اجتهاد قضائي: تسجيل بالحالة المدنية – تصريح بالتكفل – أثره على الصفة الإرثية
القرار عدد 1349
الصادر بتاريخ 29 مارس 2011
في الملف عدد 724/1/1/2009
القاعدة:
“التسجيل بالحالة المدنية هو إجراء إداري لا تثبت به الصفة الإرثية، ولما كان التصريح أمام ضابط الحالة المدنية بالبنوة يتعارض مع الإشهاد عليه أمام عدلين بأنه مجرد كفيل، فإن المحكمة لما رجحت الإشهاد بالكفالة للمتصدق عليها على التصريح بالبنوة، وقضت بالتشطيب على إراثة المتصدق لتسجيل عقد الصدقة وإخراجها من تركتها قبل قسمتها يكون قرارها سليما”.
رفض الطلب
باسم جلالة الملك
حيث يستفاد من مستندات الملف، ان بوجمعة (م) والشاذلية (ز) قدما بتاريخ 18/4/2000 أمام المحكمة الابتدائية بمكناس مقالا افتتاحيا تجاه فريدة (ب) وعبد الرحمان (ع) وبحضور المحافظ على الأملاك العقارية بمكناس، عرضا فيه أن الهالكة للا زبيدة (ب) سبق لها قيد حياتها أن كفلت بنتين مجهولتي الأبوين هما عريب المدعوة (ب) والشاذلية ” المدعية الثانية” المدعوة (ز)، وأن المكفولة الأولى عريب (ب) تصدقت على المدعيين مناصفة بينهما بكافة الملك موضوع الرسم العقاري عدد 9799/ك بمقتضى عقد الصدقة المؤرخ في 30/3/2000 عدد 2 كناش الأملاك 77 صحيفة 2 كما تصدقت عليهما بجميع السكنى غير المحفظة الكائنة بحي زيفر قديما وحاليا حي الأمل زنقة فاس رقم 182 حي وسلان، والمشتملة على ثلاثة بيوت ومطبخ وكنيف ودكانين. إلا أن المدعيين لما تقدما إلى المحافظة العقارية لتقييد عقد الصدقة بعد أن توفيت المتصدقة فوجئا بتقييد إراثتها من طرف المدعى عليهما رغم أن المتصدقة المذكورة ليس لها أي وارث حسبما تثبته وصية كافلتها المرحومة للا زبيدة المشار إليها وكذا إراثة هذه الأخيرة وإراثة زوجها مولاي ادريس بن مولاي المامون، طالبين لذلك التشطيب على الإراثة المسجلة بسجل الوصايا 28 عدد 98 صحيفة 97 بتاريخ 11/4/2000 المدونة بالسند العقاري عدد 9799/ك وتسجيل عقد الصدقة المسجل بسجل الأملاك 21 صحيفة 244 عدد 359 المسجل بتاريخ 5/4/2000 وذلك في نفس الرسم العقاري المذكور، وبتاريخ 22/9/2000 قدم المدعى عليهما مذكرة جواب تحتوي على مقال مضاد ضمانها بخصوص الجواب على مقال المدعيين بأن والد الهالكة عريب (ب) ” المتصدقة” هو ادريس (ب) ووالدتها هي زبيدة بنت العباس وهذا ثابت من الدفتر الشخصي للحالة المدنية للهالكة يحمل رقم 142/03/76 كما هو ثابت من الإراثة التي أنجزها المدعى عليهما عدد 98 صحيفة 28 وتاريخ 11/4/2000 وكما هو ثابت أيضا من صدقة تتعلق بالعقار المحفظ موضوع الدعوى مقتطع 59 كناش 629 المتضمن كون بلعباس زبيدة بنت مولاي المامون العلوي تصدق على ابنته عريب (ب) المزدادة سنة 1972 بجميع الفيلا ذات السند العقاري عدد 9799/ك وفوض لزوجه والدتها بلعباس زبيدة بنت مولاي العباس بالحوز نيابة عنها. وبخصوص المقال المضاد فإن المتصدقة كانت مصابة بسرطان الثدي ميئوسا منها وحالتها العامة لا تسمح لها بمزاولة أية مسؤولية لأنها كانت خاضعة لعلاج طبي والدخول والخروج من المستشفى. وأن إبرام عقد الصدقة ووفاة المتصدقة وقعا في أقل من أسبوع طالبين لذلك في مقالهما المضاد الحكم بإبطال عقد الصدقة المشار إليه. وبتاريخ 13/4/2001 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها رقم 380 في الملف عدد 557/2/2000 برفض الطلب الأصلي، وفي المقال المضاد بإبطال الصدقة عدد 359 