لأول مرة: السماح للموثقين بالولوج لبيانات بطاقة التعريف لدى مديرية الأمن الوطني

الاختصـاص القضائـي و إجـراءات البـت فـي قضـايا التحفيـظ العقـاري و فـق التشـريع المغربـي.  

فاطمة أملال: خـــصوصيات رفــع الدعوى الإدارية

22 أكتوبر 2021 - 11:47 ص في الواجهة , متفرقات قانونية
  • حجم الخط A+A-

فاطمة أملال باحثة بسلك الدوكتوراه

مقدمة:

تكتسي الإجراءات أمام المحاكم أهمية بالغة، إذ إنها الوسيلة التي يتوصل بها إلى تطبيق القواعد الموضوعية تطبيقا سليما، وهي بذلك تسعى إلى تحقيق المصلحة العامة؛ بتنظيمها لمرفق القضاء قصد ضمان حقوق الأفراد وحرياتهم.

والقواعد المسطرية باعتبارها مجموعة القواعد التي تبين كيفية إقامة الدعوى واللجوء إلى القضاء، وكيفية التقاضي أمام المحاكم، وسير الإجراءات أثنائها، وكيفية إصدار الأحكام القضائية، وكيفية الطعن فيها، والتوصل إلى تنفيذها. فإن المصدر التشريعي العام للقواعد الإجرائية المدنية، يتحدد في قانون المسطرة المدنية[1] باعتباره الشريعة العامة لمثل هذه القواعد[2].

بيد أنه، ان كانت القواعد الإجرائية الواردة في الشريعة العامة للقواعد الإجرائية صالحة لتنظيم دعاوى الأفراد فيما بينهم، فإن بعضها لا يكون صالحا للتطبيق على الخصومات التي تنشأ بين الأفراد والإدارة؛ فبينما يسود العلاقات الأولى مبدأ المساواة، يسود الثانية مبدأ اللامساواة، ويظهر فيها بوضوح رجحان كفة الإدارة أو السلطة العامة باعتبارها ممثلة للصالح العام[3].

لذلك، فقد خص المشرع المغربي القضايا الإدارية بنوع من الخصوصية، تجسيدا لدور قانون المحاكم الإدارية في تحقيق نجاعة القضاء الإداري، وتبسيط إجراءاته وتقريبه من المتقاضين. ذلك، أن خصوصيات القواعد الإجرائية تتجسد خلال مرحلة صدور الأحكام القضائية، وممارسة الطعن بشأنها، وتنفيذها، والصعوبات المرتبطة بتنفيذها، والإجراءات المرتبطة بمرحلة نشوء الخصومة الإدارية؛ وصولا إلى القواعد الإجرائية المرتبطة بمرحلة ما قبل نشوء الخصومة الإدارية التي تعد محط اهتمامنا في هذا الإطار خاصة منها تلك المتعلقة برفع الدعوى الإدارية العادية منها والموضوعية. فباعتبار الخصومة القضائية هي سلسلة من الإجراءات التي تبدأ منذ تقديم الطلب القضائي وتبليغ المدعى عليه إلى حين صدور المقرر القضائي البات في الموضوع، فإن رفع الدعوى الإدارية هي نقطة بداية الخصومة الإدارية أمام المحاكم.

هذا، وقد عرفت القواعد الإجرائية الإدارية مرحلتين أساسيتين: أما الأولى، فهي مرحلة وحدة المرجعية التشريعية؛ وفيها كان قانون المسطرة المدنية هو السند القانوني للقواعد الإجرائية المطبقة على العلاقة القائمة بين الأفراد والإدارة، كما أنها تخضع لولاية جهة قضائية واحدة هي المحكمة الابتدائية، والمجلس الأعلى كجهة للطعن. وأما الثانية، فهي مرحلة ازدواجية المرجعية التشريعية؛ وفيها تم إحداث المحاكم الإدارية بموجب قانون 41.90 بتاريخ 10 سبتمبر 1993م، وبعده محاكم الاستئناف الإدارية بموجب قانون رقم 80.03 بتاريخ 14 فبراير [4]2006. بحيث جاء القانونين بقواعد إجرائية تجسد خصوصية المادة الإدارية؛ مما ترتب عنه تعارضا إجرائيا بين النص العام الوارد في قانون المسطرة المدنية، والنص الإجرائي الإداري الخاص الوارد في القوانين الإجرائية الإدارية السابقة الذكر. ولكن، وتلافيا لهذه الازدواجية التشريعية، تدخل المشرع في المادة 7 من قانون إحداث المحاكم الإدارية ونص على أنه:”تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص قانون على خلاف ذلك.”

ومنه، تظهر الأهمية البالغة التي يحتلها موضوع خصوصيات القواعد الإجرائية في المادة الإدارية على المستويين العلمي والعملي: أما الأهمية العلمية، فتتجسد في أن القواعد الإجرائية تلعب دورا فعالا في تبسيط الإجراءات القضائية، والرفع من النجاعة القضائية، وحسن تفعيل النصوص القانونية المنظمة للمؤسسات الإجرائية المنظمة للعلاقة القائمة بين الأفراد والإدارة، بالإضافة إلى كونها تشكل ضمانة قوية ضد تعسفات الأخيرة. وأما الأهمية العملية، فتتحدد في الدور الذي سيقوم به البحث في إطار إجابته عن إشكال كبير وهو ازدواجية المرجعية التشريعية للمؤسسات الإجرائية الإدارية؛ وذلك من خلال بسطه لمختلف أوجه التمايز بين النص الإجرائي العام والنص الذي هو قانون المسطرة المدنية والنص الإجرائي الإداري الخاص الذي هو قانون إحداث المحاكم الإدارية.

ولقد تكون لدينا من خلال ما سبق، إشكالية محورية مفادها: ما هي خصوصيات القواعد الإجرائية خلال مرحلة رفع الدعوى الإدارية؟

وللإجابة عن الإشكال المطروح، فإننا سنعتمد تقسيما ثنائيا نخصص أوله لبحث خصوصيات الدعوى الإدارية العادية الموضوعية، ونتحدث في ثانيه عن خصوصيات رفع الدعوى الإدارية الاستعجالية، وذلك وفق ما يلي:

  • الفقرة الأولى: رفع الدعوى الإدارية الموضوعية
  • الفقرة الأولى: رفع الدعوى الإدارية الاستعجالية

 الفقرة الأولى: رفع الدعوى الإدارية الموضوعية

حين تقدم الدعوى أمام المحكمة الإدارية خاصة دعاوى الإلغاء منها، يجب أن تستوي شروط قبولها كما يتعين ألا تكون هناك إمكانية لتقديم الدعوى أمام جهة قضائية أخرى، وسمي هذا الشرط بشرط انتفاء الدعوى الموازية؛ أي لا طريق للمدعي إلا التقاضي أمام المحكمة الإدارية، كما يشترط فيها أيضا ألا تكون متعلقة بعمل تستأثر به السلطة الإدارية وينعقد لها وحدها، وكذلك يجب ألا تعرقل عمل الإدارة العمومية للدولة أو الجماعات العمومية الأخرى. وهذا ما يشكل خصوصيات تنفرد بها الدعاوى الإدارية من حيث نطاقها (البند الأول)، ومن حيث الإجراءات السابقة على الدعوى (البند الثاني)، ومن حيث شكليات تقديم مقالها (البند الثالث).

البند الأول: خصوصية نطاق الدعوى الإدارية الموضوعية

للدعوى الإدارية نطاق وحدود يجب مراعاتها في تقديم الدعوى أمام المحاكم الإدارية، فمن جهة يجب التأكد من عدم إمكانية اللجوء إلى المحاكم العادية للمطالبة بنفس الحق موضوع الدعوى الإدارية ما يصطلح عليه بانتفاء الدعوى الموازية (أولا)، كما ينبغي التأكد من أن الدعوى التي ستقدم لا تمس بأعمال السيادة ولا بنصوص القانون التي تصدرها السلطة التشريعية، ولا تعرقل عمل الإدارات العمومية (ثانيا).

أولا: انتفاء الدعوى الموازية

سلك المشرع المغربي مسلك اعتبار أن دعاوى إلغاء القرارات الإدارية، لا تكون مقبولة إلا إذا كان من يعنيه الأمر أن يتقدم بدعوى مماثلة سواء أمام القضاء العادي أو الشامل للمطالبة بنفس المستحقات، حيث اعتبر المشرع من خلال الفصل 360 من ق.م.م[5] أنه لا يقبل طلب الإلغاء الموجه ضد القرارات الإدارية إذا كان في استطاعة من يعنيه الأمر المطالبة بحقوقهم لدى المحاكم العادية، فإنه يؤكد ذلك من خلال المادة 23 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية في فقرتها الأخيرة[6]، لا يقبل الطلب الهادف إلى إلغاء قرارات إدارية إذا كان في وسع المعنين بالأمر أن يطالبوا بما يدعونه من حقوق بطرق الطعن العادية أمام القضاء الشامل.

ويفهم من هذا أن الشخص الذي لديه إمكانية تقديم دعوى في إطار القضاء الشامل لا يحق له أن يتقدم بدعوى الإلغاء أمام نفس المحكمة، وذلك الاختلاف القائم بين كل من دعوى الإلغاء ودعوى القضاء الشامل. وقد قضت محكمة النقض في نفس الصدد، لكن حيث إن المرسوم الملكي المؤرخ في 9 يوليوز 1965 المنظم لمكتب التوثيق والتصريح، يضفي على هذه المؤسسة صبغة مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري وصناعي لها شخصيتها القانونية وتتمتع باستقلال مالي وإداري، وأن الطاعن لا يعتبر موظفا عموميا؛ حيث إن المقررات الصادرة عن المكتب تعتبر مقررات إدارية قابلة للطعن شريطة عدم وجود دعوى موازية، وحيث كان بإمكان الطاعن المطالبة بحقوقه أمام المحاكم العادية والحصول على نفس النتيجة التي يتوخاها في دعوى الإلغاء وهي الرجوع إلى عمله إن اقتضى الحال ذلك[7].

والغاية التي يتوخاها المشرع من ذلك هي محاولة من دعاوى الإلغاء التي قد يتقدم بها بشكل صوري؛ وذلك لسهولة تقديمها لكونها معفاة من الرسوم القضائية، ونظرا لتوسع القضاء وتساهله في شرط الصفة المتطلبة في رافعها، كما أن الإلغاء ينسحب آثاره إلى جميع المتضررين منه وليس فقط إلى رافع الدعوى؛ بحكم خصوصية دعاوى الإلغاء وكونها دعوى موضوعية.

وتجدر الإشارة إلى أن أصل اشتراط عدم وجود دعوى موازية للقول بقبول دعوى الإلغاء يرجع إلى قضاء مجلس الدولة الفرنسي بعد صدور مرسوم 2 نوفمبر 1864 الذي بموجبه تم الإعفاء من الرسوم القضائية والإعفاء من توكيل محام في دعاوى الإلغاء؛ فكثرت هذه الدعاوى بشكل كبير الشيء الذي أدى إلى البحث عن حلول قصد التخفيف من هذه القضايا المذكورة، فكان أن يتم ابتكار شرط عدم وجود دعوى موازية للتوصل إلى نفس الحقوق.

وبالرجوع إلى القانون المغربي، نجد أنه أصبح لزاما على القاضي وهو ينظر في دعوى الإلغاء أن يتأكد من عدم إمكانية تقديم المدين لدعوى موازية أمام القضاء العادي أو الشامل؛ مع العلم أن بعض المنازعات ترك البت فيها للقاضي العادي مثل بعض القرارات الصادرة عن المحافظ على الأملاك العقارية بخصوص تصحيح الأخطاء الواردة على الرسوم العقارية، والنزاعات الناشئة عن تطبيق العقود الخاصة التي تربط الإدارة بالأشخاص العاديين.

ثانيا: خصوصية حدود الدعوى الإدارية

يمثل حدا لنطاق الدعوى الإدارية توفر الشروط القانونية المتطلبة، والتي تختلف من موضوع إلى آخر وتختلف من دعاوى الإلغاء إلى دعاوى القضاء الشامل، إلا أنها تلتقي جميعها في كون موضوع الدعوى الإدارية يجب أن يكون من صميم اختصاص القضاء الإداري وينعقد له أمر الحسم فيه، كما يجب ألا يكون معرقلا لعمل الإدارات في الدولة؛ حيث هناك مجموعة من الأعمال التي لا تقبل الطعن أمام المحاكم الإدارية وهي كما يلي:

أعمال السيادة: التي تدخل في زمرتها الأفعال والأعمال ذات الصبغة السيادية للدولة سواء داخليا أو خارجيا مستندة في ذلك على أحكام الدستور أو صادرة عن سلطة حكم بصفتها هذه، كأعمال السلطة التنفيذية وعلاقتها بالسلطة التشريعية، وتلك المتعلقة بالسياسة الخارجية للدولة أو الأعمال الصادرة عن صاحب الجلالة الملك نصره الله وأيده.

