أمينة رضوان: رقابة تنفيذ المقتضيات المتعلقة بتشغيل الأجراء القاصرين

الدّكتورة أمينة رضوان

باحثة في العلوم القانونية

 

يعد موضوع تشغيل القاصرين من المواضيع المعقدة التي تشغل بال الرأي العام الدولي والوطني لكونه يهم مستقبل أبرز الشرائح داخل المجتمع، ألا وهي شريحة الأطفال الذين هم نساء ورجال المستقبل والرأسمال الأساسي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لكل بلد، وهذه الظاهرة ليست بالظاهرة الجديدة في عالمنا، بل عرفتها المجتمعات منذ القدم[1] لأسباب متداخلة، حيث يعد الفقر والحاجة من بين دواعي تشغيل القاصرين، فالكثير من الأسر تدفع بأبنائها إلى الشغل في سن مبكرة، من أجل توفير لقمة العيش، والجهل والأمية عامل ودافع آخر لاستفحال هذه الظاهرة، لكون الأسر التي تتصف بهذه الخاصية السلبية لا تحرص على تعليم أبنائها، لأنه لا فائدة في تعليمهم حسب نظرها، وإلى جانب هذين العاملين هناك العامل الثقافي المترسب في بعض فئات المجتمع التي ترى أن التحاق الطفل بحرفة ما يضمن له الاعتماد على نفسه عندما يصبح يافعا، وهذا ما يجد تفسيرا أوسع في نظرية القرار الأسري، حيث تشير هذه النظرية إلى أن الطفل مسلوب الإرادة، ولا يستطيع تقرير مصيره بنفسه، وبناء على ذلك، فإن الأبوين يقرران عنه بما يتوافق مع مصالحهما ويخدم ويحقق رغباتهما، وبالموازاة مع ذلك نجد السبب المتمثل في قلة المدارس وارتفاع تكاليف الدراسة، فعدم وجود المدارس في المناطق القروية يدفع الأسر إلى الامتناع عن تعليم أبنائها خاصة عندما يتجاوز الطفل المستوى الابتدائي، وارتفاع تكاليف الدراسة يشجع على دفع الأسر بأبنائها إلى عالم الشغل بكل سلبياته. حقا إن المشرع المغربي أصدر منذ 13 نونبر 1963 ظهيرا يتعلق بإلزامية التعليم الأساسي الذي يقضي بإجبارية التعليم الابتدائي للأطفال المغاربة ذكور وإناثا ما بين سبع سنوات وثلاث عشرة سنة، والذي عمل على تعديله بمقتضى الظهير المؤرخ في 19 ماي 2000، حيث بمقتضاه أصبح التمدرس إجباريا ما بين ست سنوات إلى غاية خمسة عشرة سنة، وأن الدولة تلتـزم بتوفيره لهم مجانا في أقرب مؤسسة تعليمية عمومية لمكان إقامته، فإنه مع ذلك يبقى العامل الأول المتمثل في الفقر كفيلاً بجعل الآباء يحجمون عن تعليم أبنائهم لسبب بديهي يتمثل في ارتفاع تكاليف ومتطلبات الدراسة، وبارتباط مع هذه الأسباب هناك السبب الاقتصادي المتمثل في تدهور الاقتصاد وانتشار التضخم وارتفاع مستوى الأسعار وتفاقم المديونية وانعكاس كل ذلك على مختلف القطاعات بما فيها الطفولة نظرا لتحويل الحكومات جزءاً من خدماتها الأساسية لسد العجز. وبخصوص العامل الاجتماعي، فيصعب النظر إليه من جانب واحد لتعدده من جهة وتداخله من جهة أخرى، نذكر من ذلك الاعتقاد السائد لدى كثير من الأسر بعدم جدوى التعليم لسوء البرامج التعليمية، وعقم المناهج الدراسية وخلوها من التحفيز على الإبداع ورعاية المبدعين وافتقار المدرسين إلى الأساليب الحديثة التي تحث على التفيكر بدلا من التلقين الذي يقتل ملكة الإبداع عند الطفل، ثم عدم وعي بعض الأسر لأبسط حقوق أطفالها. وبالإضافة إلى كل ما سبق فإن هناك عوامل وأسبابا أخرى لا تقل أهمية عن سابقاتها تتمثل في تشجيع المشغلين لظاهرة تشغيل القاصرين أو الأطفال لعدة عوامل نذكر منها : قلة أجور القاصرين، الطاعة العمياء، عدم شمولهم بالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي، سهولة الاستغناء عنهم، عدم امتناعهم عن الشغل لساعات طوال، وعدم مشاركتهم في نزاعات الشغل. كذلك وهناك أسباب مماثلة تشجع على تشغيل الأطفال تتجلى في إنجاب الأسرة الواحدة لأكبر عدد من الأطفال، وانتشار ظاهرة الزواج المبكر في بعض المجتمعات، الشيء الذي يزج بالطفل في عالم الشغل ويجعله يتكبد نفقات الزواج، وانتشار ظاهرة الثأر في بعض البلدان يجعل الطفل يعيش في اضطراب نفسي لا يستطيع معه التركيز في دراسته وتعليمه، مما يجعله يتخلى عن الدراسة ويلج عالم الشغل، أضف إلى ذلك انتشار المنظمات المتاجرة في الأطفال وعدم الاستقرار السياسي في بعض الدول والحروب الأهلية والتفكك العائلي وانفصال الأبوين نتيجة طلاق أو بدونه وفقدان معيل الأسرة[2] إلى غير ذلك من العوامل التي تزيد من استفحال ظاهرة تشغيل الأطفال مما حذا بمشرعي الدول على اختلافها إلى سن قوانين تنظم وتحظر تشغيل القاصرين أو الأطفال .

 ولقد كان لانجلترا قصب السبق في تنظيم تشغيل الأطفال من خلال القانون المؤرخ في 22 يونيو 1802، وفي سنة 1815 وجه أحد رجال الصناعة الانجليز “روبيروان” نداءات يهدف من خلالها إلى إدخال تدابير في جميع البلدان من أجل حماية الأجراء من الجهل والاستغلال، ضاربا المثال بنفسه من خلال تخفيضه مدة الشغل اليومي إلى عشر ساعات ونصف في اليوم وامتناعه عن تشغيل الأطفال الذين تقل سنهم عن عشر سنوات، وبعد ذلك صدر قانون المصانع بانجلترا سنة 1833 الذي عمل على حماية الأطفال أثناء الشغل والذي طبق على أجراء صناعة النسيج، وتلى هذه القوانين التي صدرت بانجلترا القانون المتعلق بحماية الأطفال من حوادث الشغل الصادر سنة 1844، كما أنشأ نظام الشغل نصف اليومي حتى يتفرغ الطفل في النصف الآخر للتعليم.

  وقد أعقبت انجلترا ولاية زيوريخ بسويسرا بالقانون الصادر في 7 نونبر 1815، ولم يبدأ رد فعل فرنسا ضد الوضعية التعسفية للأطفال إلا في العام 1840، حيث صدر أولا القانون المؤرخ في 22 مارس 1841 المتعلق بحماية الأطفال في حين نقص القانون الصادر سنة 1822 من جديد مدة الشغل بالنسبة للأطفال[3] وأمام استفحال ظاهرة تشغيل الأطفال عملت عصبة الأمم على إصدار إعلان جنيف لحقوق الطفل الصادر بتاريخ 1924 بمثابة أول وثيقة دولية تعترف للطفل بمجموعة من الحقوق، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948، ثم إعلان حقوق الطفل في سنة 1959، وبعد ذلك صدر العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سنة 1966، وعرفت سنة 1989 صدور اتفاقية حقوق الطفل، التي تظل الوثيقة الدولية الوحيدة التي حددت المفهوم الشامل لمصطلح الطفل.

