اللغة التشريعية بين مأزق الإزدواجية و جدية العدالة: دراسة مونادولوجية في شجون التشريع و اجتهاد المجلس الأعلى
كمال المنوري ماستر القانون المدني المعمق كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية ابن زهر أكادير
إن من تسرع في قراءة العنوان على طريقة مرور الكرام ، سيستعصي عليه ربط اللغة بالعدالة ، بطرح تساؤل شهير…..أي علاقة ؟ لكن ذلك لم يكن مستعصيا على الفيلسوف التفكيكي جاك دريدا بالقول…” يتعين علي أن أتحدث لغتكم لأن ماسأقوله سوف يصبح على هذا النحو أكثر عدلا (juste)”[1].
تعتبر اللغة ، الوعاء الحامل لسمفونية الكلمات قصد تحميل لحن له معنى في ذهن المخاطب ، و المتآني في آية التنزيل الحكيم ” و علم آدم الأسماء كلها “، ستفضي بصيرته إلى أن اللغة هي إكسير الحياة ، أي معناه ….، مايجعل الحياة مستمرة في سريان و تقدم دون بطئ أو توقف [2].
و إن كان لكل مجال لغته بالمفهوم الضيق فكذلك القانون ، وإن أول صفعة تعرضنا لها كطلبة حين الدخول إلى مادة الفرنسية القانونية أو إن شئت قلت القانون بلغة موليير ، أن ليس هناك مايمنع القاضي بالأخذ بالنسخة الفرنسية في دولة ترفع شعار اللغة العربية لواء الرسمية جنبا إلى جنب مع اللغة الأمازيغية[3].
و منذ الوهلة الأولى أصبنا بالذهول بعيون جاحظة كما وقع لدانتيس في رواية ” الكونت دي مونت كريستو “ لأليكساندر دوماس…، و منذ ذلك الحين وأنا أتأمل في هذا المأزق و تلك المفارقة (paradoxe) ، بالبحث و التقصي ، كالذي يبحث عن إبرة الحقيقة في كومة قش الجدل !
ففي عالم النقل من لغة إلى أخرى ، توجد خيانة أو مايسمى في عالم الترجمة بالخيانة الذهبية ، و لئن كان المثل الايطالي يقول أن المترجم خائن ، فإن المقولة الشهيرة حول أن الترجمة خيانة للنص الأصلي خرجت من هذا الزقاق ، و إسقاطا على الترجمة التشريعية ، يجب الوقوف لوهلة حيث صار القضاة يفضلون أخذ روح القانون من النسخة الأصلية تماشيا مع فهم نية سان القانون في دولة يسوق أصحابها مظهر الرفض .
و كون ضرورة المقال في تقديم المفيد دون إطناب ممل أو اختصار لا يفي بالغرض ، وجهنا التركيز على نقطة فريدة تكمن حول الإجابة على تساؤل مفاده ، هل يستطيع القاضي التغاضي عن نسخة القانون المترجمة باللغة الرسمية للدولة التي شابها عيب الترجمة و الأخذ بالنسخة الفرنسية الأصلية تحقيقا لغاية القانون المثلى و هي العدالة [4] ؟
وراحة بفكر المطالعين ، سنجيب بإيجاز ، على مقطعين في إطار التنظيم لهذا التقسيم :
ــ المقطع الأول : معيقات تطبيق القانون باللغة العربية ; الترجمة أنموذجا .
ــ المقطع الثاني : اجتهاد المجلس الأعلى المغربي.
المقطع الاول : معيقات تطبيق القانون باللغة العربية ; الترجمة أنموذجا .
يعتبر القانون المدني عراب القوانين من حيث البحث عن أصلية اللغة القانونية ، كونه شامل لأعرق النظريات الضاربة في الزمن و الراسخة في القدم ، فإذا كان القانون المدني المصري قد صيغ على يد أبناء جلدته من علماء اللغة و فقهاء القانون بعد أن كان رهينا للترجمة[5]، فإن الوضع يختلف في مسقط ابن رشد (المغرب) و معقل ابن خلدون (تونس) ، كون أغلب القوانين السارية ماتزال ملطخة بدماء كولونيالية مترجمة ومازالت تبتعد عن الصبغة الهوياتية للدولة و تاريخها و شعبها[6].
المقطع الاول : الترجمة في القانون المقارن .
1ـ الأنموذج المصري في ترجمة النصوص التشريعية.
دخل القانون الوضعي المصري في صورة تشريع تضمن مجموعات قوانين وضعت باللغة الفرنسية ، ثم ترجمت ” مجموعة قوانين الأهلية ” إلى اللغة العربية[7]، و كانت هذه الترجمة [8] أول لغة تشريع عربية في مصر في مجال القانون الوضعي .
فوقع جدل النص الواجب التطبيق ، فكان الرأي المؤيد للنص العربي يبنى على أساس أن جل المتقاضيين لا يفهمون اللغة الفرنسية ، و كون اللغة العربية هي لغة مناقشة القوانين .[9]
و رأى البعض الآخر وجوب التوسط بين الرأيين كون اللغتين أصليتين و يرجع إلى ظروف كل حالة ، و إذا كان هناك تعارض يجب الرجوع للنص الذي يمثل غرض المشرع .[10]
لكن هذا الشذ و الجذب كان سببا أن مالبثوا رجال القانون الأوائل أن قتلوا النص القانوني بالشرح و التفسير و إزالة الغموض وسد النقص ، بالإضافة إلى محاولات الإصلاح التشريعي و القضائي التي بذلت على المستوى الرسمي و توجت بإنشاء قسم التشريع بمجلس الدولة .[11]
كل هذا و ذاك التطور التشريعي[12]، أثمر قانونا عربيا محضا مستويا على سوقه على يد الفقيه و الشارح الكبير عبد الرزاق السنهوري[13] في مدونة القانون المدني سنة 1949 .
2ـ الأنموذج التونسي في ترجمة النصوص التشريعية.
مجلة قانون الالتزامات و العقود التونسية وقع الإجماع على أنها توأم قانون الالتزامات و العقود المغربية كون مصدرهما واحد .[14]
ففي تونس كان الإجتهاد القضائي من جهته طالما يرجح النص العربي ، كقرار صادر في1969/2/18 كون محكمة التعقيب التونسية لم تساير محاكم الموضوع في ترجيح النص الفرنسي على نظيره العربي و جاء في قرارها ” …حيث إن الفصل 281 نص على مايأتي ” أن النيابة التي يتضمنها التظهير التوكيلي ينقضي حكمها بوفاة الموكل أو بوفاة الموكل أو بفقدانه الأهلية ” ، و حيث أن هذا القرار اعتبر هذا النص شابه عيب الخطأ المطبعي و أدخل عليه حرف (لا) النافية قبل كلمة (ينقضي) و بذلك غير معنى الفقرة المذكورة رأسا على عقب و اعتمد في ذلك مقابلة هذا النص بترجمته الفرنسية و على ماورد بالقانون الفرنسي في هذا السياق .[15]
ولئن كان من الجائز الإستعانة بالترجمة الفرنسية لإيضاح بعض النصوص التي شابها بعض القصور و الإيضاح فإنه من الممنوع قانونا تغيير حكم النص ذاته إذا كان صريحا في مدلوله وإبدال معناه من الإيجاب إلى السلب سواء بالزيادة او النقص .[16]
المقطع الثاني : الترجمة في القانون المغربي .
ـ قانون الالتزامات و العقود [17].
تأصيلا لرسمية اللغة العربية ، فالإرادة السياسية على مر التاريخ جعلتها لغة رسمية للدولة[18]، بدأ تأصيلها تقنينا على نسق الوثائق الدستورية[19]مرورا بقانون التوحيد و المغربة [20] و مجموعة من المناشير الوزارية[21] و الاتفاقيات الدولية [22].
