عبد الكريم بالهدى: مظاهر التبعية في الوظيفة العمومية

نور الدين أبو عبد الله: المصلحة الفضلى للطفل في القانون الدولي الخاص و المقارن (الحضانة و النسب نموذحا )

عبد اللطيف الحسناوي: الأدوار الجديدة لهيئة كتابة الضبط وفقا للقانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي

30 مايو 2023 - 9:38 م مقالات , القانون الخاص , في الواجهة , مقالات
  • حجم الخط A+A-

عبد اللطيف الحسناوي:  دكتور في الحقوق وباحث في الشؤون القانونية والقضائية

مقدمة:

يعتبر التنظيم القضائي ذلك الإطار أو النظام القانوني الذي ينظم قواعد وأسس العمل القضائي بشكل عام، وذلك من خلال الإشارة إلى المفاهيم المتعلقة بإنشاء المحاكم وتأليفها واختصاصاتها وطريقة اشتغالها، بالإضافة إلى القواعد المنظمة لعمل القضاة ومساعدي القضاء .

وقد مر التنظيم القضائي المغربي بمجموعة من المراحل التاريخية امتدت إلى ما قبل  الاحتلال الفرنسي حيت مر من مرحلتين, المرحلة الأولى: كان فيها الفقه الإسلامي و الأعراف هما المطبقان وان بقيت بعض الأقليات خاضعة لقواعد خاصة كاليهود المغاربة أما المرحلة الثانية: ظهر فيها نظام الامتيازات ليحول دون تطبيق الفقه الإسلامي على المستفيدين من الحماية ولو كانوا مغاربة مسلمين.  أما في مرحلة الاحتلال الفرنسي فقد عمدت فرنسا إلى إلغاء القضاء القنصلي بعدما  أنشئت محاكم تسير ونظامها القضائي, وذلك قبل أن يتشكل ‎التنظيم  القضائي بالمغرب أنداك من المحاكم العبرية و المحاكم الشرعية و المحاكم المخزنية و المحاكم الفرنسية ،مباشرة بعد استقلاله عمل المغرب على إلغاء كل المحاكم التي تتنافى و السيادة المستقلة للمغرب.

فاحدث مجموعة من المحاكم  , وذلك قبل إن يصدر قانون التوحيد و المغربة و التعريب في 26 يناير 1965 الذي ألغى المحاكم العصرية و المحاكم الشرعية والعبرية لكن القفزة النوعية التي عرفها التنظيم القضائي هي إصدار ظهير 15 يوليوز 1974المتعلق بالتنظيم القضائي (1).

الذي شكل ثورة قانونية تعززت بمجموعة من التعديلات اللاحقة إلى إن صدر القانون رقم 15.38 المتعلق بالتنظيم القضائي (2)، بعد مخاض عسير دام لأزيد من سبع سنوات من النقاش الفقهي و القانوني و السياسي حول مضامين هذا القانون الذي جاء ليعزز الترسانة القانونية المغربية بعد التعديل الدستوري لسنة 2011 , الذي فرض على المشرع المغربي سن مجموعة من القوانين  المواكبة لهذا الدستور الجديد , و قد جاء هذا القانون بمجموعة من المستجدات تفاعلت نسبيا مع مطالب الهيئات المتدخلة في الشأن القضائي و مع متطلبات المرحلة الحالية المتسمة بالتحديث الحاصل بمختلف المرافق القضائية والإدارية المهتمة بشأن العدالة  .

وتعتبر هيئة كتابة الضبط من الهيئات التي تطرق إليها قانون التنظيم القضائي الجديد في العديد من مواده فهل وفق المشرع في إبراز أهمية وادوار كتابة الضبط ؟

سنحاول الإجابة على هذه الإشكالية من خلال النقط التالية:

  • أولا: هيئة كتابة الضبط بين التأصيل لعملها والهيكلة الإدارية المنشودة
  • ثانيا: اختصاصات وعضوية رؤساء كتابات الضبط ورؤساء كتابات النيابة العامة بأجهزة للمحكمة

