الحسين الزباخ: حق الدفاع ودور المحامي في تحقيق المحاكمة العادلة بين المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية
الحسين الزباخ دكتور في الحقوق، مؤهل لمزاولة مهنة المحاماة
مقدمة:
إن من سنن الله تعالى في خلقه أن جعل الإنسان مستخلفا في الأرض لإعمارها وإقامة العدل فيها، كما كرمه بقدر من الحرية بغية تحقيق حد أدنى من آدميته، ففرض على المجتمع أن يجعل من حقوقه الأساسية التي لا يجوز تفويتها من لدن أي كان أمرين اثنين: الأول مرتبط بحق كل فرد من المجتمع في العلم بماهية الأنشطة التي يعتبر إتيانها من طرفه جريمة، وحقه كذلك بالجزاء المقابل لإخلاله بتلك الضوابط، أما الأمر الثاني فمرتبط باعتبار كل شخص بريئا إلى أن تثبت إدانته بمحاكمة عادلة أمام جهة قضائية توفر فيها للمتهم أو الظنين كافة الضمانات، ابتداء من البحث إلى صدور الحكم النهائي البات الذي يضع حدا للخصومة الجنائية،[1] ومن أهم هذه الضمانات نجد الحق في الدفاع وتوكيل محامي للترافع عن المتهم أمام القضاء أو الجهة المختصة في النظر في الخصومة، الشيء الذي يبرز أهمية مهنة المحاماة ومكانتها في المنظومة القانونية وأسرة القضاء.
وعنها يقول الفقيه القانوني الدكتور عبد الرزاق السنهوري في إحدى مذكراته: “المحاماة فن قبل أن تكون مهنة… المحاماة فن الحجة والجدل والبرهان والدفاع”.
وعليه يمكن إرجاع مبادئ المحاكمة العادلة إلى موضوعين أساسيين، أولهما المبادئ المتعلقة بأجهزة الدولة وعلى رأسها الجهاز القضائي وضمان استقلاليته ونزاهته، وثانيهما المبادئ المرتبطة بالمركز القانوني للمتهم والضحية وتخص حقوق الدفاع والمساواة أمام المحاكم والعدل وفق القانون، وبتالي لا يتصور تحقيق محاكمة عادلة دون تمكين المتهم من حق الدفاع عن نفسه، كضمانة حقوقية تكفل له كذلك الحق في الاستعانة بمحام للترافع والدفاع عنه أثناء محاكمته، على اعتبار أن مهنة المحاماة تعد من أنبل المهن القانونية وأعرقها، حيث يعرفها المشرع المغربي بأنها: “المحاماة مهنة حرة، مستقلة، تساعد القضاء، وتساهم في تحقيق العدالة، والمحامون بهذا الاعتبار جزء من أسرة القضاء”،[2] أي أن غاية مهنة المحاماة إنسانية وقومية، وهدفها الدفاع عن الحقوق الطبيعية والموضوعية فردية كانت أم جماعية، كما أن لها ارتباط بالحياة القانونية من خلال ممارستها في المحاكم والمجتمع، الشيء الذي يجعل قيام وتحقيق العدالة مرهون بدفاع حر ومستقل.[3] وعليه فإن ضمان حق الدفاع مرتبط بتحقيق المحاكمة العادلة التي تشكل مظهرا رئيسيا لسيادة القانون، وأساسا ضروريا لكفالة احترام حقوق الإنسان حال الاعتداء عليها، لهذا تعتبر المحاكمة العادلة من المبادئ الأساسية التي تنبني عليها دولة الحق والقانون في الدول الديمقراطية،[4] والتي تعطيها أهمية داخل منظومة سياستها العامة خاصة في جانبها الحقوقي والإنساني، والمغرب من الدول الرائدة في هذا المجال حيث سعى لملائمة منظومته التشريعية وفق ما تنص عليه المواثيق والمعاهدات الدولية، تكريسا لمقومات المحاكمة العادلة وضمانا للمتهم في حق الدفاع وكذا تفعيلا للدور القانوني والحقوقي للمحامي في هذا الشأن سواء في بعده الدولي أو الوطني، وهذا ما سنحاول دراسة موضوعه والإشكاليات المرتبطة به من خلال تناوله في مبحثين، حيث سنتطرق في المبحث الأول لبيان مكانة حق الدفاع كضمانة للمحاكمة العادلة في كل من الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية، ثم نبرز في المبحث الثاني الدور المهم للمحامي في تحقيق المحاكمة العادلة وفق التشريعات الوطنية، سواء ما نصت عليه المقتضيات الدستورية وكذا التنظيمية لمهنة المحاماة، أو ما نصت عليه المقتضيات القانونية المسطرية المدنية والجنائية منها بخصوص العمل الدفاعي للمحامي.
المبحث الأول: حق الدفاع في الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية
من المعلوم أن المتهم يمتع بجملة من الضمانات أثناء محاكمته، منها ما يتعلق بالسلطة التي تنظر في الدعوى التي ينبغي أن تكون مستقلة ومحايدة، ومنها ما يتعلق بالمبادئ الأساسية للإجراءات الجنائية وقواعدها التنظيمية كاحترام مبدأ الشرعية ومبدأ عدم رجعية القوانين وغيرها…، إضافة لضمانة مهمة تتعلق بحق المتهم في الدفاع ومن ذلك حقه في الاستعانة بمحام في جميع مراحل الخصومة الجزائية، لما تقتضيه الحكمة في أن الإنسان حينما يكون في موضع الاتهام قد يعجزه الموقف الذي هو فيه عن تقديم حججه على نحو سليم، بحيث يعجز عن الدفاع عن نفسه وتكون النتيجة أن يدان بجريمة هو بريء منها، وهي مشكلة يقتضي حلها وجود محام بجانبه يتولى عنه مهمة الدفاع بكل ما أوتي من كفاءة وخبرة، ومن البعض من يرى أن حق الدفاع ليس من حقوق المتهم وحده بل إنه يدخل ضمن حقوق المجتمع أيضا، فمصلحة المجتمع واضحة في الحرص على ألا يدان بريء وألا يفلت مجرم من العقاب،[5] كما لا يتعارض حق المتهم في الاستعانة بمحام بماله الخاص أو عن طريق طلب المساعدة القضائية عند عجزه مع احتفاظه بحقه الأساسي في الدفاع أصالة عن نفسه. وعليه فإن حق الدفاع يعد ركنا مهما في المحاكمة العادلة لارتباطه بأحد أساساتها الذي هو افتراض براءة المتهم ومساواة الخصوم أمام القضاء، بل لا يمكن تصور عدالة تقوم مع انتهاك حق الدفاع الذي يعرفه بعض الفقه القانوني بأنه: “تمكين المتهم من درء الاتهام عن نفسه، إما بإثبات فساد دليله أو بإقامة الدليل على نقيضه وهو البراءة”،[6] ولهذا كانت الشريعة الإسلامية سباقة للتنصيص على هذا الحق ثم تلتها توصيات المواثيق والعهود الدولية في هذا الشأن، وهذا ما سنفصله من خلال المطلبين التاليين:
المطلب الأول: عدالة الشريعة الإسلامية في حمايتها لحق الدفاع
بما أن الإسلام دين رباني يحمل رسالة كونية وحقوقية خالدة، فإن تشريعاته كانت سباقة للتنصيص على مقتضيات تحقيق المحاكمة العادلة وكفالة حق المتهم في الدفاع عن نفسه أو من يوكله عنه، إضافة للدعوة لمبادئ العدل والمساواة في الحكم تحقيقا لقضاء مستقل ونزيه، على اعتبار أن العدل أساس الحكم كما يقول المؤرخ ورائد علم الاجتماع ابن خلدون، لدا أرسى الإسلام دعائمه بين الناس وحرم الظلم بينهم، قال تعالى: “وإذا حكمتم بين الناس أن تحكم بالعدل”،[7] ولنا في كتاب الله توجيه رباني حكيم في سورة “ص” (الآية:23) إلى نبي الله داود في قضائه عندما سمع شكوى مدعي وأصدر حكمه قبل الاستماع لدفاع الطرف الآخر المدعى عليه فظن داود عليه السلام أنه فتن فخر راكعا وأناب، إضافة لما أورده القرآن في سورة “القصص” (الآية: 34) من طلب الرسول موسى عليه السلام من ربه أن يرسل معه أخاه هارون بحجة أنه أفصح منه لسانا وبيانا في الرد والدفاع وأن يكون ردا معه ليصدقه في دعوته مخافة تكذيبه من فرعون وملئه ومواجهة طغيانهم وجبروتهم في مشهد محاكمة يتصارع فيها الخير والشر.