المسجلة بتاريخ 5/4/2000 استأنفه المدعيان الأصليان وبعد إجراء محكمة الاستئناف المذكورة خبرة طبية بواسطة الخبراء الدكاترة محمد سعيد برادة وعمور خالد وخديجة السليماني بلمين، وبعد مواصلة الدعوى من طرف ورثة المستأنف بوجمعة (م) وإدخالهم الوارث الوحيد للمستأنف عليه مولاي عبد الرحمان (ع) وهو ابنه المامون (ع)، وبعدها ذكر كله قضت محكمة الاستئناف المذكورة بتأييد الحكم المستأنف بمقتضى قرارها عدد 3192 وتاريخ 30/11/2004 في الملف رقم 1825/2001/1 والذي نقضه المجلس الأعلى بطلب من المدعية الثانية وورثة المدعى الأول بوجمعة (م) وأحال الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من جديد طبقا للقانون بمقتضى قراره عدد 75 وتاريخ 31/1/2007 في الملف الشرعي رقم 143/2/1/2005 بعلة أن القرار المطلوب نقضه آنذاك علل بأن” الثابت أن موروث الطاعنين بوجمعة (م) والشادلية (ز) قد طلبا عبر مقالهما الافتتاحي التشطيب على إراثة الهالكة عريب (ب) عدد 98 ص 96 من الرسم العقاري عدد 9799/ك وتسجيل بدلها رسم الصدقة عدد 359 التي عقدتها بخصوصه الهالكة قيد حياتها وأثار أن هذه الأخيرة كانت مجهولة الأبوين وكفلها والدا المطلوبة في الطعن بلعباس فريدة ولم تخلف وارثا، واستدلا على ذلك برسم كفالة عدد 1051 ص 387 كناش المختلفة عدد 240 يفيد أن الزوجين مولاي ادريس (ع) والشريفة للا زبيدة بنت الشريف مولاي اسماعيل اشهدا بتاريخ 3/5/1972 عدلي التلقي أنهما حازا من مستشفى محمد الخامس بمدينة مكناس الصبية عربية المجهولة الأبوين قصد كفالتها وتربيتها وبرسم وصية عدد 334 بمقتضاه أوصت الكافلة للا زبيدة المذكورة بجميع الثلث الواحد من مخلفها لمكفولتيها عريب المدعوة (ب) والشادلية المدعوة (ز). إلا أن المحكمة لم تناقش مقال الطاعنين الافتتاحي وترد على حججهما بتعليل أن طلبهما مرتبط برسم الصدقة، وما دام قد ثبت عدم صحة الصدقة فإنه لا جدوى من مناقشة الطعن في الإراثة، في حين أن المنازعة في رسم الصدقة متوقفة على إثبات صفة المنازع الإرثية وهو ما يستدعي أولا البت في دعوى صحة الإراثة المطعون فيها عكس ما جاء في القرار المطعون فيه”.
وبعد الإحالة قضت محكمة الاستئناف المذكورة بخصوص المقال الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف وقضت فيه بالتشطيب على الإراثة عدد 98 ص 96 وتاريخ 10/4/2000 سجل الوصايا عدد 28 من الرسم العقاري عدد 9799/ك وتسجيل عقد الصدقة عدد 359 ص 244 سجل الأملاك عدد 21 بتاريخ 30/3/2000 بالرسم العقاري المذكور، وبخصوص المقال المضاد بإلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم قبوله. وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض حاليا من المامون (ع) وارث المستأنف عليه مولاي عبد الرحمان (ع) بأربعة أسباب.
فيما يخص السبب الأول: حيث يعيب الطاعن القرار فيه بخرق الفقرة الثانية من الفصل 50 من قانون المسطرة المدنية، ذلك أنه صدر بين ورثة بوجمعة (م) ولم يذكر القرار أسماء هؤلاء الورثة ولا صفتهم ولا هويتهم كما أضاف اسم الشادلية (ز) رغم أن المجلس الأعلى نص على تسجيل تنازلها عن الطعن بالنقض. ومن جهة أخرى فإن القرار لم يذكر وارث العلوي مولاي عبد الرحمان باسمه العائلي والشخصي وهو المامون (ع) الطاعن بالنقض رغم أنه ترافع باسمه الشخصي في القرار المنقوض وبعد النقض والإحالة وتم إدخاله في الدعوى من طرف المستأنفين.
