نور الدين أبو عبد الله: المصلحة الفضلى للطفل في القانون الدولي الخاص و المقارن (الحضانة و النسب نموذحا )
نور الدين أبو عبد الله باحث بسلك الدكتوراه بكلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية،السويسي
مقدمة :
إن علاقة الطفل وحمايته تعتبر دولية، فالطفل في المنازعات والعلاقات الدولية يحتاج إلى إنصاف وحماية قانونية باعتباره طرفا ضعيفا عند ظهور أي نزاع أثناء تربيته ورعايته، لذلك فإن توفير الحماية للطفل في القانون الدولي الخاص له منافع كثيره فهو من ناحيه يفيد الطفل ذاته كتوفير الوصاية والرعاية له ، ولا يأتي الإهتمام بقضايا الأطفال وحقوقهم وتلبية حاجاتهم الأساسية من فراغ، حيث تتوافق كل المنظمات الدولية، والقمم العالمية لحماية الطفولة، كما تتوافق المواثيق الدولية، والوطنية ليس فقط على حماية الطفولة وضمان حقوقها الأساسية بل أيضا على مبدأ النداء الأول للمصلحة الفضلى للطفل في مختلف الأوضاع والتقلبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وعليه ففإن الهدف الأساسي لهذا البحث هو عدم ترك الطفل بدون حماية قانونية لأنه يحتاج إلى الإنصاف من قبل المشرع عبر حمايته بقوانين خاصه متعلقة بحماية الطفل نفسه من أجل تحقيق المصلحة الفضلى له، وهذا الإنصاف نصت عليه عده دول من بينها المشرع المغربي مثلا ، فغالبية التشريعات أشارت إلى القانون الواجب التطبيق على المنازعات الدولية المتعلقة بالطفل وكذلك أشارت بعض منهم إلى تطبيق القانون الأفضل للطفل من بين القوانين الواجبة التطبيق على موضوع الطفل كقانون جنسيته وقانون محل الإقامة وغيرها… ولمناقشه ما تم ذكره أعلاه ، سيتم الحديث عن الحضانة والنسب كنموذجين يثيران عدة إشكالات على مستوى تطبيق الاختصاص القضائي و القانوني.
- أهداف الموضوع :
في هذه الدراسة سيتم تسليط الضوء على المركز القانوني للطفل في مجال الاختصاص القضائي الدولي و الوطني، و بيان التفرقة بين الاختصاص القضائي والاختصاص القانوني، من حيث أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بينهما، ومركز الطفل في ضوء ضوابط الاختصاص القضائي في القواعد العامة وفي التشريع المغربي، ثم التطرق لشروط قبول تنفيذ الحكم في دولة أخرى غير دولة الإصدار، في ضوء التغيرات التي اكتنفت العلاقات الدولية في الآونة المعاصرة، ومدى حرية الدولة في القبول بتنفيذ الحكم الأجنبي على إقليمها خصوصا وأن بعض الدول تتخذ النظام العام كسياج للدفع بتنفيذ الحكم الأجنبي .
وعليه، سيتم الحديث عن كيفية حسم تنازع القوانين فيما يخص موضوع الحضانة و النسب كنمودجين مع بيان كيف راعت أحكام القانون المغربي وقوانين بعض الدول المختلفة عوامل صغر السن في تقرير أحكام التعامل مع الطفل في هذه الموضوعات.
- إشكالية الموضوع :
تتير مسألة الحضانة و النسب إشكالات في مجال تنازع القوانين نتيجة اختلاف التشريعات حول القانون الواجب التطبيق بالإضافة إلى إرتباطهما بفكرة النظام العام، ذلك ما دفعنا لدراسة هذا الموضوع من أجل الوقوف على أهم المسائل و الإشكالات و التعرف عن الحلول التي توصل اليها كل من التشريع و القضاء .
لذلك ينطلق هذا البحث من إشكالية أساسية تتعلق :
بمدى فعالية قواعد الإسناد الخاصة بالحضانة و النسب في حل إشكالات تنازع القوانين و تحقيق مصلحة الطفل ؟ وما هي الآليات التي انتهجها المشرع في تنظيم مسالة الحضانة وإثبات النسب في قواعد الإسناد ؟ و مدى تأثير تباين الأنظمة القانونية للدول في إقتراح الحلول لفض تنازع القوانين في مسألة الحضانة و إثبات النسب؟ وكيف تتدخل مقتضيات النظام العام في موضوع الحضانة و النسب في إطار تنازع القوانين؟
المبحث الأول: حماية مصلحة الطفل المحضون في نطاق تنازع القوانين
لعل من أبرز الآثار التي تنشأ عن انفصام العلاقة الزوجية التي تجمع بين زوجين يحملان جنسيتان مختلفتان ما تعلق بمسألة الحضانة، فهذه الأخيرة تعد من أهم مسائل الأحوال الشخصية وأكثرها مساسا بالحقوق والواجبات الأسرية، ولذلك فهي مثار العديد من المنازعات على المستويين الدولي والوطني وخصوصا أمام ارتفاع عدد الزيجات المختلطة ، لذلك سيتم التطرق للقانون الواجب التطبيق بشأن الحضانة وفق مايلي:
المطلب الأول: القانون الواجب التطبيق بشان الحضانة
سنحاول التطرق لصنفين من ضوابط الإسناد في مادة الحضانة، والمعتمدة كمعيار لتحديد الجهة التي ستسند إليها حضانة الطفل المحضون، وهذين المعيارين يتجسدان في كل من ضابط الديانة ، كما سنعالج مسألة إسناد الحضانة في ظل اعتماد ضابط الجنسية، فضلا عن الإشارة إلى اعتماد معيار الإقامة الاعتيادية على حساب معيار الجنسية.
أولا: ضابط الديانة كمعيار لإسناد الحضانة
ديانة كل شخص هي المعيار المعتمد لمعرفة القانون واجب التطبيق على أحواله الشخصية، وهذا ما كرسه الفقه الإسلامي، واستبعد بذلك تطبيق القواعد غير إسلامية ويعتبر ضابط الدين بذلك وسيلة من الوسائل التي استخدمتها الدول العربية والإسلامية لاستبعاد تطبيق قانون غير إسلامي على علاقة تضم طرفا مسلما، وقد زكت محكمة النقض هذا التوجه بمقتضى قرار لها قضى فيه بأن: “إن اعتناق الإسلام من طرف الأجانب يترتب عليه حتما تطبيق القواعد الشرعية على أحوالهم الشخصية وميراثهم، حتى ولو كان قانونهم الوطني طبقا لجنسيتهم قانونا علمانيا كالقانون الفرنسي.[1]
فإعمال العقيدة كضابط إسناد في الروابط الدولية الخاصة دشنها الاستعمار بمجيئه لأغلب الأقطار الإسلامية، وفرضته تبعا لذلك قوانين وأنظمة وضعية، وقد كان للاتفاقيات والعمل القضائي دورا كبيرا في قلب المفاهيم التي كانت تعتقد أن رعايا البلدان الإسلامية، يصبحون بمجرد إسلامهم رعايا سلطان البلد الإسلامي، وبالتالي كان للاتفاقيات الدولية والعمل القضائي الدور الأبرز في محاولة بلورة إدخال الجنسية في البلدان الإسلامية واعتمادها كضابط جديد.
