سلطة المحافظ العقاري للبت في التعرضات
- الأستاذة سعاد عاشور دكتوراه الدولة في القانون تخصص القانون العقاري كلية الحقوق السويسي.
- عنوان المقال : سلطة المحافظ في البت في التعرضات
تقديــــــــم :
يرتكز نظام التحفيظ العقاري المغربي المستمد من النظام الأسترالي في قسط كبير على مؤسسة المحافظ العقاري، بحيث يمنحه سلطات مهمة حين أدائه لمهامه القانونية، إذ أن مسطرة التحفيظ تبقى مسطرة إدارية، يكون تدخل القاضي محدودا فيها، يوكل اليه النظر في المنازعات التي تثار بشأن التحفيظ أو أي تقييد على السجلات العقارية. لكن يبقى للمحافظ كافة الصلاحيات للنظر في جميع طلبات التحفيظ المقدمة والقيام بالإجراءات اللزمة بشأنها.
لكن يجدر التنبيه الى أنه في حالة ظهور متعرضين والتعبير عن أنفسهم بصفة نظامية سواء أثناء تقديم مطلب التحفيظ ونشره وإجراء عمليات التحديد أو خلال أجل شهرين من تاريخ نشر انتهاء التحديد، فالمحافظ يتوقف عن إجراءات التحفيظ في انتظار تصفية التعرض إما عن طريق رفضه أو قبول طالب التحفيظ به، وإما عن طريق اعتباره لاغيا في الحالات التي تفرض ذلك، وإما أخيرا، بسبب إقامة توفيق بين الأطراف تلقائيا أو بواسطة المحافظ.
وإذا لم يتوصل هذا الأخير لتصفية النزاع وإزالته بإحدى الوسائل السالفة الذكر، ترفق القضية الى المحكمة المختصة قصد البت في الحق المدعى به. لكن المحكمة لا تختص أبدا بإصدار قرار التحفيظ أو رفضه بل إن هذا الأخير يبقى من اختصاص المحافظ وحده.
و إذا كان قبول التعرض يعتبر الوسيلة التي يفتح بمقتضاها باب منازعات التحفيظ ويعطي للمحاكم سلطة البث في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين ونوعيته ومحتواه ومداه، فإن قبول التعرض لا يرفع يد المحافظ بصفة أوتوماتكية عن ملف القضية، فهذا الأخير يبقى له رغم قرار قبول التعرض حقا ‘متبق’résiduel
فعلا، فالمحافظ لا يتنازل للمحكمة عن ملف القضية الا بعد ما يكون قد حاول التصالح بين الأطراف (المحور الأول)-إذا كانت طبيعة النزاع تسمح بذلك – ولم يتمكن منه.
ثم إن إرسال الملف الى المحكمة (المحور الثاني) لا يكون سوى مؤقتا لأن المحكمة لا يجوز لها النظر الا في وجود الحق المدعى به ويجب عليها بعد ذلك إحالة الملف على المحافظ الذي له وحده سلطة البث في كل طلب التحفيظ.
المحور الأول: محاولة التوفيق بين الأطراف:
استنادا الى الفقرة الرابعة من الفصل 32 من ظهير 12 غشت 1913 كما هو معدل بالقانون 14-07 يسوغ للمحافظ أثناء جريان المسطرة وقبل توجيه الملف للمحكمة المختصة أن يعمل على تصالح أطراف النزاع ويحرر محضرا بالصلح(1).
في الحقيقة يعتبر هذا الإجراء تسهيل منحه المشرع لطالبي التحفيظ والمتعرضين لتسوية ما يقع بينهم من منازعات قبل إرسال الملف الى القضاء والتعرض لمسطرته وآجاله، تم للحكم الذي لن يرضي الطرف الخاسر للقضية.حيث جاء في المثل الحقوقي: “صلح خاسر خير من دعوى رابحة” (2)
وتبعا لذلك يصبح المحافظ “بمثابة قاضي عقاري“. وهنا نتساءل عن الدور الذي يقوم به من أجل التوفيق بين الأطراف وعن مختلف الوسائل التي يلجأ إليها لأداء هذه المهمة على أحسن وجه(المطلب الأول)تم نتولى بحث الدور الذي يقوم به المحافظ العام باعتباره سلطة إدارية يحتل مكانة وسيط إن صح القول بين المحافظين العقاريين ومختلف المحاكم بالمملكة(المطلب الثاني).
