مجلة مغرب القانونفي الواجهةالأعراف والمؤسسات التقليدية ودورهما في تنظيم المجتمعات القبلية: ” أيت بوكماز نموذجا “

الأعراف والمؤسسات التقليدية ودورهما في تنظيم المجتمعات القبلية: ” أيت بوكماز نموذجا “

هشام ودرة باحث في القانون العام كلية الحقوق بمراكش مختبر الأبحاث القانونية وتحليل السياسات

تقديم

تقع قبيلة أيت بوكماز بتسميتها العديدة والمتنوعة ( الهضبة السعيدة/ الوادي السعيد/ الهضبة الساحرة/ بوكماز… )  وسط سلاسل جبال الأطلس الكبير على ارتفاع يتراوح ما بين 1700 و 2200 عن سطح البحر، تبعد عن عمالة أزيلال ب 78 كيلومتر، يحدها شرقا إقليم ورزازات وجنوبا أيت بولي وشمالا زاوية أحنصال وغربا أيت امحمد وأيت عباس. و حسب الإحصاء الأخير فإن ساكنة أيت بوكماز تجاوزت 15 ألف نسمة موزعة بين 27 دوار على مسافة تفوق عشرين كيلومتر.

 وتعتمد أيت بوكماز في مواردها الاقتصادية بدرجة أولى، على الفلاحة وتربية المواشي بالإضافة مداخل القطاع السياحي.

وتعتبر منطقة أيت بوكماز منطقة فلاحية بامتياز، نظرا لتوفرها على فرشة مائية مهمة ومجال جغرافي شاسع صالح للزراعة والفلاحة، يمر من واسطها واد يستمر مجراه طوال فصول السنة ومجموعة من العيون والينابيع المائية المتدفقة عبر قنوات الري. وقد عرف قطاع الفلاحة في أيت بوكماز تحولا جدريا، حيث انتقلت من فلاحة معيشية  تعتمد على زراعة الحبوب ( شعير، قمح ،درة…) وبعض الخضروات خصوصا البطاطس، إلى فلاحة عصرية تعتمد بالأساس على فلاحة الفواكه وتسويقها خصوصا فاكهة التفاح التي أصبحت المورد الرئيسي لمعظم ساكنة المنطقة.

بالإضافة إلى قطاع الفلاحة فإن  – ايت بوكماز – تشكل أيضا قبلة سياحية بامتياز تستهوي عشاق المناطق الجبلية من سياح مغاربة وأجانب، نظرا لما  تتوفر عليه من موارد سياحية وثقافية مهمة من قبيل اثر الديناصورات و أبراج المراقبة التي دشنت مند قرون فوق تلال عالية تسمى ” إغرمان” ( سيدي موسى وسيدي شيتى)، والتي بنيت لأغراض أمنية و رقابية ولتخزين الحبوب. بالإضافة إلى ما تقدمه من خدمات سياحية مهمة للزواد من قبيل الإرشاد السياحي والإيواء وسبل الراحة وغيرها.

و قد تعددت التفسيرات الشفهية حول دلالة أصل كلمة أيت بوكماز بين من يربطها بالعامل الجغرافي ومن يربطها بالعامل التجاري ومن يربطها بعوامل أخرى لكن بالرغم من تعدد هذه الروايات واختلاف التسميات فإن المتفق عليه أن أيت بوكماز هي تجسيد للعراقة والأصالة في العيش، وتجسيد للارتباط الوثيق بين الانسان البوكماوي وأرضه.

و ما ميز الإنسان البوكمازي  مند استقراره في هذه المنطقة هو قدرته الكبيرة على المحافظة على العديد من الأعراف والمؤسسات التقليدية التي ساهمت عبر تاريخيه إلى اليوم في تنظيم وضبط الشأن العام المحلي، وفي استتباب الأمن، وترسيخ قيم التضامن والتعاون والتآزر بين ساكنة المجتمع البوكمازي.

وقلما نصادف أبحاث ودراسات تهتم بدراسة المجتمعات القبيلية بشكل عام[1] والمجتمع البوكمازي بالتحديد من زاوية قانونية وأنثروبولوجيا خصوصا عندما يتعلق الأمر بالقوانين العرفية  والمؤسسات التقليدية[2] التي ابتكرها  الأنسان البوكمازي و الوقوف عند أهميتها في تنظيم القبيلة إلا إذا ما استثنينا بعض الأبحاث والكتابات التعريفية بالموروث السياحي والثقافي للمنطقة.

ولهذا فكرنا من خلال هذه الدراسة المتواضعة المساهمة من زاويتنا كباحثين متخصصين في الشأن القانوني أن نقارب الموضوع في أبعاده  القانونية و الانثروبولوجيا بغية تسليط الضوء على بعض جوانب هذا الموضوع الذي يستحق أن يحضى بالمزيد من الاهتمام من قبل المتخصصين في الدراسات التاريخية والأنثروبولوجيا والسوسيو قانونية وغيرها من المشارب العلمية.

ومحاولة منا لصبر أغوار هذا الموضوع سنحاول الإجابة ما أمكن على التساؤلات التالية:

ما هي أهم الأعراف والمؤسسات التقليدية السائدة في قبيلة أيت بوكماز؟ و ما هي أدوارها داخل المجتمع البوكمازي؟ و كيف ساهمت  في تنظيم المجتمع البوكمازي وفي صناعة القرار المحلي؟ هل لازلت القوانين  والمؤسسات العرفية سائدة ومتمسكة بزمام تدبير الشأن العام المحلي كما في الأمس القريب؟ أم ثمة منافس أخر ينافسها في تنظيم الحياة اليومية وصناعة القرار المحلي؟ هل لازلت المؤسسات العرفية وقوانينها محتفظة بطابعها الإلزامي؟ أم انها أصبحت من مجرد عادات وتقاليد؟ كيف ساهمت المؤسسات العرفية في ترسيخ قيم التضامن والتأزر داخل  المجتمع البوكمازي؟

للإجابة على مختلف هذه التساؤلات سنقوم بتقسيم الموضوع  إلى أربع نقط مهمة:

  • النقطة الأولى: المؤسسات العرفية ودوها في تنظيم المجتمع البوكمازي
  • النقطة الثانية: القوانين العرفية ودورها في الحفاظ على النظام العام  
  • النقطة الثالثة: مظاهر التضامن والتعايش في المجتمع البوكمازي: التعايش مع اليهود نمودجا
  • النقطة الرابعة: تراجع دور القوانين والمؤسسات العرفية لصالح المؤسسات العصرية و مؤسسات المجتمع المدني

قبل التطرق لمحاور هذه المساهمة المتواضعة نود في البداية الإشارة إلى مسألتين:

المسألة الأولى: نظرا لقلة المراجع والمصادر التي تناول الموضوع من الزاوية القانونية، فقد اعتمدنا في هذه الدراسة على بحث ميداني ارتكز بالأساس على مقابلات مباشرة مع بعض الأشخاص الذين عمروا طويلا في قبائل أيت بوكماز، الأمر الذي ساعدنا بشكل كبير على الوقوف عند أهم الأعراف والمؤسسة التقليدية التي عرفتها المنطقة.

المسألة الثانية: نود الإشارة إلى أن بعض الأعراف والمؤسسات التقليدية تختلف تسمتها باللغة الأمازيغية من دوار إلى أخر ومن قبيلة إلى أخرى، لذلك سنحاول إعطاء التسميات الأصلية لهذه الأعراف والمؤسسات باللغة الأمازيغية و إبراز معناها التقريبي باللغة العربية.

النقطة الأولى: المؤسسات العرفية ودوها في تنظيم المجتمع البوكمازي

إن تاريخ المجتمع البوكمازي هو تاريخ العادات والأعراف، والتقاليد ومعقل للعديد من المؤسسات التقليدية التي شكلت لعقود من الزمن  مصدر رئيسيا في تنظيم الشأن العام المحلي وتدبير الحياة اليومية للساكنة البوكمازية.