ثانيا: ضابط الجنسية كمعيار لإسناد الحضانة
هذا الضابط الذي تأخذ به الأنظمة القانونية ذات المرجعية الإسلامية لا يختلف عن ضابط الديانة، إذ إن هدفهما ونتيجتهما واحدة وهو حظر تطبيق قانون علماني على شخص وطني في الروابط الدولية الخاصة، لكن الاختلاف بينهما هو ان امتياز الجنسية سيسري على جميع الأطراف سواء كانوا مسلمين أو غير ذلك، وبذلك سيستفيد من آثاره حتى الوطنيين غير المسلمين بشكل يحقق نوعا من المساواة في تطبيق أحكامه.[2]
وبرجوعنا للظهير المتعلق بالوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب [3]بالمغرب ،فإنه لم يحدد القانون الواجب التطبيق على الحضانة بعد انتهاء الرابطة الزوجية، إذ اكتفى الفصل التاسع من هذا القانون بتحديد القانون الواجب التطبيق على الطلاق والفصل الجسماني فقط دون أن ينسحب ذلك إلى آثارهما والتي تعتبر الحضانة واحدة منها، واتجه أنصار هذا القول إلى الربط بين الحضانة وآثار الطلاق والانفصال، أي قانون الأحوال الشخصية للزوج بمعنى وقت رفع الدعوى.
وبالمقابل نجد أن ظهير 4 مارس 1960 المتعلق بالزواج المختلط قد نص على ضرورة مراعاة الشروط الجوهرية والشكلية المنصوص عليها في قانون الأحوال الشخصية للزوج المغربي، فأعطى تفضيلا بذلك لقانون الزوج فيما يخص قانون الأحوال الشخصية.[4]
وعليه فإنه يلاحظ أن مبدا شخصية القوانين أصبح مبدأ منكوبا لا يحظى بنفس الاهتمام الذي كان يتمتع به، وذلك نتيجة للسياسة التي انتهجتها أغلب الدول الغربية تجاه الجالية المسلمة بصفة عامة والمغربية بصفة خاصة؛ والتي تمحورت في سياسة الإدماج، ومنح المغاربة المقيمين بالخارج صفة مواطن، هذا فضلا عن استراتيجية تغيير ضوابط الإسناد التي أصبحت تعتمد من طرف الدول المستقبلة للهجرة، حيث صار التفكير أمام استحالة استرضاء خاطر مختلف القوانين الأجنبية منصبا في اتجاه اقتطاع بعضا من مجالات الجنسية لفائدة الموطن لدرجة أضحى معها هذا الأخير يشكل عنصر الإسناد الرئيسي في مجال الأحوال الشخصية
ثالثا: تضييق المجال المشمول بقانون الجنسية لفائدة الإقامة الاعتيادية
وتجدر الإشارة إلى أن معيار الإقامة الاعتيادية –الموطن-هو الضابط الأساس في اتفاقية لاهاي لسنة 1966 لحماية القاصرين، إذ بواسطته يمنح الاختصاص لسلطات دولة معينة من أجل اتخاذ إجراءات الحماية اللازمة والنظر في السلطة الأبوية باعتبارها المعيار الأفضل لتحقيق حماية فعالة للأطفال، وبانضمام المغرب لهذه الاتفاقية أضحى بموجبها يأخذ بمعيار الإقامة الاعتيادية مثل باقي الدول المكرسة لهذا الضابط في حل النزاعات المرتبطة بالقاصرين، كما هو الأمر بالنسبة لأي نزاع حول الحضانة خاصة ما يهم تنازع القوانين بصددها.[5]
وقد أخذ المشرع المغربي بمعيار الإقامة الاعتيادية لن يخدم مصلحته كبلد مصدرة للهجرة، بل سيخدم فقط مصلحة الدول المستقبلة لها، مما يجعله يلجأ الدفع بالنظام العام من أجل تطبيق قوانينه الداخلية، وبالتالي إفراغ الاتفاقية من محتواها.[6]
رابعا: اعتماد ضابط الإرادة والمصلحة الفضلى للطفل
يبدو أن كلا من معياري الجنسية والإقامة الاعتيادية أصبحا في ظل وجود ضوابط إسناد أخرى جديدة غير مناسبين لفض تنازع القوانين المثارة بشأن إسناد الحضانة الناجمة عن الزيجات المختلطة، لذا سنعمل من خلال هاته النقطة توضيح مسألة ضابط الإرادة بالإضافة لمبدأ المصلحة الفضلى للطفل كضابط من ضوابط الإسناد .
- ضابط الإرادة
أمام حدة الانتقادات الموجهة لكل من ضابطي الجنسية والموطن في حل المشاكل الأسرية للجالية المغربية ؛ لجأت معظم الدول الأوروبية المستقبلة للجالية المغربية إلى اعتماد ضابط الإرادة كمعيار حاسم في تحديد القانون الواجب التطبيق على الحوال الشخصية للأفراد، ومن أجل حل وسط وتوفيقي بين القانون الوطني المحافظ على ثقافة البلد الأصلي للمهاجر والذي يتناقض في معظمه مع النظام العام الأوروبي، وبين قانون الإقامة الاعتيادية، عمدت الدول الأوروبية إلى ابتكار ضابط الإرادة كحل للمشاكل المتعلقة بالأحوال الشخصية للجالية المسلمة بأوروبا ومنها للجالية المغربية، فمعيار سلطان الإرادة يخول للأطراف المعنية حق التقرير في المسائل المتعلقة بالحوال الشخصية، إذ يأخذ بعين الاعتبار رأي الجالية المغربية المقيمة بأوروبا مباشرة في قاعدة التنازع التي تحكم روابطها العائلية وذلك بتخويل الأطراف المعنية الحق في اختيار إما قانونهم الوطني أو قانون إقامتهم الاعتيادية كقانون واجب التطبيق على أحوالهم الشخصية، ومن ثم فقد تبنت معظم الدول الأوروبية نهج ضابط الإرادة في مجال الروابط الأسرية الناتجة عن الزيجات المختلطة وفي هذا السياق نورد ما جاء به المشرع الهولندي في الفصل الأول من القانون الهولندي الذي نص فيه على تطبيق القانون الهولندي في مادة الطلاق والانفصال الجسماني وذلك في حالة اتفاق الطراف على اختياره؛ أو في حالة المطالبة بتطبيقه من قبل أحد الأطراف وعدم معارضة الطرف الآخر في ذلك.[7]
وما يمكن أن نستشفه هو أنه إذا كان ضابط الإرادة يخول إمكانية المفاضلة بين القانون الوطني وقانون الإقامة الاعتيادية، فإن بعض المحاكم في الدول الغربية أصبحت تتبنى ما يسمى بالمصلحة الفضلى للطفل كضابط جديد لحكم مسائل الأحوال الشخصية.
