غاية القانون و حاجة التقدم: دراسة مونادولوجية في فلسفة القانون
كمال المنوري ماستر القانون المدني المعمق كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية ابن زهر أكادير
“غاية القانون و حاجة التقدم” ـ دراسة مونادولوجية[1] في فلسفة القانون ـ
مدخل:
يتأتى القول ، بأن كل تطور (évolution) لا يأتي عن فراغ أوعشوائية ، و المجتمع كنسيج يصبو لهذا التطور الذي ينم على مستويات أفقية عديدة اجتماعيا ، فإن كل ذلك يقتضي نظاما فعالا و ديناميكيا لتحقيقه ، و به نعتقد أن القانون أهلا لذلك .
وعليه ، يستطيع القانون كنظام ، التوغل في كبريات المجالات دون إذن مسبق ، طالما كانت هاته الأخيرة ذات الصلة بالمجتمع ، المحك الذي يستمد منه القانون وجوده ، كقواعد سلوك عامة و مجردة قادرة على ترسيخ غايات الفرد داخل الجماعة بنظام و انتظام ، تفرضه سلطة عليا ، ويباشر خارقها بتنزيل جزاء يحدده القانون .
فالقانون كما يمكن أن يطلق على ميكانيزمات وفق نسق ثابت لا تتأثر بظروف الزمكان ، كقانون الجاذبية و قانون الذرة و قانون الكون ……، فما نحن بصدده هو القانون الذي له علاقة وطيدة بتغير الزمان و المكان ،الذي ازدان في حضن الأفكار الفلسفية التأملية ذوات المرجع الأصل و الفصل للعلوم كلها ، وبه تكون فكرة القانون مرسمة بغايات تبتغي تحقيقها وتسعى دائما للمساعدة على رقي من تخاطبهم و تسري عليهم ، دعما للتطور و الإبداع الاجتماعيين.
وكما يسود الاعتقاد لدى كثير من الناس أن التقعيد القانوني مجرد اطارات و قوالب تقنية لا يفهمها إلا اهلها ، مصاغة في نصوص مثبتة داخل متون حرفية حينا تكون غامضة و حينا تكون منجلية ، وهنا يكون السؤال الواجب الطرح هو كيف ستحقق هاته القواعد القانونية غاياتها ؟ وهل باستطاعة القانون أن يكون دافعا أساسيا في تقدم المجتمع ؟
وللإجابة على هاته الأسئلة ارتأينا تقسيم هذا المقال الى قسمين على هاته الشاكلة :
- الفرع الاول : علم القانون و المجتمع .
- الفرع الثاني : غاية القانون الاجتماعية .
الفرع الأول : علم القانون و المجتمع La science du droit et la société
منذ القدم ، و الانسان يخضع لعدة تحولات و تطورات ، به يتساءل عن مجموعة من السؤالات ذات ارتباط بما يعيشه و كيف يعيشه ، إذ علم تمام العلم أن وجوده رهين بمجتمع يسوده الأمن بجميع تجلياته و ينفث فيه العدل على كل مكوناته ، و بالتالي يبحث عن وسيلة لتحقيق هذا و ذاك ، و جاءت فكرة القانون رغم تنوع أسسها ، علقت عليها آمال كثيرة لتحقيق الغايات السالفة الذكر ، و هو ماسيكون معه القانون أساس لسمو المجتمع و تنظيم علاقاته ، و بالتالي هل يستطيع القانون تنظيم المجتمع ؟ و هل يستطيع المجتمع التأثير في القانون ؟
المقطع الأول : القانون و العلم .
1 ـ القانون و العلم والفلسفة أي صلة ؟
ـ هل القانون علم [2] ؟
رغم صغر السؤال ، يبقى الجواب عنه عسير المنال ، و لئن كانت كلمة “العلم “ تعني كل مسمى لنشاط فكري في ميدان الوقائع يكون موضوع اهتمامه بلوغ معرفة ذات الدرجة من الموضوعية التي توصلت إليه العلوم الطبيعية و الرياضية [3]، فإن القانون (بالمفهوم الضيق ) هو مجموعة من القواعد العامة الجبرية ، التي تصدر عن إرادة الدولة ، وتنظم سلوك الأشخاص الخاضعين لهذه الدولة أو الداخلين في تكوينها .[4]
وقد عبر الفقيه الفرنسي الكبير (FRANçOIS GENY) عن تقسيم جديد أسوة بما خلفه فيلسوف أثينا ” أرسطو “(الشكل\الجوهر)، على أن جوهر القانون هو العلم ، فيما يتجلى شكل القانون في الصياغة[5] ، وجاء الفقيه البلجيكي (JEAN DABAN) فأطلق على العلم السياسة القانونية ، فيما أطلق على قالب الصياغة اسم الصياغة القانونية .[6]
أما جوابا عن سؤالنا أعلاه ، تضاربت الأراء ، فرأى الأستاذ (EDMON PIKAR) أن علم القانون شبيه بالعلوم الطبيعية ، مثله مثل علم النبات أو الحيوان ….وكلها وقائع قابلة للمراقبة العلمية و ليست مجموعة من المفاهيم الذهنية …، أما الفقيه (JEAN CARBONNIER) خلص على أن يكون القانون علما بحيث لا توجد علوم قادرة على إخضاع الظواهر الحتمية لاكتشاف القوانين سوى علم الأجسام المادية و بالتالي القانون لا يستطيع الزعم بذلك .[7]
ـ كيف تنظر الفلسفة للقانون ؟
يكون من الصعب ايجاد تعريف مانع جامع للفلسفة [8]، لكن سنقتصر بهذا التعريف :
كلمة الفلسفة تعني لغة حب (philo) الحكمة ((sophie ، و تعني اصطلاحا المعرفة العقلية أي العلم بالمعنى العام للكلمة .[9]
وبالتالي ولقد قيل سابقا ، ان كل محاولة لتعريف الفلسفة لا جدوى منها ووقت ضائع ، لأنه تحت لواء هذه التسمية تعددت الدراسات واختلفت مضامينها كلما زاد التعمق فيها .[10]
لكن ، المصطلح الذي نحن أمامه (فلسفة القانون) عرف الولادة على يد الفيلسوف الألماني فريدريك هيغل[11] سنة 1821 في كتابه ” مبادئ في فلسفة القانون “ ، وتكون فلسفة القانون هي الفلسفة المطبقة على القانون، والغائصة في تحليل مجموعة من المواضيع التي لامناص في دراستها من قبل المهتمين ، منها نظريات جوهر القانون و غايته و أساسه …، لكن قد يكتنف الموضوع غموضا حول مجال فلسفة القانون هل هو مختص بالفلاسفة أو القانونيين أو كلاهما معا ؟ وهل من المتصور أن يصير رجل قانون إلى درجة الفلسفة ،فيصبح فيلسوفا و رجل قانون في نفس الوقت ؟ [12]
القانونيون ليس لهم في الأمر إلا مناقشة ماوصلوا إليه الفلاسفة من نظريات في مجال القانون ، إذ ليس لهم أي دور مبدع خلاق ، لكن من المتصور أن يكون القانوني فيلسوفا لوصوله إلى غاية استيعاب القاعدة القانونية و معرفة خلفيتها و قياس حرارتها في مدى تحقيقها للعدالة .
