بوشعيب أيت حدوا : قراءة في القانون الجديد للقوات المساعدة-ما الجديد ؟-
- من إعداد : بوشعيب أيت حدوا
- عنوان المقال : قراءة في القانون الجديد للقوات المساعدة : ما الجديد في القانون الجديد للقوات المساعدة؟ قراءة مفصلة في القانون 67.17 المتعلق بالتنظيم العام و النظام الأساسي الخاصين بالقوات المساعدة.
أمر ملكي.. ثم صيغة ثم مصادقة..
يوم الاثنين 22 يناير 2018 و خلال مجلس وزاري جمعه بوزرائه، صادق جلالة الملك محمد السادس القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية على مشروع ظهير شريف يتعلق بإعادة تنظيم جهاز القوات المساعدة، و ذلك بتغيير كلي للقوانين المنظمة له و التي يعود بعضها إلى بداية تأسيس الجهاز سنة 1973،
و استبشر العديد من المخازنية و خصوصا ذوي الدرجات الصغيرة بهذا المشروع الذي سينقذ العديد منهم من الحالة الاجتماعية و المادية التي كانوا يعانون منها،
فكثر الحديث منذ تاريخ الإعلان على مصادقة الملك عليه و كثرت التكهنات و الاحتمالات و الاجتهادات و انتشرت الإشاعات بكثرة و ساهمت المجموعات الواتسابية و صفحات الفيسبوك على نشرها بين الخواص و العوام، حتى أن مجموعة من المقالات انتشرت خلال الأسابيع الماضية تعلن عن مقدار الزيادة في الرواتب و تعويضات السكن التي لم يكن رجال القوات المساعدة يستفيدون منها على غرار زملائهم في الشرطة أو الدرك. لكن مجموعة محددة من كبار الضباط في المفتشيتين، و هي التي كانت مكلفة بإعداد القانون الجديد، و بعد اعتكاف بالرباط دام ما يقارب من الستة أشهر بين إعداد و تعديل و إعادة صياغة، كانت لها رؤيتها الخاصة للإصلاح و نظرة مخالفة لما يظنه الجنود و ضباط الصف.
طال انتظار الجميع نسبيا إلى حدود مساء الثلاثاء 6 مارس 2018 حيث جاء أول خبر علي لسان مقدمة الأخبار في القناة الأولى يبشر المنتظرين بمصادقة لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب بالإجماع على مشروعي قانون، الأول يتعلق بالتنظيم العام للقوات المساعدة تحت رقم 67.17 بنسخ الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.75.73 الصادر في 12 أبريل 1976 (جريدة رسمية عدد 3313 الصادرة يوم 28 أبريل 1976) و الثاني هو الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.72.533 الصادر في 4 أبريل 1973 المتعلق بالنظام الأساسي الخاص برجال القوات المساعدة، لكن وزير الداخلية عبد الوافي الفتيت و خلال تصريح له حول هذين المشروعين لم يشر إلى تفاصيل أكثر حول تحسين الوضعية المادية لرجال القوات المساعدة بشكل صريح، و هو ما يهم الجميع، إنما استرسل في ذكر ايجابيات القانون الجديد خاصة فيما يتعلق بتكريس الصبغة العسكرية للجهاز و إعادة هيكلة المصالح المركزية و غير الممركزة و غيره من الكلام الذي لا يهم الطبقة الصغيرة ماداموا سيؤدون مهامهم كيفما كان التغيير، و هو أيضا نفس الكلام الذي صرح به ممثلو الأمة مسرورين فرحين بمصادقتهم بالإجماع على مشروع قانون أكد أحدهم في حديث هاتفي لكاتب هاته الأسطر أن مثل هاته المشاريع لا يطلعون على تفاصيله مادامت تهم جهازا حساسا و تحت إشراف ملك البلاد، حتى أن مدة المناقشة لم تدم سوى بضع دقائق رفع فيها الجميع أياديهم بالإجماع.
و بعد مرور أقل من شهر، و بالتحديد يوم الجمعة 13 أبريل، صادق مجلس النواب بالإجماع على نفس القانون في خطوة ثانية و عاد الوزير الفتيت ليعيد نفس التصريح الذي سبق أن أدلى به، حتى أن المعنيين بالمستجدات تساءلوا عن الهدف من هذه المصادقة بعد المصادقة الأولى، و سيتساءلون أيضا يوم 23 مايو بعد مصادقة مجلس المستشارين بصفة نهائية على القانون الجديد التي تلاها نفس التصريح من نفس الوزير، في حين رجال القوات المساعدة بمختلف طبقاتهم ينتظرون صدور الجريدة الرسمية لعلها تأتي بتفاصيل جديدة تنهي الجدال و تضع حدا للإشاعات و تجعلهم يعيدون ترتيب أمورهم بعد زيادات منتظرة في الأجور، و هو الأمر الذي لن يتحقق لهم مادامت فئة صغيرة بعيدة عن هموم الطبقات الصغرى هي من تصوغ القانون على هواها.
الجريدة الرسمية..