المطلب الأول: دور المحافظ العقاري في التوفيق بين الأطراف.
إن مبادرة إجراء المصالحة لا تقع على عاتق المحافظ فقط، بل قد تأتي من طرف طالب التحفيظ أو المتعرضين، كما يمكن للغيرالتدخل لإقامة هذا الصلح أو تهيئ الجو المناسب لذلك (3). والمحافظ على الغالب يجنح الى قبول طلب الصلح ويلجأ الى الوسائل التي يراها ملائمة أكثر منطلقا من تجاربه اليومية، فقد يستدعي الأطراف المتنازعة الى جلسة تسوية (الفقرة الأولى) كما لا يتردد في اللجوء أحيانا الى طلب مساعدة السلطات المحلية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: عقد جلسات تسوية
يجوز للمحافظ رفض طلب عقد جلسة تسوية إذا كان في رأيه أن النزاع المعنى لا يمكن تسويته بهذه الطريقة، لكننا نجده غالبا ما يجنح الى قبول الطلب خاصة إذا كان الأطراف راضين بذلك.
فإذا كان النزاع بسيطا، فإن انتقال المحافظ الى عين المكان يكون ضروريا، مثلا كما لو تعلق الاعتراض فقط بحدود العقار ولا يتعداه الى حق الملكية نفسه. ففي هذه الحالة، يفضل الأطراف تسوية ما يقع بينهم من منازعات بالمراضاة دون اللجوء الى القضاء ليوفروا عليهم الرسوم القضائية وحقوق الدفاع الواجب أداؤها عن الدعوى. وبالتالي التأجيل بتحفيظ عقارهم فيتفقان على خبير عند الاقتضاء أو يطلبان من المحافظ تعيين مهندس يقوم بتعيين هذه الحدود بصفة واضحة دقيقة ونهائية.
يحرر محضر بذلك بوقعه الأطراف، ويكون عليهما الالتزام به لإعادة علا مات التحديد في حالة ما إذا انطمست هذه الأخيرة. ويكون لمحضر التحديد المنجز بهذه المناسبة قوت ثبوتية لا يجوز لهما الطعن به الا بما يطعن به على العقد. فيجوز بوجه خاص أن يطعنوا فيه بالإبطال لنقص في الأهلية أو لعيب في الرضا من غلط أو تدليس أو إكراه.
فإذا تمت المصالحة، يحرر المحافظ محضرا يشتمل على النقط التي تم التصالح بشأنها يوقعه الأطراف المتصالحون تم يدرج في ملف التحفيظ حيث يتخذ المحافظ قراره بتحفيظ العقار المعني إن لم يكن هناك تعرض آخر.
وتكون لاتفاقات الأطراف المدرجة بهذا المحضر قوة الالتزام العرفي. (ف 31 ظ ت ع الفقرة الأخيرة). فبالرغم من كون هذا العقد يتم إبرامه تحت إشراف موظف رسمي فهو لا يعتبر من العقود الشكلية التي يشترط القانون انعقادها مراسم شكلية.بحيث يكون ملزما لهم بمثابة قانون لهم تطبيقا لمبدأ “العقد شريعة المتعاقدين”
وقد تقتضي طبيعة التعرض إجراء بحث في عين المكان، ويقوم المحافظ ببعض الترتيبات لاسيما دراسة مفصلة للحالات التي تقتضي الانتقال وترتيبها حسب الإقليم، وموقع العقار المعني. ويضع ملخصا خاصا بكل حالة مبرزا الصعوبات التي يجب دراستها بعين المكان(4).