ولم تكتف الأمم المتحدة بإصدار هذه القوانين، بل وجهت نداءات لإنهاء تشغيل الأطفال في العالم، نذكر منه النداء الذي أصدرته اللجنة الفرعية لمقاومة التفرقة العنصرية وحماية الأقليات بجنيف التي دعت إلى اتخاذ إجراءات جديدة بشأن موضوعات كثيرة منها موضوع تشغيل الأطفال. ولم تقف الحماية الدولية بخصوص حظر تشغيل الأطفال عند هذا الحد، بل تواصلت المجهودات بتأسيس منظمة العمل الدولية سنة 1919 التي أصدرت العديد من الاتفاقيات والقرارات والتوصيات لتحقيق المعايير المتعلقة بتشغيل الأطفال.

وعلى المستوى العربي تأسست منظمة العمل العربية سنة 1965 وقد أصدرت ميثاق حقوق الطفل العربي سنة 1984 الذي عمل على تأمين الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الطفل العربي.

ولم يسلم الواقع المغربي بدوره من تنامي ظاهرة تشغيل الأطفال لأسباب سنعمل على سردها[4]، لهذا أصبحت ضرورة وضع تنظيم قانوني لاحتواء الظاهرة أمراً لا محيد عنه ابتداء من ظهير 13 يوليوز 1926 المتعلق بنظام الشغل، والذي تضمن مقتضيات خاصة بتشغيل الأطفال، هذا الظهير الذي عدل بظهير 02 يوليوز 1947 المتعلق بسن ضابط الخدمة والعمل في المجال الصناعي والتجاري والمهن الحرة، والذي خصص بعض مقتضياته لتنظيم تشغيل الأطفال، فالقرار الوزاري المؤرخ في 30 شتنبر 1950 الذي حدد مختلف أنواع الأشغال المسموح بتشغيل الأطفال فيها، ثم المرسوم المؤرخ في 04 يوليوز 1957 الذي منع تشغيل الأطفال البالغين أقل من ثمان عشرة سنة في مخازن التبريد، والذي تلاه ظهير 24 دجنبر 1960 المتعلق بالأعمال المنجمية المنجزة في باطن الأرض كما وقع تعديله، والذي استتبعه تعديل ظهير 25 يونيو 1927 المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية الذي غير من حيث الشكل فقط بظهير 6 يونيو 1963، هذا الأخير الذي تضمن مقتضيات تخص كيفية تحديد التعويض اليومي والإيراد الممنوح للأجير القاصر في حالة تعرضه لحادثة شغل أو مرض مهني. وفي المجال الفلاحي صدر ظهير 09 أبريل 1958 بشأن استخدام الأجراء الفلاحيين الذي تضمن مقتضيات تحظر تشغيل الأطفال البالغين أقل من اثنتي عشرة سنة هذا الأخير الذي عدل بظهير 24 أبريل 1973 المتعلق بشروط تشغيل المأجورين الفلاحيين وأداء أجورهم.

وبمصادقة المغرب على الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل سنة 1993 أصدر المشرع القانون رقم 99\65 بمثابة مدونة الشغل بتاريخ 08 دجنبر 2003 التي دخلت حيز التنفيذ في 8 يونيو 2004.

وإذا كان صدور القانون رقم 99/65 بمثابة مدونة الشغل المغربية، يعتبر خطوة كبيرة في سبيل إعادة التوازن إلى العلاقة بين الأجراء والمشغلين، فإنه على الرغم من ذلك يظل قاصرا عن تحقيق الحماية الكاملة للطبقة الشغلية[5] في ظل غياب هيئات يعهد إليها بالرقابة على تنفيذ هذه المقتضيات، وهو ما أدركه مشرعنا من خلال عمله على خلق هيئات إدارية (الفرع الأول) وهيئات قضائية (الفرع الثاني) أوكل إليها عملية الرقابة على تنفيذ المقتضيات المتعلقة بتشغيل القاصرين.

الفرع الأول : الهيئات الإدارية (مفتشية الشغل)

لقد أناط المشرع في مدونة الشغل[6]  بمفتش الشغل مجموعة من المهام منها السهر على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل وفي المقابل منحهم مجموعة من السلطات[7] لأداء مهامهم على الوجه الأكمل.

وبخصوص رقابتهم على المقتضيات المتعلقة بتشغيل القاصرين فإنه يحق لهم أن يطلبوا في أي وقت عرض جميع الأجراء القاصرين الذين تقل سنهم عن ثمان عشرة سنة على طبيب بمستشفى تابع للوزارة المكلفة بالصحة العمومية قصد التحقق من أن الشغل الذي يعهد به إليهم لا يفوق طاقتهم، حيث يحق لهم والحالة هذه أن يأمروا بإعفاء القاصرين من الشغل دون إخطار، إذا أبدى الطبيب رأيا مطابقا لرأيهم وأجري عليهم فحص مضاد بطلب من ذويهم[8].

كما يمنع تشغيل أي قاصر دون الثامنة عشرة ممثلا أو مشخصا في العروض العمومية المقدمة من قبل المقاولات التي تحدد لائحتها بنص تنظيمي، دون إذن مكتوب يسلمه مسبقا العون المكلف بتفتيش الشغل، بخصوص كل قاصر على حدة، وذلك بعد استشارة ولي أمره. حيث يحق لهذا العون أن يسحب إما من تلقاء نفسه وإما بطلب من كل شخص مؤهل لهذا الغرض، الإذن الذي سبق له أن سلمه في هذا الشأن[9]. وإضافة إلى ذلك يمنع القيام بكل إشهار استغلالي يهدف إلى جلب القاصرين لتعاطي المهن الفنية ويبرز طابعها المربح[10]. وزيادة على ذلك يمنع على أي شخص أن يكلف قاصرين دون الثامنة عشرة سنة بأداء ألعاب خطرة أو القيام بحركات بهلوانية أوالتوائية أو أن يعهد إليهم بأشغال تشكل خطرا على حياتهم
أو صحتهم أو أخلاقهم، ويمنع أيضا على أي شخص إذا كان يحترف مهنة بهلوان أو ألعاب أو عارض حيوانات أو مدير سيرك أو ملهى متنقل أن يشغل في عروضه أحداثا دون السادسة عشرة[11]. وفي حالة مخالفة المقتضيات الواردة أعلاه، فإن العون المكلف بتفتيش الشغل يطلب من مأموري القوى العمومية التدخل لمنع إقامة العرض، وتحاط النيابة العامة علما بذلك.

هذا، وتسهيلا على مأمورية الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل، فقد أوجب المشرع على كل من يتعاطى مهنة من المهن المبينة في المادة 147 من مدونة الشغل أن يتوفر على نسخ من عقود ولادة القاصرين الذين يتولى توجيههم أو بطاقات تعريفهم الوطنية، وأن يدلي بها ليثبت بها هويتهم بمجرد طلبها من طرف العون المكلف بتفتيش الشغل أو من السلطات الإدارية المحلية[12] .