الأحكام القضائية: التي لا يمكن بدورها أن تكون موضوع طعون أمام المحاكم الإدارية، إلا أن بعض المقررات الصادرة عن اللجان التحكيمية قد تكون لها صبغة إدارية؛ وبالتالي تخضع للطعن أمام المحاكم الإدارية.

عمل السلطة التشريعية: ذلك أن التشريعات والقوانين المنبثقة عن السلطة التشريعية تظل بدورها غير خاضعة لأي طعن أمام المحاكم الإدارية؛ إعمالا لمبدأ فصل السلطات. أما الأعمال التي لا يصح للقضاء الإداري أن يتدخل فيها أو يعرقلها، فإنها أعمال يكون المشرع قد أناط حق التقرير فيها للسلطة الإدارية لوحدها؛ نظرا لطبيعتها، وأنه مهما كان الأمر فالسلطة القضائية لا يمكن أن تحل محل الإدارة فيما تقوم به من أعمال وما تصدره من تراخيص[8].

البند الثاني: الإجراءات السابقة على الدعوى الإدارية

لصحة بعض الدعاوى الإدارية من الناحية الشكلية، يجب أن يسبقها بعض الإجراءات الضرورية التي نص عليها القانون، مثل التظلم الاستعطافي في دعاوى الإلغاء (أولا)، ومراسلة السلطات المختصة في الدعاوى المقامة ضد عمالة أو إقليم، ومراسلة المصالح الضريبية في الدعاوى المتعلقة بالضرائب (ثانيا).

أولا: التظلم الاستعطافي

يمكن لكل من تضرر من قرار إداري بسبب تجاوز السلطة أن يعمد إلى تقديم تظلم استعطافي سواء إلى مصدر القرار أو إلى رئيسه طبقا لمقتضيات المادة 23 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية السابقة الذكر. إذ يتضح من المادة المشار إليها أن المشرع وضع أجلا لتقديم التظلم الاستعطافي إلى الجهة المختصة، كما أنه نص على قاعدة عامة تقضي بأن الإجراءات الخاصة التي قد ينص عليها في نظام معين بخصوص الإجراءات السابقة لرفع دعوى الإلغاء يجب التقيد بها تحت طائلة عدم قبول دعوى الإلغاء المرفوعة بصدده.

هذا، وقد حددت المحكمة الإدارية بالرباط شروط تقديم طلبات الإلغاء في حكم لها جاء فيه أنه: لكن، حيث انه لئن كانت المحكمة الادارية تختص بالبت في طلبات الغاء القرارات الصادرة عن السلطات الادارية، فانه من بين شروط قبول الطلبات المذكورة ان تكون منصبة على قرارات ادارية نافذة بذاتها بالشكل الذي يجعلها تؤثر مباشرة في مركز قانوني. وحيث ان شرط النفاذ في القرار الاداري ينطوي على مدى قابليته للتنفيذ بذاته دونما حاجة الى اجراءات لاحقة من جهة، كما يستتبع ان يكون له تأثير مباشر في المراكز القانونية. وحيث انه بالرجوع الى القرار موضوع الطعن الذي هو عبارة عن رسالة تنبيه وإن كان صادرا عن سلطة ادارية فهو بشكله ومضمونه لا يشكل قرار اداريا بالمفهوم الوارد أعلاه، لكونه يدخل ضمن الاجراءات العادية لتسيير المرافق العام ولتنبيه المرؤوسين الى هفواتهم واخلالاتهم لتداركها، وهو ما يجعل الطعن الموجه ضد التنبيه المذكور بجميع عناصره قد وجه ضد عمل اداري غير نهائي وغير قابل للطعن بالإلغاء ويتعين تبعا لذلك الحكم بعدم قبوله[9]“.

أما بالنسبة للأجل، فإن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض تقضي بأن:” التظلمات التي تقدم بعد انصرام آجال الطعن لا يمكن أن تفتح آجالا جديدة لممارسة حق الطعن. والأجل الذي تحدث عنه المشرع يتحدد في 60 يوما تبتدئ من تبليغ القرار الصريح أو الضمني بالرفض؛ وذلك وفق شكليات ومضمون أشارت إليه المادة 23 المذكوره وكرسته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض.”

إن القانون المحدث للمحاكم الإدارية في مادته 32[10]، اكتفى بالنص على شكليات التظلم الإداري ولم يتطرق إلى مضمونه ومحتوياته؛ وبالتالي فالمحكمة الإدارية حينما اشترطت في التظلم احتواءه على طلبات محددة تكون قد طبقت المادة تطبيقا خاطئا. وهكذا، يشكل التظلم الاستعطافي خصوصية قبل رفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية.

ثانيا: مراسلة السلطة المختصة

بالنسبة لمراسلة السلطة المختصة والمتعلقة بدعوى إدارية ضد عمالة أو إقليم أو أجهزتها التنفيذية، باستثناء دعوى الحيازة والدعاوى الاستعجالية ينبغي أن يسبق توجيه كتاب في هذا الصدد إلى وزير الداخلية أو إلى السلطة المفوض لها بذلك، يتضمن موضوع الشكاية وأسبابها مقابل وصل يثبت هذا الإجراء، وذلك وفقا للضوابط المنصوص عليها في المادة 41 من قانون رقم 112.14 المتعلق بتنظيم العمالات والأقاليم[11]، كما أنه لا يمكن – تحت طائلة عدم القبول- من لدن المحاكم المختصة، رفع دعاوى التعويض أو الشطط في استعمال السلطة غير دعاوى الحيازة أو الدعاوى المرفوعة أمام القضاء الشامل ضد الجماعات أو ضد قرارات أجهزتها إلا إذا كان المدعي قد أخبر من قبل الجماعة ووجه إلى الوالي أو العامل التابعة له الجماعة المذكورة، تتضمن موضوع وأسباب الشكاية وتسلم هذه السلطة للمدعي فورا وصلا بذلك ويتحرر منه إذا مضت مدة 15 يوما الموالية للتوصل بالمذكرة أو بعد مرور أجل شهر الموالي لتاريخ الوصل إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بالتراضي بين الطرفين.

أما بخصوص الدعاوى الضريبية، فإنه ينبغي اللجوء إلى الطعن أمام الإدارة المختصة تحت طائلة بطلان الإجراءات المسطرية اللاحقة أمام المحكمة الإدارية وفقا لمقتضيات المادة 36 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية[12]، وطبقا للمادة 120[13] من مدونة تحصيل الديون العمومية[14].

البند الثالث: شكليات تقديم مقال الدعوى

بعد الإفراغ من الحديث عن الإجراءات السابقة للدعوى، نصل إلى الإجراءات المتعلقة بتقديم الدعوى والشروط التي تتوقف عليها. وتطبيقا لمقتضيات المادة 3 من قانون 41.90 والتي تنص على أنه: “ترفع القضايا إلى المحكمة الإدارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب ويتضمن، ما لم ينص على خلاف ذلك، البيانات والمعلومات المنصوص عليها في الفصل 32من قانون المسطرة المدنية.

ويسلم كاتب ضبط المحكمة الإدارية وصلا بإيداع المقال يتكون من نسخة منه يوضع عليها خاتم كتابة الضبط وتاريخ الإيداع مع بيان الوثائق المرفقة.

يجوز لرئيس المحكمة الإدارية أن يمنح المساعدة القضائية[15]طبقا للمسطرة المعمول بها في هذا المجال.” فإن الشروط الشكلية للدعوى الإدارية يمكن أن تلخص في ضرورة الاستعانة بمحام مسجل بالمغرب والذي يقدم مقالا مكتوبا (أولا) مستوفيا لكافة البيانات الإلزامية (ثانيا)، وأن يؤدي عنه الرسوم القضائية المستحقة (ثالثا).

أولا: الاستعانة بمحامي

يتطلب أمر الاستعانة بمحامي تقديم مقال مكتوب (1)، وكذا توقيعه لمقال الدعوى الإدارية (2).

1-المقال المكتوب

يعتبر شرط الكتابة من الشروط المميزة للإجراءات المسطرية المتبعة أمام المحاكم الإدارية؛ إذ نجد المشرع المغربي قد نص على ضرورة تقديم الدعوى أمام المحاكم الإدارية بمقال مكتوب؛ ذلك لأنه لا يتصور تقديم دعوى شفوية أمام القضاء الإداري، ولأن شرط الكتابة يتضمن ضمانات كبيرة للمتقاضي بخصوص بيان وقائع دعواه وشرح الوسائل المستعملة لبيان أوجه دفاعه، دون مخافة أن يلحقها أي تغيير أو تبديل؛ خاصة وأن هذا  المقال يتم تقديمه بواسطة محام  من اختيار المتقاضي، وتتجلى كذلك أهمية الكتابة في  كثرة الدعاوى المقدمة أمام القضاء الإداري وتنوعها، وأهميتها تؤدي إلى كثرة انشغالات قضاة المحاكم الإدارية، ويؤدي إلى استحالة قبول تقديم دعاوى إدارية بطريقة شفوية ويتعين على المدعي بصريح القانون أن يقدم دعواه بمقال مكتوب مع الإشارة إلى أنه قد يتم الترخيص له ببيان بعض أوجه الدعوى شفويا أثناء الجلسات[16].

وينبغي التفرقة بين شرط الكتابة للمقال الافتتاحي للدعوى والمسطرة الشفوية للإجراءات أثناء سير الدعوى، لما بينهما من فروق. وقد اعتبرت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض أن عدم تقديم عريضة كتابية ينتج عن إسقاط حق طلب الإلغاء.

وتجدر الإشارة إلى أن المقالات الافتتاحية والمذكرات والطعون، يجب أن تقدم أمام المحاكم الإدارية مكتوبة ومحررة باللغة العربية وإلا كانت غير مقبولة.

2-توقيع مقال الدعوى الإدارية من قبل محام

اشترطت المادة 3 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية، أن يكون المحامي الذي وقع المقال المكتوب المقدم للمحكمة الإدارية مسجلا في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب.

وهذا الاشتراط له مزايا عديدة ليس بالنسبة للمحامين فقط، ولكن بالنسبة أيضا للمتقاضين الذين يصعب عليهم التعرف على شكليات وإجراءات الدعاوى الإدارية، كما أن ضرورة الاستعانة بمحام يفرضها الطابع الانشائي والاجتهادي للقاضي الإداري؛ لأن هذا الأخير بحاجة إلى آراء المحامين، اجتهاداتهم ووجهات نظرهم حتى يسترشد بها في أحكامه. ويجد كذلك القاضي الإداري مذكرات كتابية قد يختصرون عليه وقتا طويلا وشاقا للبحث والتنقيب على مختلف الفصول والمواد القانونية، والذين قد ينيرون له ما غمض من وقائع الدعوى ويقدمونها له بشكل واضح.

وبالرجوع إلى القانون الفرنسي، فإننا نجده لا يشترط المحامي لرفع دعوى الإلغاء؛ وذلك تشجيعا على رفع هذه الدعوى التي تهدف إلى حماية مبدأ المشروعية في الدولة[17].

وقد اعتبر المشرع المغربي توقيع المحامي على مقال الدعوى شرطا جوهريا وأساسيا، ونص عليه بموجب قاعدة آمرة ملزمة لا يمكن مخالفتها، ويترتب عن مخالفة الشرط المذكور عدم قبول الدعوى لعدم تقديمها طبقا للشكليات القانونية.

ثانيا: البيانات الإلزامية

اشترط المشرع في المادة 3 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية، أن تتوفر في أي مقال لدعوى مقدمة أمام المحاكم الإدارية البيانات المنصوص عليها في الفصل 32 من ق.م.م[18]، وهذه البيانات تعتبر من القواعد العامة للإجراءات، والتي لا يستغنى عنها في كافة الدعاوى عادية كانت أم إدارية، إلا أن هناك شروطا خاصة بالدعاوى الإدارية.

فبالنسبة للبيانات التي اشترطها الفصل 32 من ق.م.م السابق الذكر، والتي أحالت عليها مقتضيات المادة 3 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية هي: الأسماء العائلية والشخصية، وصفة أو مهنة، موطن أو محل إقامة كل من طرفي الدعوى، بصيغة الإلزام والوجوب، وعند الاقتضاء أسماء وصفة وموطن وكيل المدعي، واسم ونوع ومركز الشركة ان كانت طرفا في الدعوى.

