مجلة مغرب القانونالمنبر القانونيالتحكيم : بين السيادة الوطنية و مبدأ رفع الحواجز الاقتصادية

التحكيم : بين السيادة الوطنية و مبدأ رفع الحواجز الاقتصادية

  •  من إعداد : رشيد عبيد الرحمان طالب باحت في سلك الماستر تخصص المهن القانونية و القضائية بتطوان.

تقديم :

لا أحد يجادل اليوم في أهمية التحكيم باعتباره من الوسائل البديلة لحل النزاعات، سواء كانت ذات طبيعة مدنية أو تجارية، وقد ساعد على ذلك المزايا التي يتمتع بها كالبساطة في الإجراءات والإقتصاد في المصاريف والسرعة في البت.

وقد عرف التحكيم كمؤسسة اختيارية لحل النزاعات مند عهود قديمة جدا، إذ كان معتمدا في مجتمعات مصر القديمة وبابل، وأشور والفنقيين والرومان، واليونان.[1]

وعلى غرار مجموعة من التشريعات الدولية عمل المشرع المغربي على تنظيم التحكيم في شقيه الداخلي أي الوطني والدولي أي الخارجي من خلال الفصول من 306 إلى 327 من قانون المسطرة المدنية المعدل بموجب القانون رقم 05.08 الصادر في 30 نونبر 2007[2].

وعلى خلاف ما كان عليه الأمر في ظل القواعد المنسوخة حيث اعرض المشرع عن إعطاء تعريف لتحكيم، بادر في الفصل 306 من ق.م.م إلى تعريفه[3] بقوله :” حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق التحكيم”،وعرف اتفاق التحكيم في الفصل 307 “بأنه التزام الأطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن علاقة قانونية معينة تعاقدية أو غير تعاقدية”، وعرف التحكيم الدولي[4] من خلال الفصل 40-327 بأنه”يعتبر دوليا التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية والذي يكون لأحد الأطراف على الأقل موطن أو مقربا لخارج”.

ونجد أن المشرع خص مؤسسة التحكيم عند إنشائه للمحاكم التجارية، حيث ينص في الفقرة الأخيرة من المادة 5 من قانون رقم [5]95.53 على أنه يجوز للأطراف الاتفاق على عرض النزاع المبين أعلاه[6] على مسطرة التحكيم وفق أحكام قانون المسطرة المدنية.

لكن رغم كل المجهودات التي قام بها المغرب سواء في مجال التحكيم الدولي أو الداخلي ، إلا أن الواقع العملي أفرز العديد من التأويلات و الإشكالات دلك أن التحكيم الدولي يحد من السيادة الوطنية للدولةويغل يدها في تدبير شؤونها[7] تماشيا مع مبدأ رفع الحواجز الاقتصادية من خلال الاستجابة لمتطلبات العولمة، وما فرضته من تدخل بعض الدول في دول أخرى، لكن على خلاف دلك إن التحكيم الدولي لا يحد من سيادة الدولة بل فقط يعزز اقتصادها من خلال تبادل التجارب في مختلف المجالات، لذلك نجد بعض الدول تقوم برفع الحواجز الاقتصادية في حدود معينة، وهو نفس النهج الذي سلكه المشرع المغربي من خلال وضعه مجموعة من الآليات للتوفيق بين مبدأ السيادة الوطنية ومبدأ رفع الحواجز الإقتصادية.

ومن كل ما سبق نطرح الإشكال التالي:

  • ماذا يقصد بمبدأ السيادة الوطنية؟
  • وماذا يقصد بمبدأ رفع الحواجز الاقتصادية؟
  • وكيف وفق المشرع بين مبدأ السيادة الوطنية ومبدأ رفع الحواجز الاقتصادية؟

وللإجابة على هذه الأسئلة سنسلك التصميم التالي:

  • المبحث الأول: مبدأ السيادة الوطنية ومبدأ رفع الحواجز الاقتصادية
  • المبحث الثاني: التحكيم الدولي بين مبدأ السيادة الوطنية ومبدأ رفع الحواجز الاقتصادية

