تنازع الاختصاص في تدابير الشرطة الإدارية المتعلقة بمراقبة المحلات التجارية والمهنية و حماية المستهلك
- من إعداد : الزكراوي محمد إطار متصرف بوزارة الداخلية و أستاذ باحث في الشؤون الإدارية و القانونية.
مقدمة :
يسعى الضبط الإداري إلى ضمان الحماية لأيّ مجتمع،من خلال منع المساس بالنظام العام السائد فيه، و تحقيق مجموعة من الأهداف المتعلقة أساسا،بالأمن العام و الصحة العامة السكينة العامة ، فسلطات الضبط العام هي السلطة التي تهتم بالحفاظ على النظام العام في مجتمع ما،ولا شك أن مجموع التدابير الني تتخذها سلطات الضبط الإداري في مجال مراقبة المحلات التجاري تعد من متعلقات النظام العام لارتباطها بالمفهوم الواسع لدلالة النظام العام ومكوناته الثلاث من صحة وسكينة و امن عام .
ونظرا لتعدد الجهات المخولة لها صلاحيات ممارسة تدابير الشرطة الإدارية في مجال مراقبة المحلات التجارية وحماية المستهلك فقد يخيل للمهتم او الباحث ان تداخل سلطات الشرطة الادارية في موضوع الرقابة ينجم عنه تنازع ايجابي او سلبي في موضوع الولاية و الاختصاص المناط بهم،ذلك انه إذا كان رئيس مجلس الجماعة يمارس صلاحيات الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية وسلامة المرور،عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية وبواسطة تدابير شرطة فردية تتمثل في الإذن أو الأمر أو المنع،كما يضطلع على الخصوص بالصلاحيات المتعلقة بمنح رخص استغلال المؤسسات المضرة أو المزعجة أو الخطيرة التي تدخل في صلاحياته ومراقبتها طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل؛إلى جانب شمول صلاحياته لمجال تنظيم الأنشطة التجارية والحرفية والصناعية غير المنظمة التي من شأنها أن تمس بالوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية، أو تضر بالبيئة والمساهمة في مراقبتها؛ومراقبة محلات بيع العقاقير والبقالة ومحلات الحلاقة وبيع العطو،بالإضافة إلى السهر على احترام الضوابط المتعلقة بسلامة ونظافة المحلات المفتوحة للعموم خاصة المطاعم والمقاهي وقاعات، فان اختصاصه في ممارسته لتلك المهام مقيدة بنص القانون وحصرية بحصرية النص القانوني النظم لها،حيث يستثنى منها ماهو منظم بقوانين او النصوص التنظيمية التي تخول مباشرة تدابير الشرطة الإدارية السلطات المحلية في شخص عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه في مجال مراقبة أثمان السلع و المنتجات .
وعلاوة على الاختصاصات المنصوص عليها في القانون التنظيمي للجماعات فيما يخص مراقبة المحلات التجارية والمهنية،نص الظهير الشريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18 فبراير 2011) بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك عل جهات أخرى مخول لها بقوة القانون ولوج جميع المحلات أو الأراضي أو وسائل النقل المعدة لغرض مهني وأن يطلبوا الاطلاع على السجلات والفاتورات وغيرها من الوثائق المهنية وأن يحصلوا على نسخ منها بأي وسيلة كانت،وهو نفس المقتضى الذي تضمنه مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.14.116 صادر في 2 رمضان 1435 (30يونيو 2014)بتنفيذ القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة،أي بمعنى أخر أن النصوص التشريعية أوكلت مهمة تدابير الشرطة الإدارية في مجال مراقبة المحلات التجارية والمهنية لجهات متعددة تمارسها بموجب نصوص خاصة ووفق تدابير خاصة منظمة .
و عليه،ومن حلال مقالنا التالي سنحاول بسط إشكالية تداخل الاختصاص في تدابير الشرطة الإدارية حول مراقبة وحماية المستهلك لكل المهتمين و الباحثين رفعا لكل لبس يحوم حول إشكالية التنازع السلبي او الايجابي المنوط بها وذلك وفق المبحثين التاليتين :
المبحث الأول : السند القانوني المنظم لأحكام مراقبة المحلات التجارية و حماية المستهلك و الجهات المؤهلة لذلك.
