التمويل التشاركي للمشروعات الصغيرة من خلال آلية المشاركة
ماء العينين الزويهار
باحث في مختبر الدكتوراه بمكناس
تزايدت بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة اهتمام الدول والحكومات في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء بموضوع المشروعات الصغيرة وذلك بسبب ارتباطها الوثيق بعملية التنمية بمختلف مجالاتها وقد تمثل الاهتمام في دعم الدول والحكومات للمشروعات الصغيرة عن طريق إصدار القوانين والتشريعات اللازمة لها، وإنشاء المؤسسات والهيئات المتخصصة في تمويل ودعم المشروعات إضافة إلى أن المشروعات الصغيرة في العديد من الدول المتقدمة أصبحت تخصصا يدرس في الجامعات والمعاهد المتخصصة، وتقام لأجله الندوات والمؤتمرات العلمية من أجل دعمه وتطويره حتى يرقى بالنهوض بالأهداف المخصصة له وبالتالي تلبية حاجيات المجتمع في التنمية.
إن موضوع تمويل المشروعات الصغيرة في الإسلام يستمد مكانته أولا وقبل كل شيء من مبادئ ورسالة الإسلام الحنيف التي أمرت بالاهتمام بالفرد المسلم كركيزة أساسية في عملية التنمية بمختلف مجالاتها الأمر الذي يقتضي تحرير هذا الفرد من كافة أشكال التبعية إلا للخالق وتهيئة الأجواء المناسبة له من أجل تنمية مهاراته وكفاءاته و إبداعاته حتى تنطلق عملية التنمية الحقيقية نحو الأمام.
وانطلاقا من هذه القاعدة الإسلامية الفريدة جاءت دعوة الإسلام إلى المجتمع لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي والذي يضمن حق الفرد في الحياة الكريمة، ومنها جاءت فكرة البنوك الإسلامية التي كان هدفها الأساسي والرئيسي هو تحرير المجتمع من تبعاته الاقتصادية وتركيزها على الفرد كمحور التنمية عن طريق صياغة أهدافها وآلياتهما مما يتلاءم مع فطرة الفرد المسلم، وإيمانا منا بالدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه البنوك الإسلامية في تحقيق ذلك.
وعليه أثارنا التطرق في هذا الموضوع إلى التمويل التشاركي للمشروعات الصغيرة وذلك باقتصار فقط على آلية المشاركة وذلك بالنظر إلى سياسة الدولة بخصوص قطاع التمويل الأصغر وما ترتب عنه من تداعيات اقتصادية و اجتماعية، وهو ما سوف نتطرق إليه في مبحثين (المبحث الأول) سنخصصه إلى مدى فعالية القروض الصغرى على أن نتناول في (المبحث الثاني) إلى آلية المشاركة كآلية بديلة للقروض الصغرى.
المبحث الأول : مدى فعالية قطاع القروض الصغرى
ظهر الاقتصاد الاجتماعي كفاعل في المنظومة الاقتصادية للدول بهدف التنمية الاجتماعية من خلال الفاعلين الأساسين كل من الجمعيات والتعاونيات و التعاضديات وكذا من خلال نظام السلفات الصغرى وهو الذي يراد به مساعد أشخاص ضعفاء من الناحية الاقتصادية قصد إنشاء أو تطوير أو خدمات خاصة بهم قصد ضمان اندماجهم الاقتصادي، ويحدد مبلغ السلف الصغير بمرسوم و الذي لا يجوز أن يتعدى 50ألف درهم.[1]
وقد ارتبط ظهورها )السلفات الصغرى( مع إنشاء بنك كرامين من طرف الاقتصادي البنغالي محمد يونس 1983، وسرعان ما عرفت السلفات الصغيرة انتشارا واسعا في العالم خاصة في دول الجنوب التي تعرف مستويات مرتفعة من الفقر وانخفاض الدخل.
وعرف المغرب مفهوم السفات الصغرى سنة 1992، إثر انعقاد مؤتمر حول محاربة التصحر بالمدرسة الوطنية بمكناس، ليشرع بعد ذلك بتطبيق برنامج السلفات الصغرى الممنوحة لتنمية الأنشطة الاقتصادية للأفراد ذوي الدخل المحدود في سنوات 1993و1994، وقد حظي هذا القطاع في بدايته بدعم مالي على شكل هيئات ومنح سواء من طرف ممولين محليين أو أجانب، مثل صندوق الحسن الثاني لتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والوكالة الأمريكية للتنمية.[2]
غير أن النمو المتسارع الذي شهده قطاع التمويل الأصغر اصطدم بأزمة ارتفاع العجز عن السداد منذ سنة 2008وامتدت هذه الأزمة حتى سنة 2011، الأمر الذي يدفعنا لنتساءل عن مدى فعالية قطاع التمويل بالقروض الصغرى بالمغرب ؟
وهو ما سوف نعمل على معالجته في هذا المبحث وذلك بالتطرق ب (المطلب الأول) إلى مدى شرعية عقود السلطات الصغرى، على أن نتناول في (المطلب الثاني) حصيلة قطاع التمويل الأصغر.
المطلب الأول : مدى شرعية عقود السلفات الصغرى
يهدف التمويل الأصغر إلى تقديم سلفات صغرى لا تتعدى 50ألف درهم، بغاية إنشاء مشاريع صغيرة مدرة للدخل أو لتجهيز المنزل أو غيرها من الأمور، إذ يمكن تقديم قروض موجهة عموما للاستهلاك، بالإضافة إلى خدمات مالية أخرى كالتأمين وإرسال الأموال أو تلقيها.
تحتكر هذه المؤسسات التمويلية السلطة المطلقة في تحديد شروط عقود السلفات الصغرى والتي ليس أمام الزبائن سوى قبولها، لأن السوق البنكية تشترط ضمانات بنكية لا يتوفرون عليها (عقارات، أجور عمل قارين)، وعندما يقصد الزبائن هذه المؤسسات يكونون مدفوعين بضرورة الحصول على قدر بسيط من المال لتدبير حاجيات عيشهم اليومية، وغالبا ما تكون نسبة هامة منهم في وضعية ونفسية متدهورة تجعلهم مكرهين على الرضوخ للشروط التي يمليها الطرف القوي.
إن هذه العلاقة ألا متكافئة بين مؤسسة التمويل الأصغر و زبنائها هو ما جعلنا نتساءل حول مدى قانونية هذه العقود ؟ وما هي بالضبط العيوب القانوني التي تشوبها ؟ وما هي الشروط أو الالتزامات التي تجعلها غير جائزة ؟ ولهذه الغاية سنتطرق في (الفقرة الأولى) إلى الأسس القانونية لعدم قانونية عقود السلفات الصغرى على أن نتطرق في (الفقرة الثانية) إلى مدى قانونية معدلات الفائدة التي تفرضها هذه المؤسسات ومدى انسجامها مع القانون المنظم للفوائد المطبقة بالقطاع البنكي ؟
الفقرة الأولى : عدم احترام العقود لشروط الرضاء
يتضح من خلال الدراسات والأبحاث التي قامت بها العديد من المؤسسات والجهات[3] لعمل مؤسسات التمويل الأصغر، وكذا من خلال تصفح العديد من نماذج العقود التي تبرمها هذه المؤسسات التمويلية مع زبنائها هذا بالإضافة إلى مجموعة من شهادات ضحايا هذه القروض، نخلص إلى نتيجة أساسية مفادها أن أغلب هذه العقود المبرمة من طرف مؤسسات القروض الصغرى لا تحترم شروط الرضا المتطلبة قانونا للقول بصحة هذه العقود، وهو ما يتم تبيانه من خلال النقط التالية :
أولا : الرضا الناتج عن التدليس
- + كتمان الشروط التي يتضمنها العقد : إذ غالبا ما يصادق الزبون على عقود نمطية من صفحة واحدة في الغالب تتعذر قراءتها بيسر، نظرا لكونها مكتوبة بخط صغير خضع لنسخ رديء، بحيث يصعب التعرف أحيانا على الشروط والالتزامات التي تتضمنها، هذا النوع من التحايل والكتمان الذي تلجأ إليه بعض المؤسسات يكون الهدف منه إخفاء شروط في العقد إذ لو كان المتعاقد عالما بها لما أقدم على ذلك، ونتيجة لذلك يحق المطالبة بإبطال هذه العقود استنادا إلى مقتضيات الفصل 52من قانون الالتزامات والعقود.
- + إخفاء شرط أساسي للتعاقد: معدل الفائدة الفعلية، إذ يجعل أغلب الزبناء معدل الفائدة الفعلية الإجمالية التي ينبغي عليهم دفعه مقابل السلفات الصغيرة التي يحصلون عليها، لأن مؤسسات السلفات الصغيرة تخفي عمدا هذا الشرط في نص العقد، وتكتفي بالإشارة لمعدل الفائدة المتضمن في الأقساط، وهذا يعد بحد ذاته غير كاف، ولا ينفي كون هذه الممارسة تعد تدليسا مكشوفا، إذ لولا هذا الإخفاء لما حصلت هذه المؤسسات على موافقة المتعاقدين[4].
ثانيا : الغبن الاستغلالي
لم ينص المشرع المغربي صراحة على نظرية الغبن إلى أن الفصل 54من قانون الالتزامات والعقود فتح الباب أمام القضاء للأخذ بهذه النظرية، وهذا ما ينطبق على العقود التي نحن بصدد دراستها، خصوصا فيما يتعلق بعدم خبرة المدينين لحطة إبرام تلك العقود بالشروط المجحفة لتلك المؤسسات التي تستغل عدم إدراكهم وخبرتهم وفرض التزامات خارجة عن القانون والمألوف أضرت كثيرا بمصالح المدينين[5] والذي جاء فيه أن أي استغلال لضعف إدراك المدين أو عدم تجربته لفرض شروط تخدم بالدرجة الأولى المقترض لفرض معدلات فائدة عالية جدا، تجيز إبطال العقد من تلقاء نفسها، وفد تكتفي بإنقاص التزامات المقترض مع إمكانية تعريض المقرض للمتابعة الجنائية، ويمكن للقاضي اعتماد جميع وسائل الإثبات ومن بينها شهادات الشهود[6].
ثالثا : الرضا الناتج عن الإكراه
كل عقد يوقعه مقترض السلفات الصغيرة نتيجة ضغط مؤسسات التمويل الأصغر ويكون بدوره قابلا للإبطال طبقا الفصل 35من ق.ل.ع.
وقد لمسنا، من خلال اطلاعنا على مجموعة من المعطيات أن الإكراه الفعلي الذي تمارسه نسبة مهمة من مؤسسات السلفات الصغيرة لا يقتصر على التهديد، بل يصل أحيانا إلى اقتحام سكن المقترضين والاستيلاء عمدا على المعدات والأثاث المنزل واعتبارها قسرا ضمانات رهنية.[7]
رابعا : استغلال المدين أو ضعف إدراكه أو نقص تجربته
تعمد بعض مؤسسات القروض الصغرى إلى استغلال لحاجة المدين وضعف إدراكه إلى فرض معدلات فائدة تفوق معدلات الفائدة المتوسطة المطبقة في باقي أصناف القروض الأخرى.
