النظام الضريبي المغربي وسؤال العدالة الضريبية

سليمة فراجي: العفو العام بين النص الدستوري والمزايدات السياسوية

حوار حصري مع الموثق محمد السدادي حول واقع وآفاق مهنة التوثيق بالمغرب وقضاياها الراهنة

1 مايو 2019 - 5:28 م القانون والصحافة , القانون والصحافة , حوارات صحفية , في الواجهة
  • حجم الخط A+A-

حاوره: ياسين إبن مسعود المدير العام لموقع مغرب القانون ورئيس مركز مغرب القانون للدراسات والأبحاث القانونية


في إطار انفتاح موقع مغرب القانون على الكفاءات الوطنية في مختلف الميادين القانونية و القضائية و الحقوقية. استضاف موقع مغرب القانون في إطار سلسلة الحوارات الدورية التي يجريها، الأستاذ محمد السدادي موثق بهيأة الموثقين بوجدة ونائب رئيس المجلس الجهوي للموثقين لجهة فاس تازة الشرق سابقا و ذلك من أجل تسليط الضوء حول مهنة التوثيق بالمغرب وآفاقها المستقبلية في ظل رياح العولمة وتعقيدات العالم الرقمي.

إضافة إلى مناقشة مطالب الموثقين وتخوفاتهم في ظل القانون 32.09 المتعلق بمهنة التوثيق، وعلاقة الموثقين العصريين بالعدول وغيرها من الإشكالات الراهنة ذات الصلة بميدان التوثيق بالمغرب .  

و فيما يلي نص الحوار كاملا :


  • مغرب القانون: من هو الأستاذ محمد السدادي ؟

الأستاذ محمد السدادي من مواليد مدينة فاس بتاريخ 3 يناير 1967، انتقل بعدها إلى مدينة وجدة بحكم اشتغال والده بسلك الشرطة، درس المرحلة الابتدائية بمدرسة مولاي يوسف، وبعد حصوله على الشهادة الابتدائية التحق بإعدادية البكري ثم بثانوية إيسلي حيث حصل على شهادة البكالوريا. ليلج بعدها إلى كلية الحقوق بوجدة، حيث سيتوج مساره الدراسي بالحصول على الإجازة في القانون العام سنة 1992.

وفي سنة 1994 التحق بسلك التوثيق حيث تم تسجيله كموثق متدرب، وفي سنة 1998 حصل على شهادة كاتب أول لدى موثق، ليجتاز بعدها امتحان الأهلية فحصل على دبلوم موثق سنة 2005. وبعد ممارسته لمهنة التوثيق لمدة عشر سنوات التحق مرة أخرى برحاب كلية الحقوق بوجدة من جديد ليحصل على دبلوم الماستر في القانون الدستوري و العلوم السياسية.

شغل الأستاذ محمد السدادي أيضا مهام نائب رئيس المجلس الجهوي للموثقين لجهة فاس تازة والشرق، كما يشغل حاليا مهمة مستشار بمركز إدريس الفاخوري للدراسات و الأبحاث في العلوم القانونية بوجدة. ويشارك في العديد من الندوات العلمية بمداخلات ومواضيع في المجال القانوني، كما ألقى محاضرات علمية بكلية الحقوق بوجدة والكلية المتعددة التخصصات بالناظور، إضافة إلى مشاركته الدورية في الإذاعة الوطنية ببرامج تروم تقريب المواطن من مهنة التوثيق بالمغرب.

  • مغرب القانون: من المعلوم أن التوثيق من المهن الحرة التي تمارس وفق الشروط و حسب الاختصاصات المقررة في القانون 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق وغيره من النصوص الخاصة. هل من الممكن أن تقرب القارئ أكثر لأبرز المهام التي تقع على عاتق الموثق (Notaire)  في المغرب؟

نعم التوثيق مهنة حرة حسب منطوق المادة الأولى من القانون 32.09 المنظم لمهنة التوثيق، ولكن على الرغم من كونها مهنة حرة إلا أن المشرع قيدها بمجموعة من الضوابط  والقواعد الصارمة لممارسة المهنة، ومن ذلك ما يتعلق بكيفية تسيير المكتب وكيفية الحصول على الإجازة وضوابط غياب الموثق وغيرها.