المطلب الاول :مراقبة المحلات التجارية والمهنية في إطار أحكام الظهير الشريف رقم 1.15.85 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليو 2015)، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، جريدة رسمية عدد 6380 بتاريخ 6 شوال 1436 (23 يوليو 2015)
إن تعدد الجهات المسؤولة عن اتحاد تدابير الشرطة الإدارية في ميدان مراقبة المحلات التجارية يحيل بنا إلى ضرورة بيان المقتضيات القانونية والسند التنظيمي لها،وهكذا فيما يخص مراقبة المحلات التجارية و المهنية فقد نص الظهير المؤرخ في 12 أبريل 1916 حول اختصاصات رؤساء المجالس الجماعية بسط ولاية المراقبة على محلات الصيادلة والعشابون ومحلات بيع العطور والبقالة في ما يخص جودة المنتوج من حيث المعايير المتطلبة فيه ونظافته،وهو نفس الاتجاه الذي كرسه ظهير 11 فبراير 1932 حول تنظيم المحلات المؤثثة ( المغير بظهير 30 يونيو 1932 )والمرسوم رقم 2.78.157 بتاريخ 11 رجب 1400 (26 مايو 1980) المحدد للشروط التي تنفذ بها تلقائيا التدابير الرامية لاستتباب الأمن وضمان سلامة المرور والصحة والنظافة العموميتين،ذلك أن شمولية الاختصاص في مراقبة المحلات التجارية و المهنية اقرها النص القانوني بقوة القانون لفائدة رؤساء المجالس فيما بخص حدود الرقابة على المحلات التجارية والمهنية من حيث نوعية العروض للمنتوجات و نظافتها،بالإضافة إلى الرقابة على احترام معايير الجودة،الأمر الذي يفهم منه أن حدود الاختصاص الممنوح لهم تتعدى نطاق المراقبة إلى مجال أوسع يشمل حماية المستهلك من كل الأضرار التي يمكن ان تنتج عن طبيعة العروض والمتوجات المنافية لقواعد السلامة والصحة العمومية والحقيقة انه وقبل إصدار النصوص القانونية و التنظيمية المتعلقة بحماية المستهلك او مراقبة حرية الأسعار وجزر مخالفات الغش يمكن القول أن اختصاص رؤساء المجالس الجماعية في ولايتهم الممتدة الى حماية المستهلك كان من بين المهام الموكولة لفائدة الجماعات المحلية آنذاك في إطار ممارسة تدابير الشرطة الإدارية،وهو ما كرسه في تلك الفترة القرار الوزاري الصادر بتاريخ 25 أكتوبر 1932 المنظم لمراقبة الصيدليات، العشابون … والمنظم لمحلات العقاقير ، الحلاقون …
و نظرا لأهمية التدابير المتخذة في هذا السياق،كان من بين ما جاء به ظهير شريف رقم 1.15.85 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليو 2015)، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، جريدة رسمية عدد 6380 بتاريخ 6 شوال 1436 (23 يوليو 2015)
ولاسيما في المادة 100 منه على انه،بالإضافة إلى التدابير التي استهدفت تدقيق اختصاصات رؤساء المجالس والسلطات المحلية في مجال الشرطة الإدارية الجماعية،عملت هذا الأخير على جرد هذه الاختصاصات وتبسيطها،حيث تم إشراك المجالس الجماعي،بشكل فعال،في تحمل نصيب من المسؤولية في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والبيئة والسير والجولان،وضمان سلامة المرور بالطرق العمومية ومراقبة المحلات التجارية و المهنية،نظرا لأهمية هذه الميادين بالنسبة لسكان الجماعة ودورها الأساسي في حياتهم اليومية،فكان من نتائج القانون التنظيمي أن أقحم مسؤولية الجماعات في السهر على ضمان الوقاية الصحية والنظافة وحماية البيئة مع مراعاة الاختصاصات المخولة لرئيس المجلس بمقتضى المادة 100،ولهذه الغاية يتداول خاصة حول سياسة الجماعة في ميادين التنظيم والإسهام في مراقبة الأنشطة التجارية والمهنية غير المنظمة التي من شأن مزاولتها أن تمس بالوقاية الصحية والنظافة وسلامة المرور والسكينة العمومية أو تضر بالبيئة،كما يراقب محلات بيع العقاقير والبقالة ومحلات الحلاقة وبيع العطور،و مراقبة جودة المواد الغذائية والمشروبات والتوابل المعروضة للبيع أو للاستهلاك العمومي،وفي نظرنا أن هذا الموضوع لا يجب أن يشمل تدابير تهم فقط المواد الغذائية المعروضة،بل يجب أن تشمل أيضا أماكن عرضها واستهلاكها ونقلها والمتاجرين فيها.