أما في السنة المطهرة فالرسول محمد(ﷺ) هو القاضي العادل الأول في دولة الإسلام، التي بناها على أسس احترام حقوق الإنسان والأقليات وفق نظام عام شامل يتميز بالعدل والمساواة كدستور مجتمعي يحتذى به في كل زمان ومكان، ولنا مثال على ذلك في اتفاقية وثيقة المدينة المنورة وفي التوصيات الأخلاقية للأمة الإسلامية في خطبة حجة الوداع، إضافة لتوجيهاته النبوية في قواعد التقاضي التي تؤسس للمحاكمة العادلة وضمان حق الدفاع، ومن ذلك قوله (ﷺ) للإمام علي كرم الله وجهه لما أرسله إلى اليمن قاضيا: “فإذا جلس إليك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء”،[8] وعلى هذا النهج سار الخلفاء الراشدون من بعده، ولعل رسالة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في القضاء إلى أبي موسى الأشعري واليه على البصرة أكبر دليل على ذلك، والتي تعتبر دستورا للقضاء ومنهاجا لتحقيق المحاكمة العادلة في التشريع الإسلامي، حيث مما جاء في نص الرسالة: “إن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة، فافهم إذا أدلي إليك فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، آس بين الناس في مجلسك ووجهك وقضائك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا يخاف ضعيف من جورك، البينة على المدعي واليمين على من أنكر والصلح جائز بين المسلمين… واجعل للمدعي حقا قائما أو بينة أمد ينتهي إليه، فإن أحضر بينته أخذت له بحقه وإلا وجهت إليه القضاء فإن ذلك أنفى للشك وأجلى للعمى وأبلغ في العذر، المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلود في حد أو مجربا عليه شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو قرابة، فإن الله قد تولى عنكم السرائر ودرأ عنكم الشبهات، ثم وإياك والقلق والضجر والتأذي بالناس والتنكر للخصوم في مواطن الحق التي يوجب الله بها الأجر ويحسن بها الذخر…” [9].
هذا بإيجاز بعض من المبادئ الأساسية لتحقيق المحاكمة العادلة كما نصت عليه تعاليم الشريعة الإسلامية، وفي مقدمتها مبدأ الحق في الدفاع ومبدأ المساواة بين الخصوم عند التقاضي، والتي ستنادي بها فيما بعد المواثيق والإعلانات الدولية لحقوق الإنسان، وهذا ما سنوضحه في المطلب التالي:
المطلب الثاني: حق الدفاع في المواثيق الدولية كضمانة للمحاكمة العادلة
لقد لقي حق الدفاع باعتباره ضمانة هامة للمحاكمة العادلة اهتماما كبيرا في المواثيق والعهود الدولية، على اعتبار حق كل إنسان في محاكمة عادلة للدفاع عن نفسه هو إلزام أخلاقي وقانوني ملزم لجميع دول العالم وجزء من القانون الدولي العرفي، حيث منذ القرن 13م تم الإشارة لمبادئ مفهوم دولة القانون والحق في المحاكمة العادلة بإنجلترا فيما سمي بالميثاق الأكبر للحريات المعروف اختصارا ب MAGNA CARTA، إضافة إلى ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 في المادة 7 على أن: ” كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة دون أي تفرقة”، وتضيف المادة 11 منه: ” كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمحكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه”، أما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المصادق عليه في دجنبر 1966، ودخل حيز التنفيذ في مارس 1976)، فقد نص على جملة من الضمانات التي يجب أن يتمتع بها كل متهم بجريمة أثناء النظر في قضيته وذلك على قدم المساواة التامة، منها الحق في المحاكمة العادلة دون تأخير لا مبرر له بغرض حماية الأشخاص من انتهاك حقوقهم الأساسية الأخرى، أو حرمانهم منها بصورة غير قانونية أو تعسفية، وبالأخص ما يتعلق بحق الدفاع للمتهم حسب نص المادة 14 بالقول: “إعلام المتهم سريعا وبالتفصيل وفي لغة يفهمها بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها، وأن يعطى من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه والاتصال بمحام يختاره بنفسه”. كما نجد نفس المقتضيات القانونية التي تحمي حق الدفاع منصوص عليها في المادة 06/03 من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لسنة 1950، إضافة لتنصيص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1989، على مبدأ حق الدفاع بالقول حسب نص المادة 67 التي جاء فيها: “للمتهم الحق في المحاكمة العادلة بأن يتاح له ما يكفي من الوقت والتسهيلات لتحضير دفاعه، وللتشاور بحرية مع محام من اختياره وذلك في جو من السرية”. كما أكد الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (المصادق عليه في اجتماع نيروبي سنة 1981، ودخل حيز التنفيذ عام 1986) في مادته 7 على ضمان المحاكمة العادلة وذلك من خلال التنصيص على: “الحق في الدفاع بما في ذلك الحق في اختيار محام يدافع عن المتهم”. إضافة لما تم تبنيه في مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين لسنة 1990 من مبادئ أساسية خاصة بدور المحامين، حيث أوضح المؤتمر فيما يخص موضوع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة على أن: “توفير الحماية الكافية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، يستلزم فتح الأبواب أمام جميع البشر للانتفاع بطريقة فعالة من الخدمات القانونية الي يوفرها محامون مستقلون”. وعليه تجمع وجهة النظر الدولية بخصوص المحاكمة القضائية لكي تكون عادلة، لابد من توافر شرطين أساسين: الأول يهم خضوع إجراءات المحاكمة للمعايير الدولية سواء كانت اتفاقية أم عرفية أم مبادئ عامة للقانون فيما يتعلق بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، أما الشرط الثاني فيتمثل في أن تقوم بالمحاكمة الجنائية وتنفيذ المواثيق الدولية جهة قضائية تتصف بالاستقلالية والحيادية ومخولة بموجب القانون بإجراء المحاكمة على أساس الموازنة بين الشرعية الإجرائية وحقوق الإنسان،[10] والتي من أهمها في مجال التقاضي وضمان المحاكمة العادلة حق الدفاع وتفعيل دور المحامي لتحقيق ذلك.