وبطبيعة الحال، يجب أن يمنح جميع الوسائل الازمة سواء على المستوى المادي أو الشخصي للنجاح في هذ المهمة. كما يجدر التنبيه الى أن عقد هذه الجلسات وتحقيق الأهداف المنشودة منها مرتبط بتعاون مكثف للسلطات المحلية في هذا المجال.
الفقرة الثانية : تعاون السلطات المحلية في المجال العقاري.
يضع المحافظ ملخصا لكل حالة على حدة قبل أي انتقال الى عين المكان. تم يسلم نسخة منه للسلطات المحلية مرفقة بلائحة الحالات التي قيد الدرس وقائمة بأسماء الأشخاص المعنيين بالأمر. وذلك قصد الحصول على إذن انتقال المحافظ ومساعديه الى عين المكان.
وللإشارة فإن تحديد تاريخ عقد الجلسات يجب أن يوضع بالاتفاق والتشاور مع السلطات المحلية خاصة وأنه في الجماعات القروية تكون هذه الجلسات مصدر خلافات ومواجهات حادة بين أشخاص من مختلف القبائل أو أشخاص ينتمون لجماعات متنوعة.
والواقع، نجد بعض محافظي الأملاك العقارية كثيرا ما يلجؤون لهذه السلطات لتبادل الآراء في المجال العقاري واقتراح الحلول للقضايا المتنازع بشأنها. لكن الكلمة الأخيرة في محاولة الصلح التي يلجأ اليها المحافظ معلقة على إرادة الطرفين معا. فدوره يقتصر على الاقتراح والتوجيه. (5) وبانتهاء جلسات التسوية يقوم بإخبار المحافظ العام بذلك وبالصعوبات التي صادفها عند عقد هذه الجلسات.
المطلب الثاني : دور المحافظ العام
إن اختصاصات كل من المحافظ العام للملكية العقارية والمحافظين تعتبر متكاملة الواحدة الأخرى وتعبر عن العلاقة الوطيدة في المساعدة المتبادلة بين رئيس ومرؤوسين.فعلى هؤلاء الرجوع اليه في كل المسائل والقضايا العامة التي تتطلب اتخاذ قرار يتعلق بمبدأ رئيسي من مبادئ النظام. كما بحق لهذا الأخير أن يطلب- إما من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أصحاب العلاقة – فحص ومراقبة أية معاملة من معاملات التحفيظ وأن يتحذ قرارا بشأنها.
الفقرة الأولى: وحدة الاجتهاد الإداري
يعتبر توحيد خطة العمل وتقريب وجهات نظر المحافظين حول القضايا العقارية من اجل ضمان تطبيق سليم وموحد للنصوص المتعلقة بالتحفيظ العقاري من أهم الاختصاصات المخولة للمحافظ العام للملكية العقارية.
فالمشرع بخلقه لهذه الهيئة تكون مهمتها الاشراف ومراقبة جميع موظفي المحافظات العقارية بالمملكة لم يقصد بذلك سلب هؤلاء عن أداء كامل دورهم، بل إن للمحافظين سلطة واسعة في اتخاذ القرارات فكثير من قراراتهم التي تعترف بالحق أو تسلبه تكون قطعية نهائية وغير قابلة للطعن.
الفقرة الثانية: حق استحضار كل أعمال التحفيظ ولواحقها.
يحق للمحافظ العام بناء على طلب أصحاب العلاقة أو من تلقاء نفسه، أن يستحضر كل أعمال التحفيظ ولواحقها. ويعتبر هذا الاجراء ضمانة عملية ذات قيمة خاصة وعملية للغاية منحت للخاضعين لنظام التحفيظ قبل أي دعوى قضائية.
لكن من الناحية العملية لا يمكن اللجوء الى هذه الامكانية الا في مواجهة القرارات السلبية الصادرة عن المحافظ. ويمكن أن نجسد ذلك في فرضيتين:
الفرضية الأولى : وتتعلق بالحالة التي يظهر فيها المحافظ تردده أو عجزه عن اتخاذ القرار، رغم أن مسطرة التحفيظ قد تمت كلها بصفة سليمة…
الفرضية الثانية : وهي الحالة التي يتخذ فيها المحافظ قرارا برفض أو إلغاء التحفيظ.