أولا :هيئة كتابة الضبط بين التأصيل لعملها والهيكلة الإدارية المنشودة

1- المادة 19 والتأصيل لعمل كتابة الضبط

تسلط هذه المادة الضوء على هيئة من أهم الهيئات العاملة داخل المحاكم والتي لها دورا محوريا وأساسيا لضمان السير العادي للعمل بها ، وهي جهاز كتابة الضبط والتي نظمت بمقتضى مرسوم 473.11.2 بشأن النظام الأساسي لكتابة الضبط الصادر بتاريخ 14/9/ 2011،(3) الذي نص في مادته الأولى على انه ” تحدث هيئة لكتابة الضبط بوزارة العدل” ، وتضيف المادة الثالثة على انه ” يمارس الموظفون المنتمون لهيئة كتابة الضبط تحت سلطة رئيس الإدارة المهام التي تدخل في مجال اختصاصهم بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ، ويساعدون القضاء في أداء رسالته ، ويمكن بالإضافة إلى المهام المذكورة أعلاه تحديد مهام أخرى لكل إطار من اطر هيئة كتابة الضبط بقرار لوزير العدل .

وتؤكد المادة 19 من القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي في فقرتها الأولى على ان المقصود بموظفي  في مدلول هذا القانون موظفو هيئة كتابة الضبط بمختلف فئاتهم من منتدبين قضائيين ومحررين قضائيين وكتاب الضبط وفقا للنظام الأساسي لهيئة كتابة الضبط ، وباقي الموظفين النظاميين العاملين بالمحكمة ، والخاضعين لقانون الوظيفة العمومية من متصرفين وتقنيين ومهندسين وغيرهم .

ويمارس هؤلاء الموظفون المذكورين أعلاه والمنتمون لهيئة كتابة الضبط مهامهم تحت سلطة ومراقبة الوزارة المكلفة بالعدل في شخص الوزير الوصي على القطاع ، كما يخضعون لسلطة ومراقبة المسؤولين القضائيين  متى كانت مهامهم ذات طبيعة قضائية ، أما إذا كانت مهامهم ذات طبيعة إدارية ومالية فإنهم يمارسونها تحت سلطة ومراقبة الوزير المكلف بالعدل وإشراف المسؤولين القضائيين بالمحكمة كل في مجال اختصاصه مع مراعاة المادة 23 من ذات القانون الذي يعتبر كل من رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة الرئيس التسلسلي لموظفي كتابة الضبط وموظفي كتابة النيابة العامة على صعيد كل محكمة كل فيما يخصه والذي يتولى بهذه الصفة الإشراف المباشر على الموظفين التابعين له ومراقبة تقييم أدائهم وتنظيم عملهم وتدبير الرخص المتعلقة بهم.

وبالرجوع إلى المادة 19 من القانون 38.15 السالفة الذكر نلاحظ أنها أغفلت ذكر موظفي الإدارة المركزية لوزارة العدل والمديريات الإقليمية والمراكز الجهوية للحفظ والمؤسسة المحمدية لقضاة وموظفي العدل ومدى انتمائهم لهيئة كتابة الضبط خصوصا وان موظفي الإدارات السابقة ينتمي جلهم إلى مختلف اطر هيئة كتابة الضبط من منتدبين قضائيين ومحررين قضائيين وكتاب الضبط والذين يسري عليهم النظام الأساسي لهيئة كتابة الضبط ،إلا انه في اعتقادي أن عدم ذكر هذه الفئات من الموظفين بصلب المادة 19 رغم انتمائهم لهيئة كتابة الضبط يرجع بالأساس إلى كون المعنيين بالذكر بالمادة السالفة يقومون بالمهام الأصيلة لجهاز كتابة الضبط والمرتبطة بالمحاكم التي ينظمها التنظيم القضائي.

مقال قد يهمك :   6 وقائع كارثية تجلب تعويضات عن الأضرار للضحايا بالمغرب

2- الهيكلة الإدارية المنشودة:

أصبح من الضروري بعد صدور قانون التنظيم القضائي أن تطرأ تغييرات جوهرية على الهيكلة الإدارية لمحاكم المملكة حتى تواكب المستجدات التي أتى بها هذا القانون ، خصوصا وان الهيكلة الإدارية الحالية تعود بنا إلى سنة 1979 من خلال منشور الوزير الأول ووزير العدل بتاريخ 22 مايو 1979  بشان التنظيم الهيكلي لكتابة الضبط وكتابة النيابة العامة (4) ،والذي تميز بتقسيم كتابة الضبط إلى جناحين هما جناح الرئاسة ممثلة في كتابة الضبط وجناح النيابة العامة ممثلة في كتابة النيابة العامة، وتعتبران في حكم مصالح بالإدارة المركزية باستثناء مدن الدار البيضاء ، الرباط ، مراكش ، فاس ومكناس التي تعتبر في حكم أقسام بالإدارة المركزية ، نظرا لحجم القضايا المعروضة عليها ، وتنقسم هذه المكاتب إلى أقسام وشعب .