حتى أنه في بعض الأحيان نشعر أن مؤسسة التوثيق تكتسي طابع المرفق العمومي نظرا للخدمات التي يقدمها الموثق للمتعاقدين وغير المتعاقدين الذين يقصدون مكاتب الموثقين، وذلك من قبيل تقديم الاستشارات وتقديم النصح والإعلام إلى غير ذلك.

فالموثق يقدم مجموعة من الخدمات سواء في المجال العقاري أو في مجال قانون الأعمال، ولعل من المهام الرئيسية التي يمارسها الموثق نجد إضفاء الصبغة الرسمية على اتفاقات الأطراف، والقيام بجميع الإجراءات والمساطر القانونية اللاحقة من تسجيل وتقييد بالسجلات العقارية. وكذلك تكوين الشركات وتحرير جميع المحاضر المتعلقة بقانون الأعمال والإيداع لدى المحكمة التجارية وعمليات الإشهار والنشر وغيرها.

إذن فالموثق مختص في صياغة وصناعة العقود بطريقة احترافية نظرا للمدة الزمنية الطويلة التي يقضيها في مرحلة التمرين وتكوينه المتين والمعمق في علم التوثيق وفنونه.

  • مغرب القانون: يرى البعض أن هناك صراعا خفيا بين الموثقين و العدول، ما مدى صحة هذا الأمر ؟

أولا أود الإشارة بعجالة أننا نحن الموثقين والموثقات الذين يمارسون عبر عموم التراب الوطني لسنا ولن نكون أبدا في أي صراع مع أي مهنة كيفما كانت، فالموثق له اختصاصاته والعدول لهم اختصاصاتهم والكل يجب أن يمارس اختصاصاته كما هي مسندة له بقوة القانون.

مقال قد يهمك :   جديد : صدور العدد الثاني من مجلة "الممارس" للدرسات القانونية بشراكة مع موقع مغرب القانون

وكما قلت سابقا فإن تحرير العقود هي صنعة وتحتاج لمجهود كبير وسنين كثيرة للتمرس على تقنياتها وإتقان ضوابطها. إن عامل التكوين يلعب دورا مهما في مسار الموثق العصري، فالتكوين الذي يتلقاه خلال مساره المهني ليس هو ذاته الذي يتلقاه العدول، كما أن المهام الموكولة للموثقين ليست هي ذاتها الموكولة للعدول.

فالموثق يختص بتوثيق التصرفات المرتبطة بالعقار المحفظ أو الذي في طور التحفيظ وهو ملزم بتحقيق نتيجة obligation de resultat  وذلك عبر استيفاء جميع الإجراءات القانونية من تسجيل وتقييد كما أشرت سابقا، وتطهير الوضعية الجبائية وجميع التحملات.

 كما أن الموثق العصري يتلقى العقد لوحده ويضفي عليه الطابع الرسمي في حين تتوقف رسمية العقود التي يوثقها العدول على خطاب قاضي التوثيق الذي لا بد منه لتكتسب الوثيقة العدلية صبغتها الرسمية، وهو ما يدفعنا للتأكيد من جديد على أن لكل مهنة اختصاصاتها التي يمنحها لها القانون ولا مجال للحديث عن أي صراع مفتعل.

  • مغرب القانون: عطفا على السؤال السابق : ما موقف الأستاذ السودادي من دمج نظامي التوثيق العصري و التوثيق العدلي في نظام واحد ؟

أقول وأكرر أنا لست مع دمج نظامي التوثيق العصري و التوثيق العدلي، وأكرر مرة أخرى أن لكل واحد اختصاصاته ومجاله، ولا أريد أن أكرر ما قلته سابقا لأنه من الصعب دمج هاتين المهنتين نظرا لعوامل عدة وفي مقدمتها عامل التكوين والمدة الزمنية وغيرها.

  • مغرب القانون: يرغب الكثير من الطلبة بكليات الحقوق في الولوج إلى مهنة التوثيق، ويستفسرون عن أسباب تأخر الإعلان عن مباراة الانخراط في مهنة التوثيق. هل هذا التأخير راجع إلى عدم صدور النص التنظيمي المتعلق بإحداث معهد التكوين المهني للتوثيق ؟ أم أن هناك أسباب أخرى.

