رشيد مشقاقة: قراءة في قرار محكمة النقض المتعلق بتبرئة زوجة قاصرة من الخيانة الزوجية

رشيد مشقاقة باحث في العلوم القانونية

وجهة نظر :
قراءة في قرار محكمة النقض (الغرفة الجنائية) في الملف عدد 20823/6/3/2019

تحميل نسخة من قرار محكمة النقض


ملخص القضية

تعود فصول القضيّة إلى سنة 2019 حينما ألقت الشرطة القبض على فتاة قاصر متلبّسة بفعل الخيانة الزوجية، بناء على شكاية من طرف الزوج.

بناء على هذه المعطيات تابعت النيابة العامة الفتاة القاصر من أجل الخيانة الزوجية، وعملت على إحالتها على أنظار قاضي الأحداث بالمحكمة الابتدائية بالصويرة (جنوب المغرب)، كما تابعت شريكها من أجل المشاركة في الخيانة الزوجية.

صرح قاضي الأحداث ببراءة المتهمة من أجل المنسوب اليها، بعلة كونها قاصر، مما يفرض التعامل معها على أساس كونها ضحية فعل تغرير وهتك عرض من طرف الشريك. فاستأنفت النيابة العامة قرار قاضي الأحداث متمسكة بمقتضيات المادة 22 من مدونة الأسرة التي تنص على أن القاصر التي تحصل على إذن قضائي بالزواج، تكتسب الأهلية المدنية في ممارسة الحق في التقاضي في كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات، معتبرة أن هذه المادة ترتّب أيضا المسؤولية الجنائية في حق القاصر التي حصلت على إذن قضائي للزواج.

أيدت المحكمة الاستئنافية قرار قاضي الأحداث فتقدمت النيابة العامة بعريضة نقض في مواجهة القرار الاستئنافي معتبرة أنه خرق مقتضيات قانون الأسرة والقانون الجنائي.

موقف المحكمة

اعتبرت محكمة النقض أن قرار محكمة الاستئناف حينما قضى بتأييد الحكم الابتدائي القاضي ببراءة الحدث من جنحة الخيانة الزوجية استند على كونها ما تزال قاصر غير مكتملة التمييز مما يفرض التعامل معها كضحية تستحق الحماية القانونية طبقا لمقتضيات المادة 484 من القانون الجنائي. ومن ثمّ، لا يمكن اعتبارها فاعلة أصلية في جنحة الخيانة الزوجية وإنّما ضحية، طالما لم تتجاوز سنّ 18 سنة من عمرها.

وأضافَتْ المحكمة العليا أنّ القاصر لا يُعتدّ بإرادتها في العلاقات الجنسيّة مع الغير ما دام أنّ المشرع اعتبرها ضحيّة غير مكتملة التمييز وأضفى عليها حماية قانونية، واعتبر كل “اتصال جنسي” بها ولو بإرادتها يشكل جريمة هتك عرض قاصر. وهو ما لا يمكن استبعاده بتطبيق مقتضيات المادة 22 من مدونة الأسرة والتي ولئن منحت المتزوجين الأهلية في ممارسة الحقوق المدنية الناتجة عن عقد الزواج، فإنها لا تمتدّ إلى نسخ جميع المقتضيات القانونية الحمائية للقاصر ضحية في جرائم العرض بمجرد زواجه؛ والتي تهدف إلى حماية مصلحته الفضلى وهو ما ينسجم والتزامات المغرب الدولية بمقتضى اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989.

وعليه، قضت المحكمة بعدم قبول طلب النقض المرفوع من طرف النيابة العامة وتأييد القرار الاستئنافي فيما قضى به من براءة الحدث من جنحة الخيانة الزوجية.


وجهة نظر ذ.رشيد مشقاقة:

“تبرئة مرتكبة جنحة الخيانة الزوجية بعلة انها طفلة قاصرة غير صائب”.

لفت انتباهي قرار لمحكمة النقض قضت برفض الطعن بالنقض الذي قدمته النيابة العامة ضد قرار محكمة الاستئناف المؤيد للحكم الابتدائي القاضي ببراءة المرأة المتزوجة التي ارتكبت جنحة الخيانة الزوجية، حيث عللت المحكمة قرارها بقولها بان جنحة الخيانة الزوجية لا تقوم لها قائمة متي كانت الفاعلة قاصرة اعمالا من جهة للمادة 484 من القانون الجنائي ولاتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب، ولأن المادة 22 من مدونة الاسرة لا …إلخ.