كما نشير للأهمية التي يوليها اتحاد المحامين العرب لمناقشة مبدأ حق الدفاع كضمانة للمحاكمة العادلة والإشكالات القانونية المرتبطة به، من خلال برنامج عمله والتطرق للموضوع في ندواته، ومن ذلك مؤتمره الرابع المنعقد بالرباط سنة 1980 تحت عنوان: “استقلال المحاماة حماية أساسية لحق الدفاع”، ثم تنظيمه لندوة دولية بالقاهرة في الفترة الممتدة ما بين 6 و8 دجنبر 1995 تحت عنوان: “الحق في المحاكمة العادلة”، حيث تم تدارس وسائل دعم وحماية هذا الحق باعتباره ضمانة لسيادة القانون دفاعا عن حقوق الإنسان على المستوى العربي والدولي، بل هناك من المحامين من أفنى عمره وبذل روحه فداء للمثل العليا وأخلاقيات وشرف المهنة التي يحمل أمانتها أصحاب البذلة السوداء في الدفاع عن المظلومين وبيان حقوق المتهمين أمام الإدارة والقضاء تحقيقا للمحاكمة العادلة. وهذا ما أكده كذلك نخبة من القضاة والمحامون والفاعلون الحقوقيون، من خلال مشاركتهم في الندوة الوطنية من تنظيم هيئة المحامين بأكادير في 16 يوليوز 2021 حول موضوع: “المحاكمة العادلة بالمغرب في ظل عشر سنوات من نفاذ دستور 2011″، حيث أوضح خلالها السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة على أن: “الحق في المحاكمة العادلة شرط أساسي لضمان التمتع الفعلي بالحقوق الكونية للإنسان، وهو ما يقتضي من كافة مكونات العدالة ابتكار الآليات الملائمة لأجرأة القواعد القانونية وتسخيرها لحماية حقوق مرتفقي العدالة”.
وفي آخر هذا المبحث نخلص إلى إجماع كل من الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية على التأكيد على براءة المتهم إلى أن تثبت إدانته، ولا يمكن تحقيق محاكمة عادلة له إلا بضمان حقه في الدفاع عن نفسه أو توكيل محام يؤازره أمام القضاء، مما نتساءل معه عن مدى أخذ المشرع المغربي بهذه التوصيات في قوانينه الداخلية والإشكالات المرتبطة بتحقيقها، وهذا ما سنتناوله في المبحث الآتي:
المبحث الثاني: دور المحامي في المحاكمة العادلة وفق التشريعات الوطنية
لقد عمل المغرب تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس نصره الله على العمل لأجل التأسيس لدولة الحق والقانون القائمة على العدل والمساواة والمحافظة على مكتسبات حقوق الإنسان خاصة في مجال العدالة، وهذا لا يتأتى تحقيقه إلا بوجود قضاء مستقل ونزيه وبالتنصيص التشريعي على الحق في ضمان المحاكمة العادلة والتأكيد على مبدأ الحق في الدفاع الذي من تجلياته الأساسية توكيل المحامي للدفاع عن المتهم والترافع أمام القضاء، وهذا ما أكدته الخطب الملكية السامية في هذا السياق مثل رسالته الموجهة إلى المشاركين في المؤتمر الدولي الأول للعدالة بمراكش في 2 أبريل 2018، حول موضوع “استقلال السلطة القضائية بين ضمان حقوق المتقاضين واحترام قواعد سير العدالة”، حيث مما جاء فيها: “أقر النص الدستوري أحكاما تكرس حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة، مرسخا وظيفة القاضي في حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، ومؤكدا على ضمان الحق في التقاضي، وعلى صيانة قرينة البراءة، والحق في المحاكمة العادلة داخل أجل معقول…، تسهيل ولوج أبواب القانون والعدالة عبر تحديث التشريعات لتواكب مستجدات العصر، وملاءمتها للالتزامات الدولية خاصة منها ذات الصلة بحقوق الإنسان،…”. وعليه، وتنفيذا لمقتضيات الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب في مجال حقوق الإنسان والمتقاضين أمام المحاكم، وإيمانا بمبدأ حق الدفاع وتمكين المحامي من دوره في تحقيق المحاكمة العادلة، عمل المشرع المغربي على تضمين ذلك والتنصيص عليه في نصوصه القانونية الوطنية بدءا من الوثيقة الدستورية الأسمى في البلاد إلى المقتضيات القانونية في النصوص التنظيمية والمسطرية الداخلية، وهذا ما سنتطرق إليه في المطلبين التاليين:
المطلب الأول: المقتضيات الدستورية والتنظيمية لدور المحامي في المحاكمة العادلة
حماية لحق الإنسان في الدفاع وفي محاكمة عادلة أمام القضاء، نص الدستور المغربي[11] على عدة مبادئ تضمن هذه الحقوق منها الحق في المساواة أمام القانون وعلى الحق في التمتع بقرينة البراءة كأصل عام في الخصومة، إضافة للحق في التقاضي الذي يتيح للفرد سواء كان مدعيا أو مدعى عليه اللجوء لمرفق العدالة المفتوح لكل من تضرر بشكل غير قانوني على حقه الشخصي، وفق مساطر مدنية أو جنائية خاصة ومعقدة تقتضي وجود محام خبير وملم بها، لأنه صاحب الاختصاص في الدفاع القانوني عن من له مصلحة في ذلك سواء كان متهما أو متضرر لمؤازرته أمام القضاء في مختلف درجاتها الابتدائية والاستئنافية، ثم لدى محكمة النقض عند الطعن في الأحكام القضائية وذلك في آجال معقولة كما حددتها المساطر التنظيمية، وفي جلسة علانية يحضرها الخصوم ومحاموهم للترافع عنهم ما لم يرد في القانون خلاف ذلك. وعليه مما أورده الدستور المغربي حول مبدأ حق الدفاع وضمان المحاكمة العادلة ما نص عليه الفصل 23 منه على أنه: “لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إيداعه إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون…. يجب إخبار كل شخص تم اعتقاله على الفور وبكيفية يفهمها بدواعي اعتقاله وبحقوقه، ومن بينها حقه في التزام الصمت ويحق له الاستفادة في أقرب وقت ممكن من مساعدة قانونية، ومن إمكانية الاتصال بأقاربه طبق للقانون، قرينة البراءة والحق في المحاكمة العادلة مضمونان”، أما الفصل 118 فينص على أن: “حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون”، ويضيف الفصل 120 على أن: “لكل شخص الحق في محاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول، حقوق الدفاع مضمونة أمام الجميع”. ونفس المقتضيات نجدها في الدساتير المقارنة مثل الدستور الجزائري المعدل عام 2016، حيث تنص المادة 169 منه على أن: “الحق في الدفاع معترف به، والحق في الدفاع مضمون في القضايا الجزائية”، أما الدستور المصري المعدل عام 2019 فقد نص في المادة 96 منه على أن: “المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه”، وتضيف المادة 98 على أن: “حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول، واستقلال المحاماة وحماية حقوقها ضمان لكفالة حق الدفاع، ويضمن القانون لغير القادرين ماليا وسائل الالتجاء للقضاء والدفاع عن حقوقهم”.
كما اعتبر القانون المنظم لمهنة المحاماة بالمغرب هيئة الدفاع من بين الضمانات التي من خلالها يسعى المشرع لتحقيق المحاكمة العادلة لمن توفرت فيه الشروط للتقاضي أمام المحاكم، حيث يكون المحامي ممثلا قانونيا لخبرته وتكوينه لكي يقوم بالنيابة والترافع، وذلك لأجل الحق وطلب العدالة أمام القضاء عن موكله في إطار العلاقة التعاقدية التي تجمعهما، حيث تنص المادة 30 من قانون المحاماة على أنه: “يمارس المحامي مهامه بمجموع تراب المملكة… وتشمل هذه المهام: 1- الترافع نيابة عن الأطراف ومؤازرتهم والدفاع عنهم وتمثيلهم أمام محاكم المملكة والمؤسسات القضائية والتأديبية لإدارة الدولة والجماعات والمؤسسات العمومية والهيئات المهنية، وممارسة جميع أنواع الطعون في مواجهة كل من يصدر عن هذه الجهات في أي دعوى…”، وعليه فالمحامي مطالب بالحضور في إطار الوكالة في جميع مراحل الدعوى مع بذل العناية التي يتوقف عليها تحقيق المحاكمة العادلة من عدمه، إضافة لإجراء مسطرة الصلح وحث موكله على سلوك مسطرة الوسائل البديلة لفض النزاعات خاصة قبل رفع الدعوى القضائية. ورغم هذه المقتضيات الحقوقية والحمائية يبقى استقلال ونجاح مهنة المحاماة في تحقيق كل أهدافها النبيلة منوط بكفالة حق كل شخص في الوصول إلى خدمة المحامي، وحفاضه على استقلاله بإعطائه فرصة للدفاع عن موكله في إطار علاقة التعاون والتفاهم والثقة المتبادلة بينهما، مع إعادة هيكلة المقتضيات القانونية المتعلقة بمهنة المحاماة بما يتلاءم وحفظ حق المحامي في الدفاع واستقلاله المهني وحريته في أداء واجبه وفق نظام عملهم التنظيمي بعيدا عن أي رقابة خارجية تقيده وترتب الجزاء عليه، إضافة لتوسيع حصانة الدفاع والعمل على حمايته بمقتضى تشريعي كما هو الشأن بالنسبة لحصانة مهنة القضاء مما سيساعد في تدعيم مبدأ استقلال القضاء.