ولتفعيل الدور الرقابي للأعوان المكلفين بتفتيش الشغل خول المشرع لهم تحرير محاضر عند معاينتهم للمخالفات، وذلك بعد أن يوجهوا تنبيهات أو ملاحظات للمشغلين، وأن هذه المحاضر يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس، وبهذا فإن المشرع أعطى للمحاضر المنجزة من طرف هؤلاء الأعوان نفس القوة الثبوتية التي أعطاها للمحاضر المنجزة من طرف ضباط الشرطة القضائية. هذا، وإن المشرع منح الأعوان السالفي الذكر نفس صلاحيات ضباط الشرطة القضائية، كالدخول إلى كل مؤسسة تخضع لمراقبة مفتشية الشغل، في أي وقت ليلا أو نهارا ودون سابق إعلام وغيرها من الصلاحيات الأخرى، بل ولقد أفرد المشرع هؤلاء الأعوان بصلاحيات خاصة بهم لا يتمتع بها ضباط الشرطة القضائية مثل الدخول إلى المؤسسات ما بين الساعة العاشرة ليلا والسادسة صباحا، وإلى جميع الأماكن التي يحملهم سبب وجيه على افتراض أنها تخضع لمراقبته، ما لم يكن المحل المنجز فيه العمل مسكونا،حيث يتعين عليهم قبل تفتيشه الحصول على إذن ساكنيه.

مقال قد يهمك :   محكمة النقض توضح شروط اكتساب الحكم لقوة الشيء المقضي به وآثارها

على أن الإشكاليات التي تطرح بخصوص هذا المقتضى يمكن تصنيفها إلى ثلاث إشكاليات: فالإشكالية الأولى تتعلق بمجال شمول رقابة الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل، ذلك أن القاصرين غالبا ما يتواجدون بقطاع الصناعة التقليدية والقطاع غير المهيكل. وكما سبق أن أوضحنا، فهذان القطاعان غير خاضعين لتطبيق مدونة الشغل، وبالتالي غير مشمولين برقابة الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل متى علمنا يقينا بأن الأغلبية العظمى من القاصرين يشتغلون بهذين القطاعين، فبعد أن أصدرت وزارة الشغل دورية بتاريخ 11/10/1975 تحت رقم 5632، نصت فيها على تمديد مراقبة مفتشي الشغل لمؤسسات الصناعة التقليدية، نتفاجأ بالمشرع في مدونة الشغل يتراجع عن هذا المقتضى بنصه في المادة الرابعة من مدونة الشغل على استثنائهم خارج مدونة الشغل.

أما الإشكالية الثانية فتتعلق بالتعريف الذي أعطاه المشرع المغربي [13]، للقطاع الذي يتميز بطابع تقليدي صرف حيث نص على أنه “يعتبر مشتغلا في القطاع الذي يتميز بطابع تقليدي صرف، كل شخص يزاول حرفة تقليدية بمساعدة زوجه وأصوله وفروعه وبمعية خمسة مساعدين على الأكثر ويتعاطى حرفته إما بمنزله أو في مكان يشتغل به وذلك قصد صنع المنتوجات التقليدية التي يهيئها للاتجار فيها”. والإشكال هنا حول عبارة ” كل شخص يزاول حرفة تقليدية بمساعدة زوجه وأصوله وفروعه”، حيث إن المشرع لم يحدد عددهم فماذا لو زاد في فروعه عن العشرة إضافة إلى زوجه وأصوله إذا كانوا أكثر من واحد فسيصبح عددهم خمسة عشر فردا، وهذا في إطار مفهوم نظرية المقاولة سيجعله أمام عمل تجاري وليس حرفياً، خصوصا إذا أضيفت إليه آلات ذات محركات تفوق قوتها طاقة عشرة خيول[14]. وفي هذا صدر قرار محكمة النقض المغربية[15]  الذي اعتمدت فيه على مفهوم المقاولة ليعتبر كل نشاط يشغل فيه أكثر من عشرة أشخاص ويستعمل فيه محرك ذو طاقة تتعدى عشرة خيول نشاطا تجاريا.

أما الإشكالية الثالثة، فتتحدد من خلال السلطة المخولة للعون المكلف بتفتيش الشغل والمتعلقة بإعفائه الأجير القاصر من الشغل وبسحبه الإذن الذي سبق أن سلمه له في هذا الشأن[16]. والإشكال الذي يطرح في هذا المقام هو أن المشرع منح العون هذه السلطة فقط دون أن يمنحه البدائل المتاحة لتعليم هؤلاء القاصرين وإنقاذهم من الشوارع، ومن تم نتساءل هل إن مؤسسات التكوين والتربية الموجودة حاليا كافية لاستيعابهم ومعالجة حالتهم النفسية والجسمية المستعصية؟ هذا من جهة ومن جهة أخرى فإلى أي شيء تصير الموارد الأسر التي ترتكز على عائدات أبنائها في عيشها وما هي مواردها البديلة إذا عاد أبناؤها إلى مقاعد الدراسة؟ وعليه، فإن الطريقة الفعالة لحماية القاصرين تبقى هي المبادرة الوطنية للتنمية الاجتماعية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. فهذه المبادرة وحدها تبقى الكفيلة بالمساهمة في الرفع من المستوى الاجتماعي للأسر المعوزة التي تدفع بفلذات أكبادها إلى الاشتغال في فترة الطفولة.

على أن الرقابة التي تفرضها الهيئات الإدارية المتمثلة في مفتشية الشغل على المقتضيات الشغلية المتعلقة بتشغيل الأجراء القاصرين تظل كفيلة باستتباعها بجزاءات جنائية في حالة معاينة هؤلاء الأعوان لها، وتثبيتها في محاضر، ثم إحالتها على القضاء، وهذه هي الهيئة الثانية الموكول إليها رقابة تنفيذ المقتضيات المتعلقة بتشغيل القاصرين. فما هو دورها في حماية الأجراء القاصرين عند تعرضهم للفصل التعسفي ؟ وما هي الإجراءات المترتبة عن مخالفة قواعد تشغيل الأجراء القاصرين عموما؟ وهذان السؤالان هما اللذان سنعمل على الجواب عنهما في الفرع الثاني من هذا الفصل.

الفرع الثاني : الهيئات القضائية

إذا كانت مفتشية الشغل توصف بأنها جهاز إداري يهدف إلى إعادة التوازن بين طرفي العلاقة الشغلية للأجير والمشغل عن طريق دورها التصالحي أحيانا ودورها الرقابي أحيانا أخرى، فإنها ومهما بلغت أهمية أدوارها عن طريق كبت النزاع من حيث إعطائها مجموعة من التنبيهات للمشغلين الذين ثبتت مخالفتهم للمقتضيات المتعلقة بتشغيل القاصرين، فإنه لا بد أن يتواجد مشغلون متعنتون يأنفون من هذه التنبيهات، مما يجعل هؤلاء الأعوان يثبتون هذه المخالفات في محاضر تحال إلى القضاء الذي يكفل تطبيق ما تقرره القواعد المتعلقة بتشغيل الأجراء القاصرين من حقوق وضمانات على أرض الواقع، لهذا سوف ننظر إلى الحماية التي يقررها القضاء للأجراء القاصرين من جانب التعويضات التي يحصلون عليها في حالة فصلهم عن العمل (مبحث أول) وأيضا من جانب الجزاءات التي يوقعها جهاز القضاء على المشغلين المخالفين لقواعد تشغيل الأجراء القاصرين (مبحث ثاني).

