حوار حصري مع الأستاذة سليمة فراجي أول محامية بالجهة الشرقية
- حاورها : ياسين إبن مسعود المدير المسؤول عن موقع مغرب القانون.
في إطار انفتاح موقع مغرب القانون على الكفاءات الوطنية في مختلف الميادين القانونية و القضائية و الحقوقية. استضاف موقعنا الإلكتروني في إطار سلسلة الحوارات الدورية التي يجريها الأستاذة سليمة فراجي المحامية بهيأة المحامين بوجدة، و نائبة رئيس لجنة العدل و التشريع بمجلس النواب سابقا. و ذلك من أجل تسليط الضوء حول سيرتها الذاتية كأول امرأة محامية بجهة الشرق حيث امتد مسارها المهني لأكثر من ثلاثة عقود، و كذا تجربتها المتميزة داخل أروقة البرلمان، و مسارها النضالي كحقوقية حملت هم الدفاع عن قيم حقوق الإنسان بالمغرب.
و فيما يلي نص الحوار كاملا :
- مغرب القانون : من هي الأستاذة سليمة فراجي ؟
- أول محامية مغربية امرأة مسجلة بهيئة المحامين بمدينة وجدة المغرب و أول امرأة عضوة بمجلس هيئة المحامين بوجدة.
- حائزة على شهادة تدريب المدربين في مجال القانون الدولي الإنساني من بيروت .
- نائبة برلمانية سابقة بمجلس النواب، نائبة رئيس لجنة العدل والتشريع ثم عضوة بمكتب نفس اللجنة بمجلس النواب سابقا.
- فاعلة جمعوية.
- أمينة إقليمية لحزب الأصالة و المعاصرة سابقا.
- أمينة عامة جهوية سابقة لحزب الاصالة و المعاصرة.
- رئيسة مؤسسة لنادي الليونس بوجدة، الذي تكفل بعدة مشاريع همت الحقل الاجتماعي و على رأسها إنجاز جناح لجراحة العيون ببوعرفة و إعادة ترميم و تجهيز مركز حماية الطفولة.
- كاتبة عامة لجمعية فضاء الطفل.
- رئيسة جمعية فضاء الشباب التي تكفلت ببناء مركب ثقافي و رياضي على مساحة 8000 متر مربع مخصص للشباب و النساء في مجال الرياضة و محو الأمية و الفنون التشكيلية و الموسيقى و تعليم الطبخ و الخياطة و المعلوميات و مختلف الأنشطة التي تساهم في تأطير قاطني الأحياء الشعبية من الشباب و النساء.
- رئيسة سابقة للجمعية الأندلسية بوجدة.
- أم لبنعلي جيهان دكتوراه في الطب ، و بنعلي أنور دكتوراه في الفيزياء.
- مغرب القانون : تعتبر الأستاذة سليمة فراجي أول محامية مغربية تلتحق بهيئة المحامين بوجدة بتاريخ 7 دجنبر 1982، و ذلك بعد المحامية الفرنسية أندري كايي كأول محامية أجنبية التحقت بالهيئة في الحقبة الاستعمارية. كيف استطعتم اقتحام هذا الميدان الذي كان حكرا على الذكور في بداية الثمانينات و الصمود فيه لأكثر من ثلاثة عقود ؟
التحقت بهيئة المحامين بوجدة رغم عدم وجود نساء محاميات مسجلات في الهيئة آنذاك ، لأنه من جهة ، عائلتي الحداثية اصرت على ذلك خصوصا و ان جدي كان يحلم ان تكون بناته او حفيداته يشتغلن في مجال القضاء ، الا ان زوجي انذاك الدكتور كمال بنعلي ، رأى ان القضاء سيلزمني بقضاء فترة المعهد القضائي بالرباط و ان التزاماتي الزوجية خصوصا بالنسبة لزواج مبكر كما هي حالتي لا تسمح بذلك ، فانخرطت في سلك المحاماة بمشقة كبيرة و بعد تدخلات من طرف أصدقاء زوجي ، على اعتبار ان المحامين الذكور لم يتعودوا على تمرين المحاميات الإناث ، وفي الاخير تفضل الاستاذ النقيب سليمان حفو بقبولي و كانت جرأة كبيرة منه على اعتبار ان هذا الميدان كان حكرا على الرجال و كان علي مضاعفة الجهوذ من اجل إثبات موقعي واقناع الجميع بانه يمكن للذكور والإناث النجاح في هذا الميدان الشاق، و بعد سنة او سنتين و لجت المهنة محاميات أخريات الشيء الذي جعل القضاة و المحامين و المجتمع الوجدي يتقبل فكرة وجود و كفاءة المرأة المحامية.