فقد استطاع الانسان البوكمازي عبر تاريخه العريق في عمق جبال الاطلس الكبير، ابتكار العديد من القوانين والمؤسسات العرفية التي ساهمت بشكل كبير في تنظيم الحياة العامة للساكنة، على جميع الأصعدة اجتماعيا، اقتصاديا ،ثقافية وسياسيا.

ومن السمات المميزة لهذه الأعراف والمؤسسات التقليدية، أنها كانت متلائمة في الغالب أحكام الشريعة الإسلامية[3]، كما أنها لم تتأثر  لا بالغزور الاستعماري لجبال الاطلس[4]، ولا بحركة التدوين التي عرفتها القوانين العرفية بالمغرب[5].

وبفضل الطابع التقليدي الذي امتاز به الانسان البوكمازي مند استقراره في واد ايت بوكماز ( يسمى بواد أيت بوكماز لأن الدراسات الجيولوجية أتبتث ان مكان استقرار سكان أيت بوكماز عبار عن واد كبير تراجع منسوب مياهه عبر التاريخ مخلفا مناطق فلاحية على ضفاف الواد كام ملجأ للساكنة للاستقرار والفلاحة) و تنوع تقاليده وأعرافه وعادته، فقد استطاع الانسان البوكمازي تنظيمه نفسه بنفسه من خلال هذه المؤسسات والقوانين العرفية التي لعبت دورا محواريا في ضمان الاستقرار واستتباب الامن داخل قبائل أيت بوكماز لعقود طويلة من الزمن.

لذلك سنقف في النقطة عند بعض هذه المؤسسات التقليدية ثم التطرق لأهميتها في الحفاظ على النظام العام.

أولا: المؤسسات السوسيولوجية والديمغرافية  

إن المجتمع القبلي بشكل عام والمجتمع البوكمازي بالتحديد عرف تنظيما محكما في مؤسساته التقليدية، بدأ بمؤسسة (تكات)  أو الأسرة الواحدة مرورا بمؤسسة ( بإخص)  أو الأسرة الكبير أو  العائلية، ثم مؤسسات ( لموضع/ إغرم)   و(لجماعت )  وصولا لمؤسسة ( تقبيلت) كأعلى هيئة في  التنظيم والتسلسل. وسنقف عند كل هذه المؤسسات من أجل إبراز أهمية كل مؤسسة على حدى، وبيان أدوارها في تحقيق الاتحاد و الحفاظ على النظام العام.

  1. مؤسسة تكات أو (الأسرة الصغيرة او الممتدة)

تعتبر مؤسسة (تكات) أو الأسرة الصغيرة من أعرق المؤسسات التي عرفتها المجتمعات الانسانية، وخلية أساسية ضمن النظام الاجتماعي القبلي[6]. وقد حظيت هذه المؤسسة بأهمية كبيرة في تاريخ المجتمع البوكمازي لقرون من الزمن، بالرغم من التحولات الكبير التي طالتها خلال العقود الأخيرة حيث تراجعت الأسرة الممتدة أو الكبيرة ( الأسرة التي تتكون من الأبناء والاباء والاجداد والأعمام ) لصالح الأسرة النووية أو الصغيرة[7] التي تتكون فقط من الأبناء والآباء فقط.

لكن بالرغم من هذه التحولات التي طال تكوين و بنية الأسرة، إلا أن المجتمع البوكمازي ولعقود من الزمن ظل محافظا على قيم ومبادئ الأسرة الكبيرة، حيث لازالت ( تكات ) أو الأسرة الكبيرة في بعض الدواوير غالبا ما تتكون من الآب والأعمام والأحفاد، يجمعهم العيش المشترك داخل الأسرة الواحدة، حيث غالبا ما تتخذ شكل ( تيغرمت ) أو القصبة الكبيرة.

أما من حيث تنظيم مؤسسة ( تكات) فغالبا ما تعطى للجد أو الأخ الكبير سلطات واسعة[8]  كالأمر والنهي وتدبير أمور البيت ( تسوق وتدبير الموارد المالية)، في حين أن باقي شؤون الأسرة خصوصا الأمور المرتبطة بالفلاحية وتربية الماشية، يتم التشاور بشأنها في إطار تقسيم المهام والأدوار( السقي، الرعي …).

  1. مؤسسة إخص ( العظم أو الأسرة العائلية )

إن ما يميز المجتمع البوكمازي مند بدايته استقراره في واد أيت بوكماز، هو التشبث بقيم العيش المشترك والحفاظ على التماسك والاتحاد في إطار ما يسمى ب( إخض) أو الأسرة ذات الإسم العائلي المشترك التي جاءت بشكل جماعي واستقرت في هذه المنطقة.

 وندكر على سبيل المثال لا الحصر قبيلة ايت زيري، التي  تشكلت في بداية الأمر (حسب الروايات الشفهية للأجداد وبعض المعمرين) من أسر محدودة ذات اسم عائلي مشترك من قبيل ( أيت واحود / أي أشعو / أيت عمر / أيت درى/ أيت حماد / أيت افقير/ أيت باحساين….) وكل ( إخص ) أو أسرة كبيرة كانت تعيش كما قلنا داخل قصبة كبيرة ( تيغرمت)  وما يميز هذه المؤسسة على مؤسسة تكات هو  الاتحاد والتعاون والتضامن بين الأسر المشلكة ل ( إخص)  خصوصا في تدبير أمور الحياة اليومية  من فلاحة ورعي وغيرها.

  1. مؤسسة الموضع أو ( الدوار)

إن مؤسسة (الموضع ) أو الدوار بالمفهوم الحديث نسبيا يظم مجموعة من الأسر ( إخصان) أو الأسر العائلية التي يجمعها مجال جغرافي واحد حيث غالبا ما تكون مساكن وبيوت الأسر متقاربة ومتداخلة تشكل ما يسمى ب ( الموضع ) أو (إغرم)، وندكر أيضا على سبيل المثال قبيلة أيت زيري، حيث تتكون من مجموعة م ( إذموضع) من قبيل:  ( أيت حمو / أيت أشعو / توجا / إسرما و تملوت.) و يتميز الموضع على غرار باقي المؤسسات بالاتحاد والتضامن والتأزر بين الأسر المشكلة له، وذلك لمواجهة الشؤون اليومية للدوار أو( الموضع).

  1. مؤسسة تقبيلت أو ( القبيلة)

تعتبر هذه المؤسسة ” تقبيلت ” المشتقة من القاموس العربي بمعنى ” قبيلة”[9] من أهم مستويات التنظيم الذي عرفه المجتمع البوكمازي، وتتكون من مجموعة من ( إد لموضع) أو الدواوير، وهي أعلى تنظيم مؤساتي في أيت بوكماز، وغالبا ما تجمتمع  لمصالح مشتركة وموحدة من قبيل ( الجامع أو المسجد / الخضوع لتنظيم أمور الشرظ الخاصة بفقيه المسجد / تدبير أمور السقي/ الاتحاد في مواجهة التهديدات الخارجية/ تسير وتدبير ممتلكات الجامع من حقول وماشية ومجال رعاوي وغيرها…) وتتشكل أيت بوكماز عشرات الدواوير ( تقبليين) نذكر على سبيل المثال ( أكوثي / تلسنانت / تيميت/ تبانت / ارباط/ أيت اهام….).

