الخدمات الضريبية الإلكترونية بالمغرب : التحديات و الرهانات

نظام الفاتورة الإلكترونية

وكالات الحوض المائي على ضوء قانون الماء رقم 36.15

4 فبراير 2019 - 4:16 م المنبر القانوني
  • حجم الخط A+A-
  • ايت حمو أيوب طالب باحث في ماستر العلوم الإدارية و المالية-كلية الحقوق السويسي.

يعتبر الماء من أهم الموارد الأساسية التي يرتكز عليها النشاط الإنساني ويشكل عمق التنمية المستدامة فلا يمكن تخيل وجود حياة في المستقبل بدون ماء، وفي ظل اتجاه دول العالم إلى المكننة وانتشار وسائل التصنيع الحديثة عرف هذا المورد استنزافا حادا، لذلك كانت الضرورة ملحة لسن تشريعات للحفاظ عليه وضمان استدامته.

المغرب بدوره لم يكن بعيدا عن هذا الأمر، حيث عمد منذ عهد الحماية الفرنسية، من خلال ظهير الأملاك العمومية[1] ، إلى اعتبار الثروة المائية بكافة أشكالها من الأملاك العمومية للدولة التي لا يمكن أن تكون محل تملك خاص، باستثناء  إذا ما اكتُسِبَتْ عليها حقوقٌ قانونية.

ومنذ ذلك الوقت، تم تأطير الماء من خلال مجموعة من النصوص القانونية المتفرقة، ليتم سنة 1995 تجميعها وتحيينها لتتلاءم ومتطلبات العصر الحالي،  وذلك من خلال القانون رقم 95 – [2]10 المتعلق بالماء.

أما في ظل دستور [3]2011، وفي سياق المقاربة العالمية التي باتت تتسم بدسترة البعد البيئي باعتباره حقا مكتسبا ضمن حقوق الجيل الثالث، تم التنصيص من خلال الفصل 31 على أنه :

 ” تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير حصول المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، على الماء والعيش في بيئة سليمة .

 في ظل هذه الرؤية تم  سنة 2016 إصدار القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء الذي جاء بمقاربة حديثة في تدبير المورد المائي، خصوصا وأن المغرب في نفس السنة كان مقبلا على استقبال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (  (COP22.

تجدر الإشارة إلى أن قانون الماء رقم 36.15  يتضمن مائة وثلاثة وستون ( 163 ) مادة موزعة على إحدى عشر ( 11 ) بابا، وقد استهدف منه تحقيق الأهداف التالية :

  • ضمان التقائية المخططات الوطنية والترابية الرامية إلى تحقيق تدبير معقلن ورشيد للموارد المائية؛
  • التأسيس لوحدة ترابية تنفرد بتدبير الموارد المائية على مستوى مجال ترابي محدد؛
  • حماية وتثمين الموارد المائية باعتبارها تندرج ضمن الأملاك العامة للدولة، ووضع الأسس الزجرية والضبطية للحد من إتلافها.

وما يميز قانون الماء الجديد رقم 36.15 عن سابقه رقم 10.59، هو تبنيه المقاربة التشاركية في التدبير المائي، من خلال إدماجه لجميع الفعاليات، سواء منها الترابية أو المجتمعية للتدخل في تدبير المورد المائي، وهذا ما يظهر بشكل جلي من خلال المادة الأولى من هذا القانون التي جاء فيها:

مقال قد يهمك :   واقع الجهوية المتقدمة بين التدبير الحر و سلطة التداول-جهة كليميم واد نون نموذجا-

” يحدد هذا القانون قواعد التدبير المندمج واللامركزي والتشاركي للموارد المائية من أجل ضمان حق المواطنات والمواطنين في الحصول على الماء ….”