ونظرا إلى طبيعة وحجم وأهمية القضايا المعروضة على المحاكم أصبح لزاما على وزارة العدل إخراج تنظيم هيكلي يراعي المستجدات القانونية والتنظيمية للمحاكم خصوصا وان هذه الأخيرة تعج بالموظفين قد تصل المئات في كثير من المحاكم بالمدن الكبرى ، ناهيك عن الأقسام المتعددة و العدد الكبير للغرف والشعب والمكاتب التي يصعب تسييرها بمصلحة وحيدة أو اثنتين .

وقد نصت المادة 22 من القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي على انه ” تحدد الهيكلة الإدارية للمحاكم بنص تنظيمي بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للسلطة للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة”، وبهذا النص يكون المشرع المغربي قد انتبه إلى عدم ملائمة الهيكلة الحالية للمحاكم المغربية لتطلعات التدبير الجيد والفعال لمختلف المرافق الإدارية ، رغم أن هذا النص اغفل استطلاع رأي هيئة كتابة الضبط من خلال ممثليها والتي عانت من مشاكل الهيكلة الحالية وخبرت اكراهاتها ،وأصبح لها ما يكفي من التجربة من اجل بلورة تصورات واضحة واقتراحات عملية بخصوص تجويد وتحديث الهيكلة الإدارية.

ويبقى الرهان ألان على ما سيسفر عنه النص التنظيمي بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة  .

ثانيا: اختصاصات وعضوية رؤساء كتابات الضبط ورؤساء كتابات النيابة العامة بأجهزة للمحكمة

1-الاختصاصات التدبيرية

من المستجدات التي جاء بها قانون التنظيم القضائي التنصيص على ألأهمية القصوى التي يحظى بها رؤساء كتابات الضبط ورؤساء كتابات النيابة العامة حيث تقر المادة 23 على اعتبار كل من رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة ، الرئيس التسلسلي التسلسلي لموظفي كتابة الضبط  وموظفي كتابة النيابة العامة على صعيد كل محكمة كل فيما يخصه، ويتولى بهذه الصفة الإشراف المباشر على الموظفين التابعين له ، ومراقبة تقييم أدائهم وتنظيم عملهم وتدبير الرخص المتعلقة بهم .

وأضافت المادة 23 بالقول “يمارس كل من رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة مهامهما ذات الطبيعة القضائية تحت سلطة ومراقبة المسؤولين القضائيين كل في مجال اختصاصه.

ويخضع كل من رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة في مهامه الإدارية والمالية لسلطة ومراقبة الوزير المكلف بالعدل ، ولإشراف المسؤولين القضائيين بالمحكمة كل في مجال اختصاصه”.

لتختتم بالتنصيص على انه “يتم تعيين كل من رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة من بين الأطر المنصوص عليهم في المادة 19 من هذا القانون ، طبقا للشروط والكيفيات المحددة بموجب النصوص التنظيمية الجاري بها العمل.”

وقد كانت هذه المادة في صيغتها الأولى في المشروع قبل صدور قرار المحكمة الدستورية تحت رقم 19/89 م د بتاريخ 8 فبراير 2019 تقرر الأخذ بنظام الكاتب العام للمحكمة (5) ، حيث تأخذ به بعض الدول كسويسرا إذ يعهد إلى الكاتب العام التدبير الإداري للمحكمة ، ويسهر بذلك على كل ما له علاقة بالتخطيط والتسيير  ورقابة عمل الموظفين وأنشطة المكاتب القضائية ، كما يقدم الدعم اللازم للمحكمة والتنسيق بين مختلف المراكز التابعة لها.