فعلا، صدر القانون رقم 32.09 المنظم لمهنة التوثيق وحدد مجموعة من القواعد والشكليات لولوج المهنة، والمعهد حاليا قد أوشك على النهاية ونحن جميعا ننتظر صدور النص التنظيمي الذي سيحدد كيفية الولوج للمعهد والشروط والمعايير ذات الصلة والمرسوم التنظيمي المتعلق بتحديد أتعاب الموثق وطريقة استيفائها، وهو ما سيعني استكمال المنظومة القانونية المنظمة لمهنة التوثيق.

  • مغرب القانون: عرف المغرب مؤخرا استفحال ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير بالمغرب، إلى الحد الذي فرض تدخلا ملكيا عاجلا و ذلك من خلال الرسالة الملكية الموجهة لوزير العدل بتاريخ 30 دجنبر 2016. كمشتغلين في ميدان توثيق التصرفات العقارية :  ما هي في نظركم الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة ؟ وهل يتعلق الأمر بقصور قانوني أم أن طبيعة الوعاء العقاري بالمغرب و تعقده و تعدد أنظمته هي السبب الرئيسي في ذلك ؟

لا بد من الإشارة في البداية إلى أن ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير ظاهرة قديمة إلا أنها استفحلت بطريقة بشعة في السنوات الأخيرة.

وبحكم ممارستي لمهنة التوثيق لعدة سنوات أعتقد أنه من الأسباب الرئيسية التي شكلت الدافع الأول لانتشار هذه الظاهرة هي عقود الوكالة العرفية.

الأمر الذي تداركه المشرع في الآونة الأخيرة حيث تم تعديل المادة 4 من مدونة الحقوق العينية العقارية لتشمل الوكالة المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها. حيث أن الوكالات في مثل هذه التصرفات يجب أن تحرر -وذلك تحت طائلة البطلان- إما في محرر رسمي أو في محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض.

  • مغرب القانون: هل تعديل المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية بموجب القانون رقم 69.16 الذي نص على ضرورة تحرير الوكالات المرتبطة بالتصرفات المتعلقة بنقل الملكية، أو إنشاء الحقوق العينية الأخرى، أو نقلها، أو تعديلها، أو إسقاطها بموجب محرر رسمي، أوبمحرر ثابت التاريخ يحرره محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض، كافي للقضاء على مافيا العقارات بالمغرب ؟

نعم، لا شك أن تعديل المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية بموجب القانون رقم 69.19 الذي عرفته الساحة القانونية مؤخرا سيحد نوعا ما من  انتشار وتمدد ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، إذ إن معظم النزاعات التي طرحت على القضاء والمتعلقة بظاهرة الاستيلاء كان مصدرها الوكالات العرفية.

لكن أعتقد أن المشرع المغربي مازال عليه أن يجتهد أكثر للوصول إلى رسمية الوكالة حتى في المعاملات المتعلقة بقانون الأعمال ليضفي عليها طابع الرسمية، حتى لا يترك مجالا لهؤلاء الأشخاص الذين يدفعهم الجشع والطمع للتلاعب بعقارات الغير من خلال تزوير عقود الوكالة.

إن تأكيدي على ضرورة إقرار رسمية الوكالات في مجال قانون الأعمال راجع إلى استحضار وجود الشركات المدنية العقارية والشركات التي تمتلك عقارات، إذ عادة ما يرغب هؤلاء في تفويت حصص اجتماعية من شركة إلى أخرى في حين أن القانون يسمح بالوكالة العرفية في هذا الصدد الأمر الذي قد يكون مدخلا للتزوير الذي قد يطال الحصص والعقارات التي تملكها الشركة التجارية.