- إخضاع الحضانة لضابط المصلحة الفضلى للطفل
نصت اتفاقية حقوق الطفل في الفقرة الأولى من مادتها الثالثة على أنه: “في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية يولي الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى”.[8]
وعليه فقد استطاع القضاء الأوربي أن يجعل من المصلحة الفضلى للطفل ضابطا يسمو على مختلف الاعتبارات القانونية الوطنية، إذ أنه عندما يتعلق الأمر بنزاع يهم الطفل فإن الاختصاص يمكن أن يسحب من قانونه الوطني لقانون القاضي إذا كان هذا القانون هو القانون الصلح للطفل؛ ومعنى هذا انه إذا كان القانون الوطني للطفل يوفر له حماية كافية أمكن تطبيقه، أما إذا تبين أن هذا القانون يخل بمصلحة الطفل، فإنه يعوض تلقائيا بقانون موطن الطفل أو قانون القاضي.
وبالرغم من أن التوجه الحديث ينحو منحى واحدا ألا وهو اعتماد معيار المصلحة الفضلى للمحضون في حالة تنازع القوانين في العلاقات المختلطة، لكن ذلك لم يمنع توجيه سهام النقد الجارح لهذا الضابط، إذ أن مفهوم المصلحة يتباين بحسب الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وذلك ما يؤثر في تحديد تعريفها وفي فهم معنى مصلحة المحضون نظرا لصعوبة حصرها في تعريف دقيق وموحد، فما يعتبر مصلحة للطفل في بلد قد لا يعتبر كذلك في بلد آخر، فهذا الاختلاف المفاهيمي لهذا الضابط يشكل بحد ذاته عائقا يقف أمام استمراره.[9]
المطلب الثاني : دور النظام العام في حماية الطفل المحضون:
يعتبر النظام العام[10] سلاح في يد القاضي الوطني ، لحماية لمبادئ الأساسية والمثل العليا لبلده ، كلما كان القانون المحدد بموجب قاعدة الإسناد مخالف لأسس الإجتماعية الإقتصادية و السياسية التي تقوم عليها الدولة ،فمسائل الأحوال الشخصية تعتبر ميدانا خصبا لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي في حالة مخالفته للمبادئ والأسس التي ينبني عليها كل مجتمع ،حيث أن لمسالة الحضانة نصيب في ذلك كون أن الروابط الأسرية تقوم وفق مفاهيم خاصة بكل نظام قانوني لأي دولة، فالأسس والمبادئ الأخلاقية والاجتماعية وحتى الدينية لها دور كبير في وضع الإطار العام والنظام القانوني لكل دولة بما يوافق أو يخالف دولة أخرى الأمر الذي يسمح باستبعاد القانون الاجنبي للحقوق التي نشأت في ظله خاصة في مادة الحضانة داخل المجتمع المغربي.
وعليه، فمصلحة المحضون تعتبر الشرط الأساسي في إسناد الحضانة حيث جعلها المشرعون فوق كل إعتبار واستبعد تطبيق كل قانون أجنبي مفاده مخالفة المصلحة الفضلى للمحضون باسم الدفع بالنظام العام، فمثلا التربية الدينية من بين العناصر الأساسية التي تقوم عليها مصلحة المحضون في القانون المغربي إذا كانت الأم هي الأولى بحضانة أولادها إلا أنه قد تسقط منها متى قررت الإستقرار ببلد أجنبي غير مسلم فلاشك أن الطفل المحضون يتأثر بعادات وأخلاق البلد الذي ينشأ فيه مما يشكل خطرا على معتقداته الدينية . ولتفادي ذلك تتفق التشريعات العربية على ضرورة تربية المحضون على دين أبيه وهو الدين الإسلامي إذ لا يجوز للمسلمة الزواج بغير المسلم ومن ثم فإن الأطفال الناجمين عن الزواج المختلط يكونوا مسلمين تلقائيا وسعيا لتحقيق هذا الهدف قرر القضاء الجزائري في العديد من أحكامه إسقاط الحضانة عن الأم لإقامتها في بلد أجنبي ومن ذلك قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 19 فبراير 1990[11] والذي قضى أنه”متى كان من المقرر شرعا و قانونا أن إسناد الحضانة يجب أن تراعى فيها مصلحة المحضون والقيام بتربيته على دين أبيه ومن ثم فإن القضاء بإسناد حضانة الصغار إلى الأم التي تسكن في بلد أجنبي بعيدا عن رقابه الأب كما هو حاصل في قضية الحال” يعد قضاء مخالف للشرع والقانون ويستوجب نقض القرار المطعون فيه ، وإذا كان قانون الأسرة المغرب يقدم على إيجاد نوع من التقارب والتوافق مع القوانين الأوربية في مسألة حضانة الطفل سواء فيما يتعلق بإسنادها للأم ثم للأب مباشرة بعدها أو من خلال شروط استحقاقها وأسباب سقوطها وذلك وفق ما تقتضيه مصلحة الطفل المحضون، فإنه من الطبيعي أن تختلف المنظومتين القانونيتين الأوروبية الغربية والمغربية الإسلامية حول المصلحة المذكورة كما هو الشأن بالنسبة لشرط وجوب رعاية المحضون دينا وخلقا فإذا كان القانون المغربي يجعل من خلف هذا الشرط سبب من الأسباب التي تمكن الطرف غير الحاضن من اللجوء إلى القضاء للمطالبة بإسقاط الحضانة عن الأم الحاضنة فإن هذا الأمر يبقى غير مستساغ من طرف القضاء الأوربي الذي غالبا ما يعمل على استبعاد القانون المغربي في هذا الصدد أو يرفض تذييل الأحكام المغربية الصادرة بإسقاط الحضانة بناء على السبب المشار إليه بالصيغة التنفيذية وذلك استنادا إلى أن مصلحة المحضون تبقى في عيشه مع أمه في جميع الأحوال والظروف، منهجه وأن إسقاط الحضانة بناءا على اختلال شرط التربية الدينية تعد من المسائل التي تخالف روح الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل والتي تقضي بحرية الدين من جهة ثانية.[12]
وعليه ،أضحى موقف المشرع المغربي يقف على مصلحة المحضون التي تعد الركيزة الأساسية التي يمنع على أساسها تطبيق القانون الأجنبي الذي أشارت اليه قاعدة الإسناد الوطنية إذا ما خالفت النظام العام المغربي.
