مسطرة الإشعار لدى الغير الحائز في التشريع الضريبي المغربي

سليمة فراجي: تعقيب على مقال لم يشف الغليل حول تقادم العقوبات 

تقادم العقوبة الجنائية يخضع لمدة 15 سنة حتى ولو كانت العقوبة حبسية بسبب ظروف التخفيف

3 أبريل 2019 - 9:51 م في الواجهة , متفرقات قانونية
  • حجم الخط A+A-

الأستاذ كمال ادغيلي المحامي بهيئة أكادير.

تجاذبت الآراء حول النازلة المطروحة في امتحان الاهلية بخصوص أمد تقادم عقوبة الحبس المحكوم بها في قضية جنائية بين قائل بخضوعها لمدة 15 سنة وبين يقول بخضوعها لأمد التقادم الرباعي .
وقبل طرح وجهة نظرنا فإني اود ان اذكر ان الرأي الصادر عن السيد رئيس النيابة العامة في مقال منشور له في هذا الخصوص والتي تسير على نحو اعتبار تقادم العقوبة الحبسية المحكوم بها في قضية جنائية هو بالحد المحكوم به في مثل هذه القضايا فهي تبقى مجرد رأي وليس بمثابة التفسير السليم للقانون ولا يخفى على احد ان التفسير هو من مهمة القضاء الجالس وليس القضاء الواقف ولكن للأسف الشديد نرى الكثير من رجالات المهنة يقدسون ما جاء على لسان رئيس النيابة العامة وكأنه قرآنا منزلا .
على كل حال فالمواد القانونية المنظمة لهذا الموضوع تتجلى في المواد 16, 111 ,112 , 113 , 146 و147 من القانون الجنائي ثم المواد من 648 الى 651 و المادة 688 من قانون المسطرة الجنائية.
وعلى ما يبدو من الآراء المتجاذبة في هذا الخصوص يتبين ان الفريق المناصر لفكرة تقادم عقوبة حبسية محكوم بها في قضية جنائية انما يخضع للتقادم الرباعي فمناصري هذا الطرح انما يفصلون العقوبة عن نوع الجريمة ويتمسكون باللفظ الحرفي للنصوص المنظمة للتقادم وحسب اعتقادهم فالعبرة بتحديد نوع العقوبة هو مدة العقوبة المحكوم بها قضائيا وليس مدة العقوبة المحددة سلفا في النص القانون المعاقب على كل جريمة على حدا.
ولكن السؤال المطروح في هذا الصدد هو : ما هو المعيار الذي وضعه المشرع لتحديد طبيعة العقوبة بين جنائية و جنحية ومخالفة ؟ وهل طبيعة الافعال الجرمية هي المعيار الذي في ضوئه يتحدد طبيعة العقوبة أم أن هذه الأخيرة هي التي تعتبر معيارا لتحديد طبيعة الفعل الجرمي وبالتالي وصفه بكونه فعلا جنائيا ام جنحيا ام يشكل مجرد مخالفة ؟ وهل أن تحديد طبيعة العقوبة هو رهين بصدور مقرر قضائي اي انه لكي نحدد طبيعة العقوبة يتوجب علينا الإنتظار حتى صدرو حكم قضائي الذي يحدد مدة العقوبة فإذا كانت اقل من 4 سنوات نصفها بالعقوبة الجنحية حتى لو تعلق الأمر بفعل جنائي واذا تعدت 4 سنوات نصفها بالعقوبة الجنحية ؟
وبالنسبة الى رأينا المتواضع فالعقوبة الحبسية المحكوم بها في قضية جنائية بعد اعمال ظروف التخفيف تبقى محكومة باحكام التقادم الذي مدته 15 سنة وذلك للأسباب التالية :
  •  إن تحديد طبيعة العقوبة هي مسألة قانونية 
بالرجوع الى مقتضيات المادة 111 من القانون الجنائي نجدها تنص على ما يلي :
” الجرائم اما جنايات أو جنح تأديبية أو جنح ضبطية أو مخالفات على التفصيل الىتي :
الجريمة التي تــــــــــــــــــدخل عقوبتهــــــــــــــــــــــا ضمن العقوبـــــــــــــأت المنصوص عليها في الفصل 16 تعد جناية .الجريمة التي يعـــــــــــــــــــــــاقب عليها القانــــــــــــــــــــــــون بالحبس الذي يزيد حده الأقصى عن سنتين تعد جنحة تأديبية .
الجريمة التي يعـــــــــــــــــاقب عليها القانون بحبس حده الأقصى سنتان أو أقل او بغرامة تزيد عن مائتي درهم تعد جنحة ضبطية”.