كما أكد القانون المنظم للسجون[12]على تكريس مبدأ الدفاع وحماية حق المتهم في الاتصال والتواصل مع محاميه الذي يرافع عنه أمام القضاء بخصوص القضية المتابع من أجلها، حيث ذكرت المادة 80 منه على أنه: “يتصل محامو المعتقلين الاحتياطيين بموكليهم بناء على ترخيص تسلمه السلطة القضائية المكلفة بالتحقيق أو بالنيابة العامة المختصة. يسمح للمحامين بالاتصال بالمدانين بناء على ترخيص يسلمه لهم وكيل الملك الذي تقع المؤسسة السجنية ضمن اختصاصه. يجري الاتصال بحرية في قاعة معدة لهذه الغاية”، إضافة لإعطاء هذا الحق بالاتصال بالمحامي حسب المادة 82 للأجانب المعتقلين احتياطيا بترخيص من وكيل الملك كذلك، كما أضافت المادة 81 منه على أنه: “لا يمكن أن يؤدي المنع من الاتصال الصادر عن قاضي التحقيق المحال عليه الملف ولا التدابير التأديبية كيفما كانت طبيعتها، إلى التقليص من إمكانية اتصال المعتقل بحرية بمحاميه ولا إلى إلغائها”. وختمت المادة 93 بالقول: “لا تخضع للمراقبة…. رسائل المعتقلين الاحتياطيين الموجهة منه إلى محاميه في ظرف مغلق، وكذا الرسائل إليه من محاميه”.
المطلب الثاني: المقتضيات المسطرية لدور المحامي في المحاكمة العادلة
لا يخفى على أحد ما لقانون المسطرة الجنائية من أهمية ومكانة بعد الدستور، على اعتباره حسب البعض أنه قانون الأبرياء على عكس القانون الجنائي قانون المجرمين، ويرجع سبب ذلك لكونه القانون الذي يسير المرحلة التي يكون فيها الشخص مشتبها فيه والذي يبقى بريئا إلى أن تتم إدانته، كما أنه يمس جميع المواطنين باختلاف مهامهم ومناصبهم ومسؤولياتهم بدون استثناء بمن فيهم منفذي القانون، وبتالي كانت من أهم غايات القانون الجنائي تحقيق التوازن بين مصلحة المجتمع في استتباب الأمن ومحاربة الجريمة، وبين مصلحة الفرد في الدفاع عن نفسه ضد كل ما يهدد حريته واستقراره.
ولأجل ذلك وحماية لحق الدفاع كضمانة لتحقيق المحاكمة العادلة عمل قانون المسطرة الجنائية المغربي على إقرار عدة مبادئ لصالح المتهم، منها ما نصت عليه المادة الأولى منه على أن كل متهم أو مشتبه في ارتكاب جريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به، بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية مع تفسير الشك لفائدة المتهم، أما بخصوص دور المحامي في تحقيق المحاكمة العادلة فقد أوجب المشرع حضوره سواء بتوكيله أو بتقديم المساعدة القضائية لمن عجز عن ذلك، حيث نصت المادة 315 على إمكانية الاستعانة بالمحامي في سائر مراحل المسطرة ذات الطابع الجنائي، ابتداء من إجراءات البحث والتحقيق والحراسة النظرية مرورا بمرحلة الاستنطاق الإعدادي والتفصيلي وانتهاء بجلسة المحاكمة، كما يمكن لكل متهم أو ممثله القانوني أن يستعين بمحام في سائر مراحل المسطرة، وأكدت المادة 421 على حق الاتصال بالمحامي والاطلاع على الملف والحصول على نسخ من وثائق الملف، إضافة إلى المادة 316 التي ألزمت تواجد المحامي وإجبارية حضوره ومؤزراته لموكله أمام غرفة الجنايات، وكذا إلزامية ذلك في القضايا الجنحية في حالات محددة مثل كون المتهم حدثا يقل عمره عن 18 سنة أو أبكم أو أعمى أو مصاب بأي عاهة أخرى من شأنها الإخلال بحقه في الدفاع عن نفسه…، كما يحق للشخص الذي ألقي عليه القبض أو وضع تحت الحراسة النظرية الاستفادة من مساعدة قانونية ومن إمكانية الاتصال بأحد أقاربه، كما له الحق في اختيار محام وكذا له الحق في طلب تعيينه في إطار المساعدة القضائية حسب المادة 317 من قانون المسطرة الجنائية، حيث تقوم الشرطة القضائية بإشعار النقيب الذي يتولى تعيين المحامي، والذي للمفارقة يبقى الاتصال بموكله معلقا على الحصول على ترخيص من النيابة العامة أو بصورة استثنائية على إذن من ضابط الشرطة القضائية وهو ما يعتبره بعض الفقه القانوني[13] بأنه ليس في نهاية المطاف حقا للمشتبه فيه بالعكس هو حق للنيابة العامة ولسلطتها التقديرية، أما بخصوص الاستنطاق فالمحامي من الواجب أن يحضر هذا الإجراء رفقة مؤازره كمراقب وكموجه للأسئلة التي من شأنها توضيح موقف الشخص الذي يدافع عنه سواء تعلق الأمر بالتلبس بجناية أو بجنحة، كما يعتبر القانون المغربي نموذجا للتشريعات العربية المتقدمة التي خولت للمشتبه فيه الموضوع رهن تدبير الحراسة النظرية الحق في الاتصال بالمحامي لمدة 30 دقيقة قبل انتهاء نصف المدة الأصلية للحراسة النظرية حسب منطوق المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية، والتي يعتبرها البعض[14] مدة لا تسعف المحامي في القيام بدوره على أحسن وجه من خلال الاطلاع على كل تفاصيل القضية، إضافة لما تطرح معها من إشكال هل المدة لمرة واحدة أو أكثر؟ وفي حالة تعدد المحامون هل تتعدد المدة بحسبهم؟، على اعتبار أن هذا الحق هو حق مشترك بين الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية وبين محاميه، وبتالي إذا حضر المحامي الأول وتحقق الاتصال بينهما لمدة ثلاثون دقيقة فلا يحق للمحامي الثاني المطالبة من جديد بالاتصال بنفس الشخص بدعوى أن هذا الأخير قد استفاد من حقه من الاتصال، وبهذا يبرر حرمان باقي المحامين من الاستفادة من مدة الاتصال،[15] كما أن مدة نصف ساعة ليست بالمدة الكافية لسرد معطيات القضية واستيعابها من طرف المحامي وتقيد حق موكله في الاستماع والإنصات إليه، بل أن حصر حضور الدفاع في تقديم وثائق وملاحظات كتابية تجعل من ضمانة الاستعانة بالمحامي خلال مرحلة البحث بلا فعالية وعقيمة، أما بخصوص مكان الاتصال غير المحدد قانونا فيبقى مرتبط بزمانه، مما يجعل المحامي يتنقل أينما كان موكله الموضوع تحت الحراسة النظرية سواء في المحكمة أو غيرها وليس بالضرورة في مخافر الشرطة والدرك، وكذا بالنسبة لتوقيت اتصاله به الذي يمكن أن يتأخر أو يرجأ مما يستوجب تعليل الإذن بالتأخير إن وقع كما في حالة الجريمة الإرهابية أو الجرائم المشار إليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، بل والتنصيص على ضمان الاتصال بالمحامي فورا بمجرد إلقاء القبض على الظنين في ظروف تكفل الخصوصية وسرية المقابلة وكتمان ما راج بينهما، الشيء الذي قد لا يتحقق كفاية مع اشتراط المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية مراقبة هذا الاتصال من طرف ضابط الشرطة القضائية.