المبحث الثاني: القانون الواجب التطبيق لإثبات النسب
من خلال هذا المبحث سوف يتم الحديث عن القانون الواجب التطبيق على البنوة الشرعية و الغير الشرعية بحيث تعددت المواقف ف تحديد القانون الواجب التطبيق بين اختيار القانون الوطني للابن وبين تطبيق القانون الأفيد للابن كما انه تعددت المواقف في تحديد القانون الواجب التطبيق على البنوة الطبيعية:
أولا: القانون الواجب التطبيق على البنوة الشرعية:
النسب الشرعي هو نسبة الولد إلى أبويه نتيجة لعقد زواجهما الشرعي أو هي البنوة الناشئة عن عقد زواج شرعي.
وفي حال البحث عن القانون الواجب التطبيق على هذه المسالة فقد اختلفت الآراء الفقهية و التشريعية حوله وتأرجحت بين قانون جنسية الأب و قانون جنسية الابن[13].
وفيما يلي سيتم تناول تبيان هذه الآراء سواء فيما يخص تطبيق القانون الوطني للابن (أ) أو فيما يخص تطبيق القانون الأفيد للابن (ب).
أ- تطبيق القانون الوطني للابن:
ذهب هذا الرأي إلى إخضاع البنوة الشرعية للقانون الشخصي للابن، ويعتبر الفقيه، Frances Cakies من المدافعين على هذا الرأي وحجة هذا الرأي أن البنوة، إن كانت من مسائل الحالة، فهي بالذات من مسائل حالة الابن فتخضع لقانونه الشخصي فهي تتصل بمصلحة الابن لأنه الطرف الضعيف في هذه العلاقة.
إلا أن حجة هذا الرأي هي غير مقنعة لأنها تصح أيضا في جانب القول بتطبيق القانون الشخصي للأب، إذ أبوة الابن هي أيضا من مسائل حالة الأب، أيضا أن البنوة رابطة قانونية بين الولد وأبيه وأمه وتنجم عنها حقوق والتزامات متبادلة ولكل من الطرفين مصلحة فيها لذا لا تصح التضحية بمصلحة شخص لشخص أخر[14].
أما عن التشريعات التي أخذت بهذا الرأي نذكر منها على سبيل المثال اتجاه تشريعي اخذ في النمو في أوائل النصف الثاني من القرن العشرين كالقانون الدولي الخاص التشيك سلوفاكي الصادر في سنة 1963 طبقا للمادة 23 منه، والقانون الدولي الخاص البولوني الصادر سنة 1965 طبقا للمادة 19 أيضا المادة 18 من قانون إصدار الألماني الصادر في سنة 1965.
غير انه هناك من يرى تطبيق جنسية الأم بحيث ذهب هذا الرأي إلى إخضاع البنوة الشرعية لجنسية الأم على اعتبار أنها في غالب الأحيان المحور الأساسي لكل الدعاوى المتعلقة بالنسب.
كما أنها من النادر أن تكون مجهولة بخلاف الأب، وهذا الرأي اخذ به المشرع الفرنسي بعد تعديل 1972.
وفي مقابل ذلك هناك اتجاه، قال بوجوب خضوع البنوة لقانون جنسية من يراد الانتساب إليه من الوالدين سواء أكان الأب أو الأم لان البنوة تتعلق بحالة من يراد الانتساب إليه[15]، وهذا ما اخذ به المشرع المصري في قانون المرافعات الصادر سنة 1949، في المادة 905 منه التي تنص ” ترفع الدعوى بإثبات النسب وفقا لأحكام والشروط وفي المواعيد التي ينص عليها قانون بلد من يطلب الانتساب إليه وتتبع في إثباتها القواعد التي قررها القانون المذكور”.
وتورد هذه المادة قاعدة إسناد تقضي بتطبيق قانون جنسية الأب إذا كان المراد إثبات النسب من جهة الأب، وتطبيق جنسية الأم إذا كان المراد هو إثبات النسب من الأم.
والى جانب الآراء المتقدمة ذهب هذا الاتجاه إلى القول بإخضاع البنوة لقانون جنسية الأب وقانون جنسية الابن معا تطبيقا جامعا.
وعيب هذا الرأي انه يؤدي في واقع الأمر إلى تطبيق الأحكام المتفقة في القانونين، دون تلك المتعارضة مع أن الحرج الذي يتعين الخروج منه هو بالنسبة للمتعارضة.
ب-: تطبيق القانون الأفيد للابن:
رجحت تشريعات أخرى النص على تطبيق القانون الأصلح للابن ومن التشريعات التي أخذت بهذا الرأي نجد ما تنص عليه المادة 52 من القانون الدولي الخاص التونسي رقم 98-97 الصادر في 27/11/1998 غير انه انتقد هذا الرأي من طرف اتجاه أخر الذي يرى تطبيق القانون الذي يحكم أثار الزواج وهو قانون جنسية الزوج الأب وهو رب الأسرة ويبرر بعض الشراح تطبيق قانون الأب بان القانون الواجب التطبيق على البنوة هو في حقيقة الأمر القانون الواجب التطبيق على ” الرابطة” وليس على الشخص وما دامت الرابطة من روابط الأسرة تعين أن يحكمها القانون الذي يحكم هذه الروابط وهو القانون الذي يحكم أثار الزواج[16].
غير أن هذا الاتجاه لم يسلم أيضا من النقد بحيث يرى اتجاه أخر أن القانون الواجب التطبيق ليس القانون الأفيد للابن أو القانون الذي يحكم أثار الزواج بل القانون الواجب التطبيق هو القانون الشخصي للأب وهو الراجح فقها وقضاء، وتشريعا ويستند هذا الرأي إلى أن الأب هو الذي اوجد الابن والى أن إثبات البنوة يهم الأب أكثر من الابن ومن التشريعات التي أخذت به وبنص صريح القانون الكويتي، القانون العراقي، القانون القطري، وأيضا القانون الجزائري.
فالهدف من إخضاع البنوة لقانون جنسية الأب يبرر تفضيله أن البنوة الشرعية تتصل بمصلحة الأسرة ليس بمصلحة الولد
ثانيا: القانون الواجب التطبيق على البنوة الطبيعية
البنوة الطبيعية والتي تمثل ثمرة علاقة غير شرعية بين الرجل و المرأة فان هذه الحالة تثير إشكالا كبيرا في تنازع القوانين خاصة إذا علمنا أن عدة دول إسلامية ومنها المغرب ، الجزائر ..لا تعترف بهذا النوع من البنوة.