المبحث الأول : دور قاضي الشغل في منح التعويضات للأجراء القاصرين

لم يفرق المشرع المغربي في مدونة الشغل بين التعويضات التي تمنح للأجراء القاصرين وتلك التي تمنح للأجراء الراشدين، بل سوى بين الجميع. لذلك، فالتعويضات التي تمنح للأجير الراشد في حالة فصله هي نفسها التي تمنح  للأجير القاصر في حالة فصله تعسفيا. وللعلم فإننا سوف نعالج من هذه التعويضات فقط التعويض عن الأجرة للإشكالات التي تسببها في الواقع العملي، ذلك أن قبض الأجير القاصر للأجرة يبقى محل أشكال، هل يتسلمها شخصيا أم تسلم له بحضور نائبه الشرعي أم تسلم لنائبه الشرعي مباشرة؟

عند تفحصنا للمقتضيات الشغلية المتعلقة بهذا المقتضى نجد المشرع عندنا التزم الصمت سواء في القانون القديم أو في مدونة الشغل، بخلاف المشرع المصري الذي حسم في الأمر وجعل تسليم الأجور للأطفال أنفسهم مبرئا لذمتهم وذلك من خلال المادة 46 من قانون العمل المصري الجديد رقم 12 سنة 2003[17].

وقد انقسم الفقه بخصوص قبض الأجير القاصر أجره شخصيا أو بمساعدة وليه
إلى اتجاهين رئيسيين: فاتجاه يعتبر أنه ما دام يعترف للأجير القاصر بأهلية إبرام عقد الشغل فكيف لا يعترف له بأهلية قبض الأجر، خاصة أن هذا الواقع قد يؤدي إلى استغلال الأطفال من خلال عدم حصولهم على أجورهم، ما دام أن الواقع يثبت أن الكثير من الأجراء القاصرين يستولي أولياؤهم على أجورهم وينتزعونها منهم، وبالتالي فإذا سلم الأجر للأجير القاصر، فإنه يبرئ ذمة المشغل حسب قانون العمل المصري في حين إذا ما تم الوفاء لأحد من والدي القاصر لم يكن الوفاء مبرئا لذمة المشغل[18]. أما الاتجاه الثاني، فيرى بأن يتم أداء الأجر من طرف المشغل إلى الأجير القاصر شخصيا بحضور أو بموافقة نائبه الشرعي من جهة، مع مراقبة مفتش الشغل من جهة أخرى، خصوصا وأن مدونة الشغل قد جعلت الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل مؤهلين لمعاينة أداء الأجور والتسبيقات[19].

ونرى أن كلا الاتجاهين يهدف إلى حماية الأجير القاصر، فإذا كان الاتجاه الأول يحميه من بطش أقرب الناس إليه وهما والداه، فالاتجاه الثاني يحميه من بطش مشغله له، لهذا أوجب حضور وليه عند مناولته أجره، ونرى أن الاتجاه الثاني فيه حماية أكثر للأجير القاصر، لأن منحه أجره بحضور من له الولاية عليه، يجنبه استغلال المشغل له.

بقي أن نشير إلى أن العبرة في منح الأجير القاصر هذه التعويضات هي بالعمل الأصلي وليس بالعمل العارض، وهذا ما ورد في قرار محكمة النقض المغريية[20] الذي جاء فيه أن : “العمل الأصلي هو المعتبر في تطبيق مدونة الشغل في حين أن العمل العارض لا يعتد به. وعليه، فإن الأجيرة التي قامت عرضا بالخدمة المنزلية في بيت مدير المقاولة لا تعتبر من خدم المنازل، وأنها تحتفظ بصفتها كأجيرة لدى المقاولة علما بأن عقد الشغل يفرض عليها القيام بعملها كمنظفة داخل أو خارج المقاولة”.

ولما كان المشرع قد حدد سنا دنيا لا يمكن دونها قبول القاصرين في الشغل وقيد المشغلين بمجموعة من القيود بعد قبولهم تشغيل القاصرين في مقاولاتهم متى استوفيت شروط ذلك، فإنه قيد تطبيق هذه المقتضيات بمجموعة من الجزاءات الجنائية لمعاقبة المشغلين المخالفين لقواعد تشغيل الأجراء القاصرين. فما هي هذه الإجراءات المترتبة عن مخالفة قواعد تشغيل الأجراء القاصرين؟ هذا ما سنعمل على الإجابة عنه في المبحث الثاني من هذا الفرع.

المبحث الثاني : أركان جريمة مخالفة قواعد تشغيل الأجراء القاصرين والإجراءات المترتبة عن ذلك

مما لاشك فيه أن أية قاعدة قانونية بدون مقتضى جزائي تظل عرضة للخرق من أي ملزم بها، كما أن أهم خاصية تتميز بها القاعدة القانونية هي خاصية الجزاء، لهذا كان المشرع حكيما عندما كفل تطبيق القواعد المتعلقة بالشغل بصفة عامة وتلك المتعلقة بتشغيل الأجراء القاصرين بصفة خاصة، بجزاءات جنائية ضمانا لعدم خرقها من طرف المشغلين. وعليه، سنتناول بالدراسة والتحليل هذه الجزاءات، لكن قبل الخوض في هذا الموضوع لا بد أن نبسط الأركان المكونة لجريمة مخالفة قواعد تشغيل الأجراء القاصرين، وذلك وفق مطلبين اثنين.

المطلب الأول : أركان جريمة مخالفة قواعد تشغيل الأجراء القاصرين

إن جريمة مخالفة قواعد تشغيل القاصرين كأية جريمة تتطلب ركنين أساسسين: الركن المادي والركن المعنوي ولا يتطلب الأمر تحقيق النتيجة، لأن هذا النوع من الجرائم يندرج ضمن الجرائم الشكلية أو جرائم الخطر، التي لا يستدعي الأمر فيها البحث عن توافر العلاقة السببية من عدمها، فمجرد قيام المشغل بخرقه قاعدة قانونية من قواعد تشغيل القاصرين يجعل هذه الجريمة قائمة، وبالنظر إلى تنوع جرائم تشغيل القاصرين بين جرائم تشغيلهم دون السن القانوني للتشغيل (الفقرة الأولى) وبين الجرائم المتعلقة بالظروف الصحية للشغل والجرائم المتعلقة بالظروف التنظيمية للشغل المتعلقة بهم (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : الأركان المتعلقة بجريمة تشغيل الأجراء القاصرين دون السن القانوني للتشغيل

تتطلب معالجة جريمة تشغيل الأجراء القاصرين دون السن القانوني للتشغيل إلى جانب العمل دون سن خمس عشرة سنة توافر ركن مفترض (أولا) وركن مادي وآخر معنوي (ثانيا).

أولا: الركن المفترض

إن الركن المفترض في جريمة تشغيل القاصرين دون السن القانوني نعني به صفة المجني عليه وصفة الجاني، حيث يشترط في الأول أن يكون قاصرا دون سن التشغيل التي هي خمس عشرة سنة، كما يشترط في الجاني أن يكون مشغلا، ويقصد بهذا الأخير حسب الفقرة الثانية من المادة السادسة من م. ش كل شخص طبيعي أو اعتباري خاصا أو عاما يستأجر خدمات شخص ذاتي واحد فأكثر.

ونستنتج من التعريف أعلاه أن المشغل قد يكون طبيعيا وقد يكون شخصا اعتباريا، حيث ترفع الدعوى على الأول نفسه، وترفع بالنسبة للثاني على ممثله القانوني، وإذا كان الورش أو المقاولة مديرا فيعتبر هو المسؤول عن الجريمة، ويجيز الفقه إدخال المشغل في الدعوى متى ثبت علمه بتصرف المدير، كما يمكن أن توجه الدعوى ضد الأشخاص الذين لهم الولاية الشرعية على الأجراء القاصرين الذين يسمحون بتشغيلهم دون أن يصلوا إلى سن التشغيل. هذا، وتشمل الدعوى حتى من تسبب في تشغيلهم قبل سن التشغيل بتحريض
أو مساعدة أو اتفاق على تشغيلهم في هذه السن المبكرة.