كما أشارت المادة 310 من قانون المسطرة الجنائية إلى دور المحامي في إثارة استدلال البطلان الذي قد يطال إجراءات الاستدعاء قبل إثارة أي دفع أو دفاع في جوهر الدعوى وإلا سقط الحق في تقديمه، عكس إذا حضر المتهم في الجلسة بنفسه أو بواسطة محاميه فله إثارة بطلان الاستدعاء ويمكنه أن يطلب من المحكمة إصلاح ما يكون قد شاب الاستدعاء من أخطاء أو استيفاء أي نقص فيه، وفي هذه الحالة يتعين على المحكمة منحه أجلا لتهيئ دفاعه قبل البدء في مناقشة القضية. بالمقابل إذا كان حق الاتصال بالمحامي يختلف بين البحث التمهيدي التلبسي والعادي المسطرة أحكامه في المادة 80 من قانون المسطرة الجنائية، فإن هذا الأخير حسب البعض قد عرف تراجعا صارخا حيث لم يسمح للمحامي الاتصال بموكله إلا بعد تمديد مدة الحراسة النظرية وهو ما يقلص من الضمانات المخولة للمتهم في هذه المرحلة،[16] كما يبقى الإشكال العملي في الاقتصار على الاتصال بين المحامي والمتهم بينهما فقط دون أن يمتد إلى الحضور معه عملية الاستجواب من طرف الشرطة، عكس ما ذهب إليه بعض التشريع المقارن مثل التعديل الذي عرفه قانون المسطرة الجنائية الفرنسي بمقتضى القانون رقم 392-2011 بتاريخ 14 أبريل 2011، حيث أمكن بموجبه للمحامي حضور عملية استجواب الشخص المشتبه فيه أثناء وضعه رهن الحراسة النظرية، إذ نصت المادة 2-4-62 على حق المتهم بأن يكون مؤازرا بالمحامي أثناء استجوابه من طرف الشرطة بالإضافة إلى حضور المواجهات التي تتم بين الأطراف وحقه في طرح الأسئلة على المعني بالأمر وتقديم ملاحظات كتابية بهذا الشأن ترفق بالمسطرة، غير أنه وبصفة استثنائية يمكن لوكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق أو قاضي الحريات تأخير حضور المحامي لعملية الاستجواب أو المواجهات بمقتضى قرار كتابي معلل إذا كانت هناك أسباب جدية تتعلق بالحفاظ على مجريات البحث أو الحفاظ على أدلة الاثبات أو سلامة الأشخاص، وعلى هذا الاتجاه سار القضاء الأوربي حيث أكدت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان في قرارها الصادر بتاريخ 27 نونبر 2008 فيما يعرف بقضية “SALDUZ” على أن تفسير حق اتصال المتهم بمحاميه طبقا للفصل 6 من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان يقتضي: “بأن يتم ضمان هذا الحق بالنسبة له منذ اللحظة الأولى لاستجوابه من طرف الشرطة وأن حق الاتصال بالمحامي ينبغي ضمانه بكل حرية وذلك إلى جانب حقه في حضور الاستجواب”.[17]
ونفس المقتضيات الإجرائية التي تطرقنا إليها سابقا في قانون المسطرة الجنائية المغربي نجدها كذلك في القانون المقارن، حيث نص قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي في المادة 3 التمهيدية على أن: “الشخص المشتبه به أو المتابع له الحق في أن يحاط علما بالتهم الموجهة ضده وبحقه في الاستعانة بمحام”، أما في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري في المادة 100 فنص على أنه: “كما ينبغي للقاضي أن يوجه المتهم بأن له الحق في اختيار محام عنه، فإن لم يختر له محاميا عين له القاضي محاميا من تلقاء نفسه إذا طلب منه ذلك، وينوه عن ذلك بالمحضر”، وأضافت المادة 292 على أن: “حضور محام في الجلسة لمعاونة المتهم وجوبي، وعند الاقتضاء يندب الرئيس من تلقاء نفسه محاميا للمتهم”، أما التشريع المصري فنصت المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: “ويندب المحامي العام من تلقاء نفسه محاميا لكل متهم بجناية صدر أمر بإحالته إلى محكمة الجنايات إذا لم يكن قد وكل محاميا للدفاع عنه”، وعليه فإنه يتبن من كل أحكام المواد المذكورة ومن بينها مقتضيات قانون المسطرة الجنائية المغربي، أن المشرع عمل على مسايرة الأنظمة القانونية المختلفة التي تكاد تجمع على وجوب استعانة المتهم بمحام إذا كانت التهمة تتعلق بجناية، وذلك نظرا لما لهذا الاتهام من خطورة خاصة على المتهم من حيث النتائج المترتبة على ثبوت التهمة، كما أن الاتهام بجناية يثير من الناحية النفسية اضطرابا لدى المتهم ينال من قدرته على الدفاع عن نفسه حتى ولو هذا المتهم هو نفسه محاميا.[18]
ونظرا لما يعرفه قانون المسطرة الجنائية بالمغرب من نقاش قانوني وحقوقي نتيجة تقديم وزارة العدل لمسودة مشروع لتعديله، فإن عدة أساتذة ومحامون سجلوا ملاحظات حوله من خلال مداخلاتهم في عدة ندوات وورشات منها ما تداول في أشغال يوم دراسي تحت عنوان: “من أجل قانون للمسطرة الجنائية متلائم مع المقتضيات الدستورية ومعايير حقوق الإنسان”،[19] حيث أكد المحامي محمد أغناج حول موضوع التوازن بين سلطة الاتهام والدفاع على أن المشرع المغربي عمل من خلال مشروع التعديل على توسيع مجموعة من الضمانات التي منحت للمشتبه فيه، والمتمثلة أساسا في حضور المحامي خلال الاستماع للحدث المشتبه فيه والمحتفظ به طبقا للمادة 460، ثم حضور المحامي لعملية الاستماع إلى المشتبه فيه بارتكاب جناية أو جنحة إذا لم يكن موضوعا تحت الحراسة النظرية حسب المادة 3- 67، إضافة لتوسيع مركز الدفاع والمساعدة القضائية القانونية وفقا للمادة 317-1، كما نص على استحداث تقنية التسجيل السمعي البصري حيث يمكن تسجيل عملية الاستنطاق، وكذا اللجوء إلى عرض التسجيل على أنظار المحكمة في حالة المنازعة حول المحاضر وفق مقتضيات المادة 1-67، وبالرغم من أن هذه التقنية تعتبر مكسبا إيجابيا فإنها تخفي نوعا من الخطورة حسب بعض المتدخلين، لأنه إذا كان هناك تسجيل فإنه لا يمكن الطعن في التصريحات إلا بالزور، والخطورة تأتي من كون جلسة الاستنطاق ليست هي المخفر ككل فما يقع خلف كاميرا التسجيل أو في الخلفية وراء الكاميرا لن يظهر في التسجيل، لذا يجب إحاطة هذه العملية بضمانات أخرى، كما نص المشروع في المادة 2-67 على أنه يكون باطلا كل إجراء يتعلق بشخص موضوع تحت الحراسة النظرية إذا تم بعد انتهاء المدة القانونية، إلا أن الفقرة الثانية من نفس المادة تشير إلى عدم بطلان الإجراءات التي تمت خلال الفترة القانونية للحراسة النظرية، بمعنى أن تجاوز مدة الحراسة النظرية لا يترتب عنه بطلان جميع إجراءات البحث التي تمت خلال مدة الحراسة النظرية، بل فقط إجراءات البحث التي تمت بعد انتهاء المدة القانونية، وهذا فيه خطورة لأن الشخص الذي سمح لنفسه بخرق القانون وارتكاب جناية الاحتجاز ولو أن له الصفة الضبطية، هل يمكن الاطمئنان للمحاضر التي أنجزها في حالة الاحتفاظ بالمشتبه فيه رهن الاحتجاز بعد انتهاء المدة القانونية للحراسة النظرية؟