المبحث الأول: مبدأ السيادة الوطنية ومبدأ رفع الحواجز الإقتصادية

يشكل مبدأ السيادة الوطنية و مبدأ رفع الحواجز الاقتصادية مبدأين شبه متناقضين، فالدولة غالبا ما تسعى إلى تمديد سيادتها على حساب دول أخرى، مستغلة في ذلك مبدأ الانفتاح على العالم، وذلك بغرض إضعاف السيادة الوطنية للدولة الأخرى، وبذلك تجد الدولة نفسها أمام فرضيتين تتمثل الأولى في السيطرة الداخلية والثانية تطمح من خلالها إلى الاستفادة من التجارب الدولية وجلب الاستثمار عن طريق رفع الحواجز الاقتصادية.

ومن خلال هذا المنطلق نتسائل حول مبدأ السيادة الوطنية (المطلب الأول) ومبدأ رفع الحواجز الاقتصادية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: مبدأ السيادة الوطنية

تعد السيادة الوطنية من الأفكار الأساسية التي أسس عليها صرح وبنيان القانون الدولي المعاصر.[8] فقد مرت نظرية السيادة بمجموعة من التوترات، فبعدما كان نطاقها مطلق للدولة عل شعبها وإقليمها، فإن تطور العلاقات الدولية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، قد قلص من هذه السيادة بصورة تدريجية، بحيث نتج على أثر ذلك تراجع مبدأ السيادة على حساب الانفتاح ورفع الحواجز الاقتصادية، وبهذا ضعفت السيادة الدولية على حساب العولمة، ويحيل مفهوم السيادة إلى مستويين أحدهما داخلي والآخر خارجي:

  • المستوى الداخلي: يأخذ مفهوم السيادة على حساب هذا المنظور مسلكا إيجابيا من خلال سمو الدولة بالنسبة لأفراد المجتمع إذا لها سلطة تامة في اتخاذ القرارات ووضع القوانين والأنظمة والاحتكار الشرعي لأدواة القمع…
  • على المستوى الخارجي: في مثل هذا المستوى يصبح مضمون السيادة سلبيا، أو ضيقا بسبب عدم قبول الدولة أي سلطة أعلى منها، فالسيادة الخارجية تعني أن الدولة لا تقر بسلطة فوقها، ولا يقيدها في المجال الدولي سواء المعاهدات والاتفاقيات الدولية، التي عقدتها هي نفسها، معبرة في ذلك على سيادتها واستقلالها في أمرها.[9]

وهكذا فالدولة تملك كامل الحرية والمزايا في سيادتها سواء على الصعيد الدولي كتبادل القنصلي وإثارة المسؤولية… أو على المستوى الداخلي من خلال فرض سيطرتها على مواطنيها واستغلال مواردها الطبيعية وكذا اختيار أسواقها الخارجية في الإطار العلاقات التجارية،

لكن أكبر مشكل يواجه مبدأ السيادة الوطنية اليوم هو- التدخل في شؤون الدولة الأخرى- رغم كل الجهود التي تقوم بها الدول لتجنب حدوث مثل هذه التدخلات، وهكذا نص ميثاق هيئة الأمم المتحدة في مادته الثانية، على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة.[10]

إن السيادة الوطنية في الوقت الراهن اهتزت لكونها عرفت العديد من التحديات على صعيد مختلف الجوانب ولعل أهمها الطابع الاقتصادي، الذي ما لبت يفرض نفسه بعد يوم في المجال الدولي بفعل انتشار شركات متعددة الجنسيات و فتح المجال للإستتمار الأجنبي و تزايد العلاقات الأجنبية … و إن كان لدلك حسنات فإنه في المقابل له مساوئ

و من الطبيعي أن يتأثر القضاء بهذا العلاقات، حيث وقف أمامه عاجزا لا حول له ولا قوة، وبذلك لم يجد أمامه سوى الاستجابة لطبيعة المرحلة والانفتاح على العالم في إيطار علاقات مختلفة. وفي المقابل التخليعن بعض من سيادته، وهو ما جعل أو فرض على الدولة التدخل لتعديل قوانينها لكي تساير هذا التطور من خلال البحث عن أساليب بديلة لحل النزاعات، ومن أبرزها التحكيم الدولي و الوساطة الاتفاقية ، بحيث يبقى لأطراف العلاقة اختيار القانون المطبقة والحكمين والجهة المختصة….