وأمام البحث عن هذا القانون الواجب التطبيق في هذه الحالة يتنازع القضاء والفقه المقارن في هذا الصدد إلى عدة اتجاهات[17] منهم من ذهب إلى تطبيق قانون جنسية الابن (أ) بينما ذهب البعض الأخر إلى تطبيق القانون الأفيد للابن (ب).
أ: تطبيق قانون جنسية الابن:
ذهب هذا الرأي إلى ترجيح تطبيق قانون الولد و ذلك لاعتبارات ومنها أن الأمر يتعلق بحماية الولد واثبات مدى حقه في النفقة اللازمة لاستمرار حياته ثم إن البنوة الطبيعية تتصل بحالة الولد والقاعدة أن القانون الواجب التطبيق حالة الشخص هو قانون جنسيته.
لكن ماذا لو اختلفنا في الجنسية فما هو القانون الواجب التطبيق؟ اختلفت الآراء حيال التساؤل السابق، فالبعض يرى تطبيق القانون الأشد أو ما يسمى بالتطبيق الجامع للقانونين الأب المتبنى و قانون الابن المتبنى والأخذ بأكثرهما شدة ودقة فيما يتعلق بالتبني[18]، بينما يرى البعض تطبيق قانون الابن المتبني على أساس من القول بان التبني يتعلق بالحالة المدنية لهذا الأخير أكثر من تعلقها بحالة طالب التبني، والبعض الأخر يرى تطبيق قانون طالب التبني على أساس التبني , هنا يتعلق بحالة هذا الشخص العائلية، وهناك من يرى ضرورة خضوع التبني عند اختلاف جنسية أطراف هذه العملية إلى القانون الذي يحكم أثار الزواج كما سبق توضيح ذلك ومنهم من يرى تطبيق القانون الوطني ومنهم من يرى تطبيق القانون الأكثر رعاية للمتبنى حتى ولو كان قانونا أجنبيا وذلك لان هذا القانون دون غيره هو القانون الذي ينسجم مع الغاية المرجوة من إقرار نظام التبني وهو حماية المتبنى و هو ما سنتطرق له في النقطة الموالية.
غير انه يجب الإشارة إلى أن القانون المدني الأردني، بدوره رغم سكوته عن معالجة المسائل المتعلقة بالنسب إلا أن المواد (147-149) من قانون الأحوال الشخصية الأردنية قد اعتبرت المسائل المتعلقة بالبنوة سواء أكانت شرعية[19] أو غير شرعية وغيرها…من عناصر الحالة من مسائل الأحوال الشخصية وبالتالي يجب تطبيق قانون الجنسية، بحيث أن القانون الأردني لا يرتب أي اثر[20] على البنوة الطبيعية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ورغم ذلك أن الفقرة الرابعة من المادة الثالثة من قانون الجنسية الأردنية رقم (6) لسنة 1954 قد اكتسبت هذا المولود الجنسية الأردنية الأصلية المبنية على حق الدم المقترن بحق الإقليم بقولها: يعتبر أردني الجنسية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية لها، إذا لم تثبت إلى أبيه قانونا”[21].
هذا باختصار ما ورد بخصوص تطبيق قانون جنسية الابن.
ب-: تطبيق القانون الأفيد للابن:
ذهب جانب من الفقه إلى القول بأنه من الأفضل في هذه الحالة تطبيق القانون الأكثر ملائمة، لمصلحة الولد[22] إلا في حالة وجود عائق يعود إلى فكرة النظام العام، حجتهم في هذا الرأي أن تطبيق القانون الجزائري مثلا يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بمصلحة الولد باعتباره لا يعترف سوى بالنبوة الشرعية وهناك تشريعات لم تعد تميز مطلقا بين البنوة الشرعية والبنوة الطبيعية كالقانون الفرنسي.
أما بخصوص ألمانيا فهي قد أجازت استبدال القانون الأجنبي لمصلحة الطفل بحيث نصت المادة 22 من قانون مقدمة المدونة المدنية، الألمانية على ما يلي” يسري على التبني قانون الجنسية التي يحملها المتبني لحظة تأسيس التبني، وتسري على التبني إذا قام به احد الزوجين أو كلاهما أحكام القوانين التي تنظم الآثار العامة للزواج”.
إلا أن المادة 23 أقرت ما يلي:” يرجع أيضا في تحديد وجوب الموافقة وتقديمها من طرف الطفل وشخص يرتبط معه الطفل بعلاقة محكومة بالحق العائلي(…) إلى قانون الدولة التي يحمل القاصر جنسيتها، ويطبق القانون الألماني بدله إذا استجوبت ذلك مصادقة الطفل.
فتطبيق القانون الأفيد أو الأصلح للطفل فهو يراعي مصلحة الفضلى للطفل هذه الأخيرة التي فرضت نفسها كضابط للإسناد استطاع القضاء الأوروبي، استغلالها للقفز على مختلف الاعتبارات فالقاضي عندما تعرض عليه نازلة أو نزاع يهم طفل، فان بإمكانه أن يسحب الاختصاص من القانون الوطني للطفل لصالح قانونه، هو أي قانون القاضي باسم المحافظة على المصلحة الفضلى للطفل.
أما إذا كان القانون الوطني للطفل هو الأفيد له ويستطيع توفير الحماية الكافية له فان القاضي يطبقه[23]، إذ يمكن القول على أن القضاء الأوروبي قد وجد في ضابط المصلحة الفضلى للطفل المتنفس والأساس المعتمد عليه لمصادرة القانون الوطني للطفل خصوصا عندما يتعلق بمؤسسات غير معترف بها لديه، فالقاضي يلجا إلى المصلحة الفضلى لتثبت بعض المؤسسات وضرب بعضها، ففي قرار صادر عن استئنافية ليون بتاريخ 12 دجنبر 2000، والذي رفض تطبيق القانون المغربي بعلة أن هذا الأخير يعارض المصلحة الفضلى للطفل غير الشرعي ما دام يحرمه من حقه في الاستفادة من نسبه للأب”.
وهو كذلك ما تبنته محكمة النقض الفرنسية، إذن فالمصلحة أصبحت تجيز للقاضي غض الطرف عن قانون الطفل الوطني ما دام لم يوفر له الحماية اللازمة ويطبق القانون الأجنبي ( أيا كان هذا القانون سواء قانون القاضي نفسه أو قانون محل إقامته الاعتيادية…)[24] شريطة أن يحقق مصلحة أفضل للطفل.