إن القرار من وجهة نظري غير صائب بناء على الأسس القانونية التالية:

أولا: النيابة العامة تابعت الفاعلة بجنحة الخيانة الزوجية وطعنت بالاستئناف وبالنقض. بمعنى أن النيابة العامة لم تسع طيلة اجراءات المسطرة الى تغيير التكيبف في حق شريكها من جنحة الخيانة الزوجية الى جريمة هتك عرض بدون عنف، وحيث ان الفعلين معا معاقب عليهما بعقوبة متفاوتة كالتالي :

الفصل 484
يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات من هتك بدون عنف أو حاول هتك عرض قاصر يقل عمره عن ثمان عشرة سنة أو عاجز أو معاق أو شخص معروف بضعف قواه العقلية، سواء كان ذكرا أو أنثى.

الفصل 485

« يعاقب بالسجن من 5 إلى 10 سنوات من هتك أو حاول هتك عرض أي شخص ذكرا كان أو أنثى، مع استعمال العنف.

غير أنه إذا كان المجني عليه طفلا تقل سنه عن 18 سنة أو كان عاجزا أو معاقا أو معروفا بضعف قواه العقلية، فإن الجاني يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة ».

الفصل 490
كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة الفساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة.

الفصل 491
يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين أحد الزوجين الذي يرتكب جريمة الخيانة الزوجية، ولا تجوز المتابعة في هذه الحالة إلا بناء على شكوى من الزوجة أو الزوج المجني عليه.

وبالتالي يحظر على قضاء الحكم أن يكيف الفعل متى كانت عقوبته أشد من فصل المتابعة والثابث ان النيابة العامة لم تلتمس وفق المادة 36 من قانون المسطرة الجنائية تغيبر المتابعة او اضافتها في حق الفاعل.

وبالتالي لا يجوز لقضاء الحكم الجنحي ان يعلل حكمه بقوله بأن العناصر التكوينية الملائمة للفعل المرتكب تتحقق في جريمة هتك عرض بدون عنف  ولا تتحقق في جنحة الخيانة الزوجية.

مقال قد يهمك :   تصريح وزير الصحة يعيد إلى الواجهة انعدام ثقافة تقديم "الشكاية القانونية"

والحال ان المادة 484 غير مطروحة للنقاش امام القضاء الجنحي ولا يحق له ان يتحول الى نيابة عامة . ومن هنا تسلل العوار والخطأ القانوني الى الحكم الابتدائي والقرار الاستئنافي. وزكاهما قرارمحكمة النقض .

ثانيا: لا اجتهاد في مواد القانون الجنائي

إن صريح المادة 491 من القانون الجنائي جاء فيه: “كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة الفساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة.”

والثابت في نازلة الحال ان المتهمة متزوجة، ونص القانون الجنائي لم يشر الى القصور أو الرشد في شرعية المتابعة وبالتالي فإن التفسير الواسع او بالاحرى التاويل للقانون الجنائي يقتضي عدم التوسع واضافة شرط او ركن في الجريمة متصل بشخص المجرم، هذا عمل التشريع وليس عمل القضاء.

لا يجوز استجداء شرط في فعل جرمي يجد محله في المادة 484 من القانون الجنائي الذي جاء فيه : “من هتك بدون عنف أو حاول هتك عرض قاصر يقل عمره عن ثمان عشرة سنة أو عاجز أو معاق أو شخص معروف بضعف قواه العقلية، سواء كان ذكرا أو أنثى.” للقول بأن الفاعلة قاصر وبالتالي فإن على ما يتصل بممارستها الرذيلة برضاها هو استمالة وتغرير من شريكها الذي دفعها الى الفساد ونجعل منها ضحية وليست متهمة، فلا وجود للمادة 484 من القانون الجنائي في صك المتابعة الذي اقتصر على جريمة الخيانة الزوجية والمشاركة واعطاء طفل قدوة سيئة .

ان خروج قضاء الموضوع على النص ليس من صحيح القانون لان المادة 490 لا تشترط القصور من عدمه في جنحة الخيانة الزوجية فلا مجال للانتقال الى فصل آخر.