و جاء اليوم الموعود 28 يونيو 2018، حيث صدرت الجريدة الرسمية عدد 6686 حاملة في 24 صفحة تفاصيل القانون الجديد، و انتشرت انتشار النار في الهشيم بين كل صغير و كبير في الجهاز، و سنحاول فيما يلي التطرق إلى أهم المستجدات التي عرفتها القوانين التنظيمية لجهاز القوات المساعدة في هذا القانون مقارنة مع القانون الأول الصادر في الجريدة الرسمية عدد 3313 الصادرة يوم 28 أبريل 1976 بمثابة التنظيم العام للقوات المساعدة و كذا النظام الأساسي الخاص الصادر في الجريدة الرسمية عدد 3154 بتاريخ 11 أبريل 1973، و سنحاول إلقاء نظرة سريعة على الشكل الذي خرجت به القوانين الجديد ثم نتطرق بعد ذلك إلى مضمون بعض المواد قبل أن نختم هذا البحث المتواضع بملاحظات قد تعيد الحديث حول مدى نجاعة التشريع في ميدان حساس باكتسائه الصبغة العسكرية، و مدى مشروعية اللجنة المكلفة بصياغة القانون في صيغته الحالية التي أثارت استياء جميع صغار الموظفين في الجهاز بدون استثناء.
على مستوى الشكل :
سنقتصر في هذه المقارنة على ظهير 1976، لكن قبل ذلك لابد من الإشارة إلى أن أول قانون للتنظيم العام للقوات المساعدة ظهر مع بداية تأسيسها سنة 1973 ليكون بالتالي اللبنة الأولى و حجر الأساس الذي تأسس عليه الجهاز بأمر من المغفور له الحسن الثاني رغبة منه في تعزيز قوات الأمن في البلاد في وقت بدأ فيه المغرب يشق طريقه بالجهاد الأكبر نحو التنمية عملا بمقولة المغفور له محمد الخامس، بعده بثلاث سنوات ظهر القانون الذي حرر في صفحتين و 15 فصلا فقط معرفا بالقوات المساعدة و مهامها و تشكيلها و ظروف تدخلها و اشتغالها كما بينت بعض الفصول درجات و رتب العاملين بالجهاز. و بالعودة إلى القانون الجديد الصادر مؤخرا، فإن إعادة تنظيم القوات المساعدة جاء ضمن القسم الأول -على أن القسم الثاني خصص للنظام الأساسي- في أربع صفحات و 24 مادة مقسمة على ثلاثة أبواب، و كان أبرز ما جاء فيه مهام القوات المساعدة و تشكيلاتها و شروط تسخير وحدات التدخل و بعض الإحكام المختلفة التي سنتطرق إليها فيما بعد.
و بخصوص النظام الأساسي الخاص برجال القوات المساعدة و هو ما يهم هذه الفئة أكثر، فسنعتمد ظهير 1973 كأول نظام خاص دون أن نغفل بعض التغييرات التي طرأت على بعض الفصول فيه، و عليه، فإن هذا النظام الأساسي جاء في ست صفحات احتوت علي48 فصلا مقسما ثمانية أبواب تشمل على كل ما يتعلق بإدارة و تدبير شؤون الموظفين من وضعياتهم بمختلف أنواعها و إجازاتهم و حقوقهم و واجباتهم و شروط ولوج الجهاز حتى تعيينهم ثم العقوبات المطبقة في حقهم في حالة المخالفات، كما تمت الإشارة أيضا و في صفحتين أخريين إلى مرسوم يهم تحديد الأرقام الاستدلالية و شروط الترقي و الإدماج، و بالعودة إلى القانون الجديد نجده اهتم أكثر بأفراد القوات المساعدة حيث خصص المواد من 25 إلى 84 للنظام الأساسي أي ما بقارب الستين فصلا، جاءت ضمن القسم الثاني مقسمة ستة أبواب مختلفة التسمية، تعالج أسلاك و رتب و وضعيات و حقوق و واجبات الموظفين، و باب أخر(الباب الرابع) تحت عنوان المكافآت و العقوبات التأديبية، خلافا للباب السادس من نظام 1973 الذي جاء معنونا فقط بالعقوبات التأديبية دون ذكر للمكافآت، ثم بابين يتعلق الأول بشروط ولوج الجهاز و التعيين ثم الباب الأخير المتعلق بالترقي و جاء في 18 مادة في حين جاء قسم الترقي في النظام القديم في 12 فصلا. و الملاحظ على الصعيد الشكلي أن القانون القديم مقسم بين ظهيرين و جاءت فقراته في فصول في حين جاءت في القانون الجديد في شكل مواد و تحت غطاء ظهير واحد فقط.
بقي أن نشير إلى عدم خوضنا في بعض المراسيم الجديدة الملحقة خاصة مرسوم تنظيم المصالح المركزية و غير الممركزة لإدارة القوات المساعدة و كذا مرسوم تنظيم مدرسة تكوين الأطر ببنسليمان آملين أن نخصص مقالا مفصلا لهذا الموضوع في مناسبة قادمة.
على مستوى المضمون :
التنظيم العام للقوات المساعدة.
