الكراء الطويل الأمد في التشريع المغربي

29 يوليو 2019 - 5:16 م مقالات , القانون الخاص , في الواجهة , مقالات
  • حجم الخط A+A-

أمين البلحروزي طالب باحث  بالماستر المتخصص في قانون العقار و التعمير الكلية المتعددة التخصصات بالناظور

مقدمة:

 يعد عقد الكراء من أهم العقود المسماة و أوسعها انتشارا و شيوعا، و أكثرها تنظيما وتعديلا و تغييرا، فإلى جانب هذا الكراء العادي الذي يخول لصاحبه حقوقا شخصية، هناك نوع آخر من الكراء يرتب حقا عينيا للمكتري، ألا وهو الكراء الطويل الأمد الذي هو حق عيني يخول صاحبه الانتفاع بأرض يكتريها لمدة لا تقل عن عشر سنوات و لا تزيد عن أربعين سنة، أي أنه يدخل ضمن زمرة الحقوق العينية التي تمنح لصاحبها حق الانتفاع بالمحل مدة طويلة.[1]

  و الكراء الطويل الأمد عقد منشأه القانون الروماني، إذ ظهر في الفترة المتأخرة من الإمبراطورية الرومانية، حيث كانت الملكية العقارية مرتكزة لدى قلة من كبار الملاكين،  و كثير من الأراضي كانت مهجورة و غير مزروعة نتيجة مساوئ العمل القسري و عدم كفاية العمل، مما جعل مالكي المزارع الكبرى يفكرون في طريقة للتملص من أعباء أرضيهم، وذلك بتسليمها في إطار عقد كراء طويل المدة مع احتفاظهم بملكيتها. و المكتري، نظرا لطول مدة تمتعه بالأرض، فإنه يعمد إلى تطويرها وزراعتها خاصة أنه لا يدفع للمكري سوى ثمن ضئيل.[2]

 و قد إنتفل الكراء الطويل الأمد إلى القانون الفرنسي القديم و الذي كان من الجائز فيه أن يكون دائما و كان مبنيا على العرف و العادات الفرنسية. إلى غاية سنة 1790 الذي لم يعد الكراء الطويل الأمد في فرنسا مؤبدا بل أصبح مؤقتا، إذا حددت مدته القصوى في 99 سنة لا يمكن تجاوزها، كما أن المشرع الفرنسي عمل على تنظيم هذا النوع من الأكرية بموجب قانون 25 يونيو 1902 الذي حول هذا الحق من حق شخص إلى حق عيني، وفي الحالة التي ينصب على عقار فلاحي فإنه يخضع لجميع المقتضيات المنظمة له و لا سيما من حيث التمديد و حق الشفعة.[3]

 أما بخصوص المغرب، فإنه لم يعرف الكراء الطويل الأمد بمفهومه العيني إلا سنة 1915 و بالضبط بمقتضى ظهير 12 يونيو 1915 المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة الذي نظمه بمقتضى الفصول 87 إلى 96 منه، حيث كان الهدف من إدخاله في القانون المغربي بالدرجة الأولى هو تمكين الأجانب المقيمين بالمغرب، وفي مقدمتهم الفرنسيين، من الاستفادة من هذا العقد في تعمير الأراضي المغربية و استغلالها بشكل قانوني. و قد استمر العمل بهذا الظهير إلى غاية صدور قانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية[4] سنة 2011 الذي جاء بمستجدات هامة منظمة للكراء الطويل الأمد.

وتتجلى أهمية موضوع كراء الطويل الأمد في كون هذا الاخير يساهم في تشجيع الاستثمار العقاري و اعمار الأراضي الحضرية الشاغرة عن طريق إقامة منشات وأبنية، وفي المجال القروي من خلال فتح المجال للمستثمرين الفلاحيين الذين لا يملكون أراضي فلاحية خصبة في ملكهم، وكذلك في كونه يخول للمكري الذي يملك قطع أرضية بورية ولكن دون أن تكون له القدرة على تحمل مصاريف إصلاحها، نقل هذا العبء إلى المكتري الذي يتكفل بهذا الإصلاح مقابل الانتفاع بهذا العقار لمدة طويلة، مقابل وجيبة زهيدة.

بناءا على ماسبق فإن هذا الموضوع  يثير إشكالا رئيسيا يتمثل في مدى قدرة المشرع المغربي تنظيم عقد الكراء الطويل الامد بكيفية تضمن تحقيق التوازن بين مصلحة المكري ومصلحة المكتري؟

هذا الاشكال يتفرع عنه مجموعة من التساؤلات الجزئية من قبيل:

  • ما المقصود بحق الكراء الطويل الامد؟
  • ماهي مميزاته وخصائصه؟
  • كيف يمكن انعقاد الكراء الطويل الامد وإثباته؟
  • ماهي الاثار المترتبة عنه؟
  • وهل ساهم المشرع المغربي في تحقيق التوازن والتكافؤ بين المتعاقدين في عقد الكراء الطويل الامد أم أنه ساهم في تعميق الهوة بينهما؟

ومحاولة للإجابة عن هذه التساؤلات السابقة سيتم الاعتماد على تقسيم ثنائي يضم مطلبين كالأتي:

  • المطلب الأول: الاحكام العامة للكراء الطويل الامد.
  • المطلب الثاني: اثار حق الكراء الطويل الامد وانقضائه.

 المطلب الأول: الاحكام العامة للكراء الطويل الامد

يعتبر الكراء الطويل الأمد من بين الحقوق العينية الأصلية المنصوص عليها في مدونة الحقوق العينية،  حيث تولى المشرع المغربي تنظيمه في المواد من 121 إلى 129 منها، و في حالة عدم وجود نص قانوني بها يرجع إلى القواعد العامة الواردة في قانون الالتزامات و العقود المغربي، و كذا الراجح و المشهور و ماجرى به العمل في الفقه المالكي.

غير أن المشرع المغربي لم يورد تعريفا خاصا به، إنما ترك ذلك لذوي الاختصاص من الفقه، واكتفى بالتنصيص على أحكامه فقط، وهو الامر الذي يتطلب الوقوف عند مفهوم الكراء الطويل الأمد في (الفقرة الاولي)، ليتم الحديث عن كيفية انعقاده و إثباته في ( الفقرة الثانية).

الفقرة الاولى: ماهية الكراء الطويل الامد

 سيتم من خلال هذه الفقرة الوقوف عند تعريف الكراء الطويل الأمد و بيان خصائصه (أولا)، و كذا تمييزه عن بعض العقود (ثانيا).

أولا: تعريف الكراء الطويل الأمد وخصائصه

1: تعريف الكراء الطويل الأمد

إن المشرع المغربي لم يضع تعريفا للكراء الطويل الأمد، بل اقتصر فقط على ذكر الأحكام المنظمة له، حيث أكد على أنه حق عيني يخول صاحبه حقا عينيا قابلا للرهن الرسمي، و كذا التفويت لفائدة الغير، و قابليته للحجز طبقا للشروط المقررة في الحجز العقاري. كما حدد أمد هذا الكراء لمدة تفوق عشرة سنوات دون ن يتجاوز أربعين سنة و ينقضي بانقضائها.[5]

و حسنا فعل المشرع المغربي حينما لم يضع تعريفا للكراء الطويل الأمد في مدونة الحقوق العينية نظرا لكون هذا الاختصاص يعود للفقه. وبذلك فقد عرفه أحد الفقهاء[6] بأنه حق عيني يخول لصاحبه الانتفاع بأرض يكتريها لمدة لا تقل عشر سنوات، و لا تزيد على أربعين سنة. وهو ما يعني أن الكراء الطويل الأمد يختلف عن الكراء العادي في كونه يعقد لمدة طويلة، و في أنه يعطي صاحبه حقا عينيا يخوله حق التتبع و والأولوية، و ليس مجرد حق شخصي كما هو الشأن في الكراء العادي.

كما يمكن اعتباره أيضا بأنه نوع من الكراء يمنح مستأجر العقار المحفظ حقا عينيا قابلا للرهن الرسمي، وهو كثير الشيوع في مدينة أكادير منذ إعادة تعميرها اثر الهزة الأرضية التي دمرتها عام 1960، و لا سيما على أملاك الدولة وعلى العقارات الموقوفة، و كذك في المنطقة الحرة في مدينة طنجة.[7]

و إذا كان المشرع المغربي لم يعرف الكراء الطويل الأمد، فإن التشريع التونسي نجده على عكس ذلك، قد عرفه كما يلي:” الأمفتيوز هو حق ملكي عقاري يقتضي التصرف في عقاره بشرط دفع راتب سنوي لصاحبه اعترافا بملكيته. و الراتب المذكور يكون إما غلة أونقودا “هذا التعريف نابع من كون الأمفتيوز يقع عادة في الأراضي المهملة و المباني الخربة التي يعجز صاحبها عن تعهدها، فيسلمونها لمن يتولى إحياءها و تعميرها، على أن يمتلك منفعتها لمدة طويلة بأجرة زهيدة، و تبقى ملكية الرقبة للمالك الأصلي.

 كما نجد أيضا التشريع الفرنسي قد عرف الكراء الطويل الأمد Bail Emphtéotique[8] بأنه كراء عقار تمنح للمكتري بمقتضاه حقوق عينية، وانتفاع أكثر شمولية  من الكراء العادي، و ذلك بتبسيط الدفع السنوي. ويستعمل خاصة عندما يكون من الضروري إحداث تعديلات مهمة من أجل زراعة أرض غير صالحة للزراعة، أو لتغيير جذري في نوع استغلال هذه الأراضي. فالكراء الطويل الأمد كان عقدا عرفيا في فرنسا، ولم ينظم بنص تشريعي إلا سنة 1902، وذلك بموجب قانون 25 يونيو 1902، المتعلق بالكراء الطويل الأمد و الذي هو قانون موجه إلى أن يتم احتضانه في المدونة القروية.[9]

 و الغالب أن هذا النوع من العقود ينصب على العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة، على اعتبار انها المرشحة أكثر من غيرها إلى أن يعمد المكتري لها على ضخ أموال طائلة من أجل إنجاز مشاريع استثمارية، لا تظهر أثارها المالية و الاقتصادية إلا بعد مرور مدة زمنية متوسطة أو طويلة.[10]

 ولا يعتبر الكراء الطويل الأمد كحق عيني موجودا إلا بالتنصيص عليه صراحة في عقد الكراء و بتقييده في السجلات العقارية متى كان العقار محفظا، وفي الحالة التي يكون العقار المعني  غير محفظ، فقد خول المشرع المكتري كراء طويل الأمد إمكانية تقديم مطلب التحفيظ، متى تباطأ أو رفض مالك العقار في تقديم مطلب لتحفيظ ملكه.[11] وبعد أن يتم تحفيظه يتم تقييد عقد الكراء في السجل العقار كحق عيني. و بما أن التقييد في السجل العقاري أو حتى فتح مطلب التحفيظ يتطلب الإدلاء بالوثائق  المثبتة للملك،فإن أهم وثيقة يتعين الإدلاء بها للمحافظ هو السند المثبت للكراء، و المتمثل في المحرر المعد لهذا الغرض.[12]

2: خصائص الكراء الطويل الأمد

يتميز الكراء الطويل الأمد بجملة من الخصائص  يمكن ابرازها كما يلي:

  • أنه حق عيني عقاري: ذلك أنه نصت المادة 122 في فقرتها الثانية على أنه: “يجب أن ينص عقد الكراء الطويل الأمد على طبيعته العينية”.