إلا انه سرعان ما تم التراجع عن مؤسسة الكاتب العام بشكل تلقائي رغم عدم إقرار المحكمة الدستورية صراحة عدم دستوريته واكتفى قرارها بالنص على أن  “حيث أن الكاتب العام للمحكمة يعين من بين أطر كتابة الضبط، ويمكنه أن يباشر مهام كتابة الضبط، وهو بهذه الصفة أيضا موضوع تحت سلطة ومراقبة الوزير المكلف بالعدل؛ وحيث إن المقتضيات المذكورة ستجعل من أحد أعضاء كتابة الضبط، في أدائه لعمل ذي طبيعة قضائية، موضوع تحت سلطة ومراقبة السلطة التنفيذية وليس السلطة القضائية، وهو ما يشكل مسا باستقلال السلطة القضائية وانتهاكا لمبدأ فصل السلط (6).

بناء على ذلك، يكون تخويل الكاتب العام، الموضوع تحت سلطة ومراقبة الوزير المكلف بالعدل، أداء مهام كتابة الضبط المندرجة في الشأن القضائي دون إخضاعه لسلطة ومراقبة المسؤول القضائي خلال مزاولته لتلك المهام، مخالف للدستور”

مقال قد يهمك :   حاتم إيوزي : مدى فعالية الملتمسات في مجال التشريع في ترسيخ الديمقراطية التشاركية

بعد صدور قرار المحكمة الدستورية سالف الذكر أثير النقاش مجددا حول مسألة الكاتب العام بالمحكمة حيث ورد في نقاشات لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين أثناء مناقشة صيغة مشروع قانون التنظيم القضائي بعد ترتيب أثار قرار المحكمة الدستورية (7) ،حيث ورد في هذا النقاش انه على على ضوء المبادئ التي أقرتها المحكمة الدستورية بشان مؤسسة الكاتب العام والقواعد الناظمة التي وضعتها لتطاير عمله ، واستحضار للسياق العام الذي دعا إلى إحداث هذه المؤسسة والغايات المرجوة منها ، تبين أن إحداث هذه المؤسسة لن يشكل أي قيمة مضافة للإدارة القضائية ، إذ أن المهام التي يمكن أن تناط به في ظل المبادئ المحددة من طرف المحكمة الدستورية هي نفسها التي يمارسها حاليا رؤساء كتابة الضبط وبالتالي فلا حاجة لإثقال الإدارة القضائية بمؤسسة جديدة تحتاج إلى بنية إدارية خاصة بها و اعتمادات مالية مهمة لتنزيلها ، مع العلم أنها لن تمارس مهام جديدة أو نوعية ، إضافة إلى أن فكرة إحداث مؤسسة الكاتب العام ارتكزت في جوهرها على مبدأ أساسي هو وحدة كتابة الضبط حيث أن الكاتب العام للمحكمة هو الرئيس التسلسلي لجميع موظفي المحكمة وهو المشرف على مهام كتابة الضبط رئاسة ونيابة عامة ، وهو رئيس مصالح هذا الجهاز لكن هذا الطرح فقد أساسه الدستوري حينما رفضت المحكمة الدستورية مبدأ وحدة كتابة الضبط واعتبرته مخالفا للدستور الأمر الذي فرض الإبقاء على كتابة الضبط برئاسة المحكمة و أخرى بالنيابة العامة.

2- عضوية رؤساء كتابات الضبط وكتابات النيابة العامة بأجهزة المحكمة

تطرق القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي إلى أجهزة واليات تدبير العمل بمحاكم المملكة والتي تعتبر من بين ابرز المستجدات التي وردت بهذا القانون باستثناء الجمعية العامة .

وتراوحت عضوية  رؤساء كتابات الضبط ورؤساء كتابات النيابة النيابة بهذه الأجهزة التدبيرية بين التقريري والاستشاري

1-العضوية التقريرية:

من خلال استقراء ما تضمنته المادتين 18 و 24 اللتين تنصان على إحداث آليتين جديدتين لتدبير العمل بالمحكمة وهما لجنة صعوبات سير العمل (المادة 18 ) ولجنة التنسيق ( المادة 24) يتبين أنهما لجنتين عملهما ذو طبيعة إدارية تنظران فقط فيما قد يعيق سير عمل المحكمة في الجانب الإداري واللوجيستيكي وتنسيق عمل كافة المؤسسات المتدخلة لتقديم خدمات مرفقية جيدة ، وبما أن عمل هاتين اللجنتين غير قضائي فعضوية كل من رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة هي عضوية تقريرية .

