ترحيل العجز : قراءة على ضوء البند الثالث من المادة 232 من المدونة العامة للضرائب
- بقلم : علالي محمد إطار محاسب
- عنوان المقال : ترحيل العجز [1] قراءة على ضوء البند الثالث من المادة 232 من المدونة العامة للضرائب.
المقصود بترحيل العجز هو تلك العملية التي يتم بموجبها خصم الخسارات الحاصلة خلال سنة أو سنوات محاسبية من الأرباح المتحققة خلال السنة أو السنوات المحاسبية الموالية.
ويجد هذا العجز المُرحَّل مصدره في عنصرين اثنين:
- الخسارة المترتبة عن عمليات الاستغلالcycle d’exploitation
- الخسارة المترتبة عن الاهتلاكات amortissements
وإذا كان الحق في خصم العجز الراجع إلى الاهتلاكات لا يسري عليه أي أجل بحسب الفقرة الثانية من المادة 12 من المدونة العامة للضرائب، فإن القاعدة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من ذات المادة تقيد الحق في خصم العجز الراجع إلى عنصر الاستغلال بممارسته داخل إطار زمني محدد في الأربع سنوات الموالية للسنة المحاسبية التي حصل فيها العجز.
وتعتبر الإدارة الضريبية أن العمل بعكس المقتضى المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 12 من المدونة العامة للضرائب هو من الأخطاء المادية التي تشكل مخالفة واضحة لقاعدة ضريبية تستند إلى مبدأ محدد قانونا بشكل واضح، مما يترتب عنه، عند ملاحظتها له، تفعيل مسطرة الإقرار التعديلي المنصوص عليه في المادة 221 مكرر من المدونة العامة للضرائب[2].
فهل توفقت الإدارة الضريبية في وصفها لمخالفة المقتضى المذكور بالخطأ المادي؟ (أولا). وهل يعتبر بالتالي تفعيل مسطرة الإقرار التعديلي الذي تقول به الإدارة الضريبية في هذه الحالة سليما من الناحية القانونية؟ (ثانيا).
أولا : تحليل موقف الإدارة الضريبية المعبر عنه في المذكرة التفسيرية رقم 726[3]:
تعتبر قراءة الإدارة الضريبية للمقتضى المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 12 من المدونة العامة للضرائب قراءة غير مكتملة، ذلك أنها تجاهلت الجانب غير المفصح عنه في ذلكم المقتضى. وهو الشيء الذي سنعمل على إبرازه من خلال الجواب عن السؤال المتعلق بالجزاء المقرر قانونا في حال العمل بعكس المقتضى المذكور، وذلك بالرجوع إلى :
- مقتضيات البند الثالث من المادة 232 من المدونة العامة للضرائب (الفقرة الأولى)
- التفسير الذي أعطته الإدارة الضريبية لهذا البند في مذكرتها التفسيرية[4] رقم 717 (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مقتضيات البند الثالث من المادة 232 من المدونة العامة للضرائب:
ينص هذا البند على ما يلي:
«يمكن أن يشمل التصحيح[5] le droit de réparer الفترات الأربع الأخيرة لفرض الضريبة أو السنوات المحاسبية المتقادمة عندما تستنزل مبالغ العجز déficits أو مبالغ الرسوم المؤجل دفعها crédits de taxe والمتعلقة بفترات لفرض الضريبة أو سنوات محاسبية متقادمة من الدخول revenus أو الحصائل الخاضعة للضريبة les résultats أو الضريبة المستحقةtaxe due برسم فترة غير متقادمة . غير أن التصحيح le redressement[6] لا يمكن أن يتجاوز في هذه الحالة مجموع مبالغ العجز ومبالغ الرسم المؤجلة المستنزلة من الحصائل أو الدخول أو الضريبة المستحقة برسم الفترة أو السنة المحاسبية غير المتقادمة».
ويستفاد من مقتضيات هذا البند ما يلي:
- أن نطاق تطبيقه يشمل الثلاثية الضريبية المكونة من الضريبة على الشركات، الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة.