وهذا يعني أنه لا يعتبر الكراء طويل الأمد عينيا إلا بالتنصيص عليه صراحة في المحرر الذي يعد لهذا الغرض.

و الملاحظ هنا أنه بالرغم من ورود الكراء الطويل الأمد ضمن قائمة الحقوق العينية الأصلية حسب ما هو منصوص عليه في المادة 9 من م ح ع، فإنه علقت إقرار الطبيعة القانونية العينية على ذكرها صراحة في العقد.

  • أنه من الحقوق العينية الأصلية: ذلك أن المشرع المغربي اعتبر الكراء الطويل الأمد من الحقوق العينية الأصلية التي تقوم بذاتها من غير حاجة إلى حق عيني آخر تستند إليه، وهو ما نصت عليه مقتضيات المادة 9 من م ح ع التي تولت تعداد هذه الحقوق و أدرجت الكراء الطويل الأمد في الرتبة السابعة ضمن الحقوق العينية الأصلية.[13]
  • أنه حق مؤقت: أي أنه من الحقوق العينية المحددة المدة، بحيث تتراوح مدته بين حد أدنى لا يمكن أن يقل عن 10 سنوات، و حد أقصى لا يمكن أن يتجاوز 40 سنة، فهو ينقضي بانقضاء مدته ولا يقبل التمديد عن طريق التجديد الضمني،[14] و إنما يجب أن يكون هذا التجديد صريحا.
  • أنه من الحقوق المترتبة على العقارات المحفظة و غير المحفظة: ذلك أن المادة الأولى من مدونة الحقوق العينية لم تميز بين العقارات و الحقوق العينية كيفما كانت طبيعة العقارات المنصبة عليها، ما لم تتعارض مع تشريعات خاصة بالعقار.[15]
  • أنه حق عيني يخول صاحبه أن يتصرف فيه، كما يجوز للغير إيقاع الحجز عليه طبقا للشروط المقررة في الحجز العقاري، و كذلك يمكن أن ينشأ عليه حق انتفاع لمدته.

أما إذا كان هذا الحق شائعا بين عدة أشخاص فإنه يولي كل مشتاع حق أخذ حصة شريكه المبيعة عن طريق الشفعة.[16]

ثانيا: تمييز الكراء الطويل الأمد عن بعض العقود المشابهة

لقد نظم المشرع المغربي أنواعا مختلفة من عقود الكراء في عدة قوانين، و يشكل الكراء الطويل الأمد إحداها، غير أن هذا الأخير يختلف عن غيره في أمور عديدة، و لتوضيح ذلك أكثر يتعين تمييزه عن كراء الأملاك الحبسية (1)، ثم بيان أوجه إختلافه عن الكراء العادي (2).

1: تمييز الكراء الطويل الأمد عن كراء الأملاك الحبسية

يتميز الكراء الطويل الأمد عن كراء الأحباس لمدة طويلة في عدة نواح تتمثل أساسا في الحقوق المخولة للمكتري و الالتزامات التي يتحملها و كذلك المدة المحددة للكراء.

  • من حيث حقوق و التزامات المكتري:

تعتبر الحقوق المخولة للمكتري في الكراء الطويل الأمد أوسع وأحسن من تلك التي يمنحها كراء الأحباس. فالكراء الطويل الأمد يخول للمكتري حقا عينيا يمكنه من التصرف في العقار طيلة مدة العقد، كما يستفيد بموجبه من حق الالتصاق طيلة مدة العقد و كذلك من حق الارتفاق. هذه الحقوق كلها لا نظير لها في كراء الأحباس لمدة طويلة و الذي لا يخول للمكتري سوى حقوق شخصية تتمثل في الانتفاع بالعين المكتراة طيلة مدة كرائها و استغلالها بالزيادة فيها و إصلاحها دون التصرف فيها.[17]

  • من حيث الأجرة:

بالنسبة لأجرة الكراء الطويل الأمد تكون في الغالب زهيدة باعتبار أن ذلك أحد المقومات الأساسية لهذا العقد، ما دام أن مدة انتفاع المكتري بالعقار طويلة جدا، و تحدد بناء على اتفاق طرفي العقد. أما في كراء الأحباس فإن الأجرة تكون هي الثمن الافتتاحي للإيراد السنوي للأرض المكراة، و الذي يكون مساويا للعرض الذي قدمه الطالب أثناء المزايدة.[18]

  • من حيث المدة:

المدة في الكراء الطويل الأمد محصورة بين حدين إثنين:عشر سنوات كحد أدنى و أربعين سنة كحد أقصى، و لا تقبل التجديد ضمنيا[19]، أما في كراء الأحباس لمدة طويلة، فإن مدة كراء الأملاك الوقفية الفلاحية لا يمكن أن تزيد عن ست سنوات قابلة للتجديد مرتين فقط، تعود بعدها ملكية العقار إلى إدارة الأوقاف،[20] و بالتالي فإن المدة في الكراء الطويل الأمد هي طويلة مقارنة مع مدة كراء الأحباس لمدة طويلة.

2: تمييز الكراء الطويل الأمد عن الكراء العادي:

يعتبر الكراء الطويل الأمد من الحقوق العينية الأصلية الواردة على العقارات فقط، بينما يعد الكراء العادي[21] من الحقوق الشخصية و يرد على العقارات و المنقولات. وبذلك فالكراء الطويل الأمد يتميز عن الكراء العادي بمجموعة من المميزات، يمكن إبراز أهمها على الشكل الآتي:

  • من حيث المدة:

 يتميز الكراء الطويل الأمد عن الكراء العادي من حيث المدة، حيث أن الأول يجب ألا تقل مدته عن عشر سنوات من غير أن تتجاوز أربعين سنة كحد أقصى،[22] ولا يجوز تجديده ضمنيا لمدة مماثلة بل يشترط أن يكون التجديد صريحا.على عكس الكراء العادي الذي لا تكون فيه إرادة الأطراف ملزمة بالتقيد بمدة معينة للتجديد، وهو ما يعني أن مسألة التجديد في هذا العقد تخضع لحرية الأطراف المتعاقدة في تحديدها.

  • من حيث حقوق المكتري:

 يحق للمكتري -بموجب عقد الكراء الطويل الأمد- يحق له التصرف في حقه هذا بالبيع أو الوصية أو رهنه رهنا رسميا، هذا على عكس عقد الكراء العادي الذي لا يعد من عقود التصرف،و ذلك لكونه يقع على منفعة الشيء لا على ملكيته.و إستنادا إلى ذلك فهو لا ينشئ إلا التزامات شخصية يلقيها على عاتق كل من المكري و المكتري، و من ثم لا يرتب للمكتري سوى حق  شخص  على الشيء المكترى، هو الانتفاع به و فقا لما أعد له دون أن يتجاوز هذا الحق إلى نطاق الحقوق العينية.

إضافة إلى ذلك يحق للمكتري كراء طويل الأمد الانتفاع بما يلحق العقار المكترى بواسطة الالتصاق طيلة مدة الكراء الطويل الأمد، أما المكتري في الكراء العادي فينتفع بالعين المكتراة و ملحقاتها أي كل ما يتبع أصل هذه العين و ما يرصد بصفة دائمة لخدمتها[23]

  • من حيث التزامات المكتري:

بالنسبة لعقد الكراء الطويل الأمد فإنه يستوجب على المكتري تعهد العقار بالصيانة و القيام بسائر الإصلاحات التي تتطلبها الأبنية الموجودة وقت العقد أو التي انشئت تنفيذا له. أما في الكراء العادي فإن أعمال الصيانة و الترميمات التي تحتاجها العين المكتراة تقع على عاتق المكري لا المكتري، هذا الأخير الذي يلتزم فقط بالمحافظة على العين المكتراة و ذلك ببذل العناية  الضرورية في  استعمالها.

إضافة إلى ذلك نجد بخصوص الكراء الطويل الأمد أن المكتري هو الذي يلتزم بجميع التكاليف و التحملات المترتبة عن العقار،[24]في حين نجد أن المكري في الكراء العادي هو الذي يلتزم بدفع الضرائب و غيرها من التكاليف المفروضة على العين المكتراة، مالم يقض العقد أو العرف بخلاف ذلك.[25]

أما بالنسبة لصيانة العقار وإصلاحه، نجد ان المكتري كراء طويل الامد هو الذي يتولى ذلك سواء وقت العقد أو أنشئت تنفيذا له، عكس ما عليه الحال في الكراء العادي الذي يلتزم فيه المكري بأعمال الصيانة وليس المكتري.

  • من حيث الأجرة:

بالنسبة لأجرة الكراء الطويل الأمد تكون زهيدة، لأن المكتري يتعهد بالقيام بتحسينات أو تشييد منشآت تزيد عن قيمة العقار لصالح المالك. أما الأجرة في الكراء العادي فهي تقابل المنفعة المستمدة منه و ترتبط بها ارتباطا سببيا، فسبب دفع الأجرة هو الحصول المكتري على منفعة العين المكتراة، فهي إذن دين مترتب في ذمة الملتزم المدين بها لصالح الدائن.[26]

وفي حالة تماطل المكتري في الكراء الطويل الأمد عن أداء الأجرة لمدة سنتين متتابعين جاز للمكري بعد توجيه إنذار بدون جدوى أن يحصل قضائيا على الفسخ الكراء الطويل الأمد[27]. أما في الكراء العادي فإنه يحق للمكري فسخ الكراء مع حفظ حقه في التعويض إذا لم يؤد المكتري سومة الكراء الذي حل أجل أدائه، أو أهمل الشيء المكتري، أو استعمله في غير ما أعد له.[28]

الفقرة الثانية:  كيفية انعقاد الكراء الطويل الأمد وإثباته

 من المعلوم أن كافة التصرفات تتطلب أركانا وشروطا لانعقادها، سواء تعلق هذا الأمر بحق عيني عقاري أو حق شخصي، و الكراء الطويل الأمد لا يخرج عن دائرة هذه التصرفات، على الرغم من أن انعقاده يتميز بنوع من الخصوصية بالمقارنة مع باقي الحقوق العينية الأخرى (أولا)، وحتى يسهل على ذوي الحقوق إثبات حقوقهم ينبغي أن يتم التصرف المنشئ لحق الكراء الطويل الأمد وفق الضوابط القانونية الصحيحة (ثانيا).

أولا: أسباب انعقاد الكراء الطويل الأمد

لانعقاد حق الكراء الطويل الأمد أوجد المشرع عدة اسباب لذلك، وعليه يمكن ابرزها على الشكل التالي:

1: العقد

 القاعدة أن تنشأ الالتزامات عن طريق العقد باعتباره المصدر الطبيعي للالتزام،و يتم هذا العقد عن طريق تبادل الطرفين التعبير عن إرادتين متطابقتين، مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع لانعقاد العقد.

فاستنادا إلى هذه القاعدة، نجد أن العقد يعتبر الوسيلة العادية لإنشاء الكراء الطويل الأمد، حيث إن مالك الأرض يكري أرضه كراء طويل الأمد لمن يبني فيها أو يغرسها.