لم يأت القانون الجديد بجديد يذكر في مستوى مهام القوات المساعدة التي يجري عليها النظام العسكري التي كانت و مازالت تمارس مهمة الحفاظ على النظام و الأمن العموميين و ذلك إلى جانب جميع القوات الأمنية الأخرى، و تقديم المساعدة في جميع الآفات و الكوارث، كما يمكن أن تقوم بأي مهمة تسند إليها في نطاق اختصاصها، و نصت المادة 24 على مهام الحراسة و والحماية لفائدة إدارات الدولة و المنشآت العمومية و هي مهام قديمة تعهد إلى المخازنية دون تنصيص عليها في القوانين القديمة. لكن على مستوى التشكيلة فقد عرف الجهاز عدة تغييرات عبر السنوات الماضية ليستقر الرأي الأخير على مسايرة نظام الجهوية الموسعة فنصت المادة الرابعة و الخامسة و السادسة على التقسيم الجديد للمصالح المركزية و الغير الممركزة. و إذا كانت المصالح غير الممركزة تحتفظ بالتسلسل القديم أي قيادة جهوية ثم إقليمية ثم وحدات الحرس الإقليمي، فإن المصالح المركزية المتمثلة في المفتشيتين العامتين عرفتا تغييرا كليا، و لأول مرة يتم دمج مجموعة من المصالح على شكل ثلاث مديريات، و قد يظن البعض أن هذا الدمج من شأنه الاقتصاد في الأعباء المالية أو توجيه اعتماداته إلى ما يعود بالنفع على الموظفين الصغار، لكن ما راج في الكواليس أثبت أن الصراع محتدم منذ ثلاث سنوات بين الرؤوس الكبار في الجهاز من أجل خلق اكبر عدد من مناصب المسؤولية و توجيه نسبة كبيرة من التعويضات المادية لها، و هو ما كان لهم إرضاء للأقرباء و الأصدقاء و ذلك بعد توسيع المديريات الحديثة النشأة إلى 12 قسما تحتوي بمجموعها على ما يقارب من 30 مصلحة و هو عدد ضخم مقارنة مع ما كانت عليه المفتشيتان قبل الإصلاح –إن جاز أن نسميه إصلاحا حيث الأصل أنه تخريب-، كما تم إحداث مجموعة من المكاتب التابعة للمفتش العام بكل مفتشية دون الحديث عن المصالح غير الممركزة و التوسيع الذي وقع بداخلها و المصالح المحدثة بها.
النظام الأساسي الخاص بأفراد القوات المساعدة.
أول ملاحظة يمكن إبداؤها هي بخصوص الفقرة الثانية من المادة 25 بمثابة المادة الأولى من النظام الأساسي لرجال القوات المساعدة و التي لم يتم التطرق إليها من قبل في القوانين السابقة، تنص الفقرة على خضوع أفراد القوات المساعدة لاختصاص المحكمة العسكرية و للقانون 108.13 المعلق بالقضاء العسكري، و يرى البعض أن استهلال النظام الأساسي بهذه المادة ليس بريئا و ليس اعتباطيا، إنما جاء لتكميم أفواه صغار الموظفين و تهديدهم خصوصا بعد الاستياء و الضجة المنتظرة بعد صدور القانون الجديد، و هو استياء ملحوظ بين المخازنية سرعان ما أعقبه تهديد مباشر بالسجن لكل من تسول له نفسه الحديث عن القانون الجديد، و عندما أقول صغار الموظفين فإنني استثنيت الضباط و خصوصا السامون رغم أن المادة نصت على “أفراد ق.س” و هذه قناعة شخصية نابعة من تاريخ المحاكمات التي خضع لها بعضهم في عدة اختلالات وصلت درجة خيانة الأمانة خصوصا في مجال الهجرة السرية و تجارة المخدرات حيث نجدهم اليوم في مناصب عليا بكامل الامتيازات و ذلك بعد قضائهم عقوبات خفيفة، في حين نجد بعض المحاسبين من ضباط الصف يقبعون في السجون لمدد تتراوح بين 5 و 10 سنوات، بسبب أخطاء حسابية أحيانا و في أحيان أخرى بإيقاع من مسئوليهم الكبار.
و في الباب المتعلق بالرتب، ثم إحداث رتبة استثنائية جديدة بالنسبة للمفتشين الممتازين و هي رتبة المفتش الممتاز من الطبقة الاستثنائية، و تأتي هذه الرتبة بعد صراع طويل من أجل رتبة الكولونيل ماجور أسوة بالقوات المسلحة الملكية لكن دون تحقيق الحلم المنشود، لكن عموما تبقى هاته الرتبة الاستثنائية من أهم انجازات اللجنة حسب أقوال المقربين منها. و تم تقسيم سلك ضباط الصف إلى سلكين دون تغيير يذكر في الرتب أو الدرجات اللهم تغيير طفيف في التسمية لن يؤثر في شيء.