ثانيا : الركنان المادي والمعنوي

أ/الركن المادي:

طبقا للقواعد العامة يقوم الركن المادي على ثلاثة عناصر هي : السلوك الإجرامي، العلاقة السببية، والنتيجة. وقد سبق أن قلنا إنه مادامت جريمة تشغيل الأجراء القاصرين بصفة عامة تعد من الجرائم الشكلية التي لا يتطلب فيه حصول النتيجة، فانه لا أهمية للبحث عن توافر علاقة سببية من عدمها ما دام انه لا يشترط فيه حصول النتيجة، ليبقى العنصر الوحيد الذي سوف نبسطه هو السلوك الإجرامي، وهو هنا قيام المشغل بتشغيل أجير قاصر
أو أجراء قاصرين دون السن الأدنى للتشغيل الذي هو خمس عشرة سنة تحت تبعيته بعوض
أو بدونه، وهذا السلوك الذي يقوم به المشغل يحتمل فيه أن يكون ايجابيا، كأن يقوم بقبول أجراء قاصرين في مقاولته وهم لم يصلوا بعد إلى سن التشغيل، كما يحتمل فيه أن يكون سلبيا عن طريق قبوله لهم وهو يجهل سنهم الحقيقي نتيجة قيامهم بتدليس أو تزوير في الوثائق المسلمة إليه، حيث إنه إذا اكتشف المشغل الأمر وتمادى في تشغيلهم فإنه يكون قد اقترف جريمة تشغيل أجراء قاصرين قبل السن المسموح به في قانون الشغل عن طريق الامتناع أو بفعل سلبي هذا وتجدر الإشارة إلى أنه يكفي أن يقبل المشغل أجراء قاصرين في مقاولته حتى يصبح مسؤولا جنائيا ويتعرض للجزاءات الجنائية المنصوص عليها في قانون الشغل وهذا بغض النظر عما إذا أصيب الأجراء القاصرون بضرر أم لا، لأنها جرائم شكلية لا تتطلب حصول ضرر.

مقال قد يهمك :   تقييم لبعض مقتضيات مدونة السير  في ضوء مستجدات  قانون  116.14

ب/الركن المعنوي:

لم يحدد النص القانوني الذي يمنع تشغيل الأجراء القاصرين دون سن خمس عشرة سنة ما إذا كانت هذه الجريمة عمدية أم غير عمدية، وإذا كان بعض الفقه[21] يصنفها ضمن النوع الأول للاعتبارات التالية:

إن الأصل في الجريمة أن تكون عمدية والاستثناء أن تكون غير ذلك، لأن الجريمة العمدية هي الصورة المعتادة للجريمة، في حين أن الجريمة غير العمدية تبقى صورة شاذة.

إن العقاب على الجرائم غير العمدية لا يكون إلا بالنص الصريح، وأن التجريم لا يتقرر بشأنها إلا من حيث يقع المساس الفعلي بالمصلحة محل الحماية الجنائية، أي أنها مرتبطة بوقوع النتيجة الضارة المتعلقة بالجريمة.

إنه لا يكفي لقيام الجريمة ركن مادي فقط بل لا بد من وجود ركن معنوي، ولتحقق الركن المعنوي في هذه الجريمة يكفي توافر القصد العام دون الخاص.

الفقرة الثانية : الأركان المتعلقة بجريمة عدم مراعاة الظروف الصحية والتنظيمية للشغل

بالإضافة إلى الأركان المتعلقة بجرائم تشغيل القاصرين دون السن القانوني للتشغيل هناك الجرائم المتعلقة بالظروف الصحية (أولا) والتنظيمية للشغل (ثانيا).

أولا: الجرائم المتعلقة بالظروف الصحية للشغل

نعني بالجرائم المتعلقة بالظروف الصحية للشغل تلك الجرائم التي لها تأثير على صحة القاصر نفسيا وجسديا كغياب الفحص الطبي (أ) وتشغيله ليلا (ب) وفي الأشغال الخطيرة والمخلة بالآداب العامة (ج) وعدم تحديد مدة عمله (د).

أ – جريمة عدم إجراء الفحص الطبي:

لما سمح المشرع دخول الأجراء القاصرين إلى الشغل، فإنه لم يجعل هذا المقتضى مطلقا بل قيده بالإضافة إلى شرط السن بمجموعة من القيود، منها إجبارية الفحص الطبي قبل دخولهم إلى الشغل شأنهم في ذلك شأن الأجراء البالغين، وبعد دخولهم الشغل حدده لهم في مرتين في السنة بدل مرة واحدة، كما هو الحال بالنسبة للأجراء الراشدين زيادة في الحماية المقررة لهم في مدونة الشغل ومراعاة لبنيتهم الجسدية وحفاظا على صحتهم كذلك. ويتحقق الركن المادي لهذه الجريمة عن طريق امتناع المشغل عن إجراء الأجراء القاصرين للفحص الطبي سواء منه الابتدائي أو الدوري، وتعتبر هذه الجريمة سلبية تقوم بمجرد امتناع المشغل عن إجراء الفحص المذكور وكل ما يتعلق بحفظ صحتهم وسلامتهم، كنظافة أماكن الشغل والحرص على أن تتوفر فيها شروط الوقاية الصحية ومتطلبات السلامة اللازمة للحفاظ على صحتهم، وخاصة فيما يتعلق بأجهزة الوقاية من الحرائق والإنارة والتدفئة والتهوية والتخفيض من الضجيج واستعمال المراوح والماء الشروب وآبار المراحيض وتصريف مياه الفضلات ومياه الغسل والأتربة والأبخرة ومستودعات ملابس الأجراء ومغتسلاتهم ومراقدهم[22]، أما بالنسبة للركن المعنوي فتعتبر هذه الجريمة من الجرائم العمدية التي تقوم على الركن المعنوي القائم على إرادة ووعي المشغل بخطورة عدم إجراء الفحص الطبي على الأجير القاصر، وأن إرادته غير مشوبة بأي عيب من عيوب الرضى[23]، وعليه فإن هذه الجريمة كغيرها تشترط فقط القصد العام.

ب – جريمة تشغيل الأجراء القاصرين ليلا:

لما كان الاشتغال ليلا فيه إرهاق على الكبار فقد منعه المشرع مبدئيا[24] على القاصرين، وحسم في مفهوم الشغل الليلي سواء بالنسبة للقطاع الصناعي أو الفلاحي، حينما نص في الفقرة الرابعة من المادة 172 من م. ش على أنه: “يعتبر شغلا ليليا في النشاطات غير الفلاحية، كل شغل يؤدى فيما بين الساعة التاسعة ليلا والسادسة صباحا” وأضاف في الفقرة الخامسة. من نفس المادة أنه:”يعتبر شغلا ليليا في النشاطات الفلاحية كل شغل يؤدى فيما بين الساعة الثامنة ليلا والخامسة صباحا”.

 وحسنا فعل المشرع بتحديده الفترة التي تعتبر ليلا في مفهوم قانون الشغل لدفع أي عذر قد يدفع به المشغل. وعليه، فإن الركن المادي لهذه الجريمة يتحقق بقيام المشغل بسلوك إيجابي يتمثل في تشغيل أجير قاصر خلال الفترة التي اعتبرها المشرع فترة ليلية، أما الركن المعنوي فيكون بتشغيل أجير قاصر أو أجراء قاصرين ليلا إلا بالنسبة للمؤسسات التي تحتم الضرورة أن يكون النشاط فيها متواصلا أو موسميا، أو أن يكون الشغل منصبا على استعمال مواد أولية أو مواد في طور الإعداد أو على استخدام محاصيل فلاحية سريعة التلف أو إذا تعرضت المؤسسة لظروف استثنائية وتعذر عليها ذلك. إما بسبب نشاطها أو بسبب طبيعة شغلها ونلاحظ أن المشرع بعد أن منع الشغل ليلا على الأجراء القاصرين أكثر من استثناءات تجاوز هذا المنع، ونخشى أن يستعمل هذه الاستثناءات ليجهز على المبدإ ككل. وبخصوص الركن المعنوي لهذه الجريمة فإنه يتمثل في انصراف إرادة المشغل إلى تشغيل الأجراء القاصرين واستمرار تشغيلهم في الفترة التي يعتبرها المشرع فترة ليل.