فإذا ، لا يمكن الوصول الى ما نحن قلناه آنفا إلا عن طريق فلسفة القانون ، إذ بدونها يظل الدارس عاجزا أن يخطو الخطوة الأولى ، فهي بداية المبتدئ اذ يجب على طالب القانون الإلمام بها ، وكذلك على رجل القانون أن يدرسها بعد تمام نضجه فهي أيضا نهاية المجتهد.[13]
2ـ وجهة نظرنا في الموضوع :
فكما تأتى لنا القول آنفا ، أن التساؤل سيكون الجواب عليه ليس بالأمر الهين ، وبالتالي فمن وجهة نظرنا نؤيد الرأي الرصين الذي أفضى إلى أن القانون علم و فن [14] و فلسفة القانون هي امتدادا لهذا العلم استنادا لمجموعة من المعطيات منها :
ـ المعطيات الواقعية : تكمن المعطيات الواقعية في تلك الحقائق و الفرضيات التي تحوم حول ظروف الواقع المحيط بالمجتمع ، تشمل أيضا الأحوال الطبيعية التي تحيط بالإنسان كالتكوين الفسيولوجي و النفسي التي تبنى عليها أحكام الزواج على سبيل المثال ، بالإضافة إلى الأحوال الأدبية و الدينية و الاقتصادية و السياسية التي يضرب لها القانوني ألف حساب قبل التنزيل .
ـ المعطيات التاريخية : يلعب التاريخ دورا هاما في تشخيص الظواهر و التطورات ، و بالتالي يلخص تجربة انسانية عبر الزمن ، ومما لا مناص ان تكون هاته المعطيات أبرز عون وسند للقانون في منحه أساس متين .
و على سبيل المثال مر حق الملكية (droit de propriété)[15] عبر التاريخ بعدة أطوار لكن ما رسى عليه هذا الحق الذي يعتبر عراب الحقوق العينية الأخرى ، أنه محط اهتمام و احترام من قبل أغلب الدساتير و القوانين العالمية الكونية ، إلى أن استدعى الامر نعته بالحق المقدس (le droit sacré).
و على سبيل المثال أيضا فيما يخص رابطة الزواج ، طالما كانت تخضع لرقابة دينية أو مدنية تصبغ عليها الصفة الشرعية ، كما تنعت أيضا بالرابطة المقدسة كونها أساس كل مجتمع .
ـ المعطيات العقلية : يعمل القانون على لم شمل كل المعطيات التي ذكرناها أعلاه فيما بينها ، و ترك سلطة للعقل لاستخلاص ما يمكن أن تجود به تلك المعطيات على جوهر القانون ، إذ يعتبر العقل الجوهر الأساسي للقانون الطبيعي ، لكن هذا العقل أبدى اختصاصه فيما يبدو ظاهريا فقط إن صح التعبير ، ابتعادا على النزعة المثالية للأمور .
فعلى سبيل المثال يعتبر العقل أن الزواج لا يمكن أن يعطي أسرة متماسكة بدون استقرار اجتماعي , و هو رأي في محله ، لكن تعدد الزوجات لا يعتبره العقل شيئا مثاليا ، وبالتالي لو سايرنا منطق العقل و سلمنا ان غاية الزواج هي الانجاب فإن تعدد الزوجات يحقق تلك الغاية بأسرع طريقة ممكنة ![16]
ـ المعطيات المثالية : ولئن كانت المعطيات العقلية تلعب دورا أساسيا في جوهر القانون ، إلا أن ذلك لا يعني أنها قادرة على كشف أو انشاء حلول تقتضيها الظروف و الوقائع الإنسانية .
و المعطيات المثالية تتآتى من قوى غير واضحة كالإيمان و العاطفة و الرحمة …
فإذا كان العقل يقضي على أن لا مسؤولية بدون خطأ يثبته المضرور ، إلا ان ضرورة الحياة المعاصرة و النتائج غير العادلة التي انتجتها التجربة في مجال الشغل ، تدخلت النزعة المثالية و ضمنت للعمال الحصول على تعويض عن الإصابات على أساس مبدأ جديد وهو المسؤولية بدون خطأ ، و هو مبدأ ما يسمى بتحمل التبعة ، و الغرم بالغنم على لسان الفقهاء ، مفاده أن من ترتب على نشاطه ضررا للغير يلزم بالتعويض .
و تجديدا لما أدلينا به في مدخل هاته الفقرة ، أن القانون فن و علم ، و علم القانون [17] يكمن في الوقوف على نظرياته [18] لضمان التطبيق السليم للقانون استبعاد لكل سوء الفهم و فساد التأويل الذي سيهب لا محالة بالتطبيق العادل للقانون.
اما فن القانون هو ذو بعد شكلي ، يعتمد على السياسة القانونية التي تعنى بها انسب الادوات التقنية [19] و التشريعية لاحتواء المعطيات و الحاجات و الأهداف الاجتماعية .
و ختاما ، فعلم القانون ذو معيار اجتماعي محض ، يقوم على فكرة الغاية ، كما هو الحال في علم الأخلاق و علم المنطق و علم الجمال ..، و معيار علم القانون ليس سببيا كالعلوم الطبيعية بل معياره إسنادي يكون قائما بين القاعدة القانونية و الجزاء المترتب عليها ، و غاية القانون تلعب فيه فلسفة القانون دورا محوريا ، فرأينا كيف تبنت المجتمعات الرأسمالية المذهب النفعي و مبدأ حرية الاقتصاد ومبدأ ” دعه يعمل دعه يمر”[20] و كيف أثر ذلك على تكوين العقد….[21]، بالإضافة إلى ان القانون ليس باستطاعته أن يشتغل وحده ، بل له علاقة وطيدة بعلوم أخرى [22] يستند عليها لتجسيد وتحقيق غايته ، ولا يكون لذلك أثر إلا على مشرحة المجتمع.
المقطع الثاني :القانون و المجتمع .