فقرار المحافظ برفض طلب التحفيظ يجب أن يكون معللا ومشتملا على الأسباب والاعتبارات التي أدت منطقيا الى اتخاذ مثل هذا القرار، كما يجب أن يبلغ الى طالب التحفيظ بدون تأخير لأن هذا الأخير بإمكانه أن يطعن فيه طبقا لمقتضيات الفصل 37 من ظ ت ع، وله أن يسلك إحدى الطريقتين:
-الطعن الإداري أمام المحافظ العام في شكل تظلم استعطافي من قرار المحافظ، ولكن دون السير في مسطرة الطعن في القرارات الإدارية. ويحق للمحافظ العام هنا تأكيد قرار المحافظ الإقليمي أو تعديل قرار هذا الأخير بتوجيهه أمرا يقضي بالتراجع عن قراره.
-الطعن أمام المحكمة الابتدائية وذلك خلال أجل شهر ابتداء من تاريخ تبليغ قرار الرفض أو الإلغاء(6)
وبالتالي منح المشرع المحافظ العام حق توجيه أوامر للمحافظ…وهذا لا يشكل أبدا عائقا أمام سلطات المحافظ بل العكس فإن اختصاصات المحافظ العام تعتبر مكملة لسلطات المحافظ الإقليمي.
المحور الثاني : إحالة الملف على القضاء.
إذا لم يتوصل المحافظ الى التوفيق بين الأطراف، أو في حالة عدم رفع التعرض أو قبوله من طرف طالب التحفيظ، وجب عليه إحالة الملف على المحكمة المختصة للبث في النزاع (المطلب الأول).لكن تخلي المحافظ عن القضية يعتبر أمرا مؤقتا. بحيث بعدما يكون الأطراف قد استنفذوا جميع طرق الطعن المسموح بها في المجال العقاري، ويصبح الحكم بدوره نهائيا يحال الملف من جديد على المحافظ قصد العمل بقرارها (المطلب الثاني). إذ يبقى لهذا الأخير وحده الحق في قبول التحفيظ أو رفضه.
المطلب الأول: دور المحكمة في البث في التعرضات.
إن المحافظ هو الذي يتولى بعث طلبات التعرض مع مطلب التحفيظ الى المحكمة، وهذا يفيد بأنه لا مجال لتقديم مقال افتتاحي في هذا الصدد. وتختص المحكمة بالبث في التعرضات(7).
الفقرة الأولى: مدى اختصاصات المحكمة.
لا تبث المحكمة سوى في وجود الحق الذي يدعيه المتعرض وفي طبيعته ومداه. ولا يجوز لها أن تنظر في أحقية مطلب التحفيظ الذي يستطيع المحافظ وحده أن يقبله أو يرفضه (ف 37 من ظ ت ع) كما لا يمكن أن تنظر في موضوع حقوق متعرض ضد متعرض آخر.
والملاحظ أن هذا من شأنه أن يخلق مشاكل في وجه المحاكم. إذ من الصعب التسليم بأن يكون للمحكمة الحق في النظر في أحقية ادعاءات كل متعرض تجاه طالب التحفيظ بدون أن يكون لها حق الفصل في النزاعات التي قد توجد بيت المتعرضين. ومما لا شك فيه، أن هذا سيترتب عنه تأخير في تصفية نزاعات التحفيظ خاصة عندما تصرح المحكمة بأحقية ادعاءات المتعرض، فهذا الأخير لا يستطيع أن يطمئن لهذا الحكم ما دام مهددا بوجود المتعرضين الآخرين.
وفي هذا الصدد، نادى أغلبية الفقهاء بضرورة منح قاضي التحقيق حق تصفية – دفعة واحدة- كل النزاعات الناشئة عن التعرضات خصوصا وأنه من الصعب على المحكمة البث في كل تعرض على حدة بدون أن يكون لها حق النظر في ادعاءات باقي المتعرضين وادعاءات طالب التحفيظ(8).