- مغرب القانون : عطفا على السؤال السابق : هل تعتقد الأستاذة سليمة فراجي بأنه لا زالت هناك ثقافة سائدة تعارض تمكين المرأة المحامية من تحمل المسؤولية ؟ خاصة إذا استحضرنا الانتخابات الأخيرة التي همت الهيئات المهنية للمحامين حيث آلت كل مناصب النقباء للرجال.
- أم أن الأمر قد يعزى إلى غياب اتحاد حقيقي بين النساء المحاميات التي يفوق عددهن 5000 محامية أي حوالي الثلث من جسم المحاماة بالمغرب ؟
المحطات التي مررت بها و مرت بها الكثيرات تبين بشكل واضح ان الطريق لا زال طويلا من اجل تقلد المراة المسؤولية وبعض المناصب خصوصا مواقع القرار ،ولو ان دستور 2011 نص على المناصفة ، علما ان الخلل لا يوجد في الترسانة القانونية وليس في العقلية الذكورية فقط بل احيانا لا تقبل المرأة بالمرأة ولا تمنحها ثقتها كلما تعلق الامر بالتصويت ، مثلا لو شاءت محاميات هيئة البيضاء وضع ثقتهن في امرأة نقيبة لمهدن الطريق للتمكن من ذلك بحكم عددهن المرتفع، لكن الامر لم يحصل وبالتالي تتخوف النساء من تقديم طلبات الترشيح لهذا المنصب الذكوري ، الامر نجده كذلك في منصب المرأة وكيلة للملك او وكيلة عامة للملك ، اي نعم نمنح هذا المنصب اذا تعلق الامر فقط بالمحاكم التجارية لكن نستكثره على المرأة كلما تعلق الامر بالمحاكم العادية ، وكأن اختصاصات الوكيل العام للملك المتمثلة في ممارسة الدعوى العمومية ومراقبتها والمطالبة بتطبيق القانون والتسخير المباشر للقوة العمومية ، أمور مستصعبة الانجاز على المرأة ؟ وهي التي ابانت عن كفاءة عالية في الميدان القضائي.
بل ان المحكمة الدستورية سنة 2015 المجلس الدستوري سابقا رفض تخصيص كوطا للنساء داخل المحكمة الدستورية ، لكون التمييز بين الجنسين يحظره الدستور و لا يمكن للمشرع ان يخصص كوطا مسبقة لاحد الجنسين وتبقى العضوية في المحكمة الدستورية مشروطة بامتلاك الكفاءة القضائية والفقهية او الادارية والتكوين العالي في مجال القانون وممارسة المهام لمدة تفوق 15 سنة، بعبارة اخرى من الممكن ان يكون جميع الأعضاء اناثا ، لكن مع الأسف انه باستثناء امرأة واحدة حصلت على المنصب بمقتضى التعيين الملكي فلا وجود لأية امرأة في المحكمة المذكورة سواء تعلق الامر بالتصويت او التعيين. لذلك بدل تكثيف الندوات والموائد المستديرة المكلفة لنفقات باهظة بشراكة مع منظمات دولية من اجل تعميق البحث والنقاش حول التمكين القانوني والسياسي للنساء وضعف اليات المساءلة المؤسساتية في ادماج النوع.
حان الوقت وأصبح لزاما معالجة الداء من مكامنه والسهر على تلقين الفتيات داخل الاسرة والمدرسة والمحيط المجتمعي مبادئ مفادها ان للمرأة قدرات موازية لقدرات الرجل و اقتلاع النظرة الدونية من المرأة للمرأة ومن المجتمع للمرأة.
علما ان العالم الغربي تمكن من الدفع بنساء لمع نجمهن في جميع مجالات الحياة قادرات على تسيير الشأن العام بارادة مشتركة اقتسمها عبر التاريخ الرجال و النساء.