، وهذا الإجراء ولو كان ظاهره يوحي بضمانات معينة إلا أنه غير سليم ولا يمكن الاطمئنان له. أما بخصوص قضاء الأحداث فأكدت الأستاذة سعاد التيالي أن المشرع المغربي لم يرتب أية آثار قانونية في حالة ما إذا تخلف المحامي أو أولياء الحدث عن الحضور خلال هذه الفترة ما يفرغ هذا المقترح من محتواه، كما يلاحظ أن المشرع المغربي لم يؤكد على ضرورة الاستعانة بالمحامي منذ توقيف الحدث، مما يعد مسا بحقوقه الضرورية في محاكمة عادلة، عكس المشرع الفرنسي الذي أعطى للحدث المتهم الحق في مقابلة المحامي منذ بداية التوقيف، كذلك تدخل المشرع المغربي من خلال المادة 460 وكذا المادة 2-66 من مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية، ونص بشكل صريح على إمكانية حضور المحامي أثناء الاستماع إلى الحدث من طرف الشرطة القضائية ابتداء من الساعات الأولى لإيقافه، انسجاما مع الاتفاقيات الدولية خاصة قواعد الأمم المتحدة بشأن الأحداث المجردين من حريتهم. كما اعتبر الأستاذ محمد بوزلافة في مداخلته حول موضوع ضمانات المحاكمة العادلة بأنه من الطبيعي أن تكون هناك حاجة ملحة لتعزيز حقوق الدفاع، ومن ذلك ما تضمنته مستجدات مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية المتعلقة باتصال الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية بالمحامي من الساعات الأولى، بحيث يكون صك المتابعة وجميع وثائق المتعلقة بها موجودة للاطلاع عليها من طرف المحامي لمعرفة طبيعة المتابعة والوثائق المتوفرة في الملف، فالاتصال بالمحامي يعتبر من الضمانات الأساسية إذ ألزم المشرع ضابط الشرطة القضائية ولأول مرة بإخبار كل شخص تم إيقافه أو وضعه تحت الحراسة النظرية بدواعي اعتقاله وبحقوقه ومنها حقه في الصمت وحقه في توكيل محامي يدافع عنه، كما تتطلب المحاكمة المنصفة وجود قاعدتين أساسيتان هما: استقلال السلطة القضائية واستقلال القاضي، لهاذا اعتبر على أنه لا مجال اليوم للتراجع عن اعتبار المسطرة الجنائية من النظام العام، وبأن بلادنا تتوفر على مسطرة جنائية مكتوبة ينبغي أن تحترم تحت طائلة البطلان، وبالتالي يمكن الارتقاء بالمسطرة الجنائية على مستوى الممارسة، واعتبر بأن مشروع المسطرة الجنائية اليوم يجب أن يقدم أجوبة واضحة عن هذه النقط والحلول رغم أن مسودة المشروع لا تقدم ذلك، خاصة وأن عليها أن تكون محكومة بالوثيقة الدستورية وبالممارسة الاتفاقية، وكذا أن تنص بكل وضوح على مبدأ المساواة مع ضرورة مراجعة حقوق الدفاع وتقوية المركز القانوني للدفاع.
بقي أن نشير إلى مسألة مهمة متعلقة بمدى الحفاظ على مكتسبات حق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة من خلال تفعيل دور المحامي في ظل جائحة فيروس كورونا، والتخوف من المساس بمبادئ دستورية وحقوقية متعلقة بالقضاء العادل كمبدأ العلنية والحضورية فيما يتعلق بالمحاكمة عن بعد وما تطرحه هذه التقنية من إشكال الاتصال والتواصل ومراعاة حقوق الدفاع سواء من الناحية الإيجابية أو السلبية، خاصة وأن العاهل المغربي نصره الله في رسالته السامية الموجهة للمؤتمر الدولي للعدالة تحت شعار: “العدالة والاستثمار، التحديات والرهانات” في دورته الثانية المنعقدة بمراكش بتاريخ 21 أكتوبر 2019 دعا إلى: “استثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية الحديثة من إمكانيات لنشر المعلومة القانونية والقضائية، وتبني خيار تعميم وتعزيز لامادية الإجراءات والمساطر القانونية والقضائية والتقاضي عن بعد، باعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة…، مع الحرص على تقعيدها قانونيا وانخراط كل مكونات منظومة العدالة في ورش التحول الرقمي”، الشيء الذي اضطر معه المغرب لإصدار مرسوم 2.20.292 في 23 مارس 2020 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ ضد جائحة فيروس كورونا، والذي نص صراحة في مادته 3 على أنه: “لا تحول التدابير المتخذة المذكورة دون ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية، وتأمين الخدمات التي تقدمها لمرتفقيها”، والقضاء من أهم هذه المرافق في حياة الأفراد الشيء الذي دفع وزارة العدل ببلاغ مشترك مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى تعليق انعقاد الجلسات بمختلف محاكم المملكة باستثناء الجلسات المتعلقة بالبت في قضايا المعتقلين والقضايا الاستعجالية وقضاء التحقيق، وإقرار المحاكمة عن بعد للمعتقلين انطلاقا من المؤسسات السجنية، مما دفع نقابة المحامين بالمغرب في بيان لها بشأن قرار اعتماد المحاكمة عن بعد دون إحضار المتهمين المعتقلين أمام المحاكم الزجرية، والذي اعتبرت في أن: “المحاكمات عن بعد تثير إشكالات قانونية وحقوقية تتعلق أساسا بمدى مراعاتها لشروط المحاكمة العادلة والتي تتطلب توافر عدة ضمانات أهمها: العلنية والتواجهية والشفهية والحضورية، فضلا عما أقره الفقه الجنائي من كون المحاكمات عن بعد تؤثر على حق المتهم في الاستفادة من المشاعر الإنسانية للقاضي الجنائي في نطاق مبدأ القناعة الوجدانية”، وعليه لابد من احترام مبدأ العلنية طبقا لنص المادة 300 من قانون المسطرة الجنائية بحيث تكون العدالة الجنائية على مستوى الحسم في القضية على مرأى ومسمع الجميع بشكل يكفل حق الدفاع للمتهم وبحضور محاميه، لأن مفهوم كشف الحقيقة يقتضي ذلك خاصة على مستوى الشخص المواجه بالاتهام، كما أن العدالة نفسها تستطيع من خلال احترامه تحقيق هدفها بكونها عدالة مستجيبة لحق عام، وهذه الاستجابة لا يمكن أن تنتهي إلى إدانة إلا بعد إعطاء المتهم كل الفرص الإجرائية من أجل الدفاع عن نفسه بحضور المجتمع وصاحب الحق،[20] مع مراعاة الاستثناءات بخصوص تعطيل مبدأ العلنية كوجود خطر على الأمن أو الأخلاق، بالمقابل يرى البعض أن انعقاد المحاكمات عن بعد مكن من تفادي مخاطر انتشار جائحة فيروس كورونا وتحقيق العدالة للمتهمين بانعقاد جلسات أحكامهم بفضل اعتماد وسائل الاتصال والتواصل بين المؤسسات السجنية والمحكمة ساعد فيها الجانب التكنولوجي بشكل كبير بفضل التقنيات الحديثة والعالية الجودة التي يوفرها فيما يخص الصوت والصورة، والتي تضمن التواصل المباشر والمسترسل بين المحكمة والمتهم والدفاع وباقي الأطراف،[21] وبتالي ضمان تحقيق الأمن القضائي بتجلياته الواسعة صحيا وأمنيا لكل أطراف الدعوى والقائمين على ضمان المحاكمة العادلة، من خلال رقمنة منظومة العدالة ببلادنا والتأصيل للمحاكمة عن بعد ضمن المساطر القانونية التي تعطي الأحقية للمتهم في الاختيار من عدمه لما فيه مصلحة الدفاع عن نفسه وإثبات براءته.
