظر مأمون الكزبري التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية، طبعة 1982، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، ص283 و284

[34]  يعرف الأستاذ مأمون الكزبري حق الاستغلال قائلا “حق استغلال الشيء أي حق الانتفاع بغلته وثماره”، أنظر مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية، نفس المرجع، السابق ص 280.

[35] ينص الفصل 1207 من ظهير الالتزامات والعقود: “لا يجوز للدائن أن يستعمل الشيء المرهون رهنا حيازيا، أو أن يرهنه للغير أو أن يتصرف فيه بأي طريقة أخرى لمصلحته الشخصية، ما لم يتفق أطراف عقد الرهن على خلاف ذلك، أو ما لم يأذن له الراهن في ذلك صراحة.

وعند الإخلال بهذا الالتزام يسأل الدائن حتى عن نتيجة الحادث الفجائي مع حفظ حق المدين أو الغير المالك للمرهون في التعويض”

[36] ينص الفصل 1211 من ظهير الالتزامات والعقود على ما يلي: “يضمن الدائن هلاك المرهون وتعيبه، إذا حصل بفعله أو بخطإه أو بفعل أو خطإ الأشخاص الذين يسأل عنهم.

وهو لا يضمن الحادث الفجائي والقوة القاهرة، إلا إذا حصلا بعد أن أصبح في حالة مَطْـل أو بعد أن صدر منه خطأ. ويقع عليه عبء إثبات الحادث الفجائي والقوة القاهرة.

ويبطل الشرط الذي يكون من شأنه أن يحمل الدائن نتيجة القوة القاهرة”

[37] ينص الفصل 1214 من ظهير الالتزامات والعقود على ما يلي: “إذا سلم المرهون إلى الغير المتفق عليه بين الطرفين، تحمل المدين تبعة هلاك المرهون، مع حفظ حق هذا الأخير في الرجوع على هذا الأخير في الرجوع على هذا الغير المودع لديه وفق ما يقضي به القانون.”

[38]  ينص الفصل 1183 من ظهير الالتزامات والعقود: “إذا هلك الشيء المرهون أو تعيب بفعل المدين، كان للدائن أن يطلب الوفاء بحقه على الفور، حتى لو كان مضافا إلى أجل لم يحل بعد، وذلك ما لم يقدم له المدين ضمانا آخر معادلا أو يكمل له الضمان”

[39]ينص الفصل 1182 من ظهير الالتزامات والعقود: “إذا تعيب المرهون بسبب لا يعزى لخطأ المُرتَهِن لم يكن له أن يطلب ضمانا تكميليا، ما لم يتفق على غير ذلك.”

نفس الملاحظة التي سجلناها على الفصل 1183 نسجلها على هذا الفصل، إذ لا يستقيم التنصيص عليه في الفرع الأول المعنون بالأحكام العامة من القسم الحادي عشر من قانون الالتزامات والعقود، لأن مضمونه لا يتعلق بأحكام عامة بل بأثر من آثار الرهن الحيازي.

[40] جاء في القانون المدني المصري رقم 131 الصادر في 9 رمضان 1367 الموافق ل16 يوليوز 1948 ما يلي:

 في الفقرة الأولى والثانية من المادة 1102: “يضمن الراهن هلاك الشيء المرهون أو تلفه إذا كان الهلاك أو التلف راجعا لخطئه أو ناشئا عن قوة قاهرة.

 وتسرى على الرهن الحيازي أحكام المادتين 1048 و 1049 المتعلقة بهلاك الشيء المرهون رهنا رسميا أو تلفه، وبانتقال حق الدائن من الشيء المرهون إلى ما حل من حقوق.”

في المادة 1048: “إذا تسبب الراهن بخطئه في هلاك العقار المرهون أو تلفه، كان الدائن المرتهن مخيرا بين أن يقتضي تأمينا إضافيا أو أن يستوفى حقه فورا.