وقد برز أيت تقسيم أخر يكتسي صبغة إدارية حيث ثم تقسيم أيت بوكماز إلى مناطق تراعي القرب بين القبائل وهي قبيلة : أيت حكم/ أيت أريعت/ أيت امحيا / أيت لخمس/ أيت رباط…

ثانيا: المؤسسات الأمنية و الإدارية

1.مؤسسة أمغار أو ( الشيخ)

لعبت مؤسسة ( أمغار) أو الشيخ لعقود من الزمن دورا أمنيا وإداريا كبيرا في تاريخ المجتمع البوكمازي، وقد حظيت هذه المؤسسة عبر تاريخيا بأهمية بالغة من قبل الساكنة ، نظرا لأدوارها الكبير في الحفاظ على النظام العام وتدبير الخلافات داخل القبيلة، بالإضافة إذا دورها الرئيسي في تدبير المنازعات التي تقع ما الدواوير، و تنسيق الشؤون الأمنية مع السلطات العليا و تمثيلها على الصعيد المحلي. وقد كانت لمؤسسة أمغار مكانة محورية في المجتمعات القلبية خصوصا خلال فترة الاستعمار، وخلال السنوات الأولى التي تلت حصول البلاد على الاستقلال.

مقال قد يهمك :   محكمة النقض: إثبات قيام الأجير بالتحرش الجنسي بالأجيرات يشكل خطأ جسيما يبرر إنهاء عقد الشغل

وقد احتفظت مؤسسة ” أمغار” بهذه المكانة الكبيرة وبأدوارها المهمة في تدبير شؤون القبيلة إداريا وأمنيا و لم تتأثر بالتحولات الحديثة التي عرفها النسق السياسي والإداري بالمغرب.

وتلعب مؤسسة أمغار إلى جانب دورها الإداري والأمني دورا تحكيميا، حيث تساعد على تدبير الخلاقات بين الأفراد والدواوير قبل عرضها على مؤسسة ( البيرو) التي يمثلها القائد أو الباشا على الصعيد الإقليمي ( تجدر الإشارة إلى أن نزاعات وخلافات قبيلة أيت بوكماز غالبا ما تدبر في منطقة امحمد مكان تواجد ( البيرو) ).

2. مؤسسة النايب ( سلطة الضبط والتنسيق على صعيد الدوار)

تعتبر مؤسسة ( النايب)، مؤسسة رقابية وضبطية ثم ابتكارها في معظم دواوير أيت بوكماز، حيث يقوم النايب بأدوار الشرطة الإدارية بمفهومها الحالي. و تسند إليه باتفاق قبلي من طرف الساكنة مجموعة من الصلاحيات والاختصاصات التنظيمية والتدبيرية أهمها: الدعوة إلى ( المشرك) أو ما يسمى بأشغال الجماعة وإصدار العقوبات ( إزماز) في حق كل من تخلف عن الحضور، بالإضافة إلى إشرافه الشخصي على مراقبة الأشغال. كما يقوم  بمراقبة أكدال أو ( الحبس)  في مناطق محددة حيث يقوم بتغريم ومعاقبة كل من خرق أكدال أو إزماز. وللنايب أيضا دور محوري في مراقبة أعراف السقي ( تيولي نومان) و ( تيولي ن طالب) وضبطها. ويعاقب كل من خرق هذه العملية بعقوبات مالية أو أشغال عمومية أو بتغريمه باستقبال ضيوف وغيرها. ويراقب النايب أيضا ممتلكات الجامع أو المسجد من حقول وماشية وغيرها.

وتخضع أوامر النايب للإلزام والامتثال من طرف الساكنة.

أما مسطرة اختيار النايب ن تقبيلت فإنها تخضع لمجموعة من الشروط أهمها:

الانتماء للقبيلة أو الموضع / الذكورة/ أن يكون بالغا من العمر/ أن يكون دو مصداقية ودو دراية بمملكات القبيلة والساكنة/ أو يكون ملما بإزرفان / أن يكون حازما ومتفرغا للمهمة[10].

 ويتمتع النايب شأنه شأن باقي المؤسسات بتعويضات مالية محترمة، تخصص له سنويا من خلال مساهمة الساكنة.

3.مؤسسة بو عجلي ( حارس ثور القبيلة)

تضاربت الآراء حول  هذه المؤسسة، بين من يرى بأنها مؤسسة عريقة في المجتمع البوكمازي، وبين من يعتبرها مؤسسة حديثة نسبيا، جاءت بفعل التحولات الكبيرة التي عرفها بوكماز، حيث ثم الانتقال من الفلاحة المعيشية التي تعتمد على فلاحة الحبوب ورعي الماشية ( أغنام / أبقار / الماعز)، إلى فلاحة تسويقية تعتمد على فلاحة الفواكه. فخلال النمط الأول من الفلاحة ( المعيشية) لم تكن لمؤسسة بوعجلي أية ضرورة على اعتبار أن التزاوج ( بين الأبقار) يقع أثناء رعيها في الحقول.

لكن وبفعل التحولات الكبيرة التي عرفها قطاع الفلاحة ورعي الماشية والانتقال من فلاحة الحبوب إلى فلاحة الأشجار ( أشجار التفاح بالخصوص ) ثم إقرار مجموعة من الأعراف او ما يسمى ب ( أكدال و إزماز ) تمنع الرعي في المجال الفلاحي المسقي المخصص لأشجار الفواكه.

هذا التغيير أجبر الساكنة على التفكير في إيجاد حلول لعملية تزاوج الماشية خصوصا الأبقار، ليثم ابتكار مؤسسة بو أعجلي أو حارس الثور من أجل الإشراف على هذه العملية، مقابل مساهمة مالية محددة لكل أسرة سنويا حسب عدد رؤوس الأبقار تعطى للمشرف على الحراسة، بالإضافة إلى إلزام هذه الأسر بالمساهمة بجزء من العلف لفائدة ثور القبيلة بانتظام. ويقوم بو أعجلي بالإشراف ومراقبة الثور بشكل يومي في مكان مخصص لذلك يسمى تيكمي نوعجلي ( دار الثور).

المؤسسة الدينية:  الطالب ن لجامع أو ( إمام المسجد)

تكتسي هذه المؤسسة صبغة دينية واستشارية، ولها رمزية كبيرة داخل المجتمعات القبلية بشكل عام وفي ايت بوكماز بالتحديد.

 وتخضع مؤسسة الطالب بالكامل لاختيارات الساكنة سواء من حيث التعيين والاعفاء والتعويض، إذ تتمتع القبيلة بكامل الصلاحية في اختيار الطالب المناسب وتوكيله مهمة أداء الصلوات وتقديم خطبة الجمعة وتدريس القرآن الكريم لطلبة العلم (لإمحضارن). بالإضافة إلى (مؤسسة الطالب) هناك مؤسسة دينية أخرى تحضى بنفس المكانة وهي مؤسسة “ المودن ” أو مؤذن المسجد حيث غالبا ما يتم اختيار شخص قريب من المسجد لهذه المهمة، وتكون تعويضات الطالب والمودن كذلك من مساهمة الساكنة سواء مالية او بواسطة الحبوب وغيرها.

النقطة الثانية: القوانين العرفية ودورها في تنظيم شؤون القبيلة و الحفاظ على النظام العام

لقد تعددت القوانين العرفية بالمغرب وتنوعت بتنوع قبائله وأجناسه، فالقواعد العرفية تختلف من منطقة لأخرى، كما تختلف حسب البيئات وظروف الحياة، وقد كان يطلق على هذه الأعراف المحلية ” أزرف” أو ” أبريد” ومعناه الطريق ( بالنسبة لسكان الأطلس) وفي بلاد سوس يطلق عليها ” قانون الألواح” وأصحابها يسمونها ب ” أنفلاس”[11].