لكن، ردا على السبب أعلاه فإنه فضلا عن أنه لا مجال في النازلة للاستدلال بالفصل 50 من قانون المسطرة المدنية لكونه يتعلق بالمحاكم الابتدائية فإن ذكر الشادلية (ز) في القرار إنما هو مجرد خطأ مادي لا تأثير له على سلامته. وإن عدم ذكر الاسم العائلي والشخصي لوارث مولاي عبد الرحمان (ع) في القرار لا يؤدى إلى نقضه ما دامت هوية الوارث المذكور معروفة من خلال مستندات الملف، إذ أنه بمقتضى الفصل 359 من قانون المسطرة المدنية فإن خرق إجراء مسطري لا يكون سببا للنقض إلا إذا أضر بأحد الأطراف وهو ما لم يدعيه الطاعن الأمر الذي يكون معه السبب بالتالي غير جدير بالاعتبار.
وفي باقي الأسباب:حيث يعيب الطاعن القرار في السبب الثاني بخرق الفصول 158، 159، 160، 161، 162، 163 من مدونة الأسرة المتعلقة بالنسب فالفصل 158 يجعل النسب يثبت بإقرار الأب ولا ينتفي إلا بحكم قضائي وأن المادة 160 من نفس المدونة حصرت الشروط التي يثبت بها النسب بالقول، يثبت النسب بإقرار الأب ببنوة المقر به ولو في مرض الموت ويشترط أن يكون الأب المقر عاقلا وأن لا يكون الولد المقر به معلوم النسب وإنه إذا عين المستلحق الأم أمكنها الاعتراض بنفي الولد عنها. وأضافت المادة 161 من نفس القانون أن النسب لا يثبت بإقرار غير الأب والمادة 162 نصت على أن الإقرار يثبت بإشهاد رسمي أو بخط يد المقرر الذي لا يشك فيه. وأن مولاي ادريس (ب) يعترف ببنوة “عريب” في صدقته المتعلقة بالعقار موضوع الدعوى وعين أمها للا زبيدة حائزة لها لصغرها وللا زبيدة لم تعترض ولم تنف النسب عنها وهذا الإقرار هو بإشهاد رسمي حسب المادة 162 المشار إليها زيادة على تسجيلها بدفتر الحالة المدنية يقر فيه مولاي ادريس المذكور ببنوتها وأن زوجته هي أمها، وأن رسم الكفالة المدلى به من المطلوبين والذي اعتمده القرار المطعون فيه يتعلق بشخص آخر تتناقض هويته مع هوية موروثة الطاعن المسماة عريب (ب) لأنه نص على عربية المجهولة الأبوين والتي عمرها 3 شهور. أما موروثة الطاعن فهي عريب (ب) المزدادة سنة 1973 من أبيها مولاي ادريس وأمها للا زبيدة.
ويعيبه في السبب الثالث بعدم الجواب على دفوع هامة، ذلك أنه أدلى بنسخة من حكم شرعي صدر بناء على دعوى سجلت بطلب من المطلوبين في النقض يلتمسون فيها إبطال الإراثة موضوع النزاع الحالي، وقضت المحكمة بعدم قبول طلبهم لعدم توفرهم على الصفة في الادعاء وأن الطاعن أدلى بالحكم المذكور أمام المحكمة مصدرة القرار وأدلى بتنازل الشادلية (ز) عن النقض ” السابق” وتضمن تنازلها اعترافها بكون عريب (ب) بنتا لمولاي ادريس وللا زبيدة، كما أنجزت هذه الأخيرة إراثة تضمنت أن للا زبيدة توفيت عن بنتيها فريدة وعريب ووصية ل الشادلية (ز) إلا أن القرار المطعون فيه لم يجب على ذلك.
ويعيبه في السبب الرابع بخرق قواعد شرعية متعلقة بالصدقة، ذلك أن الصدقة إذا تعلقت بعقار يجب أن يحوز المتصدق عليه الصدقة قبل وفاة المتصدق وإلا اعتبرت باطلة وفي العقار المحفظ لا يتم الحوز إلا بتسجيل عقد الصدقة على السند العقاري في حياة المتصدق وفي نازلة الحال فإن المطلوبين لم يسجلوا صدقتهم على السند العقاري في حياة المتصدقة عريب (ب) وسجلت إراثتها على السند المذكور وبذلك تصبح الصدقة باطلة.