الانسان لا يستمد وجوده إلا في مجتمع يعترف به [23]، و يعتبر هذا الاخير بمثابة مرآة له ، وبالتالي يكون من الضروري تحقيق الامن الاجتماعي لترسيخ نوع من الاستقرار في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية طالما ان المجتمع يكون في دينامية و حركية اذ يلعب الزمن دورا في تطوره او تخلفه .
و العلاقات الاجتماعية يحكمها عاملين يكمنان في المشابهة و التنوع ، يتحقق عامل المشابهة من حقيقة الروابط و المشتركات بين أفراد المجتمع من تقاليد و أعراف ووحدة اللغة و الدين. أما عامل التنوع يتجلى في الفروقات الشخصية بين الأفراد كالفروقات الفيسيولوجية و السلوك و القدرات الجسمانية و الذهنية …، و هاته الفروقات هي من يعطي للمجتمع دافعها للحركة و التداول و يسبب ذلك بعض الصراعات التي مفادها تضارب المصالح ، ويكون هذا الأخير إما سببا للتعاون و التشارك السلمي في الحياة و إما التناحر و التصادم و العدوان و تكريس الانانية المفرطة ، وبالتالي ضرورة القانون تكمن في التدخل لتنظيم العلاقات و ضبطها و التوفيق بين المصالح المتعارضة و تحقيق المصلحة العامة للمجتمع .
و مادمنا قد أشرنا سابقا للعلوم المساعدة للقانون ، هنا و الحالة يكون علم الاجتماع القانوني [24] سيد الموقف ، ومادام أن الاجتماع ضرورة حتمية فكذلك القانون ، إذ كل ما من شأنه ممكن أن يكون عرضة للفوضى و اللاعدالة ،يستعين القانون دائما بعلماء الاجتماع القانوني و بدراستهم الميدانية و الإحصائية التي تجعل مشرع القاعدة القانونية على نظر ثاقب بالمجتمع الذي سيكون مخاطبا بتلك القاعدة القانونية وهل هاته الأخيرة ملائمة له أم لا .
الفرع الثاني : غاية القانون الاجتماعية la téléologie socialiste du droit
تبلورت فكرة غاية القانون مع تطور الفكر الانساني فمنذ القدم كانت غاية القانون تتجلى في المحافظة على السكينة و السلام الاجتماعيين ، ولو فرض ذلك اللجوء إلى كل أساليب الردع و القهر ، فجاءت العصور الرومانية بفلسفة تحقيق فكرة العدالة و فكرة العدل ،لكن سرعان ما تغيرت هاته الغاية في العصور الوسطى مع بروز السلطة المطلقة للملوك و سيطرة رجال الكنيسة على الدولة فأصبحت غاية القانون هي الحفاظ على الوضع الراهن ، وذبلت هاته الغاية مع حلول عصر النهضة و سيادة الحرية و المساواة فأصبحت فكرة القانون شر لا بد منه كما كان يقال إذاك[25] ، و بعد ذلك هل يمكن اعتبار غاية القانون الحديثة في عصرنا الحالي هي تحقيق التقدم الاجتماعي ؟
المقطع الأول:القانون بين العدل و الأمن الاجتماعي .
1/ القانون و الأمن الاجتماعي .
ارتأت البشرية منذ النشأة إلى أن الأمن الاجتماعي لا يمكن أن يتحقق إلا بعاملين اساسيين أولهما وجود حاكم ذو سيادة استنادا على مشروعية سياسية أو دينية و ثانيهما ترسيخ صرامة قانونية و تطبيق الجزاء على كل من خالف القاعدة القانونية مهما يكن ذلك المخالف .
كما ادركت البشرية أيضا أن السلام الاجتماعي لا يمكن أن يتحقق إلا إذا سعى القانون التوفيق بين المصالح المتعارضة ، و في نظرنا مازال هذا التوجه ساري المفعول كون القانون مهمته هي الحفاظ على توازن المراكز القانونية[26] و اختلال ذلك التوازن سيؤدي الى انتفاء الغاية التي وجد القانون من أجل تحقيقها .
فمنذ القدم كان الانسان ينتقم من أي شيء سبب له ضرر ، سواء كان انسانا انقض عليه ليصارعه أو حيوانا قتله أو جمادا هدمه ، وبالتالي تصبح فلسفة العقوبة هي شفي غليل الضحية و اعدام العدالة الشخصية ، لكن في عصرنا الحالي و مع توالي نظريات الفكر القانوني أصبحت العقوبة لا تعدو أن تكون إعادة تأهيل الجاني و تحقيق الردع العام مادام أن ذلك الجاني يعتبر ضحية لأسباب عدة جسمانية و نفسية و اجتماعية يقوم بتشخيصها علم الإجرام (la criminologie).
وقد توالت نظريات عدة في غاية القانون ، فكان فلاسفة اليونان يقرون بأن غاية القانون هي توفير الأمن الاجتماعي بترسيخ مكانة الحاكم كما قال الفيلسوف السفسطائي (ثراسيماخوس) “إن مايريده الحاكم هو مايريده القانون “، و هو ما سار عليه أغلب الفلاسفة كفريديريك هيغل و هانزكلسن[27] .
إذا و بدون أدنى شك ، فتنظيم المصالح المتعارضة لها امتداد وطيد بالأمن الاجتماعي ، لكن ماهو المعيار الذي سيتخذه المشرع لتنظيم تلك المصالح ؟
إن المعيار الشائع جوابا على هذا السؤال يكمن في معيار المصلحة العامة ، فكل مصلحة فردية تكون اقرب الى المصلحة العامة هي الاسبق اعتبارا ، لكن يمكن لهذا المعيار ان يفشل عندما تكون الديكتاتورية وسيلة لتمرير القوانين باسم المصلحة العامة ، وإن كان هذا المعيار لوحده قد ابان عن نجاحه نسبيا في الدول الديمقراطية التي تكون اكثر انضباطا في شيوع الفكر الفردي البراغماتي و تشريع القوانين من قبل مؤسسة البرلمان .
لكن هذا المعيار ولئن كان سببا مؤثرا في ترسيخ الأمن الاجتماعي إلا ان تطبيقه يحتاج لدراسة اجتماعية و قيمية والوقوف على الاولويات المطلوبة انسجاما مع الأداب العامة للمجتمع بالإضافة الى تجزيء مراحل التنزيل و تطبيق القاعدة القانونية احتياطا للصدمات المفاجئة و المضادة للتطور ، اذ البشر طالما لهم حذر دائم إزاء التغيرات المفاجئة و بالتالي تكون المواجهة شرسة مما يكون معه التغيير و استتباب الأمن شيء يستحيل تحقيقه .[28]
2/ بعض تطبيقات فكرة الامن الاجتماعي :
ـ مدد الطعون :
قد يتضح للكثيرين ان بعض الانظمة و النظريات القانونية تجافي منطق العدالة بوضوح ، لكن قد يكون للمشرع قصد آخر وهو تحقيق امن و استقرار المعاملات ، و على سبيل المثال تعد أجل الطعون بالأحكام امام محاكم الاستيناف[29] أو محكمة النقض[30] مددا قصيرة نسبيا ، وبالتالي فمرور تلك المدة ترد الدعوى شكلا بغض النظر عن صحة الحكم أو القرار أو عدم صحته .