إلا أن هناك استثناء سار عليه القضاء الإداري في إطار دعاوى نزع الملكية، إذ أعفى طالب نقل الملكية من ذلك أسماء جميع المدعى عليهم في المقال الافتتاحي للدعوى، والاكتفاء بما جاء في المرسوم. ويلاحظ كذلك أن القضاء الإداري في إطار دعاوى الإلغاء، لا يشترط فيها ذكر اسم وصفة ومهنة المدعى عليه؛ لأن الطعن وجه أساسا ضد القرار الإداري.

وتتجلى أهمية هذه البيانات والمعلومات في تحديد الاختصاص المكاني للمحكمة؛ لأن هذا الاختصاص يرجع لمحكمة موطن المدعى عليه طبقا لمقتضيات الفصل 27 من ق.م.م. ومن جهة، فإن هذه المعلومات هي التي تتمكن بواسطتها المحكمة من معرفة أطراف الدعوى وعناوينهم؛ حتى يتم استدعاؤهم لأية إجراءات مسطرية، وتتجلى أهميتها كذلك في التثبت من أهلية وصفة ومصلحة طرفي الدعوى حين تقديمها أمام القضاء، وفي تحديد الطرف الملقى عليه عبئ الإثبات. فإذا كان المدعي هو المكلف بإثبات دعواه في القضايا المدنية، فإن العبء قد ينتقل إلى كاهل المدعى عليه (الإدارة) في الدعاوى الإدارية. وفيما يتعلق بذكر اسم ونوع ومركز الشركة إن كانت طرفا، فإنه يعتبر مهما جدا لتسهيل الإجراءات ولتلافي الخلط بين الشركات.

مقال قد يهمك :   "قانون محاربة العنف ضد النساء بالمغرب : المسؤوليات و التدابير القطاعية" محور ندوة علمية بالرباط

وصفوة القول، إنه إذا تخلف أحد هذه البيانات يؤدي إلى تعريض الدعوى لعدم القبول، وفي هذا الإطار سبق للغرفة الإدارية بمحكمة النقض أن قضت بعدم قبول طعن رفع إليها؛ لأن مقال الدعوى لا يشتمل على اسم رافع الدعوى.

إضافة إلى ما ذكر، فإن موضوع البيانات الإلزامية لمقال الدعوى يقتضي منا التطرق لثلاثة بيانات أساسية: بيان موضوع الدعوى، الوقائع والوسائل المثارة.

وتتجلى أهمية هذا البيان في تحديد نوعية الدعوى المقدمة أمام القضاء، وتحديد الجهة القضائية المختصة فيها، أهي المحكمة المدنية أم الإدارية؟ أهي دعوى موضوعية تبت فيها المحكمة أم هي دعوى استعجالية تحال على رئيس المحكمة. وفي ميدان الدعاوى الإدارية، فموضوع الدعوى هو الذي يحدد ما إذا كانت تندرج ضمن دعاوى الإلغاء أم ضمن دعاوى القضاء الشامل. وبيان موضوع الدعوى الإدارية يتلخص في تحديد ما يطالب الطرف المدعي الحكم لفائدته به في مواجهة الطرف المدعى عليه. وموضوع الدعوى يجب أن يكون معلوما ومحددا ومقدما للقضاء بشكل واضح. ولا يحق للمدعي في إطار دعوى الإلغاء أن يغير موضوع دعواه بالنظر لما سبق أن عبر عنه في التظلم السابق لها.

أما بخصوص الوقائع والوسائل المثارة، فإن المراد منها هو شرح وتوضيح وقائع النازلة، كما حدث وكما يراها المدعي وبعدها تعزز بالوسائل القانونية المنطقية والشرعية. وقد سبق للغرفة الإدارية بمحكمة النقض أن قضت بعدم قبول طعن مرفوع أمامها؛ لأن المقال لا يتضمن ملخصا للوقائع.

ويتضح مما سلف، أن ما يتعلق ببيان موضوع الدعوى، الوقائع والوسائل المثارة يندرج ضمن قواعد الإجراءات المسطرية العامة المتطلبة سواء في الدعوى العادية أو الدعوى الإدارية، وما دامت هذه الأخيرة لا تقدم إلا كتابة بواسطة محام، فإنها تكون أكثر مراعاة لما هو منصوص عليه سابقا. بحيث إن القضاء الإداري المغربي أخذ بنهج طريقه نحو فرض تقديم الدعاوى أمامه بطريقة تبين موضوع الدعوى بكل وضوح، لا غموض فيها ولا إبهام.

أما بخصوص إرفاق المستندات والحصول على وصل عنها، فإن الفصل 32 من ق.م.م في فقرته الثانية نص على أنه: “يجب أن يبين بإيجاز في المقالات والمحاضر علاوة على ذلك موضوع الدعوى والوقائع والوسائل المثارة وترفق بالطلب المستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الاقتضاء مقابل وصل يسلمه كاتب الضبط للمدعي يثبت فيه عدد المستندات المرفقة ونوعها.”بينما تنص المادة 3 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على أنه:«ترفع القضايا إلى المحكمة الإدارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب ويتضمن، ما لم ينص على خلاف ذلك، البيانات والمعلومات المنصوص عليها في الفصل 32من قانون المسطرة المدنية.”

ويسلم كاتب ضبط المحكمة الإدارية وصلا بإيداع المقال يتكون من نسخة منه يوضع عليها خاتم كتابة الضبط وتاريخ الإيداع مع بيان الوثائق المرفقة. يجوز لرئيس المحكمة الإدارية أن يمنح المساعدة القضائية[19]طبقا للمسطرة المعمول بها في هذا المجال.”

فمن الناحية العملية لا وجود للوصل المشار إليه بالفصل 32 من ق.م.م، ويصعب على المحاكم أن تسلم وصلا تثبت فيه عدد المستندات المرفقة ونوعها؛ نظرا لكثرة الدعاوى المسجلة أمام المحاكم، ونظرا لكثرة الوثائق والمستندات التي قد ترفق بكل دعوى. ولذلك، فضل المشرع في المادة 3 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية، أن يوضح بأن الوصل الذي يسلمه كاتب ضبط المحكمة الإدارية يتكون من نسخة من المقال يوضع عليها خاتم كتابة الضبط وتاريخ الإيداع مع بيان الوثائق المرفقة، وذلك لأن الدعوى المقدمة أمام المحكمة الإدارية تتم بواسطة محام، وبموجب مقال مكتوب بتضمن الإشارة إلى الوثائق والمستندات المرفقة؛ لهذا يكتفي كاتب الضبط بتسليم هذا المقال بمرفقاته ومستنداته.

وقد ألح المشرع على ضرورة الإشارة إلى الوثائق والمستندات وتضمينها بمقال الدعوى؛ لأن بعضها تكون حاسمة وهامة جدا في النزاع المطروح على القضاء. ويعد كذلك من صميم مهام القاضي الإداري في إطار بحثه عن خلق التوازن بين طرفي الخصومة، والتخفيف من المبدأ المعمول به أمام القضاء المدني من أن عبئ الإثبات يقع دوما على المدعي؛ وذلك نظرا لما للدعوى الإدارية من خصوصيات، ونظرا لما في إعمال المبدأ المذكور من تعجيز للأفراد والحيلولة دون لجوئهم للقضاء الإداري.

وفي هذا نجد حكم المحكمة الإدارية بالرباط[20]، والتي جاء فيها أنه: حيث يهدف الطلب الى الحكم بإلغاء القرار الإداري المطعون فيه لاتسامه بالشطط في استعمال السلطة ولعدم استناد على أي أساس قانوني. وحيث إن الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية يلزم الطرف المدعي بإرفاق طلبه بالمستندات التي ينوي من خلالها إثبات دعواه وذلك تحت طائلة عدم القبول. وحيث ان المادة 7 من قانون 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية تحيل على مقتضيات قانون المسطرة المدنية ما لم ينص قانون على خلاف ذلك. وحيث إن الثابت من خلال تفحص الوثائق المرفقة بالمقال أن المدعون لم يدلوا بالوثائق المعززة لطلبهم حتى يتسنى للمحكمة البث فيه وخاصة أن الجهة المدعية أثارت ذلك في مذكرتها الجوابية والتي توصل بنسخة منها نائبهم ولم يفي بالمطلوب، مما يكونوا قد خالفوا إحدى المقتضيات القانونية اللازمة لتقييد الدعوى كما هي محددة في الباب الأول من القسم الثالث من قانون المسطرة المدنية المحال عليه بمقتضى المادة 7 من قانون 90-41 ويتعين معه والحالة هاته التصريح بعدم قبول الطلب.”

أما فيما يتعلق بإمكانية طلب القاضي تجديد البيانات غير التامة أو التي وقع إغفالها القاضي، فإن الفقرة الأخيرة من المادة 32 من ق.م.م المحال عليها بموجب المادة 3 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية، تنص على أنه: “يطلب القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية عند الاقتضاء تحديد البيانات غير التامة أو التي تم إغفاله، كما يطلب الإدلاء بنسخ المقال الكافية وذلك داخل أجل يحدده، تحت طائلة الحكم بعدم قبول الطلب.”

فإذا كان المبدأ المتمثل في أن يطلب القاضي من المدعي تصحيح المسطرة وتقديم المستندات، لا يتعارض مع المبادئ المعمول بها أمام القضاء الإداري، والتي تستند أساسا إلى الطابع الكتابي للمسطرة أمام المحاكم الإدارية. كما تستند إلى الدور الإيجابي الذي يقوم به القاضي الإداري حين نظره وتحقيقه في الدعوى، وتوجيهه للإجراءات المسطرية؛ فهذا الدور المنوط بالقاضي المقرر يجد سنده التشريعي في عدة فصول من قانون المسطرة المدنية: الفصل 1، الفصل 32، الفصل 329 والفصل 334.

وتجدر الإشارة إلى أن خصوصيات الدعوى الإدارية تجعل القاضي الإداري أكثر مرونة واجتهادا وإنشاء للقواعد التي تنظم الإجراءات المسطرية المتبعة أمامه.

ثالثا: الرسوم القضائية والمساعدة القضائية

كل متقاض ملزم بأداء الرسوم القضائية بصندوق المحكمة التي يتقاضى أمامها، عن طلباته وعن الإجراءات التي تتم لفائدته إلا ما تم استثناؤه بنص قانوني صريح (1)؛ علما بأن هذه الرسوم تشكل أحيانا عقبة كبرى تحول دون اللجوء للقضاء؛ لذلك فقد أوجد المشرع ما أسماه بالمساعدة القضائية؛ قصد تمكين المعوزين من التقاضي مع إعفائهم من أداء الرسوم القضائية بعد استيفاء بعض الإجراءات في هذا الشأن (2).

1-أداء الرسوم القضائية

المدعي ملزم بأداء الرسوم القضائية عن دعواه وإجراءاتها والطعون التي يمارسها بشأنها بصندوق المحكمة المقدمة إليها، إلا ما استثني بنص قانوني صريح تحت طائلة عدم قبول الدعوى أو الإجراءات أو الطعن.

وتشكل الرسوم القضائية أهمية كبيرة ورافدا مهما لمالية الدولة، إلا أنه ولاعتبارات اجتماعية واقتصادية وإنسانية، فإن المشرع أعفى بعض الفئات من أداء الرسوم القضائية أمام القضاء العادي، كما أعفى أيضا طلبات إلغاء القرارات الإدارية بسبب تجاوز السلطة من أداء الرسوم القضائية بموجب المادة 32 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية، كما أعفى كذلك الطعون الانتخابية طبقا لمقتضيات المادة 71 من قانون رقم 9.97 المتعلق بمدونة الانتخابات.

ويرجع ذلك إلى رغبة المشرع في تشجيع الأشخاص على الطعن في القرارات الإدارية غير الشرعية بدون أن يثقل كاهلهم بالرسوم والمصاريف، إلا أن دعاوى القضاء الشامل تظل خاضعة لأداء الرسوم القضائية، ولإدارة التسجيل أن تراقب مدى استيفاء كافة الرسوم المتطلبة ولو بعد صدور الحكم، هذا مع العلم بأن الرسوم القضائية تخضع لمقتضيات الظهير الشريف رقم 54.84.1 الصادر في 25 رجب 1404، الموافق ل7 أبريل 1984 بمثابة قانون المالية لسنة 1984.