ثالثا: الفاعلة ليس طفلة بل هي امرأة متزوجة ولها طفلة: هل اصبحنا امام طفلتين : الام المتزوجة والطفلة ضحية القدوة السيئة ؟

ان حكم محكمة الدرجة الاولى وقرار محكمة الدرجة الثانية وقرار رفض النقض وضعونا في موقف حرج ومستحيل وجد معقد في اعتبارهم امرأة متزوجة لها طفلة هي ذاتها طفله فمن غير المنطق القانوني  السليم أن تعتبر الام وابنتها طفلتان ومدونة الاسرة لما صدرت ديباجتها بقولها ان المغرب أحذ بالاتفاقيات الخاصة بحقوق الطفل لم يقصد الامهات المتزوجات بل اولادهن وبالتالي فإن …..الحماية سواء في القانون الداخلي أو او الاتفاقية تتعلق بالطفل وليست لوالدته المتزوجة لأن مثل هذا ا الشرح يدعوا الى السفسطائية.

رابعا: سوى مشرع مدونة الاسرة في سن الزواج بين الفتى والفتاة واعتبره ثمانية عشر سنة  لكنه سمح للقاضي بتعليل مبرر ان ينزل الى ما دون ذلك، إذا هو اقتنع بموجب الحجج المطروحة امامه ان الفتى والفتاة اهل لابرام عقد الزواج، فهذا ترشيد مرشد قضائي يضاف الى الرشد التشريعي ويصبح الفتى والفتاة بمقتضاهما اهلا لاكتساب الحقوق وتحمل الواجبات. وهو يقاس على الترشيد في المادة التجارية الذي كان يمنح للتاجر دون سن الرشد بل ام قانون البلتزامات والعقود يجيز الترشيد متى ظهرت مخايل الرشد والنضج في من هو قاصر.

وهذا امر محسوم لا يجادل فيه مجادل، فالمتزوجة ولو دون سن الثامنة عشر تطبق عليها احكام مدونة الاسرة مدنيا و جنحيا بل وتتابع جنحيا في الحالات التي نصت عليها مدونة الاسرة ذاتها متى تحايلت في خرق احكام الحضانة أو غيرت العناوين فكيف الحال ان نعتبرها طفل غير مؤهلة في خيانة زوجها عن رضى وتقول انها فاقدة او ناقصة التمييز كما جاء في التعليل.

هل يجوز منطقا او قانونا ان يقول ان لامرأة متزوجة ذات أنها طفلة وانها متى خانت زوجها اعتبرت ضحية وبرئت ساجتها من جنحة الخيانة الزوجية .

بل انني اذهب الى ابعد من ذلك  واعتبر المرأة المتزوجة لا تعفى من جرائم العرض الا إذا كانت مغتصبة او هتك عرضها وتوبع الفاعل بالاغتصاب او هتك العرض وما سوى ذلك تعتبر جانية ويطالها العقاب سواء كانت قاصرة او راشدة علما بان من اذن لها القاضي بالزواج فهي حاصلة على الترشيد القضائي .

خامسا: قواعد مدونة الاسرة آمره ومتصلة بالنظام العام خاصة تلك التي تتعلق بالاهلية والنسب

إن احكام محكمة النقض تواترت على اعتبار قواعد مدونة الاسرة من النظام العام، وتحضى بحماية خاصة جدا .بل ان قضاة محكمة النقض في ما يصدرونه من مؤلفات يؤكدون بأن الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها تكون واجبة التطبيق ما لم يخالف مقتضاها النظام العام.

وحيث ان الرشد والترشيد والقصور وكل ما يتصل بالاهلية من صميم النظام العام ولا يمكن البتة القول بأن المرأة المتزوجة التي أذن القاضي بزواجها بمقرر معلل طفلة، …بذلك سوف تعطل العديد من المقتضيات القانونية في قضاء الأسرة التي سمح لها قانونا ان تباشرها…
فإن كانت طفلة فيجب على وليها الشرعي ان يقاضي الغير نيابة عنها وهذا غير جائز قانونا.
وان كانت طفلة لا يمكن ان توقع العقد المنصوص عليها في المادة 49 من مدونة الاسرة حول تدبير الممتلكات المكتسبة بعد الزواج .
وان كانت طفله فلا يمكنها أن تحضن ..
هل تحضن الطفلة زميلتها ….وان كانت طفلة ولا يجوز متابعتها بجرائم الاسرة ….