الفقرة الثانية: عبء الاثبات.
إن أشق مسالة في التعرض هي مسالة الاثبات، إذ استقر الاجتهاد القضائي على أنه بمجر ما يتقدم المتعرض بتعرضه يصبح في مرتبة المدعي، وبالتالي يقع عليه عبء الاثبات. أما طالب التحفيظ فيعفى مبدئيا من كل اثبات(9).
هذا ونشير الى أن إضفاء على المتعرض صفة المدعي يعتبر مجرد استنباط قضائي على ما يظهر من الفقرة الثانية من الفصل 37 من ظ ت ع. فهو مجرد فرض وضعته المحكمة –محكمة الاستئناف بالرباط منذ سنة 1920- ولم يسبق لها أن قامت بتبريره. وفي الواقع إن هذا الاعتبار يستند على فكرة مفادها أن تقديم التعرض يترتب عنه نشوء نزاع، وما كان هذا الأخير لو لم يكن هناك أي تعرض(10)
فقد أصدرت محكمة الاستئناف بالرباط قرارا بتاريخ 10 نونبر 1925 يقضي بأن المشرع لما نسب للمتعرضين دور المدعي قصد بذلك التشجيع الى اللجوء لنظام التحفيظ العقاري(11).
المطلب الثاني: تنفيذ الحكم من طرف المحافظ.
عندما يقطع الحكم الصادر عن المحكمة جميع المراحل ويصبح نهائيا، إداك يصبح قابلا للتنفيذ، تأمر المحكمة بإرجاع الملف الى المحافظ قصد العمل بقرارها وذلك تطبيقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 37 من ظ ت ع.
يوكل أمر تنفيذ الحكم الصادر في مادة التحفيظ بصفة تلقائية للمحافظ. فهذا الأخير يتمتع بحق قبول التحفيظ أو رفضه رغم الحكم الصادر عن المحكمة، حيث تعتبر المحكمة سيدة التعرضات والمحافظ سيد مطالب التحفيظ.
لكن تنفيذ هذه الأحكام ليس بالشيء الهين، فقد تعترضه صعوبات عملية.وتلافيا لكل ذلك يلجأ كل من المحافظ والمحكمة لاتخاذ بعض الاحتياطات: فالحكم الصادر في موضوع التعرض لا تطبق بشأنه مسطرة التنفيذ المقررة بمقتضى قانون المسطرة المدنية التي يقوم بها طرف ضد الطرف الاخر، وبعبارة أخرى، لا تسلم نسخة تنفيذية كما هو عليه الأمر في حالة الأحكام الصادرة في باقي القضايا المدنية.
فقد يقع أن يتوصل المحافظ بالملف رغم تقديم الطعن في القرار الصدر عن المحكمة. ففي هذه الحالة إذا كان يتعين على المحكمة أن تطلب من المحافظ أن يحيل عليها الملف من جديد، فهي لا تستطيع أن تأمره بوقف تنفيذ الحكم القضائي الذي هو في الحقيقة غير نهائي(12). وهذا ما سار عليه المجلس الأعلى في قراره الصادر بتاريخ 2 فبراير 1965 نقض بموجبه القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 11 يناير 1064 المتضمن رفض التعرض، ومع ذلك قام كاتب المحكمة عن خطا بإرجاع الملف الى المحافظ مرفقا بشهادة عدم النقض(13).
وتفاديا لما قد يترتب عن إحالة الملف الى المحكمة من جديد من تأخير مسطرة التحفيظ، فقد نصت الدورية الصادرة عن المحافظ العام على ضرورة اتخاذ بعض الاحتياطات(14):
- يجب على المحافظين أن يتحققوا من كون الاحكام الصادرة قد تم تبليغها لجميع الأطراف المعنية, والتأكد من تواريخ التبليغ.
- يجب أن تأشر على شهادات عدم الطعن أو الاستئناف من طرف كاتب المحكمة التي أصدرت الحكم ومن طرف كاتب محكمة الاستئناف أو الطعن.