و كما آرتأينا القول ، مرورا بنماذج الدول الجوار ذات السبق في تطور الإشكال المشترك ، ألفينا أن الأنموذج المغربي مازال متعطشا للحسم في النسخة المزمع الأخذ بها أمام القضاء حين تكون في كفتي ميزانها نسخة عربية معيبة الترجمة بعيدة عن نية المشرع ، و حيث نية المشرع في الكفة الأخرى باللغة الفرنسية الغير الرسمية .
و لتوضيح الفكرة ، سنورد بعض الأمثلة من غير حصر في قانون الالتزامات و العقود :
1ـ الفصل 19 [23] من قانون الالتزامات و العقود المغربي( المثال الصارخ) :
إن المتآني في قراءة الفصل المذكور باللغتين ، سينجلي له الفرق بين النسختين، إلى مدى التناقض بين الحكمين في قاعدة واحدة [24]و هو أمر غير مقبول كونه سيعبث بتحقيق العدالة لا محالة.
و لفهم أعمق ، في نازلة مفترضة ، قد يتعاقد عمرو مع زيد في عقد البيع ، يلتزم الطرفان في العقد حول أداء الثمن ، و في نفس المكان اتفقا على أن الأداء سيكون على طريقة أقساط ، تناسى الطرفان تضمين ذلك في بنود [25]محتوى العقد لكن استدركوا ذلك باتفاق لاحق بنفس المجلس ،إذا فالفقرة الثانية من النسخة الفرنسية تقضي بأن تعديلات أداء الثمن( الأداء بالقسط) تعتبر جزء من العقد القديم مالم يعلن الأطراف أنها عقد مستقل بذاته ، لكن حرفية ظاهر الفصل المذكور باللغة العربية يعتبر تلك التعديلات بمثابة عقد جديد .[26]
تعليقا على هذا الفصل ذهب بعض الفقه بالقول أن الفصل 19 هو القالب الذي يجب أن يكون عليه تراضي الطرفين [27]، فيما رأى البعض الآخر كون الفصل المذكور هو مجرد ايجاب مقبول [28]، في حين أرسى بعض الفقه الفرنسي أن عدم احترام العناصرالأساسية و باقي الشروط المشروعة يعد عرضا للدخول في المفاوضات ليس إلا [29].
وشرحت وزارة العدل الفقرة الثانية من الفصل 19 بالقول ” إذا وقع تعديل فور إبرام العقد ، ففي هذه الحالة يعتبر هذا العقد الذي أنشئ بمقتضى التعديل ، كأنه لم يكن من قبل ، (وفي هذا تطبيق للقواعد المتعلقة بمجلس العقد ـــ في الفقه الإسلامي ).[30]
عمليا ، إذا كان الفصل 19 يؤكد مبدأ و حدوية العقد ، فالتعديلات يمكن أن تعتبر صريحة وفق (الفصل 19 )، أو حكمية بقوة القانون حسب الفصل [31]463 من نفس القانون ، وحين يكتنف العقد غموضا فإن للقاضي من الوسائل[32]في تأويل البنود بعضها ببعض مايكفي لاستجلاء نية و إرادة الطرفين بغض النظر عن إلحاقها بالعقد الأصلي أم لا ، و التوقف حول مدلول العقد في مجموعه لا في صيغته الأولية .[33]
و الجدير بالذكر ، أن وزارة العدل قامت بتصحيح الخطأ الوارد في الفصل 19 في النسخة المحينة لسنة 2016 في الإحالة ، لكن التساؤل الواجب الطرح هو هل سيغني التصحيح على الهامش عن الدعوة إلى مراجعة شاملة [34] أوجزئية[35] لتعديل لقانون الالتزامات و العقود أسوة بالمشرع الفرنسي ؟ و هل أضحت جهة المراجعة على علاقة بالتشريع و القضاء ؟[36]
2ـ الموظف العمومي في قانون الالتزامات و العقود .
ورد مصطلح الموظف العمومي في ثلاث فصول متتالية ، 418 [37]،419[38]، 420 [39]، من (ق.ل.ع) ،و طالما يخال القارئ و طلبة القانون أن مصطلح الموظف العمومي الوارد في هذه الفصول ينصرف إلى التعريف الوارد في الفصل الثاني من ظهير 24 فبراير 1958 ( النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ). [40]
وأفضى ذ. رضى بلحسين القول بأن مصطلح ” الموظف العمومي “ ليس ترجمة للكلمة الفرنسية fonctionnaire public، و إنما ترجمة لمصطلح officier public، و الذي لا يمكن فهم مغزاه و فحواه دون الرجوع إلى مسببات تسميته في فرنسا قديمة العهد حيث السلطات محتكرة كلها في يد عاهل فرنسا إذاك ، إلى أن بدأ تفويض بعض السلطات في القضاء و المالية على شكل عهدة او مأمورية ( office)، و تعهد لما يسمى officier public) ) أو مايسمى بالمأمور العمومي .
وبالتالي فإن نية المشرع في مصطلح الفصول أعلاه يقصد بها الموثق العصري (le notaire)، الذي كان يحضى بامتياز تفويض العهدة في ميدان توثيق العقود العامة ذات الصبغة الرسمية ، ويستثنى من ذلك العدول الذين يستمدون حجية محرراتهم في القوانين المنظمة لهم ، أما فصول (ق.ل.ع) لا تطبق عليهم إلا من باب المماثلة القضائية (assimilation jurisprudentielle)بموجب الاجتهاد القضائي .
بدورنا نميل لهذا الرأي ، بحيث نجد أن القانون المنظم للتوثيق العصري هو القانون الوحيد الذي يحيل على قانون الالتزامات و العقود ، في شأن الصيغة الرسمية لمحررات الموثقين[41] .
و على هذي ماذكر ، يرى هذا الرأي أن المصطلح شابه عيب الترجمة ، مما يكون ذا موجب التدخل لفك اللبس في الممارسة العملية ، و توسيع المصطلح قصد إدخال جميع الجهات الرسمية في تحرير العقود و المحررات الرسمية .
و هناك مجموعة من الأمثلة الاخرى[42] في هذا الصدد لا داعي للغوص في شرحها، كون أننا وضحنا مكامن الإشكال لموضوع المقال على سبيل المثال ، تمهيدا لدق أبواب المجلس الأعلى لتعميق النقاش و إزالة التشويش.
المقطع الثاني : اجتهاد المجلس الأعلى المغربي .
لا محكمة تعلو على محكمة النقض إلا محكمة الضمير كما يقول مهاتما غاندي ، كونها أسمى سلطة تنطق بالقانون .
و الاجتهاد القضائي يختلف عن العمل القضائي ، كون الأخير لا يعدو أن يكون كما يسميه الأستاذ و الفقيه العلمي المشيشي “بالروتين القضائي” و التطبيق الحرفي للقانون دون أي مجهود فكري يقضي بالابتكار، يبنى على أساس تعليل يخضع لرقابة محكمة النقض [43]، أما الاجتهاد القضائي يكون في حالة انعدام النص أو غموضه أوعدم كفايته ، مما يفرض على القاضي الإجتهاد بالخلق و الإبداع حتى لا يواجه بإنكار العدالة [44].
لكن ماالعمل حين تجد ارتباكا لدى غرف محكمة النقض ، أو لدى نفس الغرفة كما سنلاحظ في عينة ماانتقيناها من زمرة الاجتهادات القضائية ؟.