إن إستراتيجية التنمية المستدامة تنطلق من عملية متكاملة تتضمن مبدأ المشاركة الذي لا يأخذ أبعاده الحقيقية إلا من خلال إشراك فئات واسعة من المجتمع في عملية مراقبة المحلات التجارية و المهنية و حماية المستهلك والتنفيذ العملي لها،
ويكتسب مبدأ المشاركة أبعادًا أخرى أكثر أهمية في مجال الامن العمومي والصحة العمومية ،لكي تؤدي الجماعات الترابية دورًا مهمًا في توفير خدمات أكثر فعالية للمواطنين،وفي تأمين واسع يمتد إلى بسط الاختصاص في تدابير الشرطة الإدارية المتعلقة بمراقبة المحلات التجارية والمهنية وحماية المستهلك و المحافظة على النظام والأمن العمومي بتراب الجماعة،بتنسيق مع السلطات المحلية في شخص العامل او من ينوب عنه في مجال مراقبة الأثمان المتعلقة بعرض السلع داخل او خارج المحلات المعدة لها،
كما انه علاوة على الاختصاصات المنصوص عليها في المادة 110التي أناطت مهام مراقبة الأثمان لفائدة السلطات المحلية نص القانون التنظيمي على انه يمارس عامل عمالة الرباط أو من ينوب عنه،داخل مجال ترابي يحدد بمرسوم يتخذ باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية،صلاحيات رئيس مجلس جماعة الرباط في مجالات تنظيم السير والجولان والوقوف بالطرق العمومية والمحافظة على سلامة المرور بها وتنظيم الأنشطة التجارية والصناعية والحرفية غير المنظمة ومراقبتها.
المطلب الثاني : مراقبة المحلات التجارية والمهنية في إطار أحكام الظهير الشريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18 فبراير 2011) بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك
يعتبر هذا القانون إطارا مكملا للمنظومة القانونية في مجال حماية المستهلك ومن خلاله يتم تعزيز حقوقه الأساسية المتمثلة في الحماية القانونية والضمانات التي يخولها المشرع المغربي لفائدة المواطن بصفته مستهلكا ضد رداءة الخدمات المقدمة من طرف أصحاب المحلات التجارية ،فعلاوة على ضباط الشرطة القضائية،يكون الباحثون المنتدبون خصيصا لهذا الغرض من قبل الإدارة المختصة مؤهلين للقيام بأعمال البحث عن المخالفات لأحكام هذا القانون وإثباتها.وبالرجوع إلى مقتضيات الظهير الشريف المشار إليه أعلاه نص هذا الأخير اعتماد الباحثين كجهات مسؤولة عن اتخاذ التدابير المتعلقة بحماية المستهلك والتي نرى من جهتنا أنها تدابير لا يمكن أن تمارس إلى في ضل الرقابة على خدمات و عروض المنتوجات المقدمة من طرف المقاولين او أصحاب المحلات التجارية والمهنية في إطار المفهوم الواسع لعمليات الضبط الإداري وتدابير الشرطة الإدارية بمفهومها الواسع.
