السند التنفيذي الأجنبي و قابلية تنفيذه بالمغرب

  • من إعداد : أنس المحساني طالب باحث في ماستر القانون المدني والأعمال.

حتى يتم نقل الحكم القضائي من مجرد حقيقة قانونية إلى حقيقة واقعية، فإن الأمر يتوقف على تنفيذ هذا الحكم، وهذا ما يجسد حقيقة الإعمال الفعلي للجزاء في القاعدة القانونية، والتنفيذ هنا يتم عبر طرق نظمها القانون في شكل إجراءات قانونية تتم تحت مراقبة وإشراف القضاء بناء على سند قابل للتنفيذ، وهذا الأخير يراد به حسب بعض الفقه “هو عبارة عن محرر شكلي مكتوب به بيانات معينة حددها القانون، وله شكل خاص رسمه القانون”، وحسب البعض الآخر “هو الورقة المعدة للإثبات أو الدليل المهيأ”[1]، والسندات التنفيذية ليست على صورة واحدة فهي كثيرة ومتعددة، ومن أهم هذه السندات التنفيذية:

  • 1- الأحكام والقرارات والأوامر القضائية (متى كانت نهائية أو مشمولة بالنفاذ المعجل).
  • 2- قرارات التحكيم الوطنية والأجنبية المذيلة بالصيغة التنفيذية.
  • 3- الأحكام الأجنبية إذا تم تذييلها بالصيغة التنفيذية.
  • 4- العقود الأجنبية إذا تم تذييلها بالصيغة التنفيذية.
  • 5- القرارات الصادرة عن نقيب هيئة المحامين.
  • 6- شهادة التقييد الخاصة الصادرة عن المحافظ على الأملاك العقارية.
  • 7- محاضر الجلسات المثبتة لعقد الصلح.
  • 8- أوامر تحصيل الديون الضريبة…

إلا أن ما يهمنا في هذا المقال هو السندات التنفيذية الأجنبية و قابلية تنفيذها بالمغرب، فكيف تناول المشرع المغربي الأحكام الخاصة بالسندات التنفيذية الاجنبية ومسطرة تنفيذها بالمغرب في إطار قانون المسطرة المدنية المغربي؟.

وعليه سنتناول الإجابة على هذه الإشكالية الرئيسية من خلال محورين، المحور الأول تحت عنوان السندات التنفيذية الأجنبية القابلة للتنفيذ بالمغرب، على أن نخصص المحور الثاني لبحث مسطرة تنفيذ هذه السندات بالغرب.

المحور الأول : السندات التنفيذية الأجنبية القابلة للتنفيذ بالمغرب

بقراءتنا لقانون المسطرة المدنية يتبين أن المشرع المغربي اعترف بآثار هذه السندات الأجنبية، حيث نظمها في القانون السالف الذكر في الفصول 430-431-432 من نفس القانون.

مقال قد يهمك :   جواب قانوني: هل تلغي محكمة النقض الاتفاق المغربي الإسرائيلي؟

وعليه جاء في الفصل 430 من ق.م.مأنه “لا تنفذ في المغرب الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما.

يجب على المحكمة التي يقدم إليها الطلب أن تتأكد من صحة الحكم واختصاص المحكمة الأجنبية التي أصدرته، وأن تتحقق أيضا من عدم مساس أي محتوى من محتوياته بالنظام العام المغربي”.

فمن خلال الفصل المذكور أعلاه يتبين أن الصيغة التنفيذية شرط لازم لتنفيذ الأحكام الأجنبية بالمغرب، شرط أن تكون هذه الأحكام صادرة عن هيئة قضائية لدولة ذات سيادة يعترف بها المغرب، سواء تعلق الأمر بالأحكام أو القرارات أو حتى الأوامر الاستعجالية.