واعتبارا لأن حق الكراء الطويل الأمد من الحقوق العينية، فلا بد من أن يتخذ صورة محرر كتابي. و هذا ما أكدت عليه المادة 4 من م ح ع، عندما نصت على أنه يجب أن تحرر- تحت طائلة البطلان – جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لن ينص قانون خاص على خلاف ذلك.

و الحاصل أن العقد الكراء الطويل الأمد من العقود الشكلية، و لايقع صحيحا إلا إذا اتخذ شكل محرر كتابي.

مقال قد يهمك :   الطلبات العارضة و تأثيرها على سير الدعوى

ويكون العقد رسميا متى تم تحريره من طرف موثق عصري أو عدلين و خاطب عليه القاضي المكلف بالتوثيق، في حيث يكون عرفيا متى حرر محام مقبول للترافع امام محكمة النقض.

2: الشفعة

 عرفت المادة 292 من مدونة الحقوق العينية الشفعة بأنها اخذ شريك في ملك مشاع أو حق عيني مشاع، حصة شريكه المبيعة بثمنها بعد أداء الثمن و مصروفات العقد اللازمة و المصروفات الضرورية النافعة عند الاقتضاء.

كما نصت المادة 298 من نفس المدونة على أنه: “تكون الشفعة في العقارات سواء كانت قابلة للقسمة ام غير قابلة لها. وتكون في الحقوق العينية القابلة للتداول”.

وانطلاقا من مقتضيات هذه المادة، نلاحظ بأن الشفعة تكون في الحقوق العينية القابلة للتداول، بمعنى أن المشرع المغربي اشترط فيها قابليتها للتفويت استقلالا. وعليه فإن حق الكراء الطويل الامد إذا كان مملوكا شياعا الى اشخاص متعددين وباع أحدهم حصته فيه فإن الشفعة تثبت لباقي الشركاء لأن حق الكراء الطويل الامد قابل للتداول، عكس ماهو عليه الحال بالنسبة لحق الاستعمال فلا مجال لإعمال احكام الشفعة لأنه يتصف بالطابع الشخصي المحض ولا يقبل التداول عملا بمقتضيات المادة 113 من المدونة.[29]

وبالتالي فبالرجوع الى مقتضيات المادتين المشار اليهما أعلاه يتضح انه يمكن أن ينشأ حق الكراء الطويل عن طريق الشفعة، و ذلك حينما يكون هذا الحق مملوكا على الشياع لعدة اشخاص ثم يبيع أحدهم نصيبه في هذا الحق و يستعمل شريكه الشفعة، حيث يصبح مالكا بمقتضاها لذلك النصيب[30]

3: الإرث

عرفت المادة 323 مدونة الأسرة،[31] الإرث بأنه “انتقال حق بموت مالكه بعد تصفية التركة لمن استحقه شرعا بلا تبرع ولا معاوضة”.

وهكذا فإن حق الكراء الطويل الأمد قد ينتقل إلى الورثة عن طريق الإرث، وذلك حينما يتوفى صاحب هذا الحق، حيث ينتقل إلى ورثته للمدة الباقية في العقد.

 4: الوصية

 يقصد بالوصية الالتزام بإرادة منفردة يخول بموحبها الوصي للموصى له سواء كان موجودا وقتها أو منتظر الوجود غير وارث، حقا معينا لا يتجاوز الثلث في ماله بعد مماته.

وقد نصت المادة 277 من مدونة الأسرة، بأن الوصية عقد يوجب حقا في ثلث مال عاقده يلزم بموته.

وانطلاقا من هذا التعريف، فإنه يحق للمكتري صاحب الكراء الطويل الأمد أن يوصي بنصيب من حق الكراء الطويل الأمد، سواء لغير وارث أو لوارث بعد موافقة بقية الورثة، شريطة أن يلتزم بما إلتزم به الموصي في العقد المنشئ لهذا الحق طوال المدة المتبقية لعقد الكراء الطويل الأمد و بعد تحقق وفاة الموصي يصبح الموصى له مالكا للجزء الموصى له به على الشياع.

وفي جميع الاحوال فإن الوصية كالهبة لا تنعقد إذا كان الموصي في وضعية مرض الموت، وهذا ما استقر عليه القضاء، حيث أصدرت محكمة النقض قرارا حديثا مفاده أنه “لما اعتبرت المحكمة أن المرض الذي أصيب به الهالك مرض موت، وهو المرض المخوف الذي حكم الطب بكثرة الموت منه لاستمراره واتصاله بالهالك إلى حين وفاته، استنادا إلى الخبرة التي أفادت فيها بأن الهالك كان مصابا بمرض التشمع الكبدي المزمن الذي أدى في النهاية إلى مضاعفات تجلت في ظهور اعتلال دماغي و كبدي، وأن هذا المرض كان في مرحلة متقدمة حسب الشواهد الطبية الموجودة بالملف، ورتبت على ذلك أن عقد الهبة المبرم من الهالك تبرعا في حالة المرض المخوف وقضت بإبطاله، تكون قد جعلت لما قضت به أساسا وعللت قرارها تعليلا سائغا قانونا”.[32]

5: الهبة

ورد في الفصل الاول من ق ل ع أنه “تنشأ الالتزامات عن الاتفاقات و التصريحات الأخرى المعبرة عن الإرادة وعن أشباه العقود وعن الجرائم وعن أشباه الجرائم”.

ويقصد بالتصرحات المعبرة عن الإرادة، الإرادة المنفردة. وهكذا فمن المتصور طبقا للقواعد العامة، أن يكتسب حق الكراء الطويل الامد عن طريق الارادة المنفردة، وذلك بأن يهب[33] المكتري بكل او جزء من حق الكراء الطويل الامد شرط أن يلتزم الموهوب له بما إلتزم به الواهب في العقد المنشىء لهذا الحق طوال المدة المتبقية لعقد الكراء الطويل الامد.[34]

ثانيا: إثبات حق الكراء الطويل الأمد

بخصوص إثبات الكراء الطويل الأمد، يمكن أن نميز بين الذي يرد على العقار غير المحفظ  (1)، وبين الوارد على العقار المحفظ (3).

1: إثبات حق الكراء الطويل الأمد على العقار غير المحفظ

إن إثبات حق الكراء الطويل الأمد الوارد على عقار غير محفظ، لا يمكن أن يتم إلا بعقد كتابي، شأنه في ذلك شأن كل كراء تزيد مدته عن السنة، و هو ما تم التنصيص عليه الفصل 89 من ظهير 19 رجب ” إن إثبات عقد الكراء الطويل الأمد يتم وفق ما يقرره قانون الالتزامات و العقود من القواعد الخاصة بعقود الأكرية”،[35] و بالرجوع إلى هذا القانون نجده ينص في الفصل 629 على مايلي:” ومع ذلك، يلزم أن يثبت كراء العقارات و الحقوق العقارية بالكتابة، إذا عقدت لأكثر من سنة، فإن لم يوجد محرر مكتوب، اعتبر الكراء قد أجري لمدة غير معينة.

كراء العقارات لمدة تزيد على سنة لا يكون له أثر في مواجهة الغير مالم يكن مسجلا وفقا لما يقضي به القانون”.

فاستنادا إلى مقتضيات هذا الفصل، نلاحظ بأن الفقرة الأولى منه جاءت بمقتضيات عامة و تشير لمدة أكثر من سنة، و التي قد تصل إلى أكثر من 10 سنوات، و عليه يمكن أن نلخص إلى إمكانية تطبيق الفصل المذكور على الأكرية الطويلة الأمد.

 و في حالة وقوع نزاع حول ما إذا كان الكراء عاديا أو طويل الأمد، فإن على من يدعي أنه طويل الأمد أن يدلي بعقد كتابي ليثبت ذلك.

و إذا كان هذا العقد يتضمن في بنوده ما يستخلص منه أنه يتعلق بعقد الكراء الطويل الأمد، فيعمل بمقتضى ذلك، و ينتهي كل نزاع في هذا الشأن.

أما إذا كان ذلك العقد لا يتضمن ما يدل على أنه يتعلق بكراء طويل الأمد، ووقع نزاع حول ذلك الكراء هل هو عادي أو طويل الأمد، فإن على المحكمة التي  عرض عليها النزاع أن تعمل على تكييف هذا العقد، ولها أن تسترشد في ذلك بظروف القضية و ما ورد في العقد مما يتعلق بمدة الكراء و مقدار الأجرة، وما إذا نص في العقد على أنه يتعين على المكتري أن يبني في الأرض المكترى أو لا[36].

غير أنه بصدور مدونة الحقوق العينية جاء المشرع المغربي بمستجد مهم يتجلى في وجوب تنصيص عقد الكراء الطويل الأمد على طبيعته العينية، وهو ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 122 التي جاء فيها: “يجب أن ينص عقد الكراء الطويل الأمد على طبيعته العينية” بمعنى آخر ينبغي أن ينص في عقد الكراء الطويل الأمد على طبيعته العينية، تحت طائلة اعتباره حقا شخصيا مهما طالت مدته،[37] كما أنه لا يمكن الاعتراف بالعينية للكراء الطويل الأمد إلا إذا تم التنصيص على هذه الطبيعة صراحة في محرر رسمي أو عرفي محرر من طرف له الصفة.[38]

 وبالتالي يستلزم لإثبات عقد الكراء الطويل الأمد أن يكون وردا في محرر رسمي أو ثابت التاريخ وفق ما نصت عليه مدونة الحقوق العينية، وأن يكون قد التنصيص على الطبيعة العينية لهذا الحق.

2: إثبات حق الكراء الطويل الأمد الوارد على العقارات المحفظة

باعتبار حق الكراء الطويل الأمد حقا عينيا، فإن إثباته بالضرورة متوقف على تقييده بالسجل التجاري، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 65 من قانون14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري[39]الذي نصت على أنه “يجب أن تشهر بواسطة تقييد في الرسم العقاري، جميع الوقائع و التصرفات و الاتفاقات الناشئة بين الأحياء مجانبة كانت أو بعوض، و جميع المحاضر و الأوامر المتعلقة بالحجز العقاري، و جميع الأحكام التي اكتسبت قوة الشيء المقضي به، متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عيني عقاري أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه، وكذا جميع عقود أكرية العقارات لمدة تفوق ثلاث سنوات، و كل حوالة لقدر مالي يساوي كراء عقار لمدة تزيد عن السنة غير مستحقة  الأداء أو الإبراء منه”

وقد أضاف الفصل 65 مكرر من القانون رقم 14.07 أن أجل تقييد هذا الحق يجب ألا يتجاوز 3 أشهر من تاريخ تحريرها بالنسبة للعقود الرسمية، وإذا كانت عرفية ضمن تاريخ تصحيح الإمضاء عليها تحت طائلة غرامة تساوي %5 من مبلغ الرسوم المستحقة، وذلك عن الشهر الأول الذي يلي تاريخ انقضاء الأجل المذكور و %0.5 عن كل شهر أو جزء من الشهر الموالي له.

 ويمكن لمدير الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرئطية في حالة ثبوت القوة القاهرة أن يعفي المخالف من الغرامة المذكورة بعد الإدلاء بدليل كتابي عن ذلك[40].