ويتراوح معدل سعر الفائدة المتوسطة السنوي الذي تفرضه مؤسسات السلفات الصغيرة ما بين %20و%30على أقل تقدير، في حين لا يتجاوز هذا المعدل بالنسبة للقروض التي تقدمها البنوك %6مقابل معدل يحوم حول %7بالنسبة للقروض الاستهلاكية البنكية التي تسجل أعلى معدل ضمن بقية أصناف القروض البنكية، يبلغ القرض إذن بين معدل الفائدة السنوية المطبقة بالقطاع البنكي وتلك المفروضة بقطاع السلفات الصغيرة خمسة أضعاف.[8]
كما نلاحظ أن القواعد التي تفرضها مؤسسات التمويل الأصغر على زبنائها من الفقراء لا تفوق فقط كل أصناف القروض البنكية، وإنما تفوق كثيرا الحد الأقصى للفوائد البنكية الذي لا يتجاوز غالبا %14
كما تجدر الإشارة إلى أن عدم خضوع قطاع السلفات الصغرى للظهير المنظم للحد الأقصى للفوائد البنكية، فتح المجال أمام مؤسسات التمويل الأصغر والمؤسسات البنكية التي تمولها، لتفرض معدلات فائدة تفوق بكثير الحد الأقصى للفوائد ويعادل خمسة أضعاف معدل الفائدة في القروض البنكية فهي بممارستها تلك تخالف القاعدة القانونية التي فرضت بمضمون الظهير المنظم للحد الأقصى للفوائد الاتفاقية[9]
الفقرة الثانية: فرض معدلات فائدة فاحشة
عملت العديد من البلدان إلى سن تشريعات لتجريم معدل الفائدة الفاحش وذلك من أجل توفير حماية قانونية للمقترضين لتفادي استغلالهم من قبل المؤسسات المالية ، ففي فرنسا مثلا يعمل البنك المركزي على تحديد سقف أقصى بمعدل الفائدة يعد كل تجاوز له ممارسة لفوائد فاحشة ,ويعد فائدة فاحشة كل تجاوز معدل الفائدة المعدل الفعلي الإجمالي السنوي بالثلث، ويحدد هذا السقف كل ثلاثة أشهر وذلك حسب أصناف القروض[10].
أما في المغرب، عملا بتوصيات صندوق النقد الدولي، تم تحرير كلي لمعدل الفائدة منذ يناير 1996، حيث أصبح يخضع لمستوى المنافسة بين المؤسسات المالية، بعدما كان قبل الثمانينات مقننا من قبل الدولة.[11]
ورغم هذا التحرير يمنع على المؤسسات المالية تجاوز المعدل الأقصى للفوائد الاتفاقية[12]، وبناء على هذا القرار الوزاري يقوم بنك المغرب سنويا بمراجعة المعدل الأقصى للفوائد البنكية التي لا يجب بأي حال تجاوزها، وقد ظل هذا المعدل الأقصى يحوم عمليا منذ سنة 2007حول %14
ويبدو من المفيد إجراء مقارنات بسيطة بين معدلات فوائد مختلف أصناف القروض:
- + ظل معدل الفائدة الإجمالية للقروض التي تقدمها البنوك لزبنائها خلال فترة 2010إلى 2016يحوم حول %6أما فوائد القروض الاستهلاكية التي تعد أعلى من بقية أصناف القروض الأخرى فتحوم حول %7، وإذا قارنا هذا المعدل الأخير بالمعدل الأقصى للفوائد البنكية السنوية الذي يحوم حول %14فنجد أن الفارق يبلغ %100أي الضعف.
- + وإذا أجرينا بين المعدل الأقصى للفوائد البنكية السنوية ومتوسط الفائدة السنوية التي تفرضها مؤسسات التمويل الأصغر التي تتراوح عموما ما بين %30و%35تحصل على فارق يتجاوز %100أي أكثر من الضعف.
نخلص إلى أن كل عقود السلفات الصغيرة التي فرضت على المفترضين أداء معدلات فائدة تفوق المعدل الأقصى للفوائد، هي عقود بمعدلات فائدة فاحشة، وبالتالي تعد غير جائزة استنادا إلى القانون المنظم بمعدل الفائدة.[13]وبالتالي فإنها معرضة للبطلان.
المطلب الثاني : حصيلة القروض بالمغرب
شهدت حصيلة القروض الصغرى بالمغرب فقرتين هامتين، الفقرة الأولى تمثلت في الانتعاش والنمو الكبيرين، وامتدت هذه الفترة من سنة 2003إلى أواخر سنة 2007 (الفقرة الأولى)، أما الفقرة الثانية فنجد أن مؤشراتها بدأت في الظهور ابتداء من سنة 2008وهي الفقرة التي شهد فيها قطاع التمويل الأصغر الأزمة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : فترة الانتعاش
شهد قطاع القروض الصغرى نمو كبيرا وتحديدا في الفترة الممتدة ما بين سنتي 2003و2007، بحيث أنه عرف أحد أفضل مستويات نموه، مسجلا معدلا غير مسبوق في مجال التمويلات الصغرى، بحيث أنه في ظرف أربع سنوات فقط تمكن من من مضاعفة محفظة القروض الصغرى الممنوحة من طرف المؤسسات التمويلية ذات الصلة بإحدى عشرة مرة , ارتفع عدد الزبناء أربع مرات في نفس الفترة[14]، وأصبح المغرب يضم أكبر عدد ممكن من المستفيدين بنسبة %40[15]، من الأشخاص الممولين بهده القروض في المنطقة العربية.
غير أن ما يجب التأكيد عليه هو أن النجاح الباهر الذي شهده قطاع القروض الصغرى لم يكن ممكنا دون الدعم الحكومي المتواصل وكذا الدعم الخارجي في إطار التعاون الدولي، بحيث أن الجمعيات العاملة في هذا القطاع استفادت من منح ومساعدات من مؤسسات وطنية كصندوق الحسن الثاني للتضامن، ومؤسسة محمد السادس للقروض التضامنية، وكما استفادت من دعم مهم من المؤسسات الدولية كالبنك الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية (USAID) من خلال برنامج[16](microstart)سنة 1998أو الوكالة الأمريكية لتنمية (USAID)التي خصصت 16مليون دولار أساسا لدعم مؤسسة أمانة للقروض الصغرى، ومؤسسة أوروبية كالبنك الأوروبي للاستثمار[17]، وبنك التنمية الألماني[18].
ومسايرتها لدعم قطاع القروض الصغرى عملت الدولة المغربية على رصد مبلغا يفوق 100مليون درهم من ميزانية صندوق الحسن الثاني للتضامن[19] للفترة الممتدة ما بين 2006و2010لفائدة هذه الجمعية، وتكمن خصوصية القطاع المغربي للقروض الصغرى في جزء كبير منها في التزام لأبناك المحلية لتمويل الجمعية المعنية، إذ تتواصل هذه الأخيرة بقروض بنكية بفوائد مشجعة من الأبناك التجارية التي تعتبر الممول الرئيسي للقطاع[20]
وتجدر الإشارة إلى أن القطاع استفاد أيضا من دعم المجموعة الدولية الممولة (USAID, AFD, PNUB, FADES)، كما يجب التنبيه هنا إلى أن التزام القطاع المالي المغربي (البنوك التجارية وصناديق JADIDA) مع الجمعيات المغربية للقروض الصغرى يظل أساسيا، وفعلا فإن هذا الالتزام يقدر بــ %80 من حاجيات بناء القطاع المالي، وهو بذلك يشكل التزاما فريدا في مجموع منظمة شمال إفريقيا والشرق الأوسط.[21]
وبدون أن نقلل من أهمية هذا الدعم المالي (حوالي 40مليون درهم من هيأت ودعم الاستغلال) التي يقدمه الممولون الوطنيون والدوليون لتطوير القطاع، من المهم أن نشير إلى أن الدعم يظل ضئيلا مقارنة مع 38,9مليار درهم، مجموع مبالغ القروض التي تم ضخها في الاقتصاد، ومع 703,26مليون درهم نظير التشطيب على الديون المشكوك فيها والمتراكمة.[22]
وعليه فإنه بفضل هذا التمويل تمكن كثير من الأشخاص المستبعدين من الخدمات التي تتيحها البنوك والمصارف التقليدية من الحصول على قروض تلبي احتياجاتهم وتطلعاتهم.[23]
قطاع التمويل الصغير بالمغرب (2003–2007)[24]
السنوات | عدد القروض النشطة |
2003 | 30800 |
2004 | 460000 |
2005 | 631000 |
2006 | 1045000 |
2007 | 1354000 |
يلاحظ من خلال الجدول أعلاه نمو متزايد في عدد القروض النشيطة بداية سنة 2003إلى2007وبالنسبة لعدد المستخدمين في هذه الجمعيات فقد ارتفع هو الآخر في نفس فترة أي بين 2003إلى 2007كما يوضح الجدول التالي
عدد المستخدمين في قطاع التمويل الصغير (2003–2008)[25]
السنوات | عدد المستخدمين للقطاع |
2003 | 1057 |
2004 | 1456 |
2005 | 2672 |
2006 | 4327 |
2007 | 6317 |
2008 | 6653 |
نستنتج مما سبق ذكره أن قطاع التمويل الأصغر قد شهد فترة نمو متسارعة جدا نظر لمجموعة من العوامل و المؤثرات المصاحبة لتلك الفترة، غير أن هذا النمو لم يستمر طويلا ليشهد بعد ذلك أزمة خانقة كادت أن تعصف بقطاع القروض الصغرى بالمغرب وهو ما سنتطرق إليه في الفقرة الثانية.
الفقرة الثانية : فترة الأزمة
بعد التطور الكبير والملحوظ الذي شهده قطاع القروض الصغرى بالمغرب، عقبته أزمة نمو عرفتها هذه المؤسسات مند سنة 2007، وذلك على إثر التدهور الكبير في محفظة قروضها الناجمة عن ارتفاع في عدم الإدلاء، والتي جاءت في سياق العام لتوترات التي عرفها القطاع في العديد من البلدان والتي تسببت في ارتفاع نسبة القروض الغير المسددة (على سبيل المثال في باكستان والبوسنة ونيكاراغوا).
والجدول التالي يوضح اتجاهات الانتشار ومحفظة القروض للتمويل الأصغر بالمغرب عند بداية الأزمة[26].
من خلال معطيات الجدول يتضح بالأرقام حجم التراجع الذي سجله قطاع التمويل الأصغر بالمغرب بدأ من سنة 2007وهو تاريخ بداية أزمة القطاع، فيظهر لنا التراجع في إجمالي محفظة القروض إلى جانب التراجع في عدد المقترضين النشيطين.
ومن جهة أخرى أظهرت الإحصائيات الرسمية استمرار أزمة قطاع القروض حيث ارتفعت نسبة القروض المعلقة الأداء (الخطرة) خلال سنة 2008لتصل إلى 200مليون درهم، بنسبة تصاعد بلغت %130فضلا عن التراجع عن النتائج الصافية لجمعيات القروض الصغرى.[27]
والملاحظ أنه غالبا ما تتم إثارة مسببات هذه الأزمة في إطار تحليلها من طرف الخبراء، وحصرها في الجوانب التقنية كنظم التسيير، وغياب آليات المراقبة الداخلية ومركز موحد للمخاطر، دون البحث في جذور الوضعية الصعبة التي يجتازها القطاع[28].
ومن الأسباب العميقة التي أدت إلى هذه الوضعية والتي تحتاج إلى تمحيص وتحليل نجد :
- + غياب آلية الحكامة الجيدة في تسيير جمعيات القروض الصغرى :
والمقصود هنا الأسس المتعلقة بانتخاب المجالس الإدارية لجمعيات القروض الصغرى، بقوانينها الأساسية والداخلية وبتوزيع المهام والاختصاص بين مختلف أجهزتها، ويمكن التساؤل في هذا الإطار عن عدد الجمعيات التي غيرت رؤسائها ومسؤوليتها خلال العقدين الأخيرين، إعمالا لمبادئ الديمقراطية التي يجب الحرص على العمل بها من طرف الجمعيات كونها منبثقة من المجتمع المدني، كذلك الشأن بالنسبة إلى مسألة تجديد أعضاء المجلس الإداري لجمعيات القروض الصغرى[29]
- + انحراف الجمعيات عن الرسالة الاجتماعية للقروض الصغرى :
- + لازال الخطاب الرسمي يروج أن قطاع التمويل الاصغر بالمغرب يساهم في تقليص الفقر من خلال تمويل مشاريع صغيرة مدرة بالدخل، ومحفزة لخلق فرص الشغل لصالح الفقراء، لكن يغيب حاليا أي إثبات لصحة هذا الطرح بالمغرب، بل يمكن أن نؤكد بأن السلفات الصغيرة أضحت أداة لتكريس التفاوتات الاجتماعية، فبواسطة الرأسمال المالي المنتشر في التمويل الأصغر تستطيع الأقلية الغنية زيادة ثروتها عبر ترحيل أموال المقترضين إلى حساباتها الخاصة، فمقابل كل ثلاثة مليار درهم مقدمة كسلفات صغيرة تنزع من المقترضين أرباح تفوق مليار درهم.