ج – جريمة تشغيل القاصرين في الأشغال الخطيرة والمخلة بالآداب العامة:

حفاظا على صحة الأطفال وسلامتهم، منع المشغل الأجراء القاصرين من الاشتغال في الأشغال الخطيرة، وهكذا فإن الركن المادي لهذه الجريمة يتجلى في قيام المشغل بفعل ايجابي، هو تشغيل الأجراء القاصرين في المقالع وفي الأشغال الجوفية التي تؤدى في أغوار المناجم، وأيضا في الأشغال التي قد تعيق نموهم أو قد تساهم في تفاقم إعاقتهم إذا كانوا معاقين سواء كانت هذه الأشغال على سطح الأرض أو في جوفها، وعموما، في الأشغال التي تشكل مخاطر بالغة عليهم أو تفوق طاقتهم أو قد يترتب عنها ما يخل بالآداب العامة. أما بالنسبة للركن المعنوي، فيتمثل في توجيه المشغل إرادته نحو تشغيل الأجراء القاصرين في هذه الأشغال رغم علمه بخطورتها.

د – جريمة عدم تحديد ساعات العمل:

لم يفرق المشرع بين مدة عمل الأجراء الراشدين والأجراء القاصرين، بحيث جعلها مدة واحدة لجميع الأجراء، وفي هذا نوع من الحيف في حق الفئة الأخيرة، ومع ذلك فقد يعمد بعض المشغلين نحو استغلال الأجراء القاصرين بتشغيلهم أكثر من المدة المحددة بنص القانون، ويتحقق الركن المادي لهذه الجريمة بتشغيل المشغل الأجراء القاصرين أكثر من المدة المحددة لهم قانونا، وهذه الجريمة لا يمكن إلا أن تكون إيجابية، إذ لا يمكن أن نتصور الاستثناء في هذه الجريمة من الجرائم العمدية التي تتطلب قيام المشغل عمدا في تمديد مدة عمل الأجراء القاصرين، وبالنسبة للركن المعنوي فهذه الجريمة من الجرائم العمدية التي تتطلب قيام المشغل عمدا بتمديد مدة عمل الأجراء القاصرين، ويفترض العلم في هذه الجريمة إذ لا يتصور جهل المشغل لمدة الشغل القانونية، ولا يفترض في هذه الجريمة القصد الخاص.

ثانيا: أركان الجرائم المتعلقة بالظروف التنظيمية للشغل

لما سمح المشرع بتشغيل القاصرين البالغين سن الخامسة عشرة فإنه وفر لهم ضمانات، حماية لهم من تعسف المشغل، وذلك حينما ألزم المشغل بإعداد الوثائق الخاصة بهم، وأوجب عليه أيضا دفع أجورهم، لهذا سوف نتناول جريمة الامتناع عن إعداد الوثائق الخاصة بالأجراء القاصرين (أ) وأيضا جريمة الامتناع عن دفع أجورهم (ب).

أ – جريمة الامتناع عن إعداد الوثائق الخاصة بالأجراء القاصرين:

لتتمكن الهيئات الإدارية والقضائية من بسط رقابتها على المقاولات التي تخرق القواعد المتعلقة بتشغيل الأجراء القاصرين فإنه ضروري من إعداد المشغلين للوثائق الخاصة بهذه الفئة من الأجراء، وعليه يتحقق الركن المادي لهذه الجريمة بإثبات المشغل سلوكاً الغرض منه التملص من واجب تقديم ملف خاص بالأجير القاصر يتضمن الوثائق الضرورية التي يتطلبها الشغل، ويشمل هذا السلوك جريمة الامتناع عن إعداد الوثائق الخاصة بالأجير القاصر، أي قيام المشغل بمخالفة الأحكام القانونية التي تنص على الالتزامات الموكلة إليه، والتي تختص بالجانب التنظيمي، والمتمثلة في وجوب منح الأجير القاصر بطاقة تثبت هويته في مكان الشغل، وبتعليق نسخة تتضمن أحكام تشغيل الأجراء القاصرين في مكان ظاهر وبصفة مستمرة، مع إعداده لكشف يوضح ساعات العمل وفترات الراحة وواجب تبليغ الجهة الإدارية المختصة بأسماء الأجراء القاصرين الذين يعملون في مقاولته والأعمال المكلفين بها[25]، ويتحقق الركن المعنوي بكل امتناع صادر عن المشغل بإرادته السليمة والمتوجهة نحو عدم إتيان الفعل الملزم به قانونا، وذلك عن غير جهل.

ب – جريمة عدم دفع أجر الأجير القاصر:

يعتبر الأجر من عناصر عقد الشغل، إذ له طابع معيشي يظهر من خلال خروج الطفل إلى العمل في سن خمسة عشر سنة لسد رمق عيشه، لهذا راعى المشرع هذه الخصوصية وجعل أداء الأجر التزاما على عاتق المشغل مقابل أداء الأجير للعمل، ويتحقق الركن المادي لهذه الجريمة إذا امتنع المشغل عن أداء الأجر للأجير، لهذا فالسلوك الإجرامي هنا لا يمكن أن يتصور إلا بالامتناع، أما الركن المعنوي فيكون متى تعمد المشغل عدم أداء أجر الأجير بصفة عامة عن إرادة واختيار ودون إكراه أو جهل.

وبهذا نكون قد حاولنا بسط الأركان المتعلقة بجرائم الشغل المتعلقة بتشغيل الأجراء القاصرين، غير أن تضمين المشرع مجموعة من المقتضيات لفائدة الأجراء القاصرين هي بمثابة قيود على المشغلين تارة وامتيازات للأجراء القاصرين تارة أخرى، واستهلال هذه النصوص عموما بألفاظ تفيد معنى المنع وعدم الجواز، وبيان الأركان المكونة لها، لا يكفي لردع المشغلين المخالفين لقواعد تشغيل الأجراء بصفة عامة والأجراء القاصرين بصفة خاصة، بل لا بد أن يضفي المشرع على هذه النصوص الطابع الزجري حتى تحظى بالتطبيق السليم للملزمين بها وتحافظ على الغرض الذي من أجله شرعت. فما هي هذه الجزاءات الجنائية التي كفل بها المشرع عدم خرق قواعد تشغيل الأجراء القاصرين؟.