مقال قد يهمك :   أشرف الإدريسي: التوقيع الإلكتروني في ضوء القانون 43.20المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية

ان النظام العام يقف حائلا دون اعمال …اتفاقية حقوق الطفل في نازلة الحال لا بحكم سن الفاعلة بل لأن مؤسسة الزواج هي ميثاق له ضوابط خاصة لايمكن للاتفاقية الدولية أن تدوس على مقتضياته.

سادسا: البراءة تؤسس على عدم ارتكاب الفعل المتابع به الفاعل لا على عنصر قانوني في فعل اخر لم يكن محل متابعة وبل ان عدم قبول المتباعة بدوره لا محل له مادامت المتهمة في نظر قانون الاسرة ذات اهلية وليس هناك اي ملتمس من النيابة العامة يعتبرها ضحية اعتصاب او هتك عرض بالعنف . ولا محل للقول بان الرضى عير مفترض في الزوجة لانها اضحت ناضجة بمقتضى إذن القاضي الذي ياخذ مرتبة النص القانوني اي كما لو ان سنها هو ثمانية عشر سنة .

ان النيابة العامة تابعت المرأة المتزوجة بالخيانة الزوجية بناء على شكاية زوجها.

وأن الفعل الجنحي ثابت . ولا محل لانكار حقيقته في الواقع .وان تعليل المحكمة بأن الفاعلة قاصرة ولا يمكن تصور انغماسها في علاقات جنسية ليس صحيحا، فهي تمارس حياتها الطبيعية الخاصة .هذا الممارسة ذات مصدر قضائي اساسه عقد الزواج.

وأنه حتى على افتراض ان محكمة الموضوع خطر ببالها تطبيق الفصل 484 من القانون الجنائي فلا سبيل لها للوصول اليه لأن هذا المقتضى لا محل له في نص المتابعة.

سابعا :جريمة الخيانة الزوجية ذات طبيعة خاصة  وبها قيد المتابعة.

ان جريمة الخيانة الزوجية هي من جرائم الاسرة، وتنطوي على اخلال أحد الزوجين بالالتزامات الملقاة عليهم بمقتضى عقد الزواج. وكان بوسع مدونة الاسرة ان تنص عليها ضمن مقتضياتها لولا طبيعتها المدنية الاسرية ومن تم فإن الضوابط القانونية التي تحمي عقد الزواج مستمدة من المدونة وما القانون الجنائي الا اداه لترتيب الجزاء عند خرق مقتضياتها .

ولذلك فإنه متى تم الزواج سوى بين من أدرك سنه قانونا  أو قضاء بمعرفة قاضي التوثيق عوقب بجنحة الخيانة الزوجية و ما جنحت اليه محكمة النقض يخلق وضعا شاذا مفاذه أن المرأة المتزوجة قاصرة عديمة او ناقصة التمييز وفق القانون الجنائي و راشدة ومسؤولة عن تصرفاتها في مدونة الاسرة وهذا غير مقبول على الاطلاق.

ثامنا :المقتضى الخاص مقدم على المقتضى العام

ان مدونة الاسرة في علاقتها بالقانون الجنائي هي مقتضى خاص فجرائم الاسرة يجب ان يفرد لها باب في مدونة الاسرة طالما ان النيابة العامة لها طرف رئيسي فيها فتتولى اختصاصات الدعوى العموممية الى جانب صلاحياتها كطرف في الدعوى في قضاياها ، وبالتالي فإن المحكمة الزجرية وهي تنظر في الخيانة الزوجية ملزمة باحكام مدونة الاسرة عملا بالمادة 288 من قانون المسطرة الجنائية التي جاء فيها.:(إذا كان ثبوت الجريمة يتوقف على دليل تسري عليه احكام القانون المدني او احكام خاصة تراعي المحكمة في ذلك الاحكام المذكورة .)
والاحكام الخاصة هنا هي المادة 22 من مدونة الاسرة التي جاء فيه:

“يكتسب المتزوجان طبقا للمادة 20 أعلاه، الأهلية المدنية في ممارسة حق التقاضي في كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات. يمكن للمحكمة بطلب من أحد الزوجين أو نائبه الشرعي، أن تحدد التكاليف المالية للزوج المعني وطريقة أدائها”

ومن ثم فإن القاضي الجنائي بالرغم من ان صريج المادة 490 لا يعرض لموضوع القصور ملزم بالخضوع الى سن الترشيد التي منحت للقاصرة فصارت راشدة متزوجة طبقا للقانون ومتحملة لالتزاماته ومسؤولة عن فعلها الجرمي.لا ضحية تغرير واستمالة كما جاء في قرارات محكمتي الموضوع ومحكمة النقض.