وهكذا في ضل مقتضيات القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك،والذي أناط هو الأخر مهمة الرقابة وحماية المستهلك لفائدة الباحثين أصبح هؤلاء مختصون في ممارسة أعمال الشرطة الإدارية كلما تعلق الأمر ببسط رقابتهم بهدف حماية المستهلك من تعسف قد يلحق به وفق الإجراءات المحددة بنص تنظيمي تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في الفصل 446 من القانون الجنائي،المرسوم رقم 2.12.503. المتعلق بتطبيق أحكام قانون حماية المستهلك في مادته الرابعة على انه يعين الباحثون المنتدبون لمعاينة المخالفات وإثباتها طبقا لمقتضيات المادة166 من القانون رقم 31.08 المذكور أعلاه،بقرار للوزير المكلف بالتجارة والصناعة وقرار لوزير الداخلية كل فيما يخص باحثيه وعند الاقتضاء،بقرار مشترك للسلطة الحكومية المكلفة بالتجارة والصناعة والسلطات الحكومية الوصية على قطاع النشاط المعني.ويجب على هؤلاء الباحثين أن يثبتوا معرفتهم بالقانون رقم 31.08 وبنصوصه التطبيقية وأن يتوفروا على كفاءات في مجال النشاط المعني وفي إعداد المحاضر.
كما نصت المادة 6 منه على انه طبقا للمادة 166 من القانون رقم 31.08 المذكور أعلاه،يجب أن يكون الباحثون المؤهلون للقيام بأعمال البحث عن المخالفات لأحكام القانون رقم 31.08 المذكور أعلاه والمعينون من طرف السلطات الحكومية المشار إليها في المادتين 4 و 5 أعلاه محلفين طبقا للتشريع الجاري به العمل وأن يحملوا بطاقة مهنية وفقا للنموذج المرفق بهذا المرسوم.( أنظر قرار لوزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي رقم 2.14 صادر في 29 من صفر 1435 (2 يناير 2014) المتعلق بالباحثين المنتدبين التابعين لوزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي المكلفين بالبحث وإثبات المخالفات لأحكام القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك؛ الجريدة الرسمية عدد 6255 بتاريخ 12 رجب 1435 (12 ماي 2014)، ص 4518.
المطلب الثالث: ظهير شريف رقم 1.14.116 صادر في 2 رمضان 1435 (30يونيو 2014) بتنفيذ القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة
في هذا الإطار نصت مقتضيات المادة 91 فيما يخص بسط ولاية الرقابة المتعلقة بحرية الأسعار والمنافسة على انه يثبت موظفو الإدارة المؤهلون خصيصا لهذا الغرض والأعوان التابعون لهيأة مراقبي الأسعار المشار إليهم في المادة 68 من هذا القانون المخالفات لأحكام القسمين السادس والسابع من هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقها فيما يتعلق بالسلع والمنتوجات والخدمات المنظمة أسعارها طبقا للفقرة الثانية من المادة 2والمواد 3 و 4 و 5 من هذا القانون.وتثبت المخالفات لمقتضيات البند 4 من المادة 67 من هذا القانون من طرف الأشخاص المشار إليهم في الفصل 20 من القانون رقم 13.83 المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع الصادر بتنفيذها لظهير الشريف رقم 1.83.108 بتاريخ 9 محرم 1405 (5 أكتوبر 1984) والفصل 20 من القانون رقم 2.79 المتعلق بوحدات القياس الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.86.193 بتاريخ 28 من ربيع الآخر 1407 (31 ديسمبر 1986)، وبالرجوع إلى منصوص القانون المتعلق بتنفيذ التدابير المتعلقة بالضبط الإدارية حول مراقبة الاسعار والمنافسة الشريفة فقد اناط المشرع مهمة اتخاد تدابير الشرطة الادارية في هذا الصدد لفائدة الباحثين كذلك وفقا لمقتضيات قانون حماية المستهلك حيث جاء فيه انه و لأجل تطبيق أحكام هذا القانون يمكن أن يقوم بالأبحاث اللازمة المقررون والباحثون التابعون لمجلس المنافسة والموظفون بالإدارة المؤهلون خصيصا لهذا الغرض وأعوان هيأة مراقبي الأسعار و يشار إليهم جميعهم بعده “بالباحثين”و يجب أن يكونوا محلفين وأن يحملوا بطاقة مهنية يسلمها رئيس مجلس المنافسة أو الإدارة وفق الإجراءات المحددة بنص تنظيمي ،كما أشارت المادة 41 من المرسوم رقم 2.14.652، المتعلق بتطبيق مقتضيات قانون مراقبة الأسعار والمنافسة على انه .”