بالانتقال إلى الوضعيات التي يمكن أن يكون فيها أفراد ق.س نجد إضافة وضعية جديدة مقارنة لما في القانون القديم وهي الوضع رهن الإشارة أسوة بالوظائف العمومية الأخرى، لكن لا وجود لذكر وضعية التوقيف المؤقت عن العمل عملا بقانون الوظيفة العمومية و لاسيما الفصول 58 و 59 و 60 التي تنص على إمكانية التوقيف المؤقت عن العمل بطلب من الموظف لمدة معينة و ذلك لأسباب شخصية أو غيرها،
واجبات و واجبات…
و في الشق المتعلق بالحقوق و الواجبات نجد المخزني دائم الخدمة و لو لم يكن يرتدي الزي الرسمي أو خارج أوقات العمل أو حتى خلال الرخصة أو الإجازة، لكنه أمر مقبول مادام يخضع للنظام العسكري، و يمنع عليه الانخراط في الأحزاب و النقابات كما أكدت على ذلك المادة 41 في القانون الجديد و الفصل 19 من القانون 1.72.533، أما الإدلاء بصوته الانتخابي بهو أمر غير وارد عملا بالعرف القائم في غياب نص قانوني يمنع من ذلك في كل القوانين السابقة و الحديثة، و هو ما يقيد تفعيل حق دستوري مكفول للجميع و هو حرية الاختيار للمواطن مادام التصويت حق و واجب وطني، كما أن الزواج متوقف على موافقة من المفتش العام بعد بحث دقيق حول الزوجة و مقيد بعدد من السنوات وجب على الموظف استيفاؤها تزداد كلما توغل في أسفل السلالم و الرتب و تنعدم بمجرد حمله نياشين الضباط و لو كان مبتدئا، و كم من قصة حب انتهت كرها بعدم موافقة المفتش العام أو لتراجع الخطيبة بعد طول مدة انتظار الرخصة و هو أمر شائع جدا بين شباب ق.س.
و بخصوص الإجازات السنوية نجد أن القانون القديم كان أكثر وضوحا في هذا الأمر حيث تم تخصيص الباب الثالث للتفصيل في الإجازات السنوية و الاستثنائية حددت الأولى في شهر عن كل سنة مؤداة الأجرة رغم غياب التطبيق خصوصا عند وحدات التنقل التي لا يستفيد أفرادها إلا من أسبوعين كأقصى تقدير، كما أن الفئات الأخرى و بالضبط موظفي المفتشيتين و إن كانت تستفيد من شهر كامل لكن بالتقسيط ومقسمة على فترتين أو أكثر و ليست مجموعة خلافا لما عليه الوضع لدى موظفي الدولة، ثم لابد من شروط أخرى كعدم سفر جلالة الملك إلى خارج أرض الوطن، و هو شرط مجحف في حق الموظفين نظرا لكثرة سفريات جلالته، و بالعودة إلى القانون الجديد نجده لم يفصل في هذه الرخص و اكتفى بالإشارة إلى استفادة الأفراد من الرخص السنوية و الاستثنائية في المادة 49 فقط دون إعطاء تفاصيل أكثر على المدة و الكيفية، ليبقى الاجتهاد لدى المفتشان العامان حسب المادة 23 لإعداد النظام الداخلي و دليل المساطر الذي تتوقع شريحة كبيرة من العالمين بخبايا دهاليز المفتشيتين أن يأتي مجحفا أكثر في حق فئة دون الضباط. لكن تبقى المادة 44 هي الجديدة الوحيدة في باب الحقوق و الواجبات و التي جاء بها القانون الجديد و التي تهم استفادة أفراد ق.س من حماية الدولة التي يتمتع بها العسكريون و هي نفس المادة السابعة من النظام الأساسي لموظفي الأمن الوطني التي فعلها الحموشي السنة الماضية لموظفيه، و يتوقع البعض تأخر صدور مذكرة تفعيل بشأنها مادام المعنيين بالأمر بالدرجة الأولى و هم الضباط يتمتعون دوما و أبدا بنوع من الحماية التي سبقت الإشارة إليها قبل قليل.
مكافأة … و عقوبات بالجملة..
أنتقل إلى باب المكافآت و العقوبات التأديبية، و كما سبق أن أشرت إليه، فالجديد الظاهر في هذا القانون هو تنصيص المادة الأولى من هذا الباب على استفادة الأفراد من المكافآت أثناء قيامهم بأعمال استثنائية و بطولية دون ذكر لأي تحفيزات مادية تشجيعا للمردوية، كل ما في الأمر رسالة أو خطاب أو شهادة تقديرية كتلك التي توزع على تلاميذ الابتدائي أو وسام صغير الحجم يعلق على صدر الفرد في المناسبات دون أن يكون من ورائه عائد مالي يدخل الفرحة على عائلة “البطل”، أما العقوبات فجاءت بالجملة مفصلة في ثلاثة جداول موزعة على خمس مواد حيث خصص كل جدول لسلك معين من الأسلاك الثلاثة المكونة للجهاز، و يلاحظ إضافة درجة جديدة من العقوبات لكل من فئتي الضباط و ضباط الصف في القانون الجديد مقارنة مع السابق مع توسيع كبير في كل نوع من درجات العقوبات تختلف من الإنذار إلى غاية العزل المصحوب بتوقيف الحق في التقاعد مخول لجلالة الملك بالنسبة الضباط أو لوزير الداخلية في حق ضباط الصف، أما الجنود فتوجد في حقهم عقوبات مختلفة دون الإشارة إلى درجتها.