فحسب المادة 111 أعلاه فالأساس الذي اعتبره المشرع كمعيار لتحديد طبيعة الفعل الجرمي ووصفه بالجنائي أو الجنحي إنما يكمن في العقوبة ذاتها المنصوص عليها مسبقا من خلال النصوص القانونية المعاقبة على كل جريمة على حدا أي أن العقوبة تم وصفها قانونا من خلال النص القانوني المعاقب على الجريمة وبالتالي فلتحديد طبيعة العقوبة يتوجب علينا اولا ان نكيف الافعال الجرمية ثم نضعها في اطارها القانوني لنعرف نوع العقوبة المطبقة فتكون اما جنائية او جنحية حسب الاحوال وليس من شأن منطوق الحكم أن يغير من وصفها الجنائي بسبب ظروف التخفيف، فظروف التخفيف لا يغير من طبيعة ونوع العقوبة الجنائية وإنما يغير من مدة العقوبة التي تبقى خاضعة لإطارها القانوني حتى ولو تم الحكم على الأفعال المشكلة لها بالحبس.
وتنص المادة 112 من القانون الجنائي على ما يلي :
” لا يتغير نوع الجريمة إذا حكم بعقوبة متعلقة بنوع آخر من انواع الجرائم لسبب تخفيف أو حالة العود ”
فالملاحظ من خلال نص المادة 112 أعلاه أن المشرع يتحدث عن تطبيق عقوبة وهي تتعلق بنوع آخر من الجرائم ولا شك ان نوع الجريمة انما يتحدد بمدة العقوبة طبقا للمادة 111 من القانون الجنائي أي أن الاساس في التكييف بين جناية وجنحة ومخالفة يبقى دائما هو العقوبة ذاتها فإذا وقع فعل جرمي فلمعرفة طبيعته هل هو جنائي أم جنحي نرجع الى قدر العقوبة المقررة له قانونا فإذا كانت هذه العقوبة والمنصوص عليها قانونا تندرج ضمن العقوبات المنصوص عليها في المادة 16 من القانون الجنائي فهي اما عقوبة جنائية او جنحية او مجرد مخالفة .
أي أن وصف العقوبة بالجنائية أو الجنحية إنما يستمد أساسه من العقوبة المحددة سلفا في النص القانوني المعاقب على الجريمة فتوصف بكونها عقوبة جنائية حتى ولو تم الحكم فيها بالحبس وليس من شأن منطوق الحكم أن يغير في وصفها القانوني خاصة أن ظروف التخفيف لا يغير من طبيعة العقوبة وإنما فقط ينزل بها الى حد ما ولعل الدليل لى ذلك هو ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 146 من القانون الجنائي بخصوص الآثار المترتبة عن ظروف التخفيف والتي تنص على ما يلي :
” ومنح الظروف المخففة ينتج عنه تخفيف العقوبات المطبقة …”
فالأثر الذي ينتج عن التخفيف هو مجرد تخفيف العقوبات المطبقة وليس تغيير وصفها ولو كان المشرع يريد بذلك تغيير وصفها لما كان قد اورد الفقرة الأخيرة من المادة 146 أعلاه .
بل والأكثر من ذلك فالمشرع من خلال الفقرة الأخيرة من المادة 146 المشار اليها أعلاه فقد نص هكذا : ” العقوبات المطبقة ” أي العقوبة على المتهم قبل النظر الى ظروف التخفيف .
كما انه بتمحيص مقتضيات المادة 147 من القانون الجنائي نجدها تنص على ما يلي : ” إذا كانت العقوبة المقررة في القانون …”
أي أن اساس العقوبة يبقى هو العقوبة المقررة من خلال النص القانوني والتي قد يتم تخفيفها الى حد العقوبة الحبسية وليس تغيير وصفها من جنائية الى جنحية ، والسؤال المطروح هو لماذا نص المشرع في المادة 112 على أنه : ” لا يتغير نوع الجريمة إذا حكم بعقوبة متعلقة بنوع آخر من انواع الجرائم لسبب تخفيف أو حالة العود ” ، فما الفائدة من هذا النص القانوني لو لم يكن المشرع يقصد به الابقاء على الوصف الجنائي للعقوبة حتى في حالة تمتيع المحكوم به بالظروف القضائية المخففة والحكم عليه بعقوبة حبسية ؟؟؟
فبمطالعة المادة 688 بخصوص آجالات رد الاعتبار فستلاحظون انها ميزت بين 5 حالات وفق ما يلي :
3 : فيما يخص العقوبة الوحيدة بالحبس لمدة لا تتجاوز مدة سنتين أو فيما يخص عدة عقوبات لا يتجاوز مجموعها سنة واحدة , بعد انتهاء أجل عشر سنوات تبتدئ حسبما هو منصوص عليه في الفقرة الثانية أعلاه .
4 : فيما يخص العقوبة الوحيدة بالحبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــس لمدة تتجاوز سنتين من أجل جنحــــة أو فيما يخص عقوبات متعددة يتجاوز مجموعها سنة واحدة من أجل جنحة بعد انصرام أجل خمس عشرة سنة تحتسب بنفس الطريقة ”