تطبيقا لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 71 من القانون رقم 104.12 السالف الذكر،يجوز للباحثين التابعين للإدارة أن يطلبوا من السلطة الحكومية التابعين لها تعيين خبير مقبول لدى المحاكم لإنجاز كل الخبرات الحضورية اللازمة.”حيث يتم طلب إجراء الأبحاث المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة 72 من القانون السالف الذكر رقم 104.12 باسم الإدارة من طرف :
– رئيس الحكومة أو السلطة الحكومية المفوضة من لدنه لهذا الغرض،في إطار الأبحاث المتعلقة بالممارسات المنافية لقواعد المنافسة المشار إليها في القسم الثالث من القانون السالف الذكر رقم 104.12 وعمليات التركيز الاقتصادي المشار إليها في القسم الرابع من القانون المذكور؛
– السلطة الحكومية التابع لها الباحث،في إطار الأبحاث المتعلقة بالممارسات المشار إليها في القسمين السادس والسابع من القانون السالف الذكر رقم 104.12.”
وفي الأخير نشير إلى أن تدابير شرطة الضبط الإداري فيما يتعلق بمراقبة الأسعار والمنافسة يترتب عنها تحرير محاضر وإن اقتضى الحال تقارير بحث ترفع إلى السلطة التي طلبتها،
مع مراعاة أحكام القسم التاسع من هذا القانون،حيث توجه المحاضر المثبتة فيها المخالفات لأحكام القسمين السادس والسابع إلى وكيل الملك المختص.كما نشير إلى انه،في حالة تعلق الأمر ببضائع او منتوجات قابلة للإتلاف،يمكن أن تترك تحت حراسة المخالف إذا تعلق الأمر بمواد غذائية سريعة التلف بشرط دفعه القيمة المقدرة لها المحددة في المحضر أو أن تنقل بعد جردها وتقييمها إلى أي مكان يعين لهذا الغرض.
كمالا يجوز للباحثين القيام بزيارة جميع الأماكن وبحجز الوثائق إلا في إطار الأبحاث التي يأمر بها رئيس مجلس المنافسة أو الإدارة وبترخيص معلل من وكيل الملك التابعة الأماكن المراد زيارتها لدائرة نفوذه، وإذا كانت الأماكن المذكورة تقع في دائرة نفوذ عدة محاكم وإذا كان من الواجب القيام في آن واحد بتدخل في كل مكان من الأماكن المذكورة،جاز أن يسلم أحد وكلاء الملك المختصين ترخيصا واحدا،حيث يجب أن يخبر وكيل الملك التابعة الأماكن المعنية لدائرة نفوذه بذلك حيث تتم الزيارة والحجز تحت سلطة ومراقبة وكيل الملك الذي رخص بها،ويعين واحدا أو أكثر من ضباط الشرطة القضائية وعند الحاجة موظفة من الضابطة القضائية لزيارة الأماكن المعدة للسكنى،يعهد إليهم بحضور الأعمال المذكورة،على ان تنظيم معاد الزيارة لا يمكن الشروع فيها قبل الساعة السادسة صباحا أو بعد التاسعة ليلا بحضور من يشغل الأماكن أو ممثله وفي حالة غيابه،تطبق مقتضيات المادة 103 من القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية.
المبحث الثاني:الإجابة عن الإشكالية المتعلقة بتنازع الاختصاص حول تدابير الضبط الإداري في مراقبة المحلات التجارية و حماية المستهلك
جاء في تعريف تدابير الضبط الإداري او الشرطة الإدارية أنها مجموع تدخلات ونشاطات الإدارة التي ترمي عن طريق اتخاذ عدة إجراءات تنظيمية وفردية بغية الحفاظ على النظام العام واستقرار الأوضاع،وتمارس هذه الأخيرة من طرف السلطات الإدارية المعنية بها اتجاه كل نشاط للأفراد كيفما كان نوعه.