إن الأفكار المروجة للتمويل الأصغر مجرد غطاء إيديولوجي محض لنشر هذا التفكير للفقراء، وهناك وجه شبه كبير بين هذه الفكرة القائلة بأن للتمويل الأصغر دور أساسي في إنماء دخل الفقراء والفكرة التي كانت سائدة منذ أمد بعيد والقائلة بأن “العمل المأجور”وسيلة للقضاء على التمايزات الاجتماعية، وكما يشتغل أرباب العمل المأجور فإن مؤسسات الائتمان من بنوك ومؤسسات السلفات الصغيرة تستغل زبنائها للحصول على جزء من دخلهم المالي عن طريق الاقتراض.
المبحث الثاني: المشاركة كآلية بديلة للقروض الصغرى
تقوم البنوك الإسلامية على مبدأ أساسي وعام في كل معاملاتها المصرفية من جهة مصادر الأموال ومن جهة استخدامها، ذلك هو مبدأ المشاركة في الربح والخسارة، وهذا ما يميز البنوك التشاركية الإسلامية بشكل أساسي عن البنوك التقليدية.
وتعتبر آلية المشاركة أهم أداة لعمل البنوك التشاركية، حيث تحصل من خلالها على الودائع الفردية السائلة، وتجعلها وتوظفها في استشارات مختلفة، فهي تجمع الودائع الادخارية والاستثمارية من العملاء بناء على عقود مشاركة، وتقوم بتوظيف هذه الودائع في مشاريع وأنشطة اقتصادية مع المستثمرين بناء على عقود مشاركة أيضا[30].
وتقوم فكرة المشاركة على التمويل عن طريق مساهمة المؤسسة البنكية في بعض مشاريع الاستثمارية فهي بذلك تتجاوز حدود الوساطة المالية لتصبح بذلك شريكا استثماريا يسهر على تحقيق الربح، فهذه العملية التمويلية الجديدة والبديلة عن القروض بفائدة، دفعت بالأبناك إلى تغيير أهم قواعدها، المعمول بها في مجال الائتمان القائم على الفائدة كمقابل لمنحها المال لديونها، وهو تغير يصب في منحى جديد ونحو قواعد جديدة مبنية على فكرة تحقيق الربح وتحمل الخسارة، وذلك أنه ينبني على اقتسام الربح في حالة تحققه وفي حالة العكس “الخسارة” مع دعوى وجود تقصير ملموس من طرف الزبون، فهذا الأخير لا يتحمل الخسارة وهو الأمر الذي تتميز وتنفرد به البنوك الإسلامية التشاركية.
وتجدر الإشارة إلى أن آلية المشاركة يمكن أن تستخدم في كل القطاعات على حد السواء (اقتصادي، عقاري، سياحي…)، إذ قد تعجز رؤوس الأموال الصغيرة عن الاستثمار منفردة. لضآلة حجمها وضخامة المشروعات المتاحة أمامها، فمن حسنات نظام المشاركة أنه يقوم على تحمل الشريك من الأعباء بقدر ما يأخد من الحقوق، وفي حرص الشريعة الإسلامية على تحقيق عدالة التوزيع، كان جلب هذا النوع من المنتجات إلى مؤسسة الائتمان المغربية لم يكن بالأمر العشوائي، وذلك بالنظر للمزايا التي يتوفر عليها هذا المنتوج البديل.
ومن هنا نتساءل عن مدى إمكانية آلية التمويل بالمشاركة في البنوك التشاركية (الإسلامية) أن تحقق الغايات التي جاءت من أجلها؟ و أن تكون بديلا للقروض الصغرى في ظل محدودية هذا القطاع؟
الأمر الذي يدفعنا إلى طرح مجموعة من التساؤلات منها إلى أي حد تحقق قدر من العدالة والإنصاف بين مؤسسات الائتمان وطالب التمويل بالمشاركة؟ ولماذا لم يتم تفعيل صيغة المشاركة داخل البنوك المغربية؟ وما هي آفاق توظيف هذه الآلية ضمن المنظومة البنكية المغربية في ظل دخول قانون 103.12 حيز التنفيذ؟
وللإجابة عن كل هذه التساؤلات وغيرها ارتأينا أن نقسم هذا المبحث إلى مطلبين:
المطلب الأول: الإطار المفاهيمي والقانوني لعقد التمويل بالمشاركة
المطلب الثاني: واقع وآفاق عقد التمويل بالمشاركة في البنوك التشاركية
المطلب الأول: الإطار المفاهيمي والقانوني لعقد التمويل بالمشاركة
إن أهم ما يميز المعاملات البنكية التقليدية، هو التعامل بالفوائد الربوية، كما تعد من أهم التمويلات التي تمنح لشريحة مهمة من الأشخاص والمقاولات، وبالرجوع إلى توصية والي بنك المغرب[31] نجدها قد عالجت باقتضاب الأحكام المتعلقة بعقد التمويل بالمشاركة في أربع مواد من المادة 5 إلى 8، أما قانون البنوك التشاركية الجديد قد نظم المشاركة في الفقرة الخامسة من المادة 58.
وانطلاقا من عنوان هذا المطلب نقسمه إلى فقرتين نتناول في الفقرة الأولى إلى ماهية التمويل بالمشاركة في البنوك الإسلامية (التشاركية)، بينما نخصص (الفقرة الثانية) إلى شرط عقد التمويل بالمشاركة.
الفقرة الأولى: ماهية التمويل بالمشاركة في البنوك الإسلامية
وللوقوف عند حقيقة عقد التمويل بالمشاركة لابد من تحديد مفهوم ومشروعية هذا العقد (أولا) قبل الحديث عن أنواع المشاركات المستخدمة في البنوك التشاركية (ثانيا).
أولا: مفهوم مشروعية عقد التمويل بالمشاركة
- تعريف المشاركة
تعتبر المشاركة إحدى مجالات الاستثمار الهامة في المصارف الإسلامية، كما تعتبر بديلا ناجحا في كثير من الأحيان لتمويل بالمرابحة المثير للجدل[32].
في اللغة: لفظ المشاركة يرتبط بلفظ الشركة، والشركة هي الاختلاط أو مخالطة الشريكين[33].
واصطلاحا: هي كل عقد يكون الغرض منه مشاركة بنك التشارك في مشروع قصد تحقيق الربح، يشارك الأطراف في تحمل الخسائر في حدود مساهمتهم والأرباح حسب نسب محدد مسبقا بينهم[34]، وفي تعريف آخر هي أن يمول البنك المشروع موضوع المشاركة بمبلغ من المال والعامل بمبلغ آخر، ويصبح البنك والعامل مالكين لرأس مال الشركة وتوزيع الأرباح بينهما بحسب الاتفاق. أما الخسارة فإنها تكون بقدر حصة كل طلب في رأس المال، بالنسبة والتناسب[35].
أما قانونا: عرفتها توصية والي بنك المغرب من خلال المادة 5 منه على أنها “كل عقد يكون الهدف منه مشاركة مؤسسة الائتمان بالمساهمة برأس مال شركة موجودة أو قيد الانشاء من أجل تحقيق الربح.
في حين تجد قانون 103.12 عرفها بموجب المادة 58 في فقرتها الرابعة بأنها “كل عقد يكون الغرض منه مشاركة بنك تشاركي في مشروع قصد تحقيق الربح.
يشارك الأطراف في تحمل الخسائر حدود مساهمتها في الأرباح حسب نسب محددة مسبقا بينهم.
غير أن ما يجب الإشارة إليه من خلال تطرفنا للتعاريف أعلاه وأن تعريف الذي أوردته المادة 58 من القانون 103.12 هو الأكثر دقة من غيره سواء في ما يخص التعريفات الفقهية أو القانونية بحيث أشار بعبارة واضحة مشاركة الأطراف في أقسام الأرباح وتحمل الخسائر الناتجة عن المشروع حسب نسبهم إلا أن السؤال الذي يطرح هنا هو حول العبارة التي جاءت بها المادة والمتعلقة باقتسام الأرباح حسب نسب (يعني أنه محدد مسبقا) الأمر الذي يمكنه أن يفتح الباب حول استئثار البنك التشاركي بالأرباح على المستثمر، نظرا لعدم تكافؤ موازين القوى بين البنك التشاركي والمستثمر.
ب- مشروعيتها:
المشاركة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع.
أما في الكتاب فقوله تعالى: ﴿فهم شركاء في الثلث﴾ (النساء: 12) وقوله تعالى: ﴿وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات﴾
وفي السنة النبوية هناك أحاديث كثيرة تدل على جواز الشركة ومن ذلك ما أخرجه البخاري وأحمد من أبي المنهال قال: اشتريت أنا وشريك لي شيئا يدا بيد ونسيبة، فجاءنا البراء بن عازب فسألناه فقال: أنا وشريكي زيد بن أرقم وسألنا النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال: ما كان يدا بيد فقدره، وما كان نسيئة قدروه”[36].
أما الإجماع فقد أجمع علماء المسلمين على جواز أنواع الشركات والخلاف بينهم في بعض أنواعها وبعض أحكامها. وقد بعض صلى الله عليه وسلم والناس بالشركة فأقرهم عليها[37].
ثانيا: أنواع المشاركة المستخدمة في البنوك التشاركية
انطلاقا من مقتضيات المادة 58 من قانون مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها في فقرتها الرابعة نص المشرع المغربي، إلا أن المشاركة تكتسي أحد الشكلين التاليين:
- المشاركة الثابتة: يبقى الأطراف شركاء إلى حين انقضاء العقد الرابط بينهم.
- المشاركة المتناقضة: ينسحب البنك تدريجيا من المشروع وفق بنود العقد، ويتبين من خلال هذه المادة أن أنواع المشاركة هي كالتالي:
المشاركة الثابتة:
المشاركة الدائمة أو الثابتة تعني أن البنك يشارك مع شخص أو أكثر في إحدى المؤسسات التجارية أو مصنع أو بناية أو زراعة، وغيرها عن طريق التمويل في المشروع المشترك، فيستحق كل واحد من الشركاء نصيبه من أرباح ذلك المشروع، وتكون المحاسبة للخسائر، والأرباح بعد نهاية كل سنة مالية[38].
وهذا النوع من الشركات هو ما يسمى بشركة العنان وهي أن يشترك اثنان بماليهما ليعملا فيه بيديهما، وربحه لهما، فينفد تصرف كل واحد منهما يحكم الملك في نصيبه، والوكالة في نصيب شريكه[39].
وتفضل البنوك الإسلامية هذا النوع من التعامل للأسباب التالية[40]:
- قلة المخاطرة التي يتعرض لها المستثمرون، وذلك لأن البنك يتحمل الخسارة معا المستثمرين.
- سهولة تنظيم الحسابات فيها ذلك أن البنك مثل هذه الشركة يمكنه إمساك سجلات حسابية منظمة.
- هذه الشركة تمكنه من متابعة المشروع المشترك فيه ومراقبة سير العمل فيه.
المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك:
المشاركة المتناقضة هي شركة يعطي البنك الإسلامي فيها حق للشريك في الحلول محله دفعة واحدة أو على دفعات حسبما تقتضيه الشروط المتفق عليها[41].