وعلى اثر ذلك فرضت على الدول و منهم المغرب التكتل في منظمات دولية بهدف حماية مصالحها، ونذكر على سبيل المثال:

مقال قد يهمك :   الإرهاب بين إلزامية المكافحة ومشكلة التعريف

محكمة التحكيم في الغرفة التجارية الدولية بباريس، ومحكمة التحكيم الدولية في لندن والمركز التحكيمي للغرفة التجارية والاقتصادية في فيينا…[11]

المطلب الثاني: مبدأ رفع الحواجز الاقتصادية

في ظل ما يشهده العلام اليوم في اتجاه جديد في العلاقات الاقتصادية التي أصبحت تميز الاقتصاد العالمي، وذلك من خلال الاتجاه نحو الترابط والتشابك بين مختلف الدول من أجل الاستثمار والانفتاح على مختلف التجارب والإستفادة من السوق الدولي الذي أصبح مجالا خصبا واسع النطاق، عملت كل الدول ومن بينها المغرب على تبني استراتيجية فعالة من أجل تدعيم سياسة الانفتاح على العالم في مختلف المجالات، ونخص بالذكر المجال الاقتصادي والإجتماعي والثقافي…

ولعل لأبرز ما قام به المغرب في هذا المجال يتجسد في:

  • إصلاح البنية التحتية من أجل جلب الاستثمار الأجنبي و تبسيط الإجراءات للمستثمر الأجنبي، وخلق سوق تنافسية في المجال الدولي
  • تسهيل المواصلات من خلال تدشين مجموعة من الميناءات وإعادة هيكلتها.
  • تدعيم الشركات التجارية والمقاولات الصغرى من خلال الإعفاء من الضرائب،
  • الاندماج في الاتفاقيات الدولية وجعل قوانينها لا تتناقض من القواعد القانونية الوطنية من خلال التعديلات المتلاحقة.
  • دعم المجالات الصناعية والتجارية سواء على مستوى التكوين المستمر للموارد البشرية,أو خلق الآلات المتطلبة لدلك تماشيا مع النهج الدولي.
  • البحث على أسواق جديدة، الاتجاه الإفريقي نموذجا.

بالإضافة إلى رفع الحواجز الجمركية في إطار اتفاقية التبادل الحر، وهكذا ندكر اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي على إحداث منطقة التبادل الحر، و التي نصت في المادة 8 من الاتفاية على “أنه لا يحدث أي رسم جمركي عند استرداد أو مسك أثر مماثل في المبادلات بين الطرفين”، كما أن المادة 9 من نفس الاتفاقية  تقرر اعفاء الموارد المتأصلة من المغرب من أداء الرسوم الجمركية عند استيرادها من طرف دول الاتحاد الأوروبي، فنظام تحرير المبادلات التجارية، يخضع لجدول زمني تراعي حساسية المنتجات بالنسبة للجانبين.

ومن المعلوم أن المغرب صادق كذلك على مجموعة من الاتفاقيات سواء في مجال جلب الاستثمار أو التعاون الدولي والتجاري، وكذا تفويضه للتجار سواء الداخليين أو المتعددين الجنسية في إطار سياسة الانفتاح، سلطة حل نزاعاتهم عن طريق التحكيم الدولي وهو ما أفرز سؤال في غاية الأهمية يتمثل في:

كيف يمكن التوفيق بين مبدأ السيادة الوطنية ومبدأ رفع الحواجز الاقتصادية في مجال التحكيم؟

المبحث الثاني: التحكيم وآليات التوفيق بين مبدأ السيادة الوطنية ومبدأ رفع الحواجز الاقتصادية