فقبيلة أيت بوكماز كغيرها من القبائل عرف العديد من الأعراف، والعادات والتقاليد التي ساهمت بشكل رئيسي في ضمان العيش المشترك، و الحفاظ على النظام والأمن العام، لقرون من الزمن. وتمتاز الأعراف عن غيرها من العادات والتقاليد بطابعها الإلزامي[12]، حيث تفرض على الجميع واجب الطاعة والامتثال[13]، فالقواعد العرفية تنشأ في ضمير الجماعة، وفي العلاقة بين أفراد المجتمع دون تدخل من سلطة أخرى خارجية[14]، ومن أهم هذه الأعراف التي تميز بها المجتمع البوكمازي نذكر:

  1. تيويلي نوامان ( تناوب في السقي و الري)

يعتبر هذا العرف من أقدم الأعراف التي عرفته قبائل الأطلس الكبير، و قبيلة أيت بوكماز على وجه التحديد، ويتم اللجوء إلى تطبيق هذا العرف في المواسم الفلاحية التي تعرف شح وندرة في المياه، في حين أن المواسم التي تعرف وفرة في المياه لا يتم العمل بهذا العرف ولا يكتسي أية إلزامية.

ومضمون هذا العرف أن ساكنة القبيلة تلجئ إلى وضع تقسيم محكم لحصص المياه، باعتماد ترتيب أفقي يبدأ من الحقوق القريبة من منابع المياه حيث يسقى كل حقل عل حدى وصولا إلى أخر حقل في تقبيلت.

وبموجب هذا العرف يلتزم الجميع باحترام هذا الترتيب في عملية السقي تحت طائلة العقوبة أو إزماز، حيث غالبا ما يتم تقسيم المياه بشكل أسبوعي وعلى أشطر بين الأسر من حقل إلى حقل، وكل من تعذر عليه الحضور في حصته من المياه، يكون قد فوت الفرصة وبالتالي لا يحق له إرجاع المياه إلى الوراء، لذلك يعد الحضور أو تكليف شخص للإنابة في هذه العملية ضروري وإجباري.

وكل خرق ل تيويلي نوامان يجر صاحبه إلى المحاسبة و العقاب، ويقوم  “النايب” بإصدار العقوبات التي تتناسب مع خرق هذا العرف.

وبالرجوع إلى قبيلة ايت زيري،  فإن تنظيم هذه العملية مند عقود يتم من خلال تقسيم المياه بين الدواوير، حيث يخصص يومي الأثنين والثلاثاء للحقوق الموجودة في دوار إسرما بينما تخصص أيام الأربعاء والخميس لحقول توجا فين حين أن الجمعة والسبت والأحد تخصص لأيت حمو وأيت أشعو. ويتم في ذلك مراعاة المساحة وعدد الحقوق المسقية.

  1. تيويلي ن أوزرك أو ( مبدأ التناوب والترتيب لطحن حصص الحبوب في الطاحونة المائية)

بالإضافة إلى عرف (تيويلي ن ومال)  هناك أيضا عرف أخر يشببه و يتقاطع معه وهو عرف ( تيولي ن أوزرك) ومعناه إجبارية احترام الترتيب والتناوب من أجل الاستفادة من الطاحونة المائية ( أزرك ن ومان) وذلك لطحن حصة الفرد من الحبوب.

 وبمقتضى هذا العرف ( تيولي ن أوزرك) فإن الأسبقية تعطى للفرد التي جاء مبكرا، حيث تنظيم هذه العملية بالترتيب احتراما للوقت وللحصة و لتوقيت حضور الشخص.

  1. أكدال أو إزماز أو ( الحبس بالعربية)

يعتبر أكدال وإزماز قوانين عرفية قديمة في المجتمع القبلي ثم إقرار لتنظيم بعض المجالات خصوصا المجالي  الفلاحي و الغابوي، وبموجب هذا العرف يتم منع الرعي في المناطق الزراعية و داخل الحقول، خصوصا خلال موسم الحصاد وموسم الثمار، كما يمنع الرعي أيضا في مناطق محددة.

 و يعاقب بموجب هذا العرف كل شخص قام بخرق أكدال، حيث يقوم (النايب) كذلك نيابة عن ساكنة القبيلة بمعاقبة هذا الشخص، بإحدى العقوبات الجاري بها العمل، سواء بدفع غرامة مالية أو استقبال ضيوف ( انكفيون) أو تقديم خدمة لصالح تقبيلت.

  1. الشرظ و تيويلي ن طالب ( استضافة فقيه المسجد والتكفل بوجباته الغدائية)

إن الطالب أو فقيه المسجد هو شخص دو رمزية دينية وأخلاقية كبيرة داخل تقبيلت، ويحظى باحترام كبير من طرف الساكنة التي تدين له بواجب الاحترام والتوقير، ويتم اللجوء إلى مشورته في العديد من الأمور الدينية والدنيوية التي تخص القبيلة. ويقوم الطالب إلى جانب دوره في أداء الصلوات وتقديم خطب الجمعة وخطب الأعياد بتدريس القرآن الكريم وقواعد الدين لإمحضارن أو طلاب العلم، ويقوم بمهمة الحفاظ على المسجد وأثاثه. ويتم تزكيته فقيه المسجد ( طالب ن لجامع) من طرف ساكنة القبيلة حيث غالبا ما يتم اختياره من داخل القبيلة أو من القبائل المجاورة.

وتلتزم أيضا ساكنة القبيلة أو الموضع بأداء أجر الفقيه إما سنويا كما كان في السابق أو شهريا بواسطة مبالغ مالية أو بواسطة حصص من الحبوب، تؤديه كل اسرة داخل القبيلة باستثناء الأسرة المعوزة، كما تلتزم أيضا ساكنة القبيلة والموضع بمهمة توفير التغذية اليومية للطالب بدأ بوجبة الفطور والغداء والعشاء، حيث تستضيفه كل أسرة ليوم كامل وبالترتيب[15] في إطار ما يسمى ب ” تيويلي ن طالب”. وتعتبر هذه الأخيرة إلزامية للجميع تحت طائلة العقاب في حالة التخلف أو الامتناع. ومع التحولات التي طالت قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية أصبحت بعض الدواوير توفر مسكن قار للفقيه بأثاثه بجوار المسجد وبالتالي لم يعد عرف استقبال الطالب إلزامي بل اختياري.

  1. المشرك أو ( الحضور للأشغال التي تخص القبيلة أو الدوار)

إن عرف “المشرك” أو الحضور للأشغال التي تخص شؤون القبيلة، والمساهمة فيها لا يختلف كثيرا عن الأعراف السابقة سواء من حيث الأهمية و الإلزامية ومن حيث الأقدمية كذلك.

 ومضمون هذا العرف أن القبيلة في بعض الأحيان تحتاج للقيام ببعض الأشغال التي تخص القبيلة من قبيل تنظيف قنوات الري ” ترغا” أو بناء سدود صغير ( أكوك) على مستوى الواد لتزويد السواقي بالمياه، أو إصلاح أمور المسجد و مسكن الفقيه، أو لفلاحة حقوق الجمع أو المسجد، أو لأمور تتعلق بتزويد المساكن بمياه الشرب وغيرها من الأمور التي تتطلب مشاركة جميع أسر القبيلة في هذه الأشغال، وتسمى ب ” المشرك” حيث أن كل أسرة تعطي شخصا من الأسرة يكون بالغا وقادرا على العمل للمساهمة في هذه الأشغال، أو من خلال تقديم أجرة عامل لمن تعدر عليه ارسال فرد من أسرته، أو من خلال التكفل بالوجبات الغذائية لمشاركين في المشرك.

ويقوم كذلك ” النايب” ن تقبيلت بالإشراف الشخصي على أشغال المشرك، إذ يقوم بمراقبة تقدم الأشغال والقيام بدور التنسيق في هذه العملية، كما يقوم كذلك بتوجيه استفسارات للمتغيبين، و معاقبة كل من تخلف عن الحضور بدون مبرر.