تهديد و وعيد ثم تشديد في التوظيف..
عودا على بدء، و كما سبقت الإشارة إليه في دراسة شكل القانون الجديد، يلاحظ ورود شروط الولوج و التعيين في القوات المساعدة في الباب الخامس بعد التفصيل في العقوبات عكس ما جاء في القانون السابق الذي أعطى الأسبقية للولوج على العقوبات، و هذا أمر له دلالته أيضا، و يمكن قراءة هذا الترتيب بنوع من الإنذار و التنبيه لكل من ستسوِّل له نفسه التفكير في ولوج الجهاز، ذلك أن لائحة طويلة من العقوبات تنتظر المخالفين، ما قد يجعل العديد من الشباب يعيدون النظر في اختياراتهم المهنية، و هم أمر مخالف للقوانين الدولية و للوثيقة الدستورية التي تنص على حق التشغيل لكل المواطنين دون ترهيب بالطبع، و الترهيب أيضا جريمة يعاقب عليها القانون. و في تفاصيل شروط الولوج كما فصلها المرسوم رقم 2.17.826 الملحق بالظهير الجديد، نجد تشديدا في تلك الشروط مقارنة مع ما جاء في القانون القديم، و أول الملاحظات هو الرفع من القامة و تقليص السن الأقصى إلى 24 سنة بعدما كان 28 سنة خلافا لكل الوظائف العمومية الأخرى التي رفعت من السن إلى أكثر من 30 سنة في بعضها، و الغريب وجود استثناء لرفع السن إلى 28 سنة و هو حق مخول للمفتش العام فقط و ذلك في حدود 5 في المائة من المناصب، و بالتمعن في هذه المادة (المادة 2 من المرسوم 2.17.826 ص 4170 ج.ر عدد6686 بتاريخ 28 يونيو 2018) نجد أن المرسوم أعطى فرصة قانونية للتلاعب في نتائج التوظيف و الاحتكام إلى الزبونية كما كان عليه الأمر من قبل و ذلك دون رقيب أو حسيب. و لإضفاء نوع من الشرعية على قوانين التوظيف نصت المادة 64 من القانون الجديد على إمكانية إدماج أبناء و أزواج أفراد القوات المساعدة المتوفون في سلك الجهاز و ذلك في حدود 5 في المائة من المناصب، و لم تتم الإشارة إلى أبناء الموظفين الحاليين كما هو معمول به في الأجهزة الأمنية الأخرى، ما يطرح أكثر من علامة استفهام لدى البعض.
الصدمة.. لا ترقية بعد اليوم..
و أنتقل إلى الباب الذي شكل الصدمة الكبرى التي أصابت جميع ضباط الصف و الجنود في حين جعل الضباط يعيشون أزهى فترات خدمتهم، و لحد كتابة هذه الأسطر لم نجد تفسيرا لما أقدمت عليه لجنة صياغة القانون الجديد بعدما بالغت في الإجهاز على حقوق الفئات الصغرى و ذلك بالزيادة في سنوات الاقدمية من أجل الترقي إلى الرتب الأعلى، في حين قلصت من هذه السنوات للضباط بمختلف رتبهم. و هذه الخطوة سيكون لها ما بعدها من تداعيات حيث ستجعل البعض من صغار الموظفين يقضون مددا تصل إلى 20 سنة في نفس الدرجة دون أي امتيازات تذكر في الوقت الذي كانوا سيصلون فيه إلى رتبة مفتش من الطبقة الثالثة (ليوتنان) أو حتى مفتش ممتاز من الطبقة الثالثة (كومندار)، و هذا الأمر جعل معنويات الكثيرين تنزل إلى الحضيض خصوصا أن تطبيق هذه المادة تسري بأثر فوري فور صدور الجريدة الرسمية، والعديد ممن كانوا سيرتقون الرتب العليا هذه الأيام سيكونون مضطرين للانتظار سنتين إضافيتين ما سيجعلهم في تأخر مقارنة مع زملائهم الذين استفادوا من الترقية السنة الماضية، أما بالنسبة للضباط فقد تم تقليص سنتين من الاقدمية تسري بدورها بأثر فوري، و البعض منهم يسابق الزمن و يستعد هذه الأيام للاحتفال برتبته الجديدة بعدما كان مقررا له الترقي بعد سنتين، و لأن الترقية عند هذه الفئة تأتي قبل الوقت المحدد فقد تم إنشاء رتبة جديدة بعد استنفاذ كل الرتب و هي رتبة مفتش ممتاز من الطبقة الاستثنائية. و كما يقول المثل مصائب قوم عند قوم فوائد. و الجديد أيضا في هذا الصدد كون فئات رجال الصف و ضباط الصف ينتقلون إلى الرتبة الموالية تلقائيا عكس طريقة التدريب القديمة حيث يقضي الفرد مدة 45 يوما تتوج بامتحان الترقي، لكن هذه المرة لا وجود لتدريب و حسب الاستحقاق، الشيء الذي سيفتح الباب أمام طريقة الترقي خلال السنوات الأولى من تأسيس الجهاز حيث كان الأمر يتوقف على الزبونية و المحسوبية و قوة العلاقة الشخصية بين المرؤوس و الرئيس و غيرها من الاعتبارات المبنية على الباطل.