فإذا كان الهلاك أو التلف قد نشأ عن سبب أجنبي ولم يقبل الدائن بقاء الدين بلا تأمين، كان المدين مخيرا بين أن يقدم تأمينا إضافيا أو أن يوفى الدين فورا قبل حلول الأجل، وفى الحالة الأخيرة إذا لم يكن للدين فوائد فلا يكون للدائن حق إلا في استيفاء مبلغ يعادل قيمة الدين منقوصا منها الفوائد بالسعر القانوني عن المدة ما بين تاريخ الوفاء وتاريخ حلول الدين

وفى جميع الأحوال إذا وقعت أعمال من شأنها أن تعرض العقار المرهون للهلاك أو التلف أو تجعله غير كاف للضمان، كان للدائن أن يطلب إلى القاضي وقف هذه الأعمال واتخاذ الوسائل التي تمنع وقوع الضرر.”

[41] ينص الفصل 1218 من ظهير الالتزامات والعقود على ما يلي: “طيجوز للدائن المرتهن في حالة عدم أداء الدين المضمون، وبعد استيفاء الإجراءات المشار إليها في الفصل 1219 بعده، القيام بما يلي:

1- تملك الشيء المرهون رهنا حيازيا أو الشيء المرهون بدون حيازة عن طريق الاتفاق طبقا للكيفيات المنصوص عليهافي الفصل 1221 أدناه؛

2- أو بيع الشيء المرهون رهنا حيازيا أو الشيء المرهون بدون حيازة بيعا بالتراضي أو عن طريق مزاد يشرف عليه شخص من أشخاص القانون الخاص طبقا للكيفيات المنصوص عليهافي الفصل1222أدناه؛

3- أو بيع الشيء المرهون رهنا حيازيا أو الشيء المرهون بدون حيازة بيعا قضائيا طبقا للكيفيات المنصوص عليهافي الفصل 1223 أدناه؛

4- أو استصدارأمر قضائييقضي للدائن بتملك الشيء المرهون رهنا حيازيا أو الشيء المرهون بدون حيازة طبقا للكيفيات المنصوص عليهافي الفصل 1224 أدناه؛”

[42]  أنظر الفصل 1221 من ظهير الالتزامات والعقود: “يجوز أن يتفق الدائن المرتهن رهنا حيازيا أو الدائن المرتهن رهنا بدون حيازة مع الراهن، عند إنشاء الرهن، على أنه في حالة عدم أداء الدين المضمون، يصبح الدائن مالكا للشيء المرهون.

في حالة الرهن الحيازي، يبقى الشيء المرهون بيد الدائن المرتهن، ويتملكه بمجرد ثبوت عدم الأداء.

وفي حالة الرهن بدون حيازة، يتملك الدائن المرتهن الشيء المرهون بمجرد ثبوت عدم الأداء. ويتعين إثر ذلك على الراهن تسليم الشيء المرهون إلى الدائن المرتهن تحت طائلة اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة من أجل ذلك.

تحدد قيمة الشيء المرهون في تاريخ التملك باتفاق بين الدائن المرتهن والراهن.

إذا كان الرهن يتكون من عدة عناصر وجب تحديد قيمة كل عنصر على حدة.

وفي حالة عدم الاتفاق بينهما على القيمة، يتم تعيين خبير لهذه الغاية بالتراضي بينهما.

وإذا تعذر ذلك، يتم اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة لاستصدار أمر من أجل تعيينه قصد تحديد القيمة.

عندما يكون الشيء المرهون مدرجا في سوق مقننة، تحدد قيمة هذا الشيء في تاريخ التملك على أساس سعر الإغلاق الأخير في هذه السوق.

وعندما تفوق القيمة المحددة مبلغ الدين المضمون، يؤدى للراهن مبلغ يساوي الفرق بينهما، مع مراعاة أحكام الفصل 1-1227 أدناه.”

[43] جاء في الفصل 1227-4 ما يلي: “إذا كان الشيء المرهون رهنا بدون حيازة دينا على أحد من الأغيار، جاز للدائن المرتهن، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك، استيفاء دينه في حدود ما هو مستحق مباشرة من هذا الغير.

ولا تبرأ ذمة الغير إلا إذا دفع الدين المرهون للدائن المرتهن. وفي هذه الحالة، يكون وفاؤه بالدين كما لو حصل من المدين الأصلي.

وإذا تعدد المرتهنون، ثبت حق استيفاء الدين المرهون للسابق منهم في التاريخ، وعلى هذا الأخير أن يشعر المدين الأصلي فورا باستيفاء الدين وعند الاقتضاء أن يشعره بالمطالبة القضائية التي يباشرها.”

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)