و للاشارة فان خوض معركة الترشح لمنصب النقيب هي تجربة إيجابية مكنتني من التعرف على الزملاء اكثر و زيارة مكاتبهم ومعاينة معاناة الكثيرين منهم ،وتحضير برنامج انتخابي انضاف الى تجاربي السابقة ،وان الأصوات التي حصلت عليها حوالي خمسين صوتا هي الاولى من نوعها في المغرب. ذلك ان زميلات في هيئات اخرى بمدن المملكة لم يتمكنّ من الحصول سوى على عدد ضئيل جدا ، ولكن خيبة املي -و التي سجلتها كذلك جريدة l’économiste- هي عدم تصويت الزميلات علي بشبه اجماع الشيء الذي استنتجت منه الجريدة ان مكامن الخلل لا توجد في كون بعض المهن هي حكر على الرجال فقط ،و انما محاربة المرأة للمرأة او بالاحرى عدم مساندتها لها ، تعتبر من أسباب عدم تمكنها من الوصول الى مواقع القرار ، وانه قياسا على الاستحقاقات التشريعية فاننا لا زلنا بعيدين جدا عن المبتغى الدستوري و انه لولا اللائحة الوطنية لكان عدد النساء في البرلمان لا يتعدى 2 في المائة ، لتبقى التعيينات هي المنقذ الوحيد للمرأة من شبح ترشح مكلل بالفشل الذريع في اغلب الحالات مهما كانت كفاءتها و مراكمتها للتجارب و قدراتها على تحمل المسؤولية .
- مغرب القانون : لم تكتف الأستاذة سليمة فراجي بمتاعب البذلة السوداء، حيث سبق لها أن دخلت غمار العمل السياسي كنائبة برلمانية عن حزب الأصالة و المعاصرة خلال الولاية التشريعية 2011/2016. كيف عشتم هذه التجربة الجديدة ؟
- و ألا يمكن القول أن العمل السياسي قد يحيد بالمحامي عن مهنته الشريفة في الدفاع ؟ بعبارة أخرى : ألم تترد الأستاذة سليمة فراجي -لأسباب مهنية- قبل الانخراط في العمل السياسي ؟
مهنة المحاماة فتحت لي الأبواب على مصراعيها من اجل العطاء القانوني والفكري ، ومرة اتذكر اننا لما كنا بصدد انتخاب مكتب لجنة العدل والتشريع و لاحظنا إملاءات خارجية من الاحزاب و ما اعتبرناه انذاك اختلالات ،فتوجهت نحو زميلي النقيب الأنصاري قائلة :” لهلا يخطي علينا البذلة السوداء “ و لا زالت صديقتي النائبة المحامية فتيحة مقنع تذكرني بهذه القولة لما للبذلة السوداء و لمهنة المحاماة من قدر و جلال ورفعة مهما تعددت مهام المحامي ، انها المحاماة و كفى.
حضور الأستاذة سليمة فراجي افتتاح الدورة
الاولى من السنة التشريعية 2012-2013
ولكن التجربة السياسية مكنتني من كسب تجارب وتراكمات لا تقل اهمية ، ذلك انني شغلت منصب الأمينة الإقليمية لمدينة وجدة و كنت اول امينة عامة جهوية امرأة لجهة الشرق التي كانت تتكون من سبع أقاليم مكنتني من نسج علاقات إنسانية رائعة و مواكبة المنتخبين الجماعيين وإعداد التقارير وتنظيم اللقاءات التواصلية بشكل مستمر والانفتاح على جميع شرائح المجتمع.
و اعتبر هذه المرحلة التنظيمية بمثابة مستجد أضاف الى مساري قيمة كبيرة وجعلني ابذل مجهودات جبارة من اجل اثبات الذات والرفع بالحزب الى مستوى رفيع بمساعدة كفاءات و رجال ونساء اقتنعوا انذاك بمشروع الحزب الحداثي المنفتح ، وبدون ادنى مزايدات او تبجح فان تكليفي بهذه المهام من طرف حزب قوي انذاك جعلني اتسلح بارادة حديدية انضاف اليها حبي للوطن ورغبتي الصادقة في خدمة المواطن بكل ما أوتيت من قوة، ولو ان السذاجة وحسن النية لا يتناغمان احيانا مع بعض صقور السياسة.