بالمقابل نجد مسودة مشروع تعديل قانون المسطرة المدنية قد أثارت كذلك نقاشا حقوقيا فيما يخص مقتضيات حماية حق الدفاع ودور المحامي في ضمان المحاكمة العادلة، خاصة بعد إحالتها من طرف وزير العدل على هيئات المحامين بالمغرب في يناير 2022[22]، حيث نصت الفقرة الثانية من المادة 75 على الجواز “للمدعي والمدعى عليه الترافع شخصيا دون مساعدة محام” في بعض الحالات كقضايا الزواج والطلاق والحالة المدنية وكذا القضايا التي تختص بها المحاكم الابتدائية للنظر فيها ابتدائيا واستئنافيا، كما خلفت المادة 90 من مسودة مشروع التعديل جدلا وسط المحامين بنصها على أنه: “يجب على الأطراف شرح نزاعاتهم باعتدال ودون المساس بالاحترام الواجب للمحكمة، ويجوز لرئيس الجلسة في حالة حدوث اضطراب أو ضوضاء الأمر بطرد الشخص المعني من الجلسة”، الشيء الذي اعتبره البعض تقييدا لحرية الدفاع لأن لكل محامي طريقته في الدفاع والترافع عن موكله أمام هيئة الحكم سواء بتحريك اليدين أو برفع الصوت وغير ذلك، إضافة لنص المادة 92 على تحرير رئيس الجلسة محضرا في حق المحامي الذي يصدر منه خطاب يتضمن سبا أو إهانة أو قدفا، ويحيله على نقيب الهيئة وكذا على الوكيل العام للملك لا تخاذ ما هو ملائم، مما قد يجعل المحامين معرضين للمتابعة القضائية من لدن الوكيل العام للملك حسب البعض حتى لو تفهم النقيب طريقة ترافع الدفاع في الجلسة، مما يشكل مساس باستقلالية عمل المحامي الذي يناط به ضمان حق الدفاع الذي تكفله مبادئ المحاكمة العادلة.
خاتمة:
من خلال ما سبق ذكره نخلص إلى أن هناك إجماع دولي ووطني على ضرورة حماية حق الدفاع والتأصيل القانوني لمكانة المحامي في تحقيقه من خلال دوره في ضمان المحاكمة العادلة أمام القضاء للمتهم أو للمتضرر ذو المصلحة على حد سواء، لهذا سعى المشرع المغربي لتوطيد الدعائم المحققة لذلك من خلال التنصيص الدستوري عليها وتكريسها تنظيميا في القوانين الداخلية سواء من الناحية المسطرية أو الإجرائية، رغم الإشكالات التي تطرح على ضوء النقاش الحقوقي والمجتمعي حول تعديل قانوني المسطرة المدنية والجنائية وكذا القانون المنظم لمهنة المحاماة، مما يعد دليلا فعليا على استجابة المغرب للتوصيات الحقوقية والمبادئ الإنسانية التي وقع عليها ضمن الاتفاقيات الدولية الداعية لضمان المحاكمة العادلة واستقلال القضاء وحماية حق الدفاع.
لكن يبقى نجاح هذا العمل رهين بتفعيل دور المحامي من الناحية القانونية من خلال تعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة بشكل يستجيب لتطلعات أصحاب البدلة السوداء سواء من ناحية تحقيق الضمانات القانونية وتسهيل الإجراءات المسطرية في عملهم الدفاعي عند تعاملهم مع مرفق القضاء والإدارة، أو من الناحية الاجتماعية والإنسانية بحفظ مركزهم الحقوقي الحيوي والمهم داخل المجتمع، وكل هذا لا يتأتى الوصول إليه إلا بضمان الحق المهني المحامي الذي هو من ضمان حق الدفاع في المقام الأول، مع حصانة مركزه القانوني بكل حرية واستقلالية ونزاهة إسوة بالجهاز القضائي اللذان يكملان بعضهما البعض في سبيل تحقيق المحاكمة العادلة وضمانها للمتهم وفق ما تنص عليها مختلف الشرائع السماوية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. كما يبقى تفعيل دور المحامي في تحقيق المحاكمة العادلة وتكريس مبادئ الحكامة القضائية في حماية حق الدفاع المقدس، رهين بالأخذ بالمقاربة التشاركية بين مختلف السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية وكذا التنظيمية لهيئة المحاماة، إضافة للمتدخلين في هذا الميدان من الأجهزة الأمنية كالشرطة القضائية والدرك وإدارة السجون، لأجل معالجة الإشكالات التي تطرح للمتقاضين أمام المحاكم والحفاظ على المبادئ الضامنة للمحاكمة العادلة ومن أهمها مبدأ حق الدفاع، إضافة لضرورة التشارك في مناقشة القوانين الداخلية التي لها ارتباط بكل مجال على حده لكي تلائم وتستجيب للاتفاقيات الدولية والعهود الأممية الخاصة بحقوق الإنسان، وضمان المحاكمة العادلة بما يتوافق والنظام والأمن العام وكذا المرجعية الإسلامية والدستورية للمملكة، في سبيل الحفظ على مكتسبات حقوق الإنسان واستقلال السلطة القضائية التي راكمها المغرب تحت القيادة الرشيدة والرؤية الحكيمة للرئيس الأول للسلطة القضائية الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
الهوامش:
(=) تم تحكيم هذا المقال من طرف اللجنة العلمية لمركز مغرب القانون للدراسات والأبحاث القانونية.
[1] إبراهيم زعيم: السياسة الجنائية المغربية في إطار الجريمة المتلبس بها، مقال منشور بمجلة المحامي، العدد 41، تاريخ الإصدار: يوليوز 2002، المطبعة الوطنية بمراكش، ص:15.
[2] المادة 1 من القانون المنظم لمهنة المحاماة بالمغرب رقم 28.08، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.08.101، وتاريخ 20 شوال 1429ه (20 أكتوبر 2008)، والمنشور بالجريدة الرسمية تحت رقم 5680 وتاريخ 6 نونبر 2008. + فيما يعرفها القانون المنظم لمهنة المحاماة بالجزائر رقم 07.13 لسنة 2013 بأنها: ” مهنة حرة مستقلة تعمل على حماية وحفظ حقوق الدفاع، وتساهم في تحقيق العدالة و احترام مبدأ سيادة القانون”.