وقد عرفت الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية هذه المعاملة بأنها “مشاركة يساهم فيه المصرف الإسلامي شركة أو مؤسسة تجارية، أو بنايات أو مصنع أو زراعة مع شريك أو أكثر وعندئذ يستحق من الشركاء نصيبه من الأرباح بموجب الاتفاق عند التعاقد مع وعد من المصرف الإسلامي أن يتنازل عن حقوقه دفعة أو دفعات حسبما تقتضيه الشروط المتفق عليها[42].
ومن مميزات المشاركة المتناقضة ما يلي[43]:
- العميل (المستثمر) والممول (البنك الإسلامي) يتفقان على إنشاء مشروع بناء على صيغة المشاركة.
- الممول (البنك الإسلامي) يتعهد ببيع حصته للعميل أما دفعة واحدة أو على دفعات.
- يقوم الشريك بصورة طوعية بشراء حصة البنك الإسلامي بأسعار السائدة في وقت البيع[44]، وبالتالي في نهاية العقد تتحول ملكية المشروع بالكامل للشريك[45].
الفقرة الثانية: شروط عقد التمويل بالمشاركة
هناك العديد من الأسس القانونية والفقهية التي تحكم رأس مال المشاركة من هذه الشروط ما يتعلق بالمتعاقدين في (أولا) ومنها ما يتعلق برأس المال (ثانيا) وأخيرا منها ما يتعلق بالمعقود عليه (ثالثا).
أولا: الشروط المتعلقة بالمتعاقدين
كأي عقد من عقود المعاملات المالية، يتطلب عقد المشاركة مجموعة من الشروط لابد من توافرها مثل أهلية الأداء التوكيل والتوكل لدى الشركاء[46]. إلى جانب أن يكون الشريك بالغا عاقلا راشدا[47].
كما يضمن عقد المشاركة أن يكون يد كل شريك يد أمانة في كل ما يقتضي بأعمال وأموال الشركة، فلا يضمن ما اتلف إلا حين قصر أو تجاوز حدود أمانة، ولا يجوز لأحد الشركاء دفع مال الشركة إلى الغير ليعمل فيه مضاربة أو وكالة إلا بإذن الشركاء جميعا،كما لا يجوز الهبة أو القرض من مال الشركة ليس هناك تحديد لمجالات النشاط الاقتصادي للمشاركة، كما ليس هناك تحديد لعدد الشركاء[48].
ثانيا: شروط رأس المال
الأصل أن يكون رأس المال نقدا يدفع الشركاء كل حسب مساهمته، ويجب توفر مجموعة من الشروط منها:
- يجوز أن تكون مساهمة أحد الشركاء عينا (منقولا أو عقارا) فلا يجوز أن يكون دينا منعا للغش والتحايل، كما لا يجوز التصرف في المال الغائب، والحكمة في ذلك هو منع المنازعات التي قد تحصل عند عدم الحصول على الدين.
- يجب أن يمتلك البنك حصة في المشاركة ملكا تاما، وأن يتمتع بحقه الكامل في الإدارة والتصرف، وفي حالة توكيل الشريك بالعمل يحق للبنك مراقبة الشريك ومتابعة الأداء[49].
- لا يجوز أن يقدم البنك وعدا للشريك بأن يبيع له حصته في الشركة إذا قام بتسديد قيمتها، ويجب أن يتم البيع بعد ذلك باعتباره عملا مستقلا لا صلة له بعمل الشركة[50].
- أن يكون رأس المال معلوم القدر والجنس والصفة.
- لا يشترط التساوي في حصص رأس المال، كما لا يشترط المساواة في العمل والمسؤولية والإدارة في الشركة[51].
ثالثا: الشروط الخاصة بتوزيع الإرباح والخسائر
أن يكون العقد واضحا فيما يتعلق بقوانين توزيع الربح المشاع بين الشركاء تجنبا للخلاف مستقبلا.
أن يكون نصيب كل شريك في الربح بنسبة محدد مسبقا بينهم كما جاء في المادة 58 من قانون 103.12، وإذا لم يحدد الشركاء نسبة الربح أو سكت عن تحديده فيوزع حسب كل منهم رأس المال.
لا يشترط المساواة في حصص الربح، ويجوز أن تزيد حصة أحد الشركاء في الربح، من حصته في رأس المال إذا كان هذا الشريك عاملا في الشركة، وذلك مكافأة له وتعويضا عن عمله وبديلا عن أجره.
لا يجوز لشركاء الاتفاق على اقتطاع قدر معين من الربح قبل تقسيمه لأن حصة من حصصه المشاركة لاحتمال هنا أن لا تربح إلا ذلك القدر المتفق عليه اقتطاعه[52].
المطلب الثاني: واقع وآفاق التمويل بالمشاركة في البنوك التشاركية
عند الرجوع إلى كتابات الباحثين والمنظرين للعمل المصرفي الإسلامي ستجد أنهم يتفقون على أن البنوك الإسلامية قامت أساسا على إلغاء الفائدة أخذا و عطاءا واستبدالها بالمعاملات والعقود الشرعية المنضبطة بأحكام الفقه الإسلامي، وعلى رأسها أسلوب المشاركة في الربح والخسارة وتحمل المخاطرة.
ويقول سعد رؤاس جي “كان على الاقتصاديين أن يوجود بديلا مناسبا يحل محل الربا في التعامل، بشرط أن يكون هذا البديل مما يقره الإسلام ولا يحرمه، وبعد تقليب وجوه النظر اهتدى الاقتصاديون المسلمون إلى عدة بدائل أقرها الإسلام، أهمها المشاركة في الربح والخسارة وليس ثمة أدنى شك في جواز نظام المشاركة في الربح والخسارة طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية[53].
ويؤكد البعض أن فكرة نظام المشاركة هي الأساس في المصارف الإسلامية وذلك بالقول أن فكرة شرعية الأرباح وعدم شرعية الفائدة التي هي حجر الأساس في إنشاء وتطبيق النظام المصرفي الإسلامي وعلى أساس هذا النظام يتوقع للإرباح والخسائر أن تكون مشاركة في البنوك وفي الوحدات الاقتصادية طبقا لقواعد معينة محدد مسبقا فالمودع يعامل في النظام الإسلامي كما لو كان من حملة أسهم البنك ويحق له نصيب في الأرباح التي يحققها البنك غير انه لا يعطي أي ضمانات باسترداد القيمة الاسمية لوديعته أو بالحصول على عائد ذي معدل محدد مسبقا على الوديعة، والنظام متجانس بحيث أنه لو لحقت بالبنك خسائر، فإن من المنتظر أن يشارك المودع في هذه الخسائر، وبالتالي ستنخفض القيمة الاسمية لوديعته، وعلى الجانب الآخر من ميزانية البنك لا يسمح للبنك أن يقوم بتحميل سعر الفائدة ثابت على القروض التي يقدمها، بل عليه أن يدخل في نوع من ترتيبات المشاركة في الربح والخسارة مع الممولين (من يتلقون التمويل) ولذلك يمكن بوجه عام اعتبار النظام المصرفي الإسلامي نظاما مبنيا على أساس الملكية لا سعر الفائدة[54].
فالفكرة الأساسية في العمل المصرفي تقوم على مبدأ المشاركة في الغنم والغرم وبالتالي فإن رأسمال المصرف يصبح وفق هذا المبدأ رأس مال مخاطرا، وتوزع نتائجه بعد نهاية العملية المصرفية على نقيض ما يحدث في المصارف التقليدية، حيث يتم توزيع الأرباح المحدد مسبقا في عملية الإنتاج.
ومنها تظهر أهمية مبدأ المشاركة في البنوك التشاركية، حيث لا يتصور قيام بنوك تشاركية بدون تفعيل المشاركة بين الوحدات الاقتصادية المختلفة، ومن هنا نطرح التساؤل حول مدى تطبيق البنوك و المصارف الإسلامية لمبدأ المشاركة؟ وما المعوقات التي واجهت هذه البنوك في تطبيقها للمشاركة؟
وهذا ما سنعمل على الإجابة عنه من خلال التطرق إلى التجربة العملية لصيغة المشاركة في البنوك الإسلامية (الفقرة الأولى) على أن نتعرض للمخاطر والمعيقات التي التي تحد من فعالية هذه الآلية التمويلية (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: التجربة العملية لصيغة المشاركة في البنوك الإسلامية
للوقوف عند التجربة عقد التمويل بالمشاركة في البنوك الإسلامية لابد أولا وقبل كل شيء تحديد التطبيق العملي لهذا العقد (أولا) قبل التطرق لمزاياه (ثانيا)
أولا: التطبيق العملي لتمويل بالمشاركة
بالرغم من أهمية مبدأ المشاركة في بنية المصاريف الإسلامية، وتأكيد المنظرين الأوائل لفكرة المصارف الإسلامية من أن الأساس الذي قامت عليه المصارف الإسلامية وهو مبدأ المشاركة إلا أنه من خلال الاطلاع على الدراسات المتتبعة وجد أن نسبة صيغ المشاركة قليلة جدا مقارنة بصيغ أخرى كالمرابحة مثلا.
أ/ الاعتماد على المرابحة على حساب المشاركة:
يؤكد واقع تطبيق المصارف والبنوك الإسلامية أنها اعتمدت بشكل ملحوظ على عقود بيع المرابحة للأمر بالشراء، بحيث احتلت النسبة الكبرى في عمليات المصارف الإسلامية، ما أدى إلى غياب أسلوب المشاركة.
يقول أحد الباحثين[55] إن الممارسة الحالية للمشاركة غير ملموسة، بحيث أن ظاهرة المرابحة هي التي تسيطر على المصارف الإسلامية، تليها الإجارة كما تعاملت المصارف الإسلامية أيضا في العقار والسبائك الذهبية والعملات، ومعظم الخسائر التي ألمت ببعض المصارف الإسلامية سابقا كانت ناشئة عن المعاملات الأخيرة[56].
ولو أخذنا مثلا على التطبيق العملي لبعض المصارف والبنوك الإسلامية ستجد ما يلي:
- بالنسبة لتمويل المصرفي السوداني يتضح لنا أن متوسط نسبة التمويل بصيغة المرابحة خلال الفترة 1999-2011 لم يقل عن 47% من تدفق التمويل بل وتجاوزت النسبة 50% في أعوام 2006 و 2007 و 2009 و 2010، وتجاوزت النسبة 60% في عام [57]2011، ويرجع ذلك للخبرة القوية للبنوك في ممارسة التمويل بهذه الصيغة بالإضافة إلى قلة المخاطر فيها مع ضمان العائد والربحية بعكس الصيغ الأخرى.
أما صيغة التمويل بالمشاركة فقد كان متوسط نسبة 22% وبلغ أعلى معدلا للمشاركة في عام 2000، حيث وصلت إلى 43% وبلغت أكثر من 30% في أعوام 1999 و 2001 و 2004 و 2005 وسجلت تراجعا ملحوظا في 2009 حتى وصلت إلى 10% بينما نزلت إلى 9% في عام 2010 وسجلت أقل نسبة في عام 2011 حيث كانت في حدود 7% [58]
- أما بالنسبة للمصارف و النوافذ الإسلامية في المملكة العربية السعودية والتي عددها 12 مصرفا ونافدة في عام 2009 مثلا حيث نجد أن نسبة المرابحة بلغت 26% من إجمالي تمويلات البنوك في المقابل نجد أن النسبة بالنسبة للمشاركة لم تتجاوز 3% من إجمالي تمويلات البنوك[59].
- نموذج مصرف قطر الإسلامي نجد أن نسبة المرابحات بلغت 3% و94.3% الأعوام من 1984 إلى 1986.
- نموذج أخر بيت التمويل الكويتي حيث نجد أن نسبة المشاركات لم تتجاوز 2% و 0.9% عن الأعوام من 1984 إلى 1986.