النقطة الثالثة: مظاهر التضامن والتعايش داخل قبيلة أيت بوكماز

عرف على المجتمع البوكمازي مند القدم، ميله الشديد نحو قيم التضامن و العيش المشترك و التأزر والتعاون بين جل أفراده، سواء القائمة على القرابة الدموية أو على الزواج والمصاهرة أو تلك القائمة على الانتماء القبلي. وكذا القائمة على الانتماء المورفلوجي[16].

و تعتبر قيم التضامن والإخاء والتعايش من المقومات العريقة في أيت بوكماز، حيث اكتست أهمية بالغة في تدبير المجال الطبيعي والجغرافي وفي حماية المصالح الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية للساكنة.

وقد اشتهرت منطقة أيت بوكماز، مند القدم بالعديد أشكال التضامن والتعاون والتآزر داخل القبيلة، التي ساهمت في ضمان العيش المشترك بين الساكنة، وفي مواجهة مختلف التهديدات الطبيعية أو الاقتصادية أو الأجنبية…

مقال قد يهمك :   نقاش بين المختصين في القانون الدستوري حول ظهير المعاش الاستثنائي لبنكيران

  ونظرا لأهمية النقطة سنتطرق ( أولا ) لبعض مظاهر التضامن داخل البوكمازي، على أن نخصص الشق الثاني لتسليط الضوء على بعض مظاهر التعايش بين الإنسان البوكمازي  و اليهود الذين استقروا في المنطقة (ثانيا)

أولا: مظاهر التضامن في المجتمع البوكمازي

1.المعروف: ( حفل جماعي )

ويعني باللغة العربية الوليمة الجماعية، ويتخذ (المعروف)  عدة أشكال، حيث يكون في بعض الأحيان عبارة عن مناسبة تساهم فيه جميع أسر القبيلة أو الدوار، ويحضر لها الجميع كبارا وصغارا، و تذبح  فيه الدبائح[17] و تحضر فيه بعض الوجبات المعروفة  كالكسكس أو الطاجين وغيرها. كما قد يكون بمبادرة من أسرة معينة أو فردا في إطار ( الصداقة الجارية) ويتم فيه دعوة الجميع أو البعض ( إما رجال أو نساء) قصد الدعاء مع الأسرة أو قصد الترحم على موتاهم. وهناك أشكال أخرى للمعروف: كإخراج أطباق من الكسكس أو تاروايت ( العصيدة) أمام المسجد أيام العيد أو أيام الجمعة أو خلال رأس السنة الأمازيغية ( ناير) . كما تقوم الأسر خلال ليلة القدر بإرسال الوجبات إلى المسجد تقدم للمصلين المعتكفين في المسجد. وهناك أيضا من يقوم بالمعروف لمناسبات دينية كالعودة من الديار المقدسة، أو في حالات إتمام القرأن الكريم ( السلكت) ولمناسبات فلاحية كالحصاد وجمع الغلة. ويكون لمعروف في أحيان أخرى عبارة ضرورة جبائية ممثلة في الاستعداد الجماعي لخدمة حقول الفقيه[18] أو حقول الجامع.

2. تويزي  ( التعاون المشترك/ المساعدة)

تعتبر تيوزي أو أمعاون من أعرق مظاهر التضامن في المجتمع البوكمازي، ويظهر كثيرا في المجال الفلاحي، خاصة في المجال الزراعي، حيث غالبا ما تتحد الأسر بشكل جماعي للتعاون في بعض الأشغال الفلاحية بدأ بزراعة الأراضي ( تيوكا) مرورا بالسقي ( تمسووت ) ووصلا إلى موسم الحصاد ( تامكرا) و جمع  الغلة وما يواكبها من عملية الدرس ( أروى) وغيرها من العمليات.

وتلجأ الأسر إلى مبدأ التناوب فيما بينها من أجل تسهيل جميع مراحل الفلاحة، حيث تقوم ساكنة الدوار أو الموضع بتخصيص يوم أو يومين أو اكثر لأسرة لإنجاز إحدى العمليات، حيث يشارك غالبا الرجال في الحصاد (تمكرا) بينما تقوم النساء بعملية إيصال الحبوب إلى البيدر ( أنرار) وتحضير وجبات الأكل لكل المشاركين في عملية الدرس (أروى).

و تلعب تيوزي أو المشرك أو امعاون دورا كبيرا يشبه الدور الذي تلعبه اليد العاملة المأجورة بشكلها الحالي في الأشغال الفلاحية كما ذكرنا، أو في مختلف الأعمال التي تخص القبيلة من قبيل تنظيف مجاري المياه ( تيروكيين) أو أشغال الجامع أو المسجد وبيت الفقيه  وغيرها[19].

3. تيويلي ن طالب ( تقديم وجبات الأكل لفقيه المسجد بشكل منتظم ودوري)

تعتبر تيولي ن طالب التي ذكرناها كعرف إلزامي، من أهم مظاهر التضامن في المجتمع القبلي بشكل عام وفي أيت بوكماز بشكل خاص، نظرا لما تشكله من رمزية دينية وأخلاقية وإنسانية.

وبموجب هذا العرف فإن جل أسر ( تيكاتين) القبيلة تساهم إلى جانب الشرظ ( راتب الفقيه) في تقديم الوجبات الغذائية للفقيه بشكل يومي وبشكل تناوبي بدأ من وجبة الفطور والغداء والعشاء[20]، سواء باستقباله في البيت أو توصيله الوجبات إلى المسجد ( لبيت ن طالب).

4. تيوزي ن تشوالت و إرواتن ( تعاون الفلاحي)

تعتبر الفلاحة مند القدم من أهم مصادر العيش في قبائل الأطلس وفي أيت بوكماز خصوصا فلاحة الحبوب، حيث يتم زراعة الحبوب بانتظام في كل موسم بدأ بالشعير ( تيمزين) والقمح ( أرذن)  والدرة ( أمزور).

وتعتبر فلاحة الحبوب من أهم الميادين التي تظهر فيها قيم التضامن والتعاون بين الأسر في أيت بوكماز بدأ بعملية الحرث ( تيرزا/ تيوكا) حيث يتم اتحاد بين أسرتين في إطار ما يسمى ب ( أزدا) وهي عملية بموجبها تقوم أسرتين بالتعاون من اجل الحرث من خلال تبادل البغال من أجل الحرث، ثم المساعدة في الزراعة وفي السقي وصولا إلى الحصاد ( تمكرا أو تشوالت) حيث غالبا ما تتم هذه العملية بتعاون أكثر من أسرة في الحصاد، ويشارك فيها الكل رجالا ونساء شيوخا و شبان.

ثم تأتي مرحلة حمل الغلات إلى البيدر ( أنرار) وتتم بطريقة تقليدية، حيث تقوم النساء بالتعاون فيما بينهن لإنجاح هذه العملية قبل التفرغ لأشغال فلاحية أخرى.

بعد ذلك تأتي عملية الدرس ( أروى) وهذه العملية تكون تقليدية أيضا ( ربط مجموعة من الدواب بشكل دائري بجدع خشبي يوضع في وسط البيدر، و يشارك فيها جل رجال القرية (الموضع ) حيث أن كل شخص من الأسر يحضر معه دابة ( البغل ( أسردون)  أو الحمار ( أغيول) )، ويقومون بالتناوب في هذه العملية إلى ان يتم فصل السنابل وعزلها عن التبن في إطار ما يسمى ب (أزوزر).

