لقاء علمي لتقديم كتاب “القضاء الإداري المغربي” لمؤلفه بوجمعة بوعزاوي
- من إعداد الخلدي بدر طالب باحث في سلك الدكتوراه،جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط.
احتضنت قاعة الندوات بمقر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط يوم الأربعاء 05 دجنبر 2018 بدء من الساعة الرابعة بعد الزوال أشغال لقاء علمي لتقديم قراءة في كتاب “القضاء الإداري المغربي” لمؤلفه الاستاذ بوجمعة بوعزاوي، وقد أشرف على تسيير هذا اللقاء المندرج ضمن أنشطة فريق البحث والدراسات في الحكامة المالية والإدارية الأستاذ أحمد بوجداد، حيث قدم ثلة من الأساتذة قراءاتهم المتقاطعة في كتاب القضاء الإداري المغربي وهم الأستاذ محمد أمين بنعبد الله و الأستاذ الهادي مقداد والأستاذ أحمد بوعشيق.
انطلقت أشغال اللقاء بمداخلة مسير الجلسة الأستاذ أحمد بوجداد الذي رحب بالحضور قبل أن يستهل الأستاذ بوجمعة بوعزاوي مؤلف الكتاب مداخلته بالتأكيد على أن هذا المؤلف يروم بالدرجة الأولى تبسيط مادة القضاء الإداري للمتلقي اعتمادا على مقترب وصفي تحليلي في دراسة مختلف الإشكالات الكبرى التي تطرحها المنازعات أمام القضاء الإداري من مسؤولية إدارية وطلبات إلغاء وتعويض وتسوية للوضعيات الفردية وامتناع عن تنفيذ الأحكام وإعمال مسطرة الغرامات التهديدية.
وبدوره نوه الأستاذ محمد أمين بنعبد الله بالكتاب ومؤلفه مشيرا إلى السياق التاريخي والدستوري الذي جاء فيه هذا الكتاب خاصة وأن دستور المملكة المغربية لسنة 2011 نص على عدة حقوق جديدة كان لزاما أن يواكبها القضاء الإداري المغربي في تطوره، بالموازاة مع تطور نظريات الفقه الفرنسي، قبل أن يؤكد على أن وضع المادة المدرسة في موضعها التاريخي أصبح مطلبا ملحا خاصة وأن القانون الإداري بقضائه الإداري كانا وليدا الثورة الفرنسية منذ سنة 1789 شئنا أم أبينا. وقد عرج الأستاذ محمد أمين بنعبد الله في معرض مداخلته على عدة نظريات من قبيل القضاء المحجوز والقضاء المفوض قبل أن يتوقف عند فكرة عدم المساواة التي تشكل روح القانون الإداري، ليخلص إلى تقاسم ارتساماته مع الحضور بخصوص قراءته للكتاب موضوع اللقاء، حيث اعتبر أن المؤلف كان موفقا في تقسيمه لكتابه إلى خمسة أبواب محكمة وفق تسلسل بيداغوجي سليم كما اعتبر الأستاذ محمد أمين بنعبد الله أيضا أن القضاء الإداري المغربي أساسا ثلاث إشكاليات دقيقة ويتعلق الأمر بفكرة الاعتداء المادي والدفع بعدم المشروعية ثم أخيرا تنفيذ الأحكام الإدارية، مع استشهاده بثلاثة نماذج في القانون المقارن بخصوص استعمال الغرامة التهديدية لإجبار الإدارة على تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية النهائية في كل من فرنسا ومصر وإيطاليا.
كما نوه الأستاذ الهادي مقداد بالكتاب وبمؤلفه وبأسلوب كتابته الرصين الذي يزاوج بين الأسلوب البسيط والسهل الممتنع، حيث قدم في مداخلته وهو بصدد تقاسم ارتساماته بخصوص قراءته للكتاب عدة اقتراحات من شأنها إغناء وتنقيح الطبعة الثانية منه شكلا ومضمونا، كما أثنى على اعتماد المؤلف على الطريقة الأنجلوسكسونية في الكتابة وتقسيم الأبواب بشكل محكم وفق منطق التنظيم القضائي مع مداخل مركزة في كل فصل، إضافة إلى استعمال مفاهيم دقيقة في مجال القضاء الإداري مع الاعتماد على اجتهادات فقهية وقضائية مهمة في المادة. ولعل أهم المقترحات التي قدمها الأستاذ الهادي مقداد في هذا الصدد إمكانية وضع مقابل المصطلحات والمفاهيم باللغة الفرنسية ثم إمكانية الإشارة إلى أبحاث أكاديمية جامعية مغربية والانفتاح أيضا على القضاء المصري عوض الاقتصار فقط على القضاء الفرنسي، إضافة إلى إمكانية توسع الكتاب في المجالات المدروسة لتشمل مجال التعمير.
أما المداخلة الثالثة، فكانت من إلقاء الأستاذ أحمد بوعشيق الذي اعتبر الكتاب مقتضبا وعميقا في مفاهيمه ومحتوياته بشكل يسمح للقارئ بتكوين صورة تقريبية حول مضامين القضاء الإداري، خاصة وأنه مؤلف يجمع بين القانون والقضاء الإداري، كما وضع الأستاذ أحمد بوعشيق اليد من خلال قراءته على مكمن الداء عندما أكد على أن التأثير الفرنسي على سيرورة الأحكام القضائية بالمغرب لا يجب أن يؤثر على ذهنية القاضي الإداري ويتملكها. كما اشار أيضا إلى أن اختلاف المنطوق من محكمة لأخرى ساهم بشكل كبير في تطور الفقه المغربي وتطور مسار القضاء الإداري بالتراكم تارة والتناقض تارة أخرى، كما هو الشأن بالنسبة لحالات المسؤولية الإدارية بناء على الخطأ وبناء على المخاطر ثم أخيرا بناء على التضامن الوطني. كما أكد الأستاذ أحمد بوعشيق على أن الجدل لازال قائما بخصوص تطبيق مقتضيات المسطرة المدنية في المنازعات الإدارية وفي مقدمتها مسطرة الغرامات التهديدية، وصولا إلى استعمال القاضي الإداري في فاس لمسطرة التنفيذ التلقائي، وهو ما جعل من مبدأ القاضي الإداري يقضي ولا يدير فكرة متجاوزة بعدما أصبح القاضي الإداري أكثر جرأة بالتدخل في تنفيذ بعض الأحكام في المغرب، ليختم الأستاذ أحمد بوعشيق مداخلته بالدعوة إلى وضع مدونة للقضاء الإداري المغربي إسوة بنظيره الفرنسي.
وعند تناوله للكلمة من جديد، ثمن مؤلف الكتاب الأستاذ بوجمعة بوعزاوي مداخلات السادة الأساتذة الأفاضل وخص بالشكر أيضا الأستاذ أحمد التهامي مدير مركز دراسات الدكتوراه بأكدال، وأكد على أنه عند كتابته لصفحات هذا المؤلف كان يجد نفسه متقمصا لدور المتقاضي وهو أمام المحاكم الإدارية، لذلك كان التبسيط حاضرا بقوة في شكل ومضمون كتاب القضاء الإداري المغربي، كما رحب بارتسامات ومقترحات الأساتذة في مداخلاتهم القيمة واعتبر بدوره أن قاعدة القاضي يقضي ولا يدير أصبحت متجاوزة وقابلة للتفنيد.
اختتم هذا اللقاء العلمي بدعوة الحضور إلى لقاء علمي آخر يتعلق بتجربة القضاء الدستوري في المغرب.
تعليقات 0