بل إنني اذهب ابعد من ذلك واعتبر ان تعامل القضاء مع الماثلة امامها على انها حدث رغم ان القاضي المكلف بالاسرة ساواها بمن تحمل سن 18 سنة وهي ايضا سن الرشد الجنائي يكون قد أخطا في اعمال المادة 22 من مدونة الاسرة والمادة 288 من قانون المسطرة الجنائية.

وفي جميع الاحوال فإن المتزوجة بإذن القاضي لا يمكن بتاتا اعتبارها مغررا بها او فاقدة التمييز فهذا القول مدعاة للقول بان زواجها في حد ذانه باطل او قابل للبطلان فمدونة الاسرة لا تقبل بزواج القصر ما لم يتوسم القاضي فيهم مخايل الرشد ويأذن لهم بالزواج بقرار نهائي غيرقابل للطعن .

تاسعا : إن منحى القرار يعصف بميثاق الاسرة خاصة بالمادة 54 من مدونة الاسرة : التي جاء فيها مايلي :

للأطفال على أبويهم الحقوق التالية :

  • حماية حياتهم وصحتهم منذ الحمل إلى حين بلوغ سن الرشد.
  • العمل على تثبيت هويتهم والحفاظ عليها خاصة بالنسبة للاسم والجنسية والتسجيل في الحالة المدنية.
  • النسب والحضانة والنفقة طبقا لأحكام الكتاب الثالث من هذه المدونة.
  • إرضاع الأم لأولادها عند الاستطاعة.
  • اتخاذ كل التدابير الممكنة للنمو الطبيعي للأطفال بالحفاظ على سلامتهم الجسدية والنفسية والعناية بصحتهم وقاية وعلاجا.
  • التوجيه الديني والتربية على السلوك القويم وقيم النبل المؤدية إلى الصدق في القول والعمل، واجتناب العنف المفضي إلى الإضرار الجسدي والمعنوي، والحرص على الوقاية من كل استغلال يضر بمصالح الطفل.
  • التعليم والتكوين الذي يؤهلهم للحياة العملية وللعضوية النافعة في المجتمع، وعلى الآباء أن يهيئوا لأولادهم قدر المستطاع الظروف الملائمة لمتابعة دراستهم حسب استعدادهم الفكري والبدني.
  • عندما يفترق الزوجان، تتوزع هذه الواجبات بينهما بحسب ماهو مبين في أحكام الحضانة.
  • عند وفاة أحد الزوجين أو كليهما تنتقل هذه الواجبات إلى الحاضن والنائب الشرعي بحسب مسؤولية كل واحد منهما.
  • يتمتع الطفل المصاب بإعاقة، إضافة إلى الحقوق المذكورة أعلاه، بالحق في الرعاية الخاصة بحالته، ولا سيما التعليم والتأهيل المناسبان لإعاقته قصد تسهيل إدماجه في المجتمع.
  • تعتبر الدولة مسؤولة عن اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأطفال وضمان حقوقهم ورعايتها طبقا للقانون.
  • تسهر النيابة العامة على مراقبة تنفيذ الأحكام السالفة الذكر.
مقال قد يهمك :   محمد الكشبور: العمرى في الفقه وفي مدونة الحقوق العينية

فمن هي الطفلة في نازلة الحال ؟؟؟؟

عاشرا :إن اتجاه القرار له تداعيات غير محمودة على واقع الاسرة

ان القول بأن المرأة المتزوجة دون سن 18 سنة معفاة من المتابعة من جنحة الخيانة الزوجية، يصنع سببا من اسباب إباحة سلوك جرمي له عواقب جد وخيمة على اثار الزواج من ولادة ونتائجها
فالقول من انها بريئة يهيئ لها فرص تكرار الفعل، بل ويخلق وضعا شاذا .متى ترتب عن الخيانة الزوجية حمل فبحكم انها  بريئة فإن الولد يلحق بأبيه المشتكي من خيانة زوجته له . الذي هو المشتكى بالخيانة  الزوجية وهذا ما يتعارض تعارضا جوهريا مع المنطق القانوني وبالتالي فإن إخلال الزوجة القاصرة بميثاق الزواج حسب القرار المذكور سيغل يد القضاء من متابعتها بأي فعل جرمي من جنس الفعل الذي اتته  بل ويعطل أحكام مدونة الاسرة ذاتها.