وجوابا على السؤال ، اعتبر انه بالعكس اذا كان الانسان مقتنعا بمهامه حريصا على إنجاز ما وعد به ، مخلصا لوطنه ، محبا لمحيطه و غير مهتم بتحقيق مصالحه الشخصية فانه يحظى لا محالة بحب ورضى الآخرين الشيء الذي يحفزه على المزيد من العطاء ، بعزم و إرادة.
لذلك لا مجال للقول بان العمل السياسي قد يحيد بالمحامي عن مهنته الشريفة لان الشريف يبقى شريفا أينما حل و ارتحل .
- مغرب القانون : اشتغلتم خلال نفس الولاية التشريعية 2011/2016 كعضو بمكتب لجنة العدل و التشريع و حقوق الإنسان بالبرلمان. ما هي الإضافة النوعية التي يمكن أن تقدمها المرأة المحامية كعضو بهذه اللجنة ؟ خاصة إذا استحضرنا الدور الهام الذي تلعبه هذه اللجنة على مستوى العملية التشريعية.
الولاية البرلمانية 2011-2016 هي ولاية تأسيسية بامتياز شهدت جل القوانين التنظيمية المكملة للدستور و شهدت فورانا تشريعيا ، لذلك لا انكر ان هذه التجربة كانت من اهم التجارب التشريعية القانونية التي مررت بها و اعتبر لجنة العدل والتشريع مدرسة حقيقية بالنسبة لي ساهمت في فتح افاق كبيرة ومجالات متنوعة للكتابة والتحرير بل ساهمت في تكوين اعتبره قيمة مضافة لمساري المهني على اعتبار ان التشريع أب القضاء ، وان المحامين البرلمانيين تميزوا بعطاء متميز داخل اللجنة على اعتبار انهم دأبوا على الاشتغال على النصوص و بالتالي يلعبون دورا محوريا في تجويد القانون وتفادي ثغرات التشريع التي تربك العمل القضائي.
لقد كانت المرأة المحامية داخل لجنة العدل والتشريع متميزة بشهادة الجميع حريصة على المواظبة والانضباط ، وأتذكر منهن الاستاذة فتيحة مقنع و بوشرى برجال و سعدية الزاكي و عائشة لوخماس و غيرهن. حيث لعبن دورا مهما في عملية التشريع ومناقشة جزئيات مشاريع و مقترحات القوانين ، بل ان دراسة التعديلات المشتركة للقانون التنظيمي للمجلس الاعلى للسلطة القضائية تكلفت بها رفقة الاستاذة فتيحة مقنع و كنا نشتغل الى ساعات متاخرة من الليل لتقديمها لمناقشة اللجنة.
- مغرب القانون : ما هي أهم النصوص التشريعية التي تفخر الأستاذة سليمة فراجي بكونها ساهمت بإخراجها إلى حيز الوجود ؟ و لماذا ؟
اعتز بكوني ساهمت مساهمة فعالة في اخراج بعض القوانين الى حيز الوجود أهمها القانون 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري ، و القانون 49.16 المتعلق بكراء العقارات او المحلات المخصصة للاستعمال التجاري او الصناعي او الحرفي، و القانون 106.12 المغير والمتمم للقانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية ، والقانون 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء. وكذلك القانون 107.12 المتعلق ببيع العقارات في طور الانجاز.
حضور الأستاذة سليمة فراجي لمناقشة مشروع القانون المتعلق ببيع
العقارات في طور الإنجاز داخل لجنة العدل و التشريع
بالاضافة الى قوانين اخرى كتلك المتعلقة بمكافحة الارهاب ، ومكافحة الاتجار بالبشر ، وقانون الصحافة ، والقانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ، وتعديل الفصل 475 من القانون الجنائي بحذف فقرته الثانية التي كانت تسمح بتزويج القاصر من الجاني الذي غرر بها، وتقديم مقترح تقييد المادة 16 من مدونة الاسرة المتعلقة بالبينة الشرعية في ثبوت الزوجية بشرطي عدم استعمالها لتزويج القاصر او بغرض التعدد ولو ان هذا التعديل لم ينل موافقة الأغلبية ، و بالطبع المساهمة بجدية كبيرة في مناقشة وتقديم التعديلات المتعلقة بالقوانين التنظيمية كالقانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية والنظام الاساسي للقضاة ، والقانون التنظيمي المتعلق باللجان النيابية لتقصي الحقائق ، والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية ، والقانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية.