فإذا كان الطلب الأصلي معفى من أداء الرسوم القضائية، فإن هذا الإعفاء يسري أيضا على الطلبات التابعة له، ذلك أن طلب إيقاف تنفيذ القرارات الإدارية معفى بدوره من الرسوم القضائية، بالرغم من أن هناك تناقضا بين المحاكم الإدارية للمملكة حول هذا الإعفاء، إلا أن الرأي الصائب هو القائل بالإعفاء طبقا لقاعدة الفرع يتبع الأصل. فبالنسبة للأشخاص الاعتباريين، فهم ملزمون كذلك بأداء الرسوم القضائية شأنهم شأن الأشخاص الطبيعيين ولا يتمتعون بأي امتياز في هذا الشأن.

وتجدر الإشارة إلى أن الطعن بالاستئناف ضد الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية معفى من أداء الرسوم القضائية سواء في إطار دعوى الإلغاء أو دعوى القضاء الشامل.

ويطرح إشكال في هذا الخصوص حول كيفية استخلاص الرسوم القضائية عن دعوى القضاء الشامل في المرحلة الإدارية؟ وفي نفس الوقت يعفى من استخلاص أية رسوم في مرحلة الطعن بالاستئناف؟ إذ تعد هذه من إحدى المفارقات التي اتى بها القانون المحدث للمحاكم الإدارية، والتي لا يوجد لها مثيلا في قانون المسطرة المدنية.

2-المساعدة القضائية

إذا كان المشرع المغربي قد نظم طريقة الحصول على المساعدة القضائية أمام المحاكم العادية وفق المسطرة المنصوص عليها، فإنه أتى بموقف جديد ومخالف في نطاق قانون المحاكم الإدارية؛ إذ أنه عمد في الفقرة الأخيرة من مادته 3 إلى التنصيص على أنه:” يجوز لرئيس المحكمة الإدارية أن يمنح المساعدة القضائية طبقا للمسطرة المعمول بها في هذا المجال.”

يتضح مما سبق أن رئيس المحكمة الإدارية أصبح هو الجهة الوحيدة المكلفة بالبت في طلبات منح المساعدة القضائية الخاصة بالدعاوى الإدارية المرفوعة أمامه. وإذا كان قرار المساعدة القضائية يمتد إلى إمكانية الاستفادة من خدمات محام في هذا الشأن طبقا للمادة 40 من قانون مهنة المحاماة، فإنه يمكن القول إن رئيس المحكمة الإدارية يبت في طلبات الاستفادة من المساعدة القضائية بخصوص كافة الدعاوى، مادام الأمر لا يتعلق فقط بالإعفاء من الرسوم القضائية ويتعداها إلى الاستفادة من خدمات المحامي المتمثلة أساسا في إعداد الدعوى وتسجيلها وتتبعها والقيام بكافة الإجراءات المتعلقة بها وصولا إلى تنفيذ الأحكام الصادرة بشأنها.

فإسناد المشرع مهام المساعدة القضائية أمام المحاكم الإدارية إلى رئيس المحكمة الإدارية لوحده، مراعاة لما في ذلك من تيسير كبير للبت في المساعدة القضائية في أسرع وقت دونما حاجة إلى تطويل لا فائدة منه من الناحية الزمنية.

وبهذا، يكون المشرع المغربي بموجب القانون المحدث للمحاكم الإدارية، قد أحدث نظاما جديدا لمنح المساعدة القضائية يتضمن تغييرا كبيرا عن مسطرة منح هذه المساعدة أمام القضاء العادي. وطبقا للمادة 3 من نفس القانون المذكور، فإن رئيس المحكمة الإدارية وهو بصدد البت في طلب منح المساعدة القضائية بالإعفاء من الرسوم وتنصيب محام، عليه أن يتأكد من حالة العسر لطالب المساعدة بتكليفه بالإدلاء بالوثائق الإدارية المثبتة لذلك، وبإمكانية اللجوء إلى إجراء بحث تكميلي مع المعني بالأمر شخصيا.

والأمر الذي يصدره رئيس المحكمة الإدارية برفض منح المساعدة القضائية، يقبل الطعن بالاستئناف داخل أجل 15 يوما من تاريخ التبليغ، وتبت غرفة المشورة لدى محكمة الاستئناف الإدارية في الطعن المذكور داخل أجل 15 يوما من تاريخ إحالة الملف إليها.

وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية هو الذي أجاز له المشرع منح المساعدة القضائية في المرحلة الاستئنافية. والملاحظ أن المشرع المغربي عمد إلى تبسيط مسطرة الحصول على المساعدة القضائية أمام القضاء الإداري، بمنحها لرئيس المحكمة الإدارية والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية في المرحلة الاستئنافية؛ وذلك تجنبا لتعقيدات كثيرة كما هو الأمر بالنسبة للمحاكم العادية، وهذا ما يتماشى وخصوصيات الدعوى الإدارية وما تتطلبه من سرعة وتبسيط للإجراءات.

ومن خلال ما سبق كله، يتضح أن إقامة الدعوى الإدارية لموضوعية يتطلب – بالإضافة إلى الشروط العامة المتطلبة في الدعوى العادية-شروطا خاصة تتمثل في انتفاء الدعوى الموازية بالنسبة لدعوى الإلغاء، ومراسلة السلطة المختصة بالنسبة للدعوى المقامة ضد جماعة محلية، والتظلم الاستعطافي بالنسبة لطلبات إلغاء القرارات الإدارية، إلى جانب كتابة المقال وتوقيعه من لدن محام، وكذا إعفاء مقدم دعوى الإلغاء من الرسوم القضائية. فما هي إذا مميزات الدعوى الإدارية الاستعجالية؟

الفقرة الثانية: رفع الدعوى الإدارية الاستعجالية

إذا كانت القواعد الإجرائية للقضاء المستعجل أو ما يصطلح عليه بمسطرة التقاضي المستعجل، تخضع في أصولها لمبادئ التقاضي المدنية عموما، فإنها تتميز بخصوصيات ناتجة عن كونها تنظم وتسير بنوع من القضاء يختلف عن القضاء العادي ألا وهو القضاء المستعجل الإداري، والذي لا يبت إلا في الإجراءات الوقتية ولا يمس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر، كذلك كونه يختصر مسافة وانعراجات الوصول إلى أحكام وقتية لفض المنازعات الإدارية. ونقصد بذلك تبسيط الإجراءات واختصارها والتقليل من شكليات التقاضي مع الحفاظ على قواعد إجرائية تليق بطبيعته.

ومن خلال معالجة هذا الموضوع لابد من التطرق إلى الشروط المتطلبة لرفع الدعوى الاستعجالية الإدارية والوقوف على خصوصيات ذلك (البند الأول)، ومن جهة أخرى الإلمام بمجالات تطبيق القضاء الاستعجالي في المجال الضريبي ونقل الحيازة (البند الثاني).

البند الأول: الشروط المتطلبة لرفع الدعوى الإدارية الاستعجالية

تخضع الدعاوى الاستعجالية عموما لنفس الشروط المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، بالإضافة إلى بعض الشروط الخاصة بالطابع الإداري للنزاع؛ والتي يمكن التمييز فيها بين الشروط الشكلية (أولا)، والشروط الموضوعية (ثانيا).

أولا: الشروط الشكلية لرفع الدعوى الاستعجالية

تتحدد الشروط الشكلية لرفع الدعوى الإدارية في الصفة، الأهلية والمصلحة (1)، ووجوب عدم سبق الحكم في الدعوى الاستعجالية (2)، وعدم اشتراط تقديم دعوى في موضوع النزاع لرفع الدعوى الإدارية الاستعجالية (3).

1-الصفة، الأهلية والمصلحة

سنتحدث في البدء عن الصفة (أ)، ثم الأهلية (ب)، وكذا المصلحة (ج).

أ-الصفة

تعتبر الصفة ضرورية في الدعاوى الاستعجالية كون القاضي المكلف بالأمور المستعجلة وهو يبت في إجراء وقتي لا حجية له أمام قضاء الموضوع، أن يفصل بشكل قطعي وحاسم في صفة الخصوم؛ لأن ذلك يمس أصل الحق، ومن تم على قاضي الأمور المستعجلة الإداري، أن يبحث من ظاهر المستندات عما إذا كانت صفة المدعي ترتكز على سند حقيقي بالنظر إلى الإجراءات الوقتية المتطلبة من عدمه.

ب-الأهلية

يذهب بعض الفقه[21] إلى القول بأنه في الدعاوى الاستعجالية لا يلزم تحقق الأهلية ما دامت الصفة والمصلحة قائمتان؛ وذلك نظرا من جهة لطبيعة الدعوى المستعجلة وما تقتضيه من سرعة لدرء الخطر العاجل، ونظرا أيضا إلى كونها تفصل في إجراءات وقتية لا يمس أصل الحق؛ لذلك فالإذن بالتقاضي غير مشروط في الدعاوى الاستعجالية. وعلى الرغم من ذلك، فإن الفصل 1 من ق.م.م[22] الذي يحدد شروط صحة التقاضي لم يستثني الدعاوى الاستعجالية، بحيث جاء بصيغة عامة وصريحة.

ج-المصلحة

المصلحة هي المنفعة القانونية التي يحصل عليها المدعي من خلال التجاءه إلى القضاء، ويمكن أن تكون هذه المنفعة القانونية مادية أو أدبية؛ وبذلك يلزم أن تتحقق لرافع الدعوى الاستعجالية مصلحة قانونية قائمة من جهة، وحالة من جهة أخرى، ويقرها القانون. كما يجوز قبول الدعوى إذا كان الأمر يتعلق بمصلحة محتملة يستهدف منها الاحتياط لدفع ضرر محتمل. ويشار إلى أن بحث عنصر المصلحة في الدعوى الاستعجالية، إنما يتم من خلال مستندات الدعوى إذا ثبت للقاضي من ظاهر الأوراق توفر المصلحة، كان ذلك كافيا لقبول الدعوى إذا رفعت دعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة دون أن يتوافر فيها شرط المصلحة تكون غير مقبولة شأنها في ذلك شأن الدعوى الموضوعية، إلا أنهما يختلفان في سبل بحث توفر هذا الشرط، بحيث على القاضي الموضوع أن يبحث في جوهر النزاع والتحقق من وجود المصلحة، في حين أن قاضي المستعجلات إذا دفع بانعدام المصلحة، فإن يستشف ذلك من ظاهر الوثائق والمستندات دون الغوص في النزاع؛ لأن قيامه بذلك يعني المساس بالجوهر[23]

2-وجوب عدم سبق الحكم في الدعوى الاستعجالية

يشترط في رفع الدعوى الاستعجالية الإدارية، ألا يكون قد سبق الحكم فيها بين ذات الأطراف ولنفس السبب؛ ذلك أن الحكم الذي يصدر في الدعوى الاستعجالية وإن كان حكما مؤقتا ولا حجية له أمام محكمة الموضوع، إلا أنه يحتفظ بحجية أمام قضاء الأمور المستعجلة الذي يمتنع عليه النظر مرة أخرى في نفس الدعوى ما لم يطرأ تغييرا في المراكز القانونية أو الواقعية للخصوم[24]. يتضح أن الأوامر الاستعجالية رهينة بعدم تغير الظروف الواقعية التي صدرت فيها وهي تنال حجية مؤقتة في حدود ما يمكن أن يستجد من الوقائع والأسباب التي كانت معروضة على أنظار قاضي المستعجلات، ويبقى من حقه في الحالة التي يتبين له أن الأسباب والوقائع قد تغيرت، أن يعدل عن أمره[25].

3-عدم اشتراط تقديم دعوى في موضوع النزاع لرفع الدعوى الإدارية الاستعجالية

لم يشترط المشرع المغربي لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة في المادة الإدارية، تقديم دعوى في موضوع النزاع المتعلق به؛ ذلك الإجراء الوقتي سواء كان النزاع معروضا على المحكمة أو لم يعرض بعد، والسند في ذلك مقتضيات الفصل 149 من ق.م.مالتي أناطت الاختصاص برئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات؛ كلما توافر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ، أو الأمر بالحراسة القضائية أو أي إجراء تحفظي سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا.

هذا المبدأ أثار نقاشا فقهيا وخلق مشاكل عملية خصوصا فيما يتعلق الحراسة القضائية، فكثيرا ما يلجأ الأطراف إلى قاضي الأمور المستعجلة ويستصدرون منه أمرا بالحراسة القضائية دون أن يسبق ذلك تقديم دعوى في الموضوع، فيتقاعس الأطراف عن تقديم دعوى في الموضوع؛ لأنها أحالت النزاع القائم بينهم وتحديد حقوقهم على الشيء الموضوع تحت الحراسة القضائية حتى يتم وضع حد لهذا الإجراء.