5 : ” فيما يخص العقوبة الجنائية او العقوبات الجنائية المتعددة بعد انصرام اجل عشرين سنة ابتداء من يوم انقضاء آخر عقوبة أو انصرام امد تقادمها ”
والملاحظ أن السطر 3 من المادة 688 أعلاه تحدثت عن عن عقوبة الحبس لمدة لا تتجاوز السنتين ودون تقيدها مما اذا كانت هذه العقوبة من أجل جنحة وجعلت أجال رد الاعتبار القانوني في 10سنة من تاريخ يوم انهاء العقوبة او انصرام اجل التقادم بينما في السطر رقم 4 من نفس المادة 688 نجد المشرع يتحدث عن عقوبة الحبس لمدة تتجـــــــــــــاوز مدة سنتين ومن أجل جنحـــــــــــــــــــــــة وجعل أجال رد الاعتبار القانوني هو 15 سنة تحسب بنفس الطريقة .
إذن , فلو اعتبرنا أن عقوبة الحبس المطبقة على الجنايات تأخد حكم العقوبة الجنحية وتتصف بها وتخضع للتقادم الرباعي بحكم أن الأمر يتعلق بعقوبة جنحية فهذا سيؤدي الى نتيجة غير مقبولة اذا ما قارنا السطرين رقم 3 و 4 من المادة 688 اذ السطر 3 لم يحدد نوع الجريمة المحكوم من أجلها بالحبس انما اقتصر فقط على كلمة الحبس أي انه في هذه الحالة اذا تم الحكم بعقوبة حبسية من أجل جناية بعد اعمال ظروف التخفيف فإن رد الاعتبار القانوني سيكون أجله هو 10 سنوات فقط بالرغم من أن الأمر يتعلق بجناية بينما في السطر رقم 4 من المادة 688 ذاتها يتحدث المشرع عن الحبس لمدة تتجاوز سنتين ومن أجل جنـــــــــــــــــــحة فقط وجعل اجال رد الاعتبار القانوني هو 15 سنة .
فكيف يعقل جعل أجال رد الاعتبار القانوني في مدة 10 سنوات فقط بالنسبة لعقوبة حبسية لا تتجاوز سنتين من أجل جناية روعي فيها ظروف التخفيف بينما أن اجال رد الاعتبار القانوني بالنسبة لعقوبة حبسية من أجل جنحة هو 15 سنة وهي مجرد جنحة وشتان بين الجنحة والجناية ؟؟؟
فلو صدرت عقوبة حبسية من أجل جناية بعد اعمال ظروف التخفيف اليس النص الواجب التطبيق في الرد الإعتبار القانوني هو السطر رقم 5 من المادة 688 المتعلق بالعقوبــــــــات الجنائيــــة وذلك بمفهوم المخالفة للسطر رقم 4 من نفس المادة الذي يتحدث عن العقوبة الحبسية من أجل جنحة ؟
اذن لو كان المشرع يرديد اضفاء خصائص العقوبة الحبسية على جريمة جنائية حوكم فيها بالحبس نظرا لظروف التخفيف ويعتبرها بمثابة عقوبة جنحية وليس عقوبة جنائية ما كان ليسقط في التناقض الملاحظ في مضمون الأسطر 3 و 4 و 5 من المادة 688 كما تم تفصيله أعلاه .
فالسطر رقم 3 يتحدث عن عقوبة حبسية لمدة لا تتجاوز سنتين وهي عقوبة يمكن للمحكمة أن تقررها في قضية جنائية بعد تمتيع المتهم بظروف التخفيف طبقا للفقرة الرابعة من المادة 147 من القانون الجنائي التي تنص على ما يلي :
” واذا كان الحد الادنى للعقوبة المقررة هو خمس سنوات سجنا فإنها تطبق الحبس من سنة الى خمس سنوات ”
اذن حسب هذه الفقرة فإنه يمكن للمحكمة الجنائية ان تقضي بعقوبة حبسية تصل الى سنة وأنه اذا اعتبرنا ان هذه العقوبة المحكوم بها هي عقوبة جنحية نظرا لمدتها كما ذهب البعض في ذلك فلا شك ان رد الاعتبار القانوني في هذه الحالة سيخضع لمقتضيات السطر 3 من المادة 688 من القانون الجنائي والتي جعلت أجاله محددة فقط في عشر سنولت بالرغم من أن الامر يتعلق بجناية والحال ان السطر 4 من نفس المادة جعلت اجال رد الاعتبار القانوني بالنسبة للعقوبة الحبسية من جنحة في 15 سنة كاملة وهي نتيجة لا يقبلها العقل على الاطلاق .
اذن وخلاصة القول فإن وصف العقوبة بين الجنائية والجنحية لإعمال التقادم ليس مستندا الى طبيعة الاعتقال بين الحبس والسجن ولكن وصف العقوبة يستند الى الوصف القانوني المؤطر للعقوبة المقررة قانونا لمعاقبة الجريمة وليس من شأن ظروف التخفيف تغيير طبيعة العقوبة بدليل نص المادة 112 من القانون الجنائي وبذلك فإن تقادم العقوبة الجنائية يخضع لمدة 15 سنة حتى ولو حوكم بعقوبة حبسية بسبب ظروف التخفيف.