وقد كان من بين أهم المؤسسات التي تم تنصيص عليها والتوسيع من اختصاصها من خلال هذا القانون، هي وكالات الحوض المائي التي أصبحت تلعب دورا محوريا في تدبير الملك العمومي المائي على مستوى تقطيع ترابي محدد، إذا،

كيف تساهم وكالات الأحواض المائية في تجويد تدبير الملك العام المائي  على المستوى الترابي من خلال قانون الماء رقم 36.15 ؟

” وكالات الأحواض المائية كمؤسسات عمومية تجسد حضور الجماعات الترابية في

قانون الماء رقم 36.15 “

تم إحداث وكالات الأحواض المائية بمقتضى الفرع الثالث من الباب الثاني من قانون الماء رقم 10.95، وتم التنصيص عليها في الفرع الثاني من الباب السادس من قانون الماء الحالي رقم 36.15، وهي مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي تَحدث على مستوى كل حوض مائي أو مجموعة من الأحواض المائية[4]، ويكون من ضمن تشكيلة مجلس إدارة وكالة الحوض المائي رؤساء مجالس الجهات المعنية أو أحد نوابهم.

ويحدث طبقا للمادة 88 من القانون السالف الذكر، بمنطقة نفوذ كل وكالة حوض مائي مجلس تحت اسم ” مجلس الحوض المائي “، يكون من ضمن تشكيلته ممثلون عن مجلس أو مجالس الجهات المعنية، ممثلي عن مجالس العمالات والأقاليم المعنية.

ويُناط بهذه الوكالة [5]:

  • إنجاز القياسات والأبحاث والقيام بالدراسات الضرورية لتقييم وتتبع تطور حالة الموارد المائية على مستوى الكم والجودة؛
  • إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة للموارد المائية والمخططات المحلية لتدبير المياه ؛
  • التدبير المندمج للموارد المائية ومراقبة استعمالها؛
  • منح الترخيصات والامتيازات لاستعمال الملك العمومي المائي …

بذلك تُعتبر وكالة الحوض المائي الفاعل الرئيسي على المستوى الترابي الذي يعنى بوضع الخطط والاستراتيجيات الرامية إلى تهيئة وتدبير الموارد المائية، وكذا ضبط وتقنين استغلالها.

ومن أهم هذه المخططات نجد المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة للمياه، الذي يتم وضعه طبقا للمادة 91 من قانون الماء الحالي على مستوى كل حوض أو مجموعة أحواض مائية مع الأخذ بعين الاعتبار التوجهات الإستراتيجية ومقتضيات المخطط الوطني للماء.

ويوضع هذا المخطط وفق مقاربة تشاركية مع الفاعلين الترابيين المعنيين داخل منطقة نفوذ الوكالة لمدة 30 سنة، في هذا السياق وطبقا للمادة 95 من القانون السالف الذكر، يجب على التصاميم الجهوية لإعداد التراب ووثائق التهيئة والتعمير ومخططات وبرامج التنمية الجهوية أو القطاعية، بصفة عامة أن تأخذ بعين الاعتبار توجهات ومقتضيات المخطط الوطني للماء والمخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة لموارد المياه.

وهنا يظهر دور الجماعات الترابية خصوصا الجهات حتى تكون برامج التنمية التي تقوم بإعدادها إطارا مرجعيا لتزيل السياسات والمخططات الوطنية للماء على المستوى الترابي.

وفي إطار التعاون والتنسيق القائم بين الجماعات الترابية ووكالات الحوض المائي لا تمنح هذه الأخيرة داخل المدار الحضري  الترخيصات والامتيازات المتعلقة بالملك المائي، لاسيما منها المرتبطة بحفر الآبار وإنجاز الأثقاب..، إلا بعد استطلاع رأي المجلس الجماعي المعني.[6]

مقال قد يهمك :   محمد أمزيان: قراءة في المادة السابعة من مرسوم رخص تسوية البنايات غير القانونية

” وكالة الحوض المائي لأبي رقراق و الشاوية،

كنموذج للدراسة “

تلعب وكالات الحوض المائي دورا محوريا في مجال تدبير الملك العمومي المائي على المستوى الترابي، وفي هذا الإطار تستفيد الجماعات الترابية من مساعدة وكالات الحوض المائي، وذلك بوضع مشاريع في إطار الشراكة يكون الهدف منها صيانة مجاري المياه، حماية موارد المياه والمحافظة عليها، إنجاز البنيات التحتية الضرورية للحماية من الفيضانات.