هذه الأشغال و المراحل التقليدية التي تتميز بها فلاحة الحبوب بأيت بوكماز، تأثرت كثيرا بالتحولات الكبيرة التي ذكرناها سابقا ( الانتقال من فلاحة الحبوب إلى فلاحة الفواكه )، كما ساهم اقتحام المكننة لجبال الأطلس في اختفاء واندثار معظم الأشغال الفلاحية اليدوية من قبيل ( أروى/ أزوز/ أنرار/ تيمكرا….).

5. لوزيعت ( تقاسم لحم الذبيحة بالتساوي بين ساكنة القبيلة)

تعد ” لوزيعت” من أبرز مظاهر التضامن والتعاون داخل القبيلة، وشكلا من أشكال المساواة داخل القبيلة، حيث يتم اللجوء في بعض الأحيان أو في حالات معينة إلا ذبح عجل أو بقرة بشكل جماعي وتضامني داخل ( الموضع ) وتوزيعها بشكل متساوي وبدون تمييز بين الأسر ( تكاتين). وفي بعض الحالات يتم تحديد ثمن رمزي لكل أسرة مقابل حقها ( أمور) في اللحم من أجل دعم وتعويض بعض الأسر المعوزة أو التي فقدت ماشيتها.

6. أدووف ( العزاء)  وتمغروين أي ( الأعراس)

إن تضامن وتأزر الانسان البوكمازي يظهر أيضا خلال فترات العزاء، و خلال مناسبات الأفراح، ففي مناسبات العزاء تقوم الأسر بمؤازرة أسرة الفقيد (ة) في إطار ما يسمى ب (أدوف ) حيث أن كل أسرة داخل الموضع تقوم بإرسال لوازم العشاء أو الغداء مسبقا لأسرة الفقيد (ة) من لحم وخضر وغيرها وتحديد موعد لزيارتهم وتقديم العزاء لهم. كما أن (لجماعت) غالبا ما تقدم يد العون لهذه الأسرة ماديا ومعنويا.

أما في مناسبات الأعراس ( تميغوين) أو السبوع ( السيبع) فغالبا ما تتضامن أسر القبيلة في إنجاح المناسبة بدأ بالمساعدة في الاواني المنزلية والأثاث، و غيرها من مستلزمات الأكل، وكذا استقبال الضيوف من أجل النوم، بالإضافة إلى مشاركة أسرة العريسة مناسبة إيصال العروس إلى بيتها ( إسناين).

ثانيا: مظاهر التعايش والتضامن بين الإنسان البوكمازي واليهود

إن الاستقرار في جبال الأطلس وفي قبائل لم يقتصر فقط على سكان ايت بوكماز، بل استقر فيها اليهود أيضا وتعايشوا فيها مع الأمازيغ لردح طويل من الزمان. وقد تميزت العلاقة بين اليهود و سكان أيت بوكماز بالتعايش الكبير، وبالتعاون والتآزر والإخاء. فقد استوطن اليهود في معظم دواوير أيت بوكماز واستقوا فيها لمدة طويلة قبل مغادراتهم في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

ويعتبر الملاح الذي يتواجد في جل الدواوير ( ادكالن / املغس/ تبانت / امقد / ايت بولي…)، مسكن اليهود، ومكان ممارسة طقوسهم الدينية. ويتخذ الملاح شكل منزل كبير حيث كانوا يسكنون فيه بشكل جماعي ويتكون من عدة أقسام، أقسام مخصصة للمبيت و قسم خاص بممارسة الطقوس الدينية وأقسام مخصصة للسلع ومكان مخصص لممارسة الحرف.

 ويتميز يهود ايت بوكماز بإتقانهم  للعديد من المهارات ومزاولتهم للعديد من الحرف، حيث كانوا حرفيين و بائعين متجولين ويتقنون الكثير من الصنائع والحرف على غرار صناعة ملابس الجلد و البراديع، وخياطة ملابس الصوف من جلاليب وأحدية و صيانة أدوات الحرث والحصاد…. كما يتقومون بممارسة التجارة والفلاحة مع الساكنة خصوصا المواد الغذائية من سكر وزيت والشاي وغيرها، ويقايضون الساكنة في ذلك بواسطة الحبوب والبيض ومشتقات الحليب وغيرها.

وقد عرف على اليهود في جبال الأطلس وفي ايت بوكماز بالتحديد اتسامهم بقيم التعايش والسلام والإخلاء و ايمانهم الكبير بمبادئ التعاون والتضامن مع الساكنة، وميلهم الشديد للتعامل مع سكان أيت بوكماز تجاريا وفلاحيا وثقافيا. ومن أشهر يهود أيت بوكماز الذين عمروا كثيرا في المنطقة نذكر ( عزار، نشيم، ميير، شمعون تمو، عايشة خلود، بهي، خلوف، مشهوت….) و حسب مجموعة من الروايات والشهادات الحية فأن  (تمو) و (ميير) هم أخير اليهود الذين استقروا في أيت بوكماز، إلى أن ثم ترحيل ميير إلى موطنه، بينما فضلت زوجته تمو البقاء في أيت بوكماز إلى أن وافتها المنية في قبيلة ايت أريعت في أواخير السبعيتات ( حسب بعض الروايات) وثم دفنها في مقبرة اليهود بتبانت.

وقد خلف رحليه اليهود حزنا كبيرا لدى ساكنة أيت بوكماز حيث ودعوهم بالدموع والأحضان إبان تنقيلهم إلى (موطنهم ). كما أن أواصر التواصل استمر لحدود الأن حيث لازال بعض من أسر ليهود يقومون بزيارة  موطنهم الأصلي في أيت بوكماز بانتظام.

  النقطة الرابعة: تراجع مكانة الأعراف والمؤسسات التقليدية لصالح المؤسسات الإدارية والأمنية العصرية

لقد لعبت  الأعراف والمؤسسات التقليدية في أيت بوكماز  وفي معظم قبائل الأطلس الكبير مند القدم، دورا محوريا في ضمان العيش المشترك و استتباب الأمن وفي تنظيم مختلف مناحي الحياة.

 لكن وبفعل التحولات الكبرى التي عرفها المغرب مند الاستقلال، والتي شملت مختلف المجالات، حيث سعت المملكة إلى عصرنة جل مظاهر الحياة بدأ بالمؤسسات، والقوانين وتحديث الإدارات. وقد كان لهذا التغيير الأثر المباشر في تراجع المؤسسات التقليدية والقوانين العرفية داخل المجتمعات القبلية بشكل عام[21] وفي أيت بوكماز بشكل خاص، حيث كان لعصرنة الإدارات وتقننن القوانين العرفية وإحداث المؤسسات الإدارية الحديثة، و إحداث مؤسسات أمنية حديثة في أيت بوكماز الأثر الكبير في تراجع دور الأعراف والمؤسسات التقليدية، بل وزوال أثر البعض منها.

ومن اهم مظاهر هذا التراجع نذكر:

  • تراجع مكانة الشرظ لصالح تدخل وزارة الأوقاف الإسلامية

لقد ساهمت التحولات الكبرى التي عرفها المجال الديني في المغرب في تراجع مجموعة من الأعراف التي لعبت أدورا مهمة في تنظيم وتدبير جميع المؤسسات الدينية ( الطالب/ المودن/ الجامع) وفي اختفاء مجموعة من قيم التضامن التي كانت تسير بها مؤسسة المسجد( لجامع)، حيث أصبحت وزارة الأوقات تدريجيا هي صاحبة الولاية في تعيين وتكليف الأئمة، وفي تحديد أجورهم وتعويضاتهم، الأمر الذي ساهم بشكل مباشر في تراجع عرف (الشرظ)، حيث أصبح في الوقت الراهن مسألة ثانوية واختيارية في بعض الأحيان.

 هذا التغيير الذي طال المؤسسات الدينية في الأطلس ساهم أيضا في تراجع بعض أشكال التضامن الديني على غرار تراجع (تيويلي ن طالب)، إذ أصبح إمام المسجد ( الطالب) يدبر شؤونه الشخصية  بنفسه خصوصا كل ما يخص الأكل والمسكن.