 و لا يمكن التمسك بعقد الكراء الطويل الأمد تجاه الغير إذا لم يقع إشهاره للعموم بتقييده في الرسم العقاري.[41] أي أنه لا يكمن أن تصور إثبات حق الكراء الطويل الأمد سواء بين المتعاقدين أو في مواجهة الغير إلا بتقييده في السجل العقاري.

وبالتالي فالمشرع  بهذا الشكل، ظل منسجما مع ما ورد في الفصل 629 من ق ل ع، الذي ينص في فقرته الثانية على أن “كراء العقارات لمدة تزيد عن سنة لا يكون لها أثر في مواجهة الغير مل لم يكن مسجلا وفقا لما يقضي به القانون”.

وشكلية الكتابة في التصرفات العقارية والأكرية الطويلة الامد على الخصوص، تعتبر شكلية إثبات وانعقاد ووجود.

المطلب الثاني: آثار الكراء الطويل الأمد وانقضائه

تكاد تكون حقوق و التزامات المكتري كراء الطويل الأمد متطابقة مع التزامات المكتري عامة، إلا فيما يخص طبيعة الحق، على اعتبار أن الكراء العادي يكون للمكتري فيه حقا شخصيا، بينما في الكراء الطويل الأمد يرتقي هذا الحق ليصبح حقا عينيا، و اعتبارا لكون هذا الأخير عقد ملزم لجانبين، فإنه يرتب التزامات متقابلة في ذمة طرفيه، مقابل التمتع بحقوق لكل منهما (الفقرة الأولى)، ونظرا لأن هذا الحق يعطي لصاحبه الانتفاع بالعين المكتراة ليس على وجه التأبيد، فإن هناك حالات ينقضي بها هذا الحق (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: آثار الكراء الطويل الأمد

يترتب عن  الكراء الطويل الأمد مجموعة من الاثار القانونية الهامة التي تتجلى بالأساس في حقوق و التزامات متبادلة بين المكري والمكتري، وعليه سيتم الحديث من خلال هذا المطلب عن حقوق والتزامات المكتري في (اولا)، على ان يتم تخصيص (ثانيا) للتطرق لحقوق والتزامات المكري.

أولا، حقوق المكتري والتزاماته

للمكتري حقوقا يتمتع بها بموجب عقد الكراء الطويل الأمد (1)، كما تفرض عليه مجموعة من الالتزامات الملقاة على عاتقه (2).

1: حقوق المكتري

خول المشرع المغربي للمكتري جملة من الحقوق يمكن إجمالها فيما يلي:

  • حق استعمال العقار فيما أعد له و الانتفاع بثماره المدنية و الطبيعية و الصناعية:

يحق للمكتري أن ينتفع بالعقار بكل طرق الاستغلال و الاستعمال فيما أعد  له سواء بالحرث أو الزرع إن كان أرضا فلاحية، كما يكمنه استغلالها في كل المشاريع الاستثمارية ذات الطابع الفلاحي، سواء كانت هذه المشاريع فلاحية بالأساس أو تصنيع فلاحي، و بالتالي تكون الثمار و الزرع التي تم جنيها أو حصدها خالصة له، وفي الحالة التي تكون حضرية أو شبه حضرية، يحق للمكتري أن يستغلها سواء في البناء أو إقامة منشآت اقتصادية أو سياحية أو حتى تجارية، و الكل شريطة احترام الشروط التعاقدية و كذا وثائق التعمير.[42]

 وفي حالة قيام المكتري بإحداث منشآت بالعقار أو تحسينات زادت في قيمته، فلا يحق له هدمها أو طلب التعويض عنها[43]. وفي هذا الإطار نصت المادة 126 من م.ح.ع على أنه: ” لايجوز للمكتري أن يحدث أي تغيير في الملك من شأنه أن ينقص من قيمته.

إذا أحدث المكتري تحسينات أو بناءات زادت من قيمة الملك فلا يمكنه أن يزيلها ولا أن يطالب بأي تعويض عنها

 فاستنادا إلى مقتضيات هذه المادة لا يجوز للمكتري أن يقوم بأي تغيير في العقار المكتري كراء طويل الأمد من شأن هذا التغيير أن ينقص و يحط من قيمته، كأن يهدم الأبنية التي كانت قائمة فيه أو التي أنشاها أثناء مدة الكراء، و كأن يقوم بإتلاف الأشجار بدون سبب. كما على المكتري أيضا أن يرد العقار عند انتهاء مدة الكراء بما إشتمل عليه من بناءات و بما فيه من الزيادات و التحسينات التي أدخلها عليه أثناء مدة الكراء، و لا يمكن له أن يزيلها كما لا يمكنه أن يطالب المكري بأي تعويض عنها، ولو أدت هذه الزيادة و التحسينات إلى زيادة قيمة العقار.[44]

  • حق المكتري في اكتساب ارتفاقات لمصلحة العقار أو تكليفه بها:

يمكن للمكتري أن يقرر حقوق ارتفاقات تخدم العقار المكترى عنده، كأن يقرر و ينشئ ارتفاقا بالمرور على عقار مجاور، ويستفيد منها طيلة مدة الكراء، كما يحق له أن يقرر ارتفاقا على ذلك العقار لمصلحة عقار آخر، كأن يمتنع عن رفع بنائه المقام على ذلك الملك المكترى عن حد معين كي لا يحجب الضوء و الهواء عن العقار المجاور، و لكن لا بد في هذه الحالة أن يكون هذا الارتفاق محددا بمدة الكراء أو بما تبقى منها، كما أنه يتعين على المكتري أن يخبر المالك بهذا الارتفاق الذي حمل به العقار المكتري.[45]

  • للمكتري حرية التصرف في حقه سواء كان ذلك بعوض أو بدون عوض طيلة مدة الكراء الطويل الأمد:

استنادا إلى مقتضيات المادتين 121[46] و273[47] من م ح ع، يمكن للمكتري أن يفوت حقه العيني المنصب على العقار موضوع الكراء الطويل الأمد، كما يمكن هبته.

 وبناء على ذلك، فإن الكراء الطويل الأمد باعتباره حقا عينيا أصليا، يمكن لصاحبه أن يفوته و يهبه لفائدة الغير، في الحدود التي لا تلغي حق الملكية. ذلك أنه عندما ينشأ حق عيني على عقار في ملك الغير، سواء كان هذا الإنشاء بمقتضى القانون أو الاتفاق فإن ذلك يعني أن حق الملكية أصبح مقيدا. وهذا القيد يمس بالأساس حق الاستعمال و الاستغلال دون التصرف.

 غير أن هذا التصرف يبقى رهين بتحقق ثلاث شروط:

  • أن يخضع لشكلية الكتابة طبقا للمادة 4 من م ح ع.
  • أن يكون في حدود ما للمكتري من حقوق على العين المكراة. ذلك أنه لا يحق له أن ينقل لغيره أكثر مما يملك.
  • أن يتم تقييد هذا التصرف في السجلات العقارية متى كان منصبا على عقار محفظ أو في طور التحفيظ، ولا شيء يمنع من تسجيله في السجل الخاص الممسوك من طرف كتابة الضبط إذا تعلق الأمر بعقار غير محفظ.[48]

  • للمكتري رهن حق الكراء الطويل الأمد رهنا رسميا:

 خول المشرع المغربي للمكتري إمكانية رهن حقه العيني رهنا رسميا، وقد اعتبر الرهن الرسمي بأنه حق عيني تبعي يتقرر على ملك محفظ أو في طور التحفيظ و يخصص لأداء دين.[49]

 ويثار التساؤل بهذا الخصوص، كيف أن مقتضيات االمادة 165 من م ح ع تعتبر الرهن الرسمي من الحقوق العينية التي تنصب على عقار، في حين أن حق الكراء الطويل الأمد هو حق عيني عقاري، ومع ذلك خولت المادة 121 من م ح ع المكتري إمكانية رهن حقه العيني رهنا رسميا؟

إجابة على هذا التساؤل، يمكن القول أن الرهن الرسمي ينصب على عقار و ليس حقوق عينية ضمانا لدين قائم، ومن آثاره المباشرة عدم خروج العقار من يد الراهن، له أن يستعمله و يتصرف فيه، و كذلك حق إدارة الملك المرهون و الحصول على غلته إلى أن يباع عليه في حالة أداء الدين المستحق، دون المساس بحقوق الدائن المرتهن.[50]

  • استفادة المكتري مما يلحق بالعقار المكترى عن طريق الالتصاق:

 يحق للمكتري كراء طويل الأمد الانتفاع بما يلحق العقار المكترى بواسطة الالتصاق طيلة مدة الكراء الطويل الأمد،[51] وهو ما يتضح من خلال المادة 129 من مدونة الحقوق العينية.[52]

 و يتصور الالتصاق في الحقل العقاري مثلا عن طريق حدوث تغيير في مجرى نهر كان يفصل بين عقارين فيصبح جزءا من أحد العقارين ملصقا بالعقار الآخر بمقتضى هذا التغيير للمجرى.[53]

  • إمكانية المكتري الحصول على التعويض في حالة نزع ملكية العقار موضوع الكراء:

خول المشرع المغربي من خلال الفصل 11 من القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة و بالاحتلال المؤقت[54] المكتري إمكانية الحصول على التعويض عن نزع ملكية الحق العيني المنصب  على العقارات المكرية، سواء كانت هذه العقارات حضرية أو قروية، و اشترط على المالكين التعريف بهؤلاء و إلا بقوا وحدهم مدينين لهم بالتعويضات التي قد يطالبون بها، كما أوجب على المكترين أن يعرفوا بأنفسهم و إلا سقط كل حق لهم.

و يتعين على السلطة نازعة الملكية، أن تطلب من المحافظ على الأملاك العقارية تسليمها شهادة تتضمن قائمة الأشخاص الموجودة بأيديهم حقوق عينية مقيدة في السجلات العقارية، و يمكن أن تكون هذه الشهادة جماعية[55]

 بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمكتري أن يطلب فسخ عقد الكراء ولا يلتزم بدفع الوجيبة الكرائية إلا بقدر وانتفاعه غير أنه في الحالة التي لم تنصب نزع الملكية إلا على جزء من العين، فإنه لا يكون للمكتري إلا الحق في تعديل السومة الكرائية عن طريق تخفيضها، كما يجوز له طلب فسخ العقد إذا أصبحت العين المكراة بسبب ذلك النقص غير صالحة للاستغلال فيما أعدت له.[56]

2: التزامات المكتري

  • أداء الأجرة السنوية:

من أهم الإلتزمات الملقاة على عاتق المكتري كراء الطويل الأمد، أداء واجبات الكراء المتفق عليه في إبانه و عند إنشاء عقد الكراء، و الغالب أن يقع الاتفاق على أن الكراء يدفع سنويا، و أن يلتزم سائر البنود التي ينص عليها عقد الكراء، و لا يحق للمكتري أن يمتنع عن أداء واجبات الكراء لأي سبب من جفاف أو غيره، أو أن يطلب تجزئة ذلك الكراء نظرا إلى أن جزءا من الأرض غمره الماء مثلا،[57] كما لا يمكن للمكتري أن يتحرر من واجبات الكراء ولا أن يتملص من تنفيذ شروط عقد الكراء الطويل الأمد بتخليه عن الملك[58].