المطلب الثاني : الجزاءات المترتبة عن مخالفة قواعد تشغيل الأجراء القاصرين

إن أية قاعدة قانونية ملزمة وضع جزاء قانوني لها حتى تحظى بالاحترام من طرف الملزمين بها، إذ بدون هذا الجزاء تظل قاعدة أخلاقية تحتكم إلى ضمير الشخص في تطبيقها، لهذا تدخل المشرع المغربي في مدونة الشغل[26] وأسبغ عليها طابعا زجريا من خلال مجموعة من المقتضيات الجزائية على غرار التشريعات المعاصرة[27] وهكذا بالنسبة لسن تشغيل الأجراء القاصرين عاقب المشرع في المادة 151 من م ش بغرامة من 25 ألف درهم إلى 30 ألف درهم كل مشغل شغل أجراء قاصرين دون خمس عشرة سنة، وفي حالة العود تضاعف الغرامة والحكم عليه بحبس تتراوح مدته بين ستة أيام وثلاثة أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وبخصوص تشغيل الأجراء القاصرين في بعض الأشغال الخطيرة والماسة بأخلاقهم عاقبت المادة 150 من نفس المدونة بغرامة من 2000 درهم إلى 5000 درهم كل مشغل لا يتوفر على الإذن المكتوب الذي يسلمه له مسبقاً العون المكلف بتفتيش الشغل بخصوص كل قاصر على حدة، وذلك حينما يشغل أجيرا قاصرا، ممثلاً أو مشخصاً في العروض العمومية المقدمة من قبل مقاولته، ونفس العقوبة يعاقب بها كل مشغل يقوم بإشهار استغلالي يهدف إلى جلب القاصرين لتعاطي المهن الفنية ويبرز طابعها المربح، وكذلك كل مشغل لا يتوفر على نسخ من عقود الأجراء القاصرين الذين يتولى توجيههم أو بطاقات تعريفهم الوطنية أوعدم الإدلاء بهده الوثائق لاثبات هويتهم بمجرد طلبها من طرف العون المكلف بتفتيش الشغل أو من السلطات الإدارية المحلية. عاقبت نفس المادة بغرامة من 300 إلى 500 درهم كل مشغل يكلف قاصرين دون ثمان عشرة سنة بأداء ألعاب خطيرة أو القيام بحركة بهلوانية أو التوائية أو يعهد إليهم بأشغال تشكل خطراً على حياتهم أو صحتهم أو أخلاقهم أو أن يشغلهم في مهنة بهلوان أو ألعبان أو عارض حيوانات، أو مدير سلك أو ملهى متنقل، وهم دون سن ثمان عشرة سنة، وتتكرر عقوبات الغرامة بتعدد الأجراء القاصرين الذين لم تراع في حقهم هذه المقتضيات الأخيرة، على ألا يتجاوز مجموع الغرامات مبلغ 20000 درهم.

مقال قد يهمك :   المصادقة على مشروع قانون جديد يتعلق بالنظام الأساسي لبنك المغرب

وبالنسبة لتشغيل الأجراء القاصرين ليلا عاقب المشرع بغرامة من 300 إلى 500 درهم كل مشغل شغل أجراء قاصرين دون ست عشرة سنة ليلا إذا تعرضت مقاولته أو شركته لظروف استثنائية دون الحصول على إذن استثنائي من العون المكلف بتفتيش الشغل، ونفس العقوبة إذ لم يتقيد المشغل في النشاطات غير الفلاحية بالمدة الدنيا من الراحة بين كل يومين من الشغل الليلي، لا تقل عن إحدى عشرة ساعة متوالية، وتتكرر عقوبات الغرامة بتعدد الأجراء القاصرين الذين لم تراع في حقهم هذه المقتضيات على ألا يتجاوز مجموع الغرامات 20.000 درهم[28]، كما يعاقب بغرامات من 2000 إلى 5000 درهم المشغل الذي لم يوجه إشعاراً مسبقاً للعون المكلف بتفتيش الشغل في حالة قيامه بتشغيل أجراء قاصرين بسبب البطالة الناتجة عن قوة قاهرة أو توقف عارض لا يكتسي طابعاً دورياً، أو تمديد العمل بهذا المقتضى أعلاه أكثر من اثنتي عشرة ليلة في السنة دون الحصول على إذن مسبق من العون المذكور، ونفس العقوبة نجده يعاقب بها المشغل الذي يشغل ليلا أحداثا دون ست عشرة سنة عندما يقتضي الأمر اتقاء حوادث وشيكة الوقوع، أو تنظيم عمليات نجدة، أو إصلاح خسائر لم تكن متوقعة، دون الحصول على إذن مسبق للعون المكلف بتفتيش الشغل، أو العمل بهذا الاستثناء الأخير ولو بعد الحصول على إذن العون المذكور أكثر من ليلة واحدة، ومهما كان الحال ولو اقتضت بعض الظروف تشغيل أجراء قاصرين ليلا، فإن هذا يكون بالنسبة للأجراء القاصرين السليمين دون المعاقين. وبخصوص الحفاظ على صحة وسلامة وأخلاق الأجراء القاصرين عاقب المشرع بغرامة من 300 إلى 500 درهم كل مشغل يشغل أجراء قاصرين دون ثماني عشرة سنة في الأشغال التي تباشر في المقالع وفي أغوار المناجم، وفي أشغال من شأنها أن تعيق نموهم أو تساهم في تفاقم إعاقتهم أو التي تشكل مخاطر بالغة عليهم أوتفوق طاقتهم، أو قد يترتب عنها ما قد يخلو بالآداب العامة. وتتكرر عقوبات الغرامة بتعدد الأجراء الذين لم يراع في حقهم تطبيق هذه المقتضيات الأخيرة على ألا يتجاوز مجموع الغرامات مبلغ 20.000 درهم، وفيما يتعلق باحترام مدة تشغيل الأجراء القاصرين فبالرغم من أن المشرع جعلها مدة واحدة بالنسبة لجميع الأجراء فإنه كفل احترامها بأن عاقب بغرامة من 300 إلى 500 درهم كل من تجاوز مدة الشغل، وهي نفس العقوبة عند عدم تقيد المشغل بحظر وقف الراحة الأسبوعية في حق الأجراء القاصرين الذين هم دون سن ثمان عشرة سنة، حيت تتكرر عقوبات الغرامة بتعدد الأجراء الذين لم يراع في حقهم ذلك، على ألا يتجاوز مجموع الغرامات 20.000 درهم، ونفس العقوبة كذلك عاقب بها المشرع كل مشغل رفض تمتيع الأجراء بمن فيهم الأجراء القاصرين بالعطلة السنوية المؤدى عنها[29].

وبمقارنة الجزاءات الجنائية الواردة في القانون القديم ومدونة الشغل، نجد أنها عرفت نقلة نوعية في المبالغ المالية، ومع ذلك فإنها لا ترقى إلى ردع المشغلين، لأن أقصاها لا يتجاوز 30.000 درهم، كما في قيام المشغل بتشغيل أجراء قاصرين بمقاولته سنهم أقل من خمس عشرة سنة، كما أن المشرع حدد سقفاً لا يمكن أن تتجاوزه الغرامات إذا ما تعدد الأجراء القاصرون الذين لم تراع في حقهم قواعد تشغيلهم، حيث لا يمكن أن تتجاوز هذه الغرامة 20.000 درهم، كما هو الحال في المواد 150 و177 و203 و216 و268 من م. ش، والتي جاءت كلها بعبارة : “تتكرر عقوبات الغرامة بتعدد الأجراء الأحداث الذين لم تراع في حقهم أحكام المادة أعلاه، على ألا يتجاوز مجموع الغرامات مبلغ 20.000 درهم”. وهكذا يتبين لنا بالإضافة إلى أن هذه الغرامات هزيلة ولا تحقق الحماية المتوخاة لحماية الأجراء القاصرين، فإن المشرع جعلها لا تتعدى سقفاً معيناً إذا ما تعدد الأجراء القاصرون المقترفة في حقهم إحدى جرائم الشغل، وزيادة على ذلك فإن المشرع المغربي لم يجرأ – كمثيله الفرنسي – على أن يعاقب المشغل بعقوبة سالبة للحرية ما عدا في حالة العود عندما يتعلق الأمر بخرق المشرع لشرط السن الدنيا لتشغيل الأجراء القاصرين.