ومن المعلوم أنه في إطار دولة القانون يكون الجميع مسؤولين أمام القانون، الذي يجب على الجميع الخضوع له حتى لا يقع منهم أي شطط أو تعسف في تصرفاتهم.
ولاشك أن المشرع المغربي وفي إطار تفويض مهام اتخاذ التدابير المتعلقة بالضبط الإداري أوزع أعمال الشرطة الإدارية لفائدة جهات معينة وبمقتضى قوانين خاصة حتى لا يقع أي تعدي في استيلاء جهات معينة من حيث ممارسة الاختصاص على جهة أخرى ،ذلك انه إذا كانت أعمال الشرطة الإدارية تتوحد كلها في إطار منظومة الحفاظ على النظام العام فان ذلك لا يعني وجود تداخل او تنازع على مستويات الممارسة العملية ، فالنصوص المنظمة لتدبير الضبط الإداري مجالها ضيق وحصري لا يشمل نطاق التفاسير و الاجتهادات،وعلى هذا المنوال حينما نظم المشرع أعمال الشرطة الإدارية المتعلقة بعمليات الضبط و المراقبة للمحلات التجارية وحماية المستهلك أخد بعين الاعتبار مجال تدخل كل جهة معنية بالموضوع على حدة .
فقد يتبادر للباحثين و المهتمين من المهنيين أن مجال المراقبة للمحلات التجارية وحماية المستهلك تتنازعه و تتجاذبه فئات واسعة من المتدخلين في إعمال الرقابة واتخاذ الإجراءات بخصوصها، و الحقيقة أن الأمر ليس كذلك.
لكون مجالات تدخل الجهات المنوط بها مراقبة المحلات التجارية والمهنية و حماية المستهلك وكذا رقابة حرية الأسعار و المنافسة تم تنظيما بموجب قوانين خاصة لا يمكن بوجودها بسط ولاية الاختصاص بين الفئات المعنية إلا باحترام حصرية النص القانوني لتلك الأعمال والجهات المؤهلة لها.
فإذا كان اختصاص مراقبة وتنظيم المحلات التجارية و المهنية موكولا بموجب مقتضيات الميثاق الجماعي لسنة 1976 لفائدة السلطات المحلية،والتي تم نقل جزء منها بموجب إحكام المادة 44 من الميثاق الجماعي رقم 00/78 لفائدة السلطات المنتخبة في شخص رؤساء المجالس الجماعية،حيث نصت على ما يلي :
” إن السلطات المخولة للباشاوات والقواد في ميدان الشرطة الإدارية الجماعية وكذا المهام الخاصة المسندة إليهم بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها تنتقل إلى رؤساء المجالس الجماعية،ويمارس الرؤساء تحت مراقبة الإدارة العليا سلطاتهم في الشرطة الإدارية عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية وبواسطة تدابير وشرطة فردية هي الأمر أو المنع أو الأذن”.