تعويضات قديمة.. لم تتغير!!
علاقة بما سبق، و خلال البحث عن مستجدات النظام الأساسي للأمن الوطني و مقارنتها بقانون ق.س، خصوصا ما تقدم به الحموشي من إصلاحات و إن لم يصادَق عليها بعد، نجد أن غيرة المسؤولين في هذا الجهاز تتجاوز كل ما هو شخصي لتكون شاملة لكل موظف في الجهاز كيفما كانت رتبته أو مستواه التعليمي أو الفكري أو المهني، فلقد تقدم إلى الحكومة بمشروع قانون أهم ما جاء فيه تقليص سنوات الاقدمية من أجل الترقي من 6 سنوات إلى 4، تحفيزا للأفراد على المردودية و التفاني في العمل، فأين جهاز القوات المساعدة الأخ الشقيق و التوأم الحقيقي لجهاز الأمن الوطني المنضويان تحت وزارة الداخلية. أفراد القوات المساعدة ضحايا النظام الجديد، لم يعد همهم رتبة أو درجة أن نياشين يعلقونها فوق أكتافهم، كل ما يهمهم زيادة في رواتبهم تحفظ لهم ماء وجههم أمام المواطنين و الموظفين الآخرين بعدما انتشرت الإشاعات بزيادات في الرواتب حيث سيصل أدناها 5000 درهم، و كان ذلك مباشرة بعد مصادقة الملك على مشروع القانون في يناير.
و ما سيزيد الطين بلة، نسخ الجدول الخاص بالتعويضات عن الأخطار و التأطير و المهام كما كان بالسابق دون أي تغيير يذكر، خلافا لرغبة جلالة الملك الذي أمر بتحسين الوضعية الاجتماعية لأفراد القوات المساعدة، لكن لا يمكن لضباط اللجنة المكلفة بصياغة القانون أن يقفوا مكتوفي الأيدي دون زيادة في تعويضاتهم، صحيح، لأنهم بخلقهم لمجموعة من الأقسام و المصالح و المكاتب كما أشرت إلى ذلك في مستعرض حديثي عن التشكيلة الجديدة للمصالح المركزية و غير الممركزة، سيركزون على خلق تعويضات مهمة جدا خاصة بالمسؤولية خصص لها جدول طويل تبتدئ من 150 درهم بالنسبة لضابط الصف رئيس فرقة إلى 5000 درهم للمفتشين العامين، و بينهما تعويضات مختلفة أهمها تلك الخاصة بالضباط في حين لا تتجاوز تلك الخاصة بضباط الصف 200 درهم.
وَهْم الأرقام الاستدلالية..
و حتى لا نُتهم بالعدمية، فإن أحد أحسن المستجدات الواردة في القانون الجديد هو الأرقام الاستدلالية الواردة في الجداول الملحقة و التي عرفت تغييرا كليا بالنسبة لجميع الطبقات، و في هذا الصدد ارتفع الرقم الاستدلالي لرتبة مخزني من 100 كادني رقم في قانون 1973 إلى 157 في مرحلة أولى خلال السنة الحالية ثم إلى 192 خلال يناير المقبل، أي بإضافة 92 نقطة، في حين ارتفع الرقم الاستدلالي لرتبة مفتش ممتاز من الدرجة الأولى من 600 إلى 764 في غضون يناير المقبل، لكن يمكن رفعه إلى الرقم 928 إذا اعتبرنا الدرجة الاستثنائية المحدثة أي بزيادة تقدر ب 330 نقطة. و كما أسلفت في بداية هذه الفقرة، لستُ عدميا صحيح، لكن المتمعن في الأرقام الاستدلالية و الفرق الشاسع بين التغيير الواقع فيها بين مختلف الأسلاك، سيلاحظ بلا شك هذا النوع من الإجحاف في حق صغار الموظفين، أي المساعدين و المساعدين الممتازين و رجال الصف، خصوصا عندما يعلم القارئ المحترم أن القيمة المالية لكل درجة من درجات كل رتبة لا تتجاوز في أحسن الظروف 10 دراهم عند رجال الصف في النظام القديم، لينصب التركيز حاليا على قيمتها الجديدة في غياب أي تصريح للمطلعين على خبايا هذه الأرقام الاستدلالية من الضباط، الأمر الذي لا يبشر بالخير حسب قول البعض، فلو كان عكس كذلك لأقاموا الدنيا بتصريحات يمنون فيها على الصغار من الموظفين كما كانوا يمنون عليهم بتوفيرهم للشقق في بعض المدن و أخص بالذكر مفتشية الجنوب بمدينة أكادير.