ونرى أن أي مشغل علم بحقيقة هذه الغرامات إلا وفضل خرقها على احترامها، لكن لو أن مشرعنا طبق العقوبات السالبة للحرية فإننا بالعكس من ذلك سنجد أن أي مشغل علم بأنه سوف يحبس ولو ليوم واحد إلا وفضل عدم خرقها، لأن المعاملات التجارية تقوم على عناصر منها السمعة والثقة. نعم إنه يجب التفكير في العناصر الثلاثة: الأجير والمشغل والمقاولة ككتلة واحدة، لكن هذا يجب أن يكون بشكل عادل ودون أي حيف بالنسبة للطبقة الأجيرة بصفة عامة، والأجراء القاصرين بصفة خاصة.


الهوامش:

[1] – محمد حمـاد – تشغيل الأطفال : الواقع والآفاق – حالة المغرب بحث لنيل دبلوم السلك العالي في التدبير الإداري – الفوج الثامن 2008 -2010 – ص 4.

[2] – عبد الرحمن بن محمد عسيري – تشغيل الأطفال والإنحراف – ص 1 الرياض 2005 م الموافق ل 1426 هـ ص 35 وما يليها.

[3] – Nawz Bimine : Le travail industriel des femmes et des enfants en chine, édition pedon paris, 1993 p 199.

[4] – Jihane Bimine : Le travail des enfants au maroc-mémoire de licence en droit prive présente par l’étudiante université Mohammed v –facultés des sciences juridiques économiques et sociales de Rabat/Agdal-année 2000/2001-p6 et suivre.

[5] – عبد اللطيف خالفي، م.س، ص 129.

[6] – تنص المادة 532 من م. ش على أنه “تناط بالأعوان المكلفين بتفتيش الشغل المهام التالية:

1 – السهر على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل.

2 – إعطاء المشغلين والأجراء معلومات معلومات ونصائح تقنية حول أنجع الوسائل لمراعاة الأحكام القانونية.

3- إحاطة السلطة الحكومية المكلفة بالشغل علما بكل نقص أو تجاوز في المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها.

4- إجراء محاولات التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية….”.

[7] – المادة 533 من مدونة الشغل.

[8] – المادة 144 من م.ش.

[9] – المادة 145 من م.ش.

[10] – المادة 146 من م.ش.

[11] – المادة 147 من م.ش.

[12] – المادة 148 من م.ش.

[13] – الفقرة 3 من المادة 4 من مدونة الشغل.

[14] – طارق زهير – حماية الحدث العامل في التشريع المغربي – رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة- جامعة الحسن الثاني عين الشق / كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – الدار البيضاء- من ج 2006 – 2007، ص 84.

[15] – قرار رقم 136 صادر بتاريخ 16 يناير 1985 ملف مدني عدد54/2/97، قرار منشور مجلة القضاء والقانون، عدد 137 مارس 1987 ص 121.

[16] – أنظر المادتين 144-145 من م.ش.

[17] – بخلاف قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 1961 الذي ينص في مادته 69 على ما يلي: ” على صاحب العمل أن يسلم الطفل نفسه أو أحد والديه أجره ومكافأته وغير ذلك مما يستحقه ويكون هذا التسليم مبرئا لذمته”.

[18] – علي عوض حسن – خالد عبد الفتاح محمد، موسوعة شرح قانون العمل الجديد رقم 12 سنة 2003 المعدل بالقانون رقم 90 لسنة 2005،المجلد الثاني، دار الحقانية لتوزيع الكتب القانونية سنة 2007 ص 406

[19] – عبد العزيز العتيقي/ محمد الشرقاني / محمد القري اليوسفي – دراسة تحليلية نقدية لمدونة الشغل المرتقبة/ مشروع 1998 سنة 1999 ص 143.

[20] – قرار ع 1072 بتاريخ 14 أكتوبر 2009 في الملف ع 1448_5_1_2009.

[21] – فاطمة بحري – الحماية الجنائية الموضوعية للأطفال المستخدمين – دار الفكر الجامعي الإسكندرية – الطبعة الأولى 2007. ص 104 وما يليها.

[22] – المادة 281 من م. ش.

[23] – انظر الفصل 39 ومايليه من ق .ل.ع.

[24] – نقول مبدئيا لان المشرع لم يجعل تحريم تشغيل القاصرين ليلا مطلقا بل جاء بمجموعة من الاستثناءات التي تناولتها المادة 173 من م .ش.

[25] – فاطمة بحري – م. س- ص 161.

[26] – حيت ينص الفصل 59 من ظهير 2/7/1947 بشأن ضابط الخدمة والعمل على أنه: “يعاقب المشغلين والرؤساء والمديرون والمسيرون في المؤسسات المشار إليها في المادة الأولى الدين يخرقون مقتضيات هدا الظهير (أي مقتضيات سن التشغيل المحددة في الفصل 9 في 12 سنة) والقرارات المتعلقة بتطبيقه بغرامة من 50 إلى 500 فرنك وتطبق الغرامات بعدد الأشخاص المرتكبة في شأنهم المخالفة باليوم” وللعلم فالغرامة من 50 إلى 500 فرنك أصبحت منذ تاريخ 30/10/1954 تقدر ما بين 1300 و1800 فرنك.

وينص الفصل 63 من نفس الظهير على أنه: “في حالة خرق المقتضيات بتشغيل القاصرين فانه يمكن الامر بنشر الحكم وإشهاره من طرف المحكمة تبعا للأحوال في حالة العود فقط ويمكن الأمر بنشر الحكم في واحد أو أكثر من الجرائم التي تحددها المحكمة على نفقة مرتكب الجريمة”.

وينص الفصل 46 من ظهير 24/4/1973 المتعلق بتشغيل الأجراء الفلاحين وأداء أجورهم على ما يلي :” كل من خالف مقتضيات هذا الظهير يتابع أمام المحكمة المختصة ويعاقب بغرامة تتراوح ما بين 5 و60 درهما بحسب عدد الأشخاص المرتكبة في حقهم تلك المخالفة وفي حالة العود تضاعف الغرامة ما بين 10 و20 درهما”.

[27] – كالتشريعين المصري (المادة 248 من قانون العمل المصري الجديد رقم 12 لسنة 2003) والتونسي (الفصل 234 من مجلة الشغل التونسية) اللذين اقتصرا على الغرامات المالية فقط عند مخالفة قواعد تشغيل الأجراء القاصرين، وأيضاً التشريع الجزائري (المادة 140 من القانون رقم 90/11 المتعلق بعلاقات العمل) الذي بعد أن فرض عقوبات مالية على كل مشغل خلف قواعد تشغيل الإجراء القاصرين، قرر عقوبات سالبة للحرية لهذا المشغل الذي يتمادى في هذه الخروقات في المقتضى المتعلق بخرقهم شرط السن الدنيا لقبول هؤلاء الأجراء القاصرين، كما هو الحال في جريمة تشغيل الأجراء القاصرين دون احترم السن القانوني لتشغيلهم وذلك في الأعمال الخطيرة التي حددتها المادة L211-11 من قانون العمل الفرنسي بعقوبة حبسية تصل إلى 5 سنوات وغرامة كبيرة قدرها 75000 أورو وجزاءات في حق الآباء والأوصياء متى ثبتت مشاركتهم في هذا الخرق مع إمكانية الحكم على المشغل بعقوبة تكميلية تتجلى في نشر الحكم الصادر بالعقوبة في الجرائد بمقتضى أمر من المحكمة.

[28] – المادة 177 من م.ش.

[29] – المادة 268 من م.ش

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)