يعود اختيار التحكيم كوسيلة لتسوية المنازعات الناجمة عن العلاقات التجارية الدولية أو الوطنية، بديلا عن القضاء الوطني إلى عدة دوافع، لا سيما رغبة المتنازعين في حل النزاع بالاعتمادعلى قانون طائفي يعتمد على الممارسة التجارية أو قانون التجار الذي يتميز بعالميته مقارنة بالقانون الوطني الذي يفرض على القاضي، وبذلك فاللجوء إلى التحكيم يعد حلا مقبولا من الطرفين ومن شأنه ضمان استمرار العلاقة الاقتصادية وتحقيق العدالة والإنصاف، لكن الأمر ليس بالسهل وقد ظهر على إثر ذلك نظريات مختلفة ، حيث ذهب جانب منهم إلى القول بأن مبدأ السيادة تراجع على حساب التحكيم الدولي وجانب آخر يؤكد بأن سيادة الدولة لا زالت قائمة ولا يمكن للتحكيم الدولي أن يحد منها أو يتجاوزها.

المطلب الأول: النظرية القائلة بتراجع مبدأ السيادة على حساب التحكيم الدولي

إن أكبر هاجس أو مشكل عانت منه الاستثمارات الأجنبية هو عقدة السيادة عند الدول وغياب محكمة فوق دولية يمكن اللجوء إليها لتفرض إرادتها على الدول على غرار محكمة العدل الدولية، وعدم قدرة المستثمر الأجنبي من اللجوء إلى هذا النوع من المحاكم عند وجود نزاع بينه وبين الدولة المستقبلة للإستثمار ورفض الدولة الخضوع إلى غير قضاءها الوطني الذي هو عنوان سيادتها.[12]

وهو ما مهد لظهور الأطروحة القائلة بنهاية السيادة الوطنية نتيجة اللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات، دلك انه يتميز بمجموعة من الخصائص التي ينفرد بها و لعل من أهمها ما يلي  :

  • حرية تشكيل هيئة التحكيم واختيار الحكام
  • مرونة المسطرة التحكيمية
  • حرية اختيار القانون الواجب التطبيق
  • السرعة العالية في حسم النزاع كون المحكمين متفرعين للنزاع المعروض عليهم
  • الكتمان والسرية، وهي من أهم المزايا التي تجدب المحتكمين من الشركات والمستثمرين في المعاملات التجارية للجوء الى هده الوسيلة لحل نزاعاتهم
  • تم انخفاض التكلفة[13]

ومن خلال هده الخصائص يمكن القول أن خروج مبدأ سلطان الإرادة من المجال الوطني ليفرض نفسه في المجال الدولي، من خلال منح الأطراف حرية اختيار الحكمين و القانون الواجب التطبيق و المحكمة المختصة أو التي ها صلاحية تذييل حكم الحكمين بالصيغة التنفيذية… وحتى تفرض الدولة سيطرتها في هذا المجال، وجب عليها أن تعدل من قوانينها لكي تواكب التطورات أو أن تخلق قواعد قانونية مرنة يسهل تطبيقها و استيعابها، خالية من كل نقص أو تغرة يمكن استغلالها لغير تحقيق الحق و العدالة وكذا الانضمام إلى التكتلات الدولية في مجال التحكيم الدولي..

ومنه فإنه لا يصح أن نتصور أن القانون الدولي والسيادة الوطنية هما في صراع، لكن الحقيقة هي أنهما في حالة تبادل المصالح، حيث أن القانون يدعم الدولة في سيادتها على أراضيها، ويحمي هذه السيادة من التدخل الأجنبي، كما أن الدولة بصفتها عضو في المجتمع الدولي تقوم بدورها في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، لذلك فالعلاقة بينهما هي علاقة مصالح وليس علاقة تضاد.

ويعتبر إنشاء لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (الأوتسيترال) عام 1961 هو أبرز وأهم خطوة العمل ألأممي للتنسيق والتوحيد التدريجيين لقانون التجارة الدولية، وقد تضمنت مجموعة من القواعد التي تم اعتمادها في مجموعة الدول حيت كرستها في قواعدها الداخلية، وجعل هذا النموذج أشبه بالقانون الموحد وجزء من القانون الدولي التجاري، وهو ما دفع الدول إلى إقرار حماية سيادتها من خلال الالتجاء إلى اعتماد قوانين خاصة تحمي سلطته السيادية.

