سليمة فراجي تدعو إلى ضرورة تصحيح تسمية القانون “الجنائي” المغربي
سليمة فراجي محامية وبرلمانية سابقة
بما أن تعديلات مشروع القانون الجنائي معروضة للمناقشة امام لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب ، وان تسمية القانون الجنائي ربما كانت تتلاءم مع دستور 1962 وان هذه التسمية ترمز الى التشدد اذ تتعلق بصنف واحد من الجرائم الخطيرة التي هي الجنايات المعاقب عليها بالإعدام والسجن المؤبد والسجن من خمس الى 30 سنة …فان تعديلها وتغييرها اصبح قابلا للمناقشة من طرف المشرع.
ذلك ان القانون المقارن اثبت ان المغرب وتونس هما من اعتمدا تسمية القانون الجنائي ، وهناك من اعتمد تسمية قانون العقوبات ، ولهذا الاختلاف أهميته ويكشف عن نية المشرع من وراء التسمية ،ذلك ان قانون العقوبات يهتم فقط بالعقوبات كجزاء ولا يحفل بتدابير الأمن، علما ان الجريمة قد تتطلب عقوبة تهدف زجر و إيلام المجرم ، في حين تقتضي تدابير الامن علاج المجرم كوضعه في مؤسسة طبية او علاج الأمراض العقلية تقيد حريته دون هدف ايلامه وانما علاجه ومنعه من ارتكاب جريمة اخرى.
والدول التي أخذت بتسمية القانون الجزائي رأت انه يجب الجمع بين العقوبة وتدابير الامن ،، باعتبار أنّ الجزاء أوسع من العقوبة والتدابير، كما أنّه يكون ملازماً لكلّ جريمة.
اما تسمية القانون الجنائي التي أخذ بها المغرب فهي تسمية قاصرة ذلك انها لا تشتمل الا على نوع واحد من الجرائم والتي هي الجنايات ، بينما نجد الجرائم مصنفة حسب التسلسل والفداحة :
- 1- في الدرجة الاولى الجنايات crimes وهي اخطر الجرائم المعاقب عليها بالإعدام والسجن المؤبد والسجن من خمس الى ثلاثين سنة…
- 2- في الدرجة الثانية الجنح délits وهي اقل خطورة ولا تتجاوز فيها العقوبة خمس سنوات
- 3- في الدرجة الثالثة المخالفات contraventions وتعتبر جرائم بسيطة لا ترقى الى مستوى الدرجة الاولى والثانية من التصنيف اذ يعاقب عليها القانون الجنائي بالاعتقال لمدة تقل عن شهوة وغرامة بسيطة.
لذلك تسمية القانون الجنائي لا تقابلها الترجمة الصحيحة الى اللغة الفرنسية التي صيغ بها القانون الجنائي في أول الأمر droit Pénal ، لان لفظ “الجنائي” تترجم الى criminel وهي الصنف الاول من الجرائم التي هي الجنايات وبذلك فان التسمية لا تتضمن الا الجرائم الاولى وهي الجنايات وهذا لا يتماشى مع النظرة القانونية السليمة لان الجريمة لا تأخذ صورة واحدة.
وتماشيا مع دستور 2011 الذي رفع سقف الحقوق والحريات وقطعا مع مرحلة 1962 تاريخ القانون الجنائي القديم الذي ربما كان متماشيا مع دستور 1962 ولم يعد كذلك في الوقت الراهن، يتعين ان يغير المشرع موقفه المتشدد من اضفاء الطابع الجنائي المتشدد على جميع أصناف الجرائم، خصوصا ان العقوبات البديلة التي اتى بها المشروع والتي تتعلق بالجرائم التي لا تتجاوز فيها العقوبة سنتان وتمكن من استبدال العقوبة الحبسية باداء مبالغ مالية تتراوح بين مائة درهم الى ألفين درهم يوميا ، تبين بشكل واضح تغيير موقف المشرع من أساليب الإيلام والانتقام والانتصار لحماية الحقوق والحريات .
تعليقات 0