علما ان دستور 2011 تضاعف فيه عدد القوانين التنظيمية مقارنة مع الدساتير السابقة اذ بلغ عددها 19 قانونا تنظيميا ، علما ان القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط واجراءات الدفع بعدم دستورية القوانين ولئن تمت مناقشته خلال ولايتنا السابقة فانه لم تتم المصادقة عليه الا خلال هذه الولاية الا ان المحكمة الدستورية قضت بعدم مطابقته للدستور و إرجاعه للبرلمان.
- مغرب القانون : لو كتب لكم العودة للعمل السياسي كنائبة برلمانية تشتغل من داخل لجنة العدل و التشريع و حقوق الإنسان : ما هي أبرز النصوص التشريعية التي لا زلتم تعتقدون أنها تحتاج للمزيد من الاجتهاد و العمل و التطوير ؟
كنت دائما أقول ان البرلمان القوي ينتج ديموقراطية قوية وان مصادرة حقه في التشريع كما حصل لنا مع الحكومة السابقة التي كلما تقدم البرلمانيون بمقترح الا وتأتي بمشروع ، يعد ضربة موجعة للمسار الديموقراطي و تبخيس للمؤسسة التشريعية ، وانه لو كتب لي العودة للعمل السياسي كنائبة تشتغل من داخل لجنة العدل والتشريع لكنت اكثر جرأة وكان بودي ان أناقش القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين لان هذا المقتضى هو الذي جعل الدستور يرتقي بالمجلس الى محكمة دستورية.
كما ان رفض تعديلات المعارضة جعل المحكمة الدستورية تقضي بعدم دستورية هذا القانون التنظيمي لانها ببساطة رفضت تجريدها من اختصاصها ورفضت بت محكمة النقض في جدية الدفع لانه تطاول على اختصاصها.
بودي كذلك مناقشة مشروع القانون الجنائي خصوصا فيما يتعلق بالعقوبات البديلة و الإثراء غير المشروع و تجريم التعذيب والاختفاء القسري ومناقشة النصوص المتعلقة بملاءمة التشريع الجنائي بنظام روما للمحكمة الجنائية الدولية خصوصا وان الدورة التكوينية التي خضعت لها في مجال القانون الدولي الانساني جعلتني مؤهلة لمناقشة وتجويد هذه النصوص. كما انه كان بودي طرح المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية للنقاش لما ألحقته من أضرار بالملاك وتشجيع لمافيا العقار ، كما ان إرفاق كل مشروع بدراسة للأثر اصبح ملحا ومطلبا للبرلمانيين في مواجهة رئيس الحكومة لان الفوران التشريعي دون دراسة للأثر نتج عنه احيانا انعدام الامن التشريعي.
- مغرب القانون : باستحضار تجربتكم في لجنة العدل و التشريع و حقوق الإنسان ومهنتكم كمحامية : ألم يحن الوقت لإدخال تعديلات تشريعية على مستوى القانون رقم 28.08 المنظم لمهنة المحاماة بالشكل الذي يجعله ملائما لواقع الألفية الثالثة ؟
تعديل القانون 28.08 المتعلق بمهنة المحاماة اصبح ضرورة ملحة خصوصا بعد دخول القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية و النظام الاساسي للقضاة حيز التنفيذ وكذا القانون رقم 33.17 المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل الى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيساً للنيابة العامة ، علما انه مرت أزيد من عشر سنوات على القانون المطلوب تعديله حيث طرأت على العشرية مستجدات همت أسمى قانون و هو الدستور الذي رفع سقف الحقوق والحريات والقوانين التنظيمية والعادية، لذلك بات من الضروري اعتماد مقاربة تشاركية تهم الجمعية و النقابات و المحامين و البرلمانيين و الحقوقيين و المهتمين من اجل تقديم تعديلات وجيهة و مجودة تتلاءم مع الألفية الثالثة.