وإذا كانت غالبية الدول الأوروبية تعتمد في مجال حماية النسب وفي مساواة الابن الطبيعي مع الابن الشرعي استنادا إلى مبدأ المصلحة الفضلى للطفل المكرس في المواثيق الدولية وخصوصا اتفاقية حقوق الطفل 1989 واتفاقية حماية القاصرين لسنة 1961 ثم اتفاقية لاهاي 1996 التي جاءت هي الأخرى بضمانات حمايته للطفل دون أي تمييز لكن الإشكال الذي يطرح في هذا الصدد هو نسبية هذا الضابط وعدم دقته لدى الدول التي تأخذ به.
حيث نجد بعض الأحكام القضائية الصادرة في الموضوع تبدو متباينة إذ أنها تعتبر مصلحة الطفل مهما كانت جنسيته وتسند الاختصاص لقانونها الوطني مادام هو الأصلح دون مراعاة قانونه الوطني بغض النظر عن الآثار السلبية المترتبة عن ذلك.
ولتوضيح مسالة تنازع القوانين في تحديد القانون الواجب التطبيق للابن الطبيعي سنجمل كل ما قلناه من خلال موقفين متضاربين وهما على الشكل التالي:
موقف الأول: فالموقف الأول يرى أن النسب الطبيعي يخضع للقانون الوطني للطفل باعتباره الطرف الضعيف بالدرجة الأولى لما يقتضي إخضاع النسب بقانون الجنسية مبررين ذلك كون الأمر يتعلق بحماية القاصر من جهة ومن جهة أخرى استحقاقه للنفقة[25]، كواجب ضروري ومن جهة أخرى هو أن البنوة غير الشرعية تتصل بالولد وهو ما يتطلب تطبيق قانون جنسيته واخذ بهذا الاتجاه كل من التشريع التشيكي و الهنغاري.
موقف ثاني: يرى هذا الرأي الاتجاه بضرورة إخضاع النسب الطبيعي للقانون الوطني للام يعني ضرورة تطبيق على النسب الطبيعي جنسية أحد الوالدين الذي يريد الانتساب إليهما وهكذا نجد المشرع الفرنسي يتبنى هذا الطرح من خلال تطبيق قانون جنسية الأم في موضوع النسب غير الشرعي عند الولادة الأمر الذي تعرض للانتقاد من طرف الفقه المغربي منهم الأستاذ “ناصر متيوي مشكوري” ، بكونه يرى انه لا يراعي مصالح الجالية المسلمة والمغربية على وجه الخصوص التي لا يعترف قانونها المنظم للأسرة بأية حقوق للطفل الطبيعي تجاه الأب.
وفي الأخير، تجدر الإشارة إلى أن ضابط المصلحة الفضلى للطفل استطاع من خلاله القضاء الأوروبي أن يجعل منه ضابطا قائما بذاته ومستقلا يقفز على مختلف الاعتبارات القانونية والوطنية كلما تعلق الأمر بنزاع يهم الطفولة فان الاختصاص يسحب من قانونه الوطني لفائدة قانون القاضي إذا كان هذا الأخير هو الأصلح لضمان حقوق الطفل[26].
ثالتا: النسب غير الشرعي من خلال العمل القضائي المقارن:
صدرت عدة قرارات قضائية بخصوص مركز الابن الطبيعي ” لذلك من خلال هذه النقطة سوف يتم الحديث عن موقف القضائي لبعض التشريعات الغربية.
- الموقف القضائي لبعض التشريعات الغربية:
فبخصوص القضاء الفرنسي فقد اتسم موقفه بالتضارب وعدم الاستقرار لمدة طويلة[27]، إذ بعد أن أكد في قرار Torlet على أن القانون المطبق على التبني هو قانون الطفل المتبنى، وان منع التبني الوارد في القانون المغربي لا يشكل خروجا عن النظام العام الفرنسي، مادامت الكفالة تعتبر بديلا للطفل المحروم، ليذهب في قرارات أخرى عكس هذا الاتجاه حين رأى بان ” منع التبني من طرف القانون المغربي حفاظا على مصلحة الطفل..يتعارض مع التصور الفرنسي للنظام العام الدولي ما دام انه يستبعد التبني حتى في صورته البسيطة، على اعتبار أن الطفل المقيم في فرنسا منذ سنتين مع زوجين تربطهما علاقة وثيقة بفرنسا”.
كما جاء في قرار الاستئنافية باريس أن أمر إسناد الكفالة الصادر عن السلطات المغربية يعتبر بمثابة إذن أو ترخيص بتبني الطفل في فرنسا”
وأيضا القرار الصادر عن محكمة نقض الفرنسية بتاريخ 10 ماي 2006، الذي جاء في حيثياته لا يعتبر مخالفا للنظام العام القانون الأجنبي، الذي يمنع الاعتراف بالنسب الطبيعي في ظل غياب رابطة قانونية وتجمع الطفل بالقانون الفرنسي.
كما أن هناك أيضا قرار صادر عن استئنافية ليون الفرنسية بتاريخ 12/12/2000 التي رفضت تطبيق القانون المغربي بعلة كونه يتعارض مع المصلحة الفضلى للطفل الغير الشرعي مادام انه يحرمه من حقه في الاستفادة من نسبه للأب.[28]
إذ قضت بما يلي:” بما أن الولد الطبيعي ولد بفرنسا، وقد تم الاعتراف به من طرف أمه المغربية يوم ولادته من طرف أبيه، إلا أن القانون الشخصي للأب لا يسمح له بالاعتراف بالولد الطبيعي، إلا انه وفقا للقانون الشخصي للام فان البنوة الطبيعية ترتب أثارها…وبما أن مصلحة الطفل تتمثل في الاعتراف به من كلا الوالدين وبما انه يترتب عن تطبيق القانون المغربي حرمان الطفل من نسب أبيه ومن جنسيته، فانه يتعين استبعاده لأنه يعارض النظام العام الفرنسي”
وفي نفس المسار ذهب قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية سنة 2003 إذ جاء فيه: أنه ليس من المعقول حرمان الطفل الطبيعي من حقوقه بدعوى حماية الأسرة التقليدية، فهذا يتعارض مع الفصل الثامن من اتفاقية حقوق الطفل التي تضع مصلحة الطفل فوق كل اعتبار”[29].
بل الأكبر من ذلك هو ما ذهبت إليه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قرار صادر لها بتاريخ 1 فبراير سنة 2000، التي أدانت فيه فرنسا لعدم مساواتها بين الطفل الشرعي و الطفل الطبيعي في الإرث[30].
وبهذا يتضح أن مجمل التطبيقات القضائية المذكورة تعتمد على قاعدة الإسناد الاحتياطية المتمثلة في قانون القاضي رغم أن الأمر يتعلق بطفل من أصول مغربية مبررا ذلك بان مصلحة الطفل تقتضي ذلك لتأسيس بنوته الطبيعية اتجاه والده.