- أن العمل بعكس القاعدة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 12 من المدونة العامة للضرائب يؤدي إلى استنزال[7] مبالغ العجز المتعلقة بسنوات محاسبية متقادمة من النتائج الخاضعة للضريبة برسم سنة أو سنوات محاسبية غير متقادمة. ونتيجة لذلك، يتم تجريد الخاضع للضريبة من حقه في مواجهة الإدارة الضريبية بالتقادم الرباعي بسبب تأثير هذا الاستنزال على مستوى تضريب السنوات المحاسبية التي لم يطلها التقادم. وهو ما يعني أن الإدارة المذكورة تكتسب، من جراء ذلك، الحق في تعقب مبالغ ذلكم العجز، دون أن يمكن لهذا التعقب أن يتعدى سقفا زمنيا محددا في السنوات المحاسبية الأربع الأخيرة التي طالها التقادم.
- تقوم الإدارة الضريبية، في إطار ممارستها لوظيفتها الرقابية البعدية لمحاسبة الخاضع للضريبة، وعند الاقتضاء، بتعديل مبالغ العجز المستنزلة المتأتية من الفترة المتقادمة، دون أن يتجاوز هذا التعديل مجموع تلكم المبالغ.
الفقرة الثانية: تفسير الإدارة الضريبية للبند الثالث من المادة 232 من المدونة العامة للضرائب المعبر عنه في مذكرتها التفسيرية رقم 717- الجزء الثالث- الصفحتان 196-197:
تشكل مقتضيات البند المذكور استثناء من القاعدة التي تقول بالفحص الجبائي للمحاسبة المتعلقة فقط بالفترة غير المشمولة بالتقادم. والملاحظ هنا أن الإدارة الضريبية قد قامت بتفسير هذا الاستثناء في سياق عرضها لمسطرة فحص المحاسبة المنصوص عليها في المادة 212 من المدونة العامة للضرائب. وغني عن القول أن هذه المسطرة لا يمكنها أن تسفر عن أي تعديل للأساس الضريبي المصرح به من طرف الخاضع للضريبة إذا ما كانت محاسبته تستجيب لشرط الانتظامية[8].
وقد حددت الإدارة الضريبية في مذكرتها التفسيرية، المشار إليها في عنوان هذه الفقرة، المقصود بتعديل مبالغ العجز الذي تقوم به، عند الاقتضاء، في العمليتين التاليتين[9]:
- التخفيض من مبالغ العجز المستنزلة المتأتية من الفترة المتقادمة، وهو ما يعني بمفهوم المخالفة الإبقاء الجزئي على بعض من تلكم المبالغ،
- أو الإلغاء الكلي لتلكم المبالغ.
وهو الشئ الذي أعادت الإدارة المذكورة التأكيد عليه في نفس المذكرة[10] بالقول أنه عندما تفضي المراقبة (= الفحص الجبائي للمحاسبة) إلى تعديل مبالغ العجز المستنزلة التي تجد مصدرها في الفترة المتقادمة، فإن هذا التعديل لا يمكنه أن يترتب عنه سوى تخفيض أو إلغاء تلكم المبالغ.
والملاحظ أن الإدارة الضريبية قد سكتت عن حالة الإبقاء الكلي على مبالغ العجز المتأتية من الفترة المتقادمة. وهو سكوت له ما يبرره باعتبار أن التعديل الذي تباشره الإدارة المذكورة لا يمكنها القيام به في حال انتفاء موجبات ممارسة حقها في التصحيح متى اتصفت محاسبة الخاضع للضريبة بالانتظامية.
فهل يمكن بعد هذا التحليل أن نقول مع الإدارة الضريبية بأن العمل بخلاف القاعدة المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 12 من المدونة العامة للضرائب يشكل خطأ ماديا؟
من المؤكد أن الجواب سيكون بالنفي، ذلك أنه لا يوجد أي مانع قانوني للعمل بعكس تلكم القاعدة، بل كل ما في الأمر أن عدم مراعاتها من طرف الخاضع للضريبة ينشئ للإدارة الضريبية الحق في التعقب. غير أن هذا الحق الذي يصبح بيد الإدارة المذكورة لا يمنحها السلطة في القيام بالتعديل إلا إذا توافرت موجبات ممارسة حقها في التصحيح.