- مغرب القانون : تركز الأستاذة سليمة فراجي في جل كتاباتها على الدور الحقوقي للمحامي، كما جاء في إحدى مقالاتك ب ” …أن المفروض (في المحامين) أن يمثلوا الشعلة المثقفة التي تدفع بالمجال الحقوقي إلى الأمام …”. هل يفهم من هذا الكلام أنه صار لزاما على المحامي مهما كان تخصصه أن ينخرط في العمل الحقوقي ببلاده، و إلا اعتبر عزوفه نقصا في أداء رسالته الشريفة ؟
اذا رجعنا الى محطات التاريخ وجدنا ان زعماء وجهابذة بصموا مسارا سياسيا في العالم كانوا محامين ، والأمثلة كثيرة تشمل اسماء لامعة سجلت بمداد الفخر في سجلات ذهبية تعتز بها الانسانية في القارات الخمس ،علما انها قديمة قدم الانسانية ولها تراكمات فكرية ومواقف راسخة.
المحامون حقوقيون بامتياز ، يمثلون الشعلة المثقفة التي تحمل على عاتقها مهمة الدفاع عن المتقاضين من جهة ، وحمل الرسالة النبيلة المتمثلة في احترام الحريات وصيانة النظام العام ورصد اي تطاول على المحاكمة العادلة ، في ظل سيادة القانون، المحامون ملزمون بالديبلوماسية الموازية التي طالما أعطت نتائج إيجابية في جميع دول العالم ذلك ان الاطلاع على النصوص والاتفاقيات الدولية والتشبت بالدفاع عن حقوق الانسان تجعل المحامي مؤهلا للقيام بدوره كما يجب كلما تعلق الامر بالسيادة الوطنية والوحدة الترابية والدفاع عن ثوابت الأمة والتمثيلية الملائمة واللائقة في الخارج ، ولعل عقد الموتمرات واللقاءات والندوات والمشاركة في الخارج في مختلف التظاهرات تجعل المحامي سفير دولته ولسانها ، لذلك مخطئ من يجعل من المهنة مهمة خبزية او هدفها الاغتناء فقط او اللهث وراء تحقيق بعض المصالح المادية الضيقة ، المحاماة انبل وأكبر وأجل من ذلك بكثير وان الانخراط في العمل الحقوقي يجب ان يكون هاجس المحامين الرسميين في تلقينه للمحامين المتمرنين.
و كما قال فولتير : Voltaire : j’aurai voulu être avocat , c’est le plus bel état du monde
- مغرب القانون : أعلنت وزارة العدل مؤخرا عن مباراة الحصول على شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة سنة 2019 ، ألا تعتقدون أن ظروف مهنة المحاماة بالمغرب لا تشجع الشباب ( الإناث خصوصا) على الولوج للمهنة على الرغم من حصولهم على شهادة الأهلية. خاصة إذا استحضرنا الارتفاع المهول لواجبات الانخراط مقارنة مع الكثير من الدول الإفريقية و الأوروبية (150.000 درهم بهيئة وجدة مثلا) ؟
لا نريد من وزارة العدل والسياسة الحكومية ان تجعل من مهنة المحاماة منفذا لمواجهة البطالة والاحتقان ، بل عليها ان تكون طرفا شريكا في الارتقاء بالمهنة بقدرها وجلالها وسمو مبادئها وأهدافها ، مثلا التزمت مديرية الشؤون المدنية سنة 2012 بتكوين المتمرنين على غرار القضاة بالمعهد فلم تفعل لحد الان ، تاركة تلك المهمة على عاتق المحامي الرسمي فقط ، علما ان المحامين المتمرنين الذين يعلمون جيدا انهم غير مطالبين بامتحان نهاية التمرين لا يحرصون احيانا -ليس الكل بالطبع- على عامل التكوين والتحصيل واستيعاب تقاليد المهنة وفن المرافعات والبحث والتدقيق في الجزئيات ، لذلك بات لزاما ان يكون هناك معهد للتكوين حفاظا على الجودة ورفعة المستوى والا سقط الجميع في الرداءة.