1ـ القرار الرافض لتطبيق القانون بغير اللغة العربية ـ
القاعدة
قرار عدد 321 بتاريخ 1984/1/12 (الغرفة الجنائية).[45]
” …..إن النصوص التشريعية الصادرة باللغة العربية هي الواجبة التطبيق ، و لا يعيبها أن تحرر أول الأمر بغير العربية ، و بالتالي فلا يقبل القول بالأخذ بالنص الفرنسي و إعطائه الطابع التشريعي بدعوى وجود غلط في الترجمة ، طالما أنه من الممكن إدخال تعديل أو تغيير على تلك النصوص بنصوص تشريعية لا حقة “.
حسب أستاذنا فضيلة الدكتور الحسين بلوش أنه منذ صدور القرار الوزيري لسنة 1934 إلى حين صدور قانون توحيد القضاء و مغربته و تعريبه ، كان القضاء في المغرب يطبق النص الأصلي باللغة الفرنسية ، أما في المرحلة اللاحقة لقانون المغربة (26 يناير 1965) كثر في القضاة من لا يتقن اللغة الفرنسية التي حرر بها النص الأصلي ، و يعتبر القضاء أن النص باللغة العربية هو الواجب التطبيق ( محيلا على القرار أعلاه).
و زاد أستاذنا أن القرار المذكور كان يتعلق بالفصل 14 من الشروط النموذجية العامة لعقد التامين [46]، لكن ماصدفناه خلق ارتباكا في أذهاننا ، حيث أن المجلس الأعلى بنفس الغرفة(الغرفة الجنائية) وبنفس الفصل سنة 1994 أصدر قرار[47] استعان بالنسخة الفرنسية كون النسخة العربية قد شابها عيب الترجمة الذي أثر في عدالة النازلة و نية المشرع !.
و هناك من علق على هذا القرار[48](قرار 1984) بالقول أن المجلس الأعلى ذهب إلى التوجه نحو ترسيخ اللغة العربية لكي يكون هناك تناص بين لغة المشرع و لغة قرارات القضاء من جهة و من جهة أخرى أن منذ قانون التعريب بدأت الشريحة العظمى من المتقاضيين لا يفقهون غير اللغة العربية لغة لأحكامهم و قانونهم .
ترك هذا القرار في قراءة ظاهره مجموعة من الثغرات و أثار وجوده جمة من التساؤلات و الملاحظات منها :
أولا : هل يمكن للأطراف المتنازعة في النازلة انتظار الحكومة لتعديل القانون المعيب الترجمة بمنطق المجلس الأعلى ؟
عمليا ، لا يمكن تحقيق ماذهب إليه المجلس الأعلى ، نظرا لتعقيد مسطرة تقديم مشاريع القوانين و التصويت عليها من طرف المؤسسة التشريعية و طولها التي ستتعطل معها حقوق المتقاضيين ، و كذلك لا ننسى إن افترضنا جدلا أن المؤسسة التنفيذية و مالها من وسائل قامت بالتعديل و المراجعة ، هل سيكون لذلك أثر رجعي على النازلة أم أثر فوري الذي يعد من مبادئ التشريع ؟ و بالتالي و الحالة ، فإن تحقيق العدالة تستلزم تفعيل الأثر الرجعي على النازلة وليس الأثر الفوري وبالتالي نفضي إلى القول أن هذا المنطق مستبعد .
ثانيا : القرار لم يتطرق لأهم نقطة في الموضوع وهي أن الأخذ بظاهر القرار المذكور نستشف أن الأخذ بالنص العربي المعيب الترجمة أقدس من تحقيق العدالة و التي تعد من غايات القانون التي تدور معه وجودا و عدما ؟
فكما ذكرنا آنفا ، أن هذا القرار يجب أن يأخذ في سياقه ، كون المملكة لم تنشف أرجلها من واد المرحلة الكولونيالية الفرنسية التي كان قانون التعريب ختاما نسبيا لها ، وإرادة المجلس الأعلى كان ترسيم و ترسيخ توجه جديد ستذهب فيه المملكة و هي سيادة اللغة العربية في جميع مرافق الدولة كلغة سيبث فيها الروح تأهيلا ، للعب الدور المنوط بها أنطولوجيا .
قياسا على عدم قابلية الأخذ بغير العربية لغة في تطبيق القانون( قرار المجلس الأعلى ) و كنقطة متفرعة من الموضوع المعالج ، ما بال وثائق الإدارات التي مازالت تتعامل بغير اللغة الرسمية للدولة حيث مجموعة المؤسسات و الإدارات مازالت تتعامل بلغة موليير، والتي أغلب مرتفقيها و زبنائها يجهلون هذه الأخيرة ؟، كما يطرح تساؤل حجية هاته الوثائق أمام القضاء و الدفع بترجمتها ؟
للإجابة على هذا التساؤل يلزمنا تأصيل النسق وتأريخ المشكلة ، بالقول أن قانون التعريب( 3ـ64 ) في فصله الخامس نص أن اللغة العربية هي وحدها لغة المداولات و المرافعات ، معززا بقرار وزير العدل رقم 65ـ414 (صادر بتاريخ 1965/06/29) الذي أضاف عبارة ” و جميع الوثائق المقدمة إلى مختلف المحاكم “، لكن تم استدراكه بقرار عدد 2775 من الجريدة الرسمية الذي حذف مايتعلق بالوثائق أمام المحاكم، و هذا ماسارعليه قرار المجلس الأعلى في قرار بتاريخ 1992/06/17[49] و في قرار 1992/06/17 عدد 1579 الذي جاء فيه “…….من واجب المحكمة الرجوع إلى وثيقة قدمت لها بصفة قانونية لمعرفة مضمونها مادام آنست من نفسها القدرة على فهمها دون الاستعانة بمترجم و مادام أن اللغة العربية إنما هي مطلوبة في المرافعات و المذكرات لا في تحرير العقود و الإتفاقات …”.
أما الاجتهاد القضائي لمجلس الدولة الفرنسي و معها محكمة النقض الفرنسية الذين حسموا أن تكون اللغة الفرنسية هي لغة الوثائق ، استنادا لمقضيات الأمر الملكي المؤرخ في 1539/08/10 و الموقع عليه من طرف الملك فرنسوا الأول ثم لقح بتعديل دستوري مؤرخ 1992/06/25 إلى أن أرسى هذا النسق على القانون المتعلق باستعمال اللغة الفرنسية بتاريخ 1994/08/04[50] الذي نص في فصله الأول أن ” اللغة الفرنسية هي لغة التعليم و العمل و المبادلات و المرافق العامة ” ، و جاء قرار المجلس الدستوري بأن اللغة الفرنسية يشمل نطاقها ” الأشخاص المعنوية للقانون العام و أشخاص القانون الخاص و ذلك أثناء ممارسة مهمة تعلق بمرفق عمومي و كذلك بالنسبة للمرتفقين في علاقاتهم مع الإدارات و المرافق العمومية .[51]
إذا و على ماتطرقنا إليه من حيث التشريعات الوطنية ، فزمرة التعريب واضحة التحديد ، لكن كيف سيتعامل القضاء و الخصوم مع وثائق باللغة الفرنسية كبوليصات التأمين و الخبرات الطبية و الإشعارات الضريبية و غيرها ؟ هل يمكن للخصم الدفع بترجمة الوثائق الآنفة الذكر ؟ و هل يتقاطع هذا الأخير بالدفع بالأمية ؟
أولا و كما هو معلوم فالمادة 431 من (ق.م.م) [52]اشترط عند الاقتضاء ترجمة الوثائق كشرط لتذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية و بالتالي فهناك من يرى أن من حق الدفاع التشبت بترجمة الوثائق المدلى بها حين تكون حاسمة في القضية ، و إلا يقترح أن يكون مآلها السقوط كجزاء في الملف و تكون الوثيقة غير ذي اعتباركما اجتهد في ذلك الأستاذ رضى بلحسين .