وقد نصت المادة 124 من م.ح.ع على أن المكتري إذا تخلف عن الأداء مدة سنتين متتابعتين جاز للمكري بعد توجيه إنذار بدون جدوى أن يحصل قضائيا على فسخ الكراء الطويل الأمد كما يمكنه أن يطالب بالفسخ في حالة عدم تنفيذ شروط العقد، أو إلحاق المكتري أضرارا جسيمة بالملك.

مقال قد يهمك :   زكرياء كرنو: توثيق التصرفات العقارية من خلال قانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية

 غير أنه يجوز للمحكمة مراعاة منها لظروف المكتري، أن تمنح آجالا معتدلة للوفاء، وذلك وفقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 243 من قانون الالتزامات و العقود.

 كما أن المكتري لا يمكنه أن يطلب التخفيض من واجبات الكراء بحجة تلف الملك جزئيا أو حرمانه من غلته كلا أو بعضا نتيجة حادث فجائي أو قوة قاهرة،[59] و لعل هذا المقتضى التشريعي يشكل إجحافا في حق المكتري كراء الطويل الأمد. و بالتالي لا بد من إعادة النظر فيه بالنص على إمكانية اتفاق الطرفين على خفض الأجرة في حالة وجود ما يبرر ذلك، و بالمقابل يمكن القول بضرورة رفع هذه الأجرة في حالة في حالة ما إذا زادت قيمة العين المكتراة بالشكل الذي يتطلب ذلك.

  • لا يجوز للمكتري إحداث تغيير في الملك من شأنه أن ينقص من قيمته:

ألزم المشرع المغربي  بعدم القيام بأي تغيير في العقار يحط من قيمته، و كأن يهدم الأبنية التي كانت قائمة فيه أو التي أنشائها أثناء مدة الكراء، و كأن يقوم بإتلاف الأشجار بدون سبب.[60] فالمكتري ملزم بأن يتكيف مع طبيعة الأرض المكرية، فإن كانت ذات طابع فلاحي، يجب عليه استحضار كل الأدوات التقنية و القانونية لجعلها صالحة للاستعمال الفلاحي، و المحافظة عليها بذلك الشكل عن طريق الاعتناء بها باعتماد أدوات الفلاحة الحديثة سواء من حيث السماد أو الآلات المستعملة، و تماشيا مع دفتر الكلف و الشروط أو الاتفاق المدون في المحرر الكتابي.

أما إذا كانت صناعية أو تجارية فيجب مراعاة نمط الاستغلال الحديثة كما هي متعارف عليها في المنطقة.[61]

غير انه من الناحية العملية، فإن الدولة (الملك الخاص) تقحم ضمن شروط عقد الكراء الطويل الامد التي تبرمها شرطا صريحا مضمونه يمكن للمكتري أن يدخل تعديلات على البنايات الموجودة كما يمكنه ان يشيد بنايات جديدة ويحدث أغراسا جديدة. وجميع النفقات المنجزة من طرف المكتري مهما بلغ مقدارها، وأي كانت طبيعتها (بنايات، منشات مختلفة) تعود مجانا للدولة من غير تعويض عند انتهاء مدة العقد.

ومثل هذه الشروط هي التي تشجع الاشخاص العامة على إبرام عقد الكراء الطويل الامد، نظرا لما تجنيه من أرباح بسبب ثقل الاستثمارات المنجزة فوق ملكها بأقل المصاريف.[62]

  • صيانة العقار وإصلاحه:

 يجب على المكتري أن يصون العقار و يتعهد بالإصلاحات اللازمة للأبنية التي كانت موجودة عند إنشاء حق الكراء الطويل الأمد، و للأبنية التي أحدثها هذا المكتري بعد ذلك، أو أن يعيد بناء ما تهدم بسبب إهماله أو باستعماله له، بخلاف ما تهدم بقوة قاهرة أو بحادث فجائي فلا يلزم بإعادة بنائه، و كذلك ما تهدم بسبب عيب في البناء الذي أقيم قبل عقد الكراء.[63]

  • تحمل جميع التكاليف و الضرائب المترتبة على العقار:

 أوجب المشرع المغربي بمقتضى المادة 127 من م ح ع،[64] المكتري بتحمل أداء جميع ما يترتب على العقار المكتري من ضرائب[65] و تكاليف و تحملات و نفقات لازمة و ضرورية طيلة مدة الكراء.

 و في  هذا الصدد لا بد من الإشارة إلى أن المشرع المغربي ميز من خلال مدونة الحقوق العينية بين التحملات العقارية و التكاليف العقارية، بحيث أن الاولى تتعلق بكل المضار النابعة من ممتلكات الجار سواء كانت منشآت أو اغراسا أو دخان أو روائح كريهة، و بصفة عامة كل ما يعكر صفو الانتفاع بالعين المملوكة أو المكراة…، أما التحملات الواردة على العقار، فهي في الغالب المبالغ النقدية أو من في حكمها و المترتبة على العين المكراة تجاه السلطات العمومية.[66]

 وقد ورد المادة 61 من المدونة العامة للضرائب[67] بأنه: ” تعتبر دخولا عقارية لأجل تطبيق الضريبة على الدخل، ما لم تكن مندرجة في صنف الدخول المهنية:

  • الدخول الناشئة عن إيجار:
  • العقارات المبنية و غير المبنية و البناءات مهما كان نوعها.
  • العقارات الزراعية و يدخل في ذلك المباني و المعدات الثابتة و المتحركة و المرتبطة بها.”
  • بالإضافة إلى كل هاته التكاليف التي يتحملها المكتري بقوة القانون نجده يتحمل ايضا مصاريف و تكاليف العقد من رسوم و تنبر و تسجيل و رسوم مدفوعة إلى مصالح المحافظة العقارية على الأملاك العقارية، لأجل فتح مطلب التحفيظ أو التقييد و كذا مصاريف السمسرة عند الاقتضاء.[68]
  • رد العقار بعد انتهاء مدة الكراء الطويل الأمد:

  يجب أن يرد العقار عند انتهاء مدة الكراء بما إشتمل عليه من بناءات و بما فيه من الزيادات و التحسينات التي أدخلها عليه، من غير أن يطالب بأي تعويض عنها، و لو أدت هذه الزيادة و التحسينات إلى زيادة قيمة العقار،[69] و ذلك  استنادا لما نص عليه المشرع المغربي في الفقرة الثانية من المادة 123 من مدونة الحقوق العينية.[70]

  • إبرام عقد تأمين ضد الحريق و حوادث الشغل:

يلتزم المكتري في حالة استغلاله للعقار المكري في أنشطة تتطلب حضور أجراء بالتأمين عليهم ضد حوادث الشغل، كما يكون ملزما ايضا بالتأمين عن الحريق لتلافي التعويض عن الخسائر الناتجة ذلك، و يكون هذا التأمين عن مدة سنة قابلة للتجديد.

الفقرة الثانية: حقوق و التزامات المكري

 لم يحدد المشرع المغربي التزامات و حقوق المكري[71] من خلال تنصيصه على مقتضيات قانونية في مدونة الحقوق العينية، وهو بهذه الطريقة أحال على المقتضيات الواردة في القواعد العامة المقررة في قانون الالتزامات و العقود، و من بعدها الراجح و المشهور و ما جرى به العمل في الفقه المالكي.

 وبناء عليه، تكون التزامات المكري كالتالي:

  • الالتزام بتسليم العين المكراة و توابعها.
  • الالتزام بالضمان.

 و بما أن التزمات المكري مشتركة بين كل المكرين في مختلف انواع الأكرية، فإن سيتم الحديث عن التزام المكري بتسليم العين المكراة و توابعها(اولا) ليتم التطرق للالتزام بالضمان (ثانيا).

أولا: التزام المكري بتسليم العين المكراة و توابعها.

يعتبر التزام المكري بتسليم العين المكراة و ملحقاتها من أهم الالتزامات التي تقع على عاتقه، فالتسليم لغة يعني المناولة و إعطاء الشيء و التخلي عنه لمن له الحق فيه، أما في الاصطلاح القانوني فإن التسليم يقصد به وضع الشيء رهن إشارة من له الحق الاستفادة منه كالمكتري مثلا.

 و قد أكد المشرع المغربي على هذا الالتزام من خلال الفصل 636 من ق ل ع الذي جاء فيه: “تسليم الشيء المكترى ينظم بمقتضى الأحكام المقررة لتسليم الشيء المبيع”.[72]

و انطلاقا من مقتضيات هذه الفصل فإن التسليم يتم بالتخلي عن العين المكراة، و بتسليم مفاتحها إذا كانت من المباني، بشرط ألا يكون هناك ما يعرقل عملية وضع اليد.

و المقصود بالتخلي هنا، أن يتسلم المكتري العين وفق المواصفات الواردة في عقد الكراء الطويل الأمد، دون أن يكون هناك مانع يحول دون الانتفاع بها مع بقائها في يده بقاء متصلا حتى تنقضي مدة الكراء.

 و التسليم قد يكون تاما متى انصب على عقار غير محفظ تقل مساحته الحقيقية عن المساحة  التقريبية الواردة في العقد، أما إذا تعلق  الأمر بعقار محفظ أو في طور التحفيظ، فالمفروص أن تكون المساحة متطابقة مع ما ورد في العقد على اعتبار أن مصالح المسح العقاري قد قامت بإجراء التحديد و المسح و أنشأت له تصميما طبوغرافيا يتضمن المساحة النهائية.[73]

 و قد نص الفصل 638[74] من ق .ل.ع على أن المكري يلزم بتسليم العين المكراة و ملحقاتها، حيث يشمل تسليم هذه الأخيرة ما يوجد فيها من مباني و اشجار  كما يشمل المزروعات التي لم تنبت و الثمار التي لم تعقد.[75]

 و في مجمل الأحوال، فإن تسليم العين المكراة بالحالة التي تكون عليها اثناء إبرام عقد الكراء، على اعتبار أنه يحصل التسليم في تلك اللحظة، ما لم يوجد إتفاق أو عرف يقتضي خلاف ذلك[76].

 وهذا الاتجاه الذي سار فيه المشرع المغربي و كذا المصري، يكون مخالفا لإتجاه الذي سار فيه القانون المدني الفرنسي الذي يقتضي بأن المكتري ملزم بتسليم العين في حالة حسنة،[77] أي في وضعية صالحة للانتفاع بها دون معوقات مادية أو قانونية.

 ومما تجدر الإشارة إليه أن مصروفات التسليم تقع على عاتق المكري[78]، أما بخصوص نفقات عقد الكراء تقع على عاتق المتعاقدين كل حسب النسبة المقررة قانونا أو إتفاقا، كمصرفات تحرير العقد، و التسجيل لدي المصالح الضريبية، وكذا التقييد السجلات العقارية.

ثانيا: الالتزام بالضمان

ألزم المشرع المغربي المكري بضمان العين المكتراة و ذلك بمقتضى نص الفصل 643 من ق ل ع، حيث أن الضمان الملقى على عاتق المكري إزاء المكتري يشمل الأمرين الآتيين،

أولا: الانتفاع بالشيء المكترى و حيازته بلامعارض.