بل أكثر من ذلك، أصبحوا يهددونهم بإفراغها في حال صدور مخالفة من بعضهم، و الحقيقة أن السكن وفرته لهم الدولة في شخص وزارة الداخلية منذ التقسيم الواقع سنة 2009، و لكن لابد من ذكر بعض الأخبار الصادرة من المفتشيتين خلال اجتماع هيئة صياغة القانون مع الموظفين في قراءة لمضامين القانون و شرح مستجداته و ايجابياته، أكد أحد أقدم الوجوه في ق.س و أعلاها رتبة، أن الأرقام الاستدلالية جاءت في صالح صغار الموظفين و أكد لهم أن المخزني سيستفيد من زيادة في راتبه تقدر ب 400 درهم مقسمة على سنتين، الأولى في يناير 2018 و الثانية بحلول يناير 2019، لكن كل ذلك بشرط استيفاء المخزني ل 18 سنة من الأقدمية في حين لان يستفيد الجدد من أية زيادة ! أوليس هذا بالإجحاف؟ و لأن المناسبة شرط، و بمناسبة ذكر السكن، فلم يتحقق حلم الجميع من صغار الموظفين بإدراج تعويض عن السكن، و هو التعويض الذي مافتئت تنادي بها الفئات الصغيرة أسوة بالأجهزة الأخرى كالأمن و الدرك و قد طال انتظارها له على الأقل من أجل تحقيق العدل و المساواة بين كل أفراد الجهاز الواحد. فالضباط كلهم يستفيدون من السكن في شقق و فيلات فاخرة و هم الذين يتقاضون رواتب محترمة جدا بالإضافة إلى توفرهم على سيارة وظيفية و أذونات المحروقات، في حين لا يستفيد الصغار من أي سكن أو تنقل و هم الذين لا يتقاضون إلا النذر اليسير يذهب أغلبه إلى أصحاب الشقق ثمنا للكراء.
اختلالات بالجملة..
هي اختلالات بالجملة شابت القانون الجديد خلافا للأوامر السامية لجلالة الملك القاضية بتحسين الأوضاع لدى هذه الفئة التي ما فتئت تلعب دورا حيويا في المجتمع المغربي، و بعيدا جدا عن طموحات الأفراد و خاصة الفئات الصغيرة، و بصفتي أحد أفراد هذا الجهاز و المنتمي إلى سلك رجال الصف، فإن الحديث الشريف “انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا” هو الأجدر بالذكر و التطبيق في هذه الحالة، فبعض من إخواني في الجهاز ظالمون سامحهم الله و هم فئة الضباط و بالتحديد المكونين للجنة الصياغة، و لكن الأغلبية الساحقة و هم دون رتبة ضابط مظلومون، لذلك سهرت بعض الليالي و استعنت بشبكة الانترنت و بعض المعارف و بعض مما يروج بين الألسن حتى استجمعت المعطيات الصحيحة و توغلت في مواد القوانين المنظمة للجهاز و للأجهزة الأخرى و للوظيفة العمومية بشكل عام حتى افهم بشكل واضح خبايا النظام الجديد، و كما أشرت إلى ذلك فقد اقتصرت بالتفصيل أكثر على النظام الأساسي الخاص الذي يهمنا جميعا و الذي كان من المقرر أن يأتي بتعويضات مهمة تساهم في رفع معنويات الأفراد، لكن الظالمون كان لهم رأي آخر فاستقووا علينا و ضاعفوا من تعويضاتهم على المهام لدرجة لا يكاد يتقبلها عقل ولا منطق سليم، ذلك أن جميع الضباط كانوا يستفيدون من السكن أو من تعويضاته التي تصل إلى حدود 10 آلاف درهم شهريا لرؤساء المصالح في الوقت الذي لا تتجاوز فيه تعويضات سكن أقرانهم من جهاز الشرطة 4000 درهم، ناهيك عن سيارات المصلحة التي يتوفر بعض منهم على أكثر من واحدة و تكلف الدولة ما مجموعه 2000 درهم من المحروقات شهريا، و هي سيارات من النوع الرفيع بلوحات ترقيم مدنية من فئة “ه-1 xxxx-” تكون تحت الخدمة طيلة أيام السنة و حتى خلال العطلة، زيادة عن ذلك يستفيدون من هواتف نقالة و هواتف مكتبية مفتوحة طيلة اليوم و باشتراكات لا محدودة تقارب فواتيرها الألف درهم شهريا، و هذه كلها امتيازات لم ترد في القوانين السابقة ولا في القانون الجديد، فأضافوا إليها التعويضات المحدثة بمناسبة إنشاء المناصب الجديدة التي سبقت الإشارة إليها. ناهيك عن امتياز توظيف الأبناء الخاص بالضباط حيث قام جميعهم بدون استثناء بتوظيف أبنائهم و بناتهم كضباط في مختلف أجهزة الأمن من شرطة و قوات مساعدة و جيش، مع تعيينهم في مناصب مهمة و مدن باختيار منهم في الوقت الذي تواجَه طلبات الجنود و ضباط الصف بالرفض المطلق. هذه فقط بعض من الاختلالات بالجهاز و غيرها كثير لا يسع المجال لذكرها.
أسئلة مشروعة..