أ-لجنة صعوبات سير العمل :

 نصت عليها المادة 18 من القانون 38.15 بالقول  تحدث  على صعيد كل محكمة لجنة لبحث صعوبات سير العمل بها وإيجاد الحلول المناسبة لذلك

وتعمل هذه اللجنة تحت إشراف :

*  بالنسبة لمحاكم الدرجة الأولى ،رئيس المحكمة وعضوية وكيل الملك لديها ورئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة ونقيب هيئة المحامين في دائرة نفوذ المحكمة أو من يمثله

* بالنسبة لمحاكم الدرجة الثانية، الرئيس الأول للمحكمة وعضوية الوكيل العام للملك لديها ورئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة ونقيب هيئة المحامين في دائرة نفوذ المحكمة أو من يمثله

علاوة على ذلك يمكن إشراك إحدى المهن الأخرى ممثلة في شخص رئيس هيئتها بدائرة نفوذ المحكمة حسب موضوع اجتماع اللجنة

انطلاقا من منطوق هذه المادة يتبين أن وظيفة هذه اللجنة هي البحث عن حلول لبعض الصعوبات الغير القضائية بطبيعة الحال كالمعيقات المرتبطة بطبيعة سير العمل داخل المرفق من قبيل المناوشات التي قد تطرأ بين بعض مساعدي القضاء والعاملين بالمحكمة

ويبدو جليا أن عضوية رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة هي عضوية تقريرية رغم  عدم الإفصاح عن ذلك صراحة بنص المادة سالفة الذكر

ب-لجنة التنسيق :

وهي لجنة نظمها المشرع في المادة 24 من قانون التنظيم القضائي الجديد عدد 38-15 مهمتها تدبير شؤون المحكمة تحت إشراف:

* بالنسبة لمحاكم الدرجة الأولى ،رئيس المحكمة وعضوية وكيل الملك لديها ورئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة  وممثل المصالح   اللاممركزة للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل

* بالنسبة لمحاكم الدرجة الثانية، الرئيس الأول للمحكمة وعضوية الوكيل العام للملك لديها ورئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة وممثل المصالح اللاممركزة للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل

ويبدو جليا أن مهمة هذه اللجنة المحدثة بالمحكمة هي التنسيق لتدبير شؤون المحكمة من الناحية الإدارية واللوجيستيكية والتي يتدخل فيها الأعضاء السالف ذكرهم فقط دون غيرهم ، أما عن العضوية فهي تقريرية  لكل الأعضاء المذكورين بالمادة التي سبق ذكرها بما فيهم  رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة ، وهذا أمر طبيعي للمكانة الهامة لهما في التدبير الإداري للمحاكم .

2-العضوية الاستشارية:

بعد قراءة المادتين 18 و 24 من القانون الجديد للتنظيم القضائي يبدو جليا أن عضوية كل من ورئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة هي عضوية تقريرية أما عضويتهما بمكتب المحكمة والجمعية العامة للمحكمة فهي عضوية استشارية وهو ما سنبينه.

مقال قد يهمك :   القانون التنظيمي للإضراب بالمغرب يرى النور قريبا

أ-مكتب المحكمة:

يعتبر مكتب المحكمة من بين المستجدات التي جاء بها القانون 38-15 في مادته 26 وما يليها ، وتجلى مهمة مكتب المحكمة هي انه يتولى وضع برنامج تنظيم العمل بالمحكمة ويتضمن هذا البرنامج تحديد الغرف والهيئات وتأليفها وتوزيع القضايا والمهام على قضاة المحكمة وضبط عدد الجلسات وأيام وساعات انعقادها ، ويضم المكتب في عضويته  ، بالنسبة لمحاكم الدرجة الأولى رئيس المحكمة ووكيل الملك، نائب أو أكثر لرئيس المحكمة ، ورئيس قسم قضاء الأسرة ، ورؤساء الأقسام المتخصصة وأقدم القضاة بالمحكمة وأصغرهم سنا ،نائب أول أو أكثر لوكيل الملك ، والمفوض الملكي بالنسبة للمحاكم الإدارية ، نفس الأمر بالنسبة لمحاكم ثاني درجة وتنص المادة 27 صراحة على الحضور الاستشاري لرئيسي كتابة الضبط وكتابة النيابة العامة وهو ما ينفي عنهما الصفة التقريرية بمكتب المحكمة التي تبدو مهامه قضائية أكثر من الإدارية ، لكن رغم ذلك وفي اعتقادي أن المشرع المغربي قد جانب الصواب في عدم منح الصفة التقريرية لعضوية كل من ورئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة على اعتبار أنهما يدافعان عن كل اطر كتابة الضبط بالمحكمة خاصة أولئك الذين يدونون ما راج بالجلسات التي تعقدها المحكمة وان اختيار هؤلاء الموظفين ينبغي أن يقرر فيه رئيس كتابة الضبط دون غيره.