من خلال إستعراض هذه الأحكام القضائية الصادرة عن القضاء الأوربي، في مجال الوضع الحقوقي للطفل غير الشرعي يتبين أن الخلاف القائم بين مرجعيتين وهما مرجعية إسلامية يمثلها القانون المغربي بشكل خاص، والقوانين الإسلامية بشكل عام ومرجعية علمانية يجسدها القانون والقضاء الأوروبي، وعليه يلاحظ أن القضاء المغربي لا يتردد في رفض تذليل الأحكام الأجنبية الصادرة في قضايا النسب غير الشرعي وذلك كلما كان المسلم طرفا محوري في النزاع.
وهكذا نجد من خلال هذا التباين بين المرجعية الإسلامية المتمسكة بقواعد الفقه الإسلامي المبنية على الثوابت المدونة في نصوص القران والسنة، والمرجعية العلمانية التي تجسدها المواثيق الدولية وكذا الدول الأوربية، الموصوفة بمبادئ الحرية والمساواة فيما يخص مؤسسة الاعتراف للطفل الغير الشرعي بنفس الحقوق مقررة للطفل الشرعي أفرزت تصادم بين الأنظمة حول مدى توسيع ضابط الرادة في تنظيم الروابط الأسرية[31].
خاتمة :
خلاصة القول، أن المسائل المتعلقة بالحضانة أو بالنسب تعتبر من النظام العام لكونها مسائل جد حساسة تمس المجتمع وتمس الشريعة الإسلامية، لذلك على المشرع أن يكون حذرا في معالجته لمسائل النسب أو الحضانة سواء في مدونة الأسرة أو في القانون الدولي الخاص خاصة وأن نسب الأطفال وجنسيتهم في الزواج المختلط سواء بين مختلف الديانة أو الجنسية يعد بؤرة لتنازع القوانين لكون هذه الظاهرة قد تفشت بشكل كبير في الآونة الأخيرة في أوساط الجالية الإسلامية والمغربية بوجه خاص في دول الغرب.
لائحة المراجع
- عبد العالي الدليمي، الحماية القانونية للطفل، الجزء الأول، الطبعة الأولى، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش 2017ص23
- جليلة دريسي، الحضانة في الزواج المختلط بين التشريع وعوائق التطبيق، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، مركز دراسات الدكتوراه في القانون والاقتصاد والتدبير، مختبر البحث في قانون الأسرة والهجرة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، الموسم الجامعي:2011/2012 ص56
- ظهير 12 غشت 1913 بشأن الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب، منشور بالجريدة الرسمية عدد: 46 بتاريخ 12 شتنبر 1913، ص:77.
- محمد الكشبور، الواضح في شرح مدونة الأسرة “الجزء الأول”، الطبعة الثالثة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2015
- محمد زريول، نظام الكفالة في ظل تطور ضوابط الإسناد، مقال منشور بمجلة دفاتر أسرية، العدد الثاني، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، يوليوز 2017، ص:166
- جليلة دريسي، الحضانة في الزواج المختلط بين التشريع وعوائق التطبيق، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، مركز دراسات الدكتوراه في القانون والاقتصاد والتدبير، مختبر البحث في قانون الأسرة والهجرة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، الموسم الجامعي:2011/2012، ص: 90
- محمد الكشبور، الواضح في شرح مدونة الأسرة “الجزء الأول”، الطبعة الثالثة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2015، ص: 128
L’article 3/1 de la convention Internationale des Droits De L’enfant : dans toutes les décisions qui tribunaux, des autorités administratives ou des organes législatifs, l’intérêt supérieur de l’enfant doit être une considération primordiale.concernent les enfants, qu’elles soient le fait des institutions publiques ou privées de protection sociale, des
- موحى ولحسن ميموني، وضعية الأسرة المغربية في ضوء التطورات الإسناد، مقال منشور بمجلة الملف، العدد الرابع، شتنبر 2004، ص،111
- الشافعي حفيظة، تطور النظام العام الأسري في القانون المغربي،مجلة الأبحاث و الدراسات القانونية،العدد الخامس، 2015.
- محمد المهدي، مدى إمكانية تطبيق قانون الأسرة المغربي أمام القضاء الأوربي، مجلة الحقوق المهاجرين العدد السادس، أبريل –يونيو2009
-غالب عل الداودي القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين ، مطبعة دار الثقافة ، المملكة الأردنية الطبعة الأولى 2011،ص:182.
- يوبي سعاد، تنازع القوانين في مجال النسب، مذكرة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص، جامعة أبي بكر بلقايد، كلية الحقوق تلمسان الجزائر، 2009-2010،ص:59
- عفاف المصمودي، ضوابط الإسناد الخاصة بالأحوال الشخصية في القانون الدولي الخاص، المغربي والمقارن، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، الرباط اكدال ص55.
- خالد برجاوي، القانون الدولي الخاص في مادة الأحوال الشخصية، دار القلم للطباعة، والنشر و التوزيع، الرباط، الطبعة الثانية 2006،ص:182
- عامر محمد الكسواني، تنازع القوانين ،دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان، الطبعة الأولى، 2010ص:173
-Mariam Monjid, L’islam et la modernité dans le droit de la famille au MaghrebeL’harmattan 2013, Paris, P :139
-ابراهيم احمد ابراهيم، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، بدون جهة نشر،القاهرة،1997،ص:12
- هشام علي صادق، تنازع القوانين، منشاة المعارف الإسكندرية، الطبعة الثالثة، 1984،ص:565
-مهند احمد الصانوري، القانون الدولي الخاص، دراسة في تنازع القوانين، دار وائل للنشر، الطبعة الأولى، 2011ـ، ص:154
- [1]0Fulchiron, hugues , Parente, Filiation, orgines , Bruylant , Bruxelles 2013, P :20
-أذيبة بواضيل، المصلحة الفضلى للطفل في إطار الروابط الدولية الخاصة، رسالة لنيل بلوم الماستر، جامعة محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية فاس 2005،2006،ص:90
- مونية بنعلة، الكفالة في إطار الروابط الدولية الخاصة بحث لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص جامعة مولاي إسماعيل كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، مكناس 2010،ص:30
- غزلان الجاي، الروابط بين الآباء والأبناء في القانون الدولي الخاص المغربي، اتفاقية لاهاي 1996 خاصة بحماية القاصرين، رسالة الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، الرباط، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية اكدال 2006-2007،ص:21
- احمد الهوتي، ضابط الإرادة في الروابط الأسرية، رسالة لنيل بلوم الماستر في الأسرة والتنمية جامعة مولاي إسماعيل، مكناس كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية،2012-2013،ص:86
François terré droit civil les personnes la famille les incapacités 7é édition Dalloz Paris 2005,P :571
- غميط فتحية، تطبيق أحكام مدونة الأسرة المغربية أمام القضاء الفرنسي، رسالة لنيل دبلوم الماستر، في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم و القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، بوجدة، 2007-2008،ص:95
الهوامش:
[1] عبد العالي الدليمي، الحماية القانونية للطفل، الجزء الأول، الطبعة الأولى، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش 2017ص23
[2] جليلة دريسي، الحضانة في الزواج المختلط بين التشريع وعوائق التطبيق، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، مركز دراسات الدكتوراه في القانون والاقتصاد والتدبير، مختبر البحث في قانون الأسرة والهجرة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، الموسم الجامعي:2011/2012 ص56
[3] ظهير 12 غشت 1913 بشأن الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب، منشور بالجريدة الرسمية عدد: 46 بتاريخ 12 شتنبر 1913، ص:77.