أما الدفع بالأمية يكون ذا موجب في العقود حيث أن مجرد الإمضاء يعتبر قرينة بعلم لغة العقد ( حسب التعريف القضائي للأمية [53]، و كما لا يعتبر إلا حق شخصي[54]، ولا يحق للأطراف إثارته لأول مرة أمام المجلس الأعلى لاختلاط الواقع فيه بالقانون [55])، و بالتالي إن كان هناك نزاع في المعرفة بهاته اللغة يمكن للطرف الدفع بالأمية و ليس الترجمة كون هاته الأخيرة تكون غير ذي الجدية اللازمة حيث أن مجرد الإمضاء يعد قرينة على معرفة لغة العقد كما سبق ذكره .
و ختام للسؤال الذي تم طرحه أعلاه فيما يخص بوثائق الادارات المصدرة باللغة الفرنسية ، صدر قرار للمجلس الأعلى [56]جاء في منطوقه ” الطلب المتعلق بسحب نموذج حوالة محررة بلغة أجنبية لدى مكاتب البريد و تعويضه بنموذج باللغة العربية و حدها ينطوي على إصدار أوامر للإدارة و هو يتنافى مع مبدأ فصل السلط ….[57]، و أن عدم جواب الإدارة عن طلب الإلغاء المتعلق بالرفض الضمني لإدارة البريد تسليم حوالة معبأة باللغة العربية ، و الحالة أنها مطالبة بأن تمتثل للطلب المعد باللغة العربية مراعاة لدستور المملكة فلا يمكنها أن تتذرع بأي عذر تقني فلا مبرر لرفضها المذكور .
كما أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ مؤرخ 20/10 /2017 حكما اعتبرت فيه أن القرارات الإدارية المحررة باللغة الأجنبية تعد غير مشروعة لأنها تخالف الدستور و مشوبة بعيب المخالفة الجسيمة للقانون و مآلها الإلغاء .[58]
كما هو ملاحظ أننا لا نفتقد للأحكام و القرارات القضائية ، بقدر مانفتقد لتنفيذ هاته الأحكام ، و الذي مازال يشكل عائقا رئيسيا لتحقيق العدالة و الحقيقة كعنوان للأحكام القضائية و التي نعتبرها كالأعلام التي لا يجب أن تدس تحت الأقدام .
2ـ القرار المستعين بالقاعدة القانونية للنسخة الفرنسية الأصلية .
قرار عدد 1361 بتاريخ 1994/2/15 (الغرفة الجنائية)[59].
“……..حيث أن المحكمة استندت إلى الفصل 14 من الشروط النموذجية في نصه العربي و الذي وردت فيه خطأ عبارة ( الملقاة عليهم ) بميم الجمع ، في حين أن النص الأصلي الفرنسي أورد عبارة ( الملقاة عليه مسؤولية وقوع الحادث ) مما تكون معها المحكمة بتصريحها بقيام ضمان العارضة لمؤمنها فيما حكم به لفائدة والدته …..لم تجعل لما قضت به أساسا من القانون مما يوجب نقض القرار المطعون فيه بخصوص ذلك “
وذهب البعض [60] في تأييد فلسفة هذا القرار كون القاضي غير ملزم باتباع إرادة المترجم ، حيث مفاهيمه لم تكن قط متداولة أثناء الأعمال التحضيرية للقانون حتى تقوض سلطة المحكمة في تفسير النص ، و هو نفس الاتجاه الذي أكده المجلس الاعلى في نوازل سابقة ، منه القرار عدد 515 صادر بتاريخ 16/03/1983 و القرار عدد 660 الصادر بتاريخ 12 مارس 1986 [61].
و لن نغوص أكثر في التعليق على هذا القرار ، كون ماتم التطرق إليه في تحليل القرار الأول (الداعم للنص العربي ) ممكن إسقاطه قياسا بمفهوم المخالفة على هذا القرار .
كما يمكن أن نستنبط من هذا القانون مجموعة من النقط و الرسائل ، كون فلسفة هذا القرار الثاني هي الأقرب نسبيا كحل للمعضلة و جوابا على الإشكال الذي طرحناه في المقدمة .
و عليه ، فعندما يكون النص القانوني مترجم باللغة العربية و تبين أن الترجمة أثرت في روح و نية المشرع ، فلا مفر في استبعاده على طريقة ” ألقيه في اليم ” و الاستعانة بالنص الفرنسي تحقيقا للعدالة التي يتوخاها المشرع ، هاته الأخيرة يعد افتراضها ضرورة واقعية غير قابلة للنقاش في فلسفة القانون ، و عليه حين تحضر جدية العدالة يرتفع إشكال إزدواجية اللغة .
و نزيد ، و لحل توفيقي ، أن لا يكتفي القاضي بالاستعانة بالنسختين العربية و الفرنسية فقط ، بل يجب أن يحاول التوفيق بينهما إذا مااستطاع في ذلك سبيلا ، ببذل الجهد لمقارنة النصوص و استحضار نية المشرع و ترسيم العدالة و ربط القانون بعوالمه الخارجية [62] و الواقعية و الثقافية [63] .
و على ذلك ، و باستخدام القياس ، فإذا كان المجلس الأعلى جاء في أحد قراراته ” لكن حيث أن المعتبر في الحجج المدلى بها هي أصولها لا ترجمتها ، و أن القاضي لا يمكنه أن يستند إلى الترجمة وحدها ، لان الترجمة إنما هي نقل للنص من لغته الأصلية إلى لغة اجنبية ، ولا يمكنها بأي وجه من الوجوه أن تقوم مقام الأصل الذي لا غنى عنه لتقدير قيمة الحجة “، فإننا نلتمس نفس المنطق في التعامل مع النصوص القانونية كحل توفيقي بين الرافض والمؤيد و حين التعارض تفرض جدية العدالة نفسها بنفسها .
نتاج
أدرجنا كما هو ملاحظ ، و بشكل وجيز، قد سمح لنا أن نضع بضعة أصابع على جرح الإشكالية الغريزة ، و توصلنا إلى مايلي :
أولا: إذا كانت أزمة التشريع ممكن أن تنحصر في صياغة غير منضبطة وفاعلية غائبة كما يرى البعض [64]، ….. فإنني سأزيد ترجمة خائبة ! ، وإن كانت صياغة النصوص الأصلية بلغة موليير نموذج للدقة وسلامة اللغة و جمالها المبني على أسلوب البساطة و الوضوح .[65]
ثانيا : أن بعض النصوص القانونية مازالت رهينة لترجمة معيبة مباشرة بفعل فاعل ، أو اقتباس دخيل [66]ينم على أن المشرع المغربي مازال يبحث عن هويته .
ثالثا : بعض دول الجوار أنهت الجدل المعالج بشكل صريح كما تم التطرق إليه .
رابعا: مازالت الأحكام و القرارات القضائية لم تستقر على ميناء التوجه الدستوري ، و مازال القضاء الإداري خجولا لم يضرب بكل جرأته المعروفة في هذا الموضوع.
خامسا: تحيين قانون الالتزامات و العقود و تصحيح الهوامش لا يكفي ، حيث أن المراد هو مراجعة قانون الالتزامات و العقود ، و الكف عن الاقتباس و الاستنساخ من أجل تشريع القوانين ، لما يستشف من ذلك كسل العقل التشريعي و فقره و نقص الطاقات القانونية الفكرية و هذا عكس مايزخر به وطننا .