هذا الأمر جعل القضاء بخصوص هذه الحالة حائرا بين اختيارين: إما أن يلزم الأطراف بتقديم دعوى في الموضوع قبل رفع طلب الحراسة القضائية، فيكون بذلك خرق مقتضيات الفصل 149 من ق.م.م، والمسطرة التي تجيز طلب الحراسة القضائية سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا. وإما أن يحترم مقتضيات الفصل السابق، فتبقى الحراسة القضائية قائمة مادامت مشيئة الأطراف لم تتجه إلى رفع الدعوى في الموضوع لحسم النزاع القائم؛ مما يفرغ إجراء الحراسة من محتواه وتجعله أقرب إلى إجراء دائم منه إلى إجراء مؤقت[26].

وعليه، فمسألة تقديم دعوى في الموضوع يعني رفع الدعوى الاستعجالية مقرون بضرورة تقديم دعوى في الموضوع، نظرا لكون أن الدعوى الاستعجالية والدعوى في الموضوع توجد بينهما من ناحيتين: الدعوى الاستعجالية تقتصر على إجراء من الإجراءات الوقتية دون المساس بأصل الحق المتنازع عليه، في حين الدعوى في الموضوع تتعلق بجوهر الحقوق والمراكز القانونية؛ ومن تم فيعتبر الشرط المذكور غير ضروري لصحة وقبول الدعوى الاستعجالية.

ثانيا: الشروط الموضوعية لرفع الدعوى الإدارية الاستعجالية

تعتبر المادة 19 من قانون رقم 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية[27]، الإطار العام للقضاء الاستعجالي الإداري، والتي هي بدورها تحيل على القواعد العامة فيق.م.م التي حدد فيها المشرع الشروط الموضوعية العامة للقضاء المستعجل؛ إذ ينص الفصل 149 من ق.م.م على أنه: “عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية أو أي إجراء آخر تحفظي سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا، بالإضافة إلى الحالات المشار إليها في الفصل السابق والتي يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية أن يبت فيها بصفته قاضيا للمستعجلات. إذا عاق الرئيس مانع قانوني أسندت مهام قاضي المستعجلات إلى أقدم القضاة. إذا كان النزاع معروضا على محكمة الاستئناف مارس هذه المهام رئيسها الأول. تعين أيام وساعات جلسات القضاء المستعجل من طرف الرئيس.”

مقال قد يهمك :   محمد الأعرج : الوفاء السياسي عند القاضي الدستوري

فمن خلال الفصلين السابقين الذكر يتبين أن القضاء الاستعجالي يفرض توافر شرطين أساسيين، وهما: شرط الاستعجال (1)، وشرط عدم المساس بجوهر الحق (2)، على أن تكون المحكمة الإدارية مختصة نوعيا للبت في المنازعة الموضوعية المرتبطة بالطلب المستعجل؛ لاتسام النزاع بالطابع الإداري (3)، بالإضافة إلى الجدية كشرط لوقف تنفيذ القرارات الإدارية (4).

1-شرط الاستعجال

لم يعرف المشرع المغربي عنصر الاستعجال سواء في الفصل 149 من ق.م.م باعتباره النص العام أو في القانون المحدث للمحاكم الإدارية، وإنما اكتفى بالتنصيص على هذا الشرط الأساسي الذي يخول لرئيس المحكمة البت في الطلب، كما أنه لم يقم بتحديد شروط قيام حالة الاستعجال والمعايير الضابطة له؛ مما جعل الفقه والقضاء يحاولان وضع تعريف مناسب لهذا الشرط، فالاستعجال في نظر بعض الفقه[28] هو قيام خطر حقيقي يخشى فوات الوقت وحدوث ضرر لا يمكن تلافيه إذا رجع المدعي لدرئه إلى القضاء العادي، وطبقت لذلك المسطرة العادية من استدعاء الخصوم أمام المحكمة والتحقيق وإصدار الحكم، وسلوك طرق الطعن العادية بشأنها.

وعليه، فشرط الاستعجال يبقى شرطا لازما وأساسيا في الدعوى الاستعجالية سواء تعلق الأمر بمحاكم الدرجة الأولى أو محاكم الدرجة الثانية، وتقدير وجود حالة الاستعجال من عدمها يرجع الأمر فيه إلى قاضي المستعجلات الذي لا يخضع مبدئيا لرقابة أي جهة، فهو من سيستشف حالة الخطر الحقيقي المحيط بالحق المراد الحفاظ عليه حسب طبيعة كل دعوى على حدة. وفي حالة عدم توفر الشرطين الأساسين، فالجزاء هو تصريح قاضي المستعجلات بعدم اختصاصه[29].

2-شرط عدم المساس بجوهر الحق

إن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة مقيد بشرط ثاني وهو عدم المساس بجوهر الحق، فما يصدره قاضي الأمور المستعجلة لا يعدو أن يكون سوى أوامر وقتية وتحفظية غير فاصلة في النزاع؛ وهكذا فالمشرع نص في الفصل 152 من ق.م.م على أنه:” لا تبت الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر.”

3-الطابع الإداري للنزاع

بالرجوع إلى مقتضيات المادة 19 من قانون رقم 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية، التي تنص على أنه:”يختص رئيس المحكمة الإدارية أو من ينيبه عنه بصفته قاضيا للمستعجلات والأوامر القضائية بالنظر في الطلبات الوقتية والتحفظية.”

فرئيس المحكمة الإدارية هو قاضي الأمور المستعجلة بهذه المحكمة واختصاصه الوظيفي يستمده من رئيس المحكمة الابتدائية ذوي الولاية العامة في القضاء الاستعجالي، إلا أن قاضي الأمور المستعجلة لدى المحكمة الإدارية مقيد بالاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية. وفي هذا الصدد جاء في أمر صادر عن رئيس المحكمة الإدارية بالدار البيضاء ما يلي:” إن القاضي الاستعجالي الإداري فرع من المحكمة الإدارية، وبالتالي فإنه يستمد اختصاصه ضمن شروط الاستعجال الإداري للبت فيه.”

4-شرط الجدية كشرط لوقف تنفيذ القرارات الإدارية

يعتبر شرط الجدية أو شرط الأسباب الجدية شرطا موضوعيا من بين شروط وقف تنفيذ القرارات الإدارية، والحديث عن وقف تنفيذ القرارات الإدارية هو خروج عن اختصاص القضاء المستعجل والقضاء الشامل والاندراج في مجال اختصاص قضاء الإلغاء، فبالرغم من عدم تنصيص القانون المحدث للمحاكم الإدارية في المادة 24 منه[30] على شرط الجدية كشرط لوقف تنفيذ القرارات الإدارية، إلا أن الاجتهاد القضائي المغربي ساير نظيره الفرنسي والمصري، واستقر على ضرورة توافر شرطين موضوعيين أساسيين في طلب وقف تنفيذ القرار الإداري وهما: شرط جدية أسباب الطعن لإلغاء القرار الإداري المطعون فيه أمام قاضي الموضوع، وشرط الاستعجال لتفادي أن يلحق تنفيذ القرار الإداري بالمدعي أضرارا يتعذر إصلاحها مستقبلا.

والمقصود بالأسباب الجدية كأحد شروط وقف تنفيذ القرارات الإدارية هي تلك الأسباب التي يقدمها طالب الإيقاف والتي من شأنها أن تؤدي إلى إبطال القرار الإداري محل طلب وقف التنفيذ من طرف قاضي الموضوع. غير أن ما يتميز به شرط الجدية عن شرط الاستعجال هو أن الأول يأخذ وضعه في دائرة المشروعية، ومن منظورها ويكتسب معناها المتطلب لإلغاء القرار المطعون فيه.

وفي هذا قضت المحكمة الإدارية بالرباط أنه: “وحيث يستشف من مضمون الطلب أن طالبة الإيقاف أسست طلبها على المنازعة في مشروعية القرار وعلى توفر شرطي الاستعجال والجدية. وحيث إنه بالرجوع إلى المادة 24 من قانون 41/90 المحدث للمحاكم الإدارية نجدها تنص على ما يلي:” للمحكمة الإدارية أن تأمر بصورة استثنائية بوقف تنفيذ قرار إداري رفع إليها طلب يهدف إلى إلغائه إذا التمس ذلك منها طالب الإلغاء صراحة”. وحيث إن الأصل في القرارات الإدارية هو القابلية للتنفيذ رغم كل طعن وان الاستثناء هو الأمر بوقف تنفيذها استنادا إلى ثبوت جدية وسائل الطعن وان يكون من شأن القرار أن تنتج عنه أضرار يتعذر تدارك عواقبها. وحيث إن تحديد مدى جدية وسائل الطعن المثارة في دعوى الموضوع، يبقى رهنا بقناعة المحكمة برجحان كفة إلغاء القرار بمناسبة فحص مشروعيته من طرف قضاء الالغاء، من خلال تقييمها لأسباب الطعن والوثائق المعززة للطلب لاستنباط مدى جديتها حسب الظاهر من الوثائق دون مساس بجوهر الحق، فضلا عن اقتران الجدية بطابع الاستعجال. وحيث إنه من غير مساس بالجوهر فإن الظاهر من الوثائق المرفقة والوسائل المعتمدة من طالبة الإيقاف للمنازعة في مشروعية  قرار اغلاق المركز اللغوي العربي الى حين الحصول على الرخص القانونية، ان الطلب المؤسس على كون النشاط التعليمي للمركز يباشر منذ سنة 2009 دون أي اعتراض من أي جهة، لا يستجمع شروط الاستجابة لدعوى الإيقاف من اقتران جدية الوسائل المعتمدة للطعن في القرار الإداري، بقيام عنصر الاستعجال بمفهوم الضرر الذي يتعذر تداركه اعتبارا لكون الامر لا يتعلق بتعليم مدرسي او جامعي، مما يكون معه مآل الطلب هو الرفض[31].”

البند الثاني: مجالات تطبيق القضاء الاستعجالي الإداري

إن تحديد حالات الاستعجال سواء في المادة الضريبية أو دعاوى نقل الحيازة، تبقى مسألة من اختصاص قاض الأمور المستعجلة والمحكمة الإدارية، إلا أن القاضي الاستعجالي وهو يبت في المنازعة الجبائية يستند إلى مقتضيات المادة 19 من قانون 41.90 السابقة الذكر، التي لم يحدد بشكل دقيق بعض حالات اختصاص قاضي المستعجلات؛ وإنما أوردت لفظا عاما يفيد شمول اختصاص هذا القاضي للأمر بكل إجراء يتصف بطابع التوقيت، وليس له مساسا بالجوهر خلافا لمقتضيات الفصل 149 من ق.م.م السابق الذكر، الذي عدد بعض حالات اختصاص قاضي المستعجلات، وأورد لفظا عاما وهو عبارة” أو أي إجراء تحفظي آخر”. أما بالنسبة لاختصاص القضاء الاستعجالي الإداري في دعوى نقل الحيازة، فإن الفصل 18 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، اعتبر هذه الدعوى استعجالية، بحيث يتعين على القاضي الإذن في الحيازة دون إمكانية استعمال سلطة في تقدير مدى توفر عنصر الاستعجال من عدمه. وفي هذا الصدد تنص المادة 18 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة على ما يلي:”يودع نازع الملكية لدى المحكمة الابتدائية الواقع العقار في دائرة نفوذها طلبا يرمي إلى الحكم بنقل الملكية وتحديد التعويضات وذلك بمجرد استيفاء الإجراءات المتعلقة بمقرر التخلي والمنصوص عليها في الفصول 8 و9 و10 و12 أو بمجرد تبليغ المقرر المذكور في الحالة المنصوص عليها في المقطع 2 من الفصل 14 وبعد انصرام الأجل المشار إليه في المقطع 3 من الفصل المذكور.

ويودع نازع الملكية كذلك لدى المحكمة المذكورة التي تبت في الأمر هذه المرة في شكل محكمة للمستعجلات طلبا لأجل الحكم له بحيازة العقار مقابل إيداع أو دفع مبلغ التعويض المقترح.

واستثناء من أحكام الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية تقبل الطلبات المذكورة، ولو لم ينص فيها على أحد البيانات المقررة في الفصل المذكور إذا تعذر على نازع الملكية الإدلاء به. وتشفع الطلبات المشار إليها أعلاه التي يجب أن يحدد فيها مبلغ التعويض الذي يقترحه نازع الملكية بجميع المستندات المثبتة لاستيفاء الإجراءات المذكورة ولاسيما الشهادات المشار إليها في الفصلين 11 و12 المسلمة من لدن المحافظ على الأملاك العقارية عند الاقتضاء.