ولرصد التعاون والمساعدة التي تقدمها وكالات الحوض المائي للجماعات الترابية، سنأخذ كمثال للدراسة وكالة الحوض المائي لأبي الرقراق والشاوية، يقع مقر هذه الوكالة بابن سليمان وتنضوي تحت دائرة نفوذها ثلاث جهات هي ، جهة رباط – سلا – القنيطرة ، جهة الدار البيضاء – السطات، وجهة بني – ملال – خنيفرة.[7]

من خلال هذا الجدول الذي يتضمن بعض المشاريع المقترحة المدرجة ضمن خطة عمل وكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية ( 2012 – 2016 )، نلمس بعض مظاهر المساعدة التي تقدمها الوكالة على مستوى مجموعة من العمالات والأقاليم[8].

أيضا هذه المساعدة  والتعاون نلمسها من خلال مشاريع التهيئة التي أنجزتها الوكالة كمثال داخل إقليم الخميسات ( 2014 – 2015)،[9]

خطة عمل لوكالة الحوض المائي 

لأبي رقراق والشاوية لفترة 2012-2016

نلاحظ من خلال هذا الجدول مساهمة الوكالة في مشروع حماية مركز جماعة المعازيز من الفيضانات وذلك بكلفة مالية بلغت 4،71 مليون الدرهم.

بذلك تعتبر وكالات الأحواض المائية من أهم تجليات اللامركزية المرفقية التي تعمل على ضبط استعمال الملك العمومي المائي وتجويد تدبيره، وذلك بشراكة مع مجموعة من الفاعلين الاستراتيجيين من أهمهم الجماعات الترابية، سيما أن وكالات الحوض المائي تمارس تدخلاتها على المستوى الترابي.

هذا الأمر ما يجسد رغبة الدولة في جعل البعد البيئي خصوصا فيما هو متعلق بالماء خيار استراتيجي غير محصور فقط في الاستراتيجيات والمخططات التي يتم إعدادها على المستوى المركزي للدولة، وإنما أصبح رهانا مركزيا وترابيا في نفس الوقت، تتدخل فيه جل الفعاليات اللامركزية سواء كانت مؤسسات عمومية أو جماعات ترابية باختلاف مستوياتها.

مقال قد يهمك :   قراءة في اجتهادات القضاء الدستوري: القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية نموذجا

الهوامش :

[1] – ظهير شريف بتاريخ 7 شعبان 2331 في شان الأملاك العمومية بالإيالة الشريفة ،ج. ر. بتاريخ 16 شعبان 2331 21 يوليوز 1914

[2] – القانون رقم 95-10 المتعلق بالماء ، ج. ر. بتاريخ 24 ربيع الآخر 1416 – 20 سبتمبر 1995.

[3] – دستور المملكة المغربية، الصادر في 17 شعبان 1432/ 29 يوليوز 2011، ج.ر عدد 5694 مكرر الصادرة بتاريخ 30 يوليو 2011.

[4] – الفقرة الثانية من المادة 15 من القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء :

 يراد بعبارة حوض مائي في مدلول هذا القانون ما يلي : أ- مجموع المساحة الطبوغرافية التي يصرفها مجرى ماء وروافده من المنبع إلى البحر ، أو إلى أبعد حد يمكن فيه اكتشاف سيلان مهم في مجرى ماء داخل الحدود الإقليمية. ب- أو كل مجموعة جهوية مكونة من أحواض أو أجزاء أحواض مائية كما تم تحديدها في الفقرة السابقة إذا كانت تشكل وحدة مائية بسبب تعبئتها لوحدة المورد من أجل تزويدها بالماء. وتعين حدود كل حوض مائي بنصوص تنظيمية.

[5] – المادة 80 من القانون رقم 15.36 المتعلق بالماء.

[6] – المادتين 28 و 29 من نفس القانون.

[7] – مشروع مرسوم رقم 2 – 17 – 690  ينعلق بوكالات الأحواض المائية.

[8]  جدول تركيبي لبعض المشاريع المدرجة ضمن خطة عمل وكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية لفترة 2012 – 2016، بناء على معطيات واردة في الموقع الرسمي للوكالة المذكورة ، رابط الخطة : اضغط هنا 

[9] – جدول تركيبي لمشروع حماية مركز المعازيز من الفياضانات المدرج ضمن المشاريع الهيكلية لإقليم الخميسات ( 2014 – 2015 )، رابط المشاريبع الهيكلية لإقليم الخميسات: اضغط هنا

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)