  • تراجع أدور النايب والقوانين العرفية لصالح المؤسسات الأمنية والإدارية

بعد حصولها على الاستقلال، سعت المملكة إلى إحداث مؤسسات حديثة على صعيد مختلف القطاعات لتنظيم الشأن العام المحلي والوطني، وعصرنة جميع مظاهر الحياة وتقنين معظم القوانين، الأمر التي ساهم بشكل مباشر في تراجع القوانين العرفية واختفاء العديد من المؤسسات التقليدية في معظم مناطق المغرب. هذه التغييرات العميقة شملت قبيلة أيت بوكماز حيث عرفت معظم قوانينه العرفية و مؤسساته التقليدية ترجعاكبيرا لصالح المؤسسات الأمنية والإدارية الحديثة.

 ومن تجليات هذا التحول الذي طال مؤسسات وقوانين القبيلة أن منازعات الأفراد وخلافاتهم لم تعد تحل في مؤسسات القبيلة ( الموضع/ لجماعت) بل أصبحت المؤسسات الأمنية في المنطقة هي صاحبة الولاية والاختصاص في تدبيرها، كما دور النايب الذي كان يقوم بمهمة الضبط والشرطة الإدارية تراجعت صلاحياته أمام سلطات واختصاص رجال السلطة ورجال الدرك الملكي، وأصبحت أدواره تقتصر فقط على التنسيق والاشراف على الأشغال التي تدعو لها القبيلة، بالإضافة إلى دوره في مراقبة كل خرق لأعراف السقي أو الحبس وإحالة الأمر إلى السلطات الأمنية والإدارية المختصة.

مقال قد يهمك :   إدارية وجدة : عقوبة مقنعة تؤدي إلى إلغاء قرار الحموشي القاضي بنقل عميد شرطة

  • تراجع أدوار ” تيوزي” لصالح  الجماعات الترابية (الجماعات) والمصالح الوزارية

لقد استطاعت مؤسسة تيوزي ( التعاون الجماعي) لردح طويل من الزمن أن تعوض ما تقوم به المؤسسات الإدارية والتنموية بمفهومها الحالي ( جماعات ترابية/ مصالح إدارية/ مبادرات وطنية)، حيث ظلت قيم التعاون والتضامن والتآزر بين الساكنة هي السائدة في المجتمع البوكمازي.

لكن وبفعل التحولات الكبرى التي شهدتها البلاد بعد الاستقلال، والسعي الحثيث نحو إقرار دولة المؤسسات، وتعميم الطابع العصري للإدارات على صعيد أرجاء الوطن، بما في ذلك قبائل الأطلس الكبير و ايت بوكماز بالتحديد التي أحدثت فيها مؤسسات إدارية وأمنية مند سبعينات  القرن الماضي ( جماعة قروية/ قيادة/ مخفر للدرك الملكي/ مستوصف/ مركز تكوين مرشدين سياحين، مؤسسات تعليمية…)، فإن معظم قيم تيوزي تأثر بشكل مباشر، بفعل إحداث هذه المؤسسات التي منحت لها اختصاصات عديدة شملت كافة ميادين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وضبط المجال الأمني. كما أن هذه المؤسسات الحديثة أضحت صاحبة الاختصاص الحصري في تدبير معظم المجالات التي كانت الساكنة تقوم بها في إطار ما يسمى ب” تيوزي ” من قبيل بناء السواقي والمؤسسات التعلمية والدينية والطرق وتدبير قطاع الماء والكهرباء وتدبير منازعات الساكنة والأفراد وغيرها.

  • تراجع الأسرة الكبيرة أو الممتدة ( العائلية) لصالح الأسرة النووية أو الصغيرة

لقد أدت التحولات البنيوية الكبيرة التي عرفها المجتمعات القبلية بشكل عام والمجتمع البوكمازي بشكل خاص إلى إحداث تغيير جدري في مؤسسة الأسرة حيث، حيث انتقلت معظم أسر قبيلة أيت بوكماز  من الأسر الكبيرة أو الممتدة التي تشكل ما يسمى ب ( إخص) أي الأسرة العائلية والتي تتكون من الجد والأبناء والاعمام والأحفاد،

 و يجمعها بيت واحد واسم عائلة واحد، إلى الأسر الصغيرة ( أسرة نووية) والتي تتشكل فقط من أب وام وأحفاد، وفي أبعد تقدير من جد وأب وعم. هذا التحول الذي طال مؤسسة الأسرة[22] أثر كثيرا في تراجع بعض قيم التعاون والتضامن الأسري وأفرز مظاهر أخرى من قبيل الملكية الخاصة، الاستقلال الأسري، المطالبة بتقسيم الإراث وغيرها.

  • تراجع أدوار لجماعت لصالح مؤسسات المجتمع المدني( جمعيات تعاونيات)

بعدما كان سكان القبيلة ينظمون أنفسهم بأنفسهم ويساعد بعضهم البعض في إطار مؤسسة (لجماعت ) أو يسمى بمجمع القبيلة، وبعدما كانت مؤسسة لجماعت هي التي تقوم بالأدوار التنموية والتنظيمية داخل القبيلة، ظهرت مؤسسات تنموية حديثة في الآونة من قبيل جمعيات المجتمع المدني والتعاونيات فلاحية، لتعوض ما كانت تقوم مؤسسة لجماعت داخل القبيلة[23].

وقد أصبحت هذه المؤسسات التنموية مع مرور الوقت تستحوذ على معظم الاختصاصات التي كان تقوم بها المؤسسات التقليدية سابقا، على غرار تزويد الأسر بالمياه الصالح للشرب، تنظيم وتنظيف قنوات الري، القيام بحملات النظافة،  إحياء الموروث الثقافي للمنطقة، تسويق للمنتوجات الفلاحية الموجودة في المنطقة وغيرها.

خاتمة

إجمالا يمكن القول بأن القوانين العرفية والمؤسسات التقليدية لعبت دورا محوريا في تنظيم المجتمعات القبلية لقرون من الزمن. وتعتبر قبيلة ايت بوكماز من القبائل القليلة التي احتفظت بأعرافها ومؤسساتها التقليدية لعقود طويلة من الزمن، بالرغم من مظاهر التحديث والعصرنة التي انخرط فيها المغرب مند الاستقلال على الصعيد الوطني.

لكن وبفعل التحولات العميقة التي طالت مختلف مناحي الحياة الإدارية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية على الصعيد الوطني، وسعي  الدولة إلى هيكلة القطاعات وعصرنة المؤسسات، والاتجاه نحو تقينين معظم القوانين العرفية، وبروز مؤسسات تنموية حديثة، فإن أغلب الأعراف والمؤسسات التقليدية التي تميزت بها المجتمعات القبلية بشكل عام وايت بوكماز بالتحديد لقرون من الزمن تلاشت وتأثرت بشكل كبير بل و اختفاء العديد منها.