المطلب الثاني : النظرية القائلة بأن التحكيم الدولي لا يحد من السيادة الوطنية للدولة

تعتبر ثوابت الدولة ركيزتها التي لا يمكن المساس بها أو خرق قواعدها رغم كل الإكراهات، وهو نفس النهج الذس سلكه المشرع المغربي، فرغم أنه صادق على جملة من الإتفاقيات الدولية، إلا أنه ظل وفيا لقواعده القانونية من خلال تعديلاته المتلاحقة للقوانين الداخلية في مجال التحكيم سواء الداخلي أو الدولي، الذي كان آخرها 30 نونبر 2007.

وبهذاسلك المشرع التوجه الذي يميز بين القانون الدولي الذي يفرض نفسه والسيادة الوطنية التي هي دعامة لكل دولة، وهكذا وضع مجموعة من الآليات محاولا التوفيق بين هذين المبدأين وتتمثل في ما يلي:

مقال قد يهمك :   الصلح الأسري بين واقع النص القانوني وسؤال الفعالية؟

  • اتجاه المشرع إلى منح مباشرة الأشخاص المعنوية العامة للتحكيم إلا فيما يخص الأملاك الخاصة لأنها تعتبر شخص مادي يخضع للقواعد العامة شأنها في ذلك شأن الأفراد[14] و بدلك فالتحكيم لا يصح في جميع المعاملات و أنما فيما حدده المشرع
  • رغم أن المشرع نص على أن الأصل هو أن تكون الحقوق محلا للتحكيم، إلا أنه استثنى بعضها، إما لتحقيق المصلحة الاقتصادية والاجتماعية وإما للمحافظة على النظام العام[15] الوطني، ومن هذه الحالات التي لا يجوز فيها التحكيم:
  • النزاعات المتعلقة بحالة الأشخاص وأهليتهم
  • الحقوق الشخصية التي تكون موضوع تجارة
  • النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتعلقة باختصاصات السلطة العمومية.
  • إلزام الأطراف أثناء اتفاق على التحكيم ببيان أسماء المحكمين إذا لم يعينوا مسبقا، طريقة تعيينهم تحت طائلة بطلان الاتفاق، وذلك سواء في العقد نفس أو في ورقة مستقلة.[16]
  • وعلى مستوى الإجراءات تخويل المشرع للأطراف عقد التحكيم اختيار القواعد القانونية الواجبة التطبيق في النزاع مع الاعتداء بشروط العقد والأعراف والعادات التجارية.
  • منح المشرع سلطات واسعة لهيئة التحكيم من خلال منحها صلاحيات في المجال الإجرائي من ذلك التحقيق والسماع إلى الشهود وتعيين خبراء وأداء اليمين… الفصل (11.327) من قانون المسطرة المدنية.
  • أضمن المشرع شكلية محدد لحكم المحكمين، حيث يجب أن يتضمن اتفاق التحكيم وأن يتضمن عرضا موجزا للوقائع وادعاءات الأطراف ودفوعاتهم وبيان النقط التي تم الفصل فيها بمقتضى الحكم التحكيمي وكذا منطوقا لما قضى به. كما يجب أن يكون معللا[17]ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك، كما يجب أن يكون موقع عليه من كل محكم من المحكمين أما الحكم المتعلق بنزاع يكون احد الأشخاص القانون العام طرفا فيه فيجب أن يكون دائما معللا . الفصل 23.327.
  • اكتساب الحكم التحكيمي حجية قانونية عند استجماعه لكافة شروطه ومقوماتهباعتباره يكتسب حجية الشيء المقضي به بمجرد صدوره في النزاع الذي تم الفصل فيه و لا يكتسب هده الحجية عندما يتعلق الأمر بنزاع يكون احد الأشخاص القانون العام طرفا فيه[18]، كما أنه وثيقة الحكم تعتبر ورقة رسمية[19]و لا يقبل الاستئناف ولا النقض ويقبل الطعن بإعادة النظر طبقا لمقتضيات الفصل 34-327 من ق م م[20] والتعرض الغير الخارج عن الخصومة الفصل 35-327 من نفس القانون[21]
  • متع المشرع الحكم التحكيمي بخصوصيات النفاد المعمل[22]، إذ يمكن للمحكوم له أن يباشر عملية التنفيذ سواء بطريقة اختيارية أو جبرية، ولا ينفذ الحكم التحكيمي جبريا إلا بمقتضى أمر بتحويل الصيغة التنفيذية يصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم في دائرتها. (31.327) من ق م م.
  • يمكن الطعن في الأمر القاضي برفض تحويل الصيغة التنفيذية لحكم الحكمين أمام الاستئناف داخل 15 يوما من تاريخ تبليغه، كما أن وضع الصيغة التنفيذية على أصل الحكم التحكيمي هي غير قابل لأي طعن.
  • في حالة لم يتفق الأطراف في اتفاق التحكيم على تعيين المحكمين أو برزت صعوبة في تحقيق ذلك برفع الأمر إلى رئيس المحكمة الذي سيؤول إليه أمر تدييل الحكم بالصيغة التنفيذية إذا كان التحكيم جاريا بالمغرب أو إلى رئيس المحكمة التجارية بالرباط إذا تعلق الأمر بتحكيم جاري بالخارج واتفق الأطراف على تطبيق ق.م.م المغربي.[23]
  • بخصوص حجية الأحكام التحكيمية الدولية بالمغرب فقد ميز المشرع بين الاعتراف بها وتدييلها بالصيغة التنفيذية[24]، وهكذا أكد المشرع في الفصل 327.46: “يعترف بالأحكام التحكيمية الدولية في المملكة إذا أثبت وجودها من يتمسك بها، ولم يكن هذا الاعتراف مخالفا للنظام العام الوطني أو الدولي”، حيث خول الاختصاص لرئيس المحكمة التجارية التي صدرت في دائرتها أو رئيس المحكمة التجارية التابع لها مكان تنفيذ إذا كان مقر التحكيم بالخارج.
  • يمكن لرئيس المحكمة التجارية رفض تديل الحكم بالصيغة التنفيذية بناءا على أمر معلل، ويجوز الطعن في هذا بالاستئناف الفصل 327-48 من ق م م.
  • يمكن الطعن بالاستئناف في الحكم التحكيمي بواسطة البطلان إذا تضمنت إحدى حالاته المنصوص عليها (327.49)[25]وتبت محكمة الاستئناف طبقا للمسطرة الإستعجالية.
  • الطبيعة القانونية لحكم المحكمين حيث اختلاف الفقهاء في هذا المجال فذهب جانب اعتبار حكم المحكمين ذا طبيعة قضائية يستندون في ذلك على حيازة الحكم لقوة الشيء المقضي به، وإمكانية تنفيذه جبرا، أما الاتجاه الثاني فيقر إلى كونه وأن طبيعة اتفاقية مستندين على كونه من خلق إرادة الأطراف واختيارهم، وهو النهج الذي سلكته محكمة الاستئناف بالرباط.[26] بينما يرى جانب ثالث وهو دو طبيعة مزدوجة إذ يبدأ باتفاق وينقضي بحكم رسمي.