مقال قد يهمك :   تأمينات البناء: التأمين على مخاطر الورش والتأمين على المسؤولية المدنية العشرية

تعليقات الزوار ( 3 )

  1. اعتقد ان المقال للاستاذ كمال ادغيلي المحامي بهيئة اكادير و نشر في فضاء التواصل مع جمعية هيئات المحامين بالمغرب

    1. ان مقال الاستاذ كمال ادغيلي مجانب للصواب بخصوص تقادم العقوبات المحكوم بها فالاستاذ الفاضل ناقش تقادم الجريمة والمواد المنظمة لرد الاعتبار مستنتجا من ذلك ان العقوبة المحكوم بها تخضع للتقادم الجنائي 15سنة في حين لم يناقش المواد المنظمة لتقادم العقوبات 648من ق م ج وما يليها واستنادا لهذه المواد وخاصة المادة 650 من ق م ج فتقادم العقوبة الجنحية يخضع للتقادم الرباعي اي اربع سنوات بغض النظر عن نوع الجريمة المتابع بها ذلك ان المشرع فهذه المواد تتحدث عن تقادم العقوبات فالعبرة بمنطوق الحكم او القرار هذا من جهة ومن ناحية اخرى فالعقوبة المحكوم بها عقوبة جنحية فلا يمكن ان تخضع لتقادم العقوبة الجنائية والا فنا الفائدة من تمتيع المتهم بظروف التخفيف وما الفائدة من تخصيص المسطرة الجنائية موادا لتقادم العقوبات واعتقد ان هناك خلطا لدى الكثير بين تقادم الجريمة وتقادم العقوبة فالجريمة في النازلة موضوع هذا النقاش لم تتقادم لان تقادم الجنايات هو 15 سنة لكن العقوبة المحكوم بها طالها التقادم لكونها عقوبة جنحية وعلى فرض ان هناك غموض او لبس في المراد المنظمة لتقادم العقوبات فالشك يفسر دائما لفائدة المتهم والاستاذ في مقاله اغفل مناقشة المواد المنظمة لتقام العقوبات 648 من ق م ج وما يليها وحيث من المعروف انه لا اجتهاد بوجود النص والنص الجنائي لا يتوسع في تفسيره ولا مجال لاستعمال القياس فنواد المسطرة الجنائية واضحة في هذا الباب .

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)