و تبقى الأسئلة الأكثر إلحاحا هي ما مدى مصداقية قانون مصادق عليه بالاجماع في مجلسي البرلمان و المستشارين؟ و لماذا صادق النواب و المستشارين على هذا القانون الذي تداولوه كثيرا بينهم في لجنهم رغم أنه لم يطبق ما أمر به جلالة الملك؟ و أين تتجلى رقابة البرلمان على مثل هذه المشاريع و القوانين مادام القانون خرج بهذا الشكل المذِلّ؟ و لماذا يصادق النواب بالإجماع على القوانين ذات الصبغة العسكرية فقط لمجرد أن الملك هو من أعطى الأمر بتعديلها أو صياغتها؟ في هذا الصدد يتحدث بعض البرلمانيين من مختلف الفرق بعيدا عن أعين الكاميرات و الميكروفونات ليؤكدوا أنهم لم يطلعوا على تفاصيل هذا المشروع، إنما صادقوا بالإجماع تنفيذا للأوامر الموجهة إليهم مادام المشروع يهم موضوعا حساسا و لا يعلم بخباياه إلا أهل التخصص و الميدان، كما أن مناقشته من طرف النواب الذين ينحدرون من خلفيات مدنية ولا صلة لهم بالميدان العسكري قد تكون غير ذي جدوى، بل أن بعض الامتيازات التي ذُكرت في القانون الجديد ستجعلهم يظنون أن الأمر فعلا يتعلق بتحسينات مهمة في حين أن الواقع غير ذلك، و قد ذكرت كل ذلك بالتفصيل فيما سبق.
و لم يتبق لنا كأفراد القوات المساعدة ضحايا القانون الجديد إلا أن نناشد جلالة الملك، القائد الأعلى و رئيس أركان الحرب العامة للتدخل من أجل وضع حد للجشع و الطمع الذي يعشش في تفكير المسئولين عن القطاع حتى تعود للجهاز قيمته التي فقدها بعد الاحتكام إلى السلطة و المنصب و ليس إلى المردودية، فعندما تطغى المطامع الشخصية للسلطة وتعويضات المسؤولية الضخمة على القيم و المبادئ العسكرية في مثل هاته الأجهزة، و عندما يفقد الجندي الثقة في مؤسسته العسكرية بسبب اختلالات المرؤوسين، و عندما يرى الظلم و الحكرة تسريان بين أروقة الإدارة العسكرية، فإن دوام الأمن و الاستقرار في البلاد ستكون من المحال ، فإن مستوى الثقة بالنفس ستنهار لدى الجندي، فإن روح الثورة ستنفجر في أعماقه، فإن النفسية ستندثر مما سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، و لن ننسى الثورة التي بدأت بوادرها أثناء فصل الربيع العربي و امتدت نيرانها إلى الجهاز رغم حساسيته و تم إخمادها بسرعة لكن بعد أن حققت بعضا من متطلباتها، و اليوم، بعد التطور التكنولوجي و وسائل التواصل الاجتماعي و المواقع الإخبارية و المجموعات المغلقة و المفتوحة، لا أظن أن هذا الأمر سيبقى طي الكتمان، أو سينساه الجميع بعد حين، لقد رأينا جميعا ما فعلته ثقافة المقاطعة التي انتشرت عبر الصفحات لتتحول إلى رقعة الميدان و تحقق خسائر فادحة للشركات.. فكل من في الجهاز حاقد على المستوى الذي وصل إليه الأمر ليس فقط على المستوى المادي فقط إنما على جميع الأصعدة، فالعديد من ضباط الصف تم منعهم من رخصة الحصول على باكالوريا حرة، و العديد تم تأخير رخص زواجهم مما سبب لهم مشكلات كبيرة مع خطيباتهم، و الجميع دون الضباط تم منعهم من قضاء عطلة خارج أرض الوطن بدعوى كثرة الطلبات، و غيرها من الاختلالات و القيود على الحرية الشخصية للأفراد.
لكل هذا نوجه النداء مرة أخرى إلى أمير المؤمنين ملك البلاد و القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية ليعطي أوامره السامية من أجل إعادة النظر في المشروع،
و محاسبة المتورطين الذين يحتمون بظهره، فقد قال أحدهم دفاعا عن المشروع “راه سيدنا اللي عطانا هادشي” و حاشى جلالته أن يعطيهم كل ذلك و يحرم الجنود مادام الجميع متساوون أمامه و أمام الوطن و القانون.كما نناشد جلالته التدخل عاجلا قبل أن تتفاقم الأمور ليعطي أوامره السامية للمجلس الأعلى للحسابات للقيام بافتحاص شامل لجهاز القوات المساعدة، و نناشده أيضا لإعطاء أوامره من أجل تشكيل لجنة مكونة من مختلف الطبقات و أن لا يقتصر الأمر فقط على الضباط و ذلك من أجل تبادل وجهات النظر بين مختلف الرتب و تقديم المقترحات و مناقشتها و اختيار الأنسب و إدراجه في القانون. و لا يفوتنا أن نشكر السيد الحموشي المدير العام للأمن الوطني على غيرته على الجهاز و رغبته في الرقي بموظفيه و المساهمة في الرفع من معنوياتهم مما يساعدهم على الرفع من مردوديتهم و التفاني في عمله و تأديته على أحسن وجه.
المصادر :
- موقع الجريدة الرسمية للمملكة.
تعليقات 0