من خلال كل ما سبق يمكن القول أن المشرع حدد مجموعة من الآليات للتوفيق بين مبدأ السيادة الوطنية ومبدأ رفع الحواجز، ولعل أهمها المحافظة على النظام العام الدولي والوطني، وفرض القانون الوطني أحيانا وما يسمى بقواعد البوليس أي الآمرة و التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها وتقنية تدييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية…دراية منه بأهمية الموقف وحماية للنظام الداخلي وفرض قواعده على المستوى الدولي. ولكي يرقى إلى مستوى مصاف الدول المتطورة بات عليه لزوما تعديل مجموعة من القواعد القانونية كي تكون صوب إختيار الحكمين نظرا لحسانتها وكذا إضفاء الطابع المعلوماتي والتطور التكنولوجي في صلب إصلاحاته.


لائحة المراجع :

  • الطالب عبد الكريم،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية،دراسة في ضوء مستجدات مشروع 2015،مطبعة النجاح الجديدة،الطبعة الثامنة 2016،
  • ابو الوفا أحمد ، الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية القاهرة، الطبعة الاولى،1995-1996.
  • التجاني زينب، التحكيم الوطني الدولي، من خلال التشريع والقضاء، مطبعة النجاح، طبعة الاولى 2012.
  • باسوا عبد المالك، حماية الاستثمار الأجنبي على ضوء التحكيم المؤسساتي، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، نوقشت في جامعة أبو بكر بالقايض تلمسان، كلية الحقوق و العلوم السياسية،2004-2005.
  • موقعالكتروني :oujdacity.net تم الاطلاع عليه بتاريخ 31-03-2018 علىالساعة 17:21
  • موقع الكتروني :plathom.almanhal.com تم الاطلاع عليه بتاريخ 01/04/2018، 15:49.