ثانيا: مدى قانونية تفعيل مسطرة الإقرار التعديلي.
بالنظر لما تم بسطه أعلاه، فإن تفعيل مسطرة الإقرار التعديلي الذي تقول به الإدارة الضريبية، في حال ملاحظتها لعدم مراعاة القاعدة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 12 من المدونة العامة للضرائب من طرف الخاضع للضريبة، لا يعد سليما من الناحية القانونية، لأن الأمر لا يتعلق بخطأ مادي بل بحق مشروط. علاوة على ذلك، فإنه على فرض أن الإدارة الضريبية قامت بدعوة الخاضع للضريبة بإيداع الإقرار التعديلي وعلى فرض أن دعوتها لم تتلق أية استجابة من طرفه، فإن تفعيلها لمقتضيات البند الثاني من المادة 228 من المدونة العامة للضرائب، كما تقول بذلك، سيكون في غير محله باعتبار أن عدم إيداع الإقرار التعديليdéclaration rectificative لا يندرج ضمن الحالات التي تستوجب تفعيل مقتضيات البند المذكور والتي حددها المشرع في عدم إيداع إقرارات حددت لائحتها على سبيل الحصر في البند الأول من المادة 228 من ذات المدونة (الإقرارات الأولية déclarations initiales) ، أو في عدم إتمام إقرارات سبق إيداعها لكنها مشوبة بعيب النقصان بسبب افتقادها للعناصر الضرورية لتحديد وعاء الضريبة أو تحصيلها أو تصفية الواجبات (الإقرارات التكميليةdéclarations complémentaires ).
وختاما، نأمل من المشرع أن يتدخل لربط المقتضى المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 12 من المدونة العامة للضرائب بمقتضيات البند الثالث من المادة 232 من ذات المدونة، وذلك بواسطة الصياغة التالية :
«يمكن خصم عجز سنة محاسبية من ربح السنة المحاسبية الموالية، وإذا لم يكن هناك ربح أو كان الربح لا يكفي لاستيعاب مجموع الخصم أو بعضه جاز أن يخصم العجز أو الباقي منه من أرباح السنوات المحاسبية الموالية إلى غاية السنة الأربعة التي تلي السنة المحاسبية التي حصل فيها العجز، و ذلك تحت طائلة تطبيق مقتضيات البند الثالث من المادة 232 من المدونة العامة للضرائب» .
الهوامش :
- Report déficitaire ↑
- المذكرة التفسيرية رقم 726 المتعلق بالمقتضيات الضريبية لقانون المالية 2016. الصفحتان 61-62 ↑
- سبق لكاتب هذه السطور أن راسل مصلحة التشريع الجبائي بالمديرية العامة للضرائب في هذا الموضوع، فكان جوابها المؤرخ في 02/08/2017 كالتالي: La combinaison des dispositions des deux textes (les articles 12 et 232-III du CGI) ne converge pas vers l’interprétation suggérée par vos soins, les textes fiscaux ne se prêtent à l’interprétation que lorsqu’ils présentent une ambiguïté manifeste, auquel cas, le juge compétent dispose de la faculté de prononcer la règle de droit applicable ↑
- الجزء الثالث. الصفحتان 196-197 ↑
- كان الأجدر بالمشرع أن يترجمها بعبارة (حق الإدارة في التصحيح) ↑
- كان الأجدر بالمشرع أن يترجمها بكلمة (التعديل) ↑
- Imputation ↑
- انظر البند الثاني من المادة 212 من المدونة العامة للضرائب ↑
- دون أن يؤدي ذلك إلى احتساب الضريبة برسم السنوات المحاسبية المتقادمة ↑
- الصفحة 274 الجزء الثالث / ↑
تعليقات 0