وبالتالي يمكن الاستغناء و التنازل عن شيء لتحقيق وبغية الوصول لهدف أو غاية يراها المشرع أفضل و أقوم من الشيء المتنازل عنه .
ـ التقادم المسقط [31] :
هو عبارة عن مضي مدة معينة على استحقاق الدين دون أن يطالب به الدائن ، فيترتب عن ذلك سقوط حقه في المطالبة إذا تمسك بالتقادم من له مصلحة فيه [32]، وبالتالي حفاظا على استقرار المعاملات لا يتصور ان يكون الدين قابلا للمطالبة من قبل الدائن و ورثته جيلا بعد جيل ، مادام أن القانون يفترض ان مرور مدة معينة دون المطالبة بالدين يعد قرينة على الوفاء ، وإلا عوقب المهمل بإهماله المطالبة بدينه .
وتقوم فكرة التقادم على أساس مزدوج مراعاة لفكرتي المصلحة العامة و الخاصة ، و الفكرة الاولى مبناها لا يجوز للدائن ان يشترط على المدين تنازله عن التقادم [33]، فيما تكمن فكرة المصلحة الخاصة في قرينة الوفاء ، اذ لايقع التقادم بقوة القانون ، بل يجب ان يتمسك به من له فيه مصلحة .
ـ نظام الحيازة[34] (التقادم المكسب) :
الحيازةla possession)) [35]، سلطة واقعية يمارسها واضع اليد على الشيء بحيث يظهر بمظهر المالك او صاحب الحق العيني عليه ،وان لم تستند هذه السلطة الى حق يعترف به القانون .
والحائز قد يكون صاحب الحق و قد لا يكون ، فان وجود الحق ليس لازما لوجود الحيازة.
و عليه لا يعتبر الحائز العرضي ( كالمستأجر و المستعير و الوديع و الناقل …) لعدم ظهورهم بمظهر صاحب الحق العيني إلا اذا تغيرت صفة حيازتهم للشيء و أنكروا حق المالك و استأثروا بالشيء لأنفسهم ، وبالتالي فالمتعدي أو الغاصب يتمتع بحماية قانونية يوفرها نظام الحيازة ، ومن يدعي غيرذلك عليه الاثبات قبل انهاء مدة التقادم المقررة قانونا.
لم يقف ترسيخ المشرع للاستقرار الاجتماعي على هذا الحد، فذهب إلى أبعد من ذلك حين كرس تقادم دعوى الزور بمضي أربع سنوات ( المادة 2 من م.ح.ع) [36]و هو ما أثير حفيظة مجموعة من المختصين و المهتمين بالشأن القانوني المغربي برفضها، كونها تشجع على الاستيلاء على عقارات الغيرو تناقض القاعدة الدستورية الأعلى درجة في ضمان حق الملكية [37] ….. ، فيما ذهب الرأي الآخر أن القاعدة يجب ان تقرأ في سياقها كون المالك الأصلي للعقار لم تكن له أي حماية قبل سنة 2011 اتجاه المقيد حسن النية ….، و كان النص المعتمد إذاك هو الفصل 66 من (ظ.ت.ع) [38] مما جعل المشرع يتدارك الأمر بتقييد تلك الحماية المطلقة بالنسبة للمقيد حسن النية على حساب المالك ، لكن التساؤل المطروح في هذا الصدد هو من الأولى بالعقارهل المالك الذي تربطه بالعقار علاقة تاريخية و رمزية أم المقيد حسن النية حديث العهد بالعقار ؟
أما الحيازة في منقول لا تحتاج الى تقادم تطبيقا لقاعدة “ الحيازة في المنقول سند للملكية” وبالتالي يفترض المشرع ان يكون سبب الحيازة صحيحا مالم يقم الدليل على خلاف ذلك .
فالأمثلة كثيرة و عديدة لا يتسع لها المقام ، ترجع في أصل تشريعها الى غاية السكينة الاجتماعية منها أغلب قواعد الإثبات و اجراءات الدعوى وقواعد تقادم الجريمة و العقوبة ، وهناك أيضا قواعد قانونية ذات طابع سياسي مثل قاعدة مصلحة الدولة فوق القانون [39]، و هناك نظرية الاوضاع الظاهرة التي تجسد الحقيقة القانونية و قد لا تتطابق مع الحقيقة الواقعية ، وتبقى الحقيقة القانونية هي المعترف بها مالم يقم الدليل على خلاف ذلك .
المقطع الثاني : القانون بين غاية العدل و التقدم الاجتماعيين .
1/ القانون و فكرة العدالة :
هل هناك فرق بين العدل و العدالة ؟
ربط الفلاسفة الأقدمين فكرة العدل مع واجب عام نعتوه بالفضيلة ، وان كانت فكرة العدل خضعت لمجموعة من التباينات مع مرور الزمن وحضور المكان ، وعلى هذا النحو فان الانسان اما ان يكون عادلا وفاضلا على طول الخط أو لا يكون .
وان اختلفوا الفلاسفة في كثير من نظريات علم الأخلاق إلا انهم اجتمعوا على أربعة فضائل أساسية ينبغي ان تحكم سلوك الانسان وهي التبصر و العدل و و ضبط السلوك الاجتماعي و الشجاعة .[40]
ومن بين هذه الفضائل يرتبط التبصر و العدل بعلم القانون ، ويعنى بالتبصير أو التبصر فضيلة عليا تتمثل في القدرة على إعمال العقل و التفكير السليم الموجه في التصرف الشخصي ، و لا غرو أن جل الأعمال التشريعية و القضائية تكرس مبدأ التبصير كمعيار مطلوب في التصرف .
يثار في حفريات كتب الفلسفة تمييز بين العدل[41] و العدالة وإن كان في الغالب عدم الوعي باختلافهما ، فكان أول من تطرق لهذا التمييز الفيلسوف اليوناني (أرسطو)، وسايره الفكر القانوني بالتمييز بين العدل ( العدل الشكلي القانوني ) و العدالة ( العدل الجوهري / الانصاف ).