  • مغرب القانون: يطالب الموثقون بتعديل المادة 78 من القانون 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق و التي تسمح للوكيل العام للملك كلما فتحت متابعة تأديبية أو جنحية أو جنائية ضد موثق إما لأسباب مهنية أو عند اعتقاله بسبب يمس الشرف، أن يوقفه مؤقتا عن عمله بإذن من وزير العدل.
  • ما هي مبررات المطالبة بهذا التعديل التشريعي ؟ إذ يرى بعض المختصين ضرورة الإبقاء على هذا النص خاصة أمام إدانة القضاء لموثقين بتهم التزوير والاختلاس المنصوص عليها في القانون الجنائي.  
مقال قد يهمك :   مشروع مرسوم رقم 2.17.618 بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري (تحميل pdf)

أشكركم جزيلا على هذا السؤال الجوهري، أقول أولا أن السادة الموثقون يطالبون بتعديل شامل للقانون 32.09 وليس فقط المادة 78 التي أشرتم لها، ولكم أن تتصفحوا مواد هذا القانون للوقوف على عبارات المنع والحظر والتحذير التي تملأ بنوده ومواده (يمنع/لايجب/يحظر/لايمكن..إلخ) وهو أمر يجعلنا نقول بكل صراحة أن القانون 32.09 هو قانون للمنع وليس قانون للتوثيق، الأمر الذي أصبح معه الموثقون حاليا يشتغلون في ظروف جد صعبة يتملكهم الخوف من أي ملف مهما كان بسيطا وروتينيا.

وبالرجوع إلى الفصل 78 الذي ينص على التوقيف مؤقتا بسبب متابعة تأديبية أو جنحية أو جنائية كما أشرتم في سؤالكم أتسائل مع القارئ الكريم : لماذا التوقيف المؤقت إذا كان هناك في آخر المطاف حكم بالبراءة أو قرار بعدم المتابعة ؟

إن مثل هذا التوقيف يعني بشكل مباشر خسارة الموثق لمهنته وسمعته وزبنائه حيث يصير من الصعب جدا على الموثق استدراك هذه الخسارة الجسيمة التي ألحقها قرار التوقيف المؤقت بسمعته ومساره المهني الذي اشتغل عليه لسنوات طوال.

إذ الأولى في هذا الباب إعمال مبدأ قانوني بسيط  درسناه جميعا في بداية مشوارنا الجامعي بمدرجات الحقوق وهو مبدأ  قرينة البراءة présomption d’innocence الذي قرره المشرع في المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أن:

“كل متهم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به، بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية…”، كما أن الفقرة الرابعة من الفصل 23 من دستور 2011 تنص على أن “قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان”.

 وهو نفس المقتضى الذي أقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 في مادته 11  التي نصت على أن ” كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها كافة الضمانات الضرورية للدفاع عنه”.

وعليه : فكيف يستقيم مضمون الفصل 78 من القانون 32.09 مع احترام مبدأ قرينة البراءة التي يجب أن يتمتع بها كل مواطن بما في ذلك الموثق طبعا ؟ !

  • مغرب القانون: من التوصيات التي خرجت بها الندوة العلمية الوطنية بمراكش حول موضوع: “إصلاح مهنة التوثيق وفق المستجدات التشريعية و تحديات الاقتصاد الرقمي” المنظمة من طرف المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب يومي 23 و24 نونبر 2018 بمراكش ضرورة تمتيع الموثق بالصفة الضبطية في عملية التحقق من هوية الأطراف وصحة البيانات و الوثائق المدلى بها.
  •   هل انتشار جرائم التزوير هو الذي يبرر مثل هذه التوصية ؟ خاصة أن البعض يرى في تخويل الصفة الضبطية للموثقين تطاولا على اختصاصات جهات أخرى.
مقال قد يهمك :   أحمد منيرة: قراءة في كتاب حقيقة الإسلام للدكتور عبد الهادي بوطالب

نعم من أهم التوصيات التي خرجت بها الندوة العلمية الوطنية بمراكش حول موضوع : ” إصلاح مهنة التوثيق وفق المستجدات التشريعية و تحديات الاقتصاد الرقمي “ ضرورة تمتيع الموثق بالصفة الضبطية في عمليات التحقق من هوية الأطراف وصحة البيانات المضمنة في الوثائق المقدمة إليه، وتجد هذه التوصية المهمة مبررها الأساسي  في كون الموثق لا يتوفر لحد الآن على الآليات والوسائل الضرورية والكفيلة التي تسمح له باكتشاف جرائم التزوير في الوثائق والمستندات التي يقدمها له الزبناء، خاصة إذا استحضرنا ما أصبحت توفره الثورة الرقمية من وسائل وأدوات لتسهيل جرائم التزوير والنصب والاحتيال وإخفاء معالم الجريمة بالشكل الذي يصعب معه على الأجهزة المختصة من حيث الأصل اكتشافها بله أن يكتشفها الموثق أو يشك في ارتكابها.