وهو نفس الاتجاه الذي كرسه القانون التنظيمي للجماعات بالتنصيص على اختصاص رؤساء الجماعات في بسط رقابتهم على تنظيم المجلات التجارية و المهنية في كل ما يتعلق بمراقبة جودة المنتوجات و معايير السلع المعروضة وسلامة السلع وحماية المستهلك من كل ضرر يصيبه جراء فساد المنتوج وعدم سلامته (المادة 100 من القانون التنظيمي للجماعات)،كما أن المادة 110 من نفس القانون منحت اختصاص العامل او من ينوب عنه في مراقبة سلامة و جودة السلع المعروضة ومراقبة أثمان السلع المعلنة في قائمة عرض المنتوجات المشهرة في المحلات التجارية،فإن ذلك لا يعكس تنازع او تضارب في الاختصاص بين كل من السلطات المحلية واختصاصات رؤساء الجماعات في ممارسة تدابير الشرطة الإدارية المتعلقة بنوعية مراقبة تلك المحلات،بقدر ما يمكن القول عنه تناسق و تناغم وتعاون في مجال متطلبات الحماية القانونية و العملية الموجهة لفائدة المستهلك بصفة خاصة و للمواطن بصفة عامة،على أساس أن مهمة التنظيم و الرقابة الجادة على السلع المعروضة بشكل منتظم بالمحلات التجارية او تلك غير المنتظمة هي مهام مشتركة بين الأجهزة المنتخبة في شخص رئيسها والأجهزة المعينة في شخص ممثليها،حيث يمكن القول أن التنظيم ومراقبة جودة وسلامة المواد المعروضة للبيع مشتركة فيما بين الجهتين،بينما تدابير الشرطة الإدارية في مراقبة أثمان السلع مهمة منوطة بالسلطات المحلية في شخص العامل او من يمثله على سبيل الحصر(انظر المادة 110 من القانون التنظيمي للجماعات)،على اعتبار أن أسعار بعض السلع أو المنتوجات أو الخدمات التي تكتسي طابعا محليا والمحددة قائمتها بقرار لرئيس الحكومة أو السلطة الحكومية المفوضة من لدنه لهذا الغرض، بعد استطلاع رأي اللجنة السالفة الذكر، تحدد من لدن عمال العمالات والأقاليم المعنية بعد استطلاع رأي لجنة إقليمية تحدث لهذا الغرض من قبل العامل والتي تضم، تحت رئاسته، رؤساء المصالح الخارجية للقطاعات الوزارية المعنية حرية تنظيم الأسعار والمنافسة وزجر مخالفات العش،وذلك بمقتضى قوانين خاصة محنت ولاية الاختصاص في مجالات تدابير الشرطة الإدارية لفئات أخرى من ضباط الشرطة القضائية تم التنصيص عليهم بموجب أحكام كل من الظهير الشريف رقم 1.14.116 صادر في 2 رمضان 1435 (30يونيو 2014) بتنفيذ القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة و مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18 فبراير 2011) بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك،كما نصت المادة الأولى من المرسوم رقم 2.14.652 بتاريخ 8 صفر 1436 (فاتح ديسمبر 2014) بتطبيق القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة على”تحدد قائمة السلع والمنتوجات والخدمات المنصوص عليها في الفقرة الثانية بالمادة 2 من القانون المشار إليه أعلاه رقم 104.12 بقرار لرئيس الحكومة أو السلطة الحكومية المفوضة من لدنه لهذا الغرض، بعد استشارة مجلس المنافسة واستطلاع رأي لجنة الأسعار المشتركة بين الوزارات المنصوص عليها في المادة 35 من هذا المرسوم.تحدد أسعار السلع والمنتوجات والخدمات المذكورة بقرار لرئيس الحكومة أو السلطة الحكومية المفوضة من لدنه لهذا الغرض بعد استطلاع رأي اللجنة السالفة الذكر،غير أن أسعار بعض السلع أو المنتوجات أو الخدمات التي تكتسي طابعا محليا والمحددة قائمتها بالقرار المشار إليه في الفقرة الأولى أعلاه، تحدد من لدن عمال العمالات والأقاليم المعنية بعد استطلاع رأي لجنة إقليمية تحدث لهذا الغرض من قبل العامل والتي تضم،تحت رئاسته،رؤساء المصالح الخارجية للقطاعات الوزارية المعنية حيث يتم السحب النهائي للسلع والمنتوجات والخدمات من القائمة المذكورة في الفقرة الأولى أعلاه بقرار لرئيس الحكومة أو السلطة الحكومية المفوضة من لدنه لهذا الغرض،بعد استطلاع رأي اللجنة السالفة الذكر.”أنظر كذلك قرار للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة رقم 3086.14 صادر في 6 ربيع الأول 1436 (29 ديسمبر 2014) بتحديد قائمة السلع والمنتوجات والخدمات المنظمة أسعارها؛ الجريدة الرسمية 6321 مكرر بتاريخ 7 ربيع الأول 1436 (30 ديسمبر 2014)، ص 8789.