وكان أرسطو عبقريا حين تناول بالتحليل صورتين أساسيتين لفكرة العدالة و هي العدالة التوزيعية ( la justice distributive )و العدالة التبادلية(la justice commutative ) ، وتكمن العدالة التوزيعية لدى ارسطو في علاج الحالات الغير المتساوية تفاديا لما قاله (الفيلسوف الروماني شيشرون) ” أن العدالة التي تساوي بين خيار الناس وأشرارهم هي ستار الظلم “، و منبع الشجار أن تعطي لغير المتساويين حصصا متساوية أو كما قال( جستينيان) ” مساواة غير المتساويين ظلم “.
و هذا ما عبر عنه الفكر القانوني بالمراكز القانونية التي تقوم على أساس المساواة القانونية و ليس الفعلية، و مثلا ان ليس كل الناس متساويين أمام وظيفة ما ، بل من له شروط الولوج يعتبر مستحقا للوظيفة ، وبالتالي فان الفرد يطلب بما هو مستحق في توزيع خيرات الجماعة.
أما العدالة التبادلية [42]، تكمن في علاقات الافراد فيما بينهم فيوازنون بين المنافع و الأداءات المتبادلة ، و بالتالي فالعدالة هنا فعلية عكس العدالة التوزيعية ، وأبرز مثال في ذلك هو العقد(le contrat )، فاذا استلم أحد الطرفين المتعاقدين أكثر مما يستحق او أقل من ذلك وجب الرد وترسيخ التوازن ، كذلك إذا لحق الشخص ضررا بالغير وجب عليه تعويضه جبرا للضرر المقترف .[43]
و الجدير بالتذكير ، أن مسألة العدل تفيد المساواة دون محاباة أحد ، فالقانون هنا كالسيف كما قال (مونتيسيكيو) ققابع على أعناق الكل دون تخصيص و لا تنصيص ، وبالتالي لا فرق بين الأم التي سرقت الطعام لأطفالها الجياع وبين من يسرق لملذاته أو شهواته لأن العدل القانوني يعتد بالظاهر لا بالوضع الداخلي للمخاطبين بحكمه ، استثناء أن تكون القاعدة القانونية جامدة و قاسية في حق الجاني نظرا لظروفه فكر المشرع في ظروف تخفيفية ، للقاضي امكانية تفعيلها إزاء الجاني .[44]
أما العدالة ، تعني الشعور بالإنصاف و هو شعور نفسي داخلي ، وبالتالي فالتمييز بين العدل و العدالة هو السبب في الشعور بالحاجة إلى إصلاح صرامة القانون من خلال الدعوة إلى تفسير القانون بروح العدالة ، فكيف سيكون تصرف القاضي إزاء تطبيق قاعدة يراها ظالمة في حق الشخص المظلوم ؟ هل له ان يفعل مقولة” ان الرحمة فوق القانون ” [45]؟ أم ان يكون آليا دوغمائيا (يعني ذلك ان المشرع منزه عن العبث) ؟
وبالتالي فإن فقهاء القانون ، يميلون لاستخدام مصطلح ” العدالة الاجتماعية “ كفكرة واقعية [46] يمكن صياغتها في النصوص القانونية لإضفاء نوع من المرونة في تفسيرها قصد ان يكون تنزيلها تنزيلا منصفا و عادلا على نوازل و أحداث الحال .
2/دور القانون في التقدم الاجتماعي :
ـ الترسانة القانونية كدافع للتقدم الاجتماعي :
ـ هل القانون كفيل بالتقدم المجتمعي ؟ أم أن هناك عائق طالما يحول بين ذلك ؟
التبذير هو ملازم للإنسان بطبيعته ، فالمجتمع الذي يحوي هذا الانسان يقوم على الرغبة في العيش و النسل دونما ادنى اهتزاز يدب على استقراره الاسري و المهني و الاجتماعي بشكل عام .
يتمتع الانسان بقوى خلاقة ، هاته الاخيرة قادرة على بناء حضارة ، ولئن كانت الحضارة لا تقام إلا على الفائض كما يقول ابن خلدون ، لكن الانسان يستطيع بدل طاقاته لتقدم البشرية و حقيق الرقي و المساهمة في حضارة عظيمة تنقش في صفحات كتب التاريخ .
لكن هذا العمل ينقصه تنظيم محكم ، و التقدم الاجتماعي يستحيل بدون افكار مبدعة و خلاقة ، وبالتالي فان الفيلسوف و الاديب و الفنان و الطبيب …..يستثمر جهده للمشاركة في مشروع حضاري تقدمي ، وهنا يتدخل القانون بالتشريع لخلق جو افضل للمهن المجتمعية جمعاء و تأسيس مراكز للبحث العلمي ، وبه يلعب القانون دورا جوهريا في توجيه ترسانته مع الطموحات الاجتماعية .[47]
ومما لا شك فيه ، أن القانون استطاع مواكبة العولمة بإيقاع لابأس به نسبيا ، ولو كان في كثير من الأحيان وجود تعارض المعايير الاجتماعية داخل المجتمع الواحد .[48]
على سبيل المثال ، يلاحظ ان أغلب الدول الصناعية الكبرى لا تملك الموارد الاولية للتصنيع ، فيما تكون هاته الاخيرة عند دوا اخرى تملك احتياطات هائلة من الموارد لكنها دول متخلفة!
فبالمنطق كان الأولى أن تكون الدولة ذات الموارد من الدول المتقدمة ! ، إذا ماهو السبب؟
السبب هو أن تلك الدول بعض انقضاء مراحل الامبريالية والتي قامت باستنزاف مستعمراتها ، لجأت الى خلق قوانين متميزة تماشيا مع تطورات الحضارة ، جعلت لها الريادة في المجال الصناعي و العلمي و الفكري ، كنظام شركة المساهمة و نظام شركة المتعدد الجنسية و انظمة الرهن التأميني و انظمة حقوق الملكية و براءة الاختراع …، فضلا عن قوانين منح الجنسية للمتفوقين و الأدمغة العلمية التي لم تستطع دولها الاعتناء بأبحاثهم ، وبالتالي كانت هاته الأنظمة الأساس الذي ساهم بشكل محوري على التطور الهائل الذي شهدته الدول الغربية .[49]
فشركات انتاج السيارات اليابانية لا تملك موارد موادها الأولية بل تستوردها من الدول الأخرى ، فيما تتولى شركة MICROSOFT)) اعتماد على استثمار الأفكار العلمية بموجب نظام الحقوق الملكية و براءات الاختراع المنظمة قانونا و هو مايدر عليها مئات المليارات من الدولارات سنويا ، و هكذا تصنع الافكار القانونية المعجزة .