ثانيا: استحقاق الشيء و العيوب التي تشوبه.[79]

  وعلى هذا الأساس فإنه يتعين على المكري أن يمتنع عن كل الأفعال التي من شأنها التشويش على المكترى أو التي تهدف إلى حرمانه من المزايا التي عول عليها أثناء التعاقد و ماذلك إلا تأكيد للقولة المشهورة التي تقضي بأن” من يضمن لا يحق له أن يتعرض“،[80] فالمكري لا يمكن له أن يقوم بأي تصرف يحول دون وضع يد المكتري على العقار أو يؤدي إلى تعكير صفوة حيازته، و يحرمه من المنافع المتوخاة منه بحسب الغرض الذي أعد له، و بحسب الحالة التي كان عليها عند التسليم، كأن يمنعه من حقوق الارتفاق التي كانت عليه، أوينشئ عليه حقوقا عينية أو شخصية تخول الغير مشاركته في الانتفاع بالعقار أو تحد من مداه، وهذا ما يعبر عنه بالتعرض المادي. ولا يشترط أن يكون التعرض المادي منصبا على ذات العقار، بل يكفي أن يحد من الانتفاع به، كما لو أقام سياجا أو سورا يحول دون الولوج إليه[81].

و في نفس الإطار يعتبر المشرع المغربي من خلال الفصل644 من ق.ل.ع أن الضمان الملقى على عاتق المكري لا يقتصر على هذا الأخير فقط وإنما يشمل أشخاصا آخرين يكونون أتباعا له[82] وفقا لقواعد التبعية القانونية أو الاقتصادية، إذ أن مسؤولية المكري عن التعرضات الصادرة عن هؤلاء الأتباع ترتبط وجودا و عدما بمدى توفر أو عدم توفر عناصر هذه التبعية[83].

كما أنه لا يحق للمكري القيام بأي تصرف قانوني يحد من إنتفاع المكتري كأن يهب العقار للغير و يشترط عليه إفراغه من المكتري قبل تمكينه من حيازة العقار الموهوب، و يلتزم كذلك المكري بضمان التعرضات الصادرة عن الغير[84] متى كانت تستند إلى وجود أو الإدعاء بوجود حق قانوني سابق على إبرام عقد الكراء، وهذا ما أكده المشرع في الفصل 646 من ق ل ع الذي جاء فيه بأن: “المكري يلتزم بقوة القانون بالضمان للمكتري في حالة التشويش أو الاستحقاق الذي قد يتأذى منه في كل شيء المكترى أو بعضه نتيجة دعوى متعلقة إما بحق الملكية أو بحق عيني آخر عليه”. و هكذا يتضح من مضمون هذا النص أن المكري ضامن لتعرضات الغير القانونية متى كانت تهدف إلى  نزع الملكية أو إقرار حق عيني عقاري على العين المكتراة[85].

غير أنه إذا كان التعرض المادي من الغير، ولا يدعي أي حق على المحل المكري و لا دخل للمكري فيه، للمكتري في هذه الحالة مقاضاة الغير باسمه الشخصي.[86] وإذا بلغ هذا التشويش من الجسامة بحيث يحرم المكتري من الانتفاع بالمحل حق له المطالبة بإنقاص الوجيبة الكرائية عن فترة التشويش.

 ومما يجب التذكير به، أن المكري ملزم كذلك بضمان كل العيوب الخفية في العقار المكري و كذا خلوه من المواصفات الواردة في العقد، والتي تحول دون الانتفاع بالعين المكراة.[87]

الفقرة الثانية: انقضاء حق الكراء الطويل الأمد.

حدد المشرع المغربي مجموعة من الأسباب التي ينقضي بموجبها حق الكراء الطويل الأمد، حيث نجد  ماهو منصوص عليه في مدونة الحقوق العينية و ما هو مضمن في قانون الالتزامات و العقود باعتباره الشريعة العامة، بمعنى أن لهذا الحق أسباب خاصة ينقضي بها(الفقرة الأولى)، كما له  أسباب عامة لانقضائه (الفقرة الثانية).

أولا: الأسباب الخاصة لانقضاء الكراء الطويل الأمد

نص المشرع المغربي في مدونة الحقوق العينية على مقتضيات قانونية تبين الحالات التي ينقضي بمقتضاها حق الكراء الطويل الأمد، يمكن اجمالها في سببين أساسيين يتعلق الأمر بإنتهاء الأجل المتفق عليه في العقد(1)، أو عن طريق صدور حكم قضائي بالفسخ (2).

1: انتهاء الأجل المتفق عليه في العقد

 كما هو معلوم أن الكراء الطويل الأمد ينعقد لمدة معينة نص القانون على أن حدها الأدنى الذي لا يقل عن 10 سنوات، و حدها الأعلى الذي لا يزيد عن 40 سنة، وفيما بين هذين الحدين يمكن للطرفين أن يتفق على ما يشاءان فيما يتعلق بمدة هذا الكراء. وعندما تنتهي المدة المتفق عليها ينتهي هذا الحق تلقائيا، سواء أبدى الطرفان أو أحدهما رغبته في هذا الانتهاء أو لم يقم بأي إجراء في هذا الصدد، ما دام لم يقع اتفاق صريح بينهما على تجديد هذا العقد لمدة أخرى[88].

2: صدور حكم قضائي بالفسخ

 إذا لم يؤدى المكتري أجرة الكراء لمدة سنتين متتابعتين يحق للمكري بعد توجيه إنذار بدون جدوى، أن يحصل على حكم يقضي بفسخ عقد الكراء الطويل الأمد،[89] كما يمكن للمكري طلب فسخ هذا العقد إذا ألحق المكتري أضرار جسيمة بالعقار[90] أو إذا لم ينفذ شروط العقد[91]، فقد يشترط المكري على المكتري كراء الطويل الأمد أن يقيم فوق القطعة الأرضية موضوع الكراء جملة من المشاريع الإستثمارية بغلاف مالي متفق عليه مع  توظيف مجموعة من العمال المتخصصين، و ذلك خلال السنوات الأولى لإبرام العقد، تليها في السنوات التالية إستثمارات إضافية.غير أن المكتري يتقاعس عن تنفيذ التزاماته التعاقدية.

 و يعتبر هذا السبب من الأسباب التي تحكمها القواعد العامة للعقود الملزمة للجانبين. و في هذه الحالة و مثلها، يحق للمكتري اللجوء إلى القضاء من أجل المطالبة بفسخ عقد الكراء بسبب نكول المكتري بالتزاماته.[92]

 و الأكيد أن القضاء لا يستجيب تلقائيا لطلب الفسخ، بل يجوز للمحكمة مراعاة منها لظروف المكتري أن تمنحه آجال معقولة لتنفيذ التزامه. غير أنه في الحالة التي ينص العقد على أنه ينفسخ بقوة القانون بمجرد إثبات عدم تنفيذ شروط العقد، تكون حرية المحكمة مقيدة، و يكفي أنها تتأكد من ذلك إما من خلال وسائل الإثبات المدلى بها من المدعي، أو من خلال إجراءات التحقيق التي تقوم بها المحكمة.[93]

ثانيا: الأسباب العامة لانقضائه الكراء الطويل الأمد.

بالإضافة إلى الأسباب الخاصة التي ينقضي بموجبها الكراء الطويل الأمد، يمكن أن ينقضي هذا الحق ايضا وفق القواعد العامة، وذلك بإتحاد الذمة (1)، وبإرادة الأطراف (2)، وكذا لهلاك العقار هلاكا كليا (3)، كما ينقضي أيضا بصدور حكم قضائي بإبطال عقد الكراء الطويل الأمد (4).

1: إتخاد الذمة

قد يجتمع حق الكراء الطويل الأمد مع الحق الملكية في يد شخص واحد، كما إذا ورث مالك العقار حق الكراء الطويل الأمد المنصب على ذلك العقار أو العكس ،و كما إذا آل الحقان معا إلى شخص واحد بوجه من الوجوه، كما إذا اشترى العقار من صاحبه و اشترى حق الكراء من المكتري، فينتهي بذلك هذا الحق، لأنه لا يمكن أن يكون لشخص حق الكراء الطويل الأمد على عقاره.[94]

2: بإرادة الأطراف

  بما أن العقد شريعة المتعاقدين، فإنه ليس هناك ما يمنع الأطراف من الإتفاق على إنهاء مدة الكراء الطويل الأمد قبل إنتهاء مدته،[95] غير أنه في هذه الحالة يجب أن يبادر الأطراف إلى تشطيب هذا الكراء الطويل الأمد من السجل العقاري، بطلب من الطرف المكتري الذي كان هذا الحق مسجل بإسمه، حتى يتمكن المالك من الإستفادة من عقاره، و إلا كان عليه الإنتظار حتى إنتهاء مدة الكراء الطويل الأمد المسطرة في العقد.[96]

3: هلاك العقار هلاكا كليا.

يفسخ عقد الكراء الطويل الأمد بقوة القانون بهلاك العقار المكتري كليا مهما كانت أسبابه.

 و الهلاك هنا نوعان هلاك مادي و هلاك قانوني، و يقصد بالهلاك المادي تلفه أو اندثاره و تهدمه بسبب القدم أو عيب في البناء أو بحريق أو بغيرها من الأحداث الطبيعية أو بفعل الإنسان…

اما الهلاك القانوني فيتمثل في أعمال السلطة العامة من قبيل نزع الملكية للمصلحة العامة أو الهدم بسبب قرارات التصفيف تنفيذا لوقائق التعمير و غيرها[97]

4:  صدور حكم قضائي بإبطال عقد الكراء

يمكن القول أن صورة هذه الحالة واقعية، حيث يدعي أحد الملاك على الشياع أنه يملك على الشياع مع الغير عقارا محفظا، ويستصدر حكما بقسمته عن طريق البيع بالمزاد العلني، و يقوم باقي الملاك و بمقتضى عقد عدلي مسجل بالرسم العقاري المعني بكرائه بعد تقديم دعوى القسمة كراء الطويل الأمد، و ذلك بهدف عرقلة تنفيذ الحكم القاضي ببيعه و قسمة ثمنه.

 و استجابة لطلب إبطال هذا الكراء، من الناحية الواقعية، قضت فعليا المحكمة الابتدائية المختصة بإبطال الكراء و التشطيب عليه من الرسم العقاري بعلة أن الطاعنين أبرموه بسوء نية لعلهم بصدور حكم ببيع العقار الوارد عليه بالمزاد العلني، و تم تأييد هذا الحكم إستئنافيا.[98]و بعد الطعن في هذا القرار، قضت محكمة النقض بأن المحكمة الابتدائية لم تخرق القانون و طبقت الفصل 66 من قانون التحفيظ العقاري تطبيقا سليما على النازلة.

 وعلى هذا الأساس تم إقرار فسخ عقد الكراء الطويل الأمد و تم التشطيب على تقييده من السجل العقاري بعلة أنه يعتبر المكتري سيء النية إذا أبرم عقد الكراء مع تحقق علمه بصدور حكم ببيع العقار بالمزاد العلني[99].