قائمة المراجع:

  • أحمد التوفيق ، المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر: ( إنولتان، 1850-1912) مطبعة النجاح الجديدة- الطبعة الثانية 1983، الدار البيضاء.
  • ادريس العلوي العبدلاوي ” أصول القانون” الجزء الأول، مطبعة دار القلم، بيروت 1971، ( ع.ط.غ.م).
  • اسباعي مولود ” العرف في النظام القانوني المغربي: سؤال الوظيفة وأبعادها” منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 137،نونبر* دجنبر 2017.
  • اسباعي مولود ” العرف في النظام القانوني المغربي: سؤال الوظيفة وأبعادها” منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، مرجع سابق.
  • توفيق حسن فرج ” المدخل للعلوم القانونية والنظرية العامة للحق ” الدار الجامعية بيروت، الطبعة الأولى 1988.
  • حسن مروان ” المجتمع المدني والتنمية بالمغرب” أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، كلية الحقوق المحمدية، الموسم الجامعي 2018/2019.
  • حسن مروان ” من الجماعات التقليدية إلى الجماعات التنموية، المجتمع السوسي نموذجا” مجلة رهانات، عدد 53، 2020.
  • ذ. عبد الكريم الطالب “ العرف في قانون الأحوال الشخصية” المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، العدد 37، 2002.
  • رحمة بورقية” قضايا المجتمع المغربي في محك التحول ” منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 2004.
  • الطيب بياض” بنية القبيلة في مغرب ما قبل الاستعمار ” المغرب الحديث (2012/1912) قراءات أولية في الحقبة الثانية، مجلة النهضة، العددان الخامس والسادس/ صيف وخريف 2013. .
  • عمر بن عبد الكريم الجيدي” العرف والعمل في المذهب المالكي، ومفهومهما لدى علماء المغرب” مطبعة فضالة، المحمدية، 1982.
  • مبارك الشنتوف ” المجال القبلي والتمثيل المحلي: مساهمة في دراسة التنظيم الإداري والسياسي المغربي في عهد السلطان مولاي الحسن الأول” رسالة لنيل دبلوم السلك العالي بالمدرسة الوطنية للإدارة العمومية، 1991/
  • محمد أعماليك ” الأعراف والهوية، رصد لتراجع مكانة ووظيفة الأعراف الأمازيغية – القانون والمجتمع المغربي، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، سلسلة الندوات والمناظرات رقم 7 الطبعة الأولى 2005.
  • محمد الطوزي ” هوية وغايات وقيم الحركة الجمعوية” أشغال الموائد المستديرة التي نضمها فضاء الجمعيات، الدار البيضاء، الرباط 1999/1998، مطبعة أمبريال، سنة 2000.
  • . Auguste Lebrun «  la coutume » Encyclopédie Juridique, Dalloz, T.3 publiée sous la direction de pierre Raymond Jurisprudence générale, Paris 2ème
  • M, NICOLAS, Une économie de subsistance, le Maroc précolonial, Edition institut français d’archéologie orientale, le Caire, 1997
  • Montagne ( Robert): la vie Social et politique des berbères, Edition C.H.E.M, Paris 1986.
  • Robert Montagne, les berbères et le Makhzen dans le sud du Maroc, Ed. Afrique- orient, Casablanca.

                                     الهوامش:         

[1] – في هذا الإطار أشار الأستاذ محمد أعماليك إلى الأزمة التي يعرفها موضوع البحث العلمي في كل ما يتعلق بالأعراف والتقاليد التي تميز بها الأمازيغ في المجتمعات القبلية، لمزيد من التويح أنظر محمد أعماليك ” الأعراف والهوية، رصد لتراجع مكانة ووظيفة الأعراف الأمازيغية – القانون والمجتمع المغربي، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، سلسلة الندوات والمناظرات رقم 7 الطبعة الأولى 2005.

[3] – للمزيد من التدقيق أنظر ذ. عبد الكريم الطالب “ العرف في قانون الأحوال الشخصية”  المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، العدد 37، 2002، ص-ص: 74-77.

[4]اسباعي مولود ” العرف في النظام القانوني المغربي: سؤال الوظيفة وأبعادها” منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 137،نونبر* دجنبر 2017، ص 293.

[5]اسباعي مولود ” العرف في النظام القانوني المغربي: سؤال الوظيفة وأبعادها” مرجع سابق، ص 281.

[6]مبارك الشنتوف ” المجال القبلي والتمثيل المحلي: مساهمة في دراسة التنظيم الإداري والسياسي المغربي في عهد السلطان مولاي الحسن الأول” رسالة لنيل دبلوم السلك العالي بالمدرسة الوطنية للإدارة العمومية، 1991/1992، ص 37.

[7]الطيب بياض” بنية القبيلة في مغرب ما قبل الاستعمار ” المغرب الحديث (2012/1912) قراءات أولية في الحقبة الثانية، مجلة النهضة، العددان الخامس والسادس/ صيف وخريف 2013 ص: 135.

[8]Montagne ( Robert) : la vie Social et politique des berbères, Edition C.H.E.M, Paris 1986 p : 62.

[9]Robert Montagne, les berbères et le Makhzen dans le sud du Maroc, Ed. Afrique- orient, Casablanca, p : 165-170.

[10] –  تشبه مؤسسة النايب المعروفة في أيت بوكماز مؤسسة تيمشورضا المعروفة في المجتمع السوسي خصوصا في مسألة اختيارها وأدارها في هذا الصدد أنظر: حسن مروان ” من الجماعات التقليدية إلى الجماعات التنموية، المجتمع السوسي نموذجا” مجلة رهانات، عدد 53، 2020، ص: 59-60.

[11]عمر بن عبد الكريم الجيدي” العرف والعمل في المذهب المالكي، ومفهومهما لدى علماء المغرب” مطبعة فضالة، المحمدية، 1982، ص: 218.

[12] ادريس العلوي العبدلاوي ” أصول القانون” الجزء الأول، مطبعة دار القلم، بيروت 1971، ( ع.ط.غ.م)، ص 569.

[13] –  Auguste Lebrun «  la coutume » Encyclopédie Juridique, Dalloz, T.3 publiée sous la direction de pierre Raymond Jurisprudence générale, Paris 2ème Ed1972, p : 01.

[14]توفيق حسن فرج ” المدخل للعلوم القانونية والنظرية العامة للحق ” الدار الجامعية بيروت، الطبعة الأولى 1988، ص: 251.

[15]حسن مروان ” من الجماعات التقليدية إلى الجماعات التنموية، المجتمع السوسي نموذجا” مجلة رهانات، عدد 53، 2020، ص: 64.

[16] – أنظر الأستاذ أحمد التوفيق ، المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر: ( إنولتان، 1850-1912) مطبعة النجاح الجديدة- الطبعة الثانية 1983، الدار البيضاء، ص: 381.

[17]حسن مروان ” من الجماعات التقليدية إلى الجماعات التنموية، المجتمع السوسي نموذجا” مجلة رهانات، عدد 53، 2020، ص: 65.

[18] – M, NICOLAS, Une économie de subsistance, le Maroc précolonial, Edition institut français d’archéologie orientale, le Caire, 1997, p : 268-269.

[19] – للمزيد من التدقيق أنظر ” حسن مروان ” المجتمع المدني والتنمية بالمغرب” أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، كلية الحقوق المحمدية، الموسم الجامعي 2018/2019، ص: 173.

[20]

[21]اسباعي مولود ” العرف في النظام القانوني المغربي: سؤال الوظيفة وأبعادها” منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، مرجع سابق، ص:300.

[22] – للمزيد أنظر رحمة بورقية” قضايا المجتمع المغربي في محك التحول ” منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 2004، ص: 33.

[23] – يذهب الأستاذ محمد الطوزي في هذا الإطار إلى القول إلى ” أن إعادة انتشار ( لجماعت) في إطار شبكة جمعوية كثيفة في سوس مثالا هو مثال أخر على تجديد وحيوية هذه البنيات التقليدية ويرى بأن الجمعيات الحديثة غالبا ما تكتفي بالتسمية فقط باسم تقبيلت أو الموضع، وتستمر بالاشتغال بالقواعد العرفية والتقليدية. للمزيد أنظر ” محمد الطوزي ” هوية وغايات وقيم الحركة الجمعوية” أشغال الموائد المستديرة التي نضمها فضاء الجمعيات، الدار البيضاء، الرباط 1999/1998، مطبعة أمبريال ، سنة 2000، ص:45.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]