إلا ان النظام القانوني لوحده لا يستطيع خلق المعجزات لوحده دون مجتمع عملي و متحرك (dynamique)، ولكن يمكن أن يكون قاطرة في بناء جسر التقدم ، كالتشريعات الخاصة بالتربية و التكوين و التعليم العالي و البحث العلمي ، هنا يتم الاستثمار في الانسان ، الكائن الذي يحمل مشعل الإبداع و الفكرة التي تعتمد عليها الشخصية الخلاقة .
ـ كوابح التقدم الاجتماعي :
يمكن ان تتصادم التشريعات القانونية بعاملين اثنين و بالتالي اقبار غاية القانون اتجاه المجتمع الذي يسوده ، اذ تعتبر المزايدات السياسية أولى هاته الكوابح ، مما تسببه من تصادمات و تطاحنات بين الاحزاب التي تسير الشأن العام ، و من المحظور ان تفصل الدراسات القانونية مع الحقل السياسي ، فالتشريع الحديث لا يعدو أن يكون الصوت السياسي الناطق و السائد الفائز في الانتخابات ، وبالتالي فتلك المزايدات تقوم بهدر المواهب و تدمير القطاعات الأساسية في المجتمع ليس إلا .
العائق الثاني يكمن في الايديولوجيات المتعددة في المجتمع الواحد ، في بعض الاحيان يطوع القانون لحماية ايديولوجية دون اخرى ، وبالتالي نكون أمام تضارب المصالح و تعليق المشاريع البنيوية و تعطيل جل الدراسات و الاستراتيجيات و الاصلاحات الضرورية ، وفي نظرنا فالسياسة يجب أن تكون في منأى من كل تعارض و أفكار و مزايدات ، فمعيار العلم و الكفاءة و التبصر من يراد له أن يكون سيد الموقف ، انسجاما مع القوانين المشرعنة في هذا الخصوص كمساهم للرفع بالنمو و التقدم الاجتماعيين.
ختام :
لا يستقيم القول ، عند الوقوف على أهم ماتطرقنا إليه في هذا المقال إلا بهندسة نتيجة حتمية ، هاته الأخيرة تقتضي الاعتراف بأن القانون كقواعد تشريعية يعد الأساس المحوري لكل تقدم ، إذ لا دولة متقدمة أو نظام دولاتي بدون ترسانة تشريعية متطورة .
تلك الترسانة التشريعية تكون لازمة لمواكبة ما يبتغيه البحث العلمي و الصناعي و التكنولوجي ، وبذلك يكون القانون بمثابة الرافعة التي لا تمل أن تصعد بما يكون في حاجة لتفعيل غاياته و بالأخص غايته الجديدة و هي المساهمة في تقدم المجتمع .
و أخيرا ، وإن سلمنا بذلك ، فان ذلك لا يعدو أن يكون طريق القانون لملامسة تلك الغاية مفروش بالورود ، بل سيتعرض لاضطرابات و عراقيل تحول أو تنقص من شدة الوصول إلى هدفه المنشوذ ، وبالتالي فليس على قانونيي القانون و فلاسفته إلا الابداع و دائما في ايجاد و خلق حلول و ميكانيزمات جديدة لجعل التقدم مآل القانون و غايته .
لائحة المراجع :
ـ مراد بن سعيد . مستقبل القانون في عصر العولمة .مجلة العلوم الانسانية . العدد الاول . يونيو 2014 .
ـ جيرار ديلودال ، الفلسفة الامريكية ، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الاولى ، 2009 .
ـ فيصل البحري ، أثر النهضة العلمية الحديثة على الفكر القانوني ، دراسة فلسفة القانون ، الطبعة الأولى ، 2010 .
ـ منذر الفضل ، تأريخ القانون ، دار ئاراس للطباعة و النشر ، العراق ، 2005 .
ـ فارس حامد ،مقال” غاية القانون و عوامل التقدم” ، جامعة جبهان بغداد ، 2004 .
ـ هنري باتيفول ، فلسفة القانون منشورات عويدات، بيروت ـباريس، الطبعة الثالثة ، 1974 .
ـ أحمد السكسيوي ، الدرس القانوني : من ضيق التقنوية إلى سعة العلمية ، منشور بالموقع الالكتروني
ـ مؤيد زيدان , علم الاجتماع القانوني ، منشورات الجامعة الافتراضية السورية ، 2018 .
ـ ميشيل تروبير ، فلسفة القانون ، منشورات بريس اونيفرسيتي دو فرانس ، الطبعة الاولى ،2004 .
ـ محمد الشيلح ، القانون و الاقتصاد بين الانفصال والاتصال ، المجلةالمغربية للقانون الاقتصادي ، العدد الثاني ،2009.
ـ الان سوبيو ، الانسان القانوني ،المنظمة العربية للترجمة ، طبعة اولى ، بيروت 2012.
ـ فايز محمد حسين ، فلسفة القانون و نظرية العدالة ، مجلة الحقوق ، العدد الثاني ، الاسكندرية ،2010.
ـ راجع ميشال فيلاي ، فلسفة القانون، دالوز، 1975 .
ـ منذر الشاوي ، فلسفة القانون ، دار الثقافة للنشر و التوزيع 2009.
ـ سمير تناغو ، النظرية العامة للقانون ، منشأة المعارف الاسكندرية ، 1984 .
ـF . geny ; science et technique en droit privé positif ; 4 vol ; sirey ; 1913.1924 .
ـJ.daban ;théorie générale du droit 3 éd .paris .dalloz1953,.
ـLalande ; vocabulaire technique de la philosophie . paris . 8 éd 1960 .
ـ MIKHAIL XIFARAS ; la propriété , etude de philosophie du droit ; thése université de France ; 2004 .
ـADAM SMITH ; the wealth of nations ;bushels ; 1771 .
الهوامش:
[1] المونادات مصطلح اشتهر بها الفيلسوف الألماني ليبنيتز و هي عبارة عن جواهر بسيطة لا تقبل الامتداد و لا التجزئة و هي ذرات روحية دينامية في أساسها طاقة تحركها ، و منه اقتبسنا المصطلح و نعني به في هذا الصدد الدراسة المبنية على وحدة و دقة البحث القانوني على أساس حركية المجتمع الذي نعتبره مختبرا له و هذا الاخير لا يقبل الا الاشياء الحية كذلك القانون لا يسري الا على الوقائع المتحركة و التي يلعب الزمن دورا في تطورها .
ـ عرف ” ميشيل فيلاي “ علم القانون الكلاسيكي الروماني هي قول مايعود ل ” ألف” و مايعود ل” ب ” أي بمعنى العلاقات العادلة داخل النسيج المجتمعي .