سادسا : الاجتهادات القضائية يجب أن تأخذ في سياقها و مقاصدها عند التناقض و معيار الترجيح سواء في النصوص القانونية الأصلية المترجمة أو الاجتهادات القضائية الداعمة و المعارضة هو معيار جدية العدالة .
و أتمنى أن أكون أعطيت للموضوع بعض الحق، و أستسمح على مانسيت و ما أخطئت فيه ، و الله ولي التوفيق .
الهوامش:
[1] جاك دريدا : قوة القانون ، ” الأساس الخفي للسلطة”، بتاريخ 17مارس2019 ، مقال منشور بالموقع الالكتروني :
تم الإطلاع عليه يوم 11/9/2019 على الساعة 17:00.www.couua.com/2019/03/17.
[2] للوقوف أكثر على أنطولوجيا اللغة وفق النظرة الفلسفية ، راجع كتاب : أنطولوجيا اللغة ،للفيلسوف الألماني مارتن هيدجر ، منشورات الاختلاف، ترجمه إلى العربية إبراهيم سعد ، ط 1 ، 2008 ، ص 19 .
[3] وافق مجلس النواب على مشروع قانون تنظيمي رقم 26.16 يعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية و كيفيات إدماجها في مجال التعليم و في مجالات الحياة العامة ذات الأولوية يوم 10/6/2019 ، و صدر قرار المحكمة الدستورية في ملف عدد 047/19 و رقم 97/19 مؤرخ 5/9/2019 جاء فيه ” ان المواد 1 و و 3 و 5 و 8 و 9 و 13 و 30 و 33 في بعض فقراتها ليس فيه ما يخالف الدستور مع مراعاة التفسير المتعلق بها ،
ـ بأن باقي أحكام هذا القانون التنظيمي مطابقة للدستور ،
ـ تامر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس الحكومة، و بنشر بالجريدة الرسمية .
قرار منشور بالموقع الرسمي للمحكمة الدستورية :
www.cour-constitutionnelle.ma
[4] القانون كغيره من المجالات اقتبس مجموعة من المصطلحات التي تحقق أساس القانون و جوهره و غايته ، و هي مواضيع تقرأ حروفها و تستقيم أفهامها على ضوء فلسفة القانون( راجع سليمان مرقس ، فلسفة القانون ، المنشورات الحقوقية صادر، 1999، ص10) ، و من هاته المصطلحات نجد ” العدالة “ و للتوسع نسبيا في فهم هذا المصطلح كما تبناه معلم البشرية الأول و فيلسوف أثينا أرسطو ، أحيلكم على مقال لنا بعنوان “غاية القانون و حاجة التقدم ” منشور بموقع مغرب القانون .اضغط هنا
[5] ترجم القانون المدني الفرنسي إلى اللغة العربية على يد رفاعة الطهطاوي الذي أخذ على عاتقه نقل القانون الفرنسي إلى اللغة العربية ، و بدأبالكود حيث نقله مع تلامذته في مدرسة الألسن في ثلاثة مجلدات طبعت سنة 1866 م ، أولهما في القانون المدني و الثاني في قانون المحاكمات و المخاصما و الثالث في قانون الحدود و الجنايات ، و اضطلع رفاعة وحده بنقل قانون التجارة .
ــ سعيد أحمد بيومي ، ـلغة القانون، دار شتات للنشر و البرمجيات ، ط 1 ، مصر، 2010، ص 60.
[6] إن هاته الوضعية تم انتقادها من طرف الملك الراحل الحسن الثاني في خطاب بتاريخ 21 ماي 1973 بالقول ” أن مساطرنا معقدة ، قوانيننا لم توضع مسبقا لنا لنفسياتنا ، لنظامنا الاقتصادي و الاجتماعي و لسكان جبالنا و مدننا ، لم يتم وضعها وفق أخلاقنا و نمط تفكيرنا .و إنما نقلناها عن أوروبا و الدول الإسكندنافية “.
[7] بدااستخدام اللغة العربية كلغة للقانون الوضعي على نطاق واسع في مصر منذ إنشاء المحاكم الاهلية عام 1883 ، و إصدار مجموعة القوانين الخاصة بها .
ـ راجع عبد الرزاق السنهوري ، على أي أساس يكون تنقيح القانون المدني المصري ، الكتاب الذهبي للمحاكم الأهلية ، الطبعة الثانية ، نادي القضاة، 1990 ، ص 69 .
[8] كانت مهمة المترجم شاقة و عسيرة ، فهو قد واجه مصطلحات و نظم قانونية لا تتفق تماما مع المضمون و المعنى لا تتفق مع مثيلاتها في الفقه الإسلامي ، سرعان ما انجلى الخلاف بين النص العربي الرسمي و النص الفرنسي الأصلي ، مما جعل القضاء يقف حائرا بين مؤيد و معارض حول النص الواجب التطبيق .
ـ سعيد أحمد بيومي ، م س ، ص 60.
سعيد أحمد بيومي ، م س ، ص 61.[9]
عبد الرزاق أحمد السنهوري ، م س ، ص 70.[10]
سعيد أحمد بيومي ، م س ، ص61.[11]
راجع تطور التشريع المصري بالتفصيل ، سمير ناغو ، النظرية العامة للقانون ، المعارف الاسكندرية ، 1974 ، ص 372.[12]
[13] يقول السنهوري :” لم يوضع نص إلا بعد أن فحصت النصوص المقابلة له في كل التقنينات المختلفة ، و دققت النظر فيها ، و اختير منها أكثرها صلاحية ، حتى ليجوز القول بأن القانون المدني يمثل من ناحية حركة التقنين العالمية أنموذجا دوليا يصح أن يكون نواة لتوحيد كثير من القنينات المدنية .
ـ عبد الرزاق السنهوري ، م س ، ص 176 .
[14] محمد الشيلح ،” سلطان الإرادة في ضوء قانون الالتزامات و العقود المغربي ، أسسه و مظاهره في نظرية العقد “، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص ، كلية الحقوق بالرباط ، 1983 ،ص 48 و مايليها .
[15] ـ ذ.رضى بلحسين ، حقيقة الفصل 19 من ق.ل.ع، مقال منشور في المجلة القانونية للمحكمة الإبتدائية بمكناس ، عدد مزدوج 2ـ3 سنة 2009 ،ص23).
[16] جاء في الأمر المؤرخ في 27 يناير 1883 صريحا في أنه إذا اختلف النص العربي مع النص الفرنسي فإن المحكمة تعمل بالنص المطابق للغتها .على أن إصلاح النصوص القانونية أو تغييرها ليس من اختصاص المحكمة، بل إنه يجب إصدار نص خاص من السلطة المختصة و إدراجه بالجريدة الرسمية و أما بدون ذلك فإنه لا يمكن للمحكمة تغيير النص الصريح و قلب معناه من الإيجاب إلى السلب بعلة ان ترجمته الفرنسية مغايرة له او ان القانون الذي اقتبس منه كان مخالفا له وبذلك فإن القرار لما غير عبارة( تنقضي )و صيرها (لا تنقضي) بإدخال حرف (لا) النافية عليها يعد متجاوزا لحدود سلطته و خارقا لصريح النص القانوني الواجب تطبيقه .
ـ قرار تعقيبي مدني عدد 6396 مؤرخ في 1969/2/18 ، أورده رضى بلحسين في مقال ” حقيقة الفصل 19 من قانون الالتزامات و العقود ” منشور بالمجلة القانونية للمحكمة الإبتدائية بمكناس ، عدد مزدوج 2ـ3 ، 2009 .