وفي حالة ما إذا كانت العملية أو الأشغال المعلن أنها ذات منفعة عامة تؤدى إلى إيداع طلبين أو عدة طلبات بشأن الجوهر أو بشأن الحيازة فان المستندات المثبتة المشار إليها في المقطع السابق يمكن الإدلاء بها مرة واحدة وقت إيداع الطلب الأول وتعتبر كافية بالنسبة لجميع الطلبات.”

وبناء على ذلك، فإن طلب نقل الحيازة يقدم إلى رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضيا للمستعجلات، والمختص بمفرده ابتدائيا للبت في هذا الطلب مقابل إيداع تعويض احتياطي يعادل مبلغ التعويض الذي اقترحه نازع الملكية.وعليه، سنبحث تطبيقات القضاء الإداري الاستعجالي في المادة الضريبية (أولا)، وفي دعوى نقل الحيازة (ثانيا)، وكذا رفع الاعتداء المادي (ثالثا).

أولا: في المادة الضريبية

شروط اختصاص قاضي المستعجلات في المادة الضريبية لا تعدو أن تكون نفس الشروط المنصوص عليها في الفصل 149 من ق.م.م السابق الذكر، والتي تتمثل أساسا في توفر عنصر الاستعجال وعدم المساس بجوهر النزاع، وذا طبيعة جدية ووقتية، كما يجب على الطاعن سلوك مسطرة التظلم الإداري قبل تقديم الطلب الاستعجالي. وإن كان هذا الشرط لا تأخذ به بعض المحاكم الإدارية لقبول الطلب الاستعجالي في المادة الضريبية، وهذا ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بوجدة في أمر استعجالي صادر عنها، جاء فيه أنه:

لكن حيث وإن كان لا يوجد ما يمنع قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية من إصدار الأوامر الوقتية كلما تعلق الأمر بالنزاع الضريبي شريطة احترام شرطي الاستعجال والوقتية[32]. كما أصدرت المحكمة الإدارية بالبيضاء أمرا استعجاليا يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة، واعتبرت فيه أنه بحكم المادة 19 من قانون 41.90، وأن القاضي الاستعجالي أصبح في وضعية الوريث الشرعي للاختصاصات التي كان يمارسها القاضي الاستعجالي الإداري في مجال المنازعات الضريبية أو تحصيل ديون الدولة، ومن بين الإجراءات التي تدخل في الاختصاص الاستعجالي للمحاكم الإدارية؛ وذلك استنادا إلى المادة 19 السابقة الذكر. إذ نجد بالإضافة إلى طلب إيقاف بيع المحجوز ورفعه (1)، طلب تأجيل أداء الدين الضريبي (2)، إيقاف تنفيذ أداء الدين الضريبي (3) وإيقاف الإكراه البدني المتعلق باستخلاص الضريبة (4).

1-طلب إيقاف بيع المحجوز ورفعه

إذا كان يحق للخازن العام إجراء حجز على منقولات الملزم ثم بيعها بالمزاد العلني؛ قصد استخلاص الضريبة، فإن المشرع مكن الملزم أو الغير من حقه في المطالبة باستحقاق الأثاث وغيره من المنقولات المحجوزة أو فصل أشياء غير قابلة للحجز شريطة أن ترفع المذكرة إلى رئيس الإدارة التي ينتمي إليها الحاسب المكلف بالتحصيل، أو من يمثله وفق أحكام المادة 121 من مدونة تحصيل الديون العمومية.

وهكذا، نجد أمرا استعجاليا صادرا عن المحكمة الإدارية بالرباط قضى بإيقاف الحجز من طرف الإدارة، حيث يتبين من الاطلاع على ظاهر رسم الإشهاد المدلى به من طرف المدعية أن الطلب جدي يتم بصبغة الاستعجال ولا مساس له بجوهر الحق؛ مما ينبغي الاستجابة إليه[33].

2-طلب تأجيل أداء الدين الضريبي

يمكن طلب تأجيل أداء الدين الضريبي من القضاء أو ما يعبر عنه في القانون المدني بالأجل الاسترحامي الذي يطلبه المدين من القضاء مراعاة منه الظروف الاقتصادية والاجتماعية. ويراد بها تأجيل التنفيذ لمدة معقولة يقدرها بحسب كل حالة على حدة؛ قصد اتاحة الفرصة للمدين من أجل الوفاء بدينه.ولكن، السؤال المطروح في هذا الإطار هو بخصوص مدى قدرة قاضي المستعجلات الإداري على منح هذه المهلة الاسترحامية في مسطرة تحصيل الديون الضريبية؟

إن المهلة الاسترحامية في حقيقة الأمر تتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية، وبمفهوم الموازاة، فإن الإنذار بالوفاء بالضريبة يعتبر سندا تنفيذيا؛ وبالتالي يدخل ضمن نطاق السندات القابلة تأجيلها، مع العلم أن هذا الأجل رهين بعدم وجود نص، وفي نفس السياق سارت المحكمة الإدارية بفاس، حيث مكنت الملزم لأداء ما بذمته مع استمرار الحجز وذلك بأمر استعجالي.

ومن الناحية العملية، فإن هذا النوع من الطلبات يطرق باب المستعجلات الإدارية بشدة؛ وذلك متى توافرت شروطه المتمثلة فيما يلي:

أ-أن يكون الطلب وقتيا؛

ب-أن تكون هناك مطالبة تم تقديمها للإدارة داخل الأجل القانوني المتطلب لها؛

ج-أن تعبر الإرادة عن رفضها قبول الطلب؛

د-ضرورة المنازعة كليا أو جزئيا؛ أي تقديم تظلم أو دعوى أمام المحكمة المختصة في نفس موضوع الدين سواء في مسألة الوعاء أو غير إجراءات تحصيل الدين الضريبي[34].

 وبالتالي تكون هاته هي الشروط الواجب توفرها في الأمر الاستعجالي حتى يتمكن صاحبه من تأجيل أداء الدين الضريبي.

3-إيقاف تنفيذ أداء الدين الضريبي

لقد انقسم القضاء في إطار بيان الأساس القانوني لمنع وقف التنفيذ بمناسبة منازعة ضريبية، إلى اتجاهين اثنين:

أما الأول، فقد سار في إطار المادة 24 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية[35]، واعتبرها دعوى للإلغاء، لكن محكمة النقض نقضت هذا القرار، واعتبرت المنازعة تنتمي إلى القضاء الشامل وليس للإلغاء. كما يمكن في نفس الوقت أن يطلب من رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضيا للمستعجلات إيقاف إجراءات المتابعة إلى حين البت في النزاع موضوعيا.

وأما الاتجاه الثاني، فقد سار في منحى آخر حيث اعتبر المحكمة الإدارية قد أخطأت حينما بتت في الطلب في نطاق المادة 24 السابقة الذكر؛ مما يتعين معه إلغاء حكمها، وهو ما تأسس عليه قرار محكمة النقض بحيث أسندت اختصاص النظر في هكذا منازعات إلى رئيس المحكمة باعتباره قاضي المستعجلات يبت في هاته الطلبات؛ وبالتالي يكون الاتجاه الثاني مستندا على قرار محكمة النقض وحاسم في مسألة الأساس القانوني لطلب وقف تنفيذ الضريبة، مؤكدا على أن القضاء الاستعجالي هو المختص في البت وفق إجراءات محددة سلفا.

4-وإيقاف الإكراه البدني المتعلق باستخلاص الضريبة

تنص المادة 30 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية[36]، على أن المنازعات الناشئة عن تطبيق الظهير المتعلق بمسطرة تحصيل الضرائب، تختص به المحكمة الإدارية الواقع في دائرة اختصاصها المكان المستحق فيه الضريبة. كما تنص المادة 30 من نفس الظهير على أنه يجوز إجراء الإكراه البدني من أجل استخلاص الضرائب وغيرها من الديون الواجب الوفاء بها وتحديد مدة الإكراه عن كل صنف من الدين المطالب به، وهذا الأمر كان محل تضارب مواقف الاجتهاد القضائي بخصوص من له صلاحية الاختصاص، هل المحاكم الإدارية أم العادية؟ وهذا الاختلاف لم يحسم بعد بحيث يرجع في مجموعة من القضايا إلى رئيس المحكمة الإدارية باعتباره قاضيا للمستعجلات ويمارس اختصاصه في ظل الظهير السابق. ويصدر أمرا استعجاليا وضد ما سارت عليه المحكمة الإدارية بفاس، حيث اعتبرت أن قاضي المستعجلات الإداري هو من له الحق والصلاحية في إيقاف الإكراه البدني المتعلق باستخلاص الضريبة، وذو طبيعة وقتية ومتعلق بإجراء يقيد حرية المدعي، فإذا كانت مقتضيات الفصل 683 من قانون المسطرة الجنائية تعطي الاختصاص في منازعات الإكراه البدني للمحكمة العادية بطريق المسطرة المستعجلة، فإن الحهة المختصة للنظر في طلب الإيقاف المؤقت لإجراءات الإكراه البدني المتعلق بها، يدخل في اختصاص القضاء الاستعجالي للمحكمة الإدارية[37].

ثانيا: في دعوى نقل الحيازة

يرفق مقال نقل الحيازة بالوثائق التالية: نسخة من المرسوم المعلن للمنفعة العامة، مع الإشارة إلى الجريدة الرسمية التي صدر فيها، ونسخة من شهادة التقييد في الدفاتر العقارية إذا كان العقار محفظا أو في طور التحفيظ، ونسخة من محضر اللجنة الإدارية للتقويم[38].

وقد نص الفصل 24 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة على أنه:

“عندما يلتمس نازع الملكية الحيازة لا يجوز لقاضي المستعجلات رفض الإذن في ذلك إلا بسبب بطلان المسطرة. وينص الأمر بالإذن في الحيازة على دفع التعويض الاحتياطي المنصوص عليه في الفصل 19 إلى ذوي الحقوق أو على إيداعه. ويحدد في الحكم الصادر بنقل الملكية التعويض عن نزع الملكية بعد التذكير وجوبا بمبلغ التعويض الذي اقترحه نازع الملكية وينص فيه على وجوب أداء التعويض أو إيداعه. ويباشر تبليغ أو نشر القرارين القضائيين المشار إليهما في المقطعين السابقين طبق الشروط المقررة في الفصل 26 ويودعان كذلك لدى المحافظة على الأملاك العقارية، وعندما يتعلق الأمر بعقار غير محفظ ولا في طور التحفيظ، يقيد القراران المذكوران من لدن كاتب الضبط بالمحكمة الابتدائية في السجل المنصوص عليه في الفصل 455 من قانون المسطرة المدنية.”

وإذا كانت دعوى نقل الحيازة ترتبط بالقضاء الإداري الاستعجالي، فإن المشرع قد افترض عنصر الاستعجال في دعوى نقل الحيازة؛ مما يجعل القاضي الإداري الاستعجالي لا يكلف نفسه عناء البحث عن توفر هذا العنصر الأساسي لانعقاد اختصاصه. وحري بالذكر أن الأمر بالحيازة لا يقبل التعرض ولا الاستئناف، بحيث يستند ذلك على مقتضيات الفصل 23 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة[39].

وعدم قبول الأمر بالحيازة لأي تعرض، يستمد أساسه من الفقرة الثالثة من الفصل 153 من ق.م.م التي تنص على أنه:” لا يطعن في هذه الأوامر بالتعرض.”

فالمشرع سلك هذا المنحى الاستثنائي بالنسبة لدعوى نقل الحيازة بالنظر لما يشكله حق الملكية الخاصة من أهمية قصوى؛ لاسيما وأن هذا الحق منصوص عليه دستوريا.

وهذا ما صرحت به الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في قرار لها بتاريخ 2 يناير 1997 في قضية عبد الله المرابط، بأن الأمر الصادر عن قاضي المستعجلات الإداري والقاضي بنقل الحيازة لا يقبل الاستئناف حسب قواعد الفصل 32 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة[40]، ولا يقبل الطعن بالنقض حسب قواعد المادة 45 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية.

وتجدر الإشارة إلى أنه لا يدخل في اختصاص قاضي المستعجلات الإدارية، تحديد التعويضات النهائية؛ بل فقط الأمر بالإذن في الحيازة مقابل دفع أو إيداع تعويض احتياطي يعادل مبلغ التعويض الذي اقترحه نازع الملكية، فمسألة تحديد التعويضات النهائية لنازع الملكية تدخل ضمن اختصاص المحكمة الإدارية حسب الفقرة2 من المادة 19 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة[41]؛ لذلك، فإن المحكمة الإدارية تصرح بذلك.