ب-الجمعية العامة للمحكمة :

نصت المادة 30  من  قانون التنظيم القضائي على الجمعية العامة وتأليفها وقد أشارت هذه المادة على أن كل من ورئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة يحضران إشغال الجمعية العامة بصفة استشارية ، مما يدل على أن النص واضح ولا يحتاج لأي تأويل أو تفسير حول موقع ورئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة وان حضورهما هو فقط من اجل الاستشارة فقط

غير أن المشرع لم يكن منسجما بشأن الأحكام المتعلقة بحضور كل من ورئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة لأشغال الجمعية العامة ذلك انه أكد في هذه المادة وبصريح العبارة على حضورهما الاستشاري وفي المقابل نص في المادة 33 على دراسة الجمعية العامة للطرق الكفيلة بالرفع من نجاعة الأداء بالمحكمة وتحديث أساليب العمل بها ، ومعلوم أن إبداء دراسة كهذه تتمحور حول مسائل تدخل في صميم الاختصاصات الإدارية والمالية لكتابة الضبط وكتابة النيابة العامة التي ينبغي فيها لرؤسائها بإبداء الملاحظات والمقترحات والتي تدخل في إطار الأدوار التقريرية التي تقتضي المبادرة لا في إطار الأدوار الاستشارية التي تتعارض مع الأدوار التقريرية المعترف بها ضمنيا لرئيس كتابة الضبط داخل الجمعية العامة طبقا للمادة 34 التي ألزمته بانجاز محضر لأشغال الجمعية العامة والذي لا يكون صحيحا إلا بتوقيعه إلى جانب توقيع الرئيس ووكيل الملك أو الرئيس الأول أو الوكيل العام حسب الحالة .


هوامش :

1 – ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.338 بتاريخ 24 جمادى الثانية 1394 (15 يوليو 1974) يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة المنشور بالجريدة الرسمية عدد 3220 بتاريخ 26 جمادى الثانية 1394 (17 يوليو 1974).

2 – الظهير الشريف رقم 1.22.38 صادر في 30 من ذي القعدة 1443 ( 30 يونيو  2022 (بتنفيذ القانون 38.15 المتعلق بقانون التنظيم القضائي المنشور بالجريدة الرسمية عدد 7108 بتاريخ 14 ذو الحجة 1443 الموافق ل 14 يوليو 2022

3- مرسوم 473.11.2 بشأن النظام الأساسي لكتابة الضبط الصادر بتاريخ 14/9/2011 كما وقع تغييره والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 6790 بتاريخ 23 شوال 1440 الموافق ل 27 يونيو 2019

4 -منشور الوزير الأول ووزير العدل عدد 858 بتاريخ 25 جمادى الثانية 1399 موافق 22 مايو 1979  بشان التنظيم الهيكلي لكتابة الضبط وكتابة النيابة العامة

5 – محمد نعناني ، الشرح العملي لقانون التنظيم القضائي 38.15 مكتبة الرشاد سطات الطبعة الأولى 2022/1444 ص113

6 – القرار عدد 89/19 الصادر عن المحكمة الدستورية بتاريخ 8 فبراير 2019 بخصوص القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي https://www.cour-constitutionnelle.ma/Decision?id=1953&Page=Decisionعلى

7- تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان حول مشروع  قانون رقم 38.15 يتعلق بالتنظيم القضائي ، الولاية التشريعية 2021/2022 السنة التشريعية 2021/2022 دورة أكتوبر 2021

8- عبد الناصر ابـراهمـي أي دور للإدارة القضائية في ظل مشروع قانون التنظيم القضائي للمملكة؟؟ الثلاثاء 22 مارس 2016 – 13:47 جريدة هسبريس الالكترونية https://www.hespress.com/ 279160.html

9- عبد العزيز مهيب الإدارة القضائية بين مشروع قانون التنظيم القضائي وقرار المحكمة الدستورية: محاولة في التحليل جريدة هبة بريس الالكترونية بتاريخ 27/2/2020 https://ar.hibapress.com/details-213064.html

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)