[3] للمزيد راجع: حياة حجي: استقلال المحاماة بين تجليات المبدأ والعراقيل التي تحد من فعاليته، مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، عدد مزدوج 17 و18، صادر بتاريخ يناير- يونيو 2011، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، ص:98.
[4] يعرف ” Reymond carré de malberg” دولة القانون باعتبارها نقيضا للدولة البوليسية، بأنها: “الدولة التي تلزم نفسها بنظام قانوني في علاقتها مع الأفراد وذلك لضمان حرياتهم الفردية، حيث يكون سلوكها خاضعا لنوعين من القواعد: بعضها يحدد حقوق المواطنين، وبعضها الآخر يحدد ومن البداية الوسائل والطرق المستعملة بغرض تحقيق أهداف الدولة وفق قواعد تكون سلطة الدولة محددة وذلك بإسنادها إلى النظام القانوني الذي تكرسه”. أنظر في ذلك:Eric millard L’État de droit. Idéologie contemporaine de la démocratie. In butin de Mexique de droit comparé. Nouvelle série. N109. 2004. P119.
[5] فرج عبد الواحد نويرات: ضمانات المتهم خلال مرحلة المحاكمة في القانون الإجراءات الليبي، طبعة 2013، دار الفتح بالإسكندرية، ص:254.
[6] سرداد علي عزيز: ضمانات المتهم أثناء الاستجواب، الطبعة الأولى 2014، المركز القومي للإصدارات القانونية بالقاهرة، ص:92.
للمزيد راجع: محمد لريد، احترام حق الدفاع ضمانة للمحاكمة العادلة، مقال منشور بمجلة الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والإنسانية، العدد 19، صادر عن شهر يناير 2018، ص:119.
[7] سورة النساء الآية:58، ومن أسماء الله تعالى العدل وقد أمر به بقوله سبحانه: “إن الله يأمر بالعدل” الآية 90 من سورة النحل.
[8] سنن أبو داود: كتاب كيفية القضاء، رقم 3582، ص: 568، طبعة 1405ه، المكتب الإسلامي ببيروت.
[9] سنن الدارقطني: رقم 4426، ص:111، طبعة 1414ه، دار الفكر ببيروت. + وعن رسالة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في العدل والقضاء يقول الإمام ابن القيم: وهذا كتاب جليل القدر تلقاه العلماء بالقبول وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة، والحاكم المفتي أحوج شيء إليه وإلى تأمله والتفقه فيه”. إعلام الموقعين عن رب العالمين، الطبعة الأولى 1997، دار الأرقم ببيروت، الجزء 1، ص:70.
[10] للمزيد راجع: محمد مصباح القاضي، حق الإنسان في محاكمة عادلة، الطبعة الأولى 1994، دار النهضة العربية بالقاهرة، ص:30.
[11] ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 شعبان 1432 (29 يوليوز 2011) بتنفيذ نص الدستور المغربي، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر الصادرة بتاريخ 28 شعبان 1432 (30يوليوز 2011)، مما جاء فيه حسب الفصل 6: “القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، وجميع الأشخاص ذاتيين أو اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له”. وأما الفصل 119 فيضيف: “يعتبر كل مشتبه فيه أو متهم بارتكاب جريمة بريئا، إلى أن تثبت إدانته بمقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به”. ويضيف الفصل 122: “يحق لكل من تضرر من خطأ قضائي الحصول على تعويض تتحمله الدولة”.
[12] قانون رقم 23.98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، صادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.99.200 مؤرخ في 13 جمادى الأولى 1420ه (25 غشت 1999)، والمرسوم التطبيقي الخاص به الصادر في 3 نونبر 2000.
[13] محمد أحداف: شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد ج1، الطبعة الثانية 2008، مكتبة وراقة سجلماسة بمكناس، ص:418.
[14] الدكتور محمد الدكي، ونصيرة جنفي باحثة في سلك الدكتوراه بجامعة محمد الأول بوجدة: “حق الاتصال بمحام خلال فترة الوضع تحت الحراسة النظرية”، مقالة قانونية منشورة بالمجلة الالكترونية القانونية، العدد 3 لسنة 2019، ص:64.
[15] للمزيد راجع: يوسف وهابي، قواعد حضور دفاع المحامي أمام الشرطة القضائية، طبعة 2004 مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، ص:45.
[16] يرى البعض أن الممارسة العملية تجعل من حق الاتصال بالمحامي هو مجرد حبر على ورق، وذلك لعدم وجود أماكن خاصة لهذا الغرض داخل مخافر الشرطة القضائية وكذلك بالنسبة للصيغة المستعملة سواء في ق.م.ج أو في مسودة المشروع، إذ يتم الاتصال بالمحامي تحت مراقبة ضباط الشرطة القضائية في ظروف هل تكفل سرية المقابلة مما يضيق وينتهك حرية المحامي وبتالي تفضيل عدم ولوجه إلى مخافر الشرطة القضائية، وكان حريا على المشرع المغربي إعطاء المحامي الحق في الولوج إلى ملف القضية تعزيزا لحقوق الدفاع. للمزيد أنظر: الأستاذ محمد بوزلافة، حقوق الدفاع، محاضرات في قانون المسطرة الجنائية، موضوعة بمركز النسخ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، ص:14.
[17] لقد أصدرت الحكمة الأوربية لحقوق الإنسان في 27 نونبر 2008 قرارا هاما بين شخص يدعى شالدوز والدولة التركية، حيث تمت إدانة المعني بالأمر من أجل قضية إرهابية دون أن يستفيد من المساعدة القضائية المتمثلة في حقه في مؤازرة المحامي منذ اللحظة الأولى لاستجوابه من طرف الشرطة، ولقد اعتبرت المحكمة أن حق المتهم في الاتصال بدفاعه هو من المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة.
[18] للمزيد راجع: سعد حماد، حق المتهم في الاستعانة بمحام، الطبعة الأولى 2005، دار النهضة العربية بالقاهرة، ص: 63.
[19] أنظر كتاب: “قانون المسطرة الجنائية، الدستور وحقوق الإنسان”، منشورات المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، إصدار دجنبر 2020 مطبعة سلا. يتضمن مداخلات خاصة لكل من: المحامي محمد أغناج: هل يحقق مشروع المسطرة الجنائية التوازن ما بين سلطة الاتهام والدفاع؟ + الأستاذة سعاد التيالي: قضاء الأحداث ومسودة قانون المسطرة الجنائية، الضمانات والحماية + الأستاذ محمد بوزلافة: ضمانات المحاكمة العادلة، ص:93. أشغال يوم دراسي بالرباط يوم 30 يناير 2020، بعنوان: “من أجل قانون للمسطرة الجنائية متلائم مع المقتضيات الدستورية ومعايير حقوق الإنسان”.
[20] فريد السموني: سلسلة محاضرات مركزة ومختصرة في مادة المسطرة الجنائية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، الموسم الجامعي 2018/2019، ص:15. للمزيد راجع مقالة بعنوان: المحاكمة عن بعد وسؤال المحاكمة العادلة في ظل جائحة كورونا بالمغرب – بين متطلبات الواقع والفراغ التشريعي-، للباحث وئيل العياط بمختبر الأبحاث القانونية والسياسية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.
[21] هشام البلاوي: المحاكمة عن بعد وضمانات المحاكمة العادلة، مجلة رئاسة النيابة العامة، العدد الأول لسنة 2020، ص:33.
[22] للمزيد أنظر: تصريحات وآراء لمحامين حول ما أثارته مسودة تعديل قانون المسطرة المدنية بالمغرب من إشكالات، بمقال بعنوان: “محامون ينتقدون تناقضات مسودة المسطرة وتقييد طريقة المرافعة”، منشور بالجريدة الإلكترونية هسبريس، بتاريخ 19 يناير 2022، الساعة 11:00.
تعليقات 0