 و ما تجدر الإشارة في الأخير هو أن حق الكراء الطويل الأمد لا ينتهي بموت المكتري خلال مدة الكراء، و إنما إلى ورثته للمدة الباقية، كما لا ينتهي بموت صاحب العقار و لا بتفويته لعقاره، لأنه يعتبر حقا عينيا يتبع العقار في أي يد كان، و يتعلق به هو لا بصاحبه. كما لا ينتهي بتخلي المكتري عن العقار تخلصا عن أداء الكراء أو تحللا من تنفيذ بنود العقد، لأنه ملزم بأداء الكراء و تنفيذ شروط العقد ما بقي المكري متمسكا بالعقد الرابط بينهما.[100]

مقال قد يهمك :   نواب الأمة يصادقون على المادة 9 المثيرة للجدل ويمنعون الحجز على ممتلكات الدولة

خاتمة:

في نهاية هذا الموضوع المتعلق  بالكراء الطويل الأمد في التشريع المغربي و تماشيا مع الرغبة و الضرورة، فقد ارتأيت أن تكون خاتمة هذا الموضوع عبارة عن مجموعة من الاستنتاجات التي توصلت إليها اثناء معالجتي للموضوع، و أعقبه بتقديم بعض المقترحات التي  تبدو لي ضرورية، عوضا من إعادة سرد ملخص حول مضامين العرض وحيثياته.

الاستنتاجات:

  • قلة النصوص المنظمة للكراء الطويل الأمد إذ لا تتجاوز 9 مواد، وهي قليلة جدا مقارنة مع أهمية هذه المؤسسة التي تتعلق بكراء عقارات وأراض مهمة ولمدة طويلة، خاصة وأنه لم يتم التطرق إلى عدة مقتضيات.
  • عدم تخصيص المقتضيات القانونية المتعلقة بالكراء الطويل الأمد لمواد تتضمن تعريفه وتحدد كيفية احتساب الأجرة. فباستقرائنا للنصوص المنظمة لهذا النوع من الكراء، لا نجد أي نص يتحدث عن كيفية تحديد الأجرة ولا كيفية أداءها خصوصا وأن قيمة العقارات تعرف ارتفاعا مهولا، وبالتالي فمن المنطقي أن ترتفع هذه الأجرة المؤداة بما يتلائم وقيمة العقار، عوض أن تكون زهيدة وتؤدى سنويا طبقا لما جرى به العمل .
  • عدم قابلية الأجرة في الكراء الطويل الأمد للتغيير وبقائها ثابتة فيه إجحاف كبير في حق كل من المكري والمكتري، ففي حالة ما إذا لم يستطع المكتري استغلال العقار، فإنه لن يكون بإمكانه التملص من أداء الثمن ولا طلب خفضه في حالة التلف الجزئي ولو بسبب حادث فجائي أو قوة قاهرة حيث يبقى ملزما بهذا العقد، الشيء الذي يصبح قيدا على عاتق المكتري ولن يتخلص منه إلا بانتهاء مدة العقد، والعكس صحيح، أي أنه في حالة ما إذا المكتري باستغلال العقار وأصبح يغل منه أرباحا مهمة تفوق قيمة العقار بشكل كبير فإنه لن يكون بإمكان المكري مطالبته بالزيادة في الأجرة الزهيدة.
  • هناك أيضا بعض المقتضيات القانونية المنظمة للكراء الطويل الأمد التي تحقق مصالح المكري بالدرجة الأولى على حساب المكتري، ويتعلق الأمر بالمادة 126 من مدونة الحقوق العينية التي تنص على عدم إمكانية المكتري إحداث تغيير ينقص من قيمة الملك، أما التحسينات و البنايات التي احدثها و التي زادت من قيمة هذا الملك، فإنه لا يمكنه أن يهدمها أو ينقصها ولا أن يطالب المكري بأي تعويض عنها.

المقترحات:

  • ضرورة النص على إمكانية اتفاق الطرفين على خفض الأجرة في حالة ما يبرر ذلك. فليس من المنطقي أن يبقى دفع الأجرة إلزاميا سواء تمكن المكتري من الانتفاع من العقار أم لم يتمكن من ذلك.
  • منح المكري إمكانية مراجعة الوجيبة الكرائية السنوية بعد مرور مدة من تأسيس عقد الكراء الطويل الأمد خاصة إذا أصبحت هذه الأجرة جد هزيلة مقارنة مع الاصل المكترى. لكن هذه القيمة التي اصبح عليها الأصل يجب ألا تقتصر فقط على ما أضافه المكتري من تحسينات، وإنما بسبب تغيير الظروف الاقتصادية أو لأسباب مغايرة لنشاط المكتري.
  • تخويل المكتري إمكانية الحصول على تعويض مقابل ما أحدثه من تحسينات أو منشات أو مشاريع تجارية على العين المكتراة وذلك مع مراعاة ما أداه من وجيبة كرائية، حتى يكون هناك تحفيز على التعاقد بواسطة الكراء الطويل الأمد.

 الهوامش

[1]  أسماء القوارطي، الكراء الطويل الأمد و تطبيقاته العملية، طبع و نشر و توزيع مكتبة دار السلام، الرباط، طبعة 2005، ص: 7.

[2]  أسماء القوارطي، م.س، ص:7-8.

[3]  العربي محمد مياد، تأملات في مدونة الحقوق العينية، الجزء الثالث، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، دون ذكر عدد الطبعة، 2016، ص:119

[4]القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178، بتاريخ 25 من ذي الحجة 1432 الموافق ل22 نوفمبر2011، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5998، بتاريخ 27 ذو الحجة 1432 الموافق ل 24 نوفمبر 2011، ص: 5587، كما تم تتميمه بالقانون رقم 13.18 القاضي بتعديل المادة 316 من القانون رقم 39.08،  الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.18 بتاريخ 5 جمادى الآخرة 1439 الموافق ل 22 فبراير 2018؛المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6655 بتاريخ 23 جمادى الآخرة 1439 الموافق ل 12 مارس 2018، ص 1448.

[5]  تنص المادة 121 من مدونة الحقوق العينية على أنه: ” يخول الكراء الطويل الأمد للعقارات للمستأجر حقا عينيا قابلا للرهن الرسمي و يمكن تفويت هذا الحق و حجزه طبقا للشروط المقررة في الحجز العقاري.

يجب أن يكون هذا الكراء لمدة تفوق عشر سنوات دون أن تتجاوز أربعين سنة و ينقضي بإنقضائها”.

[6]  محمدابن معجوز، الحقوق العينية في الفقه الإسلامي و التقنين المغربي، دون ذكر اسم المطبعة، سنة 2008،ص:398.

[7]  مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري و الحقوق العينية الأصلية و التبعية، بدون ذكر المطبعة وعدد الطبعة،سنة 1982، ص:569.

[8] Un bail emphytéotique (appelée aussi emphytéose) est un bail de longue durée, d’au moins 18 ans et d’au plus 99 ans. Il s’agit d’un droit réel immobilier, qui doit faire l’objet d’une publicité foncière, et qui peut être saisi ou hypothéqué. Le preneur peut également sous-louer les biens pris en location ou louer les immeubles qu’il a construits. A l’issue du bail emphytéotique, les constructions ou améliorations réalisées par le locataire deviennent la propriété du bailleur, en principe sans indemnité, sauf clause contraire. Le bail emphytéotique était à l’origine utilisé dans les activités rurales, mais il l’est aussi aujourd’hui par les collectivités locales ou des investisseurs pour des bâtiments industriels ou commerciaux.

 تاريخ الولوج20/05/2018 على الساعة10:00.droit-finances.commentcamarche.com .منشور بموقع

[9]  أسماء القوارطي، م.س، ص:17-18.

[10]  تجدر الإشارة إلى أن بعض التشريعات العربية نظمت نوعا خاصا من الأكرية الطويلة الأمد تحت إسم الحكر، كما هو الشأن مثلا بالقانون المدني الأردني لسنة1976 ، حيث عرفت المادة 1249 الحكر بأنه: ” عقد يكسب المحتكربمقتضاه حقا عينيا يخوله الانتفاع بأرض موقوفة، بإقامة مبان عليها أو استعمالها للغرس أو لأي غرض آخر لا يضر بالوقف، لقاء أجر محدود”

 وقد حدد هذا القانون أقصى أمد للحكر في 50 سنة، و إذا تم الإتفاق على مدة تزيد عن ذلك أو لم تعين مدة إعتبر الحكر معقودا لمدة 50 سنة.

فالحكر يختص بالأراضي الوقفية الذي يقوم على الكراء الطويل الأمد المحدد في مدة 50 سنة كالقانون المدني الأردني أو 60 سنة كالقانون المدني المصري في مادته 999، أو حتى 99 حسب بعض التشريعات. و لا يجوز التحكير إلا لضرورة أو مصلحة بإذن من القضاء في بعض الأحيان حسب التشريع المصري.

[11]  ينص الفصل 10 من قانون التحفيظ العقاري على أنه: ” لا يجوز تقديم مطلب التحفيظ إلا ممن يأتي ذكرهم:

……

3- الممتع بأحد الحقوق العينية الآتية: حق الإنتفاع، حق السطحية، الكراء الطويل الأمد،…”

كما تنص المادة 14 من مرسوم رقم 2.13.18 الصادر في 14 يوليو  في شان اجراءات التحفيظ العقاري على أنه “بالإضافة الى الرسم العقاري المؤسس في اسم مالك العقار، يمكن تأسيس رسوم عقارية بطلب من المستفيد من حق الارتفاق وحق الانتفاع وحق العمرى و حق الاستعمال و حق السطحية  وحق الكراء الطويل الامد و حق الحبس وحق الزينة و حق الهواء والتعلية، وكذا الحقوق العرفية المنشأة بوجه صحيح قبل دخول القانون رقم39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية حيز التنفيذ.

يتم تضمين جميع البيانات المفيدة في الرسم العقاري المؤسس للعقار وفي الرسم العقاري الخاص الذي تم تأسيسه لإحدى الحقوق المذكورة في الفقرة السابقة.

يخضع نظير الرسم العقاري المسلم لصاحب الحق المؤسس له رسم عقاري خاص، للمقتضيات المطبقة على نظائر الرسوم العقارية للملكية.

[12]  العربي محمد مياد، م.س، ص:125.

[13] المادة 9 من مدونة الحقوق العينية.

[14]  تنص الفقرة الثانية من المادة 121 من مدونة الحقوق العينية على مايلي: ” يجب أن يكون هذا الكراء لمدة تفوق عشر سنوات دون أن تتجاوز أربعين سنة و ينقضي بإنقضائها”.

[15]  العربي محمد مياد، م.س، ص:129.

[16]  محمادي لمعكشاوي، المختصر في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة على ضوء التشريع و الفقه و القضاء، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2013، ص:201.

[17] اسماء القوارطي، م س، ص:85-86.

[18] اسماء القوارطي، م س، ص: 86.

[19]  المادة 121 من مدونة الحقوق العينية.

[20]  ظهير شريف رقم 01.09.236 صادر بتاريخ 8 ربيع الأول الموافق ل 23 فيراير 2010 يتعلق بمدونة الأوقاف، منشور بالجريدة الرسمية عدد 8547 بتاريخ فاتح رجب 1431 الموافق ل14 يونيو 2010 من الصفحة 3154.

غير أنه يمكن تجديد هذه المدة لمرتين بطلب من المكتري قبل انتهائها بستة أشهر على الأقل، شريطة موافقة إدارة الاوقاف والزيادة في السومة الكرائية بنسبة لا تقل عن عشرين في المائة من هذه السومة عند كل تجديد”.