مازال يطرح تساؤل حول كون قانون الالتزامات و العقود لم ينشر في الجريدة الرسمية ؟[17]
ذهب البعض باستحالة تنفيذ القانون إن لم ينشر في الجريدة الرسمية كون هاته الواقعة هي من يثبت قرينة العلم بالقانون ، و قاعدة لا أحذ يعذر بجهله للقانون و إن كانت قرينة( للتعمق أكثر في هاته النقطة بالذات راجع منذر الشاوي، فلسفة القانون ،دار الثقافة للنشر و التوزيع ، 2009، ص 236 ) فهي لا تهدم إلا بواقعة النشر ( راجع محمد مومن ” موقع الغلط من المسؤولية الجنائية ” رسالة دبلوم الدراسا العليا ، الرباط ، 1984 ، ص 126 ) و هذا الدرب سار عليه الاجتهاد القضائي كذلك ( قرار محكمة الاستئناف بالرباط ، 18/5/1936) ، لكن الرأي الآخر أفضى بالقول أن ليس هناك أي نص قانوني و تنظيمي يفرض نشر النصوص المغربية في الجريدة الرسمية ، حتى جاء دستور 2011 في فصل 50 ، هو مااستجاب لحل الخلاف الذي كان ساريا و مسكوت عنه ( محمد جلال السعيد ، المدخل لدراسة القانون ، الجزء 6 ، ط3، ص223)، مهما يكن فقانون الالتزامات و العقود تمت ترجمته سنة 1965 من طرف لجنة من وزارة العدل ، و اقتصر نشرها في العدد الثلاثي 76ـ77ـ78 من مجلة القضاء و القانون (ذ.رضى بلحسين ، م س ، ص 23).
[18] كما هو معلوم أن هانز كلسن ذهب أن القانون هو إرادة الدولة او هو الدولة ذاتها ، وأنه لا محل للقانون غير قانون الدولة ، إذ ليس هانز كلسن وحده من كان يمجد الدولة بل سبقه في ذلك الفيلسوف الالماني هيغل في كتابه المشهور ” مبادئ فلسفة القانون “، و غن كان كلسن تفوق نسبيا في تحصين نظريته المحضة على طريقة الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط ، فإن كلسن وقع في تناقض الذي وقع فيه غيره ( كالفقيه الكبير الفرنسي دي مالبرغ) و هو مأزق اعتبار القانون إرادة الدولة و بين ضرورة تقييد الدولة بسلطان القانون .(راجع سليمان مرقس ، م س ، ص 241).
[19] و تذكيرا تعتبر القاعدة الدستورية أرقى القواعد على هرم كلسن ، و به تكون تعبيرا عن إرادة الدولة التي يقع في حضنها شعبا سياسيا كما يقول أرسطو ، و هاته القواعد لا يمكن أن تلغى أو تعدل بقاعدة أدنى درجة ، وبالتالي فهي بمثابة القاعدة التي ترسم حدود مايجب أن تكون عليه القاعدة الأدنى ، وإلا فسيكون مآلها التصدي بالدفع بعدم الدستورية لدى محكمة الدستور(الفصل 6 من دستور 2011 ). و عليه تنص الفقرة الأولى و الثانية الفصل 5 من دستور المملكة 2011 مايلي:
ـ تظل اللغة العربية اللغة الرسمية للدولة .
وتعمل الدولة على حمايتها و تطويرها ، و تنمية استعمالها …”
الذي يهمنا في هذا الموضوع هو اللغة العربية ، كون زميلتها في الرسمية و هي اللغة الأمازيغية هي حديثة العهد بالتنظيم الدستوري و القوانين التنظيمية( راجع هامش الصفحة الثانية) و هي ليست طرف في موضوعنا اليوم ، إذا فبمفهوم المخالفة للفقرة الثانية من الفصل المذكور هل يمكن القول أن عجز اللغة العربية في التطور و تنمية استعمالها خصوصا في بعض مجالات القانون و مرافق الدولة تقع مسؤوليتها على الدولة ؟
” …..ففي ألمانيا يتم الاعتزاز بلغتهم ، رغم أنها لغة فقيرة الجذور ، وطالما يلجؤون للاشتقاق و إضافة عدد من الحروف لتكتتسب الألفاظ معاني مختلفة ، فلا تسمع في وسائل الإعلام المرئية و المسموعة و كذا جميع مرافق الدولة إلا لغة نيتشه و جوته و هيغل …..، أما كوريا الجنوبية أدركت لغة الأم و علاقتها بالهوية ، خصوصا بعد الاحتلال الياباني الذي طمس اللغة الأصلية للدولة و شعبها ، لدى اعتنى الكوريون فور استقلالهم سنة 1945 نبلغتهم عناية كبيرة ، مدركين أن استلاب اللغة يعادل ضياع الهوية …”، ( راجع مقال مرية مكريم ، ” اللغة العربية تحتقر في عقر دارها !”سنة 2010 منشور في موقع www.febrayer.com /16993.html.
[20] بعد الأمر بتنفيذ القانون ، جاء الملك الحسن الثاني للإشارة للتعريب الذي ينبغي ان يكون بالقول ” التعريب ليس معناه الترجمة فقط ، و لكن التعريب هو قبل كل شيء تحضير القوانين أولا ثم ثانيا طبعها بالطابع العربي في اللغة ، وبالطابع العربي في تأويل القانون “.نص الفصل 5 من(ق. 3/64) قانون التوحيد و المغربة و التعريب على أن ” اللغة العربية هي لغة المداولات و المرافعات و الأحكام “.
ـ قانون صوت عليه البرلمان بالاجماع في 2/6/1964 ، ووافق عليه مجلس المستشارين يوم 17/6/1964 ، و صدر الأمر بتنفيذه بواسطة المرسوم الملكي الصادر في 26/1/1965 .، أورده فضيلة الدكتور محمد الكشبور ، مقال ازدواجية لغة النص التشريعي وأثرها على القضاء ، مجلة القانون و الاقتصاد ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ـ فاس ، عدد خاص ـ العدد 6 سنة 1990 ، ص 307 ، للتعمق في موضوع هذا القانون راجع أيضا ع.بوطالب ، ” حصيلة قانون 26يناير 1965 المتعلق بتوحيد و مغربة و تعريب القضاء “م.م.ق.س.إ، 1981 ، عدد 10 ، ص 15 .
[21] قرار وزير العدل في فصله الاول على” أن تحرر باللغة العربية ابتداء من فاتح يوليوز 1965 جميع المقالات و العرائض و المذكرات و بصفة عامة جميع الوثائق المقدمة إلى مختلف المحاكم “( تم استدراكه كما سنلاحظ لاحقا ).
[22] اتفاقية التنظيم القضائي الموحد بين دول اتحاد المغرب العربي الموقعة بنواكشوط بتاريخ 11/11/1992 حيث جاء في مادتها الخامسة مايلي ” لغة المحاكم هي اللغة العربية وتسمع المحكمة أقوال المتقاضين والشهود الذين يجهلونها بواسطة مترجم “
ينص الفصل 19 من (ق.ل.ع) المغربي بالنسخة العربية على مايلي : [23]
” لا يتم الاتفاق إلا بتراضي الطرفين على العناصر الأساسية للالتزام و على باقي الشروط المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان الأساسية .
و التعديلات تاني يجريها الطرفان بإرادتهما على الاتفاق فور إبرامه لا تعتبر جزء من الاتفاق الأصلي و ذلك مالم يصرح بخلافه “
مقابل النسخة الفرنسية :
La convention n est parfaite que par l accord des parties sur les éléments essentiels de l obligation, ainsi que sur toutes les autres clauses licites que les parties considérent comme essentielles.