- نموذج أخر البنك الإسلامي الأردني حيث نجد أن نسبة المشاركات من إجمالي الاستثمارات في البنك عن الأعوام من 1982 إلى 1984 لم تتجاوز على التوالي 3% 2.6% 7% 5%
في حين نجد نسبة المرابحات في نفس البنك في الفترة ذاتها ما يلي: 72% , 78.7%, 76.5%[60]
فيظهر بشكل واضح أن البنوك الإسلامية تعتمد على صيغة المرابحة للأمر بالشراء بصورة تكاد تغطي عمليات التوظيف والاستثمار في تلك البنوك حتى باتت تعيش في سجن من المرابحة[61]
وهكذا يكشف واقع المصارف الإسلامية عن التناقض التام بينه وبين ما توصلت إليه حركة التنظير الأولى لفكرة المصارف الإسلامية والتي رأت أن أسلوب المشاركة يمثل الصيغة الأساسية الأكثر ملائمة والتي يجب أن تعتمد عليها المصارف الإسلامية لتوظيف مواردها المالية، ولم يكن في حسبانها أن تكون المرابحة الصيغة الأساسية الأولى لهذه البنوك والمصارف
ب/الأسباب الدافع إلى اعتماد صيغة المرابحة بشكل الأساسي
مما لاشك فيه أن المصارف والبنوك الإسلامية، هي مؤسسات تجارية ربحية[62] تسعى شئنها شأن المؤسسات البنكية التقليدية إلى تحقيق الربح، لذلك عند البحث عن الأسباب الدافعة من وراء تركيز البنوك الإسلامية على صيغة المرابحة للآمر بالشراء، كون أن هذا العقد يحقق لها الأمان الاقتصادي، بمعنى أن بيع المرابحة بصورته وصيغة الموجودة عند أغلب المصارف الإسلامية يحقق لها أرباحا مضمونة من غير أي خسارة تقابلها، أو أنها لا تتوقع أي خسارة بسبب الضمانات التي تأخذها من العملاء، فضلا عن أن هذا العقد من أسهل العقود إجراء، ومن أكثرها إقبالا من قبل الجمهور.
وقد اتضح أن تفضيل غالبية البنوك الإسلامية لأسلوب المرابحة، واتجاهها للاعتماد عليها بصورة أساسية لتوظيف مواردها، يرجع بصفة رئيسية إلى اتفاق هذا الأسلوب مع نمط المعاملات القائمة في البنوك التقليدية التي تتمثل في الاقتراض و الإقراض[63].
ويمكن إجمال الأسباب التي دعت البنوك الإسلامية للاعتماد على صيغة بيع المرابحة للأمر بالشراء وتقديمها على غيرها من العقود فيما يلي:[64]
- ارتفاع عامل الضمان فيها
- أن عقد المرابحة أقرب من غيره في التمويل قصير الأجل من حيث تحقيق الربح السريع والمضمون.
- أن صيغة المرابحة تعتبر من وسائل الائتمان التي تعد سهلة التطبيق
- وجود عوائق إدارية وقانونية واقتصادية في التعامل مع الوسائل الأخرى.
ثانيا: مزايا التمويل بآلية المشاركة
يتبين من الواقع العملي أن صيغة التمويل بالمشاركة من أهم الصيغ التمويل المطبقة بالبنوك الإسلامية (التشاركية) نظرا لكونها تحضى بعدة مزايا أبرزها:
- مشاركة البنوك الإسلامية للأفراد يجبر البنك على اختيار أفضل أساليب الاستثمار مضافا إلى ذلك اختيار أفضل الخيرات، وبذلك يجتمع في تعاون واحد رأس مال المجتمع مع الخبرة، وهو ما يحقق مع التوجيهات الإسلامية في الحفاظ على رأس مال المجتمع وحسن استخدامه، فعندما تشارك البنوك بخبرتها وعملها تحفظ ثروة المجتمع من التعرض لأي تهديد نتيجة عدم توافر الخبرة لدى شريك لا تتوفر لديه المتطلبات العملية، والإمكانات الفنية التي تحميه عند ممارسة عمله[65]، وفي مشاركة البنوك بخبرتها أيضا حماية للمشارك من المخاطر التي كان من الممكن أن يقع فيها لولا مشاركة البنوك.
- إن صاحب المال الذي يودع ماله في بنك يوظف أمواله على أساس المشاركة سوف يحصل على الربح العادل الذي يتكافأ مع الدور الفعلي الذي أداه ماله في التنمية الاقتصادية، وفي ذلك تشجيع الأفراد على إيداع أموالهم في هذه البنوك ومداومة استثمارها بواسطتها، ويؤدي كذلك إلى الربط بين أصحاب المال وبين عملية تكوين رأس المال، كما أن فيه دافع إلى إقبال الأفراد ومداومتهم على استثمار أموالهم[66] بدلا من حفظه وركوده دون أن يستفيد المجتمع.
- التمويل بالمشاركة ينتج عنه توزيع المسؤولية والمخاطر توزيعا عادلا بين البنك والمستثمرين والمودعين وبما أن المشاركة تؤدي إلى توزيع المخاطر والخسائر بين الطرفين كل حسب حصته مقدمة في الشركة فإنها تدفع بهم إلى دراسة المشروعات دراسة دقيقة فيما يتوفرون عليه من خبرات فنية وتقنية[67] وهذا ما يميز عقد المشاركة عن عقد القرض بفائدة، أو القروض الصغرى المطبقة من قبل مؤسسات التمويل الأصغر وهو ما يتيح فرصة أكثر لاختيار مشروعات كبرى، وبالتالي تشجيع الأفراد على العمل وزيادة الدخل وتحقيق التنمية الاقتصادية وكذا الاجتماعية.
- يعتبر التمويل بالمشاركة فرصة مناسبة لإيجاد صيغة مناسبة لتمويل رأس المال العامل الذي أصبح مشكلة تواجه غالبية المشروعات المعتمدة في تمويلها على التمويل الإسلامي[68].
- إن التزام البنوك الإسلامية (التشاركية) بصيغة التمويل بالمشاركة تمكين لها من القدرة على التكييف مع التغييرات الهيكلية للاقتصاد بطريقة عضوية كما يصبح كل من البنك والمشارك قادرين على مواجهة الأزمات بصلابة وقوة، وقادرين كذلك على عدم التأثر بها.
وهذا الأمر على عكس البنوك التقليدية التي تعتمد أساسا في تمويلها على سعر الفائدة تدفع أو تستقضى بمعدل ثابت في كل العلاقات والظروف، وفي كل المشروعات، دون فرق بين مشروع وآخر على الرغم من أن كل المشروعات ليست على درجة واحدة من الربح، مما يعني التحيز لبعض المشروعات كما يعني_ كذلك_ تشجيعا ضمنيا لمشروعات المنتجات الكمالية إضافة إلى فقدان النظرة الاجتماعية في فتح التمويل وبمعنى كذلك صيغة من صيغ الجمود التي لا تتفق مع العدالة، ويعني أيضا حرمان المجتمع من إقدام أفراده على الاستثمار في مشروعات لا تتحمل دفع هذا السعر الثابت في مراحلها الأولى على الرغم من وجود حاجة ملحة إليها[69] وباختصار فهو يعد قيدا على التنمية المتوازنة في المجتمع الذي ينبغي أن تصبغ أولا وقبل كل شيء بالنظرة الاجتماعية و مصالح المجتمع.
وعلى العكس من ذلك نجد أن نظام التمويل بالمشاركة قد مكن طالب التمويل بالمشاركة من دفع العائد الذي يتناسب عملا وفعلا مع الأرباح التي يدرها المشروع الذي يستثمر فيه، فليس هناك نمطية أو ثبات في نسبة العائد التي يتفق عليها في التمويل بالمشاركة لأن العائد ومقداره يتوقف على الربح الواقعي المحقق، وهذا يعني تحقيق التوازن في عملية التنمية وإيجاد رابطة عضوية بين احتياجات المجتمع والمشروعات على اختلاف أنواعها[70] كما يعني إقامة علاقة صحية بين الأفراد والمجتمع.
6.يعتبر التمويل بالمشاركة من أحدث الوسائل المناسبة لتمويل السلع والتكنولوجيا الحديثة التي كانت ممنوعة من مصادر التمويل المصرفية التقليدية، الأمر الذي يعد دليلا على تميز هذه الصيغة عن باقي الصيغ التمويلية الأخرى، وقد أدرك الغرب هذه الحقيقة، وعلمو أهمية هذه الأداة فقد قال أحد الاقتصاديين الأمريكيين[71] “إن النمو الاقتصادي لهذه الأمة (أمريكا) يتحسن بشكل كبير بالاستخدام الفعال لهذه الأداة التمويلية الجديدة، فالمنظمون لا يريدون تمويلا من المصارف ينبني فقط على إعادته مع الفائدة المحددة عليه، وإنما يريدون تمويلا يتقاسمون به مع العمل انتاجية المشروع من ربح أو خسارة خاصة في فترة الكساد.[72]
الفقرة الثانية: معيقات استخدام التمويل بالمشاركة في البنوك الإسلامية ومخاطره
وبالرغم من المزايا التي تتمتع بها آلية التمويل بالمشاركة في البنوك والمصارف الإسلامية (التشاركية) إلا أن هذا ليس معناه أن هذه الآلية التمويلية لا تخلو من معيقات (أولا) وكذا مخاطر تقلل من استخدامها من قبل المؤسسات المالية (ثانيا)
أولا: معيقات استخدام التمويل بالمشاركة
لقد واجهت البنوك الإسلامية من خلال ممارستها لآلية التمويل بالمشاركة العديد من العوائق، والتي جعلت من الصعب التوسع في إعمال هذه الآلية التمويلية كآلية تشاركية بديلة للقروض المبنية على أساس الفائدة وكذا كالآلية بديلة لتجاوز محدودية الفعالية التي أبان عنها نظام السلفات الصغرى، وتتمثل هذه العوائق بالأساس في الإدارة وتعويض أصحاب رؤوس الأموال ومشاكل المتعاملين[73]، ويمكن أن نجمل هذه العوائق فيما يلي:
- عدم توفر الخبرة لدى البنوك الإسلامية (التشاركية) في كافة المجالات والأنشطة الاستثمارية.
- القيود المفروضة على البنوك الإسلامية من قبل البنوك المركزية في مجال استثمارات طويلة الأجل.[74]
- كذلك تتجلى بعض المعيقات في عدم توفر أغلب المتعاملين على الكفاءة المهنية المفروضة وتحايلهم على البنوك من حيث امتناعهم عن الإعلان عن الوضعية الفعلية للمشروعات أو الإعلان بشكل غير صحيح أو التصريح بخسائر وهمية، وذلك من أجل الاحتفاظ بأعلى نسبة ممكنة من الأرباح بالإضافة إلى تكبيد البنك بخسائر تجبر من نصيبه في رأس المال[75]
- عدم وجود ضمانات كافية
- عدم استيعاب المتعاملين مع البنوك الإسلامية لأسلوب المشاركة في التمويل الإسلامي التشاركي
- عجز بعض البنوك الإسلامية عن تقويم ربحية المشاريع الطالبة للتمويل بصيغ المشاركة يشكل عائقا أمام انتشار التمويل بهذه الآلية
- كذا حالة تقييم أصول ثابتة كحصة يقدمها أو أحد شركاء فإن التمويل بالصيغ المشاركة يواجه عوائق حول الاتفاق على تحديد معايير وأسس لتقويم هذه الأصول الثابتة[76]
ثانيا: مخاطر التمويل بالمشاركة
إلى جانب المعيقات التي تواجه التمويل عن طريق المشاركة نجد أن هذه الآلية التمويلية تحمل في طياتها العديد من المخاطر التي تؤثر سلبا على استخدام هذه الآلية بشكل واسع من قبل البنوك والمصارف الإسلامية[77]، والتي تتمثل بالأساس في نقصان أصل مبلغ التمويل في حالة الخسارة وإثبات التعدي والتقصير في حالة الخسارة رغم وجود ضمان وعدم الالتزام الأخلاقي للمتعاملين بهده الصيغة، وكذا عدم استخدام التمويل في الغرض المحدد له[78]، ويمكن تقسيم هذه المخاطر إلى قسمين المخاطر المتعلق بالشركاء والمخاطر المتعلق بالقانون.