وقد أوكل القانون المتعلق بمراقبة الأسعار وحرية المنافسة مهمة المراقبة في هذا الشأن بموجب أحكام المادة 68 و لأجل تطبيق أحكامه إمكانية القيام بالأبحاث اللازمة لفائدة المقررون والباحثون التابعون لمجلس المنافسة والموظفون بالإدارة المؤهلون خصيصا لهذا الغرض وأعوان هيأة مراقبي الأسعار و يشار إليهم جميعهم بعده “بالباحثين”بحيث يجوز لهم،أن يلجوا جميع المحلات أو الأراضي أو وسائل النقل المعدة. وفي نفس السياق ونطرأ لأهمية الرقابة على المحلات التجارية و المهنية وحماية المستهلك، نظم المشرع المغربي مجال ومهام التدابير الإدارية الضبطية المتعلقة بمد الرقابة الواسعة لتلك الأعمال لتشمل بسط الحماية لفائدة المستهلك و مراقبة لغرض مهني وأن يطلبوا الاطلاع على السجلات والفاتورات وغيرها من الوثائق المهنية ويحصلوا على نسخ منها ويجمعوا بناء على استدعاء أو في عين المكان المعلومات والإثباتات،و يشمل عمل الباحثين كذلك البضائع والمنتوجات المنقولة ويمكنهم لهذا الغرض أن يطلبوا لأجل القيام بمهمتهم،فتح جميع الطرود والأمتعة عند إرسالها أو تسليمها بحضور الناقل أو المرسل أو المرسلة إليه وإما بحضور وكلائهم،وهي نفس المقتضيات التي جاء بها قانون حماية المستهلك رقم 31.08 فيما يخص مراقبة المحلات التجارية من واجهة حماية المستهلكين حيث نصت المادة 166 منه على انه علاوة على ضباط الشرطة القضائية،يكون الباحثون المنتدبون خصيصا لهذا الغرض من قبل الإدارة المختصة مؤهلين للقيام بأعمال البحث عن المخالفات لأحكام هذا القانون وإثباتها،كما يمكن للباحثين أن يلجوا جميع المحلات أو الأراضي أو وسائل النقل المعدة لغرض مهني وأن يطلبوا الاطلاع على السجلات والفاتورات وغيرها من الوثائق المهنية وأن يحصلوا على نسخ منها بأي وسيلة كانت وفي أي حامل وأن يجمعوا بناء على استدعاء أو في عين المكان المعلومات والإثباتات.
و في الأخير،و من وجهة نظرنا في الموضوع،و لرفع كل ما يشوب موضوع الرقابة هاته من غموض و لبس يخص إشكالية تنازع الاختصاص بين الجهات المعينة و المكلفة بمهام المراقبة،
يمكن القول بأن أعمال التدابير المتعلقة بالشرطة الإدارية في ميدان مراقبة المحلات التجارية سواء من حيث سلامة المواد والمنتجات ومراقبة الأثمان او من حيث مراقبة حرية الأسعار والمنافسة بما فيها حماية المستهلك،لا يشوب تطبيقها أي تنازع في ولاية الاختصاص الوظيفي للجهات المؤهلة لها،
و ذلك لان النصوص المنظمة لها وإن كانت تتوحد من حيث المبدأ والغاية منها في المحافظة على النظام العام بمستوياته الثلاثة من سكينة عامة وامن عمومي وصحة عامة،وحماية للمواطن عامة و المستهلك بشكل خاص،إلا أن توزيع الأدوار المتعلقة بممارسة تدابير الشرطة الإدارية حول المراقبة الممتدة إلى المحلات المعدة للاستعمال التجاري منظمة بشكل حصري وفق قوانين خاصة حددت مجال كل متدخل في الموضوع على حدة بحيث،لايمكن لنا أن نتصور معه أي نوع من التداخل او التنازع بين الجهات المعنية في موضوع الاختصاص،بقدر ما هو اختصاص مشترك من حيث القمة (المحافظة على النظام العام) مختلف من حيث القاعدة (تخصيص مجالات كل جهة على حدة).
تعليقات 0