إن مطالبة المشرع بتخويل الصفة الضبطية للموثقين لا يشكل أبدا تطاولا على اختصاصات جهات أخرى بقدر ما يعزز الحماية القانونية للموثق ويكرس أدبيات الأمن القانوني والتوثيقي في ميدان توثيق المعاملات.

كما أن تنزيل هذه التوصية من شأنه تعزيز استقرار المعاملات من خلال قطع الطريق على مرتكبي جرائم التزوير التي تستهدف المس بحق الملكية المنصوص عليه في الفصل 35 من دستور 2011.

  • مغرب القانون: أخيرا : ما هي في نظركم أهم التحديات التي صارت تعترض مهنة التوثيق في عصر العولمة و تعقيدات العالم الرقمي ؟

إن مهنة التوثيق مهنة عريقة بتاريخها وتقاليدها وأعرافها التي يتم توارثها جيلا بعد جيل، لكن بلا شك لا زالت تنتظرها تحديات كبرى في عصر العولمة وتعقيدات الثورة الرقمية، ومن هنا فالمهنة يجب أن تجعل التطور في مقدمة اولوياتها وأن تعمل على مسايرة الركب العلمي المتسارع وذلك من خلال الحرص على التكوين والتكوين المستمر للموثقين المتمرنين والموثقين الممارسين للرقي بالمستوى المهني للمهنة، خصوصا ونحن مقبلون على التعامل بالعقود الإلكترونية في المستقبل القريب إذ من توصيات ندوة مراكش العمل على تعديل القانون 32.09 المنظم لمهنة التوثيق وتضمينه مقتضيات تنظم تحرير العقد التوثيقي على سند إلكتروني، و انخراط الدولة في وضع آلية الكترونية مؤمنة لانجازه وحفظه اعتبارا لدرجة أهميته في تحقيق الأمن القانوني التعاقدي.

ولا بد من الإشارة إلى أنه بتاريخ 15 أبريل 2019 تم بالرباط توقيع اتفاقية التبادل الالكتروني بين المجلس الوطني للموثقين والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح والخرائطية وهو ما سيتيح التبادل الإلكتروني للوثائق والمستندات القانونية بين عموم الموثقين ومختلف مصالح المحافظة العقارية.

حيث أصبح ممكنا الآن إيداع العقود  بطريقة إلكترونية مباشرة من مكتب الموثق إلى المحافظة العقارية، في عملية وجيزة لا تستغرق سوى دقائق معدودات.

وهو ما يشكل نقلة نوعية لمهنة التوثيق ويؤكد حرص السادة الموثقين على مسايرة رياح الرقمنة التي تهب على العالم المعاصر وذلك بغية تحقيق مبادئ الحكامة التوثيقية ببلادنا.

  • مغرب القانون: كلمة أخيرة لموقع مغرب القانون ولموثقي المستقبل.

أتمنى لموقع مغرب القانون كل التوفيق في رسالته النبيلة لإثراء المحتوى القانوني على الويب، وما أحوجنا – في ظل أمواج التفاهة التي صارت تضرب شاطئ الألفية الثالثة التي نعيشها – إلى منصة قانونية جادة هدفها الرئيسي خلق بيئة قانونية ذات بعد رقمي هادف يحج إليها الباحثون والمهتمون بالشأن القانوني في المغرب لإبداء آرائهم بكل حرية ومسؤولية بعيدا عن ثقافة التجريح والسب التي صارت تطفوا مؤخرا إلى السطح.

أما بخصوص رسالتي لموثقي المستقبل فأرغب في أن أهمس في أذنهم بما أعتبره عصارة تجربتي في ميدان التوثيق قائلا لهم جميعا :

اعلم أيها الموثق أنك مكلف بتوثيق أمور العباد فاحرص على أن تكون من شيمك الأمانة والاستقامة، ومجالسة العلماء و الأفاضل فذلك هو طريق النجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)