[4] محمد الكشبور، الواضح في شرح مدونة الأسرة “الجزء الأول”، الطبعة الثالثة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2015
[5] محمد زريول، نظام الكفالة في ظل تطور ضوابط الإسناد، مقال منشور بمجلة دفاتر أسرية، العدد الثاني، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، يوليوز 2017، ص:166
[6] جليلة دريسي، الحضانة في الزواج المختلط بين التشريع وعوائق التطبيق، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، مركز دراسات الدكتوراه في القانون والاقتصاد والتدبير، مختبر البحث في قانون الأسرة والهجرة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، الموسم الجامعي:2011/2012، ص: 90
[7] محمد الكشبور، الواضح في شرح مدونة الأسرة “الجزء الأول”، الطبعة الثالثة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2015، ص: 128
[8] L’article 3/1 de la convention Internationale des Droits De L’enfant : dans toutes les décisions qui tribunaux, des autorités administratives ou des organes législatifs, l’intérêt supérieur de l’enfant doit être une considération primordiale.concernent les enfants, qu’elles soient le fait des institutions publiques ou privées de protection sociale, des
[9] موحى ولحسن ميموني، وضعية الأسرة المغربية في ضوء التطورات الإسناد، مقال منشور بمجلة الملف، العدد الرابع، شتنبر 2004، ص،111
[10] يقصد بالنظام العام هو مجموع القواعد والقيم التي تشكل الأسس الجوهرية للمجتمع، هذه القواعد لئن كانت غير محددة إلا أنها راسخة في الضمير الجماعي متفق على ضرورة النزول عند احكامها باعتبارها الضامن لكيان المجتمع وخصوصيتهن لهذا تحرص كل التشريعات الداخلية على ضرورة مراعاة النظام العام وعدم شرعية تجاوز المبادئ والقواعد التي يتشكل منها، أوردته: جليلة دريسي، القانون الدولي الخاص، الطبعة الأولى، مكتبة القدس، اكادير،2015، ص:126.
[11] الشافعي حفيظة، تطور النظام العام الأسري في القانون المغربي،مجلة الأبحاث و الدراسات القانونية،العدد الخامس، 2015.
[12] محمد المهدي، مدى إمكانية تطبيق قانون الأسرة المغربي أمام القضاء الأوربي، مجلة الحقوق المهاجرين العدد السادس، أبريل –يونيو2009
[13] غالب عل الداودي القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين ، مطبعة دار الثقافة ، المملكة الأردنية الطبعة الأولى 2011،ص:182.
[14]يوبي سعاد، تنازع القوانين في مجال النسب، مذكرة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص، جامعة أبي بكر بلقايد، كلية الحقوق تلمسان الجزائر، 2009-2010،ص:59
[15] عفاف المصمودي، ضوابط الإسناد الخاصة بالأحوال الشخصية في القانون الدولي الخاص، المغربي والمقارن، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، الرباط اكدال ص55.
[16] خالد برجاوي، القانون الدولي الخاص في مادة الأحوال الشخصية، دار القلم للطباعة، والنشر و التوزيع، الرباط، الطبعة الثانية 2006،ص:182
[17] عامر محمد الكسواني، تنازع القوانين ،دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان، الطبعة الأولى، 2010ص:173
[18]Mariam Monjid, L’islam et la modernité dans le droit de la famille au MaghrebeL’harmattan 2013, Paris, P :139
[19]ابراهيم احمد ابراهيم، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، بدون جهة نشر،القاهرة،1997،ص:12
[20] هشام علي صادق، تنازع القوانين، منشاة المعارف الإسكندرية، الطبعة الثالثة، 1984،ص:565
[21] مهند احمد الصانوري، القانون الدولي الخاص، دراسة في تنازع القوانين، دار وائل للنشر، الطبعة الأولى، 2011ـ، ص:154
[22]Fulchiron, hugues , Parente, Filiation, orgines , Bruylant , Bruxelles 2013, P :200
[23]اذيبة بواضيل، المصلحة الفضلى للطفل في إطار الروابط الدولية الخاصة، رسالة لنيل دبلوم الماستر، جامعة محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية فاس 2005،2006،ص:90
[24]مونية بنعلة، الكفالة في إطار الروابط الدولية الخاصة بحث لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص جامعة مولاي إسماعيل كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، مكناس 2010،ص:30
[25] غزلان الجاي، الروابط بين الآباء والأبناء في القانون الدولي الخاص المغربي، اتفاقية لاهاي 1996 خاصة بحماية القاصرين، رسالة الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، الرباط، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية اكدال 2006-2007،ص:21
[26]احمد الهوتي، ضابط الإرادة في الروابط الأسرية، رسالة لنيل بلوم الماستر في الأسرة والتنمية جامعة مولاي إسماعيل، مكناس كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية،2012-2013،ص:86
[27] François terré droit civil les personnes la famille les incapacités 7é édition Dalloz Paris 2005,P :571
[28]قرار أورده احمد الهوتي، في رسالته:” ضابط الإرادة في الروابط الأسرية” لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة مولاي إسماعيل، كلية الحقوق مكناس،2012-2013،ص:79
[29]غميط فتحية، تطبيق أحكام مدونة الأسرة المغربية أمام القضاء الفرنسي، رسالة لنيل دبلوم الماستر، في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم و القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، بوجدة، 2007-2008،ص:95
[30]قرار أوردته كنزة فراج في رسالتها: تعزيز القدرة التنافسية لمدونة الأسرة أمام القضاء الأوروبي لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية مكناس، 2010،2011،ص:84
[31] احمد الهوتي، ضابط الإرادة في الروابط الأسرية، مرجع سابق،ص:79-80
تعليقات 0