علما ان المحامي عن طريق تبادل المذكرات الغنية بالنصوص والاجتهادات هو الذي يساهم في رفع مستوى العمل القضائي.
اما بخصوص الارتفاع المهول لواجبات الانخراط لولوج مهنة المحاماة فانها كانت محل مناقشة منذ مدة وسبق ان تقدم البعض بطلب لوزير العدل السابق من اجل التدخل لدى مكاتب هيآت المحامين في المغرب لمراجعة قيمة واجبات الانخراط التي تفرضها النقابات على المنخرطين الجدد على اعتبار ان هذه الواجبات تفتقد الى السند القانوني ، وللاشارة فان جل المتمرنين يتذمرون من هذا الإجراء ذلك انهم يلجون المهنة وهم مثقلون بديون هم ملزمون بالوفاء بها او لجوء عائلاتهم الى الاستدانة وتلك أمور لا تخدم نبل المهنة واستقلالها وقوتها وجودة المهام المسندة الى ممارسها علما ان هيئة المحامين العريقة بباريس لا يتعدى واجب الانخراط فيها 8800 درهم. و اذا كان الهدف هو الحد من العدد واشتراط الكفاءة فان ذلك يصبح ممكنا اذا استبدل الامتحان بالمباراة و الخضوع للتكوين بالمعهد الوطني للتكوين الذي التزمت به وزارة العدل (مديرية الشوون المدنية) سنة 2012 و الانتصار للتخصص .
في الاخير اعتقد ان المادة 91 من قانون المهنة أعطت لمجالس الهيآت صلاحية سن النظام الداخلي، لكن الأنظمة الداخلية لا يمكن ان تتطاول على القانون المنظم للمهنة، ولعل الإشكال سيجد حلا مرضيا متى تتم المصادقة على مشروع قانون المهنة ودخوله حيز التنفيذ بتفعيل المعهد الوطني للمحاماة المسير وفق نص تنظيمي والخاضع لاشراف اداري من طرف هيآت المحامين مع تخصيص ميزانية من المالية العامة للدولة ، لكن نتمنى ان يتم الإسراع بالإجراءات حتى تواكب مهنة المحاماة الحركية والمستجدات التي عرفها الجهاز القضائي ومختلف المهن المنظمة ،
- مغرب القانون : بعد تجربتكم التي امتدت لأكثر من 35 سنة من تحمل أعباء البذلة السوداء : ما هي رسالة الأستاذة سليمة فراجي للأجيال المستقبلية من الراغبين في الولوج إلى مهنة المتاعب (الإناث خصوصا ) ؟
المحاماة ليست مهنة خبزية ، هي رسالة نبيلة إنسانية ، اذا كان الهدف منها الاغتناء فقط فانها تفرغ من محتواها ، فعلا المحامي مواجه بالمصاريف و النفقات و تحمل الالتزامات ، لكن ممارسة المهنة تتطلب الانخراط في المجال الحقوقي و الاطلاع على الاتفاقيات الدولية و القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني و مواكبة قضايا الوطن وممارسة الدبلوماسية الموازية ، والتعريف بالقوانين عن طريق عقد الندوات واللقاءات التواصلية ، علما ان المرأة المحامية ابانت عن كفاءة عالية في جميع المجالات و لا فرق بينها وبين المحامي كلما تعلق الامر بممارسة المهنة.
- مغرب القانون : الكلمة الاخيرة لموقع مغرب القانون
موقع قانوني جد مهم استقطب المفكرين القانونيين ، في الوقت الذي تكاثرت مواقع عديدة لا تهتم بالمجال القانوني و مستجداته ، المواضيع و المقالات المنشورة نالت إعجاب و تنويه المهتمين و ستخدم جميع الممارسين و الباحثين والمهتمين بالتشريع وصياغة النصوص وتجويدها ، أتمنى له الاستمرار والمزيد من الإشعاع وأختم بالقول :
لا خير في مادة رمادية تعطي الأمر لأقلام مأجورة لا تخدم مصالح الأمة ، تعظم اللئيم وتبخس الكريم ، و ليعلم كل من لديه عقل غير نزيه و قلم غير نظيف ان للباطل جولة و للحق دولة.
تعليقات 0