نفس القاعدة تسري على العقود المبرمة في الخارج أمام ضباط أو موظفين عموميين مختصين، حيث ينبغي تذييلها بالصيغة التنفيذية إعمالا بمقتضيات الفصل 432 من ق.م.مالذي جاء فيه:

” تكون العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين أيضا قابلة للتنفيذ بالمغرب بعد إعطائها الصيغة التنفيذية ضمن الشروط المقررة في الفصول السابقة”.

وهنا قد يطرح التساؤل حول القيمة القانونية لهذه الأحكام والعقود الأجنبية التي لا تتمتع بالصيغة التنفيذية ؟

هنا الفصل 418 من ق.ل.ع[2] يجيب عن هذه الإشكالية إذ من خلاله اعتبر المشرع المغربي أن الأحكام والعقود الأجنبية التي لم يتم تذييلها بالصيغة التنفيذية تعد أوراقا رسمية يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها، أي أنها تعتبر وسيلة إثبات لصاحبها.

المحور الثاني: مسطرة تنفيذ السندات التنفيذية الأجنبية بالمغرب

كما سبق وذكرنا في المحور الأول، حتى تكون الأحكام والعقود الأجنبية واجبة التنفيذ بالمغربة يجب تذييلها بالصيغة التنفيذية، فما هي شروط تذييل الأحكام والعقود الأجنبية بالصيغة التنفيذية؟ وما هي الجهة المختصة بالبت في طلب الأمر بالتنفيذ؟

مقال قد يهمك :   عسيلة ياسين: مقاربة حقوقية لأحكام ظهير 2 أكتوبر 1984 على ضوء دستور 2011

الفصل 431 منق.م.محدد مجموعة من الشروط ينبغي استيفاؤها حتى يتم تذييل الحكم أو العقد الأجنبي بالصيغة التنفيذية، وهي كالآتي:

– تقديم طلب من قبل المعني بالأمر إلى المحكمة، والذي ينبغي إرفاقه بما يلي:

  • 1-نسخة رسمية من الحكم.
  • 2-أصل التبليغ أ, كل وثيقة تقوم مقامه.
  • 3- شهادة من كتابة الضبط المختصة تشهد بعدم التعرض والاستئناف والطعن بالنقض.
  • 4- ترجمة تامة إلى العربية عند الاقتضاء للمستندات المشار إليها أعلاه مصادق على صحتها من ترجمان محلف.

وبالنسبة للجهة القضائية المختصة بالبت في طلب الأمر بالتنفيذ هي المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما طبقا لمقتضيات الفصل 430 من ق.م.م، وذلك أيا كانت درجة المحكمة الأجنبية الصادر عنها الحكم، شرط أن تتثبت المحمة الابتدائية وهي تبت في الطلب من صحة الحكم –من حيث الشكل- وثبوت الاختصاص للجهة الصادر عنها، وأن تتحقق كذلك من عدم مساسه بالنظام العام المغربي.

و هكذا يتضح أن التنفيذ يشمل سائر الأحكام سواء تعلق الأمر بالأحكام الفاصلة في الجوهر أو الأحكام التمهيدية –وهذا ما جاء في أحد القرارات الصادرة عن محمة النقض بتاريخ 29 شتنبر 1989-، وسواء منها الوطنية أو الأجنبية، فقط يختلف الأمر بالنسبة لهذه الأخيرة التي اشترط القانون لتنفيذها ضرورة تمتيعها بالصيغة التنفيذية.


الهوامش :

[1]– أمينة نمر، قوانين المرافعات، منشأة المعارف، الطبعة الأولى، 1979، ص: 20.

[2]– جاء في الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود المغربي ما يلي : ” الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون.

وتكون رسمية أيضا:

1- الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم.

مقال قد يهمك :   اجتهاد قضائي:للزوجة حق طلب زوجها بسكن مستقل عن أهله استنادا لقول "الشيخ خليل"

2- الأحكام الصادرة من المحاكم المغربية والأجنبية، بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها”.

 

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)