ـ راجع ميشال فيلاي ، فلسفة القانون، دالوز، 1975 ، ص 97 .[2]
منذر الشاوي ، فلسفة القانون ، دار الثقافة للنشر و التوزيع ، ص : 28 .[3]
سمير تناغو ، النظرية العامة للقانون ، منشأة المعارف الاسكندرية ، 1984 ، ص 6 .[4]
[5]F . geny ; science et technique en droit privé positif ; 4 vol ; sirey ; 1913.1924 P 8 .
[6] J.daban ;théorie générale du droit 3 éd .paris .dalloz .p2.
[7] فيصل البحري ، أثر النهضة العلمية الحديثة على الفكر القانوني ، دراسة فلسفة القانون ، الطبعة الأولى ، 2010 ، ص 77 .
[8] وتضاربت الآراء حول من أول القائلين بهذا المصطلح بين فيتاغورس (عالم الرياضيات و الفيلسوف اليوناني ) و بين سقراط الذي أراد فك الارتباط و تمييزه عن السفسطائيين و افلاطون حين اراد ان يصف به سولون و سقراط .
[9] Lalande ; vocabulaire technique de la philosophie . paris . 8 éd 1960 .p774 .
جيرار ديلودال ، الفلسفة الامريكية ، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الاولى ، 2009 ، ص 33 .[10]
[11] ولد فريديريك هيغل سنة 1770 ـ 1831 ، بشتوتغارت ، يعتبر أهم الفلاسفة الألمان و مؤسسي المثالية الألمانية ، و طور المنهج الجدلي و اخر مشاريعه التي أثرت في أغلب الفلسفات المعاصرة هو ” المشاريع الفلسفية الكبرى ” .
للتعمق أكثر في فروقات بين فلسفة القانون الفلاسفة و فلسفة القانون القانونيين راجع :
ـ ميشيل تروبير ، فلسفة القانون ، منشورات بريس اونيفرسيتي دو فرانس ، الطبعة الاولى ،2004 ، ص 14 .[12]
[14] نؤيد العميد (فرانسوا جيني ) على أن القانون هو فن و علم ، هو علم بقدر ما يستند قبل كل شيء الى ادراك الحقائق الموجهة للحياة الاجتماعية ، و هو فن في ذات الوقت لانه يتطور أصلا بإبداع الانسان .
[15] يرى بعض الباحثين ، ان اصل نشوء و تقديس الملكية العقارية يعود الى ان القدماء كانوا يدفنون اسلافهم في حدود الاراضي التي يقومون بزراعتها ، مما اضفى على الارض صفة مقدسة ، و تدريجيا اعترفت الاقوام لبعضها بحق السيطرة على هذه الارض التي تضم الاسلاف ، فنشأ نظام الملكية العقارية .
ـ راجع في هذا الصدد :
ـ MIKHAIL XIFARAS ; la propriété , etude de philosophie du droit ; thése université de France ; 2004 ; p 7.
منذر الفضل ، تأريخ القانون ، دار ئاراس للطباعة و النشر ، العراق ، 2005 ، ص 31 .ـ
فارس حامد ،مقال” غاية القانون و عوامل التقدم” ، جامعة جبهان بغداد ، ص 12 .[16]
[17] قابل” ميشيل تروبير” بين علمية القانون و الدوغمائية القانونية كمفهومين يصعب الجمع بينهما خلافا لما أراده ” هانز كلسن “
ـ راجع ميشيل تروبير ، م س ، ص 62 .
[18] من تلك النظريات : نظرية الشخص المعنوي و نظرية الظروف الطارئة و نظرية العقد و نظرية التكييف و نظرية البطلان …، وبالتالي لا حصر للنظريات القانونية التي بنيت على اساس و معطى تاريخي و منطقي و عقلي و مثالي .
[19] دراسة نقدية لتقنوية القانون ، راجع مقال أحمد السكسيوي ، الدرس القانوني : من ضيق التقنوية إلى سعة العلمية ، منشور بالموقع الالكتروني
www.blogs.aljazeera.net تم الاطلاع عليه يوم الخميس 16 ماي 2019 على الساعة 23:05 .
[20]ـADAM SMITH ; the wealth of nations ;bushels ; 1771 ;p 7.
[21] ـ الان سوبيو ، الانسان القانوني ،المنظمة العربية للترجمة ، طبعة اولى ، بيروت 2012، ص 99 .
[22] فرق ” جون كاربونييه ” بين علوم خالصة للقانون عددها في علم القانون الوضعي و علم التشريع ، وبين علوم مساعدة للقانون تتجلى في تاريخ القانون و القانون المقارن و علم الاجتماع القانوني و علم الانطولوجيا القانونية و علم النفس القانوني و علم اللغة القانونية و علم التحليل الاقتصادي للقانون (علم الاقتصاد ).
ـ راجع فيصل البحري ، م س ، ص 77.
[23] فلسفة الاعتراف تعبر براديغم جديد لنقد الهيمنة الليبيرالية و يعتبر تلميذ هابرمارس ،الفيلسوف و عالم الاجتماع “اوكسيل هونيت” مؤسس فلسفة الاعتراف .
ـ راجع اوكسيل هونيت ،كناب الصراع من اجل الاعتراف ، المكتبة الشرقية ،1995، ص 121 .
[24] عرف الفرنسي ” جورفيتش “ علم الاجتماع بالقول : ” هو علم اجتماع الروح الانسانية الذي يدرس الواقع الاجتماعي الكامل للقانون ”
اما القاضي الامريكي ” اوليفر هولمز” في مقولته الشهيرة ” ان حياة القانون لا تقوم على المنطق ، ولكنها تستند في أساسها على التجربة الحية ، و التجربة هنا هي تجربة الجوهر و المضمون الذي يجب ان يوصف من خلال علم الاجتماع القانوني “
ـ مؤيد زيدان , علم الاجتماع القانوني ، منشورات الجامعة الافتراضية السورية ، 2018 ، ص 21.
[25]يعني ذلك ان القانون اصطدم بمبدا اساسي انذاك و هي الحرية الفردية ، و بالتالي فان القانون يجب ان يخضع لهذا المبدأ ( على سبيل المثال الحرية التعاقدية و التزاماتها التي تقوم مقام القانون )، لكن ذلك لا يجيز الاستغناء عن فكرة القانون كونه يستطيع تحقيق المساواة و هو مبدأ وليد ولد مع الحرية مع الثورة الفرنسية .
ـ راجع فلسفة القانون ، ميشيل تروبير ، م س ، ص 85 .
تطرقنا الى هاته النقطة بالتفصيل في الصفحة13 من هذا المقال . [26]
فقيه و محام و قاض و فيلسوف نمساوي ، صاحب ” النظرية المحضة للقانون ” . [27]
ـ راجع منذر الشاوي ، م س ،ص 159 .
