طنجة: أطروحة تقارب حقوق الأجراء في مناخ الأعمال الدولي
محمد الرماش باحث في القانون الدولي الخاص، محام بهيئة المحامين بطنجة.
ناقشت الطالبة الباحثة صوفيا بومنينة حضوريا يوم الجمعة 23 أكتوبر 2020 على الساعة الرابعة مساء بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، مركز الدراسات في الدكتوراه القانون، الاقتصاد والتدبير أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص تحت عنوان :
حقوق الأجراء في مناخ الأعمال الدولي
وتكونت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة :
- الدكتور المختار اعمرة أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بسلا رئيسا؛
- الدكتور محمد بنحساين أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بتطوان عضوا ومشرفا؛
- الدكتور مصطفى حسيني أستاذ مؤهل بكلية الحقوق بتطوان عضوا؛
- الدكتور نور الدين الفقيهي أستاذ مؤهل بكلية الحقوق بتطوان عضوا.
وبعد العرض والمناقشة قررت اللجنة العلمية قبول الأطروحة ومنح الطالبة الباحثة لقب دكتورة في القانون الخاص بميزة مشرف جدا، مع التوصية بالنشر.
وفيما يتعلق بموضوع الأطروحة، أبرزت الدراسة أن تحديد العلاقة بين القانون الدولي والقوانين الداخلية يعتمد على طبيعة الأساس الذي يقوم عليه القانون الدولي، فالمفهوم الإرادي الذي يجعل القانون الدولي يرتكز على رضا الدول يقود إلى الثنائية التي تعني وجود نظامين قانونيين مستقلين، ومنفصلين، داخلي ودولي يتميز أحدهما عن الآخر. في حين أن المفهوم الموضوعي الذي يضع أساس القانون الدولي خارج الإرادة البشرية يقود إلى الأحادية .
ولكي تكون القاعدة القانونية الدولية سارية المفعول يجب أن تتحول إلى قاعدة في القانون الداخلي، ولا قيمة لها بغير ذلك، وبهذه الصفة يمكنها أن تبقى سارية المفعول، أو معدلة، أو ملغاة من قبل تشريع داخلي لاحق، مع إمكانية تحميل الدولة المسؤولية الدولية، على اعتبار أن المحاكم الوطنية لا تعتمد في أحكامها إلا على القانون الداخلي.
وتبعا لذلك، فإن طبيعة الالتزامات القانونية الناشئة عن الحقوق والحريات الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لا تعدو أن تكون مجرد مناشدة للدول الموقعة عليه للعمل ما في وسعها لتضمين هذه الحقوق والحريات في دساتيرها حتى يتسنى لمواطنيها أن يتمتعوا بمستوى معيشي لائق، وبالتالي فإن التزام الدول لا يعنى بحال من الأحوال أن مواطنيها سوف يتمتعون فعلا بهذه الحقوق، إذ أن ذلك رهين بتمتع هذه الدول ذاتها بقدرات وإمكانيات تسمح لها بالوفاء بالحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا العهد.
ومن هذا المنطلق، فإنه لا يكفي النص على الحقوق والحريات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والشخصية في دساتير الدول، بل لابد من قيام هاته الأخيرة بعمل إيجابي بغية الوفاء بها. بعبارة أخرى، تفرض هاته الحقوق على الدول القيام بأعمال من شأنها تقديم العون للمواطنين في حياتهم على مختلف الأصعدة.
وتبعا لذلك، فإنه لا تزال هناك صعوبات عملية في مكافحة انتهاكات المبادئ والحقوق الأساسية، وخاصة في مجال الشغل والتشغيل يتعذر تداركها، إذ غالبا ما تحول هشاشة الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للأجراء ضحايا الانتهاكات دون إثبات حقوقهم.
هذا علاوة على أن بعض الأنشطة الاقتصادية أضحت شديدة التعقيد، ويتعذر رصدها، مما ساهم في ارتفاع عدد الأجراء في قطاعات غير منظمة، وكرس لممارسات مخجلة تنهجها بصفة خاصة بعض وكالات التشغيل لدرجة أصبح معها من الصعب تحديد وجود علاقة تشغيل من عدمها، وتحديد المشغل الفعلي.
ولقد ساهم في تكريس هذا الوضع التحول الذي عرفه الربع الأخير من القرن العشرين، وبشكل أكثر تحديدا عقد التسعينات الذي تميز بالعديد من التغيرات العالمية السريعة، والمتلاحقة، والعميقة في آثارها وتوجهاتها المستقبلية، إذ أضحى الاقتصاد العالمي عبارة عن قرية صغيرة متنافسة الأطراف بفعل الثورة التكنولوجية والمعلوماتية.
ولقد تم تقسيم الأطروحة إلى بابين، خصص الأول للبحث حول الأعمال الدولية والشركات دولية النشاط بما في ذلك مناطق الأعمال الدولية، والتحول المسترسل الذي يعرفه النظام الاقتصادي العالمي الحالي في عصر التخصص المرن، وسلاسل الإنتاج الرقمية والتكنولوجيات الجديدة.
في حين تناول الباب الثاني عقد الشغل الدولي ونزاعاته وطبيعته الخاصة، والقانون الأكثر ملاءمة لأحكامه من خلال إعمال قواعد القانون الدولي الخاص قصد تحديد دوليته، هذا مع تحديد المميزات التي أكسبته خصوصية انفرد بها عن باقي العقود الدولية.
أما القسم الثاني فتطرق لحقوق الأجراء الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والشخصية، وقد قسم بدوره إلى بابين، خصص الأول منهما لدراسة الحماية الدولية للشغل ولحقوق الأجراء وفقا للالتزامات الدولية، مع التركيز على التشريعات القارية والإقليمية في هذا المجال، ودور الهيئات الدولية في حماية هاته الحقوق من خلال آليات الرقابة المتاحة.
في حين تعرض الباب الثاني لحقوق الأجراء وفقا للالتزامات الدولية من خلال دراسة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والشخصية، ومدى فعالية القانون الدولي للشغل على المستوى المغربي، ودرجة تجاوب مدونة الشغل المغربية مع المواثيق الدولية، فيما يتعلق بحماية المصالح الاقتصادية للمشغل، مقابل حماية المصالح الاجتماعية للطبقة الشغيلة.
تعليقات 0