Les modifications que les parties apportent d un commun accord a la convention , aussitôt après sa conclusion , ne constitue pas un nouveau contrat , mais sont censées partie de la convention primitive,si le contraire nest pas exprimé.
[24]ـ للمقارنة الحرفية و العبارة الناقصة في النسخة العربية للفصل 19 من (ق.ل.ع) ، راجع رضى بلحسن ، م س ، ص 25 ، وراجع أيضا أحمد شكري السباعي ،دراسة تقييمية لقانون الالتزامات و العقود ، تاريخ و تطور و تعديلات و تغييرات محاور الإصلاح ،ندوة الاحتفال بمئوية قانون الالتزامات و العقود سنة 2013 ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية أكدال ، ص 19 .
[25] نجد في النسخة الفرنسية مصطلح( clause) و التي تعني البند و ليس الشرط كما ترجمت في النسخة العربية ، و تكرر هذا الخطأ أيضا في ترجمة العقد الإلكتروني (53.05)، راجع أحمد أدريوش ، م س ، ص 14 .
مأمون الكزبري ،نظرية الإلتزامات في ضوء قانون الالتزامات و العقود ،مطبعة النجاح الجديدة ، الجزء الأول ،الدار البيضاء، ، ص64[26]
ـ راجع قرار المجلس الاعلى ( غير منشور) 1104 الصادر بتاريخ 21 مارس 1995 ملف عقاري 93/1403 جاء في قاعدته أن ” الزيادة في عقد لا يتضمنها أصل العقد و لم يقع الاعتذار عنها ، تعتبر تعديلا في شروط العقد ، و تعديل العقد لا يجوز إلا باتفاق طرفيه”.
ـ مولاي إدريس العلوي العبدلاوي، نظرية الالتزامات في القانون المغربي ، دبلوم الدراسات العليا ، فرع القانون الخاص ، 1977، ص 17. [27]
ـ مامون الكزبري ،م س ، ص 54.
جورج روويت ، مساهمة في دراسة نقدية لفكرة العقد ، باريس ، 1965 ، ص 375.[28]
فيل و تيري : القانون المدني ، الالتزامات ط 2، دالوز 1975، ص53.[29]
وزارة العدل ، شرح قانون الالتزامات و العقود ، 1999 ،ص 53.[30]
[31] ينصالفصل 463 من (ق.ل.ع) : ” تعتبر مضافة لشروط العقد ، الشروط الجاري بها العمل في مكان إبرامه و الشروط التي تقتضيها طبيعته “.
[32] قرار المجلس الأعلى ( غير منشور) عدد 4648 باريخ 27/12/1994 في ملف مدني 83/1830 جاء في الرد على الوسيلة الفريدة ” مراقبة شروط العقد و النظرفي عيوبه من اختصتص محكمة الموضوع ، ولا يحق للمحكمة بمناسبة الدفع بالزور مراقبة شروط العقد الشكلية و التوثيقية و النظر في عيوبه ، لكون ذلك من اختصاص محكمة الموضوع “.
رضى بلحسين (قاض بالمحكمة الإبتدائية بمكناس ) ، حقيقة الفصل 19 من (ق.ل.ع)، م س ، ص 25.[33]
[34]ــ ذ. جمال الطاهري ، المرجوع إليه في تعديل قانون الالتزامات و العقود ، العدد الأول من مجلة الحقوق ، ماي 2006 ، ص 25 .
ــأحمد شكري السباعي ،م س ، ص 14 .
[35] عبد القادر العرعاري ،قانون الالتزامات و العقود بين منظور الإصلاح الشامل و التعديلات الجزئية المحدودة، منشور في المجلد الرابع لتكريم الأستاذ محمد جلال السعيد 2011 ، ص 75ومايليها.
[36] سنسلم أن وزارة العدل استدركت أخطاء الترجمة التي قامت بها بعيد قانون التتعريب و المغربة ، لكن منذ استقلال السلطة القضائية لم يعد ذي أساس أن تتدخل الوزارة في التشريع او ماله علاقة ، كون ذلك سينحصر بين سلطة التشريع ( البرلمان ) و محكمة النقض ( أعلى سلطة قضائية ) الجهتين اللتين لهما حق الإدلاء بتفسير القانون لا غيرهم و هذا ماذهب إليه الأستاذ و الفقيه محمد الإدريسي العلمي المشيشي ، خمسون سنة من القانون الخاص ، مجلة البحوث ، 2009، ص 26 .
تنص الفقرة الاولى من الفصل 418 من (ق.ل.ع): “الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون ……”.[37]
[38] تنص الفقرة الاولى منالفصل 419 من (ق.ل.ع) ” الورقة الرسمية حجة قاطعة حتى على الغير في الوقائع و الاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره و ذلك إلى أن يطعن فيها بالزور “
[39] تنص الفقرة الثانية من الفصل 420 من (ق.ل.ع):” …...و هي أيضا ( الورقة الرسمية) حجة في الامور التي يثبت الموظف العمومي وقوعها إذا ذكر كيفية وصوله لمعرفتها .و كل ماعدا ذلك من البيانات لا يكون له أثر.
” كل شخص يعين في وظيفة قارة و يرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة”.[40]
[41] تنص المادة 48 من قانون 32.09 “تكون العقود و المحررات التي ينجزها الموثق وفقا لمقتضيات هذا القانون الصبغة الرسمية المقررة في قانون الالتزامات و العقود” .
[42] أشار فضيلة الدكتور أستاذنا الحسين بلوش ،الإرتباك القضائي الذي كان يحدث بسبب سوء ترجمة الفصل 22 من القرار الوزاري 1934 ، (راجع الالتزام بالتصريح بالخطر ، ط 2010 ، ص 126ـ 127. )، نفس الشيء بالنسبة لسوء تلرجمة الفصل 14 من الشروط النموذجية ،( راجع قرار المجلس الأعلى قرار عدد 1361 بتاريخ 1994/2/15 (الغرفة الجنائية)،منشور بمجلة المرافعة عدد 6 ص 95. )، ـراجع أيضا في هذا الصدد الترجمة المعيبة لمعاني القانون الفرنسي للتبادل الإلكتروني على القانون (53.05) ، (أحمد أدريوش ، م س ، ص 13 .) ـــــراجع ، وزارة العدل ، شرح قانون الالتزامات و العقود ، م س، مجموعة من التحيينات في الهامش على ضوء أخطاء الترجمة ، راجع النصوص المعيبة الترجمة في قانون الالتزامات و العقود ،( الفصول 505 ، 627 ، 1060 ، 195 ، 485 ، 982 ، 994 )، أحمد شكري السباعي ، م س ، ص 19 و مايليه .
[43] للتعمق أكثر في هذا الموضوع راجع ذ.مصطفى مدرع(رئيس الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى ) ، مفهوم التعليل و قواعده و الإشكاليات التي يطرحها ، دفاتر المجلس الأعلى، العدد 10 ،2005، ص 110 .
[44]G.D genevière ; institutions judiciare et juridictionnelles ; P.U.F. paris , 1987. P45 .
[45] قرار المجلس الأعلى ، منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 63 ص 129 ، ومنشور أيضا في منشورات المجلس الأعلى في ذكراه الأربعين ، 1997 ، ص 69 .
أورده أيضا فضيلة الدكتور أستاذنا الحسين بلوش ، الالتزام بالتصريح بالخطر ، طبعة2010، ص 126. ـ
أستاذنا الحسين بلوش ، م س ، ص 126.[46]
[47] قرار عدد 1361 بتاريخ 1994/2/15 (الغرفة الجنائية) ، قرار منشور بمجلة المرافعة عدد 6 ص 95.