إذا، فقاضي الأمور المستعجلة الإداري في إطار ممارسته لاختصاصه في الأمر بنقل الحيازة، يقتصر دوره على فحص مختلف الإجراءات الإدارية المنصوص عليها في قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة.

وبذلك، فإن عدم احترام الإجراءات المسطرية المنصوص عليها في قانون نزع الملكية، والتي يتكفل القاضي الاستعجالي عادة بفحصها من شأنه أن يؤدي إلى عدم استجابة قاضي المستعجلات الإداري لطلب نقل الحيازة.

وتجدر الإشارة إلى أن الأجل المنصوص عليه في الفصل 17 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة[42]، وإن كان يتعلق بدعوى نقل الملكية وتحديد التعويض، إلا أنه مع ذلك يدخل ضمن الإجراءات التي يراقبها القاضي الاستعجالي قبل أن يبت في طلب نقل الحيازة. فالأجل المنصوص عليه في إطار المادة السابقة، هو أجل سقوط وهو يتصل بصميم النظام العام، وهو يقبل التوقف والانقطاع[43].

مقال قد يهمك :   مرسوم جديد يلزم بإدراج الضمان ضد عواقب الوقائع الكارثية في عقود التأمين

ثالثا: في رفع الاعتداء المادي

يتخذ الاعتداء المادي الذي قد ترتكبه الإدارة ضد عقار مملوك للغير، عدة أشكال تدخل كلها في إطار العمل الغير المشروع الذي يخول لرئيس المحكمة الإدارية أو من ينوب عنه اختصاص التدخل؛ قصد وضع حد لهذا الاعتداء الذي يتجسد في شكل استيلاء على العقار بصفة مؤقتة أو دائمة خارج مقتضيات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، وخارج أي اتفاق رضائي بينهما وبين المالك. سواء لم تسلك الإدارة الإجراءات الواجبة بمقتضى نزع الملكية نهائيا أو بصفة مؤقتة فقط، ويتحقق سواء كان كليا أو شاملا لسائر العقار أو جزئيا فقط. ويمكن للمتضرر في هذه الحالة اللجوء إلى رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضيا للمستعجلات بطلب وضع حد لهذا الاعتداء عن طريق إفراغ الإدارة من العقار المحتل[44].

وما يعزز هذا التوجه، حكم المحكمة الإدارية بالرباط التي اعتبرت أن قاضي المستعجلات يختص برفع حالة الاعتداء المادي كعمل مادي غير مشروع منقطع الصلة بكل نص قانوني أو تنظيمي أو قرار إداري يتضمن اعتداء جسيما على الحقوق والحريات متى توافرت في الطلب حوله حالة الاستعجال، وعدم المساس بجوهر الحق؛ ذلك أن وجود منازعة حول الاعتداء المادي وعدم وضوح المراكز القانونية والواقعية للطالب إزاءه من خلال ظاهر واقع النزاع يحول دون اختصاص قاضي المستعجلات بالبت في الطلب لما في ذلك من مساس مما يمكن أن يقضي به في الجوهر.

وقد صدر عن المحكمة الإدارية بوجدة حكما اعتبرت قيام المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بأشغال الحفر فوق عقار المدعية دون سلوك مسطرة نزع الملكية أو إجراء قانوني يشكل اعتداء ماديا من جانبها على حق الملكية المكفول دستوريا، ويبرر تدخل قاضي المستعجلات الإداري للأمر بوضع حد لهذا الاعتداء.

خاتمة:

وقد تبين لنا من البحث في مختلف الجوانب المسطرية للدعوى أمام المحاكم الإدارية، بأن المشرع المغربي في حاجة مسيسة إلى مسطرة خاصة بالتقاضي أمام المحاكم الإدارية، نظرا لجوانب القصور والنقص التي لوحظت في قواعد المسطرة المدنية المحال عليها بموجب المادة 7 من قانون إحداث المحاكم الإدارية، ونظرا أيضا للمميزات التي تتميز بها مؤسسة الدعوى الإدارية عن نظيرتها الدعوى العادية في عدة مؤسسات إجرائية نجملها فيما يلي:

-إقامة الدعوى الإدارية الموضوعية يتطلب – بالإضافة إلى الشروط العامة المتطلبة في الدعوى العادية-شروطا خاصة تتمثل في انتفاء الدعوى الموازية بالنسبة لدعوى الإلغاء، ومراسلة السلطة المختصة بالنسبة للدعوى المقامة ضد جماعة محلية، والتظلم الاستعطافي بالنسبة لطلبات إلغاء القرارات الإدارية، إلى جانب كتابة المقال وتوقيعه من لدن محام، وكذا إعفاء مقدم دعوى الإلغاء من الرسوم القضائية؛

-إقامة الدعوى الإدارية الاستعجالية يتطلب –إلى جانب الشروط العامة المتطلبة في الدعوى الاستعجالية-شروطا خاصة تتمثل في وجوب عدم سبق الحكم في الدعوى الإدارية الاستعجالية، عدم اشتراط تقديم دعوى في موضوع النزاع لرفع الدعوى الإدارية الاستعجالية، وكذا الطابع الإداري للنزاع، وشرط الجدية في دعوى وقف تنفيذ القرارات الإدارية؛

ومن خلال ما تقدم، يظهر أن للقواعد الإجرائية أمام المحاكم الإدارية مميزاتها وخصوصياتها، التي تختص بها وتميزها عن الإجراءات المطبقة أمام المحاكم العادية في الكثير من الجوانب والمؤسسات الإجرائية، وأن من شأن سن قواعد إجرائية إدارية خاصة للتقاضي أمام القضاء الإداري، أن يؤدي إلى إبراز خصوصيات القواعد الإجرائية في المادة الإدارية من جهة، وإلى تطويرها والدفع بها إلى الأمام من جهة ثانية، وإلى تلافي مركبات النقص والغموض التي تكتنف تطبيق بعض القواعد الإجرائية الحالية من جهة ثالثة، وإلى توضيح كثير من الجوانب الخاصة بكيفية التعامل مع أشخاص القانون العام؛ خاصة في مجال تنفيذ الأحكام مما سينعكس إيجابا على مستوى توحيد العمل لقضائي بهذا الشأن.

وهو ما لا يترك لنا خيارا سوى دعوة المشرع المغربي إلى تبني موقف المشرع الفرنسي الذي سبقه في هذا المجال، بالمبادرة إلى تعزيز القضاء الإداري ببلادنا؛ بتمكينه من مدونة شاملة لإجراءات التقاضي أمام المحاكم الإدارية، ليساهم في تطور القضاء الإداري من جهة، وإرساء أسس دولة القانون.


الهوامش:

(=) تم تحكيم هذا المقال من طرف اللجنة العلمية لمركز مغرب القانون للدراسات والأبحاث القانونية.

[1] ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية،الجريدة الرسمية عدد 3230 مكرر، بتاريخ 13 رمضان 1394 (30 شتنبر 1974)، ص 2741.

[2] عبد الكريم الموساوي: القواعد الإجرائية أمام المحاكم الإدارية، مطبعة البيضاوي، الطبعة الأولى، سنة ،2012، ص: 3.

[3] عبد الله حداد: تطبيق الدعوى الإدارية في القانون المغربي، منشورات عكاظ، 1999، ص: 4.

وللمزيد من الاطلاع على إجراءات التقاضي أمام المحاكم الإدارية، يرجى الرجوع إلى:

-مولاي إدريس الحلابي الكتاني: مسطرة التقاضي الإدارية، ج 2، مقال منشور بمجلة REMALD، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 17.

-محمد نصر الدين كامل: الدعوى وإجراءاتها في القضاء العادي والإداري، عالم الكتاب، 1989.

-عبد القادر باينة: القضاء الإداري، الأسس العامة والتطور التاريخي، دار توبقال للنشر، ط، 1، 1988.

-الحلابي الكتاني مولاي إدريس: مسطرة التقاضي الإدارية، منشورات م.م.أ.م.ت، العدد: 12، الجزء الأول، سنة 1997.

-القريشي عبد الواحد: القضاء الإداري ودولة الحق والقانون بالمغرب، الشركة المغربية لتوزيع الكتاب، الطبعة الأولى، سنة 2009.

-رافع عبد الوهاب والبشيري توفيق جليلة: الدعوى الإدارية في التشريع المغربي، مطبعة الوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، سنة 1998.

-لعيوني ثورية: القضاء الإداري –قضاء الإلغاء- قضاء التعويض، منازعات العقود الإدارية، دار النشر الجسور، الطبعة الأولى، سنة 1997.

-ولد البلاد حميد: القضاء المستعجل الإداري، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، وحدة التكوين في الإدارة والتنمية –جامعة عبد المالك السعدي،كلية العلوم القانونية والاجتماعية بطنجة، الموسوم الجامعي 2013-2014.

[4]ظهـير شريف رقم 1.06.07 صادر في 15 من محـرم1427 (14 فبراير2006) بتنفيذ القانون رقم 80.03 المحدثة بموجبه محاكم استئناف إدارية،الجريدةالرسميةعدد 5398 بتاريخ 24 محرم 1427(23 فبراير 2006 )،ص 490.

[5] ينص الفصل 360 من ق.م.م على أنه:

“يجب مع مراعاة مقتضيات الفقرة التالية من هذا الفصل أن تقدم طلبات إلغاء مقررات السلطات الإدارية للشطط في استعمال السلطة داخل أجل ستين يوما من يوم نشر أو تبليغ المقرر المطعون فيه.

غير أنه يمكن للمعنيين بالأمر قبل انصرام الأجل المحدد للطعن النزاعي أن يرفعوا تظلما استعطافيا إلى السلطة التي أصدرت المقرر أو إداريا إلى التي تعلوها مباشرة ويمكن في هذه الحالة تقديم الطلب إلى محكمة النقض بصفة صحيحة خلال ستين يوما ابتداء من تبليغ مقرر الرفض الصريح كليا أو جزئيا للطعن الإداري الأولي.

يعتبر سكوت السلطة الإدارية أكثر من ستين يوما على الملتمس الاستعطافي أو الإداري رفضا وإذا كانت السلطة الإدارية هيئة من الهيئات التي تعقد دورات للتداول فإن الأجل المحدد في ستين يوما لتقديم الطلب يمتد إذا اقتضى الحال إلى نهاية أول دورة قانونية تلي تقديم الطلب.

إذا كانت النصوص التنظيمية الجاري بها العمل تنص على مسطرة خصوصية للطعن الإداري فإن طلب الإلغاء لا يقبل إلا بعد إتباع المسطرة المذكورة وضمن الآجال المنصوص عليها أعلاه.

يعتبر سكوت الإدارة ستين يوما بعد تقديم الطلب رفضا ويتعين على المعني بالأمر في هذه الحالة أن يقدم طلبا إلى محكمة النقض داخل ستين يوما ابتداء من انصرام الأجل الأول المحدد أعلاه.

لا يقبل طلب الإلغاء الموجه ضد المقررات الإدارية إذا كان في استطاعة من يعنيهم الأمر المطالبة بحقوقهم لدى المحاكم العادية.”

[6] تنص المادة 23 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على أنه:

“يجب أن تقدم طلبات إلغاء القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة داخل أجل ستين يوما يبتدئ من نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاؤه إلى المعني بالأمر.

ويجوز للمعنيين بالأمر أن يقدموا، قبل انقضاء الأجل المنصوص عليه في الفقرة السابقة، تظلما من القرار إلى مصدره أو إلى رئيسه، وفي هذه الصورة يمكن رفع طلب الإلغاء إلى المحكمة الإدارية داخل أجل ستين يوما يبتدئ من تبليغ القرار الصادر صراحة برفض التظلم الإداري كليا أو جزئيا.

إذا التزمت السلطة الإدارية المرفوع إليها التظلم الصمت في شانه طوال ستين يوما اعتبر سكوتها عنه بمثابة رفض له، وإذا كانت السلطة الإدارية هيئة تصدر قراراتها بتصويت أعضائها فإن أجل ستين يوما يمد، إن اقتضى الحال ذلك، إلى نهاية أول دورة قانونية لها تلي إيداع التظلم.

إذا كان نظام من الأنظمة ينص على إجراء خاص في شأن بعض الطعون الإدارية فإن طلب الإلغاء القضائي لا يكون مقبولا إلا إذا رفع إلى المحكمة بعد استنفاذ هذا الإجراء وداخل نفس الآجال المشار إليها أعلاه.