[21] ينص الفصل 627 من ق.ل.ع على أنه: “الكراء عقد، بمقتضاه يمنح أحد طرفيه للآخر منفعة منقول أو عقار، خلال مدة معينة في مقابل اجرة محددة، يلتزم الطرف الآخر بدفعها له”.

[22]  الفقرة الثانية من المادة 121 من مدونة الحقوق العينية.

[23]  اسماء القوارطي، م.س، ص: 29-30.

[24]   المادة 127 من مدونة الحقوق العينية.

[25]  الفصل 642 من قانون الالتزامات والعقود.

[26]   اسماء القوارطي، م.س، ص: 31.

[27]  المادة 124 من مدونة الحقوق العينية.

[28]  ينص الفصل 692 من قانون الالتزامات والعقود على أنه: “للمكري فسخ الكراء مع حفظ حقه في التعويض ان اقتضى الامر:

أولا: اذا استعمل المكتري الشيء المكترى في غير ما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى الاتفاق

ثانيا: إذا اهمل الشيء المكترى على نحو يسبب له ضررا كثيرا

ثالثا: إذا لم يؤد الكراء الذي حل أجل أدائه”.

[29] تنص المادة 113 من مدونة الحقوق العينية على مايلي: “لايجوز المتمتع بحق الاستعمال أن يتصرف فيه”.

[30]  محمد ابن معجوز، م.س، ص: 399.

[31] القانون رقم 70.03 المتعلق بمدونة الأسرة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم1.04.22 المؤرخ في 12 من ذي الحجة 1424، الموافق ل 3 فبراير 2002، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 14 ذو الحجة 1424 الموافق ل5 فبراير 2004، ص:418، كما تم تعديله بالقانون رقم 102.15 الرامي إلى تعديل المادة 16 من القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.2 بتاريخ فاتح ربيع الآخر 1437 الموافق12 يناير 2016؛ الجريدة الرسمية عدد 6433 بتاريخ 14 ربيع الآخر 1437 الموافق 25 يناير 2016، ص 420.

[32] قرار محكمة النقض عدد 21 بتاريخ 20 يناير 2015 في الملف الشرعي عدد 412/2/1/2013 أورده العربي محمد مياد، م س، ص:29.

[33] عرفت المادة 273 من مدونة الحقوق العينية بأنها: “تمليك عقار أو حق عيني عقاري لوجه الموهوب له في حيازة الواهب بدون عوض”.

[34] تجدر الاشارة الى أن الهبة تنعقد وفق المادة 274 من مدونة الحقوق العينية بالإيجاب والقبول، كما يجب ان يبرم عقد الهبة تحت طائلة البطلان في محرر رسمي يتم تحريره من قبل الموثقين و العدول.

[35]  محمد ابن معجوز، م.س، ص: 399.

[36]  محمد ابن معجوز، م.س، ص: 399.

 [37] العربي محمد مياد، م.س، ص: 123.

[38]  العربي محمد مياد، م.س، ص: 126.

[39] قانون رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.177، المؤرخ في 25 من ذي الحجة 1432 الموافق ل 22 نوفمبر 2011، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5998، بتاريخ 27 ذو الحجة 1432 الموافق ل 24 نوفمبر 2011، ص:5575، كما تم تعديله ب القانون رقم 57.12 المتمم بمقتضاه الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331الموافق ل12 أغسطس 1913، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.13.116 بتاريخ 26 من صفر 1435 الوافق ل 30 ديسمبر 2013؛ الجريدة الرسمية عدد 6224 بتاريخ 21 ربيع الأول 1435 الموافق ل23 يناير 2014، ص 262.

[40]  العربي محمد مياد، م س، ص:131.

[41]  ينص الفصل 66 من قانون 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري على أنه: ” كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده، و ابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية”.

[42]   العربي محمد مياد، م.س.ص:134.

[43]  حليمة بنت المحجوب بن حفو، دراسة في القانون العقاري المغربي على ضوء المستجدات، مطبعة قرطبة حي السلام أكادير، الطبعة الأولى2017، ص:147.

[44]  عبد الكريم شهبون، الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق القانون رقم 39.08، دون ذكر المطبعة، الطبعة الأولى 2015، ص: 267.

[45]  محمد ابن معجوز، م.س، ص: 400

[46]  تنص المادة 121 من م.ح.ع على أنه: “يخول الكراء الطويل الأمد للعقارات المستأجرة حقا عينيا قابلا للرهن و يمكن تفويت هذا الحق…”

[47]  تنص المادة 273 من م.ح.ع على أنه:” الهبة تمليك عقار أو حق عيني عقاري لوجه الموهوب له في حياة  الواهب بدون عوض”

[48]  العربي محمد مياد، م.س، ص:135.

[49]  المادة 165 من مدونة الحقوق العينية.

[50]  العربي محمد مياد، م.س، ص:136.

[51]  أسماء القوارطي، م.س، ص: 30.

[52]  تنص المادة 129من م.ح.ع على أنه” يستفيد المكتري مما يضم أو يدمج بالعقار نتيجة الالتصاق طيلة مدة الكراء الطويل الأمد”

[53]  عبد الكريم شهبون، م.س، ص: 269.

[54] قانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة و بالاحتلال المؤقت، الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.81.254 الصادر في رجب 1402 الموافق ل 6 مايو 1982، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 3685، بتاريخ 3 رمضان 1403 الموافق ل 15 يونيو 1983، ص: 980-988، كما تم تعديله بالقانون رقم 58.11 المتعلق بمحكمة النقض، المغير بموجبه الظهير الشريف رقم 1.57.223 الصادر في 2 ربيع الأول 1377 الموافق27 سبتمبر 1957 بشأن المجلس الأعلى، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.170 بتاريخ 27 من ذي القعدة 1432 الموافق25 أكتوبر 2011؛ الجريدة الرسمية عدد 5989 مكرر بتاريخ 28 ذو القعدة 1432 الموافق ل26 أكتوبر 2011، ص 5228.

[55]  الفصل 11 من قانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة و بالاحتلال المؤقت.

[56]   العربي محمد مياد، م.س، ص:138.

[57]   عبد الكريم شهبون، م.س، ص:264.

[58]  المادة 125 من مدونة الحقوق العينية.

[59]  المادة 123 من مدونة الحقوق العينية.

[60]  محمد ابن معجوز، م.س، ص:401.

[61]  العربي محمد مياد، م.س، ص: 139.

[62] العربي محمد مياد، م.س، ص: 139- 140.

[63]  محمد ابن معجوز، م.س، ص:401.

[64]  تنص الفقرة الأولى من المادة 127 من  م.ح.ع على أنه: ” إن المكتري ملزم بجميع التكاليف و التحملات التي على العقار.”

[65]   تجدر الإشارة إلى أن كبار الملاكين في عهد الرومان – نظرا لعبء الضريبة العقارية التي كانت تثقل كاهلهم- فكروا في إكراء أراضيهم كراء الطويل الأمد للتملص من أداء الضريبة مع إبقاء الأراضي في ملكيتهم، أوردته أسماء القوارطي، م.س، ص: 34.

[66]  العربي محمد مياد، م.س، ص: 142.

[67] المدونة العامة للضرائب المحدثة بموجب المادة الخامسة من قانون المالية رقم 1.06.232 بتاريخ 31 ديسمبر 2006والتي  تم تحينها في طبعة جديدة لسنة 2018 بإدراج  التغييرات الواردة في قانون المالية رقم 68.17 للسنة المالية 2018 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.17.110 بتاريخ 25 ديسمبر 2017.

[68]  العربي محمد مياد، م.س، ص:143.

[69]  محمد ابن معجوز، م.س، ص: 401.

[70]  تنص المادة 126 من م.ح.ع على أنه: ” إذا أحدث المكتري تحسينات أو بناءات زادت من قيمة الملك  فلا يمكنه أن يزيلها و لا أن يطالب بأي تعويض عنها”.

[71]تجدر الاشارة الى أن التزامات المكتري هي في نفس الوقت حقوق المكري، لذلك سيتم الاقتصار من خلال هذه الدراسة على التزامات المكري فقط.

[72]  عبد القادر العرعاري، عقد الكراء المدني، مطبعة الكرامة- الرباط، الطبعة الثالثة 2013، ص: 49.

[73] العربي محمد مياد، م.س، ص: 146.

[74]   ينص الفصل 638 من ق ل ع على أنه:” يلتزم المكري بتسليم العين و ملحقاتها”.

[75]   راجع الفصل 517 من ق ل ع.

[76]  راجع الفصل 512 من ق ل ع.

[77]  L’article1720 stipule que «  Le bailleur est tenu de délivrer la chose en bon état de réparations de tout espèce ».

[78] ينص الفصل 637 من ق.ل.ع على أنه: ” مصروفات التسليم على المكري”.

[79]  راجع الفصل 643 من ق.ل.ع.

[80]  عبد القادر العرعاري، م.س، ص: 60.

[81] العربي محمد مياد، م.س، ص: 148.

[82]  يقصد بمصطلح الأتباع (préposés)، كل من تربطه بالمكري علاقة تبعية يأتمر بمقتضاها بأوامره و ينتهي بنواهيه. كالأولاد و الخدم و المستخدمين و من يحلون محله في مباشرة حقوقه و تنفيذ إلتزماته الناشئة عن عقد الكراء.

[83] عبد القادر العرعاري، م.س، ص: 62.

[84]  يقصد بالغير كل من لم يكن طرفا في العقد و لم تكن له أي مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في إبرامه.

[85]  عبد القادر العارعاري، م.س، ص: 63-64.

[86]  ينص الفصل 649 من ق.ل.ع على أنه: ” لا يلتزم المكري بأن يضمن للمكتري مجرد التشويش المادي الواقع من الغير في انتفاعه بالعين المكتراة بدون أن يدعي ذلك الغير أن حق عليها، مادام المكري لم يتسبب بفعله في و قوعه.و للمكتري في هذه الحالة أن يقاضي الغير باسمه الشحصي.”

[87]  العربي محمد مياد، م.س، ص: 148-149.

[88]  محمد ابن محجوز، م.س، ص: 402.

[89]  المادة 124 من ق.ل.ع.

[90]  يجدر الإشارة إلى أنه يوجد هناك تعريف قانوني للضرر الجسيم النصب على العين المكراة: وكل ما هنالك هناك بعض الأمثلة له، كما لو عير معالم العقار بحيث أصبح غير صالح لما أعد له، العربي محمد مياد، م.س، ص: 152.

[91]  أسماء القوارطي، م.س، ص: 36.

[92]   العربي محمد مياد، م.س، ص: 153

[93] العربي محمد مياد، م.س، ص: 154

 [94] عبد الكريم شهبون، م.س، ص: 270-271.

[95]  محمد بن محجوز، م.س،ص: 402.

[96]  أسماء القوارطي،م.س،ص:37.

[97]  العربي محمد مياد، م.س، ص: 154.

[98]  العربي محمد مياد، م.س، ص: 154-155.

[99]  قرار محكمة النقض رقم 2180 بتاريخ 4 يونيو 2008 الملف المدني 3034/1/2/2006 أورده العربي محمد مياد، م.س،ص:155.

[100]  محمد ابن معجوز، م.س، ص: 403.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)