ذ.هشام العبودي(قاض بالمحكمة التجارية بالرباط) ، لغة التقاضي في القضاء المغربي ، 2016،مقال منشور في موقع : [48]
.www .mahkamaty.com/blog/2016
[49] قرار صادر بتاريخ 1983/11/25 عدد 263 جاء فيه مايلي ” إذا كانت اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد فغن مقتضيات الدستور المحتج به لا تمنع استعمال اللغة الأجنبية إذا مادعت الضرورة إلى ذلك “
[50] Didier lamèthe ;olivier moreteau ; l interprétation des textes juridiques rédigés dans plus d une langue . RIDC.2006 ; p 332 .
[51] ذ. هشام العبودي ، م س ، مقال منشور في موقع www.mahkamaty.com .
[52] تنص المادة 431 من (ق.م.م) في فقرع الأولى و الخامسة مايلي ” يقدم الطلب ـ إلا إذا نصت مقتضيات مخالفة في الاتفاقيات الدبلوماسية على غير ذلك ـبمقال يرفق بما يلي :
1….4ـ ترجمة تامة إلى اللغة العربية عند الاقتضاء للمستندات المشار إليها أعلاه مصادق على صحتها من طرف ترجمان محلف .
قرار المجلس الأعلى ، عدد 212 ، مؤرخ 1980 /4/30 ، في الملف المدني 73751 (قرار غير منشور).[53]
قرار المجلس الأعلى ، عدد 2698، مؤرخ 26/5/1999، ملف مدني عدد 94/2848 (قرار غير منشور).[54]
قرار المجلس الاعلى ، عدد 2468 ، مؤرخ 2003/09/10 ، ملف مدني 2002/928 (غير منشور).[55]
قرار عدد 708 مؤرخ 2003/10/2، في ملف إداري عدد 1999/1/4/356 ، منشور بموقع محكمة النقض : [56]
، تم الإطلاع عليه يوم 9/9/2019 على الساعة 19:47 .www.courdecassation.ma
[57] في اعتقادنا أن هذا المبرر لا يعدو ان يكون هروبا من القضاء الإداري للعب الدور المنوط به ، و هو حماية المواطنين من تعسف الإدارة سندا بالدستور الذي استند عليه نفس القرار في الجواب على الوسيلة الثانية المتعلقة بالرفض الضمني للطلب المذكور ، ولئن كان القرار تحدث عن الأمر ، فإن المصطلح ورد على وجه الإطلاقية ، و مادام الأمر كذلك يمكن أن يجري على الأوامر المستعجلة في اختصاص محكمة الرئيس ، و بالتالي فإن المستقر عليه أن القضاء لا يعطي الأوامر ، لكنه يحكم بها تواجهيا ، كونه الجهة التي تلزم الحياد بين المتقاضيين ، أشخاص عامين كانوا أو خواص ، و بالتالي يكون هذا المبرر غير ذي موضوع كون مبدأ فصل السلط لا يدخل في هذا النطاق و ان هذا المبدأ و إن استدل به في غير وجهه لأن الفصل ليس سلبيا بين السلطتين إذ ليس هناك مايمنع على التنسيق بينهما ،بالإضافة أن القضاء الإداري له صلاحية مراقبة قرارات الإدارة و إلغائها و الطعن فيها بموجب نص دستوري (الفصل 118) ، و بالتالي فمبرر فصل السلط غير ذي اعتبار كون العلاقة قائمة بين السلطتين بشكل تنسيقي أو تدريجي .
حكم المحكمة الإدارية بالرباط ، عدد 4550 ، مؤرخ 20/10 /2017 ، منشور في موقع : [58]
تم الإطلاع عليه يوم 7/9/2019 على الساعة 17:15.. www.lejuriste.ma
قرار منشور بمجلة المرافعة عدد 6 ص 95.[59]
القرارين أوردهما رضى بلحسين ، م س ، ص 27.[61]
[62] ” سيحتاج قاضينا ليكتمل دوره الداعم للعدالة إلى ثقافة غير قانونية ، أي مايتعلق بموافقته و قناعته في قضايا الحياة الاجتماعية و السياسية و الأخلاقية و القيمية و حتى الجمالية ….، و إن تأهيل القاضي لا يقتصر على حفظ أكبر عدد من النصوص و معرفته بأصول المحاكمات و المرافعات ، بل يجب عليه الاهتمام بثقافته ، فدور القاضي هو إعلاء مكانة القانون .
ــ راجع لؤي حسين ، القاضي العادل و القانون المنصف ، مقال منشور بتاريخ 23 أيلول 2007 بموقع : www .voltairenet.org/article151654.
[63] فالقاضي الذي يعتقد بأن دور المرأة محصور كونها ربة بيت ، و انه من الحري بها المكوث في بيتها لا تخرج منه للعمل إلا للضرورات القاهرة ، لا أعتقد انه يمكنه ان يحكم بالعدل ، وإن حكم بالقانون ، في قضية امراة عاملة ، و القاضي الذي يرى فضلا للمراة المحتشمة على المراة السفور لن يكون عادلا مع هذه الاخيرة لو تعرضت للتحرش أو الاغتصاب ، حتى لو حكم لها بموجب القانون . وكذلك هو القاضي الذي يعتبر أنه من الأولى على المراة المغتصبة أو المعتدى عليها جنسيا أن تتستر على مصيبتها ، لما فيه خير لسمعتها و شرفها و عرض أهلها ، فيحكم ” لها” بالزواج من مغتصبها عقوبة له .
ـ لؤي حسين ، م س ، مقال منشور بتاريخ 23 أيلول 2007 .
[64] أحمد السكسيوي ، أزمة التشريع بالمغرب ….صياغة غير منضبطة و فاعلية غائبة ! ، مقال منشور بموقع مدونات الجزيرة ، في يوم 3/9/2018 ، تم الإطلاع عليه يوم 10/9/2019 على الساعة 00:34 .
محمد الإدريسي العلمي المشيشي ، خمسون سنة من القانون الخاص ،مجلة البحوث، 2009، ص 23 . [65]
وزاد الأستاذ( محمد حسن قاسم في كاب ترجمته لباب العقود في تعديلات القانون المدني الفرنسي ، طبعة 2018 ، ص 10) أن المشرع الفرنسي في تعديلات 10 فبراير 2016 كان من أهم مبادئه أن تسترجع المدونة الفرنسية بريقها اللغوية في التبسيط و الجمال و الوضوح ، وإن كان الأستاذ عبد الرزاق السنهوري من الآخاذين على مدونة نابليون للافتقار للدقة لكن اعترف لها بالوضوح و الجمالية ، عكس القانون المدني الألماني الذي امتاز بالدقة العالية حتى اتهم بالغموض ، لكن المدونة المدنية التي امتازت بكلا الامتيازين هي المدون السويسرية للقانون المدني .(راجع عبد الرزاق السنهوري، على أي أساس يكون تنقيح القانون المدني المصري ، الكتاب الذهبي للمحاكم الأهلية ، الطبعة الثانية ، نادي القضاة، 1990 ، ص 70 .)
[66] ” هناك تطور سلبي على شكل النصوص التشريعية التي ترد على القانون الخاص في بلادنا في السنين الأخيرة ، و لعل مرد الأمر هو نهج الإقتباس الحرفي أو الإستنساخ بتعبير أصدق للقانون الفرنسي الذي صار هو أيضا حاملا لذات العيوب جراء خضوعه لحتمية التنسيق مع القوانين الأوروبية و اعتماد بعض المصطلحات القانونية الأنجلوساكسونية …..”
ــراجع محمد الإدريسي العلمي المشيشي ، م س ، ص 23 .