لكن، ردا على الأسباب الثلاثة مجتمعة لتداخلها فإن تصريح الشخص لدى ضابط الحالة المدنية ببنوته للمصرح به لئن كان إقرار الشخص بالبنوة يعمل به في مجال التوارث إلا أنه لا مجالا لتطبيق ذلك في النازلة لأن تسجيل مولاي إدريس (ب) للمسماة اعريب زبيدة بدفتر الحالة المدينة يتعارض مع الإشهاد عليه أمام العدلين بأنه كفيلها فقد ثبت أن المصرح نفسه سبق له بتاريخ 3/5/1972 أي قبل التصريح المذكور، أن اشهد عدلين بأن البنت المذكورة إنما حازها من مستشفى محمد الخامس بمكناس بقصد كفالتها وتربيتها الأمر الذي يكذب تصريحه لدى ضابط الحالة المدنية، وأن المحكمة بما لها من سلطة في تقييم الحجج رجحت – وعن صواب – الإشهاد بالكفالة على التصريح بالبنوة وأن الحكم الذي استدل به الطاعن لم يناقش صحة أو عدم صحة الإراثة محل النزاع وإنما قضى بعدم قبول دعوى المطلوبين بعلة أن مصالحهما لن تضرر ببطلان الإراثة ما دامت الصدقة تعتبر من ديون الميت يجب أن تخرج من تركته قبل قسمة التركة. وأنه ما دامت صفة الطاعن الإرثية تجاه المتصدقة “عربية” لم تثبت للمحكمة، فلا صفة له بالتالي في مناقشة شروط صحة الصدقة محل الدعوى. وأن المحكمة غير ملزمة بتتبع الأطراف في جميع مناحي أقوالهم التي لا تأثير لها على قضائها. وأن إقرار المسماة زهرة الشادلية ببنوة عريب المذكورة لموروث الطاعن لا يلزم سوى المقرة. ولذلك فإن القرار حين علل بأنه ” حسب رسم الكفالة عدد 1051 ص 387 كناش المختلفة عدد 240 بتاريخ 3/5/1972 فقد سبق للزوجين مولاي ادريس (ع) وللا زبيدة بنت مولاي اسماعيل بن مولاي العباس أن اعترفا لدى العدلين بحيازتهما للصبية عربية المجهولة الأبوين من مستشفى محمد الخامس بمكناس عمرها 3 شهور بقصد تربيتها وكفالتها، وأن قيام مولاي ادريس المذكور بتسجيل البنت المذكورة بالحالة المدنية على أنها ابنته لا يضفي عليها هذه الصفة لأن التسجيل بالحالة المدنية مجرد إجراء إداري لضبط هوية الشخص المسجل. وأن ما ورد في رسم الصدقة عدد 2 وتاريخ 6/5/1978 من أن ادريس (ب) تصدق على ابنته عريب (ب) بجميع الفيلا ذات الرسم العقاري عدد 9799/ك وفوض لزوجته والدتها زبيدة (ب) بسط يد الحوز نيابة عنها نظرا لصغر سنها لا يثبت أن المتصدق عليها عريب (ب) ابنته لأن رسم الكفالة عدد 1051 المشار إليه أعلاه يدحض ذلك. وأن ما دفع به المستأنف عليه من كون عريبة المشار إليها في رسم الكفالة عدد 1051 ليست هي موروثته لا أساس له لعدم الإدلاء بما يثبت أن الأمر يتعلق بشخصيتين مختلفتين. وأنه بثبوت كون عريب (ب) ليست من صلب الهالك مولاي ادريس (ب) وأنها مجرد مكفولة له فإن ادعاء ورثة بلعباس مولاي ادريس المستأنف عليهم بأنهم ورثة للهالكة عريب (ب) ادعاء منعدم الأساس وتبقى الإراثة عدد 98 ص 96 التي أقامها المستأنف عليهما فريدة (ب) بصفتها شقيقة لها وعبد الرحمان (ع) بصفته عمها في غير محلها ” فإنه نتيجة لما ذكر كله يكون القرار المطعون فيه غير خارق للقواعد الشرعية والمقتضيات القانونية المحتج بها والأسباب الثلاثة جميعها بالتالي غير جديرة بالاعتبار.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى برفض الطلب.
الرئيس: السيد العربي العلوي اليوسفي – المقرر: السيد علي الهلالي – المحامي العام: السيدعبد الكافي ورياشي.
Спасибо за информацию!!!!!