الهوامش :

[1]– عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، دراسة في ضوء مستجدات مشروع 2015، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثامنة 2016، ص 298.

[2]– الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 169-07-1 بتاريخ 30 نونبر 2007 (19 دو القعدة 1428) الذي نسخ الباب الثامن من القسم الخامس من ق.م.م منشور بالجريدة الرسمية عدد 5584، ص 3894.

مقال قد يهمك :   واقع وآفاق الجريمة المعلوماتية بالمغرب

[3]– وبذلك نلاحظ أن المشرع خرج عن القاعدة وبادر إلى إعطاء تعريف لتحكيم سواء الداخلي أو الدولي، رغم أن التعاريف من اختصاص الفقه والقضاء، ونعتقد أن غاية المشرع هو وضع حد لتضارب الآراء بين الفقهاء واالباحثين، وكغيرنا من المهتمين لا ن نحبد أن يتدخل المشرع لإعطاء التعاريف، لأن التعريف القانوني تقيد المفهوم، وتجعله جامدا رغم كل تطور من المفترض أن يحصل ، وبذلك يصبح لا يساير طبيعة المراحل التي سيعرفها مستقبلا.

[4]– نظم المشرع مؤسسة التحكيم الدولي من خلال الفرع الثاني من الباب الثامن من القسم الخامس من ق م م  من الفصول 39-327 إلى 54-327 من ق.م.م.

[5]– الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 65.97.1 بتاريخ 12 فبراير 1997 (4 شوال 1417). منشور بالجريدة الرسمية عدد 4482، ص 1141.

[6]– نجد أن المشرع حدد اختصاصات المحكمة التجارية بموجب نفس المادة أي المادة 5،وذلك بقوله تختص المحاكم التجارية النظر في:

1- الدعاوي المتعلقة بالعقود التجارية

2- الدعاوي التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية.

3- الدعاوي المتعلقة بالأوراق التجارية.

4- الدعاوي الناشئة بين شركاء في شركة تجارية.

5- النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية.

 دلك أن الدولة لم تكن مختارة في تشرع لقانون الدولي و إنما فرضته طبيعة المعاملات                                                                 [7]

[8]– أحمد أبو الوفاء، الوسيط في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية القاهرة، الطبعة الأولى، 1995-1996، ص 38.

[9]– موقع www.oujdacity.net بتاريخ 31-03-2018 على الساعة 17:21.

[10]– من الملاحظ أن مبدأ السيادة الوطنية بدأ يتراجع نسبيا على حساب الدول المسيطرة على السوق الدولي، ذلك تماشيا مع الثورة الصناعية والتجارية والتطور التكنولوجي الذي باث لا يعترف بالحدود، بل ولا يستأذن بالدخول، وفي هذا الصدد يمكن القول أن هذا التطور سيفرز قوة واحدة من المؤكد أن تكون من تتحكم في هذا التطور التكنلوجي بصورة مطلقة , ذلك أنه أصبح يهدد الحكومات و الأنظمة حيت تعدا كل الحدود و أصبح يهدد الحياة الخاصة .

[11]– زينب التجاني، التحكيم الوطني والدولي، من خلال التشريع والقضاء، مطبعة النجاح، الطبعة الأولى، 2012، ص 6.

[12]– عبد المالك باسو، حماية الإستثمار الأجنبي على ضوء التحكيم المؤسساتي، رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، نوقشت بجامعة أبو بكر بالقايض تلمسان، كلية الحقوق والعلوم السياسية 2004-2015، ص 7.

[13]www.plathom.almanhal.com بتاريخ 01/04/2018، 15:49.