- المخاطر المتعلقة بالشركاء:
ويمكن أن تجمل المخاطر المرتبطة بالشركاء فيما يلي:
- خطر عدم الالتزام الأخلاقي (الخطر ألانتمائي) ويرجع ذلك بسبب عدم إفصاح العميل عن الأرباح الحقيقية المتولدة عن المشروع، حيث يقوم العملاء بإخفاء الأرباح الحقيقية والتي بدل في سبيل الحصول عليها مجهود كبير[79]
- خطر عدم توفر الخبرة الكافية للشركاء في النشاط الاستثماري، بحيث تعتبر هذه الأخيرة من أهم المتطلبات لنجاح المشاريع الاستثمارية إذ أنه في حالة عدم توفر الخبرة الكافية وأساليب العمل والمبادرة في التسويق يؤدي لا محالة إلى فشل المشروعات بمختلف أنواعها.
- خطر عدم استخدام التمويل المفتوح في الغرض المحدد له[80]، ويكون هذا الخطر من طرف العميل وذلك لاستخدامه رأس المال الممنوح له من طرف البنك في غير الغرض الذي حدد له أي لا علاقة له في المشروع موضوع المشاركة.
- المخاطر المتعلقة بالقانون المنظم:
إن دخول المؤسسات البنكية في غمار التمويلات عن طريق المشاركات والتي تعتبر مولود جديد في العمل البنكي المغربي، طرح جملة من المشاكل مرتبطة أساسا بالنصوص القانونية المؤطرة لهذا النوع من المعاملات البنكية[81] لغياب النظام الضريبي خاص بهذا المنتوج بالمغرب بالإضافة إلى مخاطر المتعلقة بالرقابة والأشراف من قبل البنوك الإسلامية وليس البنك المركزي التقليدي وهو الأمر الذي أكده المشرع المغربي وذلك بإحداثه لهيئة الرقابة الشرعية على البنوك التشاركية من خلال الباب الثاني من القسم الثالث من قانون 103.12 المتعلق بمؤسسات الانتماء والهيئات المعتبرة في حكمها في المواد من 62 إلى 65 والتي أطلق عليها اسم هيئة المطابقة[82].
خاتمة
اهتم المنظرون لتجربة المصرفية الإسلامية التشاركية كصيغة أساسية لتعبئة واستخدام الموارد بالمصارف الإسلامية، ويرجع هذا الاهتمام إلى كون المشاركة أكثر قدرة على تجميع الأرصدة النقدية الكاملة للاستثمار، وأكثر قدرة على توزيع المتاح من الموارد النقدية على أفضل الاستخدامات لإغراض التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
غير أن الواقع العملي للمشاركة في البنوك الإسلامية (التشاركية) كشف أن المشاركة لم تحضى إلى بنسبة هامشية، وضئيلة من جملة استثمارات البنوك الإسلامية حيث تتراوح من 2 إلى من تحطم البنوك، باستثناء بنوك السودان التي تتعدى في بعضها 40%.
ويرجع أغلب البنوك انخفاض المتدني لهذه النسب إلى خراب الذمم في زمننا المعاصر وأن تمويل العميل من خلال المشاركة يحمل البنك الإسلامي التشاركي العديد من المخاطر والتي هو في غنى عنها في حين ان البعض[83] يربطها بسوء اختيار العمل.
لنخلص في الأخير إلى أن تجربة المصرفية الإسلامية في حاجة إلى الاهتمام أكثر بهذه الصيغة بصورة تغلب على استثمارات البنوك الإسلامية، وذلك مع مراعاة الجوانب الشرعية والاقتصادية في التطبيق، ومن الضوابط التطبيقية في ذلك أن يتم التركيز في منح التمويل بالمشاركة على حيازة المشروع وسعة صاحبه وأمانته والقدرة على إدارته، وربط صرف التمويل باختيارات المشروع الفعلية من خلال ما ورد بدراسته والزيارة الميدانية من البنك، وللبنك حق الإدارة وقد يفوض شريكه في ذلك مع إحسان المتابعة له، وتبدو هنا أهمية الرقابة الشرعية الفعلية الملازمة للتنفيذ حتى سداد المشاركة.
وبذلك يمكن أن يتحول التنظير للمشاركة إلى واقع عملي تطبقه البنوك الإسلامية التشاركية ويحقق ما تصبو إليه في أن تكون بديل ناجعا لنظام السلفات الصغرى و المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية للمجتمع.
لائحة المراجع :
المرجع العام:
- محمد الفروجي العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي، الطبعة الثانية، مطبعة النجاح الجديدة، 2002،
المراجع الخاصة:
- محمود عبد الكريم أحمد ارشيد , الشامل في معاملات و عمليات المصارف الإسلامية, النفائس للنشر و التوزيع الأردن, الطبعة الأولى السنة1421 الوافق 2001 م
- جواد مريد ’’البنوك الإسلامية في ضوء المستجدات التنظيمية للمنتجات التمويلية دار بالمغرب,الطبعة الأولى ,مطبعة المحمدية 2012
- عائشة الشرقاوي المالقي ’’البنوك الإسلامية ,التجربة بين الفقه و الواقع و القانون و التطبيق’’ المركز الثقافي العربي الطبعة الأولى 2000
- عبد الرحيم الموذن “قانون مؤسسات الائتمان والعمليات البنكية بين لأبناك التقليدية ولأبناك التشاركية”طبعة 2017، بفاس
- فاطمة أيت الغازي التمويلات البنكية البديلة بين الرهان الاقتصادي وأفاق التشريع دراسة واقعية وقانونية الطبعة الأولى دون ذكر المطبعة 2015
- محمد محمود العجلوني “البنوك الإسلامية أحكامها ومبادئها – تطبيقاتها المصرفية الطبعة الاولى دار المسيرة لنشر و التوزيع ,عمان 2008 عمان
- عبد السلام أحمد فيغو “العقود التشاركية”، طبعة الاولى، دار النشر المعرفة الرباط،2016
- أحمد محمد لطفي “الاستثمار في عقود المشاركات في المصارف الإسلامية” دون ذكر الطبعة, دار الفكر والقانون المنصورة
البحوث الجامعية:
- الرسائل:
- يوسف حمومي ’’ التمويلات البديلة لقروض الاستهلاك بفائدة ’’ رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون الأعمال و المقاولات ,كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية سوسي الرباط السنة الجامعية 2013
- الحسين عماري “القروض الصغرى أداة للتنمية (موقع التجربة المغربية)”رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون التجارة والأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2011–2012
- شرون رقية ” البنوك الإسلامية ونظام العمل فيها” على هامش الندوة الدولية الأولى والاولى الخدمات المالية الإسلامية، المنظمة من طرف مركز الدراسات القانونية والاجتماعية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسي، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 2013
- أنس أميتي “التمويلات البديلة في الخدمات البنكية من القانون الوضعي والفقه الإسلامي، دراسة مقارنة، رسالة لنيل دبلوم الماستر، تخصص القانون والمقاولات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، السنة الجامعية، 2007/2008،
المقالات:
عبد المهين حمزة “دور التمويلات البنكية البديلة في تعويض قروض الاستهلاك لفائدة، مقال منشور بمجلة المنير القانونية العدد المزدوج 2و3أبريل / أكتوبر 2012
- “القروض الصغرى بين خدمته محاربة الفقر وخدمة النيولبرالية اطاك المغرب، مقال متوفر على الشبكة العنكبوتية ثم الدخول بتاريخ 2017/05/21على الساعة 22,00.
- التقرير العربي الإقليمي للتمويل الأصغر “استعراض آخر مستجدات القطاع”شبكة سنابل للتمويل الأصغر بالبلدان العربية، تقرير موجود على الشبكة العنكبوتية، تاريخ الدخول 2017/05/26
- _ جواد كموني: البنوك التشاركية (الإسلامية) بالمغرب، مقال منشور بمجلة القانون التجاري، العدد الثالث 2016
- _ طارق الطيرة “التمويل الإسلامي: صيغ ومجالات الاستثمار الإسلامي الملائمة للمشروعات ومدى ملائمتها”. مقال منشور بالشبكة العنكبوتية تاريخ الدخول 2017/05/20 ساعة 12.01
- باسم عامر “وسائل تفعيل مبدأ المشاركة في المصارف الإسلامية 2/1” مقال منشور بالشبكة العنكبوتية تاريخ الدخول 21/05/2017 على الساعة 13.35
- أحمد مجدوي احمد علي، “التمويل المصرفي الإسلامي بين صيغ المشاركات والمدينات” مقال منشور بمجلة الاقتصاد الإسلامي الالكترونية تاريخ الدخول 21/05/2017 الساعة 15.20
- يوسف القرضاوي” المصارف الإسلامية غلبت المرابحة وغيبت المشاركة مقال منشور بمجلة الشرق الأوسط الالكترونية العدد 11512 ب 24 أغسطس 2010 تاريخ الدخول 24/05/2017 الساعة 12.01
- أحمد شوقي سلمان: “المخاطر المحيطة بصيغة المشاركة الإسلامية وكيفية الحد منها” مقال منشور بالشبكة الالكترونية تاريخ الدخول 28/05/2017 الساعة 17.50
الهوامش :
[1]– المادة الأولى من قانون رقم 18/97من المنظم للقروض الصغرى.
[2]– ويبين حافز الدولة لهذا القطاع حجم رهانات عليه للمساهمة في تقليص معدلات الفقر، وبعد فترة النمو التي شهدها هذا القطاع سواء على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2005أو على المستوى العالمي سنة 2007، من حيث عدد الزبناء وحجم القروض الموزعة، دخل التمويل الأصغر في أزمة ارتفاع عن السداد منذ سنة 2008وامتدت الأزمة حتى سنة 2011.
[3]– ونخص بالذكر هنا كل من جمعية اطاك المغرب عضو الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث وكذا شبكة سنابل للتمويل الأصغر للبلدان العربية، شبكة ستي للتعزيز وتقوية شبكات التمويل الأصغر…
[4]– إن كل عقد سلف صغير مصادق عليه نتجة إحدى أساليب التدليس، كتلك المشار إليها أعلاه، يحق المطالبة بإبطاله استنادا إلى قانون الالتزامات والعقود واستنادا أيضا إلى قانون حماية المستهلك، يكون قابلا لإبطال كل قبول من جانب المستهلك لشروط لم تتح له فرصة الاطلاع قبل إبرام العقد الفصل 18، لأنه في هذه الحالة يكون تأكد أن هذه الشروط، هي شروط تعسفية والغرض منها، أو يترتب عليها، اختلال كبير بين طرفي العقد على حساب حماية المستهلك (المادة 15).
[5]– عبد الكريم شهبون، الشافي في شرح قانون الالتزامات والعقود المغربي، الجزء الأول، ص 264–266.
[6]– وقد تبين من خلال نتائج البحث الميداني الذي أنجزته جمعية أطاك المغرب حول عينة من الحاصلين على السلفات الصغيرة، أن غالبية المستجوبين يوجدون في وضعية أمية معدلها %57، وهؤلاء لهم دخول المدرسة ولا يتوفرون على أية شهادة، وترتفع هذه النسبة في صفوف النساء، حيث تبلغ %67إن ارتفاع نسبة الأمية تجعلها ننشكك في مدى مصداقية هذه العقود ، إذ أن الكثير منها تقوم باستغلال عدم إدراك الموقعين لمضمون الالتزامات والشروط المتضمنة في العقد.
للاطلاع أكثر راجع “نظام القروض الصغرى بالمغرب فقراء يمولون أغنياء”دراسة ميدانية وتحليلية بنظام السلطات الصغيرة بالمغرب، أطأك المغرب تم الاطلاع عن طريق الانترنيت ثم الدخول بتاريخ 2007/5/25الساعة 10,45.