إذا التزمت الإدارة الصمت طوال ستين يوما في شأن طلب قدم إليها اعتبر سكوتها عنه ما لم ينص قانون على خلاف ذلك بمثابة رفض له، وللمعني بالأمر حينئذ أن يطعن في ذلك أمام المحكمة الإدارية داخل أجل 60 يوما يبتدئ من انقضاء مدة الستين يوما المشار إليها أعلاه.

لا يقبل الطلب الهادف إلى إلغاء قرارات إدارية إذا كان في وسع المعنيين بالأمر أن يطالبوا بما يدعونه من حقوق بطريق الطعن العادي أمام القضاء الشامل.”

[7] قرار صادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، رقم 223 بتاريخ 18/12/1986، ملف إداري 85/7123، منشور بمجلة القضاء والقانون، عدد 139، ص: 129.

[8] عبد الكريم الموساوي: مرجع سابق، ص: 83.

[9] المحكمة الإدارية بالرباط، بتاريخ: 12/07/2017 ملف رقم: 331/7110/2017.

[10] تنص المادة 32 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على أنه:

“يراد بالمحكمة المختصة لتطبيق المادة 16من القانون رقم 30.89 المتعلق بالضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها المحكمة الإدارية الواقع في دائرة اختصاصها المكان المستحقة الضريبة فيه.”

[11] تنص المادة 41 من قانون العمالات والأقاليم على أنه:

“يجوز لأعضاء المجلس المزاولين مهامهم أن يقدموا للرئيس، بصفة فردية أو جماعية، طلبا كتابيا قصد إدراج كل نقطة تدخل في صلاحيات المجلس في جدول أعمال الدورات.

 يتعين أن يكون رفض إدراج كل نقطة مقترحة معللا و أن يبلغ إلى مقدم أو مقدمي الطلب.

 يحاط المجلس علما، دون مناقشة، عند افتتاح الدورة بكل رفض لإدراج نقطة أو نقاط اقترح إدراجها في جدول الأعمال، و يدون ذلك وجوبا بمحضر الجلسة.

 في حالة تقديم طلب كتابي قصد إدراج نقطة تدخل في صلاحيات المجلس في جدول أعمال الدورات من قبل نصف عدد أعضاء المجلس، تسجل وجوبا هذه النقطة في جدول الأعمال.”

[12] تنص المادة 36 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على أنه:

“تقدم الطعون المنصوص عليها في هذا الباب ويبت فيها وفق الإجراءات المقررة في النصوص المتعلقة بالضرائب والرسوم والديون المعنية.”

[13] تنص المادة 120 من مدونة تحصيل الديون العمومية على ما يلي:

“ترفع المطالبات المتعلقة بإجراءات التحصيل الجبري تحت طائلة عدم القبول، إلى رئيس الإدارة التي ينتمي إليها المحاسب المكلف بالتحصيل المعني أو إلى من يمثله، داخل أجل ستين يوما (60) الموالي لتاريخ تبليغ الإجراء، مدعمة بالمستندات التي تثبت تكوين الضمانات، طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 118 أعلاه.

 عند عدم رد الإدارة داخل أجل ستين يوما (60) الموالي لتاريخ توصلها بالمطالبة، كما في الحالة التي يكون القرار في غير صالح المدين، يمكن لهذا الأخير رفع دعوى أمام المحكمة المختصة.”

[14] سعاد بنور: العمل القضائي في المادة الجبائية، مطبعة دار القلم، الطبعة الأولى، سنة 2003، ص: 27.

[16] مولاي إدريس الجلابي الكتاني: إجراءات الدعوى الإدارية، مطبعة دار السلام، طبعة 2001، ص: 24.

[17]A. heurt avocat et tribunal administratif” A. J. D. A .1955 P: 10

[18] ينص الفص 32 من ق.م.م على أنه:

“يجب أن يتضمن المقال أو المحضر الأسماء العائلية والشخصية وصفة أو مهنة وموطن أو محل إقامة المدعى عليه والمدعي وكذا عند الاقتضاء أسماء وصفة وموطن وكيل المدعي، وإذا كان أحد الأطراف شركة وجب أن يتضمن المقال أو المحضر اسمها ونوعها ومركزها.

 يجب أن يبين بإيجاز في المقالات والمحاضر علاوة على ذلك موضوع الدعوى والوقائع والوسائل المثارة وترفق بالطلب المستندات التي ينوي المدعي استعمالها عند الاقتضاء مقابل وصل يسلمه كاتب الضبط للمدعي يثبت فيه عدد المستندات المرفقة ونوعها.

إذا قدم الطلب بمقال مكتوب ضد عدة مدعى عليهم وجب على المدعي أن يرفق المقال بعدد من النسخ مساو لعدد الخصوم.

يطلب القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية عند الاقتضاء تحديد البيانات غير التامة أو التي تم إغفالها[18]، كما يطلب الإدلاء بنسخ المقال الكافية وذلك داخل أجل يحدده، تحت طائلة الحكم بعدم قبول الطلب.”

[19]– أنظر مرسوم ملكي رقم 65-514 بتاريخ 17 رجب 1386 بمثابة قانون يتعلق بالمساعدة القضائية؛ الجريدة الرسمية عدد 2820 بتاريخ 3 شعبان 1386 (16 نونبر 1966)، ص 2379؛كما تم تغييره بمقتضى المادة 15 من الظهير الشريف رقم 1.92.280 الصادر في 4 رجب 1413 (29 ديسمبر 1992) المعتبر بمثابة قانون المالية لسنة 1993؛ الجريدة الرسمية عدد 4183 بتاريخ 5 رجب 1413 (30 ديسمبر 1992)، ص 1836.

[20] المحكمة الإدارية بالرباط، قسم قضاء الإلغاء، بتاريخ :  29/05/2013، ملف رقم : 40/5/2012.

[21] مصطفى مهدي هرجة: الجديد في القضاء المستعجل، طبعة 1981، ص: 446.

[22] ينص الفصل الأول من ق.م.م على ما يلي:

“لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة، والأهلية، والمصلحة، لإثبات حقوقه.

تثير المحكمة تلقائيا انعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة أو الإذن بالتقاضي إن كان ضروريا وتنذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل تحدده.

إذا تم تصحيح المسطرة اعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة. وإلا صرحت المحكمة بعدم قبول الدعوى.”

[23] حسن صحيب: القضاء الإداري المغربي، الطبعة الأولى، سنة 2009، ص: 549.

[24]علي أحنيني: المسطرة الاستعجالية في المادة الإدارية، مجلة الحقوق المغربية، سلسلة فقه المنازعات الإدارية، عدد 1، سنة 2011، ص: 153.

[25] عبد الكريم الطالب: الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، الطبعة الثانية، سنة 2016، ص: 106.

[26] عبد اللطيف هداية الله: القضاء المستعجل في القانون المغربي، مرجع سابق، ص: 346.

[27] تنص المادة 19 من قانون 41.90 على أنه: “يختص رئيس المحكمة الإدارية أو من ينيبه عنه بصفته قاضيا للمستعجلات والأوامر القضائية بالنظر في الطلبات الوقتية والتحفظية. “

[28] عبد اللطيف هداية الله: مرجع سابق، ص: 79.

[29] رضوان قافو: مرجع سابق، ص: 14.

[30] تنص المادة 24 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على أنه:

“للمحكمة الإدارية أن تأمر بصورة استثنائية بوقف تنفيذ قرار إداري رفع إليها طلب يهدف إلى إلغائه إذا التمس ذلك منها طالب الإلغاء صراحة.”

[31] المحكمة الإدارية بالرباط، قسم الإلغاء، حكم رقم: 3273، بتاريخ: 29/5/2014، ملف رقم: 41/7106/2014.

[32] أمر استعجالي صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة رقم 95/57، بتاريخ 1995.6.15، ملف 95/2، ص: 4.

[33] أمر استعجالي صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط، ملف 94/1، بتاريخ 1994/3/31، نادي بلهدور، الخازن العام للمملكة.

[34] محمد السماحي: مسطرة المنازعة في الضريبة، الطبعة الثانية، سنة 2003، ص: 217.

[35] تنص المادة 24 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على أنه:

“للمحكمة الإدارية أن تأمر بصورة استثنائية بوقف تنفيذ قرار إداري رفع إليها طلب يهدف إلى إلغائه إذا التمس ذلك منها طالب الإلغاء صراحة.”

[36] تنص المادة 30 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على أنه:

“تنسخ أحكام الفصل 69 من الظهير الشريف الصادر في 20 من جمادى الأولى 1354(21أغسطس 1935)بتنظيم المتابعات لتحصيل الضرائب المباشرة والرسوم المعتبرة في حكمها وغير ذلك من الديون التي يقوم بتحصيلها مأمورو الخزينة العامة وتحل محلها الأحكام التالية:

” الفصل 69. – تختص بالنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق ظهيرنا الشريف هذا المحكمة الإدارية الواقع في دائرة اختصاصها المكان المستحقة الضريبة أو الديون فيه.””

[37] الصديق بنور: القضاء المستعجل في المادة الإدارية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض مراكش، السنة الجامعية 2011-2012، ص: 86.

[38] محمد الكشبور : نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، مرجع سابق، ص: 136.

[39] وينص الفصل 23 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة على أنه:

“يجوز لمالك بناية شمل نزع الملكية جزءا منها أن يطالب باقتناء مجموعها بتصريح خاص يوجه إلى نازع الملكية قبل انصرام أجل الشهرين المنصوص عليه في الفصل 10.وكذلك الشأن، مع مراعاة التحفظات الآتية، فيما يخص المالك الذي لا يحتفظ على إثر نزع ملكية جزء من أرضه إلا بقطعة اعتراف بأنها غير قابلة للاستعمال بالنظر لأنظمة التعمير ولا لأي استغلال مفيد.

غير أنه:

–         من جهة لا يمكن الاستفادة من هذه المقتضيات إذا كان من شأن ذلك الإخلال بمبدأ عدم التعويض عن الارتفاقات المشار إليها في المقطع 4 من الفصل 8 من الظهير الشريف الصادر في 7 ذي القعدة 1371 (30 يوليوز 1952) بشأن التعمير وفي المقطع الثاني من الفصل 5 من الظهير الشريف رقم 1.60.063 الصادر في 30 من ذي الحجة 1379 (25 يونيه 1960) بتوسيع نطاق المجموعات العمرانية القروية؛

ومن جهة أخرى يتعين على القاضي إذا كان من شأن الطلب أن يؤدى إلى تأخير إجراء نزع الملكية، أن يبت بأحكام منفصلة في نقل الملكية وتحديد التعويض المتعلق بالعقار موضوع نزع الملكية وفي نقل الملكية وتحديد التعويض عن جزء العقار المعترف بعدم قابليته للاستعمال.”

[40] تنص الفصل 32 من قانون نزع الملكية على أنه:

لا يمكن التعرض على القرارين القضائيين المنصوص عليهما في الفصل 24 أعلاه.

 ولا يمكن استئناف الأمر الصادر بالإذن في الحيازة.

أما الحكم الصادر بنقل الملكية وتحديد التعويض فيمكن استئنافه فيما يتعلق بتحديد التعويض فقط.”

[41] تنص الفقرة 2 من الفصل 19 من قانون نزع الملكية على أنه:

“يختص قاضي المستعجلات وحده للإذن بواسطة أمر في الحيازة مقابل دفع أو إيداع تعويض احتياطي يعادل مبلغ التعويض الذي اقترحه نازع الملكية.

كما أن رئيس المحكمة أو القاضي المفوض من قبله الذي ينظر في القضية بصفة قاضي نزع الملكية يختص وحده بالحكم بواسطة حكم لفائدة نازع الملكية بنقل ملكية العقارات و – أو الحقوق العينية المطلوب نزع ملكيتها وبتحديد مبلغ التعويضات.”

[42] تنص الفصل 17 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة على ما يلي:

“يحدد الأجل الذي يمكن أن تبقى خلاله الأملاك المعينة في “مقرر التخلي” خاضعة لنزع الملكية في سنتين ابتداء من تاريخ نشر هذا المقرر في الجريدة الرسمية أو عند الاقتضاء من تاريخ تبليغه.

وإذا لم يودع نازع الملكية خلال هذا الأجل المقال المنصوص عليه في المقطع الأول من الفصل 18 فإنه لا يمكن الحكم بنزع الملكية إلا بموجب إعلان جديد للمنفعة العامة.”

[43] محمد الكشبور: مرجع سابق، ص: 92.

[44] رشيد وهابي وأمسارد: قضاء الأمور المستعجلة بالمغرب من خلال ثمانين سنة من 1929 إلى سنة 2009، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء-، الطبعة الأولى، سنة 2010، ص: 63.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)