[14]_ وهكذا ينص الفصل 310: لا يجوز أن تكون محل تحكيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة والجماعات المحلية أو غيرها من الهيآت المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية.

غير أن النزاعات المالية الناتجة عنها يمكن أن تكون محل عقد تحكيم ما عدا المتعلقة بتطبيق القانون الجبائي.

[15]– النظام العام: يميز الفقه بين مفهومين للنظام العام: أولهما داخلي وهو ما لا يجوز للأطراف الاتفاق على مخالفته من خلال مبدأ سلطان الإرادة. وثانيهما خارجي: وهو الذي يعرف بالنظام العام الدولي. ويعني المبادئ التي تحقق المصلحة العامة العليا للمجتمع وتؤدي مخالفتها إلى إحداث استنكار من طرف هذا المجتمع سواء كانت هذه المبادئ متعلقة بالمسائل الدينية أو السياسية أو الإجتماعية، فإذا كان القانون الدولي يتعارض مع مبدأ من تلك المبادئ، فمعنى ذلك أنه يخالف النظام العام الدولي، عبد الكريم الطالب، مرجع سابق، ص 305.

[16]– وفي حالة لجوء أحد الأطراف إلى التحكيم الرسمي بدل من المحكمين فإنه يبقى للطرف الآخر أن يدفع بعدم قبول الدعوى لأن أحد شروط قبوله غير متوفرة في النزاع (الفصل 327 من ق.م.م)، بالإضافة إلى كون المشرع وجب أن يكون عددهم وترا وإلا كان التحكيم باطلا.

[17]– الفصل 23-327 من قانون  رقم  08.05 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من ق م م .

 الفقرة الأولى و الثانية من الفصل 327-26 من ق م م  .[18]

[19]– رغم اختلاف الفقه في رسمية هذه الورقة لكن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء اعتبرت أن الحكم التحكيمي ورقة رسمية، قرار رقم 1789/97 الصادر بتاريخ 04/11/1997. منشور بمجلة الإشعاع، تصدرها هيئة المحامين بالقنيطرة، العدد 16، السنة 9 دجنبر 1997، ص 186-188، أورده عبد الكريم الطالب في كتابه، مرجع سابق، ص 319.

– و كما هو معلوم لا يقبل الطعن بإعادة النظر إلا للأسباب التي حددها الفصل 402 من ق م م .                                                     [20]

[21]–  مع مراعاة مقتضيات الباب السابع من القسم الخامس من الفصول 303 إلى 305 من ق م م .

[22]–  تنص الفقرة الأخيرة من الفصل  327-26 ” تطبق القواعد المتعلقة بالنفاد المعجل للأحكام على الأحكام التحكيمية التي لا يطالب في شأنها بالصيغة التنفيذية ” و بدلك تطبق عليها مقتضيات الفصل 147 من ق م م المتعلق بالتنفيذ المعجل .

[23]– 40.327، نص المشرع على رئيس المحكمة ولم يحدد هل هو رئيس المحكمة التجارية أو الابتدائية  لكن يذهب أغلب الفقه إلى  القول بأن المشرع يقصد رئيس المحكمة التجارية ما دام انه لا يمكن التحدت عن التحكيم الدولي إلا إذا تعلق  الأمر بمصالح التجارة الدولية.

[24]– عبد الكريم الطالب، مرجع سابق، ص 326.

[25]– الفصل 327.49 ينص بما يلي: لا يمكن الطعن بالاستئناف في الأمر القاضي بتخويل الاعتراف أو الصيغة التنفيذية  الا في الحالات الاتية :

               1-  إذا بتت الهيئة التحكيميية دون اتفاق تحكيم أو استنادا إلى اتفاق باطل أو بعد انتهاء أجل التحكيم

               2-اذا م تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية

               3- إذا بتت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة المسندة إليها .

                4- إذا كان الاعتراف أو التنفيذ مخالفا للنظام العام الدولي أو الوطني.

[26]– في قرارها عدد 2519 الصادر بتاريخ 20 يوليوز 1943. منشور بمجموعة قرارات محكمة الاستئناف، تعريب محمد العربي المحبود، ج 2، ص 475، أورده عبد الكريم الطالب في كتابه، مرجع سابق، ص 314.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]