[7]– أنظر شهادات ضحايا القروض الصغرى بورزازات في شريط توثيقي سعاد كلون على الرابط التالي;
[8]– الشرقي شمام، م. س، ص 3.
[9]– وتقوم هذه القاعدة على حماية الطرف الضعيف في عملية التعاقد، وهذا المبدأ القانوني يؤطر أغلب القوانين كالقانون الجنائي الذي يطبق مثلا أقصى العقوبات إن تعلق الأمر بارتكاب جرائم في حق الأطفال والنساء، كما تطبق هذه القاعدة بالنسبة للتشريع الاجتماعي للشغل حيث هناك قوانين لحماية الأجير في علاقته برب العمل كطرف أقوى.
[10]-فبالنسبة للقروض العقارية يتراوح هذا السقف بين %3,55و%4,5وبالنسبة للهيئات التي ليس لها نشاط صناعي أو تجاري أو فلاحي فيتراوح ما بين %3,33و7,17وبالنسبة لقروض تمويل خزينة المقاولات يتراوح ما بين %7,63و%20,5من أجل الاطلاع أكثر راجع موقع البنك المركزي لفرنسا.
[11]– قرار لوزير المالية والاستثمارات الخارجية رقم 143-96المؤرخ بــ 31يناير 1996والذي ينظم أسعار الفائدة المطبقة على عمليات الائتمان، وقد جاء في مادته الأولى تتفاوض مؤسسات الائتمان وعملاؤها بحرية بشأن أسعار الفائدة السنوية المطبقة على عمليات الائتمان.
[12]– قرار لوزير المالية والخوصصة رقم 2250-06صادر في 29شتنبر 2006يتعين الحد الأقصى للفوائد الاتفاقية المستحقة لمؤسسات الائتمان على السعر الفعلي الإجمالي المعمول به فيما يتعلق بالقروض التي تمنحها مؤسسات الائتمان يجب ألا يتجاوز، سعر الفائدة المتوسط المرجح الذي تطبقه المؤسسات المدكورة على قروض الاستهلاك خلال السنة المدنية السابقة مع زيادة 200نقطة أساس.
[13]– غير أن كل من بنك المغرب ووزارة المالية والمؤسسات المالية (بنوك ومؤسسات السلطات الصغيرة) عملو ما يوسعهم لإيجاد التبريرات القانونية لفرض معدلا فائدة فاحشة بقطاع السلفات الصغير، كيف ذلك؟
استثنى قطاع السلفات الصغيرة منذ صدور القانون المنظم لنشاطه من الخضوع للقانون المحدد للحد الأقصى للفوائد الاتفاقية، غير أن المادة 8أكدت أن سعر الفائدة الأقصى المطبق على عمليات السلفات الصغيرة سيحدد بقرار يصدره وزير المالية، وقد مضت حتى الآن 17سنة دون أن يصدر هذا القرار، إن المادة 8في حقيقة الأمر، هي مجرد تبرير للخروج عن القاعدة القانونية المعمول بها في مجال الاستدانة والتي بمقتضاها توفر الحماية للطرف الأضعف في عملية التعاقد.
وبعدما شهد التمويل الأصغر بالمغرب أزمة ما بين 2008 الى 2011تجلت كأزمة للعجز عن السداد بسبب ارتفاع معدلات الفائدة وفرط استدانة الفقراء الذين شكلوا حركة احتجاجية بورزازات سنة 2011وقرروا الامتناع عن تسديد الديون، وبدلك ستشهد المادة 8المتعلقة بمعدل الفائدة تعديلا لمضمونها، يقضي التعديل الأول بالحفاظ على المضمون كما هو أما التعديل الثاني فقدم طريقة لاحتساب معدل الفائدة المتعلقة بالسلفات الصغيرة.
غير أن هذا التعديل لا يعدو أن يكون محاولة لتبرير الارتفاع المبالغ فيه لمعدلات الفائدة في ظل انكشاف الفوائد الفاحشة لمؤسسات السلفات الصغيرة.
[14]– الحسين عماري “القروض الصغرى أداة للتنمية (موقع التجربة المغربية)”رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون التجارة والأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2011–2012ص 113
[15]– نفس المرجع أعلاه ص 113
[16]– برنامج ميكرو ستار هو مبادرة رائدة على كالمستوى العالمي يهدف إلى تطوير القدرة المؤسسة للمنظمات المحلية للتمويل الصغير.
[17]– حسين عماري، م. س 114.
[18]– KFW kredutanstalt fûr weideraufbau : البنك الألماني للتنمية، وتعتبر من بين الأبناك الخمسة عشر الأولى في ألمانيا، وأحدثت بعد الحرب العالمية الثانية بتاريخ 6/12/1948 لإعادة بناء الاقتصاد الألماني بمساعدة مخطط مارشال، وإلى جانب نشاطها في ألمانيا، فهي تعمل على تقديم مساعدات للدول النامية في إطار القانون الدولي.
[19]– عماري م س 115.
[20]– تشكل هذه القروض %85من رؤوس أموال القطاع سنة 2008حسب ربنك المغرب
[21]– الكتاب الأبيض للقروض الصغرى بالمغرب ص 15
[22]– نفس المرجع أعلاه ص 15
[23]– وتجدر الإشارة على أن الاقتراض الأصغر بصفة عامة ملائما عندما يكون هناك نشاط اقتصادي قائم وتدفق نقدي كاف للأسرة، أما في الحالات الأخرى، فربما يخلق عبئا إضافيا، أي أن التمويل الأصغر شأنه شأن “القروض الكلاسيكية”لها نفس الطابع الربوي والطفيلي، أي أنها تفترض نشاطا اقتصاديا ودخلا متوفرا بشكل مسبق كي تمتص منه جزءا من القيمة المخلوفة .وهو نفس ما أشار إليه الكتاب الأبيض للقروض الصغرى بالمغرب “ومن جهة أخرى، تكون القروض الصغرى مرتبطة بمشروع، ولا يمكن فصلها عنه”، كما أنه أشار إلى الدور المتواضع جدا للقروض الصغرى بالمغرب في ملف المقاولات”من أجل تمويل وإنشاء وحدات انتخابية صناعية (UPI)يلجأ المقاولون الصغار إلى ادخارهم الشخصي (%54,4) وبدرجة أقل إلى الاقتراض الصغير (%19) ويظل اللجوء إلى القروض الصغرى ضعيفا (%2,2)
نفس الفكرة أكدتها دراسة أعدتها مؤسسة “بلا تسنتيت فيتاس – المغرب – بمناسبة انطلاق السنة الدولية للقروض الصغرى سنة 2005بطلب من الفدرالية الوطنية للقروض الصغرى بهدف تقييم آثار القروض الصغرى على المقترضين”إن إحداث نشاط جديد بعد الحصول على قروض صغرى يبقى هامشيا حيث أن %5فقط من زبناء جمعيات القروض الصغرى وظفوا هذه القروض في خلق نشاط جديد.
وهو نفس الأمر أكدت عليه دراسة جينا نيف Gina Neff”تبرز أن الدين يساعدهم التمويل الأصغر للفكاك من الفقر قليلون وأن %55من الأسر مازالت بعد ثماني سنوات من الحصول على قرض من بنك غرامين بنقلاديش عاجزة عن إرضاء حاجاتها الغذائية الأساسية، إنما تستعمل تلك السلفات من أجل مشتريات لا من أجل استثمارات
ومن أجل الاطلاع أكثر راجع “القروض الصغرى بين خدمته محاربة الفقر وخدمة النيولبرالية اطاك المغرب، مقال متوفر على الشبكة العنكبوتية ثم الدخول بتاريخ 2017/05/21على الساعة 22,00.
[24]– عماري م. س ص 117.
[25]– نفس المرجع أعلاه ص 117.
[26] – التقرير العربي الإقليمي للتمويل الأصغر “استعراض آخر مستجدات القطاع”شبكة سنابل للتمويل الأصغر بالبلدان العربية، تقرير موجود على الشبكة العنكبوتية، تاريخ الدخول 2017/05/26ص 1050
[27]– عماري م. س ص 123.
[28]– عماري م. س ص124.
[29]– انهيار “زاكورة”لا يمكن لأي دراسة عن الأزمة المغربية تأثيراتها اللاحقة أن تكتمل دون إعادة فحص حالة زاكورة التي تتمركز حولها الأزمة، ولم بشكل مختصر وباعتبارها واحدة من أكثر مؤسسات التمويل الأصغر شهرة وثاني أكبر مؤسسة في المملكة، فانهيارها قد تسبب في ضرر بالغ، حيث أن المشاكل التي واجهتها كانت == == متأصلة بشكل كبير، بالرغم من أن السبب الذي أدى إلى انهيارها قد يكون مشركا مع باقي مؤسسات السوق المغربية، إلا أنه من المرجح أن زاكورة”كانت ستنهار من تلقاء نفسها وبشكل أسرع.
كان حجم المشاكل في “زاكورة”ناتج عن نموها المفرط والذي صاحبه حد أدنى من الرقابة، مما نتج عنه عمليات تدليس واختلاس كبيرة وصعوبة في تحصيل المحفظة لقد كان هذا خارجا عن المألوف في مؤسسات التمويل الأصغر الأخرى في الملكة المغربية وفي أي مكان آخر، فيكون من الممكن مقارنة ذلك في بعض الجوانب مع انهيار مؤسسة “كوربوسول”وهي مؤسسة تمويل أصغر في كولومبيا كانت قد فشلت بسبب مشاكل صنعتها بنفسها، ومع ذلك وبسبب حجم “زاكورة” والتوقيت الذي بدأت فيه مشاكلها، كان من الضروري إيجاد حل سريع لمنع الأثر من الاتساع إلى القطاع بأكمله، وهذا ما تم عمله بالفعل، فبتشجيع من الحكومة من وراء الكواليس، ثم استيعاب “زاكورة”من طرف “مؤسسة البنك الشعبي”.
[30] – محمد محمود العلجوني، م.س، ص. 229.
[31] – توصية والي بنك المغرب المتعلقة بالمنتجات البديلة: المرابحة، الإيجارة والمشاركة الصادرة في فاتح شتنبر 2007.
[32] – محمد حسين الوادي، حسن محمد سمعان، “المصارف الإسلامية الأسس النظرية والتطبيقات العملية”، دار المسيرة والنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة، عمان، ص. 113.
[33] – ابن منظور: لسان العرب، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت، 1956، ص. 448.
[34] – جواد كموني: البنوك التشاركية (الإسلامية) بالمغرب، مقال منشور بمجلة القانون التجاري، العدد الثالث 2016، ص. 69.
[35] – أسامة رشيد كردي: “وسائل وتوزيع الأرباح والخسائر في البنوك الإسلامية”، مطبعة زين الحكومية والأدبية، بيروت، طبعة 2013، ص.153.
[36] – محمود حسين الوادي وحسين محمد سمحان، م.س. ص. 114.
[37] – نفس المرجع السابق أعلاه، ص. 194.
[38] – عبد السلام أحمد فيغو: “م.س . ص. 51.
[39] – نفس المرجع أعلاه، ص. 51.
[40] – سكينة الوات، م.س.، ص. 122.
[41] – فيغو: م.س، ص. 50.
[42] – للاطلاع أكثر راجع عبد السلام فيغو: العقود التشاركيةّ م.س.
[43] – شرون رقية ” البنوك الإسلامية ونظام العمل فيها” على هامش الندوة الدولية الأولى والاولى الخدمات المالية الإسلامية، المنظمة من طرف مركز الدراسات القانونية والاجتماعية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسي، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 2013، ص. 185،
[44] – وتجدر الإشارة إلى أن المشاركة المنتهية بالتمليك يمكن أن تأخذ أشكالا متعددة:
– الشكل الأول: حيث يتفق البنك والشريك على المساهمة في رأس المال لكل شريك، وعند انتهاء المشاركة يتم الاتفاق على عقد منفصل حيث يمكن البنك من بيع حصته للشريك أو لغيره، ويتم توضيح طريقة ومدة البيع وفي هذه الحالة يقوم المشترك بدفع حصة البنك دفعة واحدة.