- يجب أن يكون تاريخ هذه الشهادة لاحقا لتاريخ انتهاء أجل الاستئناف الذي يبتدئ من تاريخ آخر تبليغ.
وفي هذا الصدد، نادى بعض الفقه بضرورة تبليغ نسخة كاملة من الحكم الى طالب التحفيظ والى جميع الأطراف في عناوينهم المختارة رغم أن نص المادة 40 من ظ ت ع ينص فقط على ملخص الحكم. (15)
و هكذا، وبعد اجتياز مراحل المسطرة نصل الى المرحلة المتعلقة بتحديد مصير العقار المراد تحفيظه، والتي تبقى من اختصاص المحافظ وحده، بحيث يمكنه رفض التحفيظ حتى ولو حكمت المحكمة بعدم صحة التعرض.
الهوامش :
(1)لإشارة، فهذه السلطة المخولة للمحتفظ لإقامة الصلح حلت محل لجنة المصالحة والتحكيم بمقتضى قرار الإقامة العامة بتاريخ 25 أبريل 1919 من أجل محاولة التوفيق بين الأطراف في مادة نزاعات التحفيظ.
(2) د. محمد مهدي الجم. ‘التحفيظ العقاري في المغرب’ دار الثقافة للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، الطبعة الأولى ص 59.
(3)ونشير في هذا الصدد بأن إمكانية إقامة الصلح ليست محصورة لذى المحافظ، فإذا ما قام المحافظ برفع الملف الى المحكمة فذلك يفيد بأن محاولاته من أجل إقامة صلح قد باءت بالفشل وهذا لا يعني بأنه لك يعد بالإمكان الحصول على اتفاق بين الأطراف، فقد يتدخل القاضي بكيفية حكيمة ويتمكن من حسم النزاع بعد الحصول على اتفاق بين الأطراف في أية مرحلة من مراحل المسطرة. انظر د. محمد خيري “التعرضات أثناء التحفيظ دار الثقافة للنشر والتوزيع، الدار البيضاء. 1983-ص 243.
(4)يعتبر عقد جلسات التسوية بهذه الصفة من أحسن الوسائل التي تبرز دور المحافظ في عين المكان.
(5)والملاحظ أن محاولة إبرام صلح بين الأطراف لا تمارس إلا نادرا بل تكاد لا تمارس على الإطلاق. فكأنها يشعر المحافظ أنها اختصاصات غريبة عن وظيفته لا تستحق أن يخصص لها جزءا من وقته.
(6) انظر بخصوص الطعن في قرارات المحافظ د. الطاهري
(7)في بعض الأنظمة العقارية مثل القانون التونسي، يقوم المتعرضون بتقديم تعرضاتهم مباشرة أمام المحكمة المختصة، ويحق لهذه لأخيرة أت تحفظ العقارات بكاملها أو فقط جزءا منها. أنظر: André Chapu, ‘L’immatriculation en Tunisie et au Maroc’. G.T.M n° 1003 du 25 juin 1947, p. 98/
(8) انظر أحمد الباتولي. Le role du conservateur dans l’immatriculation foncière » Mémoire de DES Rabat 1988-1989.P.222
(9) قرار المجلس الأعلى بتاريخ 20 مارس 1968، قضاء المجلس الأعلى عدد 1، أكتوبر 1968، ص 24.
(10)أنظر: Léon Depaul, le livre foncier Marocain, Thèse Reinnes, 1931, p. 171.,
(11) أنظر: CAR du 10 novembre 1928. RACA 1929, p. 79.
(12)انظر: Jacques Calle : la procédure judiciaire d’immatriculation foncière au Maroc », LGDJ .Paris 1925, p 69.
(13) انظر: C.S du 2 fevrier 1965 RACS 1965, p 239 et s.
(14) أنظر: CCF n° 267 du 10 fevrier 1975. RCDCF volume IV année 1955 à 1975.
(15)PierreLéries l’effet du jugement au contentieux de l’immatriculation. RJLM,أ 11924, P. 53.
تعليقات 0