احد عشر :ان القول بأن جريمة اعطاء قدوة سيئة من الفاعلة لابنتها لكون الام قاصرة بدوره يثير الاستغراب.

فمدونة الاسرة ترتب في حق الاباء التزامات اتجاه ابنائهم محددة في قانون الاسرة، والام تمنح ولدها الثقة والسلوك الحسن والقدوة النموذجية . فإذا قلنا انها لما زنت تعفى من تهمة الخيانة الزوجية واعطاء القدوة الحسنة لفلذة كبدها التي صاحبتها معها لارتكاب الرذيلة نكون امام وضع قانوني جد مؤسف . فهل نحن امام ام وطفلتها ام امام طفلتين؟

ثم ان القول بان الطفلة صغيرة السن لا تعرف مايدور امامها من فعل امها ليس هو قصد المشرع من هذا الفعل . بل ان القصد بان سلوك الام الجانحة يعطي قدوة سيئة لولده حتى ولو كان الولد اعمى . فالعبرة بخسة الفعل ودناءته وليس بمعاينة الاولاد له ….

أثنا عشر : ان اتفاقية حقوق الطفل لاتنطوي على نازلة الحال: فهذه ام وتلد طفلتها والمشتكي زوجها والمتابعة هي الخيانة الزوجية . وليس لقضاء الأحداث اي علاقة بهذا الموضوع فالاختصاص اساسا للقضاء الجنحي  الخاص بالرشداء. فنحن لسنا امام زواج الاطفال . وهذا هو المعنى الحقيقي للمادة 22 من مدونة الاسرة ولا مجال للقول بان المادة المذكورة لا علاقة لها بالمادة الجنائية . بل ان الترتيب والمنهجية يقتضي ان يفرد باب لجرائم الاسرة في المدونة ذاتها وليس في مجموعة القانون الجنائي وبالتالي لا مبرر لاعمال الاتفاقية في ما لامحل لها.

يفضي بنا القرار الى طريق مسدود، نحن إذن امام طفلين :أم متزوجة مرتكبة جريمة الخيانة الزوجية، وطفلتها التي في حضنها  فمن هي الام بينهما؟؟ ان الام المتزوجة وبعد أن اذن لها القاضي بالزواج انتقلت من مرحلة الطفولة العادية الى مرحلة النضج والرشد بمقتضى القانون والحكم القضائي، ولا مجال لاعمال الاتفاقية في حقها لانها ليست طفلة تلهو وتخضع للإغراء بل هي لها وعليها التزامات غليضة بمقتضى عقد الزواج الذي هو اساسا ترابط وتماسك شرعي بينها وبين زوجها على سبيل الدوام غايته الاحصان والعفاف . واي احصان وعفاف اذا زنت و قال القضاء انها بريئة لكونها قاصرة والحال ان مدونة الاسرة ذاتها تجيز تزويج المجنون اي المصاب باعاقة عقلية ذكرا كان ام انثى طبقا للمادة 23 من مدونةالاسرة يأذن قاضي األأسرة المكلف بالزواج بزواج الشخص المصاب بإعاقة ذهنية ذكرا كان أم ً كا أنثى، بعد تقديم تقرير حول حالة الاعاقة من طرف طبيب خبير أو أكثر. يطلع القاضي الطرف الاخر على التقرير وينص على ذلك في محضر. يجب أن يكون الطرف الاخر راشدا ويرضى صراحة في تعهد رسمي بعقد الزواج مع المصاب بالاعاقة”
فهل اذا ارتكب الماذون له او الماذونة لها جنحة الخيانة الزوجية قلنا انه قاصر وناقص الاهلية وبرأنا ساحته واعملنا المادة 484 من القانون الجنائي؟

اعتقد ان القرار لم يكن صائبا . هذا مجرد غيض من فيض ولازال المعين خصبا.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)