الشكل الثاني: يتفق البنك مع الشريك على المشاركة في تقديم رأس المال الكلي أو الجزئي لمشروع ذو دخل متوقع، وذلك على أساس اتفاق البنك مع الشريك على حصوله على حصة نسبية من صافي الدخل المحقق فعلا مع الاحتفاظ بالجزء المتبقي من الايراد أو الذي قدر منه يتفق عليه، ليكون ذلك الجزء مخصصا لشراء حصة البنك في المشاركة، ممثلة بأصل ما قدمه من رأس المال.
الشكل الثالث: يتم الاتفاق على تحديد حصة كل شريك على شكل أسهم محددة القيمة، ويكون مجموع قيم الأسهم يساوي إجمالي رأس المال ويحصل كل شريك على حصته من الأرباح بحسب نسبة أسهمه إلى إجمالي الأسهم، ويحق للعميل المشارك أن يشتري بعض من أسهم البنك في نهاية كل فترة مالية، حيث تتناقض حصة (عدد) أسهم البنك في الشركة مقابل عدد الأسهم العميل إلى أن يمتلك العميل كامل الأسهم وتنقل ملكية المشروع بالكامل له وينتهي بذلك عقد المشاركة.
[45] – وتجدر الإشارة أن هناك نوع ثالث من المشاركات لم ينص عليها المشرع المغربي، وهو معمول في بعض المصارف الإسلامية، ولكن بدرجة أقل من الأنواع الأخرى، وهي المشاركة المتغيرة هذا النوع من المشاركات يعتبر البديل الواضح للتمويل بواسطة الجاري المدين في المصارف التقليدية، حيث يتم تمويل العميل بدفوعات نقدية حسب احتياجه، ثم بعد ذلك في نهاية العام يتم احتساب دفوعات الأرباح المحققة ويتم احتساب حصة المصرف وحصة العميل.
من أجل الاطلاع أكثر راجع طارق طيرة, التمويل الإسلامي وصيغ و مجالات للاستثمار الإسلامي الملائمة للمشروعات ومدى ملائمتها ,مقال منشور بالشبكة العتكبوتية تاريخ الذخو 30/05/2017 على الساعة 11.23
[46] – بالرجوع إلى المادة 12 من مدونة التجارة والتي تنص على أنه “تخضع الأهلية لقواعد الأحوال الشخصية.
[47] – محمد العلجوني م.س ص 225
[48] – نفس المرجع، م.س، ص. 225.
[49] – أنس أميتي “التمويلات البديلة في الخدمات البنكية من القانون الوضعي والفقه الإسلامي، دراسة مقارنة، رسالة لنيل دبلوم الماستر، تخصص القانون والمقاولات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، السنة الجامعية، 2007/208، ص. 322.
[50] – سكينة الواث، م.س ، ص. 124.
[51] – العلجوني، م.س، ص. 225.
[52] – سكينة الواث، م.س. ص. 124.
[53] – باسم عامر “وسائل تفعيل مبدأ المشاركة في المصارف الإسلامية 2/1” مقال منشور بالشبكة العنكبوتية تاريخ الدخول 21/05/2017 على الساعة 13.35
[54] – لحسن كان “نظام المصرفي الإسلامي الخالي من الفائدة تحليل نظري”، أشار إليه باسم عامر مرجع سابق.
[55] – محمد نجاة الله صديقي، “المصارف الإسلامية المبدأ والتصور والمستقبل” مجلة جامعة الملك عبد العزيز بالاقتصاد الإسلامي، تمت الإشارة إليه من قبل باسم عامر مرجع سابق.
[56] – وهو الأمر الذي لمسناه من خلال الزيارة الميدانية لبعض المؤسسات البنكية في إطار تجربة المنتجات البديلة “دار الصفا” والتي تعتمد فقط على آلية المرابحة للأمر بالشراء خصوصا في الميدان العقاري دون غيرها.
[57] – أحمد مجدوي احمد علي، “التمويل المصرفي الإسلامي بين صيغ المشاركات والمدينات” مقال منشور بمجلة الاقتصاد الإسلامي الالكترونية تاريخ الدخول 21/05/2017 الساعة 15.20
[58] – نفس المرجع اعلاه.
[59] – باسم عامر مرجع سابق
[60] – نفس المرجع السابق أعلاه.
[61] – ونورد في هذا الإطار الدراسة المكتبية والميدانية التي قام بها د. أشرف محمود بالعديد من المصارف والبنوك الإسلامية بمصر والأردن ودول الخليج إلى حقيقة عملية مؤائدها أن المرابحة تستحوذ على نسبة تتراوح ما بين 60% إلى 90% من استثمارات تلك المصارف وهذا الأمر لو تم تطبيقه بصورة شرعية سليمة لتم قبوله من تلك المصارف ولكن واقع الحال يكشف عن مرابحة لا تحمل من الأمر بالشراء الاسمية حتى أصبحت أقرب للتمويل الربوي إلى التمويل الإسلامي.
ويرجع ذلك في الأساس إلى طبيعة الأسلوب الذي تتبعه المصارف الإسلامية لتطبيق والذي جعل الغرض الأساسي من عمليات المرابحة هو غرض تمويلي بحث، وليس عملية استثمارية بالمعنى الذي يفضي إلى تملك الأصول وتحمل المخاطر من أجل الحصول على الربح، فالصورة المطبقة للمرابحة هي الصورة التي يسبق فيها العرض، أما الصورة العامة التي سبق فيها العرض الطلب فليست متداولة أو معروفة في معظم المصارف الإسلامية.
الاطلاع أكثر راجع باسم عامر مرجع سابق.
[62] – نجد أن المشرع المغربي من خلال قانون 103.12 في القسم الثالث المتعلق بالبنوك التشاركية يصفها من خلال المادة 54 والتي تنص “تعتبر بنوكا تشاركية الأشخاص الاعتبارية الخاضعة لأحكام هذا القسم والمؤهلة لمزاولة الأنشطة المشار إليها في المادة الأولى والمادتين 55 و 58 من هذا القانون، وكذا العمليات التجارية والمالية والاستثمارية بصفة اعتيادية بعد الرأي المطابقة الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى وفقا لمقتضيات المادة 62 “
[63] – وهو الأمر الذي أكده فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي في مقال له في مجلة الشرق الأوسط الالكترونية والذي أكد فيه بكون أن المرابحة هي قريبة من التمويل ألربوي، وهناك فروق بسيطة، مشيرا إلى أنه عندما كان عضو في الهيئة الشرعية لأحد أكبر البنوك السعودية، أنه وقتها هو والشيخ صالح الحسين قال أنه يجب أن يطهر البنك من المرابحة خلال 3 سنوات، لكن بعد انتهاء هذه الفترة فشل البنك في التخلص منها بل أصبحت أكثر مما سبق.
للاطلاع أكثر راجع “يوسف القرضاوي” المصارف الإسلامية غلبت المرابحة وغيبت المشاركة مقال منشور بمجلة الشرق الأوسط الالكترونية العدد 11512 ب 24 أغسطس 2010 تاريخ الدخول 24/05/2017 الساعة 12.01
[64] – باسم عامر، مرجع سابق.
[65] – أحمد النجار/ محمد سمير إبراهيم / محمود كمهان الأنصاري مائة سؤال ومائة جواب حول البنوك الإسلامية، طبعة الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية الطبعة الثانية القاهرة ص 73 وما بعدها
[66] – أحمد محمد لطفي “الاستثمار في عقود المشاركات في المصارف الإسلامية” دون ذكر الطبعة ,دار الفكر والقانون المنصورة ، ص 147.
[67] – عائشة الشرقاوي الملقي مرجع سابق، ص 246.
[68] – خان محمد فهيم “اقتصاديات مقارنة بعض وسائل التمويل الإسلامي” أشار إليه أحمد لطفي مرجع سابق ص 149.
[69] – محمد لطفي مرجع سابق، ص 150.
[70] – نفس المرجع سابق، ص 150.
[71] – حمدي عبد العظيم، “دراسة الجدوى الاقتصادية وتقييم المشروعات، الطبعة الاولى ,مطبعة النهضة المصرية ص 110.
[72] – الإطلاع أكثر راجع أحمد محمد لطفي مرجع سابق.
[73] – عائشة المالقي، مرجع سابق، ص 396.
[74] – سكينة الواث، مرجع سابق، ص 127.
[75] – عائشة المالقي مرجع سابق ص 396
[76] – سكينة الواث، مرجع سابق، ص 127
[77] – وتجدر الإشارة إلى أن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بالبحرين في يناير 1996 اعتمدت المعيار المحاسبي رقم 4 للتمويل بالمشاركة ومعيار آخر يراعي المتطلبات الشرعية رقم 12 مايو 2002.
[78] – أحمد شوقي سلمان: “المخاطر المحيطة بصيغة المشاركة الإسلامية وكيفية الحد منها” مقال منشور بالشبكة الالكترونية تاريخ الدخول 28/05/2017 الساعة 17.50.
[79] – سكينة الواث، مرجع سابق، ص
[80] – وقد ذكر بعض الفقهاء حالات عملية لواقع المشاركة داخل البنوك الإسلامية في السودان وانتهى في دراسته إلى أن العامل يهتم باستقلال أموال الشركة لصالحه ولا يدفع مساهمته في الوقت المناسب كما يخفي نسبة من أسعار البيع الصالحة هذا بالإضافة إلى أن المعلومات التي تعطي في بداية التعاقد ناقصة عن كلا الجانبين تؤثر سلبا على المشروع، وهذا ما يظهر خطر الالتزام الأخلاقي على التمويل بالمشاركة في البنوك الإسلامية.
[81] – سكينة الواث، مرجع سابق، ص 129.
[82] – تجدر الإشارة إلى أن أول تحذير للبنوك التشاركية بالمغرب تلقاه “بنك أمنية” من طرف البنك المركزي بين افتتاحه وكالات بنكية في عدد من المدن رغم أنه لا يمكنه تغطيتها عمليا
[83] – في رأي الأستاذ “أشرف محمد دواية” أن القضية يجب ألا تعلق بخراب الذمم فما من مجتمع إلا وفيه أمناء وغير أمناء حتى مجتمع الصحابة لم يخل من ذلك، وتبقى أهمية البنك الإسلامي في الأخذ بالأسباب من خلال حسن الاختيار العميل بصورة موضوعية بعيدة عن الهوى كما أن العميل بأتي للبنك وهو في حقيقته يدعن غالبا لكل شروطه و رغم دلك فقد وجدنا للأسف الشديد بعض البنوك الإسلامية التي طبقت المشاركة افتقدت إلى التطبيق الصحيح لها حتى تحولت المشاركة إلى حساب جاري للمدين، فالعميل لا يلتزم فيها بدفع حصته بل يمول البنك تمويلا تقليديا، كما في البنوك التقليدية ويغمض عينه في متابعة العميل واستخدامه للتمويل تم يسوي المشاركة في نهاية المدة المقدرة بنظام الحساب الجاري للمدين اعتماد على نظام النمر دون أي اعتبار لنتائج المشاركة الفعلية بل وصل الأمر إلى اكتفاء العميل يدفع فوائد أو ما يسمى فوائد المشاركة في نهاية مدتها مع إبقاء أصل المشاركة وتدويرها دفتريا كمشاركة جديدة، كل ذلك سعيا وراء تحقيق أرقام معينة في التوظيف وبعد ذلك تأتي المرحلة الأخيرة من خلال عجز العميل عن سداد أصل المشاركة، ومن ثم ضياع الأموال.
الاطلاع أكثر راجع محمد دراية المشاركة في البنوك الإسلامية النظرية والتطبيق” مقال منشور بالشبكة العنكبوتية تاريخ الدخول 3/06/2017 على الساعة 22.05.