
محمد بلوريغ باحث في القانون الخاص (القانون الإجرائي)
صحيح أنه قد أنيط بالضابطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة المختصة ،مهام ضبط والتثبت من وقوع الجرائم ، والبحث وتعميق البحث فيها لتسهيل ملاءمتها على من له الاختصاص ،وبصرف النظر عن الصياغة الفضفاضة لبعض مواد ق .م .ج ،فسواء على مستوى الأبحاث التلبسية أو البحث التمهيدي ، قد ترد أسماء أشخاص أو أوصافهم أو ألقابهم على لسان المشتبه فيه ، وهو ماسمي بالمساطر المرجعية ،الموضوع الشائك نصا وممارسة.
فبالإضافة إلى إشكالية التسنيد النصي ، والذي يعزى إلى البياض التشريعي الذي تشهده المسطرة الجنائية ، وكذا النصوص الخاصة ، وهو نفس ما سارت فيه مختلف التشريعات العربية خصوصا التي كانت موضوعا لدراستنا .
ورعيا منا توسيع هذه الدراسة حاولنا مقاربة بعض التشريعات الغربية ، إذ أخذنا نموذجين من التشريعات اللاتينية : يتعلق الأمر بالتشريع الفرنسي و التشريع الإسباني ،ونموذج من التشريعات أنكلوسكسونية ، فقد وقع الاختيار على التشريع البريطاني …
ويا ليت الأمر بقي محصورا في إشكالية التسنيد النصي ، بل قد تجاوزه إلى مسألة التكييف القانوني للمساطر المرجعية ، إذ أن هناك من ارتقى بها إلى مصاف الشهادة الجنائية ، وهناك من اعتبرها مجرد قرائن قضائية تبقى بحاجة إلى أدلة تعضدها وتساندها أمام وجدان القاضي ،بل هناك من أوجد لها موطئ قدم في مقتضيات المادة 24 ق .م .ج.
ورغم كل هذا وذاك فخلاصة الخلاصة ، المساطر المرجعية ثقل في ميزان العدالة الجنائية ، وما يتفرع عنها من مرتكزات حقوقية في المجال الزجري ، خصوصا قواعد المحاكمة العادلة، ومبدأ قرينة البراءة و قاعدة تفسير الشك لمصلحة المتهم ،فإذا كانت المساطر المرجعية تارة تخدم مصالح وتوجهات السياسة الجنائية ، فإنها في تارات أخرى تحول دون تحقيق أهداف السياسة الجنائية ،وذلك راجع لما قد يترتب عنها من إجراءات ماسة بالحقوق و الحريات ،خصوصا في المراحل السابقة عن المحاكمة النهائية ، البحث التمهيدي (الحراسة النظرية / تفتيش المنازل / نشر برقية بحث و توقيف ….) و التحقيق الإعدادي (الاعتقال الاحتياطي / الحراسة القضائية ).
وبصرف النظر عن التضارب في المصطلحات (مساطر مرجعية / مساطر استنادية / اعتراف متهم على متهم / شهادة متهم على متهم ).
فالمساطر المرجعية عندما تصل إلى المحاكمة النهائية ، تتحول إلى شهادة جنائية ، مع مراعاة توفر الشروط وانتفاء الموانع كي تتحول إلى دليل جنائي معتبر.
كانت هذه مجرد إيماءات تنير القارئ الكريم ، إذ عالجنا في مؤلفنا هذا فصلين كما يلي :
الفصل الأول : المساطر المرجعية و سؤال الشرعية
الفصل الثاني : المساطر المرجعية وواقع الإجراءات الزجرية
مجيبين بذلك على إشكالية محورية هذا كنهها:
مامدى شرعية المساطر المرجعية ، في ترتيب الآثار الإجرائية على امتداد مراحل المحاكمة الزجرية ؟
ونتمنى أن نكون قد وفينا مادة علمية رزينة ، وانطلاقة حقيقية لمعالجة موضوع له من الأهمية ماجعله صعب المنال ، سواء في تطويع الإشكالية ، أو جمع شتات المعطيات وفي الأخير نورد لكم بعض الأبيات الشعرية من نظمنا المعنون بالمساطر المرجعية أية عدالة إجرائية :
المساطر المرجعية أية عدالة إجرائية :
احذر قولا الثأر فيه ضمر **** لسان المتهم حقد ستر
ابحث في ثناياه فقد **** جوزي كل مثبت لحق غبر
مسطرة مرجعية في محضر سطر * *** بلا محجوز لا خمر و لا مخدر
حكم و إدانة وبرئ قهر **** وميزان عدل قد كسر
وخوف في مجتمع قد انتشر **** ودارس باحث قد انبهر
سلطة ثم سلطة انظر ماذا ترى **** خوف في مجتمعي قد انتشر
وجدان قاضي ووجداني قد شطر **** مسطرة مرجعية قولا مختصر
حقوق وحريات **** ذمم ورقاب معلقات
بين حرية الإثبات **** والسلطة التقديرية للقضاة
فأي عدالة إجرائية هات
تعليقات الزوار ( 0 )