فارس حامد عبد الكريم ، م س ، ص 9 .[28]
[29] تنص الفقرة الثانية من الفصل 134 من ( ق.م.م) المغربي ” يجب ان يقدم اسيناف احكام المحاكم الابتدائية خلال ثلاثين يوما “
تنص الفقرة الاولى من الفصل 358 من (ق.م.م) المغربي ” يحدد بصرف النظر عن المقتضيات الخاصة أجل رفع الدعوى الى محكمة النقض في ثلاثين يوما من يوم تبليغ الحكم …..”[30]
[31] تنص الفقرة الاولى من الفصل 371 من (ق.ل.ع) ” التقادم ، خلال المدة التي يحددها القانون ، يسقط الدعوى الناشئة عن الالتزام “.
[32] لم يتبنى الفقه الاسلامي التقادم المسقط في عهود ازدهاره استنادا للحديث النبوي الشريف ” لا يسقط حق امرؤ مسلم وان قدم ) الا انه في العصور المتاخرة و خاصة بعد تبني الدولة العثمانية للعديد من النظم الغربية ، فقد تبنت مجلة الاحكام العدلية نظام التقادم ، و هو تقادم سماع الدعوى وليس الحق ، و برر الفقهاء ذلك ان مادام السلطان اعفى احد قضاته من سماع بعض الدعاوى فانه قادر اعفاء القاضي من سماع الدعاوى كلية ، لانه من يملك الكل يملك الجزء .
ـ فارس حامد ،” غاية القانون و عوامل التقدم” ، جامعة جبهان بغداد ، 2004 ، ص 5.
تنص الفقرة الاولى من الفصل 373 (ق.ل.ع) المغربي ” لا يسوغ التنازل مقدما عن التقادم ، ولكن يسوغ التنازل عنه بعد حصوله “[33]
[34] تنص المادة 250 من (م.ح.ع) المغربي ” اذا حاز شخص اجنبي غير شريك ملكا حيازة مستوفية لشروطها و استمرت دون انقطاع عشر سنوات كاملة و القائم حاضر عالم ساكت بلا مانع و لا عذر فانه يكتسب بحيازته ملكية العقار “
[35]تقوم الحيازة على عنصرين مادي و معنوي ، يتمثل المادي في الاعمال التي يباشرها الحائز على الشيء سواء كانت تلك الارض زراعية فيغرسها ، او كانت ارضا صالحة للبناء فشيد عليها بناء ، فيما يكمن العنصر المعنوي في نيته الموجهة لحيازة ذلك الشيء .
[36] تنص الفقرة الثانية من المادة 2 من (م.ح.ع) ” ان ما يقع على التقييدات من ابطال او تغيير او تشطيب من الرسم العقاري لا يمكن التمسك به في مواجهة الغير المقيد حسن النية ، كما لا يمكن ان يلحق به أي ضرر ، الا اذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس او زور او استعماله شريطة ان يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل اجل اربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب ابطاله او تغييره او التشطيب عليه “
ينص البند الأول من الفصل 35 من الدستور المغربي 2011 ” يضمن القانون حق الملكية “.[37]
[38] ينص الفصل 66 من (ظ.ت.ع) ” كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير الا بتقييده ، و ابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الاملاك العقارية .
لا يمكن في أي حال التمسك بابطال هذا التقييد في مواجهة الغير ذي النية الحسنة “
[39]في الدول الديمقراطية تعتبر هاته القاعدة مناقضة لدولة الحق و القانون ، اذ كيف تكون الدولة التي تعتبر راعية لفلسفة احترام القانون و أسوة و قدوة في تطبيقه ان تكون خارقة له تحت ذريعة واسعة غير محددة و هي “مصلحة الدولة فوق القانون “.
[40] فايز محمد حسين ، فلسفة القانون و نظرية العدالة ، مجلة الحقوق ، العدد الثاني ، الاسكندرية ، 2010 ، ص16.
[41] عرف الامبراطور الروماني “جستينيان “ في مدونته ان العدل هو حمل النفس على ايتاء كل ذي حق حقه و الالتزام بذلك على وجع الدوام و الاستمرار .
[42]هناك من ذهب ان مصطلح العقد و الجرم مصطلحين قانونيين لا يعدوان ان يكونا مجازا للعدالة التبادلية التي انفرد بها علم الاقتصاد .
ـ راجع في هذا الصدد محمد الشيلح ، القانون و الاقتصاد بين الانفصال و الاتصال ، المجلةالمغربية للقانون الاقتصادي ، العدد الثاني ،2009 ، ص 10 .
الان سوبيو ، م س ، ص 156 . [43]
[44] وقعت جريمة السطو المسلح على احدى البنوك (ماي 2019 ) من قبل شاب بطنجة و تم اعتقاله متلبسا ، لكن الغريب فالامر ان هذا الشاب كانت له دوافع ليست اجرامية اذ لا سوابق له بمعنى انه حالة عارضة على تلك الجريمة و الدافع يتجلى في ان ابوه مرض مرضا مزمنا (سرطان الرئة )جعله طريح الفراش بدون مساعدة من احد ، وبالتالي فاحتضار الوالد هو مااثر في ابنه و هو مادفعه لارتكاب تلك الجريمة ، و لئن كان الفصل 507 من (ق.ج) يعاقب على جريمة السرقة بحمل السلاح بالمؤبد ولو ارتكب من شخص واحد فان قضاة هيأة الحكم بمحكمة الاستئناف بطنجة متعته باقصى ظروف التخفيف مراعاة لحالته الشخصية و العائلية و حكمت عليه ب 3 سنوات نافذا و تعويض مادي للبنك قدره 20.000 درهم .
www.assabah.ma تم الاطلاع عليه يوم الجمعة 17 ماي 2019 على الساعة 15و 30 دقيقة .
[45] تعتبر هاته المقولة مأثورة إبان القوانين القاسية كقانون دراكون (القانون اليوناني) و قانون الالواح الاثني عشر (قانون الرومان ) و قانون حمورابي ( قانون بابل ) .
ـ راجع كتاب منذر الفضل ، م س ، ص 40 .
من أهم مقومات العدالة الاجتماعية هي الحرية و المساواة و مبدأ تكافئ الفرص . [46]
ـ راجع سمير تناغو ، م س ، ص 149 .
هنري باتيفول ، فلسفة القانون منشورات عويدات، بيروت ـباريس، الطبعة الثالثة ، 1974 ،ص 98.[47]
[48] مراد بن سعيد . مستقبل القانون في عصر العولمة .مجلة العلوم الانسانية . العدد الاول . يونيو 2014 . ص 47 .
تعليقات 0